النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: هل خاطب القرآن الناس ببلاغته أم بسهولة منهجه العقلي

  1. #1

    افتراضي هل خاطب القرآن الناس ببلاغته أم بسهولة منهجه العقلي

    هل خاطب القرآن الناس ببلاغته أم بسهولة منهجه العقلي

    للأسف الشديد ظن بعض المشتغلين بالاعجاز العلمي بحكم بعدهم عن دراسة العلوم الشرعية أن القرآن ما نزل الا ليخاطب الناس ببلاغته التي تحتاج الي معرفة جيدة باللغة العربية ومنهج القرآن البلاغي، وطالما أن ذلك اﻷمر صعب في زماننا فقد صار من الأفضل دعوة الناس بالاعجاز العلمي بدلا من بلاغة القرآن، وللأسف كثيرا ما أري هذه المقدمة في بعض مقالات المشتغلين بالاعجاز العلمي وكأن الاعجاز العلمي ما نشأ الا ليستبدل الاعجاز البلاغي، وهذا الفهم بلا أدني شك عندي خطأ ومنشأه افتقار صاحب هذا القول الي فهم كيف تعامل القرآن مع العرب حال نزوله، فافترض فرضية خطأ بني عليها استنتاج خطأ.

    أما الفرضية الخطأ فهي أن القرآن ما نزل الا ليخاطب العرب بالبلاغة التي أجادها العرب أيما إجادة، ونسي صاحب الفرضية أن إعجاز المنهجية العقلية في الخطاب القرآني سبق إعجاز بلاغة القرآن، وما البلاغة الا اطار جميل يزين الخطاب العقلي للقرآن، وقد تجلت هذه المنهجية العقلية بوضوح شديد في مخاطبة الفطرة السوية بما لا سبيل لانكاره من عبودية الخالق الواحد الأحد الفرد الصمد (ألا له الخلق والأمر)، وحتمية أولية الخالق وأزليته في الماضي والحاضر (هو الأول والآخر) مع التأكيد علي مظاهر قدرته في أغلب آيات القرآن التي تتحدث عن خلق ووصف الكون والانسان في الكثير من الآيات التي لا يسعني نقلها الان. ثم اتجه القرآن الي تقرير ثاني حقيقة مطلقة بعد وجود الله الخالق وهي تقرير حقيقة الموت التي لا مفر منها، ثم بعد ذلك تقرير حقيقة العدل الذي يقتضي البعث والنشور والحساب والثواب والعقاب.

    وليس أدل علي منهج القرآن البسيط في حوار العقل من قوله تعالي (أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون، أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون)، فنفي الله أن يكون هناك خالق سواه باستفهام بسيط، وكذا دعوة الله عباده لاستعمال الفطرة للبحث عن الدين الحق (أقم وجهك للدين حنيفا فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم)، وما أوضح دعوة القرآن للنفكر في قوله تعالي (قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ ۖ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَىٰ وَفُرَادَىٰ ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ۚ مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ ۚ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ)، ولو استقصينا كل آيات القرآن التي تحاور الناس بالعقل لاستشهدنا بالقرآن كله.

    وأما الاستنتاج الخطأ فهو قول القائل أن الناس حديثا لن يفهموا القرآن لأنهم عجزوا عن فهم بلاغته ولذا فنحن في أشد الحاجة لمنهج الاعجاز العلمي لندعو به أهل زماننا، وهذا اتهام خطير لو تعلمون، فالقرآن ما نزل للبلغاء وأهل العلوم المادية فقط ولكن نزل للناس كافة ليخاطب عقولهم بما يعلم الله مسبقا أنهم حتما سيفهموه وبلا أدني عناء، فدعوة الاسلام بسيطة واضحة تقوم علي توحيد الخالق المدبر لكافة أمور خلقه ويالها من دعوة بسيطة متسقة مع الفطرة البشرية ولا تخالف العقل في شيء.

    فينبغي علي الداعية حتي وان اشتغل بالاعجاز العلمي ألا يهمل مخاطبة العقول بالعقيدة البسيطة للقرآن مستعملا أدلة القرآن العقلية ولا مانع من مخاطبة المشتغلين بالعلم والمعاندين بما وصلنا اليه من حقائق الاعجاز العلمي التي لا تقبل الشك والجدال.

    ومعلوم طبعا أن الاسلام ما ساد لقرون طويلة قبل اكتشاف قضية الاعجاز العلمي الا لأنه خاطب الناس بمنطق العقل البسيط فأخرجهم من عباة العباد الي عبادة رب العباد ومن جور الأديان الي عدل الاسلام، وأرجو ألا يفهم أحد من كلامي هذا أني أرفض أو أحارب قضية الاعجاز العلمي فأنا أحد المشتغلين بها والداعين الي الله بها، ولكن فقط أردت أن أضع الأمور في نصابها وأنفي القصور عن كتاب ربنا العادل الذي خاطب عباده بلغة العقل البسيطة التي يفهمها غير المتعلم قبل المتعلم وخاطب الذي لا يعرف البلاغة قبل البليغ، ففهم فحواه وهدفه كل من سمعه من العرب والعجم وأسلم به أهل كثير من البلدان علي اختلاف لغاتهم ومؤكد أنهم فهموه بعقولهم قبل أن يفقهوا بلاغته، بل وربما مات كثير منهم ولم يحسنوا قراءة عربية القرآن فضلا عن أن يفقهوا بلاغته، فسبحان من خلق العقول فجعلها متفاوتة في الفهم والذكاء، وسبحان من صاغ القرآن بكل جميل فلم ينسي الجاهل ولا العالم فدعا كل منهما بما يحسنه عقله لكي لا يكون للناس علي الله حجة يوم القيامة فهو وحده صاحب الحجة البالغة.

    د. محمود عبدالله نجا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2012
    الدولة
    بين المسلمين
    المشاركات
    2,906
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (60) أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (61) أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ (62) أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (63) أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (64)

    مثل هذه الآيات تخاطب فطرة الإنسان و عقله ليتفكر فيفهمها الناس من أكبر عالم فيزياء إلى أبسط بدوي .

  3. #3

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مسلم أسود مشاهدة المشاركة
    أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (60) أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (61) أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ (62) أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (63) أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (64)

    مثل هذه الآيات تخاطب فطرة الإنسان و عقله ليتفكر فيفهمها الناس من أكبر عالم فيزياء إلى أبسط بدوي .
    جزاك ربى كل الخير اخى مسلم
    https://www.youtube.com/watch?v=9M92kuAaZGk
    ---------
    ولكن فقط أردت أن أضع الأمور في نصابها وأنفي القصور عن كتاب ربنا العادل الذي خاطب عباده بلغة العقل البسيطة التي يفهمها غير المتعلم قبل المتعلم وخاطب الذي لا يعرف البلاغة قبل البليغ، ففهم فحواه وهدفه كل من سمعه من العرب والعجم وأسلم به أهل كثير من البلدان علي اختلاف لغاتهم ومؤكد أنهم فهموه بعقولهم قبل أن يفقهوا بلاغته، بل وربما مات كثير منهم ولم يحسنوا قراءة عربية القرآن فضلا عن أن يفقهوا بلاغته، فسبحان من خلق العقول فجعلها متفاوتة في الفهم والذكاء، وسبحان من صاغ القرآن بكل جميل فلم ينسي الجاهل ولا العالم فدعا كل منهما بما يحسنه عقله لكي لا يكون للناس علي الله حجة يوم القيامة فهو وحده صاحب الحجة البالغة.

    د. محمود عبدالله نجا

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء