1- التبرير الفلسفي الذي يملكه المؤمن هو إثبات أن الأخلاق مطلقة ؛ لوجود معيار مطلق نحتكم إليه في تقييم الفعل و وصفه بفعل أخلاقي أو غير أخلاقي. بينما الملحد لا يملك ذلك المعيار المطلق وبالتالي سيضطر للقول بأن الأخلاق نسبية ، تختلف من فرد إلى فرد أو من مجتمع إلى مجتمع !!!
وحينها سيقول الإنسان الغير خلوق بأنه يرى أن أفعاله أخلاقية بالنسبة له ، و أنه غير ملزم بوجهة نظر المجتمع مادام غير مقتنع بها ! وسيقول أيضا بأن قانون منع السرقة هو قانون وضعه الأغنياء ليحافظوا على أموالهم من الفقراء ، و هو قانون غير أخلاقي ؛ لأنه يحرم الفقراء من إحدى الوسائل الممكنة للحصول على المال.
ولا يمكن اثبات أنه قانون عادل و أخلاقي إلا بالاحتكام إلى مرجع محايد لا يستفيد من القانون ، وهو الخالق !
2- لازلتي تتكلمين من وجهة نظر السارق و ليس من وجهة نظر المسروق !
فلو أتينا برجل كان يعمل لمدة عشر سنوات ، وجمع مال عمره في بيته. ثم جاء شخص إلى بيته ليلا وسرق كل ماله !!!
ثم سألنا المسروق : ماذا نفعل بالسارق في حال قبضنا عليه ؟!
قد يجيبنا : اقتلوه فقد دمر حياتي !
هنا سنقول له : بل سنقطع يده فقط ؛ فليس من العدل قتله !
حينها سيعتبرنا المسروق أن حكمنا مخفف جدا وغير عادل !
وعليه ،، فاعلمي أيتها الزميلة الفاضلة أن قضية العدل من أصعب القضايا ، ولايمكن حسمها بالعاطفة و بجرة قلم !!!
وأما بالنسبة لسؤالك فمن المعلوم أن الخليفة عمر بن الخطاب قد أوقف حد السرقة ؛ لما كانت السرقة نتيجة الجوع و البحث عن لقمة العيش !!!
فلاتملكين أن تتهمي الإسلام بأنه لا يفرق بين غني يسرق ليزداد مالا وبين فقير يسرق ليجد قوت يومه !!!
3- الصورة المشوهة للإسلام ناتجة من نظرة الاجتزاء !
ولا يصح الحكم على تشريع إسلامي إلا بعد النظر إلى الصورة الكاملة التي ينتمي إليها ذلك الحكم !
والصورة الكاملة للأحكام المالية في الإسلام كالتالي :-
مجتمع يحكمه إمام عادل يعدل بين الرعية و يوفر فرص العمل للرعية بمعيار الكفاءة ، بعيدا عن الرشوة المحسوبية. و يقوم بجمع الزكاة من الأغنياء يعطيها للفقراء المحتاجين. كما يقوم كثير من الأغنياء بالتصدق الدائم على الفقراء في الخفاء. فيجد الفقير نفسه يحصول على مال دائم نتيجة الزكاة ، و على مال غير ثابت نتيجة الصدقات.
في هذا المجتمع ممنوع على الفقير السرقة. فإن قام بسرقة مال محفوظ في حرز ، وشاهده شاهدان أو اعترف بجريمته ، استحق أن تقطع يده.
أما إذا كنا في مجتمع يحكمه حاكم ظالم ، يوفر فرص العمل لأقربائه و معارفه بالرشوة و المحسوبية. ولا يقوم الأغنياء بإخراج الزكاة للفقراء و المحتاجين ، فضلا عن التصدق إليهم في الخفاء.
ونظرا لغلاء المعيشة وصعوبتها قام فقير بسرقة مال محفوظ في بيت أحد الأغنياء ، ولكن لم يره إلا شخص واحد. قام بالتبليغ عنه ولم يعترف ، فتم تعذيبه و ضربه حتى اضطر للاعتراف. و بعد اعترافه بالسرقة قاموا بقطع يده ! فاستمر العيش فقيرا و بيد واحدة فقط !!!
لاشك أن قطع يد الفقير في المجتمع الثاني لا يساوي قطع يد السارق في المجتمع الأول !!!!
Bookmarks