صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 16 إلى 30 من 33

الموضوع: هام للغاية : الإجابة على جميع أسئلة الملحدين و اللادينين !؟!

  1. افتراضي

    السؤال السابع و العشرين : أليس من الظلم أن يحاسب الله الناس على أمور هو كتبها عليهم ؟! ألا تقولون أنّ الإنسان يولد و قد كتب رزقه و هل هو شقيّ أو سعيد ، فكيف يحاسب الله الإنسان على أمر هو مجبور عليه ؟؟ و هل يمكن أن يقوم الإنسان بأمر يخالف ما كتبه الله له ، فما الفائدة من الحساب و كلّ شيء مكتوب و مقدّر بما تسمّونه القضاء و القدر ؟؟ أليس هذا قمّة الظلم و التناقض ؟؟!! أليس كلّ النّاس مسيّرون و مجبرون على فعل ما قد كتبه الله عليهم ؟؟ ألسنا مجرّد ممثّلين نقوم بتنفيذ المسرحيّة التي كتبها المؤلف مسبقا ، و لا يمكننا التصرّف خارج ذلك السّيناريو ؟؟!!
    الجواب :
    هناك خلط واضح في مسألة القضاء و القدر ، و هذا الخلط أدّى إلى سوء فهم هذه القضيّة .
    و لفهم هذه القضيّة بشكل جيّد لابدّ من التفريق بين أمرين : الأمر الأوّل : أحداث تخصّ غير الإنسان . الأمر الثاني : أحداث تخصّ الإنسان.
    فأمّا الأحداث التي تخصّ غير الإنسان فهي معلومة و مكتوبة على نحو التقدير .. و هي بمثابة قوانين كونيّة تؤدّي إلى وقوع تلك الأحداث على ذلك النّحو .
    و أمّا الأحداث التي تخصّ الإنسان فهي نوعان : النوع الأوّل : أحداث تقع على الإنسان . النّوع الثّاني : أحداث تقع من الإنسان .
    فأمّا الأحداث التي تقع على الإنسان ، فهي أيضا معلومة و مكتوبة على نحو التقدير .. و هي مثل الأحداث التي تقع على غير الإنسان .. و الإنسان لا يُحاسب على الأحداث التي تقع عليه.
    فيبقى أمامنا النّوع الثّاني و هي الأحداث التي تقع من الإنسان . و هي الأفعال التي تصدر من الإنسان بإرادته ، و هي أحداث معلومة و مكتوبة على نحو التقرير و ليس على نحو التقدير . و هذه الأحداث يُحاسب عليها الإنسان ، فيُثاب بها أو يُعاقب عليها .
    و عليه ، فالكتابة نوعان : النوع الأول : كتابة تقدير .. و النّوع الثّاني : كتابة تقرير
    فأمّا كتابة التقدير : فهو كتابة شيء ؛ لكي يحدث . فالكتابة سابقة على الحدث ، و الحدث نتيجة للكتابة .
    أمّا كتابة التقرير : فهو كتابة شيء ؛ لأنّه سيحدث . و الكتابة سابقة على الحدث ، و لكن الكتابة نتيجة للحدث .
    و سبب الخلط هو أنّ الإنسان تعوّد أن تكون كتابة التقرير بعد حدوث الحدث ، و ليس قبله . فلمّا كانت الكتابة قبل الحدث ظنّ الكثيرون أنّها كتابة تقدير و ليست كتابة تقرير !
    فلو أنّ الله كتب بعد وقوع الحدث ، فكتابته جاءت نتيجة لوقوع الحدث ..
    و هنا نسأل : هل يمكن أن يكتب الله تقريرا عن واقعة ، قبل حدوث الواقعة ، بحيث يكون ذلك التقرير مطابقا لما سيكون ؟؟!!
    الجواب : نعم يمكن ذلك ، إذا كان الله عليما بما سيقع علما لا يخطئ ...
    و عليه ،، فعلم الله بما سيقع من أحداث ، هو الذي أدّى إلى أن تكون الكتابة التقريريّة قبل وقوع الحدث .
    و عليه ،، فللإنسان كامل الحريّة و الإرادة في فعل الأفعال التي تصدر منه . و كتابة الله مجرّد تقرير لما سيفعله الإنسان ، لا أنّ الإنسان يفعل ما كتبه الله له .
    و عليه فالخلاصة أنّ فعل الإنسان هو السّبب ، و كتابة الله هي النتيجة . و ليس كما يتوّهم البعض أنّ كتابة الله هي السّبب ، و فعل الإنسان هو النتيجة !
    فنستنتج ممّا سبق : أنّه ليس من الظّلم أن يحاسب الله النّاس على أمور كتبها عليهم ، فهو كتب ما علمه عنهم ، و لم يجبرهم أن يفعلوا ما يوافق علمه السّابق . و لسنا مجبرين على فعل ما كتب الله ، بل ما كتب الله يجب أن يكون موافقا لما سنقوم به . و بذلك لا تكون حياتنا عبارة عن مسرحيّة ننفّذ فيها السّيناريو ، بل نحن من نكتب السّيناريو بأفعالنا ، و الله يكتب تقريرا عمّا نقوم به ، و لكن و لأنّ الله بكلّ شيء عليم ، لم يحتج إلى أن يرى الأحداث فيكتبها ، بل اعتمد على علمه فكتب قبل وقوعها .

    و تستمرّ سلسلة الأسئلة و الأجوبة ،،
    التعديل الأخير تم 11-04-2015 الساعة 11:57 AM

  2. افتراضي

    السؤال الثامن و العشرين : هناك تشابهات كثيرة بين جميع الأديان ، فلا تكاد تجد عقيدة في دينٍ ما إلا وجدت مثلها أو شبيها لها في دين آخر . فلماذا هذا التشابه الكبير بين الأديان في العقائد و التشريعات و الطقوس ؟؟!! ألا يدلّ ذلك أنّ الأديان هي أفكار بشريّة تراكميّة تناقلها النّاس فيما بينهم ، و أضافت كلّ مجموعة بشريّة أفكارا تعكس ثقافتهم و بيئتهم و تقاليدهم ؟!! ألا تعرفون أنّ قصة المسيح موجودة في أكثر من دين منسوبة إلى أكثر من شخصيّة مقدّسة ؟ و كذلك قصة المعراج موجودة في أكثر من دين لأكثر من شخصيّة مقدّسة ؟ ألم تقرؤوا ملحمة جلجامش ؟؟ ألا تلاحظون أنّ الأفكار الدينية مستوحاة من هذه الملحمة ؟! ماذا تريديون أكثر من ذلك كدليل أنّ الأديان هي أفكار اخترعها البشر و قلّدوا بعضهم البعض فيها ؟؟!!
    الجواب :
    أولا : وجود تشابه بين الأديان يدلّ أنّ مصدر الأديان واحد ، و لكنّه لا يعني أنّ ذلك المصدر بشري . بل على العكس تماما ، يمكن القول بأنّ الله قد أنزل دينا واحدا على مجتمعات بشريّة مختلفة ، و هذا الدين يحتوي على عقيدة واحدة و على قصص مشتركة و تشريعات متشابهة . فقام البشر بتحريف ذلك الدين و إسقاط البصمة الاجتماعية و البيئية على ذلك الدين ، و حرّفوا الدين عن صورته الحقيقية . و بهذا نجد أديان كثيرة جدا مختلفة ، و لكن نجد لها عقائد و قصص و تشريعات متشابهة ، لأنّها من أصل واحد .
    ثانيا : لكي تزعم بأنّ الأديان أخذت أفكارها من ملحمة جلجامش يجب أن تثبت أنّ كلّ الأديان ظهرت بعد هذه الملحمة . في حين أنّ الإسلام يقول بأنّ وجود الدين قديم جدا قبل إبراهيم عليه السلام . و بالتالي نحن من سنقول بأنّ ملحمة جلجامش سرقت أفكارها من قصص دينية موجودة قبلها ، لا أنّ الأديان سرقت أفكارها منها .
    ثالثا : وجود قصة واحدة في أكثر من دين لأكثر من شخصية يحتاج إلى تفصيل . فإذا كانت القصة قابلة للتكرار ، فلا مانع من حدوث نفس القصّة لأكثر من شخصيّة . فقصة وجود طفل يتكلّم في المهد ، و إن كان الإسلام ينسبها للمسيح ، لكن لا يوجد ما يمنع تكرّر القصّة لشخصيّة أخرى ، إذا شاء الله تكرار ذلك . فتكرّر القصة لأكثر من شخصيّة في أكثر من دين ، لا يعني أن الإسلام أخذ القصة من دين آخر باطل ! بل قد يكون الدين الآخر هو من اقتبس القصّة ، و إن كان ذلك الدين سابق على الإسلام ، فهذا لا يشكّل دليلا على بطلان القصّة في الإسلام أو غيره.
    رابعا : الإسلام أعطى تصوّر متكامل في مسألة وجود الأديان . حيث قال تعالى :" و لقد أرسلنا رسلا من قبلك منهم من قصصنا عليك و منهم من لم نقصص عليك " . سورة غافر: 40 . و قال أيضا : " و إن من أمّة إلاّ خلا فيها نذير " فاطر : 24 . و بالتالي فهناك رسل كثيرون أرسلهم الله سبحانه و تعالى لا نعلم عنهم شيئا ، و في كلّ أمّة سنجد فيها رسولا من الله . و عليه ، فهذا يدلّ أنّ الله أرسل رسلا كثيرون إلى الهند ، و رسلا إلى الصين و رسلا إلى أفريقيا و غيرها من البقاع . و قد يكون كريشنا و بوذا و غيرها من الشخصيات المقدّسة في الأديان الهنديّة تعود إلى رسل ، تمّ تحريف مواصفاتهم حتى جعلوهم آلهة . و بالتالي فلا يوجد محلّ استنكار إذا وجدنا تشابه بين الإسلام و البوذية أو الهندوسية أو الزرادشتية أو غيرها من الأديان . و ذلك أنّ كلّ هذه الأديان قد ترجع أصولها إلى رسل حقيقين من الله تحت بند الرسل الذين " لم نقصص عليك " ، حتى و إن وصف أصحاب تلك الأديان شخصيّاتهم المقدّسة بصفات لا تلييق .
    و عليه ، فالإسلام طرح حلّا جذريّا للتشابه بين الأديان ، فلا يمكن الإشكال على الإسلام بهذا الإشكال بأيّ حال من الأحوال .

    و تستمرّ سلسلة الأسئلة و الأجوبة ،،

  3. افتراضي

    السؤال التاسع و العشرين : لماذا خلقنا الله و هو يعلم بأنّ الغالبيّة سيدخلون النّار ؟؟!!
    الجواب :
    أولا : من قال لك يا ملحد أنّ الغالبيّة سيدخلون النّار ؟؟ فإن كانت هذه المعلومة من رأسك فلا قيمة لها ؛ لأنّك تهرف بما لا تعرف !
    و إن قلت بأنّ الله هو من قال ذلك ؟ فيجب أن تثبت لنا أنّه قال ذلك !
    و عليه ، فسؤالك مبني على مقدّمة باطلة ، فأنت تفترض أمرا ثم تستنكره . فأثبت العرش أولا ثم انقش !
    ثانيا : إذا افترضنا أنّ الغالبيّة سيدخلون النّار كما يقول السؤال ، فمعنى ذلك أنّ هناك بعض النّاس سيدخلون الجنّة .
    و هنا نسأل : إذا كان من الظلم خلق النّاس باعتبار أنّ أكثرهم سيدخلون النّار ، أليس من الظلم حرمان البعض الآخر الذين سيدخلون الجنّة ؟!
    فالخالق إذا امتنع من الخلق فهو أيضا قد منع المؤمنين من دخول الجنّة .. فهل منعهم ليس من الظلم يا ملحد ؟!
    فإن قلت بأنّه ظلم ، فأنت هنا وقعت في التناقض .. لأنّك تعتبر أنّ خلق النّاس ظلم و عدم خلق النّاس أيضا ظلم !!
    فخلق الناس ظلم لأن بعضهم سيدخل النّار ! و عدم خلق النّاس ظلم لأنّ بعضهم كان سيدخل الجنّة !!
    ثالثا : قد تقول بأنّه كان يجب على الله أن يجعل جميع النّاس يؤمنون لكي يدخلوا جميعا الجنّة !
    و هنا أيضا ستقع في عدم منطقيّة الطلب ، فأنت تستبدل ما تراه " ظلما " بأمر آخر و هو " الجبر " . فتريد من الله أن يحرمنا من حريّة الإرادة و حريّة الاختبار و يعوضّنا عليها بالجنّة !
    و هنا نسألك : من قال لك بأنّ النّاس تريد أن تُحرم من حريّة الاختيار ، حتى تطلب من الإله أن يحرمهم منها ؟؟!!
    و من ثمّ ما الفائدة من وجود النّار إذا لم يكن هناك من سيدخلها !
    فإن قلت بأنّه لا داعي لخلق النّار ، سأقول لك : و أيضا لا داعي لخلق الجنّة .. بل يكفي أن يخلقنا الله و نحيا و نموت ، ثم لا يكون بعد الموت لا جنّة و لا نار .. فهل تُطالب بذلك يا ملحد ؟!
    رابعا : إذا تأمّلت القرآن الكريم ستجد قوله تعالى : " إنّ الله لا يغفر أن يشرك به و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء " ، و هذه الآية تفتح باب الرحمة لكلّ من لم يشرك بالله . و بالتالي فكلّ إنسان لم يقع في الشّرك فهو مأهّل لأن يرحمه الله و يُدخله الجنّة بغضّ النظر عن عقائده و أفكاره . و بالمثل ، ستجد في القرآن قوله تعالى : " و ما كنّا معذّبين حتى نبعث رسولا " ، و هذه الآية تصرّح بأنّ باب العذاب لن يفتح إلا للذين وصلهم رسول أو وصلتهم رسالة . و بالتالي فكلّ الذين لم تصلهم رسالة الله فهم غير معرّضين لعذاب الله.
    و عليه ،، سيصبح النّاس الذين سيدخلون النّار هم الذين تحقّق فيهم شرطين:
    ]الشرط الأول : وصلتهم رسالة الله .
    الشرط الثاني : أشركوا بالله .
    فمن كان مشركا و لم تصله رسالة الله ، لم يكن مستحقا للنّار لأنّ الله قد قال : " و ما كنّا معذّبين حتّى نبعث رسولا " . و من وصلته رسالة الله و أنكرها و كفر بها و عصى الله ، فهو قد يغفر الله له إذا لم يقع في الشرك ؛ لأنّ الله قد قال :" إنّ الله لا يغفر أن يشرك به و يغفر ما دون ذلك " .
    فلكي تصحّ فرضيّة أنّ معظم النّاس سيدخلون النّار ، يجب أن يتحقّق الشرطان في معظم النّاس .. و هذا يحتاج إلى إثبات !
    خامسا : يقول الله تعالى في وصف الجنّة : " سابقوا إلى مغفرة من ربّكم و جنّة عرضها كعرض السّماء و الأرض أعدّت للمتقين " ، فالجنّة عظيمة جدا فعرضها كعرض السّماء و الأرض . فإن كان أهل الجنّة قليل جدا ، فما كان هناك داعي لأن تكون الجنّة كبيرة جدا ! فكبر الجنّة يمكن أن يدلّ على كثرة أهلها ! بينما لم يصف الله النّار بأنّ عرضها كعرض السّماء و الأرض !
    فهذه الآية تؤكّد أنّ أهل الجنّة ليسوا بقليلين ، و إلّا لما خلق الله جنّة عرضها كعرض السّماء و الأرض . إضافة إلى كون الله وصف نفسه قائلا : " و رحمتي وسعت كلّ شيء " و قال أيضا :" نبّئ عبادي أنّي أنا الغفور الرحيم . و أنّ عذابي هو العذاب الأليم " .. فوصف نفسه بأنّه الغفور الرحيم و لكن ذا عذاب .. ممّا يدلّ أنّ الأصل هو الرحمة و المغفرة ، و الاستثناء هو العذاب .
    فليس من المنطق أن نجعل الاستثناء هو المتحقّق ، فنجعل معظم النّاس ينالون العذاب بينما كون الله ذا عذاب هو استثناء .. و الأصل هو أنّه رحيم غفور ..
    و عليه ،، فمعظم النّاس سيخضع لصفة الرحمة و المغفرة التي هي صفات ذات الله .. و لكن هناك بعض النّاس سينال عذاب الله إذا تحقّقت فيه شروط العذاب .


    و تستمرّ سلسلة الأسئلة و الأجوبة ،،
    التعديل الأخير تم 11-10-2015 الساعة 01:04 PM

  4. افتراضي

    السؤال الثلاثين : لماذا يأمر الله النّاس أن يتأملّوا الكون ، فينظروا إلى الإبل كيف خلقت ، و إلى السماء كيف رفعت ، و إلى الجبال كيف نصبت ، و إلى الأرض كيف سطحت ؟؟!! و يأمرهم أن يندهشوا و ينبهروا من عظمة الكون و ما فيه من عجائب و غرائب ؟؟ فما العجيب في الكون ؟؟؟ إذا كان الله هو الذي على كلّ شيء قدير ، و هو البديع العليم ، فليس هناك ما يدهش في الكون !
    بل على العكس تماما ، كلّ هذا الكون و مافيه لا يثير أيّ دهشة لأنّ الذي خلقها هو الذي على كلّ شيء قدير ! هل تتعجبّون إذا رأيتم رجلا قويا جدا يرفع حجرا وزنه 10 كيلوجرام ؟؟ بالتأكيد أنكم لن تتعجبوا ، بل ستتعجبون إذا رأيتم طفلا في عمر العاشرة يرفع حجرا وزنه 10 كيلوجرام ؛ لأنّ قدرات الطفل محدودة و ما فعله عظيم مقارنة بقدراته ، أما رافع الأثقال فهو طبيعي أن يرفع هذا الوزن الخفيف بالنسبة له .. و بالمثل ، إذا كان الله على كلّ شيء قدير ، فما فعله من خلق الكون ليس بأمر يدعو للدهشة و الاستغراب ، فلماذا يأمرنا في القرآن في الكثير من الآيات بتدبّر الكون و تأمّله و الإندهاش منه ؟؟؟ هل غابت هذه المسألة عنه ؟؟!!

    الجواب :
    إنّ من أهمّ سمات التفكير المنطقي هو التسلسل و الترتيب ، بالفصل بين المقدّمات و النتائج . فلابدّ للإنسان المفكّر أن يحدّد المقدّمة ثم يصل إلى النتيجة منها.
    و أكبر خطأ وقع فيه الملحد في هذا السؤال هو الخلط بين المقدّمة و النتيجة ، و هذا ليس بغريب على معظم أطروحات الملحدين !
    فالملحد انطلق من مقدّمة أنّ الله على كلّ شيء قدير ، في حين أنّه من المفترض أن تكون هذه هي النتيجة التي نصل إليها.
    فالله سبحانه و تعالى حينما يخاطب البشر ، يخاطبهم من مقدّمة أنّ النّاس لا تعرف عظمة الله و لا تسلّم بقدرته المطلقة . و قد أوضح الله ذلك قائلا : " و ماقدروا الله حقّ قدره ".
    و عليه ، و بما أنّ النّاس لا تقدّر الله حقّ قدره ، و لا تعرف عظمته و قدرته ، فالنتيجة المترتّبة على هذه المقدّمة هي : دعوتهم إلى تأمّل الكون .
    فأمر الله النّاس بتأمّل الكون و النّظر إلى مافيه من الأمور المدهشات المبهرات البديعات . فيظروا إلى الإبل كيف خلقت و إلى النجوم و الكواكب و البحر و الكائنات الحيّة .
    فإذا تأمّلوا هذا الكون ، فإنّهم سيندهشون و ينبهرون لأنّهم لا يعرفون كيف صار الكون بهذه العظمة و بهذا الإبداع . و سييقولون : ما أروع هذا الكون ! ما أجمله ! ما أتقنه ! ما أحسنه !
    و هذا الاندهاش سيقودهم إلى محاولة معرفة كيفيّة تصميم الكون بهذا النسق البديع ، فيصلون في نهاية المطاف إلى نتيجة مفادها : أنّ هذا الكون البديع خلقه خالق بديع قدير .
    فأصبح الكون و مافيه من أمور مدهشات ، آيات تدلّ على عظمة خالقها و بارئها . فإذا توصّلوا إلى حقيقة أنّ الله على كلّ شيء قدير ، حينها سينتقل الإندهاش من الإندهاش من الكون إلى الإندهاش من خالق الكون .
    و حينها ستجد المؤمن يقول دائما : سبحان الله ! ما أعظمه ! ما أقدره ! ما أروعه ! ما أبدعه ! .. فالمؤمن لا ينبهر من عظمة الكون ، بل تجده دائما بنبهر من عظمة خالق الكون .
    فكلامك أيّها الملحد صحيح ، بأنّه إذا أدركنا عظمة الله و قدرته ، سيصبح كلّ هذا الكون و مافيه من مجرّات أمرا طبيعيا لا يثير الدهشة ؛ و ذلك لأنّنا ندرك أنّ الله على كلّ شيء قدير ، فطبيعي جدا أن يخلق كونا عظيما ، فهذا في غاية السهولة بالنسبة لقدرته و عظمته .
    و لذلك تجد المؤمن يقبل بكلّ سهولة أن يلقى إنسان في النّار فلا يحترق ، و أن يضرب البحر بالعصا فينفلق. في حين أنّ غير المؤمن يصرخ قائلا بأنّ هذه الأمور خرافيّة و لا يمكن أن تحدث !
    فنردّ عليه قائلين : إذا كان الله على كلّ شيء قدير ، فطبيعي جدا أن يتحكّم في النيران ، و يحوّل العصا لثعبان ، و أن يخلق طفلا بلا تزاوج زوجان .
    فالقضيّة تعتمد على المقدّمة التي ينطلق الإنسان منها ، نحن مؤمنون لذا مقدّمتنا أنّ الله عظيم ، و بالتالي فما يصدر منه ليس بمدهش ، بل المهدش هو الله نفسه ، لذلك نقول دائما : سبحان الله !
    أما أنت فليس لك مقدّمة واضحة .. فلا أنت مندهش من الكون وعظمته ، فتقول : ما أعظم الكون ! و بالتالي يقودك إندهاشك إلى محاولة معرفة سبب وصول الكون لحالته المدهشة هذه !
    و لا أنت مؤمن بالله ، فتندهش من عظمته و قدرته !
    فليس لك ترتيب فكري واضح ، لأنّ أفكارك مبعثرة غير مبنيّة على التفكير المنطقي المتسلسل ، الذي يبدأ بمقدّمات صحيحة للوصول إلى نتائج صحيحة !
    نسأل الله لك الهداية ...

