النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: المغالطات الكبرى : التفريق بين االإسلام و العلم الحديث

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Mar 2013
    الدولة
    مغرب العقلاء و العاقلات
    المشاركات
    3,002
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي المغالطات الكبرى : التفريق بين االإسلام و العلم الحديث



    لقد حاول الملاحدة و اللادينيون العرب جهدهم – على قلتهم و قلة بضاعتهم - تجريد القرآن و الإسلام من صفة العقل و العقلانية و فصله فصلا تاما عن المنهج العلمي باعتباره يتحدث عن غيبيات لا سبيل إلى إدراكها بوسائل العلم التجريبي. و ادعوا أن القرآن إنما تكلم في العلة من الخلق ''لماذا''، و لم يتكلم في ''الكيف'' و لا تقرر فيه بناء الإيمان على المشاهدة و على الدليل العقلي التجريبي و على منطق الرياضيات البحت،

    و كرد أولي على هذا الإدعاء نجد القرآن الكريم يدعو بكثافة إلى العلم و التفكر و النظر فيما خلق الله من شيء و إلى آثار صفاته العلى في الأنفس و الآفاق من علم و تدبير و حكمة و عدل و إحقاق للحق و تسوية بقدر وميزان و حساب دقيق ... كدلائل دالة كلها على أن الحقيقة العلمية المحضة هي التي يجب أن تسود و ليس الظنون و الأوهام و الادعاءات و الأباطيل التي لا دليل عليها :
    يقول الله تعالى :
    ﴿ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6)﴾
    ( سورة الطارق )
    {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (25) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (26) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (27) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (28) وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (29) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (30) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (31) مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (32)} [عبس : 17 - 32]
    و قال تعالى :
    {أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا} [الفرقان : 45]
    {أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [العنكبوت : 19]
    {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [العنكبوت : 20]
    {فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الروم : 50]
    {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ} [ق : 6]
    {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (20)} [الغاشية : 17 - 20]
    {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران : 191]
    {وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الرعد : 3]

    و مثل هذه الآيات كثير في القرآن ، بل لقد أسس القرآن و الإسلام عقيدة الإيمان على النظر في آيات السموات و الأرض فقال الله تعالى : {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ} [الأنعام : 75]
    و قد سار النبي محمد صلى الله عليه و سلم على نهج أبيه أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام في تقرير هذه الحقيقة فكان يختلي بنفسه قبل بلوغه الأربعين في غار حراء يتأمل فيه خلق الله و يتفكر في آياته بعيدا عن خرافات القوم و ضلالاتهم العقدية و السلوكية فلم يثبت عنه صلى الله عليه و سلم أنه جاراهم فيها و لو يسيرا و إلا لكان حجة عليه.

    و لنفس النهج دعانا الله تعالى في كتابه فقال : {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} [الأعراف : 185]
    و اليوم خَلَف خلْفٌ من الرعاع يتهم دينه بالتخلف العقلي و مناقضة العلم و المناهج العلمية الحديثة افتراء على الله و رسوله صلى الله عليه و سلم فأرادوا بذلك فصل الدين عن العقل و العلم كما فصلوه بالأمس القريب عن السياسة و الواقع، فهو عندهم مجرد أذواق و مواجيد و هلوسات روحانية أو نفسية صوفية و أوامر و وصايا من المدينة الفاضلة أكتتبها محمد عليه السلام و لا يزال يمليها الضمير المتدين على كل مسلم مخلص. في محاولة للإسقاط الحرفي لما يقوله الغرب المادي عن النصرانية التي اضطروها إلى أضيق السبل و حشروها في الزاوية لكثرة خرافات الدين الكنسي و بدعه التي ضاق بها العقلاء و العلماء ذرعا فأدت إلى إلحاد كثير منهم و على رأسها موت الإله و التثليت و خرافات كثيرة تصادم الحقائق العلمية منها أن عمر الأرض 6000 سنة و أنها مسطحة و ليست كروية .و أنها ثابتة ليس لها فلك و أنها مبسوطة على المياه، و تناقض في ترتيب خلق الشمس و القمر على خلق الليل و النهار، و كذا ما ذكر عن السماء و أنها مثل الجلد أو الخيمة أو الستار و عن مراحل خلق الجنين و صفات الحيوان كالطيور و الحيات و الأرانب و النعام ، و إباحة الخمر و الخنزير على ما فيهما من مضار صحية. ناهيك عن إهانة المرأة و إذلالها و اتهام الأبرص بالنجاسة ... إلخ هذه المناقضات للعقل و ليس للعلم فحسب.

    و يمكنكم قراءة المزيد عن خرافات الكتاب المقدس و الدين الكنسي هنا :
    http://islam4all.150m.com/bible/khorafat.htm

    فاحمدوا الله على دينكم يا مسلمين.

    و قد لا يكون هذا التخريف في الكتاب المقدس هو الدافع الأكبر لانحراف النصارى و الغرب عن دين الفطرة الذي يولدون عليه ''الإسلام'' و استعاضتهم عنه بالعلم المادي ، و لكن الدافع الأكبر و المباشر هو موقف الكنيسة الحاقد و الهمجي و المتخلف حقيقة من العلم و العلماء و هو مباين تماما لموقف الإسلام الذي كان أساس العلم و الحضارة في الأمة الإسلامية لقرون عدة،

    تقول الكاتبة مرفت عبد الجبار في مقال لها بعنوان :
    النصرانية بين التحريف والتخلف العلمي

    الطغيان العِلْمي:
    وهو آخر الأمور التي يُتَكلْم عنها في تلك الحقْبة؛ إذْ إنَّه بدأ يتحرَّك في الغرْب النصراني بعد صمْت طويل؛ من الطُّغيان الدِّيني، والفكري، والمالي، والسياسي.

    وهو أيضًا شَهِد ألوان الطُّغيان، بدءًا بمنْع مناقشة الأسرار المزعومة والتَّفكير فيها، وبَدأ الطغيان العلمي عندما قال العلماء بِكرويَّة الأرض، وأنْها ليست مرْكزَ الكون، فثارت ثائرةُ الكنيسة عليهم، وأحرَقَت البعْضَ وعذَّبَت الآخَر، وهدَّدت بالتعذيب والحرْق في النار إنْ لم يَكُفُّوا عن هذه "الهرطقة"، بحجَّة أنَّ التوراة قالت بأنَّ الأرض مسطَّحة، وهي مركز الكون.

    ويَرى البعض أنَّهم أخذوها من نظريَّة "بطليموس" التي تَجْعل الأرض مركزَ الكون، وتقول: إنَّ الأجْرام السَّماوية جميعَها تَدُور حولَها، لكنَّ القسِّيس "كوبرنيق" جاء بنظريَّة خلاف نظريتهم وشرَحَ نظريته في كتاب "حركات الأَجْرام السماوية" وطبعها، فانْقلَبوا ضدَّه، وساقوه إلى مَحكمة التفتيش، لكنَّه مات قبل الوصول إليها، ومنَعَت الكنيسةُ تَداولَ هذا الكتاب، ووصفَتْ ما فيه بالوساوس الشيطانية[19].

    وهذه الحادثة تُثْبِت لنا أنَّ الكنيسة - مع مَخاوِفِها من الحركة العِلْميَّة وما قد تؤدِّيه من فضْحٍ لحالها - تُصوِّر مدَى الجهل الذي كان قائمًا عليهم وعلى مجتمعهم، حتَّى إنْ تمَسَّكوا بخرافةٍ كتَبُوها أو حرَّفوها من قِبل أنفسهم، ولْنَقُل: إنَّ ذاك أقْصَى ما توصَّلوا إليه، لكنَّهم لم يكونوا يَمْلكون الاسْتعداد للتعلُّم ولا التَّشجيع عليه، بل الثورة ضدَّه، وهذا مُتَصادم مع الفطرة التي فَطَر الله الناس عليها، وهو العِلْم المقْرون مع الدِّين؛ قال - تعالى -: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ [العلق: 1 - 5].

    فقد شنَّعَت على مَن يريد العلم ووصفَتْ من طلبه بأنَّه خارج عن الدِّين، وفي ذلك أكبر جناية على العلْم، وجُنَّ جنونُها خشيةَ تأثُّرِ الطلاب المبْتَعثين بالعلم، ولا سيَّما العلم الذي كان لدَى المسْلمين، ويُقَدَّر عدَدُ من عاقبَتْهم المحاكم يبلغ ثلاثمائة ألْف، أُحْرِق منهم اثنان وثلاثون ألفًا أحياء، كان منهم العالِم الطبيعي المعروف "برونو" الذي نقمت الكنيسة من بعض آرائه التي أشدَّها قولُه بتعدُّد العوالم، وحكَمَت عليه بالقتْل، واقترحَتْ بألاَّ تُرَاق قَطْرةٌ من دمه، وكان ذلك بأن يُحرق حيًّا[20].

    و"جاليليو" الذي توصَّل إلى صنْع المِنْظار الفلَكِي "التِّلسكوب" والذي أيَّد نظرية مَن سبَقه "كوبرنيق" وقال بِدَوران الأرض، فسِيق إلى محكمة التفتيش، وحَكَم عليه سبعةُ كرادلة بالسجن، وفرَضُوا عليه تلاوةَ مزامير النَّدم السَّبعة مرَّةً كلَّ أسبوع طوال ثلاث سنوات[21]، فأعْلن توبتَه عن قوله لَمَّا عَلِم بمصير مَن سبقه.

    وبالتالي فإنَّ خلاصة هذا الفساد:
    • أنَّ فساد رجال الكنيسة ناجِمٌ من التحريف الذي أدخلوه على الدِّين، وتَرْكِهم له وعدم العمل به.
    • لَمَّا تعرَّضت قوانين رجال الكنيسة التي فرَضُوها على أنفسهم، والتي تخالف الفِطْرة، ظهَرَتْ ألوانُ الانْحراف فيهم، واستغلُّوا مكانتهم، فشرعوا قوانين تُرْضِي مطامعهم تحت قِناع القداسة؛ تلبيسًا وتضليلاً للعامَّة.
    • أنَّ طغيانهم، شَمل جميع أوجه المجتمع (دينيًّا، وفكريًّا، وسياسيًّا، وماليًّا، وعِلميًّا).

    ونتيجةً للطغيان الذي سبق من قِبَل الكنيسة على الجماهير، وخصوصًا في الجانب العلْمي، وما ترتَّب عليه من تعذيبٍ ومذابِحَ لمن حاول طَرْق باب العلْم، كلُّ ذلك وَلَّد في نفوسهم حقدًا وحنقًا على رجالات الكنيسة، وبخاصة العقلاء منهم، الذين يرَون تقَدُّم الأمم مِن حولهم، وهم قابعون في سُبَات الجهل، على الرغم من الحقائق التي تتبَدَّى لهم.

    والحقيقة التي قلَّ مَن يَذْكرها من المؤرِّخين الغرب: أنَّ الفتْح الإسلامي العظيم الذي مِن ثماره انتشارُ الفكْر الإسلامي الرَّاقي في المجتمع الغرْبي، وبخاصَّة الأندلس - تسبَّب في إيقاظ الناس من سُبَاتهم، فأُعجبوا بمناهجه العقليَّة والعِلميَّة القائمة على الحقِّ والأدلَّة في كل جزء من جزئياته الدِّينية والكونية، وحرَّكَهم نحو الاستزادة والانتفاع، بل جذب نورُ الإسلام بعضَ الرُّهبان أنْفُسهم كـ"يوحنَّا" الدمشقي، والراهب الفرنسي "جربرت" الذي انْتُخِب بابا لكنيسة روما عام 999م وغيرهم[22].

    فتأثَّروا بتلك الحضارة ونقَلُوها إلى بلادهم، فأنشَؤوا المدارس والمعاهد، ومنها المعاهد التي تدرِّس اللُّغة العربية ومُختلِف العلوم، وتتَلْمذ بعضُ الجماهير على علوم المسلمين، فوجدوا لدَى المسلمين دولة منظَّمة بحكَّام يعاونهم الناس، وتشجِّع على العلم ولا تَظْلم الناس وتستنْزف أموالهم، وشريعةً حاكمة بعدْل وميزان صحيح، لا بِهَوًى ولا بتحريف كما عند علماء دينهم، فما وجدوه كان جديدًا عليهم جملة وتفصيلاً، فانبهروا به، فحَرَّكتهم هذه الحضارة والبيئة العِلْمية من سُبات عميق.

    فرجَعوا إلى مجتمعاتهم ثائرين، وخصوصًا أنَّهم لم يجدوا ترحيبًا بالعلم بل تعذيبًا وتنديدًا بالقتْل، وقامت قيامة الكنيسة عليهم، فكفَّروهم واستحَلُّوا دماءهم، كما استحلُّوا دماء من سبَقهم، لكنَّ محاولات الكنيسة فشلت، وكَرِه أتْباعُها من الجماهير المتعلمة الدين أيما كراهية، حتى قال ماركس قولته الشهيرة: "الدِّين أفيون الشُّعوب".

    وهذه الكراهية الشديدة للدِّين ولَّدَت لديهم علمانيَّة بَحْتة لا تَعْترف بالدِّين فيما بَعْد، بل قامت كلُّ علومهم على الإلْحاد، وما كان لِيَحدث هذا لو أنَّ الكنيسة فَتَحت لهم باب العلم، لكنَّهم أسندوا الحوادث إلى الطبيعة بدلاً من الله - تعالى - وانقلبوا على رجال دينهم أيما انقلاب، وانشطرت الكنيسة، ومن ذلك ما فعَله "مارتن لوثر كنج" الذي خرج بالكنيسة البروتستانتية بعد الثورة التي قادها ضدَّ الكنيسة الكاثوليكية (1546) م[23].

    وهم مع ذلك - ولا سيَّما الرهبان الذين تأثَّروا بالعلم - على الرغم من انتفاعهم بعلوم المسلمين لم يَنْسَوا حقْدَهم الدَّفين ضدَّ الإسلام والذي وَرَّثُوه لأجيالهم، فأخذوا يشوِّهون صورته، ونسبوه ظلمًا وزورًا إلى الفلسفة الإغريقيَّة، ناسين أو متناسين فضْلَ الإسلام وعلوم المسلمين عليهم، ويُؤْخَذ ذلك على المسْلمين أنفُسِهم؛ إذْ إنَّهم لم يجتهدوا في تبليغ دعوتهم للناس بشكل كافٍ يؤثِّر فيهم؛ لذلك ظلَّ الإسلام مُشَوَّه الصورة عند الغرب.

    وهذه الثورة العلمية عند الغرب بعد القهر أخذَتْ تعمل على محاصرة رجال الكنيسة وعَزْلهم وطقوسهم عن العلْم والسياسة شيئًا فشيئًا حتى تضاءَلَت.

    ونهضت أوربَّا بعد صراع طويل مَرِير مع الكنيسة ورجالها الَّذين نَشط المحرِّضون ضدَّهم، ولا سيَّما من اليهود الَّذين وصل بعضهم إلى مرْتبة كردينال، تمامًا كما خطى بولس!.

    وأَخذ العِلمُ في أوربا يزدهر، وابتدأ بالفلسفة، وتَمَّ فصْل الكنيسة تدريجيًّا عن كل ما يتعلَّق بالمجتمع، ثم تلَتْها العلوم الرياضيَّة والطبيعية التي انفصلت عن الفلسفة وأصبحت مستقلَّة، ومَجَّدت العقل، فانحرفت عن المجال الدِّيني، وطغَتْ لدرجة الإلحاد، وما ينتمي إليه من مذاهب أشهرها الماركسيَّة، وبرَزَت في العلوم المختلفة غير المقرونة بشيءٍ يُنْسَب إلى الدِّين، فأصبحوا "عقولاً بلا هويَّة" إلى وقْتنا الحاضر.

    فنجَم عن ذلك المشكلاتُ النفسيَّة والانتحار؛ لأنَّه لا قاعدة إيمانيَّة تَضْبطهم، وكذلك التجارب التي يُجْرونها بلا مراعاة لنتائجها وصولاً لنتيجة محدَّدة، وهذا ما يَختلف عند علماء المسلمين السابقين؛ فهم لا يَقُومون بتجارب إلاَّ وهم متأكِّدون أنَّها لا تُحْدِث ضررًا على الإنسان، بينما الغرب يقوم بالتَّجارب بِلا تحَفُّظ، فتظهر الكوارث المدمِّرة كتجارب الطَّاقة النوويَّة والأبحاث البيولوجية، وخصوصًا في محاولة التأثير على الجِينات الوراثية للتحَكُّم فيها، ونرى اليوم الاسْتنساخ وما شاكله من طوامَّ تَضُر بالإنسان.


    وخلاصة هذا القمع القسري:
    • شعور الغرب النصراني بالقهر والعيشِ تحْتَ وطْأة الجرائم والتعذيب والحرمان من جميع مقوِّمات الحياة الكريمة - أشْعَرَه بالذُّل، وبالتالي الاتِّجاه نحو مقاومة الفساد.
    • انْبهار الغرب بالثقافة الإسلاميَّة جعَلَهم يُدْرِكون مدى التخلُّف الذي يعيشونه فكريًّا، فأرادوا نَقْل هذه الصُّوَر المشْرقة إلى مجتمعاتهم.
    • سطْوَة الكنيسة على العلماء وقَمْعهم وتعذيبهم زاد المجتمع الغربي يقينًا بفساد الكنيسة ورجعيَّتها.
    • تحقَّقت الثورة والانقلاب على الكنيسة بعد عدَّة محاولات كانت في بدايتها إصلاحيَّة تنويريَّة، لم تتقَبَّلْها الكنيسة، فتوجَّهوا إلى الثورة.
    • جفاء الكنيسة وقمعها للعلماء ولَّدَ لديهم كرهًا شديدًا لكلِّ ما يتَّصل بالدِّين؛ وبالتالي انتشار الفكر الإلحادي المادي الذي يمجِّد العقْل ويَلْعن الكنيسة.
    • التخَبُّط الكبير في المفاهيم الذي يعيشه الغرب اليوم، نَتيجتُه انفلاتُهم التامُّ من التعاليم الدينية، وعَزْل الدِّين عن العلم، تمامًا كما كانت الكنيسة تَعْزل العلم عن الدِّين، فبالتالي يظَلُّ هذا المجتمع مَهْما تقدَّم يعيش التخلُّف في الجوانب الروحية والإيمانية التي تَضْبِط له حياتَه، وإنْ تقدَّم في أمور أخرى.انتهى من موقع الألوكة


    http://www.alukah.net/sharia/0/24509/

    الآن ماذا عن المنهج العلمي في القرآن و الإسلام و كيف تناول القرآن علوم الحياة و الكون و الإنسان ؟

    القرآن تحدى الخلائق أن يأتوا بمثله و هذا التحدي ليس مقصورا على بلاغته فحسب بل شمل كل شيء احتواه بين دفتيه من علوم و أخبار و تفاصيل شرعية لحياة الإنسان كالإرث و الإقتصاد و القانون و القضايا الاجتماعية المختلفة و سبر أغوار النفس البشرية إلى أبعد مدى فلا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه. و هذا التحدي الشامل ما زال مستمرا إلى يومنا هذا عدا حفظ الله لسطور القرآن و حروفه عن التبديل و التحريف، فهل استطاع المخالفون المنكرون إبطال هذا التحدي و إظهار خطأ في القرآن من أي وجه كان ؟
    هل هناك مثلا في القرآن أو في السنة التي هي تبيان للقرآن شيء إسمه خرافة علمية ، و هل وافق الإسلام قرآنا أو سنة على خرافات اليهود و النصارى في كتبهم المحرفة أم هل عارض العلم و العلماء في حقيقة علمية ثابتة أو اكتشف العلم ما يخالف القرآن و السنة في شيء ؟

    نذكر أن هذا المنتدى قائم بحمد الله لهذا الغرض و لتحقيق هذه الغاية ، فنحن نتحدى كل ملحد و كل لاديني أن يأتينا بشيء من القرآن أو السنة يناقض العلم اليقيني لا مجرد نظريات مفتعلة هنا و هناك. كما وقد جهد أسود المنتدى بارك الله فيهم في تبيان مطابقة كثير من القرآن للحقائق العلمية الثابتة على وجه مفصل تجدونه مبثوثا في مواضيع شتى و تحت عناوين تترى في المنتدى وفي منتديات أخرى مباركة و في مواقع الإعجاز العلمي في القرآن و السنة على الأنترنت.

    و هذه بعضها :
    فيديو رائع يتحدث عن الإعجاز في خلق الانسان بالأدلة العلمية
    http://quran-m.com/quran/article/286...الأدلة-العلمية
    موعد تحرك الجنين معجزة علمية
    http://quran-m.com/quran/article/265...ين-معجزة-علمية

    الأقمار الصناعية تشهد بنبوة محمد : عن قبلة مسجد اليمن
    http://quran-m.com/quran/printarticles/2250
    تمدد الكون
    http://quran-m.com/quran/article/2852/تمدد-الكون
    مرور البرق ورجوعه معجزة نبوية
    http://quran-m.com/quran/article/266...عه-معجزة-نبوية
    تميز بول الغلام الرضيع من دلائل النبوة الخاتمة
    http://quran-m.com/quran/article/272...النبوة-الخاتمة
    نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ
    http://quran-m.com/quran/article/255...بَةٍ-خَاطِئَةٍ
    الحجر الصحي
    http://quran-m.com/quran/article/2533/الحجر-الصحي
    الإعجاز العلمي في حديث الثلث
    http://quran-m.com/quran/article/213...-في-حديث-الثلث
    مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان
    http://quran-m.com/quran/article/293...برزخ-لا-يبغيان
    أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج
    http://quran-m.com/quran/article/257...-لجي-يغشاه-موج
    مواضيع في الإعجاز التشريعي و الانساني في القرآن و السنة
    http://quran-m.com/quran/suncategory...علوم-الإنسانية


    و كتتمة اخترت للقارئ الكريم المقال التالي الذي يظهر العلاقة الوثيقة بين القرآن و الإسلام و بين العلم و البحث العلمي بدلالات النصوص و التاريخ، و التأكيد على أن المنهج العلمي القرآني هو الأفضل في تقرير الحقائق و البحث عنها و استكشافها و سبر أغوارها في كل زمان و مكان :

    المنهج العلمي المعاصر في ضوء القرآن الكريم
    أ.د/ أحمد فؤاد باشا(1)

    إسلامية المنهج العلمي:


    إن الأخذ بالمنهج الإسلامي في مجالات البحث العلمي يجب ـ في اعتقادنا ـ أن يقبل على أنه حقيقة منطقية وضرورة حضارية، أما القول بأن إسلامية المنهج العلمي حقيقة منطقية فيكفي شاهداً على صحته أن علوم الكون والحياة إسلامية بطبيعتها، لأن موضوعات البحث فيها هي كل ما خلق الله في كتابه المنظور. كما أن قراءة التراث الإسلامي تدلنا على أن المسلك الذي اتبعه علماء الأصول وعلماء الحديث في الوصول إلى الصحيح من الوقائع والأخبار والأقوال قد انسحب على أسلوب التفكير والتجريب في البحث العلمي، فنرى على سبيل المثال أن الحسن بن الهيثم قد استخدم الاستقراء وقياس الشبه في شرحه لتفسير عملية الإبصار وإدراك المرئيات حيث يقول: ( لا يتم الإدراك إلا بتشبيه صورة المبصر بصورة قد أدركها المبصر من قبل، ثم إدراك التشابه بين الصورتين، ولا يدرك التشابه بين الصورتين إلا بقياس ) كما نجد ابن الهيثم يستعمل لفظ الاعتبار ( وهو قرآني ) ليدل على الاستقراء التجريبي أو الاستنباط العقلي.

    وهذا أبو بكر الرازي يصف منهجه في تعامله مع المجهول مستخدماً الأصول الثلاثة ( الإجماع ) والاستقراء، والقياس، فيقول: ( إنا لما رأينا لهذه الجواهر أفاعيل عجيبة لا تبلغ عقولنا معرفة سببها الكامل، لم نر أن نطرح كل شيء لا تدركه ولا تبلغه عقولنا، لأن في ذلك سقوط جل المنافع عنا، بل نضيف إلى ذلك ما أدركناه بالتجارب وشهد لنا الناس به، ولا نحل شيئاً من ذلك محل الثقة إلا بعد الامتحان والتجربة له... ما اجتمع عليه الأطباء وشهد عليه القياس وعضدته التجربة فليكن أمامك[4].

    وأما قولنا بأن إسلامية المنهج العلمي ضرورة حضارية فذلك لأن إسلامية المنهج، أو أسلمته، من شأنها أن تخلع عليه من خصائص الإسلام ما يجعله عالمياً وصالحاً للتطبيق في كل زمان.

    فالتصور الإسلامي يوحي بأن الحركة الدائبة والتحول المستمر هو الناموس الثابت المطرد لهذا الوجود الحادث الفاني، وهو بصفة خاصة قانون الحياة وقاعدتها... ومن ثم يوجه النظر إلى هذه الحركة الدائبة، وهذا التحول المستمر في الكون والحياة، وما يطرأ عليهما دائماً من تقلبات وأطوار، ولكنه ينسب كل شيء إلى مشيئة الله وقدره، فيخرج بذلك من كل المتناقضات التي تعانيها الفلسفات الوضعية والتي لم تجد لها حلاً شاملاً[5].

    ونعتقد أن إدراك المسلمين الأوائل لهذه الحقيقة بكل أبعادها الإيمانية كان السبب الأول لتقدمهم ورقيهم، بعد أن وجدوا في مبادىء الإسلام كل مقومات الازدهار العلمي والحضاري، وهدتهم تعاليم الدين الحنيف إلى أصول المنهج العلمي السليم[6].

    وعندما انتقلت العلوم الإسلامية إلى أوربا، فطن علماؤها إلى سر تقدم المسلمين، وسعوا إلى اتباع منهجهم بعد أن وجدوه سمة العلوم في الحضارة الإسلامية، وقال (روجير بيكون ) في ذلك: إنه باتباع المنهج التجريبي الذي كان له الفضل في تقدم ( العرب )، فإنه يصبح بالإمكان اختراع آلات جديدة تيسر التفوف عليهم... ففي الإمكان إيجاد آلات تمخر عباب البحر دون مجداف يحركها، وصنع عربات تتحرك بدون دواب الجر، وإيجاد آلات طائرة يستطيع المرء أن يجلس فيها ويدير شيئاً تخفق به أجنحة صناعية في الهواء مثل أجنحة الطير[7].

    لكن النهضة الأوروبية لم تأخذ من العلوم الإسلامية سوى الجانب المادي من منهجها التجريبي وتتنياتها، وتركت جانباً الإيمان الذي يوجهها نحو الله تعالى، ويسخرها لخدمة البشر؟. ولذا فإن العلم في الحضارة المادية الحديثة والمعاصرة، بتخليه عن الإيمان والسمو الروحي، قد اعتبر قيمة حقيقة مطلقة في حد ذاته، وبالغ الناس في تقديسه وتمجيده على أساس أنه هو القوة القادرة على تحقيق الجنة الموعودة للإنسان على الأرض. فأنصار هذه النزعة العلمية المتطرفة (scientism) يردون كل شيء إلى العلم، ولا يسلمون إلا بالمنهج العلمي والحقيقة العلمية.

    كذلك أصبح التطور الكمي للعلم والتقنية غاية في حد ذاته، ونشأت ( النزعة التقنية المتطرفة Technocracy) التي يرمي من أنصارها من التقنيين والخبراء الفنيين إلى فرض سيطرتهم باعتبارهم الأحق في هذا العصر بإدارة المجتمع واتخذا القرارات الكبرى بشأنه. وأمام هذا التطرف العلمي، وفي مقابله ظهرت حركات عقلية جديدة تدعو إلى ( اللاعلمية Antiscience) وتحارب الانغماس الأعمى في ماديات الحضارة الصناعية، وترفع صيحات التحذير من أن اطراد التقدم العلمي والتقني بدون النظر إلى صلته بمعنى الحياة الإنسانية سوف ينتهي بالإنسان إلى القضاء على حضارته، بل إن بعض هذه الحركات المناهضة لتقديس العلم والتقنية أخذت تدعو إلى الهروب من الحضارة المعاصرة بكل ما فيها من مظاهر مادية خادعة، ورفعت شعارات العودة إلى الفطرة[8].

    من هنا كانت إسلامية المنهج العلمي، أو أسلمته، ضرورة حضارية ملحة لضمان مواصلة التقدم العلمي والتقني مع الحفاظ على إنسانية الإنسان.

    ذلك لأن الإيمان الخالص والسمو الروحي يأتيان في مقدمة الخصائص التي يتميز بها المنهج العلمي الإسلامي، وإليهما تعزى كل القوى الدافعة لملكات الباحث العلمي على طريق الإبداع والابتكار. فالإيمان الخالص هو الذي يجعل العقل أقدر على كشف الحقيقة العلمية، وأكثر تهيؤاً لاستقبالها وقبولها. وهل الكشف العلمي إلا حل لمشكلة يظفر به الباحث بعد عناء تحليل منهجي شاق ودقيق، أو يناله في فكرة طارئة، أو في رؤية تتراءى له، أو يخطر له في حلم أو إلهام.

    وإذا كان ما حدث في الغرب من انزواء لعلوم الدين في أركان الكنيسة يتعلق بالصراع بين الكنيسة والعلماء، فإنه من الخطأ أن يسود الاعتقاد بأن الانفصال بين العلم والدين شرط من شروط قيام الحضارة، أو أن العلم بفروعه المختلفة لا يمكن إلا أن يكون ( علمانياً ). لقد أدى هذا الاعتقاد الخاطىء في بلاد المسلمين إلى حالة من الركود العلمي شُلّت في ظلها كل مقومات الإبداع والابتكار في مختلف مجالات النشاط الإنساني[9].

    ولم يعد أمامنا الآن سوى الأخذ بالمنهج العلمي الإسلامي الذي سبق لأسلافنا أن صنعوا به حضارة تزهو على كل الحضارات. فهو الأقدر على إذكاء روح الصحوة الإسلامية الحضارية، وعندئذٍ سيكون له أجل الأثر في تصحيح وجهة العلوم لدى عقلاء الغرب ومفكريه إذا ما درسوا الإسلام في حقائقه، واستفادوا من منهجه في إصلاح شؤون حضارتهم.

    الثوابت والمتغيرات في المنهج العلمي:

    سبق أن ذكرنا أن تصورنا العام لبيئة المنهج العلمي الإسلامي سوف نستلهمه مباشرة من خصائص التصور الإسلامي ومقوماته، وذلك انطلاقاً من الإيمان التام بأن الثوابت والمتغيرات الإسلامية يجب أن تكون هي الإطار الذي يحكم كل مناهج النظر في قضايا الوجود والفكر، والمعيار الذي يحدد ضوابط التطبيق الإنساني لتلك المناهج بما يحقق إرادة الله سبحانه وتعالى في إعمار الحياة على الأرض. فالإسلام يتميز عن كل ما عداه من الشرائع السماوية ـ أو الفلسفات والمذاهب الوضعية ـ بخاصية التوازن بين الثبات والتطور والجمع بينهما في تناسق مبدع، واضعاً كلاً منهما في موضعه الصحيح... الثبات فيما يجب أن يخلد ويبقى من أهداف وغايات وأصول وكليات، والمرونة فيما ينبغي أن يتغير ويتطور من وسائل وأساليب وفروع وجزئيات. ذلك لأن الله سبحانه وتعالى قد شرع المنهج الإسلامي للكينونة البشرية كلها، في جميع أزمانها وأطوارها، ليكون أصلاً ثابتاً تتطور هي في حدوده، وترتقي وتنمو وتتقدم دون أن تحتك بجدران هذا الإطار. وما ينطبق على المنهج الإلهي الذي أخبر الله به عباده ينسحب كذلك على الصنعة الإلهية في الكون كله، فحركة الحياة والفكر تستمر وتتسارع داخل إطار ثابت وحول محور ثابت. ومادة الكون في مجموعها ثابتة، وإن اتخذت أشكالاً مختلفة دائمة التغير والتطور. وجوهر الإنسان واحد، وإن تقدمت معارفه وتضاعفت إمكاناته، فهو يمر بأطوار شتى يرتقي فيها وينحط حسب اقترابه أو ابتعاده من جوهر إنسانيته.

    إن الثوابت الإسلامية هي التي تضبط الحركة البشرية والتطورات الحيوية فلا ينفلت زمامها كما وقع لأوروبا عندما أفلتت من عروة العقيدة، كما أن الثوابت الإسلامية هي التي تصون الحياة البشرية، وتضمن مزية تناسقها مع النظام الكوني العام، وتحكم قوانين التطور فلا تتركها على إطلاقها[10].

    وعندما نعرض الآن لبناء منهج علمي في ضوء هذا التصور الإسلامي، فإنه يتعين علينا قبل كل شيء أن نحدد الثوابت والمتغيرات الفكرية والعملية لهذا المنهج، ويكون من السهل بعد ذلك توصيف المناهج الفرعية للعلوم المختلفة في إطار النسق الإسلامي لبنية المنهج العلمي العام بأصوله وكلياته.

    ( أ ) ثوابت فكرية إيمانية:

    ونعني بها مجموعة المسلمات والقضايا الأساسية التي يتعين على الباحث أن يسلم بصحتها منذ البداية، وأن ينطلق منها في كل عمليات التفكير العلمي قبل شروعه في ممارسة البحث والتنقيب عن سر ظاهرة ما من الظواهر التي يعمد إلى دراستها. ومثل هذه المسلمات تعتبر ـ في رأينا ـ مقدمة ضرورية في بنية النسق الإسلامي لمناهج البحث العلمي، وذلك لفائدتها العظمى في تهيئة الباحث الجيد، وتزويده بمبادىء بسيطة أو مركبة، تساعده على تكوين النظرة الكلية الشاملة، ولا تؤدي أبداً إلى تناقض مهما بلغت مسيرة العلم وإنجازات التقنية ويمكن إجمال هذه الثوابت فيما يلي:

    1ـ التوحيد الإسلامي:

    التوحيد[11]هو أول الثوابت الإسلامية ومصدر باقي المسلمات الفكرية والإيمانية، طالبنا الحق سبحانه وتعالى به في أول ما نزل من آيات القرآن الكريم، ليكون بمثابة نقطة الانطلاق وحجر الزاوية في بناء أي نسق علمي سليم يوجه رؤية الإنسان الصائبة لحقائق الحياة والفكر والوجود، ويساعده على فهم وقراءة كلمات الله القرآنية في كتابه المسطور، وكلماته الكونية في كتابه المنظور[12].

    قال تعالى: )اقرأ باسم ربك الذي خلق ([سورة العلق: 1].

    وقال سبحانه: )إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون ([سورة يس: 82].

    وعقيدة التوحيد الإسلامي هي التي تحفظ كرامة الإنسان وتكريمه بإخضاعه للخالق الواحد جل وعلا، وتحرره من سلطان العقائد الوثنية أو المذاهب الوضعية.

    فالله سبحانه وتعالى هو الحق المطلق، وهو مصدر كل الحقائق المعرفية الجزئية التي أمرنا بالبحث عنها واستقرائها في وحدة النظام بين الظواهر الطبيعية والإنسانية، باعتبارها مصدراً للثقة،وليست ظلالاً أو أشباحاً أو مصدر للمعرفة الظنية كما نظرت إليها الثقافة اليونانية.

    وفي ظل عقيدة التوحيد الإسلامي تتحقق أسلمة العلوم ومناهجها وتقنياتها بمعناها الصحيح، ويصبح المفهوم الإسلامي للعلم أوسع وأشمل من المفهوم الشائع لدى فلاسفة العلم على اختلاف مذاهبهم. فهناك العلم الظاهر في عالم الشهادة، والعلم الغيبي الذي أخبرنا الله به في القرآن الكريم وعلى لسان نبيه الأمين عليه الصلاة والسلام.

    ويكون العلم الظاهر دنيوياً بعلاقاته مع الأشياء، وتعبدياً في نفس الوقت لصلته بالله الواحد.

    ومن كانت عقيدته الدينية هي ( التوحيد ) يجد في نفسه دافعاً أقوى مما يجد سواء نحو أن يبحث دائماً عن الوحدة التي تؤلف بين الكثرة أياً كان الموضوع، فيبحث عن محور الوحدانية في الشخصية الإنسانية برغم اختلاف الجوانب الكثيرة في حياة الفرد الواحد، واختلاف العلوم الباحثة في تلك الجوانب. وكذلك يبحث عن محور الوحدانية في الكون بأجمعه مجتمعاً في وجود واحد.

    ومن لطائف العلم التي نشير هنا إليها ما نلاحظه من تشابه بين نواميس القوى الطبيعية الناتجة عن خصائص المادة الجوهرية، على نحو ما يبدو من قوانين الجذب الكهربي والجذب التثاقلي على سبيل المثال. وقد شرع العلماء حديثاً في البحث عن الصيغة العلمية ( الرياضية ) التي توحد بين مختلف أنواع القوى الموجودة في الطبيعة، وأحرزت جهودهم نجاحاً كبيراً على هذا الطريق[13].

    ومن الصفات الجديدة للمعرفة العلمية المعاصرة أن الحواجز الظاهرية بين فروع العلم المختلفة أخذت تذوب تدريجياً لكي تحل العلوم المتداخلة والمتكاملة محل العلوم المتعددة والمنفصلة، ويتوقع فلاسفة العلم والمؤرخون له أن العلوم كلها يمكن أن تندرج في بناء نسقي واحد بحيث يكون ترتيبها في ذلك النسق المتكامل ترتيباً قائماً على وضع ما هو خاص من قوانين ومبادىء وفروض تحت ماهر أعم منه. ولقد توقع هيزنبرج هذه النتيجة للعلوم المعاصرة عندما ذكر في محاضرة ألقاها بجامعة لايبزج عام 1941 أن ( الفروع المختلفة للعلم قد بدأت في الانصهار في وحدة كبيرة ) [14]. وحول فكرة ( العلم الموحد ) هذه يقول رودلف كارناب: ( لا وجود لمصادر متعددة للمعرفة، بل هناك علم واحد فقط. فجميع المعارف تجد لها مكاناً في هذا العلم. والمعرفة في حقيقتها ذات نوع واحد فقط، وما المظهر الخارجي للخلافات الأساسية بين العلوم إلا نتيجة مضللة لاستخدامنا لغات فرعية للتعبير عن هذه العلوم ) [15].

    والباحث المؤمن هو الذي يفهم شهادة التوحيد في إطاره الشامل الذي يجمع بين وحدة النظام في بناء الذرة وبناء المجموعة الشمسية، وبين وحدة الطاقة بردها إلى أصل واحد وإن تعددت صورها، وبين وحدة الحركة في طواف بردها إلى أصل واحد وإن تعددت صورها، وبين وحدة الحركة في طواف الإلكترونات حول النواة، وطواف الكواكب حول الشمس، وطواف المسلمين حول الكعبة المشرفة.

    إن تأكيد كل هذه المعاني في فكر الباحث العلمي ووجدانه يعتبر من أهم مقومات الشخصية العلمية التي يبدع العلماء على أساسها في اطمئنان وهدوء ونقاء.

    وهنا يتحقق الانسجام الكامل بين الفكر والعمل، بعيداً عن غيوم المذاهب الفلسفية الرديئة التي تشوه الوجه الناصع لكل حقيقة.

    2ـ النظام الكوني:

    إن الإيمان بوحدانية الله سبحانه وتعالى يستلزم بالضرورة العقلية أن يرد الإنسان كل شيء في هذا الكون إلى الخالق الحكيم الذي أوجد هذا العالم بإرادته المباشرة المطلقة، وخلقه على أعلى درجة من الترتيب والنظام والجمال، وأخضعه لقوانين معينة ثابتة لا يحيد عنها، وحفظ تناسقه وتوازنه في ترابط محكم بين عوالم الكائنات، وتنسيق معجز بين آحادها ومجموعاتها، وجعل بناءه آية في الروعة والكمال، ليس فيه اختلاف ولا تنافر، ولا نقص ولا عيب ولا خلل.

    قال تعالى: )تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير. الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً وهو العزيز الغفور. الذي خلق سبع سماوات طباقاً ما ترى فيخلق الرحمن من تفاوت فأرجع البصر هل ترى من فطور. ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئاً وهو حسير ([سورة الملك: 1 ـ 4].

    وقد أكد القرآن الكريم هذا المعنى في مواضع مختلفة، ونبه العباد إلى الحكمة السامية وراء التناسق والإبداع في خلق هذا الكون. وذلك في مثل قوله تعالى: )الذي أحسن كل شيء خلقه ([سورة السجدة: 7].

    وقوله: )إنا كل شيء خلقناه بقدر ([سورة القمر: 49].

    وقد شاءت إرادته تعالى أن تبين لنا من خلال نظام الكون ووحدته استمرارية المواد كأشياء، وتكرر الحوادث والظاهرات كعلاقات سببية لنراقبها وندركها وننتفع بها في حياتنا الواقعية، بعد أن نقف على حقيقة سلوكها ونستدل بها على قدرته ووحدانيته. قال تعالى: )سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق ([سورة فصلت: 53].

    وقال سبحانه: )ولن تجد لسنة الله تبديلاً ([الفتح: 23].

    وفي إطار المفهوم الإيماني لمسلمة النظام الكوني واطراد الظاهرات الطبيعية كعلاقات علية يتمتع الباحث المسلم بالاطمئنان والثقة اللازمين لمواصلة البحث العلمي، إيماناً منه في ضمان بلوغ تعميقات أو قوانين علمية من مجموعة محددة من الوقائع، وهذا لا يتوفر مثلاً لباحث آخر ينطلق في تفكيره من مبدأ ( الحتمية ) الذي يفترض أن صدق أحداث الكون مستقل عن الزمان والمكان. وعندما ينتقل العلم إلى مرحلة جديدة تتميز باللاحتمية أو عدم اليقين، يتعين على هذا الباحث أن يتخلى عن إيمانه بمبدأ الحتمية المطلقة ويبحث عن مبدأ جديد، لكن التصور الإسلامي للنظام الكوني ينقذ العلماء من التخبط في التيه بلا دليل، كالإحالة على الطبيعة أو العقل أو المصادفة أو ما إلى ذلك.

    كما أن هذا التصور الإيماني يجعل الطريق مفتوحاً دائماً أمام تجدد المنهج العلمي وتطوره بما يتناسب مع حالة العلم في المرحلة التي يبلغها من تطوره.

    وهنا أيضاً تظل العلاقة بين إرادة الله واطراد القانون الطبيعي واضحة جلية، لما تفسحه من مكان لتفسير حدوث الخوارق والمعجزات التي يظهرها الله بين الحين والحين، تذكيراً للإنسان بأن الله سبحانه وتعالى هو مصدر الوجود، وأن كل ما في الكون من قوانين مستمد فمن إرادته ومتوقف عليها[16].

    وإذا اختل نظام السنن الكونية الثابتة، فإن هذا في كتاب الإسلام يعني اقتراب قيام الساعة، ويؤذن بانتهاء الحياة على الأرض[17].

    3ـ فريضة البحث العلمي:

    كثيرة هي النصوص القرآنية والأحاديث النبوية التي تحث على طلب العلم والبحث العلمي بأسلوب منهجي سليم، ويصعب في هذا الحيز استقصاء الآيات التي دعت إلى البحث في مخلوقات الله تعالى الكونية والطبيعية، لكن الباحث المسلم يجب أن يكون على دراسة كاملة بكل التعاليم الإسلامية التي تجعل من مهمته فرضاً كفائياً. وعندما يطلب المسلم علماً على النهج الإسلامي يكون فهمه للحياة والكون طريقاً للوصول إلى الله سبحانه وتعالى: )ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار ([سورة آل عمران: 191].وتكون وجهته دائماً لعمل الخير انطلاقاً من القاعدة العامة في ضرورة الربط بين النظرية والتطبيق: )يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون. كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تعلمون ([سورة الصف: 2 ـ 3].ويكون تصوره لقيمة العلم النافع أعم وأشمل، فهي تتعدى حدود العمر والفضل والمصدر. وكل علم يحتاجه المسلمون فرض كفاية، فإن لم يوجد بينهم من يحسنه فالكل آثمون، وليست الكفاية أن يوجد من يعرفه، بل في وجود المجموعة التي تغطي احتياجات الأمة. والتخصصات العلمية المختلفة ضرورية لكل مجتمع، والإخلال بأحدها يؤدي إلى الإخلال بالواجب الأعظم، وهو عبادة الله حق عبادته، وإعلاء كلمته في الأرض.

    وقد أدت الأخطاء البشرية في تناول مناهج المعرفة إلى تدنيس الفطرة الحنيفة المؤمنة بالله، وظهرت العلمانية في العالم الغربي لتضع حداً فاصلاً بين العلم والدين، وكان من نتائج هذا الفصل أن فقدت العلوم أساسها الأخلاقي، وظهرت المذاهب الوضعية لتكون بمثابة دين اجتماعي للمجتمعات التي تعتنقها، ولهذا: فإن البحث العلمي السليم لا يمكن أن يحقق غايته الإيمانية إلا إذا استعاد علاقته الأولى بمبادىء الإسلام، وعندئذٍ سكون التفكير العلمي لدى البشر قد استعاد طبيعته الحقة، بوصفه بحثاً موضوعياً عن الحقيقة أينما وجدت[18].

    من ناحية أخرى: عندما يمارس الباحث المؤمن عمله العلمي باعتباره فريضة إسلامية، فإنه يكون على دراية تامة بما تدعو إليه تعاليم الإسلام من محاربة التنجيم والتنبؤ العشوائي والتعصب للعرف والعرق، وبتخذيرها من الاطمئنان إلى كل ما هو شائع أو موروث من آراء ونظريات، وهنا لن يجد الباحث المسلم أي عناء في إدراك أن هذه التعاليم الإسلامية التي تحارب كل معوقات البحث العلمي تعتبر أوسع وأشمل مما يعرف بأوهام الكهف والسوق والمسرح لبيكون، والتي كثيراً ما يباهي بها ويروج لها فلاسفة العلم وشراح المنهج العلمي[19].

    4ـ نسبية المعرفة العلمية:

    تتميز المعرفة العلمية بأن تحصيلها يتم نتيجة نشاط إنساني مقصود، يهدف الباحث من ورائه إلى دراسة ظواهر معينة يعكف عليها ويتناولها بالملاحظة الدقيقة وبالتحليل، مستخدماً في ذلك منهجاً يتفق وطبيعة موضوع البحث، بغرض التوصل إلى قوانين عامة تفسر اطراد الظواهر المعنية تمهيداً للاستفادة منها.

    والمعرفة العلمية بهذا المعنى تمثل الشق المادي لمفهوم العلم الشامل في الإسلام.

    ومن هنا فإن الحقائق المعبرة عن السلوك الفعلي لظواهر الكون والحياة تظل مستورة في الشق غر المكتشف من العلم حتى يأذن الله بكشفها تدريجياً على أيدي من يشاء من عباده، وإنها لمجلية حتماً في يوم معلوم مهما تعرضت من خلال البحث عنها لمختلف ضروب التشعيب والتحيز المقصود وغير المقصود وذلك مصداقاً للوعد الإلهي في قوله تعالى: )سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق ([سورة فصلت: 53].

    ولما كانت طبيعة المعرفة العلمية تتطلب إجراء البحث والدراسات المكثفة على أجزاء محدودة جداً من الكون وظواهره، وبمعزل عن بعضها البعض، دون إلمام بكافة الجوانب المتصلة بموضوع البحث والمؤثرة عليه، فإن إدراك الحقيقة الكاملة المطلقة يظل دائماً هدفاً أسمى يسعى إليه العلماء من خلال عملية الحقيقة الكاملة المطلقة يظل دائماً هدفاً أسمى يسعى إليه العلماء من خلال عملية تصحيح مستمرة لمسيرة العلم، تتم بتكافل جهودهم وتنافسهم في السبق إلى كشوف علمية جديدة وإلقاء الضوء على حقائق جزئية في الواقع الكوني الثابت.

    وقد أثبتت حركة التاريخ العلمي أن الكون يزداد مع التطور المعرفي اتساعاً وعمقاً، وأن العلم الذي نحصله ما هو إلا تصورنا عن حقائق الكون، وليس هو الكون ذاته، ومن ثم فهو ليس مستقلاً عن ذاتية الإنسان، وليس نهائياً في أية مرحلة من مراحل تطوره. وما أبلغ تشبيهات العلماء لجوانب من طبيعة العلاقة المتبادلة بين الباحث وموضوع بحثه. فقد كتب كلود برنار يقول: إن ابتعاد المعرفة عن الباحث في اللحظة التي يظن أنه قد قبض على زمامها، هو في الوقت نفسه سر عذابه وسعادته.

    وكتب ماكس بلانك يقول: إن الباحث يستمد الرضا والسعادة من النجاح الذي يصاحب البحث عن الحقيقة، لا في امتلاك ناصيتها.

    ويقول العالم الفيزيائي ألبرت أينشتين: الفيزياء هي محاولة للقبض على ناصية الحقيقة كما هي في الفكر دون نظر إلى كونها موضوع مراقبة[20].

    على أننا ننطلق في مفهومنا لنسبية المعرف العلمية ومستويات موضوعيتها أو حقائقها الجزئية مما تشير إليه بعض معاني الآيات القرآنية الكريمة في مثل قوله تعالى: )وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً ([الإسراء: 85].

    وقوله: )وقل رب زدني علماً (]طه: 114].

    وقوله: )وفوق كل ذي علم عليم ([يوسف: 76].

    ومما تجدر الإشارة إليه في هذا الصدد أن الناس يبالغون كثيراً في تصورهم لمعنى الحقيقة العلمية أو الموضوعية العلمية، إلى درجة أنهم يخطئون أحياناً فيما يظنون أنه قوانين فيزيائية معبرة عن السلوك الفعلي للمادة، وهي حقيقة الأمر قوانين لا سيطرة لنا عليها، لأنها أوامر الله المنظمة لحركة الكون فالصيغ والنتائج التي يتوصل إليها العلماء وفق مناهج تقوم على خبرتهم الذاتية، ويعتقدون أنها قوانين فيزيائية موضوعية، لا تكون بالطبع تعبيراً كاملاً عن حقيقة السنن الكونية، وربما لا تمت إليها في بعض الأحيان بأية صلة، حتى وإن كانت تبدو لهم خاضعة للعالم الخارجي ومستمدة من وقائعه ولا علاقة لها بأمور ذاتية.

    فعلى سبيل المثال: اعتقد أرسطو أنه قد اكتشف أحد قوانين الطبيعة عندما قال: بأن الأجسام الثقيلة تسقط إلى الأرض أسرع من الأجسام الخفيفة، وكان ذلك بناء على منهج فلسفي يخصه ويستند إلى القياس النظري المجرد، مع أن مثل هذا القانون لا وجود له في عالم الواقع على الإطلاق، ولا يمثل حقيقة ما من حقائق الوجود.

    وكل ما في الأمر: أنه استنتاج مضلل من موضوعية زائفة فغي جوهرها، لأنها انخدعت بما يدركه الحس القاصر، واستندت إلى تأملات العقل الخالص، وارتبطت في الاستدلال عليها بمنهج سلبي عقيم.

    أما القانون الطبيعي الذي ينطبق على هذا الموقف فقد سعى إليه علماء الحضارة الإسلامية بعد أن دعتهم تعاليم الإسلام إلى المنهج العلمي السليم، ورفضوا قبول البراهين الفلسفية للآراء التي يمكن اختبارها تجريبياً، واهتدوا إلى تحديد الكثير من المفاهيم العلمية المتعلقة بوصف حركة الأجسام وأنواعها حسب حالة العلم في عصرهم[21].

    وفي عصر النهضة الأوروبية استطاع جاليليو أن يستخدم ما توفر لديه من أجهزة لقياس الزمن في أن يثبت بالتجربة أن جميع الأجسام الساقطة ذاتياً تتسارع بعجلة ثابتة قيمتها 9.8 متراً لكل ثانية مربعة، وهي من الثوابت الفيزيائية التي لا تنطوي على علاقات علية.

    إلا أن هذا بدوره لم يكن قانوناً عاماً وكاملاً، فقياسات جاليليو لم تكن بالغة الدقة بحيث تكشف أن نفس الجسم يتسارع بدرجات مختلفة تحت تأثير الجاذبية في أماكن مختلفة على الأرض.

    كما أن هناك أنواعاً كثير للحركة يعتبر السقوط الحر للأجسام جزءاً منها.

    والأجسام التي نراها الآن في سفن الفضاء جاليليو يملك الوسيلة لمعرفة ذلك، أو لنقل إن المنهج العلمي الذي اتبعه كان عاجزاً عن تحقيق المعرفة الكاملة. فجاءت الحقيقة العلمية على يديه جزئية ومحدودة بحدود العجز والقصور في العناصر والوسائل التي اعتمد عليها منهجه التجريبي، وهي في جوهرها من متغيرات المنهج العلمي المتجددة والمتطورة مع تقدم العلم وتطور التقنية، كما سنذكر فيما بعد، وهكذا يجد الإنسان دائماً أن ما يصل إليه من علم في أي عصر ليس هو القانون النهائي، ولكنه مرحلة معرفية أرقى من سابقتها وأدنى من لا حقتها في سلم الترقي المعرفي اللانهائي.

    ولعل إدراج التصور الإسلامي لنسبية المعرفة العلمية وموضوعيتها وحقيقتها[22]ضمن مسلمات المنهج العلمي الإسلامي الذي يساعد على تصحيح الاستخدام الإنساني الخاطىء للعلم ونظريته من الناحيتين الفلسفية والتقنية، خصوصاً بعد أن بالغ أصحاب النزعة العلمية والتقنية المتطرفة في تقديسه وتأليهه بأكثر مما بالغ أنصار ( الحتمية ) وأصحاب الفلسفات العلمية الحديثة.

    ( ب ) متغيرات معرفية منهجية:

    ونعني بها مجموعة العناصر والخطوات البنائية في نسق المنهج العلمي الإسلامي، والتي تتميز بارتباطها الوثيق بثوابت المنهج ومسلماته من جهة وبإمكانية تغيرها أو تطورها أو تحورها كما وكيفاً وترتيباً، لتفي بمتطلبات اطراد التقدم العلمي والتقني من جهة أخرى. ويمكن إجمال هذه المتغيرات فيما يلي:

    1ـ وسائل البحث العلمي:

    لقد رفع الإسلام من شأن العلم باعتباره أساساً لفهم العلاقة السليمة بين الله والكون والإنسان.

    والقرآن الكريم لا يكاد يدع موطناً في الكون دون أن يطوف بالإنسان خلاله، ويستثير فيه النظرة المتأملة المتقصية، ويلفت أصحاب العقول الراجحة، وذوي القلوب المؤمنة، إلى المنهج الصحيح في التعامل مع الكون واستقراء لغته وإشاراته، باعتباره كتاب معرفة للإنسان المؤمن الموصول بالله وبما تبدعه يد الله، وقراءة الآيات المنبثة في جنبات الكون وظواهره تتم بالاستخدام الأمثل لملكات الإدراك والعلم التي وهبها الله للإنسان لتلمس الحقائق الكونية بالاختبار والرصد والتجريب والقياس والاستدلال، مستعيناً في ذلك بحواسه، والعقل من الحواس، أو ما يعززها ويعمقها من أجهزة وأدوات، تبدأ منها وتعود إليها.

    وقد أشار القرآن إلى حواس الإنسان وملكاته المعرفية في أماكن متفرقة، فذكر ( الذوق ) في قواه تعالى: )فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما ([الأعراف: 22].

    وأشار على اللمس في قوله تعالى: )ولو نزلنا عليك كتاباً في قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين ([الأنعام: 7].

    وأشار إلى حاسة الشم في قوله تعالى: )ولما فصلت العير قال أبوهم إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون ([يوسف: 94].

    وذكر السمع والبصر والفؤاد ( أي: القلب ) في مثل قوله تعالى: )والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون ([النحل: 78].

    وقوله تعالى: )أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ([الحج: 46].

    وقوله: )كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون ([الروم: 59].

    وقوله: )أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ([محمد: 24].

    وقد فطن علماء المسلمين الأوائل إلى حقيقة الدعوة القرآنية إلى القراءة والعلم وإمعان النظر والفكر في ملكوت السماوات والأرض سعياً إلى الهداية واليقين.

    فهذا أبو عبد الله القزويني يوصي في كتابه ( عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات ): بإعادة النظر في ظواهر الكون، والبحث عن حكمتها وتصاريفها، لتظهر لنا حقائقها وتنفتح لنا عين البصيرة، ونزداد من الله هداية ويقيناً، فليس المراد بالنظر تقليب الحدقة نحو السماء فإن البهائم تشارك الإنسان فيه، ومن لم ير من السماء إلا زرقتها، ومن الأرض إلا غبرتها، فهو مشارك للبهائم في ذلك، وأدنى حالاً منها وأشد غفلة، كما قال تعالى: )ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون ([الأعراف: 179].

    بهذه الروح الإيمانية الخلاقة أحسن المسلمون الأوائل استخدام وسائل المعرفة والبحث العلمي، واندفعوا في مطلع عصر الرسالة الإسلامية إلى الأخذ بمنهج النظر والبحث العميقين في مختلف مجالات العلوم، وقدموا للحضارة الحديثة رصيداً هائلاً من كتب وأبحاث واكتشافات وتقنيات، لولاها لتأخر سير المدنية عدة قرون.

    ومن التقدم العلمي والتقني لم تتغير وسائل البحث العلمي في ذاتها، ولكن تطورت الأجهزة التي تعزز أداءها. فعندما اقتحم العلم عالم الذرة والنواة والخلية الحية، وعندما غزا أعماق الفضاء الخارجي لاكتشاف المزيد من الكواكب والنجوم والمجرات، وانتقل من عالم المقاييس البشرية العادية إلى عالم المتناهيات في الصغر والكبر، لم تعد العين المجردة وبقية الحواس قادرة على مواصلة القراءة والبحث في المخلوقات الدقيقة أو البعيدة، وكان اختراع المقاريب والمجاهر البصرية والالكترونية تعزيزاً لحاسة الإبصار، مثلما كانت سماعة الطبيب تعزيزاً لحاسة السمع، وكانت الترمومترات الحرارية تعميقاً لحاسة اللمس، وكان الحاسب الآلي مساعداً للعقل في إجراء العمليات الحسابية والتخطيطية المعقدة.

    ويستمر تطور الأجهزة العلمية مواكباً لتطور العلم ومرتبطاً في نفس الوقت بأصولها الثابتة كما خلقها الله في الإنسان.

    وتكمن عظمة المنهج العلمي الإسلامي في أنه تجريبي عقلي في آن واحد، ويعتبر الإنسان بكامله، بحواسه وعقله وإرادته وبصيرته وحدسه، هو الوسيلة الأولى والأخيرة لتحصيل المعرفة العلمية، والأجهزة التي يستخدمها ويطورها لتعزيز قدراته وإمكاناته هي في نفس الوقت من صنع ملكاته، وبهذا يبطل أي اقتصار مصطنع على إحدى وسائل المعرفة، مثلما يفعل العقليون والحسيون ( أو التجريبيون ) وأصحاب النزعة النقدية والنزعة الاجتماعية وغيرهم.

    2ـ خطوات البحث العلمي:

    يجمع فلاسفة العلم وعلماء المناهج على أن الخطوات الرئيسية في المنهج العلمي هي الملاحظة والتجربة والفرض العلمي، لكنهم يختلفون حول أهمية كل منها من حيث الفاعلية والترتيب في النسق البنائي المنهجي العام.

    والتأصيل الإسلامي لهذه الخطوات يؤكد سبق علماء الحضارة الإسلامية إلى اتباع المنهج التجريبي بما يتفق وحالة المعرفة العلمية في المرحلة التي وصلتها في عصرهم.

    فقد كشفت قراءتنا لعلوم التراث الإسلامي عن ممارسات علماء الحضارة الإسلامية لمستويات مختلفة من الملاحظة والتجربة والحدس العقلي، مع إدراكهم لطبيعة العلاقة بينها، والشروط العلمية اللازمة لممارستها، والضوابط المنهجية المؤدية إلى استقراء النتائج العلمية على أساسها.

    أما الفرض العلمي في تراث الحضارة الإسلامية فقد كان أولياً في أغلب الأحيان، ولم يصل إلى مرتبة التعميم أو التجريد في صيغة قانون شامل أو نظرية عامة، ذلك لأن طبيعة علوم التراث الإسلامي يغلب عليها الجانب الوصفي أكثر من التعبير الكمي الذي يميز العلم عادة في مرحلة متقدمة من تطوره، كما في علوم الفيزياء والكيمياء الحديثة والمعاصرة. لكن الاستدلال التحليلي، من ناحية أخرى، يؤكد ثراء الفكر العلمي الإسلامي بأهم مقومات الفرض العلمي، متمثلة في إضفاء مقولات العقل على نتائج الملاحظة والتجربة، واستخدام الخيال العلمي في المماثبة بين الظواهر المختلفة، والكشف عن الوحدة التي تربط بين وقائع متناثرة، وابتكار المفاهيم العلمية المطابقة للواقع والخبرة[23].

    وقد ظلت الملاحظة والتجربة والفرض العلمي ـ وسوف تظل ـ أساساً لممارسة البحث العلمي في ذاتها، وقابلة لمواكبة التقدم العلمي والتقني بتطوير أدائها والطرق المستخدمة في إجرائها.

    وسوف يظل المنهج الإسلامي ـ بشهادة المنصفين من مؤرخي العلم والحضارة ـ هو الينبوع الأول لحضارة العلم الطبيعي.

    3ـ العلوم المستحدثة والمتولدة:

    من يتتبع تطور مناهج البحث العلمي عبر العصور، لن يجد صعوبة في الوقوف على نقاط ضعفها، وأوجه العجز فيها.

    ذلك أنها جميعها مناهج مؤقتة ومحدودة بحدود النظرة الفلسفية الضيقة لأصحابها ومنظريها.

    ولهذا: جاء القياس الصوري عقيماً، والبناء الاستنباطي متداعياً، والنسق البيكوني هزيلاً ومنقوصاً، حتى المنهج الفرضي الاستنباطي المعاصر أصبح هو الآخر معرضاً للتصدع.

    كل ذلك بسبب التقدم المستمر للعلم، واستحداث علوم جديدة ومتولدة لا يجدي معها أي من قوائم المناهج التقليدية المطروحة.

    أما المنهج العلمي الإسلامي ـ بثوابته ومتغيراته ـ فيترك المجال مفتوحاً لأي علم جديد يحدد الباحثون فيه منهجهم من واقع ممارستهم الفعلية لعملية البحث العلمي بدقائقها وتفاصيلها.

    فبعض هذه العلوم على سبيل المثال وهو علم ( السيبرنطيقاً ) يحتاج إلى فريق من علماء ذوي تخصصات مختلفة، لأنه يقوم على علوم كثيرة مثل الرياضيات والمنطق والميكانيكا والفسيولوجيا وغيرها.

    وظهرت كذلك علوم ثنائية وثلاثية ومركبة مثل علوم الفيزياء الفلكية والهندسة الطبية والحاسبات الآلية والمعلوماتية والبيئة وغيرها.

    4ـ تصنيف مناهج البحث الفرعية:

    لقد أصبح واضحاً من واقع البحث العلمي ومشكلاته أن تقسيم مناهج البحث في العلوم لا ينحصر في أنواعها الرئيسية: الاستنباطي، والاستقرائي، والفرض الاستنباطي، والاستردادي، ولكنه يتعداها إلى مناهج خاصة تستخدم مسائل جزئية تختلف من علم إلى علم، بل وتختلف في داخل فروع العلم الواحد. وهذا يتطلب عملية تصنيف مستمرة لأنواع المناهج الفرعية في إطار منهج علمي عام، يشدها إلى ثوابته ومسلماته، ويحتويها بمرونته ومتغيراته.

    وأخيراً لا يمكن الزعم بأن ما قدمناه في هذه الدراسة هو كل خصائص المنهج العلمي الإسلامي، أو أن كل خصيصة قد وفيت حقها، فالموضوع واسع وعميق، وحسبي أنني اجتهدت في وضع نقاط لتبادل الرأي والحوار البناء حول صياغة إسلامية لمنهج علمي شامل، يسهم في الإعداد السليم للباحث المسلم، وينقذه من متاهة الخوص في إشكاليات المناهج الفلسفية والعلمية المطروحة.

    أ.د. أحمد فؤاد باشا



    [1] – أستاذ الفيزياء، ووكيل كلية العلوم جامعة القاهرة، وعضو المجلس الأعلى للثقافة، وعضو المجمع العلمي المصري، وصاحب المؤلفات العديدة في التراث العلمي الإسلامي المنهج العلمي وفلسفة العلوم والإشارات العلمية في القرآن الكريم.

    [2] – لمزيد من التفصيل حول نشأة علم مناهج البحث methodology وتطوره، وأيضاً حول بعض الأفكار التي جاءت في هذه المقدمة، يمكن الرجوع إلى:

    ـ د. عبد الرحمن بدوي، مناهج البحث العلمي، وكالة المطبوعات، الكويت 1977م.

    ـ بول موي، المنطق وفلسفة العلوم، ترجمة د. فؤاد زكريا، مكتبة دار العروبة للنشر والتوزيع، الكويت 1981م.

    ـ د. صلاح قنصوه، فلسفة العلم، دار الثقافة للطباعة والنشر، القاهرة 1981م.

    ـ و.أ.ب بفردج، فن البحث العلمي، الترجمة العربية، دار اقرأ، بيروت 1983م.

    ـ د. ماهر عبد القادر محمد علي، فلسفة العلوم، دار النهضة العربية، بيروت 1984م.

    ـ د. جون ب. ديكنسون، العلم والمشتغلون بالبحث العلمي في المجتمع الحديث، الترجمة العربية، عالم المعرفة، الكويت 1987.

    ـ روبرت م. اغروس وجورج ستانسيو، العلم في منظوره الجديد، ترجمة د. كمال خلايلي، عالم المعرفة، الكويت 1987م.

    ـ د. حسن عبد الحميد عبد الرحمن، المراحل الانتقالية لمنهجية الفكر العربي الإسلامي، حوليات كلية الآداب جامعة الكويت، الرسالة الرابعة والأربعون، الكويت 1987م.

    ـ د أحمد فؤاد باشا، فلسفة العلوم بنظرة إسلامية، القاهرة 1984م.

    ـ راجع أيضاً دراستنا نحو صياغة إسلامية لنظرية العلم والتقنية مجلة المسلم المعاصر، ع55 1989م.

    [3] – النسق: ما جاء من الكلام على نظام واحد، والنسق من كل شيء: ما كان على طريقة نظام واحد، ونسق الإنسان: انتظامها في النبتة وحسن تركيبها انظر: لسان العرب، مادة: نسق .

    [4] – د. أحمد فؤاد باشا، فلسفة العلوم الطبيعية في التراث الإسلامي، دراسة تحليلية مقارنة في المنهج العلمي، مجلة المسلم المعاصر. ع 49 1987 .

    ـ المستشار عبد الحليم الجندي، القرآن والمنهج العلمي المعاصر، دار المعارف 1984م..

    [5] – سيد قطب، مقومات التصور الإسلامي، دار الشروق 1986م.

    ـ د. علي سامي النشار، نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام، وخاصة الباب الأول من الجزء الأول، دار المعارف، الطبعة الثامنة 1981 .

    ـ د. مصطفى حلمي، مناهج البحث في العلوم الإسلامية. مكتبة الزهراء 1984م.

    [6] – د. أحمد فؤاد باشا: أساسيات العلوم المعاصرة في التراث الإسلامي: دراسات تأصيلية، دار الهداية، القاهرة 1997م.

    د. أحمد فؤاد باشا: التراث العلمي للحضارة الإسلامية ـ القاهرة 1984م.

    [7] – عبد المجيد عبد الرحيم: مدخل إلى الفلسفة بنظرة اجتماعية، القاهرة 1976م.

    [8] – وحيد الدين خان، واقعنا ومستقبلنا في ضوء الإسلام. ترجمة: د. سمير عبد الحميد إبراهيم، مراجعة: د. عبد الحليم عويس، دار الصحوة بالقاهرة 1984، ص251 ـ 256.

    انظر أيضاً: المعجم الفلسفي، مجمع اللغة العربية، القاهرة 1983 مادة 314: تقنوقراطية ومادة 1040: نزعة علمية.

    [9] – راجع: د. يحيى هاشم فرغل: حقيقة العلمانية بين الخرافة والتخريب، الأمانة العامة للجنة العليا للدعوة الإسلامية بالأزهر الشريف 1989م..

    [10] – لمزيد من التفاصيل حول خصائص الإسلام راجع:

    ـ سيد قطب، خصائص التصور الإسلامي ومقوماته، دار الشروق 1987م.

    ـ د. يوسف القرضاوي، الخصائص العامة للإسلام، مؤسسة الرسالة 1985م.

    [11] – ينفرد التصور الإسلامي بتصور التوحيد الكامل الخالص، من بين سائر التصورات الاعتقادية والفلسفية السائدة في جنبات الأرض. راجع. سيد قطب: خصائص التصور الإسلامي ومقوماته ص182 وما بعدها، دار الشروق 1987م.

    [12] – راجع مقالنا: قراءة إسلامية في كتاب الكون مجلة الأزهر، عدد رمضان 1409هـ.

    [13] – نجح العلماء الثلاثة عبد السلام ـ وينبرج ـ جلاشو نجاحاً جزئياً في التوحيد بين نوعي القوة الجاذبة الكهربية والقوة النووية الضعيفة. وكانت هذه النتيجة الهامة واحدة من الكشوف العلمية المميزة التي أهلت العلماء الثلاثة للحصول على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1979م.

    [14] – فينر هايزنبرج، المشاكل الفلسفية للعلوم النووية ـ ترجمة د. أحمد مستجير، القاهرة 1972م.

    [15] – راجع مؤلفنا فلسفة العلوم بنظرة إسلامية ص47.

    [16] – راجع دراستنا فلسفة العلوم الطبيعية في التراث الإسلامي . مجلة المسلم المعاصر، ع9؛ 1987 . انظر أيضاً: يحيى هاشم حسن، الإسلام والاتجاهات العلمية المعاصرة، دار المعارف 1984.

    [17] – مثال ذلك قوله تعالى: (فإذا برق البصر. وخسف القمر، وجمع الشمس والقمر) [القيامة: 7 ـ 9].

    [18] – د. إبراهيم عبد الحميد الصياد: المدخل الإسلامي للطب، مجمع البحوث الإسلامية، 1987م.

    [19] – راجع: عباس العقاد: التفكير فريضة إسلامية.

    [20] – رينيه ديبو: رؤى العقل. ترجمة: فؤاد صروف، ص 182، 216، 217 بيروت 1962م.

    [21] – راجع مؤلفنا: التراث العلمي للحضارة الإسلامية ومكانته في تاريخ العلم والحضارة. القاهرة 1984م. ومؤلفنا: أساسيات العلوم المعاصرة في التراث الإسلامي، دراسات تأصيلية، دار الهداية، القاهرة 1997م.

    [22] – لم تحظ إشكالية الموضوعية في العلوم الطبيعية باهتمام الباحثين إذا ما قورنت بنظيرتها في العلوم الإنسانية. وربما كان السبب في هذا راجعاً إلى تلك الصورة المثالية الشائعة لموضوعية العلم الصارمة كما روج لها أنصار الفلسفات العلمية. لكن تاريخ العلم يحدثنا بأن القانون الطبيعي الذي يصف حقيقة علمية ما لم يكن في يوم من الأيام ثانوناً عاماً على إطلاقه، ولكنه محدود دائماً بعوامل الزمان والمكان والخبرة الذاتية للإنسان وهذه القضية الهامة سوف نعرض لها بإذن الله في دراسة مستقلة، ونهيب بغيرنا أن يعاون في إبرازها.

    [23] – ناقشنا هذه القضايا بشيء من التفصيل في دراستنا فلسفة العلوم الطبيعية في التراث الإسلامي . المسلم المعاصر، ع49 1987 .


    http://quran-m.com/quran/article/211...-القرآن-الكريم

    التعديل الأخير تم 03-03-2016 الساعة 05:25 PM

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2013
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    473
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابن سلامة مشاهدة المشاركة

    و يمكنكم قراءة المزيد عن خرافات الكتاب المقدس و الدين الكنسي هنا :
    http://islam4all.150m.com/bible/khorafat.htm

    فاحمدوا الله على دينكم يا مسلمين.

    و قد لا يكون هذا التخريف في الكتاب المقدس هو الدافع الأكبر لانحراف النصارى و الغرب عن دين الفطرة الذي يولدون عليه ''الإسلام'' و استعاضتهم عنه بالعلم المادي ، و لكن الدافع الأكبر و المباشر هو موقف الكنيسة الحاقد و الهمجي و المتخلف حقيقة من العلم و العلماء و هو مباين تماما لموقف الإسلام الذي كان أساس العلم و الحضارة في الأمة الإسلامية لقرون عدة،
    [/url]

    جهد مشكور أخي الفاضل - جزاكم الله خيراً
    أنا بس عندي حاجة بخصوص النصارى وتخاريفهم وعقائدهم الباطلة لأن ( ما بني على باطل فهو باطل ) :
    لو تأملت أخي تخارف عقيدتهم بدأت من اين ؟
    بدأت من فهمهم الخاطئ لهذا النص التوراتي : سفر التكوين 2: 17 - وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ».
    إذا هو تحذير من الله لآدم بألا يأكل من شجرة المعرفة وإلا يوم يأكل منها موتا يموت
    يعني شوف مدى الحرص الإلهي إله الرحمة الحقيقي إله المحبة الحقيقي وليس إله قاسي ميرحمش إلا إذا حقق عدله بالقصاص من آدم وذريته إلا من آمن منهم بخطة الفداء !! , إله الكتاب المقدس هو هوه إله الإسلام إله واحد , لكن المسيحيين صوروه وجعلوه إله والعياذ بالله معندوش رحمة ميعرفش المحبة , لأنه متربص لابنه من أول غلطة تحصل منه أو يقع فيها ابنه اللي هوه السبب في وجوده بالخلق وليس بالولادة , على طول يروح يحكم عليه بكذا وبكذا وبكذا !! , هذا الإله الذي يصوره الكتاب المقدس!! لا يستحق لقب الأبوة يعني لا يستحق أن يُدعى من مخلوقاته بأنه ( آب )
    يا أخي الفاضل في حياتنا العادية الأب اللي خلّف أولاد يستوجب عليه تربية أولاده تربية من جميع النواحي الأخلاقية والجسدية والاجتماعية والصحية وغيرها , يأكلهم ويشربهم ويكسوهم ويوجّههم ويراقبهم ولا يغفل عن مراقبتهم طرفة عين , بل ويحرص دائما على ارشادهم بأن يسمعوا كلامه لئلا يقعوا في الخطأ , ولئلا يعملوا شيء يكون فيه ضرر عليهم ويكونوا دائماً مرآة لأفعاله
    آدم بصفته ابن - والله بصفته الآب : الله حريص على ألا يقع آدم وزوجه في الخطأ , وخروج ابنه عن توجيهات وتوصيات وتعليمات أبوه هي بمثابة موت روحي , لأن ( ليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل ما يخرج من فم الرب ) , ولو تجاهل الابن تعليمات وتوصيات أبوه أياً كانت هذه التوجيهات أو نسيها أو تعمد مخالفتها ففي ذلك موت روحي بالنسبة له , يعني الإنسان يموت موت روحي , وليس موت بالمعنى الحقيقي الدارج!! , وهو خروج النفس ( الروح ) من الجسد
    وعليه فإن لفظ ( موتاً تموت ) هو حالة روحية منعدمة بمثابة نتيجة طبيعية لمخالفة الابن تعليمات أبوه , أي يكون الابن في انعدام روحي تام وليس حُكم بالموت يستوجب الفداء!!! , بدليل :
    رد المرأة ( حواء ) على الحية :
    3: 2 فقالت المرأة للحية من ثمر شجر الجنة نأكل
    3: 3 وأما ثمر الشجرة التي في وسط الجنة فقال الله لا تأكلا منه ولا تمساه لئلا تموتا

    ( لئلا ) إلى أي مدى كان الحرص الإلهي عليهم لئلا يخالفا أمره أي توجيهات الأب الروحي ( الله ) الذي يحرص دائماً على تربية أبنائه ( الأنبياء ) تربية روحية وتأديبهم روحيا , فحياتهم الروحية تتمثل في طاعة الله والامتثال لأمره وليس في الخروج عن طاعته , الخروج عن طاعته وعدم الامتثال لروحه لا يعني إلا الموت الروحي , وهذا الموت الروحي هو ما كان ينذرهم ويحذرهم وخايف عليهم من الوقوع فيه , ولكن للأسف وقعوا فيه بالفعل وماتوا روحياً , ووقوعهم هذا ليس كان عن قصد بل كان عن نسيان كما قال نفس الإله ( اللي شوهه الكتاب المقدس ) قال أيه في القرآن : وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آَدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا , وسواء نسي أو لم ينسى إله الرحمة تاب عليه وغفر له والموضوع انتهى وخلاص بالنسبة لله الحق , لكن في المسيحية لم ينتهي إلا بالإيمان بخطة الفداء !!!
    على أية حال - معلوم أن من الطبيعي إن خرج اأي ابن في الدنيا عن تعليمات أبوه مثله مثل آدم عنما خرج آدم وزوجه عن تعاليم الله الحق عندما نهاهم عن الأكل من الشجرة وعصوه , فآدم وزوجه بذلك بيظلم نفسه ومش بيظلم حد , لأن موت الإنسان العاصي روحياً ظلم لنفسه وليس لأحد - بدليل :
    وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (35)
    وقال : وَيَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (19)

    السبب يؤدي إلى النتيجة
    عدم الأكل يؤدي إلى الحياة , أما الأكل يؤدي إلى الموت

    تأمل معي هذه الأمثلة :
    هذا أب يوصي ابنه بألا يأكل من الشجرة خايف عليه من الموت :
    • وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها لأنك يوم تأكل منها موتا تموت
    وهذا أب يوصي ابنه بألا يأكل من شجرة ما خايف عليه من المرض :
    - وأما شجرة الفاكهة هذه فلا تأكل منها لأنك يوم تأكل منها مرضاً تمرض
    وهذا أب يوصي ابنه ليلة الامتحان خايف عليه من الرسوب :
    - وأما ليلة الامتحان فلا تلعب فيها لأنك يوم تلعب فيها رسوبًاً ترسب
    وهذا أب يوصي ابنه بأن لا ينزل في البحر الكبير - عشان خايف عليه من الغرق :
    - وأما مياه البحر الكبير فلا تنزل فيها لأنك يوم تنزل فيها غرقاً تغرق
    ليس العبرة في - الموت أو المرض أو الرسوب أو الغرق - هذه كلها نتائج طبيعية لمخالفة أمر الآباء
    لكن العبرة في مخالفة كل ابن أمر أبوه - المخالفة في حد ذاتها كسبب سوف يترتب عليه نتيجة ليس إلا , وهي الموت الروحي لكل الأبناء الأربعة بسبب مخالفاتهم أوامر آبائهم , لأن الآباء الأربعة أرادو معرفة مدى الخير والشر الموجود في أبنائهم من خلال اختبارهم بهذه الاختبارات
    فالشجرة في المثال الأول هي صحيح شجرة المعرفة , علماً بأن علم الله سابق للوجود
    وكذلك : شجرة الفاكهة - وليلة الامتحان - والبحر الكبير , في الأمثلة الثلاثة الأخرى , كلها يمكن للآباء أن يطلقوا عليها ( شجرة وليلة وبحر المعرفة ) , يعني معرفة الخير والشر الموجود في نفس الأبناء الثلاثة
    الاختبار في حد ذاته هو حجة على الأبناء إذا ما ظلموا أنفسهم ووقعوا في الخطأ وترتب عليه تلك النتائج

    صحيح الكلام عميق لمن يقرأه للوهلة الأولى , لكن هو الحق المبين لكل إنسان عاقل يتفكر ويتدبر , أين الصواب وأين الخطأ
    وهذا مثال واحد فقط من بين عشرات الأمثلة التي تُبيّن بطلان عقائدهم

    ففعلاً كما قلت أنت ( الحمد لله على دينكم يا مسلمين )

    تحياتي
    رسالتي في الحياة
    الدعوة إلى التوحيد الحقيقي
    ( جرأة في االحق - صدق في العرض - محبة في الحوار - إحترام للرأي الآخر )

  3. #3

    افتراضي

    مجرد عهر من طرف الزنادقة فالمسلمون يعتبرون طلب العلم واجب ديني ودنيوي وهم يعيشون بيننا ويعلمون هاته الحقيقة
    ويعلمون أننا ندفع أموالنا للدروس الخصوصية....

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء