النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: الرِق رحمة. الرد على شبهة الرق والسبي والعبودية

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    المشاركات
    1,073
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    Exclamation الرِق رحمة. الرد على شبهة الرق والسبي والعبودية

    الرق في أصله رحمة

    لا يتوقف كهنة العلمانية العرب والملحدين عن تسليط الأضواء على مسألة الرق والعبودية والسبي، وكيف أن هذه القضايا تجاوزها العصر الحديث ولم يعد لها مكان.
    وللرد على هذا الجهل لابد من تحليل قضية الرق من داخل التاريخ ذاته كالتالي :
    أولاً : العبودية هي مرحلة أساسية في تاريخ الجنس البشري، ومن مقتضيات عصور بشرية أصيلة.
    ثانيًا: لا يوجد في تاريخ البشرية ديانة ولا فلسفة ولا مذهبًا ولا فِرقة، إلا وأجازت الرق واعتبرته بديهة وجودية .
    ثالثًا: اختفاء الرق في القرن الماضي كان فقط لظهور المكائن – الآلات التي حلت محل البشر – وإلا فالرق كان وسيظل موجودًا ما وُجد الإنسان.
    رابعًا: لا يوجد مانع ديني ولا أخلاقي ولا مادي ولا علمي ولا فلسفي ولا إلحادي يمنع من ممارسة الرِق بمفهومه الإسلامي –الذي هو أقرب للتبني- كما سنبين بعد قليل.
    خامسًا: لم يتوقف الرق فجأةً لضجر العبيد أو لرهافة إحساس الأسياد، ولكن فقط نتيجة استغناء مباشر عن العبيد بالمكائن التي ظهرت في القرن الماضي كما ذكرنا.
    سادسًا: لم يعرف التاريخ ناقدًا للعبودية على طول الخط وانتهاء العبودية جاء فقط كنتيجةٍ بديهيةٍ لعدم الحاجة إليهم، ولذا قال نيتشه: "لو أمطرت السماء حرية لأمسك العبيد مظلات".

    وفلاسفة الدنيا كلها أطبقوا على أن مفهوم الرق في أصله مفهومٌ مقبول وسنذكر بعض الأمثلة :
    1- كان أرسطو يرى أن العبودية أمر بَدَهِيٌ وكان من أشد المؤيدين لها والحريصين عليها
    2- قال أرسطو : الحُر الذي يخضع للقانون هو أيضا عند مستوىً ما من العبودية.
    3- جمهورية أفلاطون الفاضلة لا تخلو من العبيد.
    4- يؤيد هيجل العبودية بشدة ويرى أن العبد يحقق متعته في خدمة سيده.
    5- يقول كارل ماركس بدون عبيد لا وجود لأمريكا الشمالية.
    http://www.marxists.org/archive/marx/410.htm

    سابعًا: يرى هيجل أن الغريزة الأساسية في الإنسان هي الرغبة في نيل الإعتراف-ينال قيمته-، وفي هذا الإطار فالعبد يحقق غايته تمامًا، حيث أن العبد يحقق متعته في خدمة سيده وهو في ذلك يسعى إلى الرغبة في الاعتراف، والعبد لا يتمرد على سيده أبدًا لأنه أصلاً لا يعرف أنه ينقصه شيء، فهو رغباته المادية يحققها من أموال سيده ورغباته فوق المادية مثل الرغبة في الاعتراف يحققها ببراعته في عمله، بل وكلما كان أكثر إخلاصًا لسيده كان أكثر تحقيقًا لهذه الرغبة، لذا فالعبد لا يشعر أنه عبد، بل يتحرك في إطار عقلاني يستوعبه ويستوعب سيده، لذا لم يتمرد العبيد. فالعبد في البداية والنهاية مسوقٌ إلى الدور المطلوب منه - كالسيد تمامًا - .

    ثامنًا: يقول مؤسس الدولة المدنية جون لوك: "الملوك في أمريكا القديمة والذين كانوا يملكون أراضٍ شاسعة هم أفقر ماديًا من عامل إنجليزي في ورش مانشستر".
    لكن الملك لديه من يعترف به فتزداد سعادته، فالسعادة قيمة نسبية لا علاقة لها بالوسائل المادية المتاحة، وإنما هدف السعادة المادية هو نيل الاعتراف وهذا متحقق للعبد ماديًا!

    تاسعًا: في لحظةٍ ما عندما نحتاج للعبيد سيعود العبيد، خاصًة وأنه بعد اختراع الأسلحة النووية ظهرت في الأدب العالمي فكرة احتمالية أنه في أي لحظة يمكن أن يخسر العالم كل التكنولوجيا الحديثة ونعود للخيل والجِمال مرًة أخرى، وفي فيلم محارب الطريق the road warrior للمنتج الاسترالي جورج ميلر، نرى حضارة مستقبلية قائمة على الخيل والعربات التي تجرها الحيوانات.
    المصدر : نهـاية التاريخ، فرانسيس فوكوياما، ص 86.

    عاشرًا: الذي ينتقد العبودية هو حتمًا سينتقد منظومة العمل والحياة الوظيفية الآن، فالحياة الوظيفية هي رِق جزئي –عبودية جزئية-، وفي تعريفها الرسمي: استقطاع ساعات معينة من وقت الموظف لصالح مؤسسة أو شركة أو شخصٍ ما، مقابل تقاضي أجر محدد أو منفعةٍ محددةٍ.
    لكن الإنسان المعاصر يستسيغ المنظومة الوظيفية الآن ولا يستسيغ مسألة الرق فقط بسبب المعاصرة – فهو معاصر للمنظومة الوظيفية ولم يعاصر مسألة الرق -.
    بل إن الفرق الجوهري بين الرق والمنظومة الوظيفية هو فرق زمني لا قِيمي، فالمنظومة الوظيفية هي رِق وقتي، وسخرة جزئية كما يتفق على ذلك المُشرعون!
    أيضًا الرق ليس بالصورة التي يرسمها ويروِّج لها العصرانيون، وإنما ربما تنطبق تلك الصورة على ما كان يجري في الدولة الرومانية، بينما في بلادنا كان الرقيق أئمة الدنيا وعلماء الدين. ودولة الممالك خير شاهدٍ عبر الزمان.

    إذن الرق أمر بَدَهِيٌ عبر التاريخ وعبر الجغرافيا، والحفاظ على حقوق الرقيق هو الوصية العاشرة من الوصايا العشر في التوراة: " سفر التثنية 5-21 ".
    والحفاظ على حقوق الأسياد ووجوب طاعتهم مِن قبل العبيد هو وصية الإنجيل: " الرسالة إلى أفسس 6:5 ".
    ولم يكن الإسلام بِدعًا من الأديان، ولم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- بِدعًا من الرسل فقد جاءت الوصية مباشرةً بحفظ حقوق الرقيق في الإسلام.

    حفظ حقوق الرقيق في الإسلام:
    1- قال الله تعالى {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا} ﴿النساء36﴾ .
    2- وقال تعالى {فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف } ﴿النساء25﴾ .
    فأمر سبحانه مَن أراد أن يتزوج من أمته أن ينكحهـا بإذن أهلهـا وأن يعطيهـا مهرهـا كاملاً!
    3- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يقولن أحدكم عبدي وأمتي وليقل فتاي وفتاتي". صحيح مسلم.
    4- وقال صلى الله عليه وسلم: "إنّ إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه ممّا يأكل وليلبسه ممّا يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم ما يغلبهم فأعينوهم". متفقٌ عليه

    ولذا صار الرقيق في الدولة الإسلامية ملوكًا وحُكـامًا، وأصبحت فترات تاريخية كاملة في حِكرًا على الرقيق [ دولة المماليك في مصر ].

    ولا يعرف تاريخ الإنسانية دينـًا أشد حرصًا على الرقيق من الإسلام، يكفي أن تعلم أن هناك ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين يوم القيامة كما في نص الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
    1- رجل آمن بالكتاب الأول والكتاب الآخر ، ثم أدركني فآمن بي
    2- ورجل كانت له أمة فأعتقها وتزوجها
    3- وعبد أدى حق الله وحق مواليه .
    متفقٌ عليه.
    إذن الرجل لو أعتق جاريته وتزوّجها له أجره مرتين.
    والعبد الذي يطيع سيده له أجره مرتين.
    ولذا قال أبو هريرة رضي الله عنه في الحديث المُتفق عليه: "والذي نفس أبي هريرة بيده لولا الجهاد في سبيل الله والحج وبر أمي لأحببت أن أموت وأنا مملوك ."

    لكن هنا قد يطرح العلماني والملحد تساؤلاً هامًا وهو: ما مصدر الرقيق وكيف يتحول الحر إلى عبد؟
    ولماذا يتحول الأحرار إلى عبيد؟

    لا يعرف الكثير من العلمانيين أن الرق هو في الاصل رحمة!
    فالرق ينحصر في أرض المعركة وساحة القتال، فالكافر المقاتِل يُقتل، والكافرة المقاتلة تُسبى ولا تُقتل وبالتالي تصبح في باب الرق أو السبي أو ملك اليمين وكلها اصطلاحات لها نفس المعنى.
    إذن الرِق في أصله رحمة بالمرأة!
    ولا يوجد في الدساتير المعاصرة أي تفريق بين المرأة والرجل في ساحة القتال.
    فكل مَن شارك في القتال وجاء في الجيش المحارب يصبح طبقًا للدساتير المعاصرة هدفًا حربيًا كائنًا مَن كان!

    لكن لماذا نقوم باستراقاق النساء؟
    هذا كما قلنا من باب الرحمة، لأن الذي جاء يقاتلك ويحاربك لابد أن تقاتله، هذه بديهة تتفق عليها جميع الدساتير والشرائع!
    أما المرأة التي جائت لتقاتلك فلا يجوز لك أن تقاتلها إلا لو باشرت قتلك!
    فالمرأة لا تُقتل، لأن الإسلام لا يُجيز لك قتل النساء ولا الأطفال ولا الشيوخ ولا أصحاب الحرف الذين لم يأتوا إلى ساحة المعركة لمحاربة المسلمين وإنما لممارسة حرفهم مع أنهم كفار ومع أنهم في ساحة المعركة!
    فمن رحمة الإسلام بالمرأة أنها لا تُقتل -لأنها ضعيفة ولا تباشر قتل المسلمين في الغالب- بل تُسبى.

    والمرأة تُسبى حتى يتم فدائها بأسيرات المسلمين أو العفو عنها وإعادتها للعدو بلا مقابل{ فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها} ﴿٤﴾ سورة محمد.
    ولاحظ قوله تعالى: حتى تضع الحرب أوزارها، يعني في أرض المعركة، ولاحظ إما منّاً بعد: أي تمُن عليها بأن تُطلق سراحها بلا مقابل، وإما فداء: أي تفديها بالمسلمات اللاتي أسرهن العدو.
    فلا يوجد في الإسلام سبي إلا من أرض المعركة، وهذه قاعدة هامة!
    ولا تُسبى المرأة إلا لأنه يحرم قتلها، مع أنها جائت في جيش العدو وأرادت استئصال شأفتك!
    وقد فتح المسلمون بلاد الدنيا وملكوها ولم ينقلوا سكانها الأصليين سبايا إلى الجزيرة العربية فهذا لا يقوله عاقل، بل ولم ينقلوا ساحة المعركة إلى بيوت المدنيين الآمنين، بل إن هؤلاء المدنيين لم يجدوا عزهم وحريتهم إلا في كنف الإسلام!

    وتُسبى المرأة ولا يجوز قتلها، لأنها كما قلنا حتى لو قاتلت فلا تباشر ذلك في الغالب بنفسها فعقوبتها أهون من الكافر الذي يريد قتل المسلمين ويباشر ذلك بنفسه، ودليل ذلك قول رسول اله صلى الله عليه وسلم: "ما كانت هذه لتقاتل".

    لكن هل يجوز نكاح المسبية؟
    المسبية لها عقد نكاح، أي يجوز نكاحها، كما الزوجة لها عقد نكاح، لكن شروط عقد نكاح المسبية تختلف عن شروط عقد نكاح الزوجة، فالزوجة لها شرط الاختيار فيمن يتقدم لها.
    أما امرأة مقاتلة جائت لتقاتلك مع جيش العدو وتم سبيها فهذه ليس لها شرط اختيار من يتقدم لها.
    لكن الزوجة والمسبية يتفقان في الأُطر العامة فلا تنتقل الزوجة إلى رجلٍ آخر إلا بطلاقٍ ومهرٍ جديدين، ولا تنتقل المسبية إلى رجلٍ آخر إلا بإطلاقٍ وعقدٍ جديد.
    والتعرض للمسبية في حكم الشريعة يطابق التعرض للزوجة، فلو اغتصبها أحد يُقام عليه حد الزنا.
    قال الشافعي: "وَإِذَا اغْتَصَبَ الرَّجُلُ الْجَارِيَةَ ثُمَّ وَطِئَهَا بَعْدَ الْغَصْبِ وَهُوَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْجَهَالَةِ أُخِذَتْ مِنْهُ الْجَارِيَةُ وَالْعُقْرُ وَأُقِيمَ عَلَيْهِ حَدُّ الزِّنَا." 253 الأم للشافعي الغصب.

    وهل يجوز سبي نساء الكفار المقاتلين الآن؟
    لو تم وضع قانون بحرمة سبي النساء والتزم به المسلمون والكافرون -كما هو حادث الآن-، فهنا لا يجوز للمسلم مخالفة القوانين والعهود، إلا لو بدأ العدو الغاشم في المخالفة!
    وعليه تُحترم كل العهود والمواثيق التى تمنع السبى فى الحروب الآن.
    وفي فترة حرب البوسنة كان المجرمون الصرب يغتصبون المسلمات البوسنيات، ومع ذلك لم يُجز علماء المسلمين للمجاهدين في ذلك الوقت سبي نساء العدو.

    ثم هل وجدتم رحمةً أعظم من أن تلتزم في مقاتلة عدوك بسلاحه هو، فلا يجوز لك أن تقتله بسلاحٍ فتاك يهلك الديار والعباد وإنما تقاتله بنفس سلاحه {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين} ﴿١٩٤﴾ سورة البقرة.
    والله أعلم!

    لكن يبقى السؤال: هل يحق للملحد أن ينتقد مسألة الرق؟
    في واقع الأمر قبل أن ينتقد الملحد مسألة الرق عليه أن يجيب عن الآتي :
    1- الدولة الوحيدة الملحدة على وجه الأرض الآن هي كوريا الشمالية، وداخل هذه الدولة يتم تقسيم الناس رسميًا إلى سادة وعبيد، في نظام يُعرف بإسم السونجبن Songbun، وحسب هذا النظام يتم تحديد كمية الغذاء ونوع البروتين وكميته وطبيعة العمل للمواطن الكوري الشمالي ولأولاده من بعده بحسب طبقته داخل السونجبن!
    وهذا النظام معمول به منذ قرابة نصف قرن من الزمان –منذ انفصال الكوريتين- ولم نسمع أن ملحداً أو علمانيًا تمرد على هذا الأمر أو انتقده!
    http://en.wikipedia.org/wiki/Songbun
    2- أليس التمرد على الرق هو تمرد صريح على الداروينية وعلى قانون كوني يحكم وجودنا وهو قانون البقاء للأصلح ؟
    3- أليس التمرد على الرق هو تمرد على الحتمية المادية ؟
    4- أليس الرق يساعد مباشرًة على الانتخاب الطبيعي – عبر انتخاب الأقوياء والأكثر سيادة – ، إذن لو كان الملحد ملحدًا وكان الإلحاد صحيحًا وكانت الداروينية قضية حتمية، لأصبحت عودة الرق هدف كل ملحد، أليس كذلك ؟
    5- ما معنى الأخلاق؟ و هل تمت البرهنة عليها علميًا حتى يتبناها الملحد ؟
    6- الملحد ينظر للإنسان على أنه لطخة بروتوبلازمية ثلاثية الأبعاد، حدود الطبيعة هي حدوده وقوانين المادة هي قوانينه، فكيف تسنّى له أن يستوعب الخطأ في الرق ثم ينتقده ؟
    7- لا يوجد للأخلاق ترميز جيني – تشفير في الجينات –، إذن ليس لها مصدر مادي فكيف يتبنى الملحد نموذجًا أخلاقيًا ينتقد من خلاله عملية الرق؟

    والآن وقبل أن نختم هذا الموضوع الثري نريد أن نعرض لبعض الصور المشرقة للرقيق في دولة الإسلام!
    حَكم المماليك –الرقيق- مصر والشام قرابة 600 عام، منذ عام 1240إلى 1811 ميلادية .
    أي أن نصف تاريخ مصر والشام في الإسلام كان تحت سيادة المماليك، بل ولولا خيانة محمد علي وجريمته الشنعاء حين قام بذبحهم في مذبحة القلعة الشهيرة، لظل المماليك سادة الدنيا.
    وفي عهد المماليك كانت جميع المقاطعات والولايات يحكمها مماليك.
    والشاهد من ذلك أن الإسلام لا يمنع الرقيق أن يكونوا سادة الدنيا، وفي الحديث الصحيح أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: "أُوصيكم بتقوى الله.. والسمع والطاعة وإن كان عبداً حبشياً."
    إذن أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسمع والطاعة للرقيق حين يحكمون بلاد المسلمين!

    ومن عجيب ما يُذكر هنا أن قطز وبيبرس حين وصلوا لحكم مصر كانوا رقيقًا وظلوا رقيقًا زمناً طويلاً، إلى أن قدم التتار إلى بلاد الشام فاجتمع قطز بالأعيان والقضاة والأمراء، وطلب منهم جمع المال لتكوين جيش مصري عملاق. فقام الإمام العز ابن عبد السلام –رحمه الله- وطالبهم أن يكاتبوا أنفسهم حتى يقتدي بهم باقي المماليك، ففدوا أنفسهم بأموالٍ عظيمة– والمكاتبة في الشريعة الإسلامية هي أن يدفع العبد مبلغًا من المال لسيده مقابل حريته، وهذا حق جوهري من حقوق الرقيق في الإسلام {والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وآتوهم من مال الله الذي آتاكم } ﴿٣٣﴾ سورة النور–.
    وبالفعل ظهر الجيش المصري العملاق!
    لكن السؤال هنا: بالنسبة للرقيق الذين عاشوا في دولة الإسلام العادلة هل يحرصون على المكاتبة أو تعنيهم أصلاً؟
    إن قطز وبيبرس لم يكاتبوا أنفسهم ويتحولوا إلى أحرار إلا لتمويل الجيش لا أكثر!

    فقد كان المماليك سادة الدنيا وكان جيش المماليك من أعظم جيوش الدنيا.
    وقد هزم المماليك المغول في معركة عين جالوت عام 1260 م.

    أيضًا السلطان المملوكي –العبد- قنصوه الغوري الذي حكم مصر والشام والحجاز، انتصر على البرتغال التي كانت تريد تطويق أفريقيا في ذلك الوقت، وهزمهم شر هزيمة في موقعة مالابار عام 1508م.
    وقد دافع السلطان قنصوّه الغوري عن عدن وعن ديار الإسلام من هجمة المستعمر الجديد!

    وكان للمماليك جهود عظيمة في شق الترع ومشاريع عملاقة في بلاد المسلمين، ولم يكن في الدنيا جيش يضاهي جيش المماليك إلا جيش الخلافة العثمانية!
    ولولا خيانة محمد علي وجريمته النكراء في حق المماليك –مذبحة القلعة-، ربما ما تجرأ المستعمر الغربي العفن على ديار الإسلام وعلى استعمارها ولله الأمر من قبل ومن بعد.

    أضف إلى ما سبق أن: الرقيق أيضًا هم سادة الآخرة، فأجرهم ضعف أجر السيد بنص الحديث كما بيّنا قبل قليل.

    إذن المشكلة هي الصورة النمطية التي انطبعت في أذهان المعاصرين عن الرق، وليس الرق في حد ذاته.
    وإلا فإن بلال ابن رباح وعمار ابن ياسر وزيد ابن حارثة وأم أيمن وسمية بنت خياط، كلهم رقيق وكلهم عظماء الصحابة رضي الله عنهم، وما قلَّل رِقهم من قيمتهم شيئًا.
    وفي التابعين من الرقيق العلماء العدد الكبير، فمنهم المحدث العظيم نافع مولى ابن عمر وعكرمة مولى ابن عباس ومجاهد وعطاء ومكحول وابن سيرين والحسن البصري وسعيد بن جبير، أئمتنا وسادتنا رضي الله عنهم أجمعين!

    لكن هل الرق قضية تاريخية انتهى زمنها كما يزعم العلمانيون؟
    الذي يقول ذلك هو أجهل الناس بالتاريخ فاختفاء الرق رسميًا في القرن الماضي -عام 1905- كان فقط لظهور المكائن – الآلات التي حلت محل البشر –.
    وإلا فالرق كان وسيظل موجودًا ما وُجدت الحاجة إليه، ولا فرق كما فصلنّا بين العمل الوظيفي وبين الرق إلا في المحتوى الزمني لكلٍ منهما.
    وسيعود الرق حال اختفاء المكائن كما تنبأ فرانسيس فوكوياما!
    لكن طبعًا العلماني لا يعرف لا تاريخ ولا فوكوياما فضلاً عن تبصر أحوال البشر ودورات الزمان!
    " سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ "146 الأعراف
    [SIZE=4]مقالاتي في نقد الإلحاد واللادينية
    مناظرة مع الأدمن الملحد سمير سامي
    حلقاتي على اليوتيوب
    للتواصل معي عبر الفيس بوك

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Oct 2014
    الدولة
    ليبيا
    المشاركات
    1,105
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    لكن هل الرق قضية تاريخية انتهى زمنها كما يزعم العلمانيون؟
    الذي يقول ذلك هو أجهل الناس بالتاريخ فاختفاء الرق رسميًا في القرن الماضي -عام 1905- كان فقط لظهور المكائن – الآلات التي حلت محل البشر –.
    وإلا فالرق كان وسيظل موجودًا ما وُجدت الحاجة إليه، ولا فرق كما فصلنّا بين العمل الوظيفي وبين الرق إلا في المحتوى الزمني لكلٍ منهما.
    وسيعود الرق حال اختفاء المكائن كما تنبأ فرانسيس فوكوياما!
    لكن طبعًا العلماني لا يعرف لا تاريخ ولا فوكوياما فضلاً عن تبصر أحوال البشر ودورات الزمان!
    ---------------------------------------------------------------------------------------

    بكل بساطة ان الملحد يجعل من القيم الواقعية ثوابت اخلاقية ,وان تغيرت تغيرت الاخلاق ,والاخلاق كما يقول الملحد كراوس انها مقياس عصرها فقط.

    حسنا :
    (نفترض) أن النبى والمسلمون عملوا بواقعهم ,فلماذا يستخدم الرق وسيلة لتشويه الاسلام والنبى الامى المبعوث رحمه للعالمين ؟

    ألم يعمل بواقعه ؟

    لماذا لا يشوه أرسطو او افلاطون مع أنهما أكدا وقررا الرق واصبغاه بالفكر والفلسفة ؟
    بل الرق على مدار تاريخ البشرية نظر له مفكرو البشرية وعقلائها .
    الرومان مؤسسوا القانون قرروا الرق وقننوه,.

    لماذا يمجد اؤلئك وبينما يشوه سيد الخلق اجمعين ؟

    كما شاهدنا فى ألاخبار أن اسرائيل افتتحت بها محلات لبيع النساء ,واسرائيل كما يقول الملاحدة دولة علمانية متطورة ناجحة ...

    المحل تم افتتاحه انطلاقا من الحريات ...أليس هذا رق ؟

    ماذا لو تم تقنين ذلك الامر كما تم تقنين المثلية ما موقفكم ؟
    هل اذا الواقع وعاد انتج الرق من جديد واصبح قيم واقعية هل سيوافق الملاحدة عليه ؟
    هل سيكون وسيلة لتشويه الشخصيات ؟

    ألمانيا تباع فيها النساء
    الصين تباع فيها النساء

    هل هى دول اسلامية أم علمانية .؟

    وللتذكير أن الغريب والعجيب ان دول الاسلام العربية تحديدا هى الخالية اليوم من الرق.

    الرق منتشر فى امريكا الاتينية

    منتشر فى امريكا الشمالية وفى امريكا نفسها الرق منسوبه مرتفع

    الرق منتشر فى اوروبا الشرقية

    ويوجد فى بعض دول اوروبا الغربية وبريطانيا نفسها الرق فيها .

    الرق منتشر فى افريقيا بشكل كبير .

    الرق منتشر فى آسيا بشكل اكبر و اوسع

    أين يا مهووس ويا مهترىْ الفكر تقول ان الرق قد انتىهى .
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
    ( فكل من لم يناظر أهل الإلحاد والبدع مناظرة تقطع دابرهم لم يكن أعطى الإسلام حقه ، ولا وفى بموجب العلم والإيمان ، ولا حصل بكلامه شفاء الصدور وطمأنينة النفوس ، ولا أفاد كلامه العلم واليقين )
    { درء التعارض : 1\357 }

  3. #3

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة elserdap مشاهدة المشاركة
    الرق في أصله رحمة

    لا يتوقف كهنة العلمانية العرب والملحدين عن تسليط الأضواء على مسألة الرق والعبودية والسبي، وكيف أن هذه القضايا تجاوزها العصر الحديث ولم يعد لها مكان.
    وللرد على هذا الجهل لابد من تحليل قضية الرق من داخل التاريخ ذاته كالتالي :
    أولاً : العبودية هي مرحلة أساسية في تاريخ الجنس البشري، ومن مقتضيات عصور بشرية أصيلة.
    ثانيًا: لا يوجد في تاريخ البشرية ديانة ولا فلسفة ولا مذهبًا ولا فِرقة، إلا وأجازت الرق واعتبرته بديهة وجودية .
    ثالثًا: اختفاء الرق في القرن الماضي كان فقط لظهور المكائن – الآلات التي حلت محل البشر – وإلا فالرق كان وسيظل موجودًا ما وُجد الإنسان.
    رابعًا: لا يوجد مانع ديني ولا أخلاقي ولا مادي ولا علمي ولا فلسفي ولا إلحادي يمنع من ممارسة الرِق بمفهومه الإسلامي –الذي هو أقرب للتبني- كما سنبين بعد قليل.
    خامسًا: لم يتوقف الرق فجأةً لضجر العبيد أو لرهافة إحساس الأسياد، ولكن فقط نتيجة استغناء مباشر عن العبيد بالمكائن التي ظهرت في القرن الماضي كما ذكرنا.
    سادسًا: لم يعرف التاريخ ناقدًا للعبودية على طول الخط وانتهاء العبودية جاء فقط كنتيجةٍ بديهيةٍ لعدم الحاجة إليهم، ولذا قال نيتشه: "لو أمطرت السماء حرية لأمسك العبيد مظلات".

    وفلاسفة الدنيا كلها أطبقوا على أن مفهوم الرق في أصله مفهومٌ مقبول وسنذكر بعض الأمثلة :
    1- كان أرسطو يرى أن العبودية أمر بَدَهِيٌ وكان من أشد المؤيدين لها والحريصين عليها
    2- قال أرسطو : الحُر الذي يخضع للقانون هو أيضا عند مستوىً ما من العبودية.
    3- جمهورية أفلاطون الفاضلة لا تخلو من العبيد.
    4- يؤيد هيجل العبودية بشدة ويرى أن العبد يحقق متعته في خدمة سيده.
    5- يقول كارل ماركس بدون عبيد لا وجود لأمريكا الشمالية.
    http://www.marxists.org/archive/marx/410.htm

    سابعًا: يرى هيجل أن الغريزة الأساسية في الإنسان هي الرغبة في نيل الإعتراف-ينال قيمته-، وفي هذا الإطار فالعبد يحقق غايته تمامًا، حيث أن العبد يحقق متعته في خدمة سيده وهو في ذلك يسعى إلى الرغبة في الاعتراف، والعبد لا يتمرد على سيده أبدًا لأنه أصلاً لا يعرف أنه ينقصه شيء، فهو رغباته المادية يحققها من أموال سيده ورغباته فوق المادية مثل الرغبة في الاعتراف يحققها ببراعته في عمله، بل وكلما كان أكثر إخلاصًا لسيده كان أكثر تحقيقًا لهذه الرغبة، لذا فالعبد لا يشعر أنه عبد، بل يتحرك في إطار عقلاني يستوعبه ويستوعب سيده، لذا لم يتمرد العبيد. فالعبد في البداية والنهاية مسوقٌ إلى الدور المطلوب منه - كالسيد تمامًا - .

    ثامنًا: يقول مؤسس الدولة المدنية جون لوك: "الملوك في أمريكا القديمة والذين كانوا يملكون أراضٍ شاسعة هم أفقر ماديًا من عامل إنجليزي في ورش مانشستر".
    لكن الملك لديه من يعترف به فتزداد سعادته، فالسعادة قيمة نسبية لا علاقة لها بالوسائل المادية المتاحة، وإنما هدف السعادة المادية هو نيل الاعتراف وهذا متحقق للعبد ماديًا!

    تاسعًا: في لحظةٍ ما عندما نحتاج للعبيد سيعود العبيد، خاصًة وأنه بعد اختراع الأسلحة النووية ظهرت في الأدب العالمي فكرة احتمالية أنه في أي لحظة يمكن أن يخسر العالم كل التكنولوجيا الحديثة ونعود للخيل والجِمال مرًة أخرى، وفي فيلم محارب الطريق the road warrior للمنتج الاسترالي جورج ميلر، نرى حضارة مستقبلية قائمة على الخيل والعربات التي تجرها الحيوانات.
    المصدر : نهـاية التاريخ، فرانسيس فوكوياما، ص 86.

    عاشرًا: الذي ينتقد العبودية هو حتمًا سينتقد منظومة العمل والحياة الوظيفية الآن، فالحياة الوظيفية هي رِق جزئي –عبودية جزئية-، وفي تعريفها الرسمي: استقطاع ساعات معينة من وقت الموظف لصالح مؤسسة أو شركة أو شخصٍ ما، مقابل تقاضي أجر محدد أو منفعةٍ محددةٍ.
    لكن الإنسان المعاصر يستسيغ المنظومة الوظيفية الآن ولا يستسيغ مسألة الرق فقط بسبب المعاصرة – فهو معاصر للمنظومة الوظيفية ولم يعاصر مسألة الرق -.
    بل إن الفرق الجوهري بين الرق والمنظومة الوظيفية هو فرق زمني لا قِيمي، فالمنظومة الوظيفية هي رِق وقتي، وسخرة جزئية كما يتفق على ذلك المُشرعون!
    أيضًا الرق ليس بالصورة التي يرسمها ويروِّج لها العصرانيون، وإنما ربما تنطبق تلك الصورة على ما كان يجري في الدولة الرومانية، بينما في بلادنا كان الرقيق أئمة الدنيا وعلماء الدين. ودولة الممالك خير شاهدٍ عبر الزمان.

    إذن الرق أمر بَدَهِيٌ عبر التاريخ وعبر الجغرافيا، والحفاظ على حقوق الرقيق هو الوصية العاشرة من الوصايا العشر في التوراة: " سفر التثنية 5-21 ".
    والحفاظ على حقوق الأسياد ووجوب طاعتهم مِن قبل العبيد هو وصية الإنجيل: " الرسالة إلى أفسس 6:5 ".
    ولم يكن الإسلام بِدعًا من الأديان، ولم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- بِدعًا من الرسل فقد جاءت الوصية مباشرةً بحفظ حقوق الرقيق في الإسلام.

    حفظ حقوق الرقيق في الإسلام:
    1- قال الله تعالى {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا} ﴿النساء36﴾ .
    2- وقال تعالى {فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف } ﴿النساء25﴾ .
    فأمر سبحانه مَن أراد أن يتزوج من أمته أن ينكحهـا بإذن أهلهـا وأن يعطيهـا مهرهـا كاملاً!
    3- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يقولن أحدكم عبدي وأمتي وليقل فتاي وفتاتي". صحيح مسلم.
    4- وقال صلى الله عليه وسلم: "إنّ إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه ممّا يأكل وليلبسه ممّا يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم ما يغلبهم فأعينوهم". متفقٌ عليه

    ولذا صار الرقيق في الدولة الإسلامية ملوكًا وحُكـامًا، وأصبحت فترات تاريخية كاملة في حِكرًا على الرقيق [ دولة المماليك في مصر ].

    ولا يعرف تاريخ الإنسانية دينـًا أشد حرصًا على الرقيق من الإسلام، يكفي أن تعلم أن هناك ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين يوم القيامة كما في نص الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
    1- رجل آمن بالكتاب الأول والكتاب الآخر ، ثم أدركني فآمن بي
    2- ورجل كانت له أمة فأعتقها وتزوجها
    3- وعبد أدى حق الله وحق مواليه .
    متفقٌ عليه.
    إذن الرجل لو أعتق جاريته وتزوّجها له أجره مرتين.
    والعبد الذي يطيع سيده له أجره مرتين.
    ولذا قال أبو هريرة رضي الله عنه في الحديث المُتفق عليه: "والذي نفس أبي هريرة بيده لولا الجهاد في سبيل الله والحج وبر أمي لأحببت أن أموت وأنا مملوك ."

    لكن هنا قد يطرح العلماني والملحد تساؤلاً هامًا وهو: ما مصدر الرقيق وكيف يتحول الحر إلى عبد؟
    ولماذا يتحول الأحرار إلى عبيد؟

    لا يعرف الكثير من العلمانيين أن الرق هو في الاصل رحمة!
    فالرق ينحصر في أرض المعركة وساحة القتال، فالكافر المقاتِل يُقتل، والكافرة المقاتلة تُسبى ولا تُقتل وبالتالي تصبح في باب الرق أو السبي أو ملك اليمين وكلها اصطلاحات لها نفس المعنى.
    إذن الرِق في أصله رحمة بالمرأة!
    ولا يوجد في الدساتير المعاصرة أي تفريق بين المرأة والرجل في ساحة القتال.
    فكل مَن شارك في القتال وجاء في الجيش المحارب يصبح طبقًا للدساتير المعاصرة هدفًا حربيًا كائنًا مَن كان!

    لكن لماذا نقوم باستراقاق النساء؟
    هذا كما قلنا من باب الرحمة، لأن الذي جاء يقاتلك ويحاربك لابد أن تقاتله، هذه بديهة تتفق عليها جميع الدساتير والشرائع!
    أما المرأة التي جائت لتقاتلك فلا يجوز لك أن تقاتلها إلا لو باشرت قتلك!
    فالمرأة لا تُقتل، لأن الإسلام لا يُجيز لك قتل النساء ولا الأطفال ولا الشيوخ ولا أصحاب الحرف الذين لم يأتوا إلى ساحة المعركة لمحاربة المسلمين وإنما لممارسة حرفهم مع أنهم كفار ومع أنهم في ساحة المعركة!
    فمن رحمة الإسلام بالمرأة أنها لا تُقتل -لأنها ضعيفة ولا تباشر قتل المسلمين في الغالب- بل تُسبى.

    والمرأة تُسبى حتى يتم فدائها بأسيرات المسلمين أو العفو عنها وإعادتها للعدو بلا مقابل{ فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها} ﴿4﴾ سورة محمد.
    ولاحظ قوله تعالى: حتى تضع الحرب أوزارها، يعني في أرض المعركة، ولاحظ إما منّاً بعد: أي تمُن عليها بأن تُطلق سراحها بلا مقابل، وإما فداء: أي تفديها بالمسلمات اللاتي أسرهن العدو.
    فلا يوجد في الإسلام سبي إلا من أرض المعركة، وهذه قاعدة هامة!
    ولا تُسبى المرأة إلا لأنه يحرم قتلها، مع أنها جائت في جيش العدو وأرادت استئصال شأفتك!
    وقد فتح المسلمون بلاد الدنيا وملكوها ولم ينقلوا سكانها الأصليين سبايا إلى الجزيرة العربية فهذا لا يقوله عاقل، بل ولم ينقلوا ساحة المعركة إلى بيوت المدنيين الآمنين، بل إن هؤلاء المدنيين لم يجدوا عزهم وحريتهم إلا في كنف الإسلام!