    و تستمرّ سلسلة الأسئلة و الأجوبة ،،
    التعديل الأخير تم 11-12-2015 الساعة 09:11 AM

  5. افتراضي

    السؤال الواحد و الثلاثين : لماذا أنتم مختلفون أيّها المسلمون حول نشأة العالم ؟! ألا تقولون أنّ الإسلام قد أجاب على سؤال بداية الكون ، فلماذا أنتم مختلفون حول هذا الموضوع ؟! فبعضكم يقول بأنّ أوّل ما خلق الله هو القلم ! و البعض الآخر يقول بل أوّل مخلوق هو العرش ! و البعض الثالث يقول بل أوّل مخلوق هو الماء ! و بعضكم يقول بأنّ العالم قديم ! و بعضكم يقول بقدم نوع العالم ! و بعضكم يقول بوحدة الوجود ! و كلّ هذه الأقوال منسوبة إلى الإسلام ! فهل معنى ذلك أنّ دينكم لم يجب على قضيّة كيفيّة بداية وجود العالم ؟! و إن كان لم يجب ، فلماذا تلومون الملحدين حينما يستبعدون إجاباتكم هذه التي لا تقوم على دليل ؟؟!! و لماذا تحاولون أن تقولوا بأنّ الإسلام يتوافق مع نظريّات نشأة الكون ، و دينكم يتحدث عن نشأة الماء قبل الكون ؟؟!! في حين أن الماء مركّب من هيدروجين و أكسجين ، فكيف يكون الماء موجود قبل وجود غاز الهيدروجين و الاكسجين اللذين باتحداهما تكوّن الماء ؟!!! و عن أيّ قلم تتكلّمون ، وكيف ينوجد قلم قبل وجود الزمان و المكان ؟!

    الجواب :
    أولا : جميع المسلمين يتّفقون أنّ لهذا الكون خالق ، و من لا يقرّ بوجود خالق فهو قد خرج من الإسلام . و نقطة الخلاف الجوهريّة بيننا و بين الملحدين هو في مسألة : هل لهذا الكون خالق أم لا ؟ و ليس خلافنا مع الإلحاد في مسألة : ماهو أوّل مخلوق خلقه الله ؟ أو مسألة : كيف خلق الله العالم ؟ فهذه الأسئلة تأتي بعد الاعتراف بوجود خالق. و عليه ، فالسؤال الجوهري هو : هل الكون مخلوق ؟ و جاء جواب الإسلام واضحا بـ " نعم " ، الكون مخلوق ، و الله خالقه . قال تعالى :" الله خالق كلّ شيء و هو على كلّ شيء وكيل " الزمر:62
    ثانيا : هناك آية في القرآن تقول : " قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق " العنكبوت : 20 ، و هذه الآية تدلّ أنّ مسألة كيفيّة بداية الخلق هي مسألة قابلة للبحث و النظر و التأمّل. و مسائل البحث و النظر و التأمل قابلة للاختلاف ، و عليه فاختلاف المسلمين في هذه المسألة ليس طعنا في الإسلام بقدر ما هو تحقيق للأمر الإلهي بالنظر في المسألة و محاولة التوصّل إلى إجابة لها.
    ثالثا : المسلمين الذين قالوا بأنّ أوّل ما خلق الله هو القلم ، اعتمدوا على روايات قالت ذلك ، و لم يأتي هذا الكلام من فراغ ! و بالمثل ، من قال بأن أوّل مخلوق هو العرش أو الماء ، جاء كلامهم استنادا لروايات أخرى قالت ذلك . فإن كان في طرحهم مشكلة فسبب ذلك هو في عدم التيقّن من صحّة الروايات القائلة بذلك أو سوء فهمها . و لن تجد آية قرآنية تحدّثت عن أوّل مخلوق ، سوى قوله تعالى : " و هو الذي خلق السماوات و الأرض في ستّة أيّام و كان عرشه على الماء " هود:7 .. و الآية تحتمل أكثر من احتمال : الاحتمال الأوّل : أنّ العرش كان على الماء قبل أن يخلق السماوات و الأرض ، وبالتالي فهناك أسبقيّة خلق للعرش و الماء قبل السماوات و الأرض . الاحتمال الثاني : أنّ كون العرش على الماء هي صفة تصف العرش و الماء حال وجودهما . كقوله تعالى : " و كان ربّك قديرا " فهنا لا تعني الآية أنّ الله كان قديرا و لم يعد كذلك - تعالى عن ذلك علوّا كبيرا - . بل " كان " هنا للوصف ، بمعنى أنّه مادام الله موجود فهو قدير . و كذا قوله تعالى : " و كان الإنسان أكثر شيء جدلا " فهذه صفة الإنسان في الماضي و الحاضر و المستقبل . و بالتالي لا يُشترط في قوله " و كان عرشه على الماء " أن تعني التسلسل الزمني بل قد تعني وصف علاقة العرش بالماء حال وجودهما.
    رابعا : يجب التفريق بين عالم الغيب و عالم الشهادة ، و الخلط بينهما من أكبر الأخطاء التي يقع فيها غير المسلمين و بعض المسلمين. و عالم الشهادة بالنسبة لنا هو عبارة عن السماء الدنيا و ما فيها من نجوم و كواكب و أقمار و كائنات . و ما عدا هذا العالم فهو يدخل ضمن عالم الغيب. فمن ضمن عالم الغيب السماء الثانية أو الثالثة و مافيهما من كائنات ، كما أنّ من ضمن عالم الغيب الجنّة و النّار و مافيهما من كائنات. و التعامل مع الألفاظ القرآنيّة يجب أن يقوم على هذا الأساس بتحديد سياق الكلام ، هل هو ضمن عالم الغيب أم ضمن عالم الشهادة . فمثلا يقول تعالى : " مثل الجنّة التي وعد المتّقون فيها أنهار من ماء غير آسن " محمد:47 .. فلا يصحّ القول بأنّ ماء الجنّة هو نفسه ماء الدنيا المكوّن من غازي الهيدروجين و الاكسجن ! و ذلك لأنّ ماء الجنّة من ضمن عالم الغيب ، و قياس عالم الغيب بعالم الشهادة من أكبر المغالطات المنطقيّة . فضلا على كون الله قد أوضح قائلا : " فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرّة أعين " السجدة:17 . و بالتالي فنحن لا نعلم حقيقة ما ينتظرنا في الجنّة سوى أنّ الله ذكر لنا أسماء نحبّها ، فنشتاق لتلك الأشياء حبّا في الاسم الذي اختاره الله لها . و ليس لأنّ ماء الجنّة هو نفسه ماء الدنيا ، و إلا لأصبحنا نعلم ما أخفي لنا من قرّة أعين ! و الرسول صلى الله عليه و سلّم قد صرّح قائلا : " فيها ما لا عين رأت " و أعيننا رأت ماء الدنيا ! و عليه ، فماء الجنّة ليس هو ماء الدنيا ؛ لأنّه ماء من عالم الغيب ، بينما الثاني ماء من عالم الشهادة . و بالمثل : قوله تعالى : " و كان عرشه على الماء " وصف لشيئين من عالم الغيب ، فلا العرش هو كعروش عالم الغيب ، و لا الماء هو كماء عالم الغيب . فلا يوجد إلزام بأنّ الماء هو الماء و بالتالي فلا يمكن أن يوجد الماء قبل السماوات باعتبار أن الهيدروجين و الاكسجين جاءتا بعد نشوء الكون لا قبلهما ! فالإشكال ساقط ؛ لأنّه مبني على أساس باطل . و رغم أنّ بعض علماء المسلمين يقولون بأنّ الماء في الآية هو الماء الذي نعرفه ، فهذا لا يعني أنّ الله يقصد من كلمة " الماء " الماء الذي نعرفه ، و إلا لزم أن يكون ماء الجنّة أيضا هو الماء الذي نعرفه ، و هذا لا يقوله هؤلاء العلماء .. مما يؤكد أنهم أخطئوا في رأيهم هذا . فلا يجوز أن تتهم الإسلام بقول لم يقله ، و تساوي بين أقوال العلماء و أقوال القرآن و صحيح الأحاديث !
    خامسا : بالنسبة للقلم ، فلم يرد ذكره في القرآن الكريم لا تصريحا و لا تلميحا ! و بالتالي فهو موجود فقط في الروايات . و بغضّ النّظر عن صحّة هذه الأحاديث أو عدم صحّتها ، فالاستشكال المطروح في السؤال ساقط ؛ لسبب بسيط و هو : أنّ الزمكان الذي يتحدّث عنه علماء الفيزياء و الفلك ، هو الزمان و المكان الخاصة بهذا الكون الذي نعيش فيه. و هذا الكون الذي نعيش فيه يتكوّن من السماء الدنيا و ما تحويه من أجرام سماويّة . فإذا كان الانفجار العظيم يفسّر نشأة الكون ، فهو يفسّر فقط نشأة السماء الدنيا و أجرامها . و لا علاقة لنظرية الانفجار العظيم بنشأة السماء الثانية و الثالثة و الرابعة و الخامسة و السادسة و السابعة ! كما أنّه لا علاقة بين النظرية و بين نشأة الملائكة و الجن و كلّ كائن ينتمي إلى عالم الغيب ! فكيف تريد أن تشكل على نشأة " القلم " و هو ينتمي إلى خارج السماء الدنيا ! و عليه ، فطبيعي جدا أن يكون القلم موجودا قبل وجود السماء الدنيا ، لأنه ليس من عالم السماء الدنيا أصلا ! و المكان و الزمان الفيزيائين هما زمان و مكان السماء الدنياو أجرامها فقط . فالإشكال ساقط !
    سادسا : بالنسبة لاختلاف المسلمين حول كيفيّة الخلق ، فهذا الاختلاف جائز مادام لا يتعارض مع نصوص قرآنيّة صريحة. و يجوز تبنّي أحد التصورات الآتية :
    التصوّر الأوّل : كان الله و لم يكن معه شيء ، و لم يخلق الله شيء . ثم شاء أن يخلق فخلق . فخلق أول مخلوق و منه خلق المخلوق الثاني فالثالث فالرابع و هكذا . أو أنّه خلق مجموعة مخلوقات متوازية ، ثم بدأ يخلق من المخلوق الأول مخلوقات أخرى من جنسه ، و من الثاني مثل ذلك و هكذا . و بالتالي فخلق الله كلّ شيء لا من شيء ، أي كان كلّ شيء عدما ثم أصبح لها وجود.
    التصوّر الثّاني : كان الله من الأزل خالقا ، فلا توجد لحظة يوجد فيها الله إلا وجدناه قد خلق شيئا ما . و بالتالي فنوع العالم قديم ، ليس لأنّ العالم موجود بذاته ، بل لأنّ الله لا يزال يخلق من الأزل إلى الأبد . فيكون الكون الذي نعيش فيه هو أحد العوالم التي خلقها الله ، و قبله عوالم لا نهائية و بعده عوالم لا نهائيّة ؛ لأنّ الله ربّ العالمين . و بالتالي فكلّ شيء في الكون كان بعد أن لم يكن ، و لكن لا توجد لحظة إلا و في الخارج عالم مخلوق لله.
    التصوّر الثّالث : كان الله و كان معه المادّة ، و لم تكن المادّة متغيّرة . فخلق الله من المادّة الكون الذي نعيش فيه ، و وضع فيها القوانين التي تجعلها في تغيّر مستمرّ حتى صار الكون بصورته الحاليّة. فالمادّة لم تكن لها صورة في الخارج بل كان جوهرا لا صورة له ، و الله هو من أعطاها صورة في الخارج و جعلها شيئا مذكورا . فالله خالق كلّ شيء في الكون ، لأنّه الذي صوّر كلّ شيء ، لا أنّه أحدث جوهرها ، فالجوهر أزلي مع الله .
    هذه التصوّرات كلّها لا تخرج من الإسلام ، لكن أصحّ هذه التصوّرات حسب اعتقاد معظم المسلمين هو التصوّر الأول . و يجب عدم تفسيق أو تكفير أصحاب التصوّرين الآخرين ، إذ لا مانع شرعي - حسب وجهة نظري - من صحّتهما.

    الخلاصة : نحن المسلمون قد حسمنا القضيّة الجوهريّة فتوصّلنا إلى وجود خالق ، و انتقلنا بالبحث إلى مراحل متقدّمة في فهم العالم الذي نعيش فيه . فانتقلنا من المرحلة الابتدائيّة و ذهبنا إلى المرحلة الاعداديّة بل و الثانويّة و أحيانا الجامعيّة ! لكن الملحد لازال حائرا في المرحلة الابتدائيّة ، تائها في معرفة وجود خالق من عدمه ، فضلا على أن يعرف أوّل مخلوق ، فضلا على أن يعرف كيفيّة الخلق . فهذه المباحث أعمق بكثير و أعقد من المبحث الذي عجز عن التوصّل إلى إجابته رغم بساطته و ضوحه. مما يدلّ أنّ هذا العجز نابع عن عدم الرغبة في الجواب المنطقي الواضح !

    و تستمرّ سلسلة الأسئلة و الأجوبة ،،
    التعديل الأخير تم 11-17-2015 الساعة 10:51 AM

  6. افتراضي

    السؤال الثاني و الثلاثين : هل جنّة الإسلام للرجال فقط ؟؟!! فنحن نجد في القرآن آيات كثيرة جدا تصف الحور العين اللاتي ينتظرن المؤمنين ، و لا نجد شيئا ينتظر النّساء !! فلماذا هذا التهميش للمؤمنات ، و جعلها مجرّد زوجة أمام سبعين من الحوريّات يتنقّل بينهنّ المؤمنون ؟؟ ثمّ لماذا جنّتكم متناقضة ؟؟ ففيها خمر و مع ذلك لا يسكر ! فإن كان لا يسكر فلماذا يسمّيه خمرا أصلا ؟! ثمّ هل نفهم أنّ في الجنّة مخدرات و حشيش و لكن لا تسكر و لا تخدّر ؟؟!!
    الجواب :
    أولا : عندما نتعامل مع أيّة قضيّة يجب أن ننطلق من التأصيل ثم نذهب إلى التمثيل ...
    و مبحث الجنّة في الإسلام يقوم على التأصيل الآتي :

    قال تعالى : " و لكم فيها ما تشتهي أنفسكم و لكم فيها ما تدّعون " فصّلت :31
    قال تعالى : " و فيها ما تشتهيه الأنفس و تلذّ الأعين و أنتم فيها خالدون " الزخرف : 71
    فهذه الآيات و غيرها تأصّل قاعدة هامّة في الجنّة و هي أنّ الأصل في الجنّة هو أنّ الإنسان ينال فيها ما يطلبه و تشتهيه نفسه و تلذّ به عينه . و بالتالي فكلّ ما يتمنّاه المؤمنون في الجنّة سيلقونه ، و كلّ ما تتمنّاه المؤمنات في الجنّة ستلقينه . و كلّ النعيم المذكور في القرآن هو من باب التمثيل لهذا التأصيل ، بمعنى أنّ القرآن يقول للمؤمنين : يا مؤمنين ، يا من تحبّون كذا و كذا ، ستجدون في الجنّة ما تحبّون . و عليه ، فالعبرة في التأصيل لا في التمثيل ، فليس لأحد أن يقول : هل في الجنّة بطيخ ! فالجواب ببساطة : إن كان المؤمنون في الجنّة يشتهونه فسيجدونه !
    ثانيا : انطلاقا من الأصل المذكور سابقا نأتي إلى التساؤل القائل : ماذا للمؤمنات في الجنّة ؟ فيكون الجواب : للمؤمنات كلّ ما يطلبنه و يتمنّينه و يشتهينه . فإن اشتهت النساء الذهب و المجوهرات فلهنّ ذلك ، و جميع المؤكولات و المشروبات و الملبوسات و الممتلكات التي تخطر على بالهنّ ستجدنهن . تبقى مسألة : " الحور العين " ، فهذه المسألة معتمدة على المؤمنات في الجنّة ، هل ستشتهي المؤمنات في الجنّة رجال كثيرين يشبعن المؤمنة رغبتها ؟! إن كانت المؤمنات تردن ذلك فستجدن ذلك ، حتى و إن لم يتحدّث القرآن عن ذلك ؛ و ذلك لأنّ القرآن أصّل المسألة ، فليس ملزما أن يمثّل بجميع الأمثلة التي تعبّر عن هذا التأصيل .
    و عليه ، فيا من تستنكر على الإسلام ، يجب أن تثبت أنّ المؤمنات في الجنّة ستكون لهنّ رغبة في رجال كثيرين ، فقد لا يكون هذا الأمر من ضمن رغبات المؤمنات في الجنّة . فإن لم يكن من رغباتهنّ فليس لمُطالبتك أيّ منطق ، حيث تطالب أن يكون للنساء رجال كثيرون ، في حين أنّهن لا يردن ذلك !! فالعبرة هنا في وجود الرغبة في نساء الجنّة من عدمه .
    فإن قيل : النساء في الدنيا يتمنّين أن يكون لهنّ أكثر من رجل أو لا يقبلن بأن يكون للرجل أكثر من امرأة !
    فأقول : لا يوجد دليل أنّ نساء الجنّة تكون رغباتهنّ كنساء الدنيا ! فإن كانت المرأة في الدنيا لا تحبّ أن يكون لزوجها أكثر من زوجة ، فلا يلزم أن يكون هكذا حال المؤمنة في الجنّة ، فقد لا تكترث لهذا ! كما أنّها قد لا تحبّ أن يكون لها رجال كثيرون .. و عليه ، فالمسألة معتمدة على رغبة نساء الجنّة فقطط ، ولا وجه لقياس تلك الرغبة برغباتهنّ في الدنيا.

    فقوله تعالى : " و لكم فيها تشتهي أنفسكم " تعني : ما تشتهي أنفسكم في الجنّة ، وليس ما تشتهي أنفسكم في الدنيا !
    ثالثا : بالنسبة للخمر ، فالخمر مجرّد اسم ، لا يمكن منع الآخرين من إطلاقه على مسمّيات أخرى . فلو كانت هناك كائنات في كوكب آخر ، و كان لهم مشروب يسمّونه " خمرا " و كان ذلك المشروب لا يُسكر ، فلا يصح الاستشكال بالقول أنه يجوز تسمية مشروبهم خمرا لأنّه لا يسكر ! إذ لا حكر في التسمية . و الإسلام قد أوضح أنّ ما في الجنّة لا عين رأت و لا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر ، و بالتالي فهذه الأسماء للتشويق في المقام الأول . أي أنّ الله اختار أن يسمّي المؤكولات و المشروبات التي في الجنّة بأسماء محبوبة عندنا ، و تدفعنا للشوق . و لا يعني أن المسمّى هو نفس المسمّى عندنا ، بل قد يكون هناك وجه شبه بينهما في وجه من الأوجه فقط ليس إلا . لدرجة أنّ يكون وجه الشبه بين " عسل الجنّة " و " عسل الدنيا " أنّ كلاهما يُشرب و كلاهما حلو .. دون أيّة لوازم أن يكون عسل الجنة من النّحل أو لونه أسود أو بنّي أو ماشاكل من إلزامات غير لازمة .. العبرة تكمن في اختيار اسم محبوب عندنا .
    و بغض النّظر عن كلّ ذلك أقول : كون خمر الدنيا مسكر مبني على أمرين :الأول : الخمر في ذاته مسكر . الثاني : الإنسان له قابليّة السكر . و العامل الثاني أهم من الأول ، بدليل أنّ هناك أشخاص قد يشربون لترا من الخمر دون أن يسكروا ، بينما هناك أشخاص آخرين ، قد يشربون كوبا من الخمر فيسكروا .. فالمشكلة هنا ليس في فاعليّة الفاعل و إنّما في قابليّة القابل.
    و عليه ، فهب أنّ خمر الجنّة في أصله مُسكر ، لكنّه لن يسكر إلا إذا كان جسد المؤمنين له قابليّة السكر . فإن نزع الله من جسد المؤمن قابليّة السكر ، لم يعد خمر الجنّة مسكرا ، لا لأنّه ليس مسكرا في أصله ، بل هو مسكر . لكن الشارب لم يعد متأثرا به و بالتالي فلن يصل لحالة سكر .. و عليه ، فالإشكال المطروح ساقط من جميع الأوجه !

    رابعا : بالنسبة للحشيش و المخدرات و غير ذلك ، فكلّ ذلك يعود إلى الأصل الذي ذكرته في البداية و هو أنّه : إذا كان المؤمنون في الجنّة سيشتهون الحشيش و المخدرات ، فسيكون لهم في الجنّة حشيش و مخدّرات . لكن يأتي السؤال : مالدليل أنّهم سيشتهون ذلك ؟! فإن قيل : لأنّهم في الدنيا يشتهون ؟ فأقول : هذا قياس باطل ، فالطفل يشتهي شيئا و عندما يكبر تتغير تلك الرغبة. فافتراض أن رغبات رجل في عمر الأربعين هي نفس رغبات طفل في الرابعة ، هو نوع من السخف و السذاجة في الطرح . بل المنطق يقول بأنّه كلمّا كبر الإنسان و ارتقى ، كلّما ارتقت رغباته و أمنياته معه . و بالتالي فإذا كان الإنسان في الدنيا يرغب في حشيش و مخدّرات تنسيه همومه ، فلا يلزم أن يرغب بذلك و هو في جنّة النعيم التي لا يشقى فيها . فما قيمة أن يرغب في أشياء تنسّيه همومه و هو لا همّ له فيها أصلا !! و عليه ، فهذه المشاغبات التي يطرحها البعض هنا و هناك ، يمكن وصفها بالمشاغبات الطفوليّة مع احترامي لطارحيها !

    و تستمرّ سلسلة الأسئلة و الأجوبة ،،
    التعديل الأخير تم 11-22-2015 الساعة 01:09 PM

  7. افتراضي

    السؤال الثالث و الثلاثين : ما معنى الحروف المقطّعة في القرآن الكريم ؟! هل يُعقل أن يتكلّم خالق هذا الكون العظيم و يقول للنّاس : " الم " و " حم " و " كهيعص " و " ق " و " ن " و " الر " و " طسم " ؟؟؟!! هل فهم المؤمنون به كلامه ؟! و إن كان كلامه غير مفهوم فما الفائدة منه ؟! و كيف تريدون من اللادينيين أن يؤمنوا بكلام غير مفهوم ، و بطلاسم حتّى أنتم لا تستطيعون فكّها و إدراكها ؟! ثمّ ألا تتناقض هذه الطلاسم مع قوله " تلك آيات الكتاب و قرآن مبين " ؟! كيف يكون القرآن مبين و هو مليئ بالكلام الغير مفهوم و الغير واضح ؟! ألا تدلّ الحروف المقطّعة على أنّ القرآن الكريم ليس كلام إلهي و إنّما كلام بشري يتمّ استخدام الطلاسم فيه ؟؟
    الجواب :
    أولا : هل تستطيعون أيّها اللادينيّون أن تقدّموا تفسيرا منطقيا لوجود الحروف المقطّعة في القرآن الكريم ؟! فأنتم إلى الآن عجزتم عن تقديم تفسير منطقي لوجود هذه الحروف في هذا الكتاب . فتارة تقولون أنّ الرسول كان يستخدم هذه الحروف من باب لفت أنظار المستمعين ! و تارة تقولون أنّ هذه الحروف هي طلاسم للسّحر و الجنّ ! و تارة تقولون أنّ هذه الحروف صدرت في حالة عدم إدراك و وعي ! و كلّ هذه التفسيرات غير مقنعة على الإطلاق. و عليه ، فمن حقّنا نحن المسلمون أن نتعجّب مثلكم فنقول : لماذا قام الرسول محمّد بجمع النّاس ليقول لهم كلاما غير مفهوم ؟؟ مالذي يستفيده من قول " حم " و " طسم " ؟! أليس فعله هذا ضدّه ؟ لأنّ الكفّار سيقولون أنّ محمد مجنون باعتباره يقول كلاما لا هو يفهمه و لا المستمعين يفهمونه ؟؟ فكيف قام هذا الرجل العبقريّ في نظركم بهذا الفعل الغامض الغير مفهوم الذي لا يتناسب مع ذكائه و عبقريّته ؟! فإن عجزتم يا ملحدين عن تقديم التفسير المنطقي لهذا الأمر ، فليس لكم أيّ حقّ في استنكار و رفض التفسير الإسلامي الذي يقول بأنّ الله هو من أمر رسوله بأن يقول هذه الحروف ، و الرسول فعل ما أمره إلهه . فقطعا هذا التفسير أقرب إلى المنطق من أيّ تفسير يقول بأنّ محمد هو من قرّر قول هذه الحروف بنفسه !
    ثانيا : هناك تناقض في السؤال ، فمن التناقض أن تقول : ما هو تفسير حرف النون ؟ فالكلمة في اللغة العربيّة أحد ثلاثة أنواع : إمّا اسم و إمّا فعل و إمّا حرف . و تفسير الحرف هو أنّه كلمة لا تعطي معنى لوحده . فكيف تريدون أن يكون لحرف النون معنى ؟! فهذا دليل أنّ السؤال متناقض ، فكان حليّا بكم أن تقولوا ما معنى هذه الأسماء ؟ " حم " و " كهيعص " و " الر " ؟؟ و حينها سنقول لكم : مالدليل أنّ هذه الكلمات أسماء ؟ فإن قلتم بأنّ هذه الكلمات هي أفعال ، سهل علينا إبطال كلامكم . فلن يكون لكم مهرب إلّا أن تقولوا بأنّ هذه الكلمات هي حروف .. وحينها نقول لكم : كيف تسألون عن معنى لحروف ؟ ألا تعرفون أنّ تعريف الحرف في اللغة هو ما ليس باسم و لا بفعل ، و بالتالي لا يعطي معنى في ذاته ؟ فلماذا تناقضون أنفسكم ؟!
    ثالثا : السؤال الصحيح هو : ما الحكمة من وجود الحروف المقطّعة في القرآن الكريم ؟ و ليس السؤال الصحيح هو : ما معنى الحروف المقطّعة ؟ و إذا أردنا الإجابة على هذا السؤال فإنّنا سنجد العديد من الحكم . و من أهمّ هذه الحكم الآتي :
    1- تدلّ الحروف المقطّعة أنّ القرآن الكريم وصلنا بالسماع . فلا يستطيع قارئ أن يقرأ " كهيعص " كما يقرأه المسلمون إلاّ إذا سمع من المسلمين طريقة قراءته . فالقارئ سيظنّ في الوهلة الأولى أنّ هذه كلمة ، و أنّ هذه الكلمة اسم . و سيقرؤها على هذا الأساس ، و لن يجزم بأنّ كلّ حرف يتمّ قراءته لوحده كما لو أنّها مكتوبة هكذا " ك ، ه ، ي ، ع ، ص " ! فكون المسلمين يقرأون هذه الكلمة باعتبارها حروف برغم أنّها لم تكتب حروف منفصلة ، دلّ دلالة قاطعة بأنّ القرآن وصلنا سماعيا قبل أن يصلنا كتابيا . و بهذا أوصل الله لنا دليلا قطعيا على أنّ الكتاب المنسوب إليه وصلنا بالسماع و بالتالي يؤكد لنا أنّ الرسول أوصل القرآن إلى النّاس بالإلقاء و الكلام لا بالكتابة و الرسم .فالكتابة هو حفظ للمقروء لا أنّ المقروء هو تعبير عن المكتوب. و هذا الدليل في غاية الأهميّة لإثبات أنّ القرآن الكريم كلام الله.
    2- تدلّ الحروف المقطّعة في زمن الصدور أنّ الرسول مجرّد مبلّغ . فكلّ إنسان عاصر الرسول ورآه يقول هذه الحقرآن إلى النّاس بالإلقاء و الكلام لا بالكتابة و الرسم . روف ، سيوقن بأنّ محمدا ينقل كلاما تمّ تكليفه بقوله . حيث أنّه لا يوجد تفسير منطقي يجعل الرسول يقول كلاما لا يفهمه المتلقّي و لا يعيه المتكلّم . فتؤكّد الحروف المقطّعة أنّ الرسول قيل له قل للنّاس " كذا " فقال لهم " كذا " كما قيل له ، بغضّ النظر عن معنى " كذا " . في حين أنّ الإنسان الذي يدّعي أنّه رسول ، سيبتعد عن قول أيّ كلام قد يؤدّي إلى اتهامه بعدم الوعي ، و سيبحث عن الكلام المفهوم الذي يجعل النّاس تتّبعه . لكن الرسول الحقيقي يبلّغ ما أنزل عليه بغضّ النظر عمّا أنزل عليه.
    و بهذا نجد أنّ الله سبحانه و تعالى قد أوصل رسالتين من خلال وجود الحروف المقطّعة في القرآن الكريم : الرسالة الأولى : في زمان صدور القرآن ، بأنّ الرسول مبلّغ . الرسالة الثانية : في زمان من لم يعاصر الرسول ، بأنّ القرآن وصل سماعيا. و هتين الرسالتين من أهمّ الرسائل التي يجب أن يحتويها القرآن الكريم لكي تؤدّي إلى الإيمان بأنّه من الله.
    رابعا : العاقل عندما يتعامل مع كتابٍ ما ، فهو يتعامل معه بجملته لا بأجزائه. فإذا وجدنا في غالب القرآن الآيات الواضحات المفهومات التي ثبتت صحّتها و ثبت أنّها من الله ، فيجب الحكم على الآيات القليلات الغير مفهومات بما حكمنا عليه على الآيات الواضحات. فليس من العقلانيّة أن نقول بأنّ 80% من آيات القرآن الكريم صدرت من الله و لا يمكن أن تكون من لدن محمّد . و لكن 20% من آيات القرآن الكريم لا يمكن أن تكون من الله و بالتالي فهي من محمّد. فهذا الحكم غير منطقي ؛ لأنّ ثبوت كون محمّد رسول و ناقل لعدد كبير من آيات القرآن ، يكفي كدليل أنّه ناقل لباقي الآيات ، حتّى و إن استشكل علينا فهم ذلك البعض ، لكن لا ينفي كونها من الله.
    خامسا : ليس هناك تناقض بين وجود الحروف المقطّعة و بين قوله تعالى :" قرآن مبين " . فالقرآن يفسّر بعضه بعضا ، حيث أوضح القرآن معنى كلمة " مبين " في قوله تعالى : " إنّ هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم " .. فكلمة " مبين " تعني : موضّح طريق الهداية . فكلّ طريق للهداية تجد القرآن قد بيّنه. و عليه ، فوجود حروف مقطّعة غير مفهومة لا يتناقض مع كون القرآن يحتوي على سبيل الهدى واضحا بيّنا . إذ لم يقل أحد أنّ الحروف المقطّعة تحمل في طيّاتها عقائد و تشريعات يضلّ من لم يعتقدها أو يعمل بها ، بل العقائد و التشريعات تجدها في آيات بيّنات واضحات. وبالتالي وجود آيات أخرى لحكمة يريدها الخالق ، لا يعني أنّ هذا يتناقض مع وجود آيات واضحات لهداية النّاس . و قد أوضحنا أنّ لتلك الحروف دور في هداية النّاس من النّاحية العقليّة باعتبارها تدلّ على أنّ القرآن وصلنا سماعي و أنّ الرسول مجرّد مبلّغ.

    و تستمرّ سلسلة الأسئلة و الأجوبة ،،
    التعديل الأخير تم 11-28-2015 الساعة 09:30 AM

  8. افتراضي

    السؤال الرابع و الثلاثين : هل القرآن الكريم للعرب فقط ؟! فإن كان القرآن الكريم لكلّ النّاس فكيف يجعل الله المعجزة الدالّة على رسالة رسوله خاصّة بقوم دون الآخرين ؟؟!! فكلّ الإعجاز الذي يقول القرآن بأنّه يتّصف به هو خاص بالعرب فقط ، فما هي الحجّة التي أقامها الله على العجم ؟! و هل قيام المسلمين بترجمة القرآن لغير العرب سيحافظ على الإعجاز اللغوي للقرآن أم سيلغيه ؟! ثمّ أليس من غير المنطقي أن يتحدّى الله الإنس و الجنّ أن يأتوا بمثل القرآن ، و معظم الإنس و الجنّ لا يتكلّمون أصلا اللغة العربيّة ؟؟!! ألم يكن حليّا أن يتحدّى الله كلّ مجموعة من الإنس أن يأتوا بقرآن بلغتهم ؟؟ ثمّ ما الدليل أنّ الجنّ لم يأتوا بمثل هذا القرآن ؟؟ فقد يكونوا قد أتوا به و نحن لا ندري و بالتالي يسقط تحدّي القرآن !!!! أليس هذه التناقضات دليلا كافيا على أنّ القرآن كلام بشر ؟؟!!
    الجواب :
    أولا : القرآن الكريم كتاب الله الموجّه إلى النّاس جميعا ، و المعجزة الدّالة على رسالة رسوله إليهم. و القرآن مكوّن من أمرين : الأوّل : الجوهر ، و الثّاني : المظهر. فأمّا المظهر فهو اللّسان العربيّ المبين ، و الذي حمل عنوان " الإعجاز اللغوي و البياني " .و أمّا الجوهر فيتمثّل في الرسالة الإلهيّة نفسها ، و التي تحمل أوجه إعجاز مختلفة كالإعجاز المعرفي ( العلمي ) ، و الإعجاز المنطقي ( الخلوّ من التناقض ) ، و الإعجاز التشريعي و غيرها من أوجه الإعجاز التي نجدها في الجوهر دون المظهر . و بالتالي فالقرآن الكريم هو كتاب الله المعجز في جوهره و مظهره و ليس فقط في مظهره ! و بالتالي حتّى لو أتى عربيّ بكلام مسجّى مقفّى بليغ فصيح بديع ، و احتوى هذا الكلام على مغالطات منطقيّة و أخطاء علميّة و كلام فارغ و خاطئ ، فهذا لن يجعل كتابه مُجاريا للقرآن ؛ لأنّ كتابه مجرّد مجاراة في المظهر دون أن يكون الجوهر خاليا من العيوب التي تنفي الإعجاز. و عليه ، فإعجاز القرآن الكريم موجّه لكلّ النّاس عامّة في الجوهر ، و للعرب خاصّة في المظهر .
    ثانيا : لم يحدّد القرآن الكريم نوع التّحدّي ! فيما لو كان يتحدّى الإنس و الجنّ أن يأتوا بمثل هذا القرآن في مظهره - أي نظم الكلم و نظم الحروف - ، أو أن يأتوا بمثل هذا القرآن في جوهره - تشريع صالح لكلّ زمان و مكان ، و معلومات لا تخالف الواقع ، و عقائد ليس فيها أي تناقض - ، أو أن يأتوا بمثل هذا القرآن في مظهره و جوهره معا . و حيثّ أنّ التحدّي مفتوح فقد يحتمل الثلاثة معا ، و بالتالي فغير العرب يشملهم النّوع الثاني من التّحدي : و هو الاتيان بمثل هذا القرآن في جوهره . و بالتالي تسقط كلّ الإشكالات التي يفترضها السؤال المطروح !
    ثالثا : قيام المسلمين العرب بترجمة القرآن الكريم إلى اللغات الأخرى ، يؤثّر سلبا في المظهر و لكن لا يؤثّر كثيرا في الجوهر . فالعقائد الصحيحة المنطقيّة ستظلّ كما هي ، و الحجج المنطقيّة الدالّة على صحّة رسالة الإسلام و صدق حاملها ستبقى كما هي ، و المعلومات الصحيحة التي توافق الواقع ستبقى كما هي - إلّا إذا أخطأ المفسّر في فهم المعلومة - ، و هذا الجوهر كفيل بإقامة الحجّة على أيّ إنسان يبلغه القرآن . إذ الأصل على أيّ إنسان أن يعقد مقارنة بين المعتقد الذي يحمله و بين المعتقد الجديد الذي يحمله القرآن الكريم ، و هذه المقارنة إن كانت موضوعيّة منصفة ستكون لصالح القرآن . و بالتالي يكون الإنسان ملزم بترك عقيدته السابقة و اعتناق العقيدة الجديدة الأفضل من عقيدته . و هذه المقارنة واحدة بغضّ النّظر عن اللغة التي تمّ ترجمة رسالة الإسلام إليها.
    رابعا : بالنسبة لتحدّي القرآن الكريم للإنس و الجن على أن يأتوا بمثله ، فقد تأكّدنا من أنّ الإنس لم يأتوا بمثله . و افتراض أنّ الجنّ قد أتوا بمثله هو احتكام للمجهول و هذه مغالطة منطقيّة. فمن يزعم أنّ الجنّ جاءت بمثل القرآن يجب أن يقدّم الدليل على ذلك و إلا كانت دعوى فارغة لا قيمة لها . و أمّا بالنسبة إلى كون الجنّ لا تعرف اللغة العربيّة و لا تفهمها ، فهذه دعوى لا دليل عليها . بل على العكس ، ما نفهمه نحن المسلمون من سورة الجنّ في قوله تعالى : " إنّا سمعنا قرآنا عجبا . يهدي إلى الرشد فآمنّا به " ، نفهم منها أنّ الجنّ يفهمون اللغة العربيّة ؛ إذ القرآن كان باللغة العربيّة و سمعوه من الرسول كما هو و فهموه و تعجّبوا منه . و بالتالي مطالبة الجنّ بأن يأتوا بمثل هذا القرآن مطالبة منطقيّة إذ هم يعرفون اللغة العربيّة. و عليه ، فعليهم أن يأتوا بمثل القرآن في مظهره أو جوهره أو كلاهما معا.
    خامسا : بالنسبة لتحدّي الإنس ، فالعرب مجموعة كبيرة من الإنس و عجزت عن التّحدّي ، و افتراض قدرة غير العرب على التحدّي هي مجرّد مغالطة رجل القش ! و إلّا ، فليأت غير العرب بمثل هذا القرآن في جوهره و بأيّة لغة يريدون ! ليأتي من يتحدّث اللغة الانجليزية بكتاب بديع و بليغ بمعايير اللغة الانجليزيّة و في نفس الوقت خالي من التناقض و في نفس الوقت يحتوي على عقائد و قيم منطقيّة و قيّمة و في نفس الوقت لا توجد فيه معلومات تخالف الواقع . و حينها يحقّ لمن يأتي بمثل هكذا كتاب أن يخرج علينا زاعما أنّه أسقط تحدّي القرآن ! أمّا الجلوس و الاحتجاج بأنّ التحدّي ساقط فقط لكون القرآن عربي ، فهذا كلام العاجزين عن مجاراة التّحدّي.

    و تستمرّ سلسلة الأسئلة و الأجوبة ،،


    التعديل الأخير تم 12-29-2015 الساعة 01:41 PM

  9. افتراضي

    السؤال الخامس و الثلاثين : هل تتناسب العقوبة الإلهيّة مع الجريمة البشريّة ؟! هل من العدل أن يعاقب الله الإنسان على خطأ ارتكبه لمدّة يوم واحد فقط بالخلود الأبدي في نار جهنّم ؟! فالإنسان لو قرّر أن يكفر بالله و يشرك في عبادته ، و قام بالشرك لمدّة يوم واحد ثم مات في اليوم الثاني ، تكون عقوبته العذاب في النّار لمدّة لا نهائيّة ، فهل هذا من العدل في شيء ؟؟!! أليس العدل هو أن تتناسب العقوبة مع الجريمة ، فالجريمة التي استمرّت سبعين سنة ، تستحقّ عقابا لمدّة سبعين سنة ، و ليس عقابا أبديّا لا نهائيّا ! ثمّ هل رفض الإنسان لعقيدة معيّنة و إنكاره لها تعتبر جريمة ؟؟!! و ما الفائدة من تعذيب الله للنّاس في النّار ؟؟ ما الفائدة من إلقاء إنسان في النار إلى أن يحترق جلده ، ثمّ يتمّ تبديل جلده بجلد آخر حتى يحترق مرّة أخرى لمدة مليارات السنين ، ثمّ ماذا ؟؟!! ماذا يستفيد الإله من كلّ ذلك ؟!!
    الجواب :
    أولا : الحكم على عقوبة بأنّها تتناسب مع الجريمة أو لا تتناسب ، هو حكم نسبي ! فلو قلنا بأنّ السارق يستحقّ السجن لمدّة ثلاث سنوات ، قد يعتبره البعض عقوبة شديدة و قد يعتبره البعض الآخر عقوبة خفيفة ، فلا ضابط لهذا الاختلاف سوى القانون ! و بالتالي فالعدل يكمن في إعلام الإنسان بالعقوبة التي تستحقّها الجرائم ، و تطبيق العقوبة المذكورة دون إفراط . و هذا متحقّق في الدين الإسلامي حيث أخبر الله النّاس بالأفعال التي يعتبرها جريمة و أوضح لهم العقوبات التي تنتظر مرتكب تلك الأفعال. و بالتالي ليس لنا القول بأنّ تحقيق العقوبة ظلم ! بل الظلم كان سيكون لو أنّ الله يعاقب النّاس على أمور لم يخبرهم بأنّها جرائم تستحقّ العقوبة ، و هذا الفعل قد نفاه عن نفسه في قوله :" و ما كنّا معذّبين حتّى نبعث رسولا " أي ما كنّا لنعاقب أحدا على فعل لم يكن يعلم بأنّه فعل يستحقّ أن يعاقب عليها . و هذا هو الشرط الحقيقي للعدل و قد تحقّق.
    ثانيا : الحكم على فعل بأنّه جريمة أو ليس بجريمة ، هو حكم نسبي أيضا ! فلو قلنا بأنّ الرشوة فعل إجرامي يستحقّ فاعله العقوبة ، قد يقول البعض الآخر بأنّه ليس جريمة مادام الإنسان أخرج المال من جيبه برضاه و قبله المسؤول برضاه و لم يتضرّر من الفعل أحد !! فلا ضابط لهذا الاختلاف سوى القانون ! و بالتالي فالعدل يكمن في إعلام الإنسان بالأفعال التي يعتبرها الله جريمة و بالأفعال التي يتجاوز عنها . و هذا متحقّق في الدين الإسلامي ، حيث قال تعالى : " قل تعالوا أتلو ما حرّم ربّكم عليكم " ، و قال أيضا : " الذين يجتنبون كبائر الإثم و الفواحش إلا اللمم إنّ ربّك واسع المغفرة " . فليس لك أن تقول بأنّ الشرك ليس جريمة ! فقد لا تكون جريمة بالنسبة لك ، لكنّها جريمة بالنسبة لله ، و بالتالي فلا تحاكم الله بآرائك الذاتيّة . فليس لك أن تقول بأنّه يعاقب على فعل لا يستحقّ العقوبة ، في حين أنّ الفعل في نظره يستحقّ العقوبة لأنّ الشرك ظلم عظيم ، كما قال تعالى :" إنّ الشرك لظلم عظيم " ، فالشرك أمر عظيم بالنسبة له ، و بالتالي فعقابه عدل بالنسبة له.
    ثالثا : معيار تحديد شدّة العقوبة ليس معتمدا على المدّة الزمنيّة لارتكاب الجريمة ! فالإنسان القاتل يقتل في لحظة من الزمن ، و قد تكون لحظة غضب أو لحظة سكر أو لحظة طيش ! و مع ذلك يتمّ الحكم عليه بالإعدام و حرمانه من الحياة . في المقابل ، يقوم شخص آخر بالنصب و الاحتيال على النّاس و إعطائهم الشيكات التي لا رصيد لها لمدّة عشر سنين ، و يتمّ معاقبته بالسجن و المحافظة على حقّه في الحياة ! فالأوّل أخطأ في لحظة من الزمن و فقد بسبب ذلك حياته ، و الثاني أخطأ لمدّة عشر سنوات و مع ذلك لم يفقد حياته بسبب ذلك . و عليه ، فليس المعيار هو مدّة الخطأ و إنّما شدّة الخطأ و مدى فحشه ... و حيث أنّ الشرك ظلم عظيم في ذاته ، ليس مهمّا أن يكون ارتكابه تمّ في يوم واحد فقط أو في سبعين سنة ! فالمعيار هو الفعل ذاته و ليس مدّة فعله.
    رابعا : العقوبة ليست وسيلة لتحقيق هدف ما ، و بالتالي فليس من المنطق السؤال عن الهدف منها ! فالسؤال عن الغاية يكون للوسائل . فلك أن تسأل أحدهم : لماذا تصلّي ؟ فيجيبك : لكي أدخل الجنّة . فليس لك أن تسأله قائلا : و لماذا تريد أن تدخل الجنّة ؟ فلو كانت الجنّة غاية بحد ذاتها ، فلا غاية للغاية ، أمّا إن كانت الجنّة و سيلة فحينها يصحّ السؤال عن الغاية منها .. و حيث أنّ النّار هي نتيجة لأفعال الإنسان في الدنيا ، فلا غاية من العقوبة ؛ لأنّ العقوبة نتيجة و ليست وسيلة. كقولنا : 1+2 = 3 ، فالثلاثة نتيجة حتميّة للعمليّة التي حدثت في الطرف الأيمن من المعادلة ، و بالمثل ، النّار نتيجة حتميّة للجرائم التي ارتكبها الإنسان في الدنيا ، فإن أردت تغيير النتيجة ، قم بتغيير معطيات الطرف الأيمن.
    خامسا : بالنسبة لخلود النّاس في النّار ، فالمسألة خلافيّة بين المسلمين : بين قائل بخلود مرتكب الكبيرة في النّار و بأنّ من يدخلها لا يخرج منها ، و قائل بأنّ عصاة المسلمين و كلّ موحّد سيخرج منها بعد التطهّر من ذنوبه ، و قائل بأنّ النّار نفسها ستفنى ، و الخلود فيها مرتبط بوجودها. و راجح هذه الأقوال هو أنّه ليس كلّ من يدخل النّار سيخلد فيها ، بل كثيرون سيخرجون منها لا سيّما الموحدين. و من ثمّ هناك قاعدة مهمّة في هذه المسألة و هي أنّ هناك فرق بين الوعد و الوعيد ، فوعد الله متحقّق بالضرورة ، فالله لا يخلف وعده. أمّا وعيده فهو مرتبط برحمته و مشيئته ، و من هذا المدخل يكون هناك احتمال بعدم خلود النّار ، و ليس لأنّ العدل يقتضي ذلك ! فالعدل يقتضي بأن يُعاقب المجرم بالعقوبة التي يستحقّها ، فإن كان المشرك يستحقّ الخلود في النّار ، فتحقّق ذلك عدل ، و عدم تحقّق ذلك رحمة . لا أنّ العدل هو عدم تحقّق ذلك !
    و عليه ، فليس للملحد أو اللاديني أن يستشكل على تحقيق الله لوعيده ، فمادام الإنسان قرّر أن يكفر بهذا الدين ، فيجب على الكافر أن يتحمّل تبعات هذا الكفر . لا أن يأتي إلينا صارخا باكيا يريد الكفر و لا يريد أن يعاقبه الله على كفره و شركه !

    و تستمرّ سلسلة الأسئلة و الأجوبة ،،
    التعديل الأخير تم 01-05-2016 الساعة 09:33 PM

  10. افتراضي

    ارجو ربط الاحزمة ! اثبت العلم الدجالي الحديث ان لا اثير اي لا فراغ ! هذا يعني لمن كان له لب ان الكون ليس له حجم (حجمه صفر)لانه ليس في فراغ. فالكون اذا غير مادي ولا وجود له الا في علم الله وذاكرته عز وجل وعلى وتقدس ولا يؤوده حفظهما ولا ترى في خلق الرحمن من تفاوت فهو تعالى نور السموات والارض.فنحن اقرب ما نكون من القيامة حين يسلط الله على الارض الصور وهو ما يسمى فلكيا الثقب الاسود وهو يشبه البوق يقتل باشعاعه كل الاحياء ثم يلتهم الشمس وكواكبها الا الارض لقوله تعالى (والارض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه) في الصور

  11. #26
    تاريخ التسجيل
    Jul 2012
    الدولة
    دولة الشريعة (اللهم إني مسلم اللهم فأشهد)
    المشاركات
    1,514
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قاسم مفلحي مشاهدة المشاركة
    ارجو ربط الاحزمة ! اثبت العلم الدجالي الحديث ان لا اثير اي لا فراغ ! هذا يعني لمن كان له لب ان الكون ليس له حجم (حجمه صفر)لانه ليس في فراغ. فالكون اذا غير مادي ولا وجود له الا في علم الله وذاكرته عز وجل وعلى وتقدس ولا يؤوده حفظهما ولا ترى في خلق الرحمن من تفاوت فهو تعالى نور السموات والارض.فنحن اقرب ما نكون من القيامة حين يسلط الله على الارض الصور وهو ما يسمى فلكيا الثقب الاسود وهو يشبه البوق يقتل باشعاعه كل الاحياء ثم يلتهم الشمس وكواكبها الا الارض لقوله تعالى (والارض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه) في الصور
    ما المقصود من هذا الكلام

  12. افتراضي

    السؤال السادس و الثلاثين : أليس رهان باسكال ضد المتديّنين ؟! فالمتديّن يعتقد بأنّه اختار أفضل الخيارات ، حيث يعتقد المؤمن بأنّه " لو كان الله موجودا و آمنت به فإنّ المصير هو الجنّة ، و إن لم يكن موجودا و آمنت به فليس هناك نار ، بينما لو كان الله موجودا و كفرت به فإن المصير هو النّار ، و إن لم يكن موجودا و كفرت به فليس هناك جنّة ، و بالتالي فالرهان الصحيح هو الإيمان بالله بغضّ النظر كان الله موجودا أو لا "... و هذا الرهان الذي طرحه باسكال مردود عليه ، فلو كان الإله الحقيقي هو إله المسيحيّة فإن المسلم سيكون مصيره بحيرة الكبريت يتعذّب فيها ! و لو كان الإله الحقيقي هو إله الإسلام ، فالمسيحي سيدخل جهنّم يتعذّب فيها ! و لو كان الإله الحقيقي هو إله البوذيّة ، فالمسلم و المسيحي يتعذّبون في عذاب إله البوذيّة . و حيث أنّ عدد الأديان في العالم أكثر من 4000 دين ، فإنّ احتمال أن يكون الإسلام هو الدين الصحيح يساوي 1/4000 بمعنى أنّ نسبة أن يكون الإسلام صحيحا هي 0.025 % ، بمعنى أن نسبة دخول المسلم للجنّة هي 1% ، بينما نسبة تعرّضه للعذاب و العقاب هي 99% ، ففي حال كان أي دين آخر غير الإسلام هو الدين الصحيح ، سيكون المسلم خاسرا. بينما الملحد لا يؤمن بأيّ إله ، و بالتالي بغض النظر عن الإله الصحيح فإنّ نسبة دخول الملحد للجنة هي 50% ؛ لأن الملحد لم يعبد إلها باطلا ، فلو كان الإله الحقيقي هو إله المسيحية فقد يسامح الملحد ، و لو كان الإله الحقيقي هو إله الإسلام فقد يسامح الملحد ، لأنّ الملحد لم يختر إلها آخر باطل. بينما المسلم اختار إلها واحدا ضمن أكثر من أربعة آلاف إله ، ففي حال كان الإله الحقيقي هو أحد الآلهة التي ينكرها ، فإنّ الإله الحقيقي لن يسامح المسلم لأنّه فضّل إلها غير حقيقي على الإله الحقيقي ، بينما الملحد لم يقم بهذا التفضيل ، و ساوى بين جميع الآلهة . و بالتالي أليس الإلحاد هو الاختيار الأحوط و الرهان الأفضل ؟؟؟!!
    الجواب :
    الإلحاد هو أسوء خيار موجود على الإطلاق. فلو افترضنا أنّه لا يوجد إله ، و أنّ الطبيعة تسيّر نفسها بنفسها ، فلا فائدة يستفيد منها الإنسان من الإلحاد , فالطبيعة لن تكافئ الملحد بإعادة الحياة له من جديد ، و لن تكافئ الملحد بتطويل عمره ليعش مئات السنين ! و لن تكافئ الملحد بالمحافظة عليه من الأمراض و الكوارث و المصائب و الهموم ! و بالتالي فالطبيعية تساوي بين الملحد و المؤمن ، و لا تميّز الطبيعة بين من يقدّس الطبيعة و يعتقد بأنّها غير مخلوقة ، و بين من يستحقر الطبيعة و يعتبرها مخلوقة ذليلة مأمورة ! فالملحد و المؤمن في نظر الطبيعة سواء ، فلم يستفد الملحد من إلحاده لا في الدنيا و لا بعد الموت ...
    بينما لو كان هناك إله خلق هذه الطبيعة و سيقوم بإحياء البشر مرّة أخرى ليحاسبهم على أعمالهم في الدنيا ، فبغضّ النّظر عن اسم هذا الإله و اسم الدين الصحيح الذي يمثّله ، فالمؤمن بوجوده أفضل من الملحد بوجوده . فلو كان الإله الحقيقي يعاقب النّاس بسبب إنكار وجوده ، فالملحد ضامن العذاب بنسبة 100 % ، بينما المتديّن احتماليّة العذاب 50% ، لأنّه يؤمن بوجود إله و لكن يختلف المؤمنون في اسم الإله و صفاته و الدين الصحيح الذي يمثّله . و بالتالي فكلّ مؤمن بوجود إله يُحتمل أن ينجو بنسبة 50% و يحتمل أن يهلك بنسبة 50% . بينما الملحد لا يملك احتمال نجاة لأنّه أصلا لا يؤمن بأيّ إله ! و بالتالي فاحتمال هلاك الملحد هو 100% ، إلا إذا افترضنا أنّ الإله الحقيقي لا يهمّه من يلحد بوجوده ! و إذا كان الإله الحقيقي لا يهمّه إنكار وجوده ، فهذا يلزم افتراض أنّه لا يهمّه أن يعبد الإنسان إلها آخر باطل .. و بالتالي سيتساوى المؤمن و الملحد في احتمال النجاة أمام الإله الغير مكترث ! أمّا في حال أنّ الإله الحقيقي لا يرضيه إنكار وجوده و لا يرضيه عبادة إله آخر غيره ، فالملحد ضمن العذاب ، بينما المؤمن يحتمل النجاة إذا كان إلهه هو الإله الحقيقي .
    و إذا نظرنا إلى الأديان في العالم ، فليس من الصواب اعتبار الأديان أكثر من 4000 ! لأنّ هناك عقائد مشتركة كثيرة تجمع الأديان و بالتالي تصنيف الأديان يعتمد على معيار التصنيف .. فنحن عندما ننظر إلى الحيوانات ، قد يقول قائل بأنّ هناك أكثر من 20 مليون نوع من الحيوانات ! لكنّنا ببساطة يمكن أن نقسّم هذه المليارات من الحيوانات إلى سبعة أنواع فقط هي الثديات و الطيور و الزواحف و البرمئيات و الأسماك و الحشرات و الرخويات ! و بالتالي لو افترضنا أن هناك نوع واحد من الحيوانات سيدخل الجنة فنسبة أن يدخل أي حيوان الجنة هي 1/7 أي 14.2 % . و بالمثل ، يمكن تقسيم جميع الأديان إلى ثلاث مجموعات فقط : المجموعة الأولى : تؤمن بوجود خالق و لا تؤمن بصحّة أيّ دين. المجموعة الثانية : تؤمن بوجود خالق و لها دين يعتقد بأن الإله واحد. المجموعة الثالثة : تؤمن بوجود خالق و لها دين يعتقد بتعدد الآلهة. و عليه ، فكل المؤمنين بوجود خالق يمكن إدخالهم في هذه المجموعات الثلاثة ... المتدين الذي ينتمي للمجموعة الثالثة نسبة هلاكه أكبر ، لأنّه لو كان الإله واحد ، فإنّ التعدّد سيكون سببا للهلاك و العذاب. بينما المجموعة الأولى و الثانية لها نسبة نجاة كبيرة.
    و عليه ، فإن الرهان الصحيح الذي هو أفضل من رهان باسكال هو الاعتقاد بوجود خالق واحد لهذا الكون و أنّ الخالق هو الإله الوحيد الذي يستحقّ العبادة ، سواء اعتقد الانسان بوجود دين من الإله أو لم يعتقد بوجود دين صحيح يمثّل الإله ، فإنّ هذا الخيار يكون هو أحوط خيار و أفضل احتمال .. أما تعدّد الإلهة أو إنكار وجود أيّ إله ، فإنّه احتمال يؤدّي إلى العذاب و الخسارة بنسبة كبيرة جدا.

    و تستمرّ سلسلة الأسئلة و الأجوبة ،،

  13. افتراضي

    طرحك لأسئلة الملاحدة جميل , ولكن بوجهة نظري , لو أنك تقدم أسئلة تعجيزية للمتملحد يكون أفضل , وذلك لأني لاحظت أن أكثر من يتبعون الإلحاد هم من صغار السن الذين خدعتهم شعارات الإلحاد والعلمانية , والملحدين دائما ما يتخذون العلمانية وشعاراتها الوهمية مثل , ( حرية ) و ( عادلة ) وغيرها , وذلك يسبب أشكال لدى المسلم الجاهل , ولذلك باعتقادي أن مشكلتنا مع الإلحاد فلسفية أكثر من كونها علمية , هذي وجهة نظري , طبعا قابلة للتغيير في حال اتضح أنها خاطئة , تقبلوا تحياتي .

  14. افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة باسل الزهراني مشاهدة المشاركة
    طرحك لأسئلة الملاحدة جميل , ولكن بوجهة نظري , لو أنك تقدم أسئلة تعجيزية للمتملحد يكون أفضل , وذلك لأني لاحظت أن أكثر من يتبعون الإلحاد هم من صغار السن الذين خدعتهم شعارات الإلحاد والعلمانية , والملحدين دائما ما يتخذون العلمانية وشعاراتها الوهمية مثل , ( حرية ) و ( عادلة ) وغيرها , وذلك يسبب أشكال لدى المسلم الجاهل , ولذلك باعتقادي أن مشكلتنا مع الإلحاد فلسفية أكثر من كونها علمية , هذي وجهة نظري , طبعا قابلة للتغيير في حال اتضح أنها خاطئة , تقبلوا تحياتي .

    مشكلة المتملحد أنّه يقول بأنّه ليس عنده إجابة لأيّ سؤال ، هو فقط يحكم على إجابات الأسئلة بأنّها إجابات لا دليل عليها و غير منطقيّة ... !
    و بالتالي عندما تسأله سؤالا ، سيقول لك : و من قال لك أنّي أحمل الإجابة حتى تسألني !! أنت أيّها المتديّن من تزعم أنّك تحمل الإجابات الصحيحة للأسئلة ، فأثبت صحّة إجاباتك .. !
    فيضطرّا المؤمن أن يكون مجيبا لأسئلة الملحد في معظم الأحوال !!
    التعديل الأخير تم 01-08-2016 الساعة 02:42 PM

  15. افتراضي

    السؤال السابع و الثلاثين : أنتم متناقضون أيّها المسلمون ! فأنتم تقولون أنّ الملحدين و اللادينيين أناس عبثين و بهائم ؛ لأنّ حياتهم حياة أكل و شرب و جنس و لعب فقط ! و لا قيمة للحياة بدون عبادة و تقرّب من الله ، و لا معنى للحياة إذا كانت مجرّد أكل و شرب و جنس و متع جسديّة !! و في المقابل ، نجدكم يا مسلمين تصلّون و تصومون لكي تدخلوا الجنّة التي ليس فيها إلّا الأكل و الشرب و الجنس و اللعب !! فكيف تستقبحون حياة اللهو و اللعب و هي في نفس الوقت غاية الغايات من كلّ عباداتكم و أفعالكم ؟؟!! لماذا لا تعتبرون الحياة في الجنّة حياة بهيميّة باعتبارها حياة خالية من التكاليف الشرعيّة و خالية من العبادة ، و فقط متع جسديّة و ملذّات و شهوات !!! لماذا تستقبحون حياة الملحدين و أنتم كلّ ما تتمنّونه هو أن تعيشوا كالملحدين ؟؟!! أليس هذا قمّة التناقض و الإزدواجيّة ؟؟!!
    الجواب :
    أولاً : نحن لا نستقبح الأكل و الشرب و الجنس و اللعب في ذاتها ، و إنّما نستقبحها إذا أدّت إلى إضياع ما هو أهمّ. فعندما يكون الطالب في وقت الامتحان فإنّه من القبيح جدا قضاء الوقت في اللهو اللعب ؛ لأنّ الأولى هو المذاكرة للامتحان ، و جعل اللعب كوسيلة للراحة من تعب الدراسة. لا أن يجعل الطالب الأمر بالعكس ، فيكون وقته كلّه للعب ، و المذاكرة تكون كوسيلة للراحة من اللعب ! بينما لو نجح الطالب و أصبح في إجازة ، فلا أحد يلومه إذا قضى وقت الإجازة باللعب و الترفيه. فالمعيار هنا هو تناسب الفعل مع وقته ، فلكلّ مقام مقال ، و لكلّ وقتٍ عمله المناسب.
    ثانيا : الإسلام ليس ضدّ ملذّات الجسد على الإطلاق ، فمن حقّ المسلم أن يكون غنيّا و لكن عليه إخراج الزكاة للفقراء و المساكين ، و من حقّه أن يتزوّج مثنى و ثلاث و رباع ، و لكن عليه أن يعدل بينهنّ ، و من حقّه أن يأكل ما لذّ و طاب من المؤكولات ، و لكن لا يأكل الحرام ، و من حقّه أن يشرب ما شاء من مشروبات ، و لكن لا يشرب الحرام. و بالتّالي فمن حقّ المسلم أن يتمتّع بحياته كما يشاء و لكن هناك دائرة صغيرة تحتوي على المحرّمات يحاول تجنّبها قدر الإمكان ، إذ دائرة المباح أوسع و أكبر. و بالتالي تكون متع الآخرة استمرار لمتع الدنيا مع تجويز لتلك المحرّمات و الممنوعات التي حرم المسلم منها في الدنيا. كما قال تعالى : " وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين". و بالتالي ليس هناك أيّ تناقض ، فلم يطالب الإسلام الإنسان أن ينسى نصيبه من الدنيا !
    ثالثا : نحن نعتبر حياة الملحدين و اللادينين حياة بهيميّة ؛ لأنّهم يعتبرون ملذّات الجسد غاية بحد ذاتها ، في حين أنّ الله خلقهم لغاية أخرى ! أمّا لو كان الله خلقنا لنلهو و نلعب و نمتّع أجسادنا ، فليس من البهيميّة تحقيق الغاية المطلوبة . فلا أحد يلوم الطفل حين يلعب و يلهو ، فمرحلة الطفولة ليست إلّا مرحلة لعب و لهو و ضحك ، لكن من العيب على رجل في الأربعين أن يحاول أن يعيش كطفل في الأربعة من عمره. فهنا لسنا إزدواجيين ، بل نحاكم كلّ مرحلة عمريّة بما يناسبها . فسنّ الأربعين سنّ الجدّ و العمل و الانتاج ، و سنّ الأربعة سنّ اللهو و اللعب و التسلية ، و الغباء هو التسوية بينهما أو حتّى قلبهما ! و بالمثل ،، حياة الدنيا هي حياة العمل و الاستعداد للآخرة ، و حياة الآخرة حياة جني الثمار و الاستمتاع بكلّ النعم ، و من الحمق المساواة بين الحياتين !
    رابعا : من الخطأ التحدّث عن المسلمين كما لو أنّهم على درجة واحدة ! فهناك من يعبد الله و همّه الأكبر الخوف من النّار ، و هناك من يعبد الله و همّه الأكبر الطمع في الجنّة ، و هناك من يعبد الله و همّه الأكبر الأنس بالله و التمتّع بحبّه و مناجاته. و هذا النّوع الأخير ، لن تجده يهتمّ كثيرا بمتع الجنّة ، إذ همّه الأكبر أن يستمرّ في مناجاة الله في الجنّة فيكلّمه و يراه. و بالتالي لا يستطيع أحد أن يقول أنّ النوع الثالث من المسلمين متناقضين و مزودجين ، فهم في الدنيا هدفهم الأنس بمناجاة الله ، و هدفهم في الآخرة الأنس بمناجاة الله !
    خامسا : من الأخطاء الشائعة عند كثير من النّاس الاعتقاد بأنّ الجنّة مجرّد مكان للمتع الجسديّة ، أكل و شرب و جنس فقط ! و هذا كلام باطل و غير صحيح .. فالجنّة مليئة بالملذّات الروحيّة التي تأنس بها الروح دون الجسد ، و على رأسها رؤية الله سبحانه و تعالى و مناجاته و التكلّم معه دون ترجمان. و أن يعيش الإنسان راضي و مرضي و مطمئن بأنّه لن يمرض و لن يفارق عزيزا ، كلّها متع روحيّة و نفسيّة أكثر منها جسديّة. و لكنّ الآيات القرآنيّة أكثرت من الحديث عن ملذّات الجسد ؛ لأنّ النّاس في الدنيا تهتمّ بملذّات الجسد أكثر ، و بالتالي أكثر الله من ذكرها ترغيبا للنّاس للجنّة. فأسلوب الترغيب يعتمد على المخاطَب. فأنت إذا أردت أن تأخذ طفلك الصغير إلى حديقة ، و تعلم أنّ طفلك يحبّ الأيسكريم ، ستقول له : هيّا نذهب إلى الحديقة ففيها الأيسكريم ! و لا يدلّ ذلك أنّ كلّ مافي الحديقة هو آيسكريم ! و هذا تفسير سبب ذكر الله أنّ في الجنّة أنهار من خمر لذّة للشاربين ، حيث كان العرب يحبّون شرب الخمر ، فطبيعي أن يتمّ إخبارهم أنّهم سيجدون في الجنّة ما يحبّون . لكن لن تجد أنّ هذه الآية تشكّل ترغيبا لكارهي الخمر ، بينما سيكون الترغيب مرتبط بأنهار العسل المصفّى . و عليه ، فمن الأخطاء الشائعة حصر نعيم الجنّة على ملذّات الجسد ، بل يجب إدراك أنّ إكثار ذكر ملذّات الجسد جاء كنتيجة طبيعيّة لكثرة النّاس المحبّين لها ، فجاءت آيات الترغيب ترغّب فيما يجتمع كثير من النّاس في حبّه و طلبه.

    و تستمرّ سلسلة الأسئلة و الأجوبة ،،

صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 123 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء