الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبى بعده وعلى اله وصحبه ومن تبعه وبعد،
حديث الجساسة فى صحيح مسلم وقد صححه العلامة الألبانى رحمه الله تعالى ومتنه عند مسلموالحديث له شواهد عن جابر وابى هريرة وعائشة رضى الله تعالى عنهم"عن الشعبى أنه سأل فاطمةَ بنتَ قَيسٍ ، أختَ الضَّحاكِ بن قَيسٍ . وكانت من المهاجراتِ الأُوَلِ . فقال : حدِّثيني حديثًا سمعتِيه من رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ . لا تُسنِديه إلى أحدٍ غيرِه . فقالت : لئن شئتَ لأفعلنَّ . فقال لها : أجل . حدِّثيني . فقالت : نكحتُ ابنَ المغيرةِ . وهو من خيارِ شبابِ قريش ٍيومئذٍ . فأصيبَ في أولِ الجهادِ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ . فلما تأيَّمتُ خطبني عبدُالرحمنِ بنُ عوفٍ ، في نفر ٍمن أصحابِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ . وخطَبني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على مولاه أسامةَ بنِ زيدٍ . وكنتُ قد حُدِّثتُ ؛ أنَّ رسولَ الله ِصلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال " من أحبَّني فليُحبَّ أسامةَ " فلما كلَّمني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قلتُ : أمري بيدِك . فأنكِحْني من شئتَ . فقال " انتقلي إلى أمِّ شَريكٍ " وأمُّ شريكٍ امرأةٌ غنيَّةٌ ، من الأنصارِ . عظيمةُ النَّفقةِ في سبيلِ اللهِ . ينزل عليها الضَّيفانُ . فقلتُ : سأفعل . فقال " لا تفعلي . إنَّ أمَّ شريكٍ امرأةٌ كثيرةُ الضَّيفانِ . فإني أكره أن يسقطَ عنك خمارُك ، أو ينكشفَ الثوبُ عن ساقَيك ، فيرى القومُ منكِ بعضَ ما تكرهين . ولكنِ انتقلي إلى ابنِ عمِّك ، عبدِاللهِ بنِ عَمرو بنِ أمِّ مكتومٍ " ( وهو رجلٌ من بني فِهرٍ ، فِهْرِ قريشٍ وهو من البطن الذي هي منه ) فانتقلتُ إليه . فلما انقضتْ عِدَّتي سمعتُ نداءَ المُنادي ، مناديَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ينادي : الصلاةَ جامعةً . فخرجتُ إلى المسجدِ . فصلَّيتُ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ . فكنتُ في صفِّ النساءِ التي تلي ظهورَ القومِ . فلما قضى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صلاتَه ، جلس على المنبرِ وهو يضحكُ . فقال " لِيلْزمْ كلُّ إنسانٍ مُصلَّاه " . ثم قال " أتدرون لم جمعتُكم ؟ " قالوا : اللهُ ورسولُه أعلمُ . قال " إني ، واللهِ ! ما جمعتُكم لرغبةٍ ولا لرهبةٍ . ولكن جمعتُكم ، لأنَّ تميمًا الدَّاريَّ ، كان رجلًا نصرانيًّا ، فجاء فبايع وأسلم . وحدَّثني حديثًا وافق الذي كنتُ أُحدِّثكم عن مسيح ِالدجالِ . حدَّثني ؛ أنه ركب في سفينةٍ بحريةٍ ، مع ثلاثين رجلًا من لَخْمٍ وجُذامٍ . فلعب بهم المَوجُ شهرًا في البحرِ . ثم أَرفَؤوا إلى جزيرةٍ في البحر ِحتى مغربَ الشمسِ . فجلسوا في أقربِ السفينةِ . فدخلوا الجزيرةَ . فلقِيتْهم دابَّةٌ أهلبُ كثيرُ الشَّعرِ . لا يدرون ما قُبُلَه من دُبُرِه . من كثرةِ الشَّعرِ . فقالوا : ويلك ! ما أنت ؟ فقالت : أنا الجسَّاسةُ . قالوا : وما الجسَّاسةُ ؟ قالت : أيها القوم ! انطلِقوا إلى هذا الرجلِ في الدِّيرِ . فإنه إلى خبرِكم بالأشواقِ . قال : لما سمَّت لنا رجلًا فرَقْنا منها أن تكون شيطانةً . قال فانطلقْنا سِراعًا . حتى دخلنا الدِّيرَ . فإذا فيه أعظمُ إنسانٍ رأيناه قطُّ خَلْقًا . وأشدُّه وثاقًا . مجموعةٌ يداه إلى عُنُقِه ، ما بين ركبتَيه إلى كعبَيه ، بالحديدِ . قلنا : ويلك ! ما أنت ؟ قال : قد قدرتُم على خبري . فأخبروني ما أنتم ؟ قالوا : نحن أناسٌ من العربِ . ركبنا في سفينةٍ بحريةٍ . فصادفْنا البحرَ حين اغتلمَ . فلعب بنا المَوجُ شهرًا . ثم أرفَأنا إلى جزيرتِك هذه . فجلسْنا في أقربِها . فدخلنا الجزيرةَ . فلقيتْنا دابةٌ أهلبُ كثيرُ الشَّعرِ . لا يُدرى ما قُبُلُه من دُبُرِه من كثرةِ الشَّعرِ . فقلنا : ويلكِ ! ما أنتِ ؟ فقالت : أنا الجسَّاسةُ . قلنا وما الجسَّاسةُ ؟ قالت : اعمِدوا إلى هذا الرجلِ في الدِّيرِ . فإنه إلى خبركم بالأشواقِ . فأقبلْنا إليكَ سِراعًا . وفزِعْنا منها . ولم نأمن أن تكون شيطانةً . فقال : أخبروني عن نخلِ بَيْسانَ . قلنا : عن أي شأنِها تستخبرُ ؟ قال : أسألُكم عن نخلِها ، هل يُثمرُ ؟ قلنا له : نعم . قال : أما إنه يوشك أن لا تُثمرَ . قال : أخبروني عن بحيرةِ الطبريةِ . قلنا : عن أيِّ شأنِها تستخبرُ ؟ قال : هل فيها ماءٌ ؟ قالوا : هي كثيرةُ الماءِ . قال : أما إنَّ ماءَها يوشِك أن يذهبَ . قال : أخبِروني عن عينِ زغرٍ . قالوا : عن أي شأنِها تستخْبِرُ ؟ قال : هل في العينِ ماءٌ ؟ وهل يزرعُ أهلُها بماءِ العَينِ ؟ قلنا له : نعم . هي كثيرةُ الماءِ ، وأهلُها يزرعون من مائِها . قال : أخبروني عن نبيِّ الأُمِّيِّينَ ما فعل ؟ قالوا : قد خرج من مكةَ ونزل يثربَ . قال : أَقاتَلَه العربُ ؟ قلنا : نعم . قال : كيف صنع بهم ؟ فأخبرناه أنه قد ظهر على مَن يليه من العربِ وأطاعوه . قال لهم : قد كان ذلك ؟ قلنا : نعم . قال : أما إنَّ ذلك خيرٌ لهم أن يطيعوه . وإني مُخبرُكم عني . إني أنا المسيحُ . وإني أوشك أن يُؤذَنَ لي في الخروجِ . فأخرج فأسيرُ في الأرضِ فلا أدَعُ قريةً إلا هبطتُها في أربعين ليلةً . غيرَ مكةَ وطَيبةَ . فهما مُحرَّمتانِ عليَّ . كلتاهما . كلما أردتُ أن أدخل واحدةً ، أو واحدًا منهما ، استقبلَني ملَكٌ بيدِه السَّيفُ صَلْتًا . يَصدُّني عنها . وإنَّ على كل نَقبٍ منها ملائكةً يحرسونها . قالت : قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ، وطعَن بمِخصرَتِه في المنبرِ " هذه طَيْبةُ . هذه طَيْبةُ . هذه طَيْبةُ " يعني المدينةَ " ألا هل كنتُ حدَّثتُكم ذلك ؟ " فقال الناسُ : نعم . " فإنه أعجَبني حديثُ تميمٍ أنه وافق الذي كنتُ أُحدِّثُكم عنه وعن المدينةِ ومكةَ . ألا إنه في بحرِ الشام أو بحرِ اليمنِ . لا بل من قِبَلِ المشرقِ ، ما هو . من قبلِ المشرقِ ، ما هو . من قبلِ المشرقِ ، ما هو " وأومأ بيده إلى المشرقِ . قالت : فحفظتُ هذا من رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ"
وعلى الرغم من ظاهر صحة الحديث لوجوده فى صحيح مسلم وتعدد طرقه ويقين الإمام الألبانى بصحته إلا أن العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى رأى أن الحديث فى متنه نكارة شديدة،وهذا رابط إليكترونى لكلام الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى
https://www.youtube.com/watch?v=4-uD-nammpM
وقد ذهب الدكتور حاكم المطيرى مذهب ابن عثيمين بل غالى فيه وله بحث على موقعه يتناول فيه الحديث بالطعن الشديد سندا ومتنا وهذا رابطه
http://www.dr-hakem.com/Portals/Cont...1RPT0rdQ==.jsp
والدكتور حاكم المطيرى ليس من أهل السنة والجماعة على منهاج النبوة،ولم يعجبنى كلامه فى إسناد الحديث وأسلوبه فى الطعن ولكننى أجد قلبى مع مذهب ابن عثيمين رحمه الله فى الحديث بغض النظر عن الكلام المتضارب فى السند للأسباب الأتية:
أولا حديث الجساسة يخالف حديث"لايبقى ممن هو على ظهر الأرض هذه الليلة بعد مائة سنة"وهو حديث فى الصحيحين رواه جمع من الصحابة وقد أحتج أهل السنة بحديث موت من على ظهر الأرض بعد مائة سنة على الصوفية فى زعمهم ببقاء الخضر وإلياس فلما لا يُحتج به على رد حديث الجساسة؟
ثانيا وصف الدجال فى حديث الجساسة يخالف وصفه فى حديث عبادة بن الصامت الصحيح فبينما يصفه حديث الجساسة بالعملاق فيقول الراوى" حتى دخلنا الدِّيرَ . فإذا فيه أعظمُ إنسانٍ رأيناه قطُّ خَلْقًا " يصفه النبى صلى الله عليه وسلم فيما رواه عبادة بن الصامت بالقصير"إِنَّ المسيحَ الدَّجالَ رجلٌ قصيرٌ ، أفحجُ ، جعدٌ ، أعورٌ ، مطموسُ العينِ ، ليستْ بناتِئَةٍ ، ولَا جحراءَ ،"وقد صحح الألبانى الحديث فى صحيح الجامع وصحيح ابى داوود كما وصفه النبى صلى الله عليه وسلم فى الصحيحين بأنه شاب قطط وهذا مناقض لتعميره فترة طويلة تزيد على الخمسة عشر قرنا فإن قيل لاندرى هل الدجال من بنى أدم أم لا فالرد:إن سنة النبى العملية فى الشك بإبن صائد تقطع أنه أدمى وكذا يوحى ظاهر الأحاديث وكذا أحاديث مقتله على يد عيسى عليه السلام والشاب القطط لا يكون شابا ألفا وخمسمائة سنة وكذلك فإن من كان فى رحلة السفينة ونزل الجزيرة لم يلاحظ عورا على الدجال رغم أن الأحاديث تثبت وجودا عورا بدرجات مختلفة فى كلتا عينيه اليمنى واليسرى والطرق التى فيها إثبات العور للمحبوس فى الجزيرة أوهى من الطرق التى ليس بها إثبات فالصحيح أن من زار الجزيرة لم يرى عورا على الرجل.
ثالثا حديث الجساسة يناقض ظاهر حديث ابن عمر عن الخوارج والذى يوحى بأن الدجال يولد فى زمن الخوارج بل متأخرة الخوارج فعن ابن عمر عن النبى صلى الله عليه وسلم"يَنشأُ نشءٌ يقرؤون القرآنَ ، و لا يجاوزُ تَراقيهم ، كلما خرج قَرنٌ قُطِعَ حتى يخرج في عِراضِهم الدَّجَّالُ"حسنه الألبانى فى الصحيحة وصحيح بن ماجه وهناك شاهد بسند ضعيف من حديث نفيع بن الحارث أن الدجال له اب وأم يمكثان ثلاثين عاما قبل ولادته وحتى مع ضعف سند الحديث الأخير فيظل التساؤل:إن كان الدجال فى جزيرة فلماذا أستمر شك جابر رضى الله عنه فى ابن صائد بينما هو ممن روى حديث الجساسة؟
رابعا وأخيرا إذا نظرنا فى طرق حديث الجساسة فسنجد أنها ترجح وجود الجزيرة المحبوس بها الدجال فى بحر الروم(البحر المتوسط) ففى مسند أحمد والترمذى وصحح الإسناد الألبانى"إنَّ تميمًا الدَّاريَّ حدَّثَني بحَديثٍ ففَرِحْتُ فأحببتُ أن أحدِّثَكُم ، أنَّ ناسًا من أَهْلِ فلسطينَ رَكِبوا سَفينةً في البَحرِ فجالَت بِهِم حتَّى قذفَتهُم في جزيرةٍ من جزائرِ البَحرِ ، فإذا هم بدابَّةٍ لبَّاسةٍ ناشرةٍ شعرَها ،"وهذا مناقض قطعا لما ثبت بالتواتر أن الدجال يخرج من المشرق وقد جاء تعليق من النبى صلى الله عليه وسلم فى بعض طرق الحديث عند
عند جابر وكذا فاطمة بنت قيس أنه صلى الله عليه وسلم قال:
". ألا إنه في بحرِ الشام أو بحرِ اليمنِ . لا بل من قِبَلِ المشرقِ ، ما هو . من قبلِ المشرقِ ، ما هو . من قبلِ المشرقِ ، ما هو " وأومأ بيده إلى المشرقِ . قالت : فحفظتُ هذا من رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ "واللفظ السابق لمسلم،فعلى هذا تبطل قصة وجوده فى بحر الشام أو فى أى بحرفإن قال قائل:ربما يكون فى جزيرة الأن ويخرج من المشرق فيُقال له فلماذا لم يخبرنا النبى صلى الله عليه وسلم؟ كما أن الظاهر من الأثار أن الدجال لا يكون محبوسا بل يعيش مثلنا كالحديث الذى فى الصحيح الذى جادلت به حفصة ابن عمر رضى الله عنهما حين تعرض لإبن صياد:
" إنما يخرجُ الدجال من غضبةٍ يغضبُها "
فالحديث ظاهره يوحى بأن الدجال يعيش حياة طبيعية ويمر بالتطور الطبيعى للبشر من الإيمان للكفر وهذا نقيض قصة الجساسة التى توحى بأن الدجال قائم على كفره الأن؟
Bookmarks