النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: إثبات الإسـلام بالإقـرار المجمـل عقيـدة لا دليـل عليهـا

  1. افتراضي إثبات الإسـلام بالإقـرار المجمـل عقيـدة لا دليـل عليهـا

    إثبات الإسـلام بالإقـرار المجمـل
    عقيـدة لا دليـل عليهـا


    إنهم يعتقدون أن الذي لا يميز بين التوحيد والشرك مسلم بمجرد عزمه على الإلتزام بالدين، أو ظنه بأنه ملتزم بالدين وهو يجهل فحواه، ويعتقدون بأن المتأول في الشرك بالله معذور إذا بقيت لفاعل الشرك شبهة يثبتون له الإسلام حتى تنتفي.
    إن أمرا كهذا لا يثبت إلا بنص، فمن أين استنبطوه؟ وإذا كان هناك أدلة على العذر بالإكراه في أصل الدين، فأين هو الدليل على العذر بالجهل والتأويل في أصل الدين؟ وإذا كان العذر بالإكراه في حق المسلم أصلا، لأنه عالم بما أكره على مخالفته، أما جاهل الإسلام إن أكره على دعاء غير الله أو الإحتكام إلى الطاغوت فإنه يفعلها طوعا لا كرها، ويكون صدره منشرحا بها لظنه بأنها من المباحات، فلا يتحقق في حقه عذر الإكراه، ومن لم تتحقق فيه رخصة الله مبدئيا فليس من أهلها.
    وإذا كان الأصل أن جاهل الشيء فاقد له، وإذا كان الدين محله التوقف حتى يرد النص، فمن أين لهم العلم من كتاب الله وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن جاهل التوحيد مسلم؟
    وقد آمن الصحابة الذين تلقوا الدين عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأن جهال التوحيد كفار، وما لم يكن يومئذ دينا فليس اليوم دينا، فكيف ينكرون الإبتداع في العبادات وهم يبتدعون في عقيدة التوحيد عقائد ما أنزل الله بها من سلطان؟! وابتداع كهذا إنما هو كفر بالله، قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا [الأنعام: 148].
    وقولهم بأن الإقرار المجمل بالدين هو الشرط لدخول الإسلام، ينافي ما يقرون به نظريا من أن العلم بالتوحيد هو أول شروط الشهادة، بل نفوا كل الشروط الأخرى، وصيَّروها نوافل، فالجاهل لا يدري ما يقبل به، ولا ما يستيقن به، ولا ما يُخلِص فيه، ولا ما ينقاد له، ولا ما يصدق فيه، ولا ما يحبه، وإذا كان العلم شرطا فالجهل نافٍ، وليس عذرا أو استثناء، هكذا اقتضت طبائع الأشياء.
    وفي الواقع فإن شرط العلم لو حذفناه فإننا سنحذف كل الشروط الأخرى، لأن الشروط الأخرى تقوم عليه ولا تتحقق بدونه، وهذا يعرفه كل البشر، بل في كل الأديان، بل في شؤون الحياة كلها، ولو لم يذكره أهل العلم فهو بديهي، إذ من غير المعقول إلغاؤه.
    ويرون -خروجا عن المنقول والمعقول- أنه يمكن أن يعلم بمعناها ويجهل ما يناقضها، وأن الجهل بكون اتباع شرائع الطاغوت كفرا لا يخالف شرط العلم ولا الشروط الأخرى.
    إنهم يعذرون المتأول المخطئ في التوحيد من هذه الأمة دون المتأول المخطئ من أهل الكتاب وغيرهم، لكن إذا كانت الأمم الجاهلة الأخرى كافرة متأولة، فهل هذه الأمة مستثناة؟ وبأي نص استثنيت؟ فالأمر أمر اعتقاد، لا يصح إلا بنص، لا كالمعاملات المباحة أصلا، والأصل أن المسلم يعرف التوحيد، فما الدليل على صحة الإستثناء ولو أحيانا؟ ولا يصح أن يعتنق أحد مذهبا إلا بعد معرفته، فكيف بالإسلام يخرج عن هذه القاعدة نحو الأسفل؟!
    وإن من لم يكفّر جهال هذه الأمة لزمه ألا يكفر جهال الأمم الأخرى، ولا يقال هنا أن لازم المذهب ليس بمذهب، فهذه القاعدة تنطبق على حالة القصد أو عدمه، حيث لا يتحمل الإنسان وزر ما يؤول إليه قوله أو عمله إن لم يقصده، أما القواعد الظاهرة فيجب أن يلتزم بما تلزمه به.
    إن أكثر الجاهليات التي قامت على مدار التاريخ إنما استمرت بسبب الجهل بالدين لا مع العلم به، يقول الله –سبحانه وتعالى–: لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ [يس: 6]، نرى هذا في إيمان الأفراد وكفرهم، فإن عيسى –صلى الله عليه وسلم– لم يُعبد في حياته، وإنما بعدما رُفع بزمان زال فيه العلم، فاتخذوه إلها، ودعوا الناس إلى ذلك، فدخل الناس في النصرانية، وهم يجهلون أن الإنجيل الحق دعاهم لعبادة الله وحده.
    فالأمم السابقة عادت إلى الجاهلية بطول الأمد، وكانت عودتها تلك عن جهل بدينها، وقد سوّى الله بينها جميعا، فلم يفرق بين العرب واليهود والنصارى والمجوس... إننا ندرك من هنا ببساطة أن هذه الأمة إذا جهلت دينها يوما لا فرق بينها وبين تلك الأمم، ولابد أن يلزمنا من الحكم والوعيد أيضا ما لزم تلك الأمم إذا فعلنا فعلهم.
    ويخطئ الحقَّ من يؤمن بكفر عابدي اللات والعزى والمسيح عليه السلام، جهلا وظنا منهم أنه الدين الحق الذي أمر الله به، ولا يؤمن بكفر عابدي الأولياء الصالحين جهلا من هذه الأمة، فعامة النصارى كانوا جهالا عندما آمنوا بقول أحبارهم ورهبانهم بألوهية المسيح، واعتقدوا أنه دين الله، فكيف يكون هؤلاء كفارا مع جهلهم وهذه الأمة التي جهلت التوحيد منذ زمان بخلافهم؟! وهل الكفر بالإسلام غير ما تعتقده هذه الأمة وتفعله؟
    إن الذي يعتقد أن المشرك الجاهل مسلم فهو كمن يعتقد أن الشرك من الإسلام، ومن لم يميز بين المسلم والكافر فهو لم يميز بين الإسلام والكفر، وقد يجهل المسلم كيفية معاملة الكافر، لكنه لا يجهل الفرق بينهما.
    فمن أباح لهم التفريق بين الجهال الذين كفرهم الأنبياء وجهال هذه الأمة؟ فإن قالوا أن هذه الأمة بقي لها قول: لا إله إلا الله، قلنا: وهل لهذا القول تأثير في ذلك؟ وما دليلكم على تأثيره ونفعه لهم، وأنتم تسلّمون بأن شهادة الجاهل لا تصح لانتفاء شرط العلم؟! إني من أمركم في حيرة.
    لقد خلق الله العباد لعبادته، فاتخذوا لأنفسهم معبودات أخرى ادعوا لها الألوهية، وسموها كذلك، وعبدوها معه، فنهاهم الله عن ذلك، ثم اتخذوا معبودات من دونه عبدوها، وجعلوا لها الألوهية نفسها، ولم يسموها آلهة، وظنوا أن ذلك لا يبطل "لا إله إلا الله" التي يقولونها، أي نفوا الإسم عنها دون الحقيقة، والعبرة بالحقائق المسماة، لا بالأسماء والأوصاف.
    ولو كان الكفر في تسميتهم لها بالآلهة والعبادة –كما يحلو للبعض أن يحتج لعدم تكفيرهم- لما كانت عبادة القبور شركا، ولأصبح المشركون مسلمين بمجرد أن يتركوا تسمية معبوداتهم بالآلهة، ولم يعتقدوا أنهم يعبدونها، فهؤلاء أهل الكتاب لم يعتقدوا أنهم يعبدون الأحبار والرهبان بقبول تشريعهم المخالف لشرع الله، ومع ذلك كانوا مشركين بهذا مثل عبادتهم المسيح وتسميتهم له بالإله، فعملهم عبادة على كل حال، ومعبودهم طاغوت إن كان راضيا.
    قال الله -تعالى-: اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ]التوبة: 31[، فما دام هناك عبادة وعابد ومعبود غير الله فهو الكفر وأهله كفار.
    يستدلون بحديث معاذ بن جبل –رضي الله عنه– لما بعثه النبي –صلى الله عليه وسلم– إلى اليمن داعيا فقال: (إنك تأتي قوما من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه أن يوحدوا الله، فإن هم أجابوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات) [رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد والبيهقي وابن أبي شيبة].
    لكن التوحيد الذي دعاهم إليه ليس الإقرار المجمل بالدين دون معرفة أصله، الذي هو توحيد الله في ربوبيته وإفراده بكل صور العبادة قولا واعتقادا وعملا، فعندما يتحقق هذا ندعوهم إلى الصلاة، أما الإقرار المجمل فسنتجاوز التوحيد إلى الصلاة، ما دام الناس مقرين إجمالا بما لم يعلموا، مهما ادعينا الدعوة إلى التوحيد.
    إن الموحّد حقا يقر إجمالا بالصلاة قبل سماعه بها، لكنه ليس بمصلِّ حتى يعرفها ويلتزم بها حقيقة، كذلك المقر إجمالا بالتوحيد ليس بموحد حتى يعرفه ويلتزم به حقيقة لا خيالا.
    فهو دليل عليهم كما هو واضح للعالم والجاهل، لأن الذي يُدعى إلى الصلاة لابد أنه قد أجاب إلى التوحيد، بعد أن عرف أن المسلم لا يقدم أي صورة من صور العبادة لغير الله، لقوله: (فإن هم أجابوك)، فعلق الدعوة إلى الصلاة بالإجابة إلى التوحيد، وإلا فلا يُدعى إليها، فليس صاحبها بمسلم، إذ لا يكون موحدا بالإقرار المجمل دون معرفة التوحيد والعمل به، ويسمونه موحدًا وهو لا يعمل بالتوحيد، أو يسمونه مسلما لا موحدًا، وما هو إلا تلاعب، وفي كلا الحالتين صيَّروا التوحيد نافلة أو محل خلاف بين المسلمين، ومن تمييعهم لحقائق التوحيد قولهم أن العالم بمدلول الشهادتين قد يأتي بعض مظاهر الشرك جهلا بأنها ناقضة للتوحيد!
    قد يجهل المسلم الكثير من صور الطواغيت وأعمال الشرك –وكلنا نجهلها- لأن أشكالها كثيرة لا تحصى، وقد يظهر منها كل يوم جديد، وفق ما تهواه الأنفس والشياطين، لكن المسلم يملك الرصيد الذي يجعله يدركها كلما عرضت عليه، إن الأوساخ أشكال وأنواع والنظافة شيء واحد، وهي انعدام الأوساخ مطلقا، كذلك التوحيد والشرك.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Oct 2004
    المشاركات
    287
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    إقامة الحجة تنسفها هكذا بجرة قلم ولها بعث الله الرسل وأنزل الكتب ولها يشهد شهود الدنيا والآخرة ضاربا عرض الحائط قوله تعالى ( من بعد ما تبين له الهدى ) جاهلا بمراتب الجهل وشروط العذر به ثم تأتنا نافخا صدرك قادحا في أعلام الأمة وأئمتها واصما إياهم بالجهل والكفر والبدعة والتأويل في أصل الدين متسائلا من أين استنبطوه!
    راجع بارك الله فيك:

    أقوال العلماء في إقامة الحجة
    قول الشيخ العثيمين في مسألة " العذر بالجهل "
    سؤال بخصوص الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله

    كما نشير إلى أن النقاش في مثل هذه المسائل خارج عن تخصص المنتدى
    مغلق
    التعديل الأخير تم 01-28-2016 الساعة 03:33 PM

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء