المشاركة الأصلية كتبت بواسطة SHAKER
بسم الله الرحمن الرحيم
كثيرا مانجد ان الأخلاق نسبية و الجمال يختلف من شخص لأخر (اختلاف الأذواق ) و النظام وهم .. !!
هل هذا الكلام صحيح ؟ --
............... اعرف انها مجرد ... تشغيبات لا طائل منها .............
من لديه اي موضوع - يحيلني له ... و شكرا
الأخلاق و الجمال و النظام ليست أوهام ، و لكنّها مفاهيم " معياريّة " ، أي تحتاج إلى معيار ليكون لها معنى حقيقي.
و عندما لا يجد الإنسان معيار الأخلاق أو معيار الجمال أو معيار النظام ، يقول بأنّ هذه المفاهيم هي مفاهيم نسبيّة !
و عليه ،، فيمكن التوفيق بين المدرسة القائلة بأنّها " قيم مطلقة " و بين المدرسة القائلة بأنّها " قيم نسبيّة "، من خلال جمع المدرستين في مدرسة واحدة تحت عنوان " القيم المعياريّة ".
فبالنسبة للأخلاق ، يكون معيار الأخلاق هو " شريعة الله " ، فما تراه شريعة الله خيرا لذاته ، فهو خير مطلقا ، و ما تراه شريعة الله شرا لذاته ، فهو شر مطلقا. و حيث أنّ شريعة الله دائما ما اعتبرت العدل خير و الظلم شر في كل الأزمنة و الأمكنة ، فحينها يكون العدل خلق جيّد مطلقا ، و الظلم خلق سيّء مطلقا. أما الأفعال التي أباحتها شريعة الله في زمن و حرّمتها في زمن آخر أو العكس ، فإنّ هذه الأفعال لا يمكن إدراجها ضمن الأخلاق المطلقة ، و إن أدرجناها ، ستكون نسبيّة بالضرورة ، حيث سيكون الفعل أخلاقي في زمن و غير أخلاقي في زمن آخر. على سبيل المثال ، أجازت شريعة الله الجمع في الزواج بين المرأة و أختها في زمن من الأزمان ، و حرّمت الجمع بين الأختين في زمن آخر لاحق . و بالتالي لا يصحّ القول بأنّ الجمع بين الأختين فعل غير أخلاقي مطلقا ، و بالمثل زواج المتعة و غيرها من الأمور التي يخطئ البعض عندما يعتبرها أفعال غير أخلاقيّة بالمطلق. فبالنظر إلى معيار الأخلاق وهو شريعة الله ، يجب أن يكون الأمر الغير أخلاقي في ذاته هو الأمر الذي استقبحته شريعة الله في كلّ الأزمنة و الأمكنة ، و ما عدا ذلك يصبح قبيحا حسب زمانه و مكانه ، جميلا حسب زمان آخر و مكان آخر.
أمّا بالنسبة للجمال ، فمعيار الجمال هو " الذوق العام " . فما يراه الذوق العام للبشر جميلا فهو جميل لذاته ، و ما يراه الذوق العام للبشر قبيحا فهو قبيح لذاته ، شريطة أن لا يكون الأمر متعلّقا بالأخلاق ؛ إذ معيار الأخلاق ليس هو الذوق العام. و حيث أنّ الذوق العام للبشر يرى أن الوردة جميلة فالوردة جميلة حقيقة ، و حيث أنّ الذوق العام للبشر يرى أنّ الاغتسال من الوحل أمر قبيح فهو أمر قبيح حقيقة. فإن ظهر شخص و قال بأنّ الوردة قبيحة و الاغتسال من الوحل جميل ، يكون كلامه مرفوضا إذ قد خالف بقوله الذوق العام. أمّا مالم يتّفق الذوق العام عليه فهو جمال نسبي ، فالبعض يرى أن الفتاة ضعيفة الوزن جميلة و البدينة قبيحة ، و البعض الآخر يرى أن الفتاة البدينة جميلة و ضعيفة الوزن قبيحة ، فإنّه لا يمكن الفصل في أيهما أجمل ؛ لأنّنا المعيار لم يحدّد هذه المسألة. فتكون الأولى هي الأجمل في نظر البعض و الثانية هي الأجمل في نظر البعض الآخر.
أمّا بالنسبة للنظام ، فمعيار النظام هو " القانون الطبيعي " . فإن استطعنا التعبير عن أمر موجود في الكون عن طريق قانون طبيعي بلغة الرياضيات أو غيرها من اللغات التي تعبّر عن القوانين الطبيعيّة ، فإنّ هذا الأمر منظّم في ذاته. و حيث أنّ العلاقة بين الذرات و العلاقة بين الشمس و الأرض و غيرها من الظواهر الطبيعيّة أمكن التعبير عنها على شكل قوانين طبيعيّة ، فإنّ هذه الظواهر تكون منظّمة. و حيث أنّها منظّمة فهي تحتاج إلى منظّم. أما الظواهر التي لم نستطع معرفة قوانينها الطبيعية فإننا لا نستطيع أن نقول أنّها منظّمة ، و لكن قد تكون هي منظّمة في الحقيقة ، و لكن نحن العاجزين عن اكتشاف النظام أو التعبير عنه في شكل قوانين.
من خلال هذا المنظور ، تصبح الأخلاق و الجمال و النظام مطلق من وجه ، و نسبي من وجه آخر ، و ذلك لأنّها تحتاج إلى معيار لتكون مطلقة ، فإن لم نجد المعيار أو لم يحدّد المعيار موفقا واحدا ، يصبح الأمر نسبي يختلف من فرد إلى فرد أو من مجتمع إلى مجتمع.
Bookmarks