سأل سائل :
كم توجد من شبهة في الإسلام ؟
كيف يوجد في دين من عند الله شبهات اكثر من شعر الرأس .
لو قضى الطفل حياته في الرد على الشبهات سيموت قبل ان يعدها.
و جوابه بإذن الله :
سؤالك عن الشبهات وجيه، لماذا دين من عند الله يُحاط بالشبهات. في البدء يجب الإتفاق على أن أي دين أيا كان إلا و سيتعرض له أصناف من البشر لا تحصى بدءا من تمثيله و تطبيقه و انتهاء بمعاداته و محاربته. و أي فكرة مهما كانت إذا تعرضت للدراسة و التحليل أو حتى مجرد حوار و نقاش من طرف عشرات من الأشخاص فقط و لا نقول ملايين فكل واحد سيفسرها و سيتعامل معها من زاويته الفكرية و حتى النفسية أو المزاجية فتصبح فكرة متعددة لا في ذاتها و لكن في المفاهيم التي تناولتها، مع أنها في ذهن صاحبها لا تعبر إلا عن شيء واحد و حقيقة واحدة. و قس على ذلك دين الإسلام و نصوصه التي بدأت بالتوحيد و انتهت بإماطة الأذى عن الطريق و التي تجاوزت 20.000 نص ما بين قرآن و حديث و أثر عن صحابي، و مدارها حول :
- الصفات الإلهية و قد اختلف فيها الأمم قبل الإسلام و بعد الإسلام لكن أكثر الناس على الأقل مؤمنون بوجود الله و لم تعد هناك وثنية تنقض أصل الإيمان في الإسلام و هو التوحيد و إفراد الله تعالى بالعبادة، و بقي أن الخلاف حول الصفات من حيث ماهيتها و ثبوتها دون تأويل أو تشبيه بصفات المخلوقات.
- ثم مدارها حول شخصية الرسول و سيرته و سننه، و الرسول نفسه قد تعرض للتكذيب من قومه إذ لم يكن من السهل تصديق رجل يدعي النبوة حتى يأتي بالبينات و قد جاء بها فعلا متمثلة في كلام الله الذي لم يأت و لن يأتي أحد بمثله و المتكلم به رجل أمي لم يقرأ و لم يتلق علوما و لم يكن شاعرا أصلا حتى يقال إنه جاء ليعارض العرب بأسلوب جديد. كما أن أمر الرسول مشتهر و عظمته تلوح في الآفاق حتى كتب عنها الغربيون و أقروا بها فلا عذر لملحد عربي في مجافاته و تكذيبه فضلا عن الطعن في شخصه الكريم صلى الله عليه و سلم.
- ثم مدار النصوص حول الشرائع و الأخلاق، و هذه كان لا بد منها تماما للدين و إن اختلف الناس فيها من حيث الفقه و التنزيل و وُجد الخطأ في الفهم فلا ينسب إلا لصاحبه ، و لقد تفاوتت مفاهيم الناس في العمل بالأولى و ما بين استنباط للحكم و المقاصد و عدمه و ما بين قول بالتحريم و الكراهة و الاستحباب فيما يتعلق بالشبهات و المسائل الخلافية خاصة تلك التي استجدت مع توالي الأزمان لكن مع ذلك لم يزل الحلال بيّنا و الحرام بيّنا إلا عند أهل الأهواء و الأئمة المضلين و عامة السفهاء الذين يستحلون ما حرم الله لغرض في نفوسهم و لا نسبة بين البين و المشتبة فأكثر الملة في هذا واضح بين بحمد الله.
و بقي أن الناس تعاملوا مع نصوص الإسلام كل بحسبه رواية و دراية فقد كان الناس في القرن الأول يتناقلون الصحيح و بعد ذلك دخل الذين لا يضبطون النقل على الخط فنزل كثير من الصحيح إلى مرتبة الحسن ثم الضعيف لذلك حرص إمامان مثل البخاري و مسلم رحمهما الله على انتقاء ما صح من الأحاديث فقط من حيث قوة السند حفظا و ضبطا و أمانة، و هذا من حفظ الله لهذا الدين، ثم بعد القرن الأول أو الثاني ظهر الوضع و الكذب على النبي صلى الله عليه و سلم فافترقت الأمة، بذنوبها طبعا و لتفريط أجيال تلت القرون الفاضلة. و أصبحت هناك بالفعل شبهات بل أكاذيب تحوم حول الإسلام بل حول أصوله و معتقداته .. و الأسوء دخول الفلسفة و الكلام على هذه الأصول الصافية .. و اندساس كثير من المدلسين و الملبسين الذين أفسدوا على الإسلام النقي نقاءه و وضوحه و وسطيته بين الأديان و المذاهب. حتى أصبح من الصعب على البعض الوصول إلى حقائقه. ناهيك عن ضلال الفرق الذين ابتدعوا و نقصوا و زادوا و ما أكثر ما أوصانا النبي الكريم بالاتباع و ترك الإبتداع .. بل لقد أوصى الله بذلك في كتابه الكريم فقال تعالى : ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ .
لكن طب نفسا أيها الباحث عن الحقيقة فإن الله تعالى لن يلومك و لن يحاسبك على أكثر من القدر الذي بلغك و استوعبته من هذا الدين و الله بك عليم لا يخفى عليه شيء سبحانه و من جهد في البحث عن الحقيقة مخلصا لا يلام.لكن لا بد أن نشير إلى أن التوحيد لا عذر لأحد فيه إن زل عنه و ضل بشبهة لأنه أوضح الواضحات في هذا الدين و في كل الرسالات ، و لا عذر لأحد في الشرك و الكفر بعد قيام الحجة عليه. فإنما جاء هذا الدين من عهد آدم عليه السلام لبيان لا إله إلا الله و إقرارها و تنزيلها في حياة الأفراد و المجتمعات.
Bookmarks