    وتُسبى المرأة ولا يجوز قتلها، لأنها كما قلنا حتى لو قاتلت فلا تباشر ذلك في الغالب بنفسها فعقوبتها أهون من الكافر الذي يريد قتل المسلمين ويباشر ذلك بنفسه، ودليل ذلك قول رسول اله صلى الله عليه وسلم: "ما كانت هذه لتقاتل".

    لكن هل يجوز نكاح المسبية؟
    المسبية لها عقد نكاح، أي يجوز نكاحها، كما الزوجة لها عقد نكاح، لكن شروط عقد نكاح المسبية تختلف عن شروط عقد نكاح الزوجة، فالزوجة لها شرط الاختيار فيمن يتقدم لها.
    أما امرأة مقاتلة جائت لتقاتلك مع جيش العدو وتم سبيها فهذه ليس لها شرط اختيار من يتقدم لها.
    لكن الزوجة والمسبية يتفقان في الأُطر العامة فلا تنتقل الزوجة إلى رجلٍ آخر إلا بطلاقٍ ومهرٍ جديدين، ولا تنتقل المسبية إلى رجلٍ آخر إلا بإطلاقٍ وعقدٍ جديد.
    والتعرض للمسبية في حكم الشريعة يطابق التعرض للزوجة، فلو اغتصبها أحد يُقام عليه حد الزنا.
    قال الشافعي: "وَإِذَا اغْتَصَبَ الرَّجُلُ الْجَارِيَةَ ثُمَّ وَطِئَهَا بَعْدَ الْغَصْبِ وَهُوَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْجَهَالَةِ أُخِذَتْ مِنْهُ الْجَارِيَةُ وَالْعُقْرُ وَأُقِيمَ عَلَيْهِ حَدُّ الزِّنَا." 253 الأم للشافعي الغصب.

    وهل يجوز سبي نساء الكفار المقاتلين الآن؟
    لو تم وضع قانون بحرمة سبي النساء والتزم به المسلمون والكافرون -كما هو حادث الآن-، فهنا لا يجوز للمسلم مخالفة القوانين والعهود، إلا لو بدأ العدو الغاشم في المخالفة!
    وعليه تُحترم كل العهود والمواثيق التى تمنع السبى فى الحروب الآن.
    وفي فترة حرب البوسنة كان المجرمون الصرب يغتصبون المسلمات البوسنيات، ومع ذلك لم يُجز علماء المسلمين للمجاهدين في ذلك الوقت سبي نساء العدو.

    ثم هل وجدتم رحمةً أعظم من أن تلتزم في مقاتلة عدوك بسلاحه هو، فلا يجوز لك أن تقتله بسلاحٍ فتاك يهلك الديار والعباد وإنما تقاتله بنفس سلاحه {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين} ﴿194﴾ سورة البقرة.
    والله أعلم!

    لكن يبقى السؤال: هل يحق للملحد أن ينتقد مسألة الرق؟
    في واقع الأمر قبل أن ينتقد الملحد مسألة الرق عليه أن يجيب عن الآتي :
    1- الدولة الوحيدة الملحدة على وجه الأرض الآن هي كوريا الشمالية، وداخل هذه الدولة يتم تقسيم الناس رسميًا إلى سادة وعبيد، في نظام يُعرف بإسم السونجبن Songbun، وحسب هذا النظام يتم تحديد كمية الغذاء ونوع البروتين وكميته وطبيعة العمل للمواطن الكوري الشمالي ولأولاده من بعده بحسب طبقته داخل السونجبن!
    وهذا النظام معمول به منذ قرابة نصف قرن من الزمان –منذ انفصال الكوريتين- ولم نسمع أن ملحداً أو علمانيًا تمرد على هذا الأمر أو انتقده!
    http://en.wikipedia.org/wiki/Songbun
    2- أليس التمرد على الرق هو تمرد صريح على الداروينية وعلى قانون كوني يحكم وجودنا وهو قانون البقاء للأصلح ؟
    3- أليس التمرد على الرق هو تمرد على الحتمية المادية ؟
    4- أليس الرق يساعد مباشرًة على الانتخاب الطبيعي – عبر انتخاب الأقوياء والأكثر سيادة – ، إذن لو كان الملحد ملحدًا وكان الإلحاد صحيحًا وكانت الداروينية قضية حتمية، لأصبحت عودة الرق هدف كل ملحد، أليس كذلك ؟
    5- ما معنى الأخلاق؟ و هل تمت البرهنة عليها علميًا حتى يتبناها الملحد ؟
    6- الملحد ينظر للإنسان على أنه لطخة بروتوبلازمية ثلاثية الأبعاد، حدود الطبيعة هي حدوده وقوانين المادة هي قوانينه، فكيف تسنّى له أن يستوعب الخطأ في الرق ثم ينتقده ؟
    7- لا يوجد للأخلاق ترميز جيني – تشفير في الجينات –، إذن ليس لها مصدر مادي فكيف يتبنى الملحد نموذجًا أخلاقيًا ينتقد من خلاله عملية الرق؟

    والآن وقبل أن نختم هذا الموضوع الثري نريد أن نعرض لبعض الصور المشرقة للرقيق في دولة الإسلام!
    حَكم المماليك –الرقيق- مصر والشام قرابة 600 عام، منذ عام 1240إلى 1811 ميلادية .
    أي أن نصف تاريخ مصر والشام في الإسلام كان تحت سيادة المماليك، بل ولولا خيانة محمد علي وجريمته الشنعاء حين قام بذبحهم في مذبحة القلعة الشهيرة، لظل المماليك سادة الدنيا.
    وفي عهد المماليك كانت جميع المقاطعات والولايات يحكمها مماليك.
    والشاهد من ذلك أن الإسلام لا يمنع الرقيق أن يكونوا سادة الدنيا، وفي الحديث الصحيح أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: "أُوصيكم بتقوى الله.. والسمع والطاعة وإن كان عبداً حبشياً."
    إذن أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسمع والطاعة للرقيق حين يحكمون بلاد المسلمين!

    ومن عجيب ما يُذكر هنا أن قطز وبيبرس حين وصلوا لحكم مصر كانوا رقيقًا وظلوا رقيقًا زمناً طويلاً، إلى أن قدم التتار إلى بلاد الشام فاجتمع قطز بالأعيان والقضاة والأمراء، وطلب منهم جمع المال لتكوين جيش مصري عملاق. فقام الإمام العز ابن عبد السلام –رحمه الله- وطالبهم أن يكاتبوا أنفسهم حتى يقتدي بهم باقي المماليك، ففدوا أنفسهم بأموالٍ عظيمة– والمكاتبة في الشريعة الإسلامية هي أن يدفع العبد مبلغًا من المال لسيده مقابل حريته، وهذا حق جوهري من حقوق الرقيق في الإسلام {والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وآتوهم من مال الله الذي آتاكم } ﴿33﴾ سورة النور–.
    وبالفعل ظهر الجيش المصري العملاق!
    لكن السؤال هنا: بالنسبة للرقيق الذين عاشوا في دولة الإسلام العادلة هل يحرصون على المكاتبة أو تعنيهم أصلاً؟
    إن قطز وبيبرس لم يكاتبوا أنفسهم ويتحولوا إلى أحرار إلا لتمويل الجيش لا أكثر!

    فقد كان المماليك سادة الدنيا وكان جيش المماليك من أعظم جيوش الدنيا.
    وقد هزم المماليك المغول في معركة عين جالوت عام 1260 م.

    أيضًا السلطان المملوكي –العبد- قنصوه الغوري الذي حكم مصر والشام والحجاز، انتصر على البرتغال التي كانت تريد تطويق أفريقيا في ذلك الوقت، وهزمهم شر هزيمة في موقعة مالابار عام 1508م.
    وقد دافع السلطان قنصوّه الغوري عن عدن وعن ديار الإسلام من هجمة المستعمر الجديد!

    وكان للمماليك جهود عظيمة في شق الترع ومشاريع عملاقة في بلاد المسلمين، ولم يكن في الدنيا جيش يضاهي جيش المماليك إلا جيش الخلافة العثمانية!
    ولولا خيانة محمد علي وجريمته النكراء في حق المماليك –مذبحة القلعة-، ربما ما تجرأ المستعمر الغربي العفن على ديار الإسلام وعلى استعمارها ولله الأمر من قبل ومن بعد.

    أضف إلى ما سبق أن: الرقيق أيضًا هم سادة الآخرة، فأجرهم ضعف أجر السيد بنص الحديث كما بيّنا قبل قليل.

    إذن المشكلة هي الصورة النمطية التي انطبعت في أذهان المعاصرين عن الرق، وليس الرق في حد ذاته.
    وإلا فإن بلال ابن رباح وعمار ابن ياسر وزيد ابن حارثة وأم أيمن وسمية بنت خياط، كلهم رقيق وكلهم عظماء الصحابة رضي الله عنهم، وما قلَّل رِقهم من قيمتهم شيئًا.
    وفي التابعين من الرقيق العلماء العدد الكبير، فمنهم المحدث العظيم نافع مولى ابن عمر وعكرمة مولى ابن عباس ومجاهد وعطاء ومكحول وابن سيرين والحسن البصري وسعيد بن جبير، أئمتنا وسادتنا رضي الله عنهم أجمعين!

    لكن هل الرق قضية تاريخية انتهى زمنها كما يزعم العلمانيون؟
    الذي يقول ذلك هو أجهل الناس بالتاريخ فاختفاء الرق رسميًا في القرن الماضي -عام 1905- كان فقط لظهور المكائن – الآلات التي حلت محل البشر –.
    وإلا فالرق كان وسيظل موجودًا ما وُجدت الحاجة إليه، ولا فرق كما فصلنّا بين العمل الوظيفي وبين الرق إلا في المحتوى الزمني لكلٍ منهما.
    وسيعود الرق حال اختفاء المكائن كما تنبأ فرانسيس فوكوياما!
    لكن طبعًا العلماني لا يعرف لا تاريخ ولا فوكوياما فضلاً عن تبصر أحوال البشر ودورات الزمان!
    متى استعبدتم الناس و قد ولدتهم امهاتهم احرار ، الرق ظلم ساد في عصور الحكم و السيطرة فيها للقوي و الغني و استغل ضعف بشر يشبهونه ليبيعهم و يشتريهم و يمارس عليهم ما شاء ، وساد في فترة من له الغلبة في الحرب يفعل ما يشاء بالعدو ، ينكح نساءه و يقتل رجاله و يستعبد الجميع ...عندما تطور العقل البشري الغى استعباد الانسان للانسان ليس لوجود الالة ففكر التنوير الذي نادى بالمساواة سبق الالة و الثورة الصناعية ، ووجود الالة بالعكس ضاعف من الحاجة للعمال في المصانع و المناجم لكن كبشر اسوياء وليسو كعبيد ، العبودية مرحلة تاريخية و انتهت و بقيت مرض عند من يريد ان يتم استعباده لا غير وهذا له علاج نفسي .

  4. افتراضي

    :: الإسلام والرّق ::

    بقلم : بسّام جرار


    عندما نزل القرآن الكريم كان الرّق من حقائق المجتمعات البشرية، ولم يشذ في ذلك مجتمع. ولم يكن الرق مجرد تسلط من الأقوياء على الضعفاء، بل كان قناعات راسخة حتى في عقول الفلاسفة والمفكرين، بل وفي عقول وقلوب الأرقاء أنفسهم. لم يكن هناك حُر يأمن الاسترقاق، فانتصار جيش في معركة يُحول الكثير من السّادة الأحرار إلى أرقّاء. حتى تتضح هذه المسألة نطرح السؤال الآتي : عندما يؤسر فارس ما من قبل قبيلة ما ويصبح مسترقاً، ما الذي يجعله يقبل الواقع الجديد، لماذا لا ينتهز فرصة للهرب إلى قومه الذين قد يبعدون فقط عشرات الكيلومترات، وعلى وجه الخصوص عندما نعلم أن الأرقاء كانوا يعملون في الزراعة ورعاية المواشي ويتجولون بحرية كاملة ؟
    ليس من السهل على الناس اليوم أن يستشعروا دوافع الرقيق في التزامه واحترامه لقوانين اللعبة، فهو يرى أنّ من الأخلاق الكريمة أن يلتزم بقوانين وأعراف المجتمعات، فلا يقبل لنفسه بعد أن أسر أن يفر إلى قومه لأن هذا يتناقض مع أخلاق الفارس، وحتى لو استطاع أن يفر إلى قومه فسوف يحتقرونه لأنه عبد آبق، وكان يجب أن يلتزم بأخلاق الأمم وأعرافها، وهذه الأعراف هي التي كانت تسهل التزام الأرقاء عن قناعة صادقة وإيمان راسخ، وهذا يجعل الأمور بالغة التعقيد في وجه كل من يريد أن يغيّر الواقع، فلا بد في البداية أن يغيّر في مفاهيم وقناعات الناس كل الناس حتى الأرقاء، ثم عليه أن يعالج التعقيدات الناتجة عن وجود الأرقاء في كل بيت أو كل مزرعة، وكل سوق، وكل تجمّع بشري. فهل يوجد عالم اجتماع يستطيع أن يزعم أن التغيير يمكن أن يكون بقرار فجائي فوقي؟!

    لا أظن أن مسألة الرّق عند المفكرين وعلماء الاجتماع تعالج بالطريقة التي يريدها من يعيشون في الخيال بعيداً عن الواقع وتعقيداته وملابساته، وقد يحتج البعض بالتجربة الأمريكية، حيث تم تحرير الرقيق على يد أبراهام لنكولن، وهنا يجدر بنا أن نقدم الملاحظات الآتية :


    1. لا ننسى أن تحرير العبيد في أمريكا جاء في عصور متأخرة بعد أن تطورت المجتمعات البشرية إلى المستوى الذي يؤهلها أن تقوم بمثل هذه الخطوة.

    2. لم يأت ذلك إلا عبر حرب أهلية هائلة أزهقت أرواح الآلاف المؤلفة من البشر.

    3. كان الشمال الأمريكي متطوراً صناعياً وهو بحاجة إلى اليد العاملة الرخيصة، في حين كان الجنوب زراعياً يحتاج للأرقاء في مزارعه، فكانت الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب لهذه الاعتبارات، ولم تكن الدوافع الإنسانية والأخلاقية هي التي دفعت لنكولن للقيام بهذه الخطوة.

    4. يقول التاريخ بأن الكثير من الأرقاء استجدوا أصحاب المزارع لإبقائهم في مواقعهم، لأنهم لا يستطيعون العيش بعيداً عن الواقع الذي عاشوه طويلاً.

    5. لا يزال الأمريكي الأسود يعاني من التفرقة العنصريّة إلى أيامنا هذه، لأن السيد لا يزال مستعبداً لأفكاره، ولأن التحرير لم يأت في سياق التطور الطبيعي للمجتمع.

    6. إذا كان لا بد أن تحدث الحرب الأهلية حتى يتم تحرير الرقيق، فلماذا لم تحصل هذه الحرب في باقي المجتمعات البشرية، والتي لا يوجد فيها الآن رقيق ؟! واضح أن الأمر جاء كثمرة لتطوير الوعي البشري، وقد لا نبالغ إذا قلنا إنه ثمرة حتميّة، بدليل حصول إجماع بشري على رفض نظام الرق.


    الماركسية من الفلسفات المعاصرة التي شغلت الناس على مدى القرن العشرين بكامله،وجاء الواقع ليثبت خطأ كثير من أسس هذه الفلسفة، كيف لا والماركسية تقول:"إن التجربة هي مقياس الحقائق " فقد جاءت التجربة لتثبت خطأ هذه النظرية، وهذا لا يعني أن كل مقولات الماركسية هي خطأ، ولكن الحكم يكون على مُجمل المبادئ الأساسية. وفي موضوع الرّق كانت الماركسية تقول إنّ نظام الرق هو ضرورة من ضرورات تطور المجتمعات البشرية، والتي لا بد لها أن تمر عبر تطورها في المراحل الآتية: المشاعية، ثم الرق، ثم الإقطاع،ثم الرأسمالية، ثم الاشتراكية، ثم الشيوعية. ويكون ذلك نتيجة حتمية لتطور الاقتصاد، والذي لا بد أن يتطور على ضوء تطور قوى الإنتاج. على ضوء هذه المقولة الماركسية تعتبر مرحلة الرق مرحلة ضرورية من أجل تطور المجتمعات البشرية إلى المراحل التي تليها، ولا يكون ذلك بخيار الناس، بل يفرضه تطور قوى الإنتاج. نعم على ضوء هذه المقولة نستطيع أن نقول :

    1. إذا كان نظام الرق حتمياً في وجوده وحتمياً في زواله، فلماذا يصدر الإسلام قراراً ثورياً لمحوه وإزالته؟!

    2. إذا كان نظام الرق ضرورة تفرضها التطورات الاقتصادية، وإذا كان ضرورياً للانتقال إلى المراحل التي تليها، فلماذا يطلب من الإسلام أن يقف أمام التطور، فيهدم نظام الرق قبل الأوان؟! يكفي


    هنا إن أمكن أن يُسرّع في تطور قوى الإنتاج والتطور الاقتصادي ليزول نظام الرق، والذي لا بد أن نستند إليه من أجل الصعود إلى المراحل الأكثر تقدماً وفق النظرة الماركسيّة.

    واضح أن هذا المنطق يُلزم الماركسي ولا يُلزم العلماني، فليس بعجيب أن يناقش العلماني موقف الإسلام من الرق، ولكن العجيب أن يفعل الماركسي ذلك. وهدفنا هنا من حديثنا حول الماركسية أن يحيط القارئ ببعض المواقف الفكرية والفلسفية من قضية الرق حتى في فلسفات ومذاهب القرن العشرين.

    واضح تماماً أن التشريع الإسلامي لم يعمد إلى الأسلوب الثوري الفوري والفوقي في معالجة مسألة الرّق، ولا نظن أنه كان بإمكان البشر أن يتفاعلوا أو يطبقّوا أي تشريع من هذا القبيل، لأنه لن يكون واقعياً، ولا يراعي طبيعة المشكلة المطروحة. أمّا الحذلقات عند بعض المعاصرين، والتي تزعم أن بالإمكان فعل ذلك فهي من قبيل الشعارات لا أكثر، بدليل أنّ تشريعات الدول العلمانية قاطبة تأتي لتلبي حاجة الغالبية ورغباتها، بغض النظر عن صوابها أو أخلاقياتها، بل إذا أصبح أمر ما مطلباً شعبياً يصبح عندها مشروعاً وفق تشريعات الدول العلمانية، أمّا التشريع الإسلامي فجاء ليغير الواقع ويرتقي بوعي الناس، ويعدّل في اعتقادهم وسلوكهم، ويدين الانحرافات،ويضع الحلول. ولا شك أن الحلول تختلف باختلاف المرض الاجتماعي ومدى استفحاله.

    اللافت للانتباه أنّ القرآن الكريم لم ينص على إباحة الاسترقاق، وفي الوقت نفسه لم ينص على تحريمه. وهذا يعني أنّه يعتبر هذه القضية من القضايا التي تحتاج إلى علاج طويل الأمد، ثم هي من المسائل التي لا بد في النهاية أن تتلاشى. عندما تحدث القرآن الكريم عن الأسرى والموقف منهم وضع احتمالين للتعامل معهم. جاء في الآية 4 من سورة محمد : ) فإما مناً بعد وإما فداءً حتى تضع الحرب أوزارها ( فإما أن يطلق سراح الأسير من غير مقابل،أو أن يطلق سراحه بمقابل. وهنا يثور سؤال : لماذا لم يطرح الخيار الثالث فيقول : " وإما استرقاقاً " ؟! وهذا يعني أن القرآن ينزّه عن ذكر الاسترقاق المنافي للكرامة الإنسانية : ) ولقد كرمنا بني آدم …(فلا شك أن الاسترقاق هو اختراع بشري كما كانت عبادة الأصنام وغيرها من اختراع البشر، وعدم ذكر القرآن للاسترقاق لا يخلق في النفس نفوراً منه، ولكن يلاحظ أن القرآن الكريم اعتبر إعتاق الرقيق من أعظم القربات إلى الله تعالى، جاء في سورة البلد ) فلا اقتحم العقبة، وما أدراك ما العقبة، فك رقبة.. ( وجعل تحرير العبيد من مصارف الزكاة الثمانية، بل وقدّم تحرير الرقيق في الكفارات على ما سواه. وقد وردت صيغة "تحرير رقبة " خمس مرات في القرآن الكريم، ووردت صيغة" فك رقبة" مرّة، ووردت صيغة " في الرقاب " مرتين. وفي الوقت الذي يعتبر فيه القرآن الكريم تحرير العبيد من أعظم القربات إلى الله تعالى، فإنّ هذا يعني أنّ الاسترقاق يناقض روح الدين وأهدافه ومراميه. وعلى الرغم من ذلك فإننا نجد أنّ الممارسة العملية في زمن الرسول r،وزمن الخلفاء الراشدين، وعلى مدى قرون من الحكم الإسلامي، لم تجتث الرق بل مارسته فماذا يعني ذلك ؟!
    أن يخلو القرآن الكريم من ذكر الاسترقاق هو نوع من تنزيه القرآن عن الحديث حول ممارسة غير إيجابية. وأن يجعل القرآن الكريم تحرير الرقيق قربة عظيمة يتقرب بها المسلم إلى الله فإن هذا حكم ضمني بأن الاسترقاق منافٍ لرضى الله. فإذا كانت الصدقة والبذل قربة إلى الله، فإن هذا يعني أن البخل والإمساك مذموم، وهذا أمر بدهي. إذن لم يبق إلا أن يُنَصّ على التحريم، وواضح أن القرآن الكريم لم يفعله، بل سكت عن الممارسة العملية المقننة في أضيق صورها سواء في عصر الرسول عليه السلام أوالخلفاء الراشدين. ومعلوم أن ممارسة الرسول عليه السلام هي حكم شرعي بالإباحة، وأدى هذا الحكم بالإباحة إلى استمرار نظام الرق لقرون بعد عصر الرسالة.


    إن الدول اليوم تحتفظ بالأسرى لديها لمدد مختلفة، حتى أن القانون العالمي ينظم هذه العلاقة الحتمية، الناتجة عن الصراع بين الدول. لا شك أن الأسر هو نوع من الاسترقاق، وحجز للحرية، وهذا أمر مهين للكرامة البشرية، ولكن واقع البشرية يجعله حتمياً. وبارتقاء الوعي البشري، هذّب الإنسان هذا النوع من الاسترقاق، فلم يعد الإنسان يباع ويشترى، ولا تسمح القوانين العالمية باستخدام الأسير في أعمال السُّخرة، وهذه أمور إيجابية يستطيع أن يفتخر بها نظام الرّق المعاصر على النظام القديم. أما النظام القديم فيستطيع أن يفتخر على النظام المعاصر بأنه جعل الأسير أكثر حرية، بل هو شريك في العمل والمبيت والمأكل والملبس، جاء في الحديث الشريف في حق الرقيق:"فليطعمه مما يطعم وليلبسه مما يلبس" ولا يستطيع النظام المعاصر أن يعطي الأسير الحرية –كما سبق- مع بقائه أسيراً، لأن القيم والأعراف المعاصرة تحث الأسير على الهرب والتحرر، على خلاف النظم القديمة التي جعلت للتحرر وسائله. إذن ستبقى قضية الرق قائمة كعارض من عوارض القصور البشري. ولكنه يأخذ صوراً تتناسب مع القيم والأعراف والمفاهيم والوسائل.


    لا شك أنه من المفيد هنا أن نبين للقارئ النقلة الهائلة التي نقلها الإسلام للسيد والعبد في سبيل تغيير الواقع، وكذلك التشريعات التي تخفف من مساوئ هذا النظام. والمتدبر لهذه التشريعات وتطبيقاتها العملية في الدولة الإسلامية يدهش من قدرة هذه التشريعات على رفع مكانة الرقيق مع بقائه رقيقاً إلى درجة أنك كنت تجد العالم الذي يدّرس في الحلقة العلمية هو من الرقيق، وسيده جالس يتتلمذ على يديه، وإلى درجة أن الأرقاء استطاعوا أن يقيموا دولة إسلامية سمّيت دولة المماليك…..عجيب!! ولا نريد هنا أن نستفيض في هذا الأمر، لأن أكثر من يكتب في هذه المسألة يفصّل في هذه الأحكام، حتى أصبحت الأمور معلومة للكثيرين، على الرغم من أن قضية الرق قد أمست قضية تاريخية لا واقع لها في صورتها القديمة.

    ولكن يبقى السؤال قائماً : لماذا لم يُنَص على التحريم؟

    أتوقع أن يكون القارئ قد أخذ الإجابة من قراءته لهذه الرسالة، ولكن الإجابة الحقيقية كما أراها تتلخص فيما يأتي:

    الإنسان في منظور الإسلام هو خليفة في الأرض، ولكنه يموت، وهذا يعني أن الخلافة مؤقتة، وهي مرحلة ومقدمة لمرحلة أرقى، والتي هي الآخرة. والرحلة الأولى بالنسبة للثانية هي (دنيا) أما (الآخرة) فهي الخلود الذي لا تكون له نهاية، وبالتالي تبقى آخرة. وقد سخر الله تعالى للإنسان السماوات والأرض، وهذا يشير إلى أهمية هذا المخلوق المكرم. معلوم أن الرسالات السماوية نزلت لهداية الإنسان وتنويره وتعديل سلوكه، ولكن هذا لا يلغي وظيفته في الأرض. من هنا جاءت الرسالات في مجال ما يسمى اليوم بالعلوم الإنسانية، كالفلسفة، وعلم التربية، وعلم الاجتماع، والأخلاق، والقانون…….لأن طبيعة هذه العلوم تجعل الإنسان يختلف فيها كثيراً، وينشأ عن اختلافه فيها النزاعات والحروب…في حين نجد أن ما يسمى بالعلوم الطبيعية ليست من اختصاص الدين، لأن هذه من شأن الإنسان، ويسهل على الإنسان أن يصل فيها إلى الحقائق، ثم لا ينتج عن الاختلاف فيها تنازع.


    هذا يعني أن الدين نزل في الأمور التي لا يسهل على الإنسان أن يصل فيها إلى الحقيقة، ولا يسهل على البشرية أن تلتقي عندها وتلتزم. أما الأمور التي يمكن أن يحسمها الإنسان مهما طال الزمن، ثم هو قادر على أن يجد لها حلاً ولو بعد حين، ثم هو يمكن أن يُجمع عليها، ويتوحد حولها، فقد تركها الدين للإنسان لتكون من مهامه.

    مثال: من يقرأ التاريخ يجد أن مرض الطاعون مثلاً قد فتك بالآلاف بل بالملايين عبر العصور المختلفة، حتى أن الإمبراطورية الرومانية قد انهارت لأكثر من سبب على رأس هذه الأسباب انتشار الطاعون القاتل. على الرغم من ذلك لم يبعث الله رسولاً ليحل هذه المشكلة، لأنها من التحديات التي تواجه الإنسان، ويطلب منه أن يجد لها حلاً، وهو قادر على ذلك. والآن نسأل: أين الطاعون؟ لماذا لم يعد يفتك بالملايين؟ نجد الجواب عند أهل العلم، ولو حصل أن انتشر الطاعون اليوم في بلد ما لوجدنا العالم يستنفر طاقاته للقضاء عليه. وعليه ما الداعي لنزول رسالة، أو بعث نبي من أجل هذا الأمر، ومن قال أن التحديات للإنسان ستتوقف طالما أنه على هذه الأرض؟

    مثال آخر: حرّم الإسلام الزنا، وهذا يعني أن هذه المسألة لا يمكن للبشر أن يجدوا لها حلاً، وهي مسألة تختلف فيها الأنظار، وينشأ عن الاختلاف فيها صراعات وإشكاليات. لو افترضنا أن الإنسان توصل في يوم من الأيام عن طريق العلم إلى الحكم البات في أضرار الزنا الجسدية والنفسية والاجتماعية، فهل هذا يكفي لمنع الناس من ممارسة الزنا؟!

    واضح أن لا أمل في ذلك عندما يترك الإنسان وحده ليحل المشكلة عبر تطور وعيه وعلمه. بل إن التطور في الوعي والعلم زاد المشكلة تعقيداً على المستوى الاجتماعي، والجسدي، والنفسي، والتربوي،……..الخ.


    والآن لنسأل: هل استطاعت البشرية أن تجد حلاً لمشكلة الرق القديم، وهل أجمعت على رفضه، وهل استطاعت أن تقضي عليه فلم يعد أحد يمارسه؟ من منا اليوم لو سأل نفسه يجد أنه يؤيد أو يرغب في عودة هذا النظام؟ وإذا وجد من يشذ ويقبل بنظام الرق هل يجرؤ أن يصرّح بذلك؟ وإذا صرح بذلك هل يُنظر إليه على أنه شخص طبيعي؟ ومن الذي يستطيع اليوم أن يسترق إنساناً ثم ينزله إلى الشارع ويبقى مسترقاً؟.

    إذن هذه مسألة يمكن للإنسان أن يوجد لها حلاً، وهي مسألة يمكن للبشر أن يجمعوا على حلها، بل يدهشك اليوم الإجماع البشري الهائل على هذه المسألة، مهما اختلفت العقائد والفلسفات والشرائع والأديان. هذا يدل على أن أساسها يكمن في الفطرة الإنسانية السليمة، ثم هي قضية وعي وتطور. إذن لا دخل للدين فيها، ولا يطلب من الدين أن يضع الحل البات لها، بل إن الدين خفف من غلوائها، وهذب من مساوئها، وسرّع في دفع الإنسان في اتجاه حلها. أما تنظيم العلاقة بين السيد والعبد فهذه مسألة من اختصاص الدين حتى لا يكون ظلم وتجاوز، وحتى يصل الإنسان إلى الوعي الكافي لحل المشكلة.

    هل يمكن أن يعود نظام الرق؟

    لا ضمانة أن لا تنحرف الفطرة البشرية مرة أخرى بابتعادها عن دين الله وهديه، ولا ضمانة لدى العلمانيين والماديين، بل إن الفكر المادي الذي لا ينهل من الوحي الرباني، والذي لا يؤمن بقيم أخروية، يؤسس لعودة الرق, لأن القيم الإنسانية هي من اختراع الإنسان في نظر الماديين، وبالتالي لا ضمانة للالتزام بها، بل تصبح موازين القوى هي المنشئة للقيم والممارسات، ويبقى الدين الإسلامي بنصوصه المقدسة يشعرك بأن هذا مناف لروحه، ومناقض للفطرة التي فطر الله الناس عليها، ويبقى هو الصوت الذي يذكرك بالاخوة الإنسانية المنتمية إلى أصل واحد كرمه الله وأسجد له الملائكة.

    يستحسن قبل أن نختم أن نتطرق لقضية الإماء، حيث يتساءل البعض عن العلاقة الجنسيّة المباحة بين السيد والأمة المستعبدة. كيف تباح هذه العلاقة ولم تقم بينهما زوجية ؟! كيف تباح مثل هذه العلاقة القسريّة المهدرة للكرامة البشريّة ؟! ونحن هنا نلخص الإجابة في الآتية :
    1. قلنا إن العبودية من صناعة الإنسان، وهي مخلة بالكرامة البشريّة، والعجيب أن نسأل عن العلاقة الجنسية بين السيد والأمة، إذ الأجدر بنا أن نسأل عن ملكية السيد للأمة، لأن هذا هو الخلل الأساس، وما سواه منبثق عنه.

    2. عقد الزوجية عقد رضائي بين طرفين متكافئين، ينتج عنه حقوق وواجبات. أمّا الملكية فهي علاقة أقوى، وطبيعة هذه العلاقة تجعل الخيارات لطرف دون الآخر.

    3. كيف يمكن أن نأذن بالملكية وبالتالي بتواجد السيد والأمة في بيت واحد، وبمخالطة دائمة، ثم نمنع علاقة هي في حقيقتها فطرية وطبيعيّة؟! فالعبوديّة هي المنافية للفطرة السليمة، أما اللقاء الجنسي فهو مطلب، وفطرة، وأساس من أسس الوفاق الإنساني.

    4. واضح أنّه ليس للأمة خيار في كونها مملوكة، ولكن من قال أنه ليس لها خيار في علاقتها بالسيد، ومن قال إنها لا تحب ذلك؟! بل إن هذه العلاقة قد توجد توافقاً بين الطرفين ومودة ورحمة. ولا ننسى أن العلاقة شرعية بمنظار الطرفين، والخلل هو في العلاقات غير الشرعية.

    5. من قال إن الزوجات يكن دائماً في حالة من الرضى في علاقتهن بأزواجهن؟ ومن قال إن الأزواج أيضاً يكونون دائماً في حالة من الرضى في علاقتهم الجنسية بزوجاتهم؟ ويبدو أن التربية والقناعات لها دور كبير في القدرة على التعامل والتفاعل أو العكس.

    6. كون الإنسان في مجتمع يجعل له حقوقاً ويلقي عليه ثقل الواجبات، وغالباً يحب الناس أخذ حقوقهم، وينفرون من أداء الواجبات. بما أنّه لا بد من أداء الواجب من أجل مصلحة الفرد والجماعة، لذا علينا أن نعد الإنسان ليس فقط لأداء الواجب، بل ليصبح محباً للقيام بالواجبات إلى درجة التضحية ونكران الذات.

    ويبعد في العقل أن تستطيع الفلسفات الماديّة أن تحل مثل هذه المشكلة، لأن الأمر يحتاج إلى بُعد ديني وأخروي، ويحتاج إلى الإيمان بفكرة الثواب والعقاب الأخروي، وليس الدنيوي فقط. من هنا فقد استطاعت التربية الإسلامية ذات البعد الغيبي أن تعد الفرد لينسجم مع حقائق الواقع الاجتماعي، فكان الحل للإشكاليات من داخل النفس قبل أن يكون من خارجها، وفي مسألة الرق استطاع الإسلام أن يغير في عقلية السيد والعبد، وكذلك خلق لدى الإنسان القدرة على التعامل مع ضغوط الواقع التي لا بد أن توجد دائماً في كل زمان ومكان. وليست المشكلة قاصرة على واقع الأمة التي وجدت نفسها مستبعدة، بل إننا نجد كما قلنا سابقاً أن الزوجة أو الزوج قد يقعان في مثل هذا الإشكال أو المشكلة، فالتربية الدينية تخلق التكيّف والتوافق، وبالتالي قد يكون واقع الإماء على خلاف ما نتوقعه بمقاييس عصرنا وأحكامه.

    7. واضح أن علاقة السيد بالأمة مجرد أمر مباح نظراً للتعقيدات والملابسات، لأن في تحريم هذه العلاقة إحراجاً وإضراراً بالأمة قبل السيد، لأن هذه العلاقة من حاجاتها الفطرية، وهي ترغب أن تكون مطلوبة، ولكن لا بد من التنبيه إلى أنّ هذا الحق للسيد فقط، لا يشاركه فيه أحد، كحق الزوج لدى زوجته، وهو يفقد هذا الحق إذا قَبِل أن تتزوج من رجل آخر. والدين يمنع أية إساءة للإنسان، ولا فرق في ذلك بين الحر والعبد.

    إذا كنت تقرأ هذا المقال وشعرت بالامتعاض عندما ذكرّناك بأمور حدثت في التاريخ، وأصبحت أثراً بعد عين، فإن هذا الشعور لديك دليل على أنّ فطرتك في هذا الجانب لم تتلوث. قد تتمنى في داخلك أن يكون الإسلام قد بتّ التحريم على الرغم من كل ما قلناه، ونحن بدورنا نقول لك: بإمكانك أن تتصور الواقع البشري لو لم ينزل الله الرسالات للناس. من هنا ندرك ضرورة الدين للبشرية، لأننا نطلب الدين بإلحاح حتى في الأمور التي هي ليست من اختصاص الدين كما أوضحنا آنفاً.

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء