السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تجميع لأدلة وجود الله ووحدانيته
هل هناك أدلة على الإلحاد؟
لا بد لكل فكر من موقف يرتكز عليه
فهل يبنى الملحد إلحاده على يقين ؟
على الملحد أن ينتهج أحد طريقين لا ثالث لهما
• الأول طريق الإثبات : بأن يثبت بالبرهان العقلى القاطع القائم على المقدمات الضرورية استحالة وجود إله للكون سواء كان مبدعا وخالقا أو محركا .
• الثانى طريق النفى : فيبطل أولا كل الأدلة الواردة على وجود الله تعالى ثم يبطل ثانيا قاعدة ((عدم الدليل ليس دليل العدم )) أو يثبت بطلان المدلول ببطلان الدليل ...
وإلا فليس وراء ذلك إلا الشك والوهم وإن بناء الإنسان موقفه من تلك القضية المصيرية على شك ووهم لهو مجازفة كبيرة بل هو المجازفة الكبرى .
يقول بعض الملحدين إنه ليس هناك من خالق لأنه لا دليل على ذلك من عقل ولا حس. ويقول بعض المؤمنين من المسلمين وغير المسلمين: بلى إن للكون خالقاً. ولكنهم يوافقون الملحدين في أنه لا دليل عقلي على وجوده، وأن التصديق بوجوده أمر يعتمد على الإيمان القلبي فحسب، لا دليل عقلي، أو هو أمر يعتمد فحسب على تصديق الرسل فيما أتوا به.
أما كون الإقرار بوجود الخالق أمراً إيمانياً قلبياً؛ فلا شك في ذلك، وأما كونه أمراً تعززه رسالات السماء؛ فلا شك في ذلك أيضاً. ولكن من قال إن الإيمان والعلم لا يجتمعان ؟! ومن قال إن القلب يطمئن إلى ما لا يدل عليه عقل ؟
إن الإيمان الصحيح المعتبر هو الإيمان القائم على العلم، إلا لم يكن هنالك من فرق بين مَن يؤمن بوجود خالق ومَن يؤمن بخالقين، ومن لا يؤمن بخالق؛ لأن كلا منهم يمكن أن يقول إن اعتقاده أمر قلبي لا يخضع للمناقشة العقلية. ولم يعد من حق واحد منهم أن يقول للآخر إنك مخطئ في اعتقادك.
ولو كان الأمر كذلك لكان من حق من شاء أن يؤمن بما شاء من غير تثريب عليه. وإذا كان بعض المتدينين من غير المسلمين يلجؤون إلى مثل هذه الأقوال المتهافتة ليستروا بها عيب اعتقاداتهم الفاسدة؛ فما هكذا ينبغي أن يكون موقف المؤمن المسلم وهو يقرأ في كتاب ربه:
﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ ﴾ محمد : 19
﴿ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ ﴾ الحج : 54
فالعلم أولاً، ثم الإيمان المترتب على هذا العلم ترتيباً تعبر عنه فاء السببية ﴿ فَيُؤْمِنُوا بِهِ ﴾، ثم الإخبات المترتب على الإيمان ﴿ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ ﴾.
ويقرأ في عشرات من آياته تشديد النكير على الذين يتبعون الظن وأهواء النفوس ويتكلمون بغير علم ويدعون في مجال أصول الدين دعاوى لا تسندها الأدلة والبراهين، ويعدهم من الجاهلين، بل من غير العاقلين، ويتوعدهم بأشد أنواع الوعيد:
﴿ تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾ البقرة : 111
﴿ أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ ﴾ الأنبياء : 24
﴿ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى ﴾ النجم : 23
﴿ هَاأَنتُمْ هَؤُلاء حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ ﴾ آل عمران: 66
الناس نوعان
نوع سليم الفطرة يعرف الله تعالى ويؤمن به، فمعرفته وإيمانه سابقان لمعرفته بالآيات، لكنه إذا رأى المخلوقات عرف أنها آيات له. فمعرفته بالآيات تؤكد إيمانه ولا تنشئه.
ونوع حدث في فطرته خلل، فلم يعد يؤمن بوجود الخالق، لكنه إذا تأمل الآيات وجدها دالة عليه، فآمن بالله عن طريق الآيات. لكن حتى هذا ما كان ليؤمن لولا أنه كان متصوراً للخالق قبل رؤيته للآيات، فلما رأى الآيات رأى المناسبة بينها وبين ذلك الذي تصوره، رأى دلالتها على وجود الخالق الذي كان قد تصوره ولم يؤمن به.
يقول الشيخ ابن تيمية "إن الإقرار بالخالق وكماله يكون فطرياً ضروريًا في حق من سلمت فطرته، وإن كان مع ذلك تقوم عليه الأدلة الكثيرة. وقد يحتاج إلى الأدلة عليه كثير من الناس عند تغير الفطرة، وأحوال تعرض لها"
الأدلة العقلية والعلمية على وجود الله ووحدانيته
1 - الدليل الغائي
قال به سقراط وأفلاطون، ومضمونه أن لكل شيء في الطبيعة غرضا، لا يمكن تفسيره إلا بافتراض وجود موجود غير مادي، يتجاوز الطبيعة وينظم كل الظواهر على نحو منسجم
دليل الحركة ووضعه أرسطو و مضمونه:
أ- الحركة تحتاج إلى محرك.
ب- الحركة والمحرك متزامنان.
ج- كلّ محرك إما أن يكون متحركاً وإما أن يكون ثابتاً.
د- كل موجود جسمي متغير ومتحرك.
هـ- التسلسل والدور في الأمور المترتبة غير المتناهية محال .
النتيجة: تنتهي سلسلة الحركات إلى محرك غير متحرك.
2 - الدليل الكوني(دليل العلية)
وقال به أرسطو أيضا ، ومضمونه أن الله موجود باعتباره العلة الأولى لكل الأشياء والظواهر .
و إن قالوا ما نسميه بالعلية ماهو إلا اقتران ظاهرتين زمانا ومكانا فالجواب أن هذا الإقتران لظاهرتين إقتران واقعي فعلي ضروري و ليس مجرد عادة ذهنية فهناك ترابط و عدم إنفكاك بين السبب و النتيجة و العلة و المعلول و كلما حدث السبب حدثت النتجة و كلما حدثت العلة حدث المعلول و دون حدوث السبب لا تحدث النتيجة .
ووجود هذا الكون بعد أن لم يكن لدليل بديهي على وجود مسببه و موجده ولا ينكر هذا إلا عديم العقل و منتكس الفطرة
3 - الدليل الوجودي
وقد وضعه أنسلم ومضمونه أنه لا شك أن كل إنسان مهما كانت درجته ، يستشعر في عقله ضرورة أن يكون هناك موجود ليس هناك من هو أكمل منه. وفكرة الكمال تظل ناقصة ما لم يوجد لها مقابل في الخارج، ولكي تكون هذه الفكرة كاملة لابد وأن يكون هناك موجود في الخارج غاية في الكمال لا يوجد من هو أكمل منه وهذا الوجود الأكمل على الإطلاق هو الله
وجود الله سبحانه وتعالى بصفات الكمال هو أمر واجب الوجود ولايستطيع العقل البشري تصور غير ذلك, فليس وجوب الوجود يكون فقط لذات إلهيه خلقت الكون , وإنما يكون الوجود للإله المتصف بصفات الكمال النهائي وهو خالق الكون أيضاً, وأول من قال بهذا البرهان هو الراهب أنسلم , ثم اعتنى به ديكارت وأخرجه في صورته النهائية , وفحوى البرهان كما قال عنه العقاد : أن العقل الإنساني كلما تصور شيئاً عظيماً تصور ماهو أعظم منه , لأن الوقوف بالعظمة عند مرتبة قاصرة يحتاج إلى سبب, وهو - أي العقل الإنساني- لايعرف سبب القصور. فما من شيء كامل إلا والعقل الإنساني يتطلع إلى ماهو أكمل منه , ثم أكمل منه , ثم نهاية النهايات, وهي غاية الكمال المطلق التي لامزيد عليها ولانقص فيها. وهذا الموجود الكامل الذي لامزيد على كماله موجود لامحالة , لأن وجوده في التصور أقل من وجوده في الحقيقة , فهو في الحقيقة موجود, لأن الكمال ينتفي عنه بسبب عدم وجوده , ولايبقى له شيء من الكمال بل نقص مطلق هو عدم الوجود, فمجرد تصور هذا الكمال مثبت لوجوده , ومن هنا يتبين لنا الضرورة الفكرية التي تجعل العقل يتصور إله خالق للكون متصف بصفات الكمال المطلق وهو الله عز وجل.
يتبع إن شاء الله
Bookmarks