حِينَمَـا يُصبِحُ الجهل بالتوحيد مانعاً من موانع التكفير ، تختل الموازين . في حين أن الجهل بالتوحيد مانِعٌ من الإسلام، لأنَّ العلم بمعنى الشهادة شرطٌ من شروط تحقُّقِها.
قال تعالى: { إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} ﴿٨٦﴾ سورة الزخرف
( إِلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ ) أي: بلا إله ألا الله (وَهُمْ يَعْلَمُونَ) بقلوبهم معنى ما نطقوا به بألسنتهم.
قال ابن جرير الطبري(310ه) : ( إِلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ ) وشهادته بالحقّ: هو إقراره بتوحيد الله, يعني بذلك: إلا من آمن بالله, وهم يعلمون حقيقة توحيده.
(إِلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) وهم الذين يشهدون شهادة الحقّ فيوحدون الله, ويخلصون له الوحدانية, على علم منهم ويقين بذلك.
قال ابن جرير الطبري(310ه) عند تفسير قوله تعالى( ذلك بأنهم قوم لا يعلمون ) : حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يعقوب, عن جعفر, عن سعيد قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم غازيًا, فلقي العدوَّ, وأخرج المسلمون رجلا من المشركين وأشرعوا فيه الأسنّة, فقال الرجل: ارفعوا عني سلاحكم, وأسمعوني كلام الله ! فقالوا: تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله، وتخلع الأنداد، وتتبرأ من اللات والعزى! فقال: فإنّي أشهدكم أني قد فعلت. اهـ
هذا رجلٌ شَهِدَ شهادة الحق (لا إله إلا الله) عالِماً بمعناها المتمثِّل في ( خلع الأنداد والتبرُّؤ من الآلهة الباطلة).
فالشهادة لا تسمَّى شهادة إلاَّ عن علم بما شهِدَ به.وهذا من أبين الأدلة على أن العلم شرطٌ من شروط الشهادة.
قال تعالى: { فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا اللَّـهُ } ﴿١٩﴾ سورة محمد
قال ابن جرير الطبري(310ه) : يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم : فاعلم يا محمد أنه لا معبود تنبغي أو تصلح له الألوهة, ويجوز لك وللخلق عبادته, إلا الله الذي هو خالق الخلق, ومالك كل شيء, يدين له بالربوبية كل ما دونه.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة) رواه مسلم.
Bookmarks