النتائج 1 إلى 10 من 10

الموضوع: من خبايا القسم الخاص: أنت تسأل...و"ناصر الشريعة" يجيب!!!

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,524
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    3

    افتراضي من خبايا القسم الخاص: أنت تسأل...و"ناصر الشريعة" يجيب!!!

    ومن لا يعرف المحاور العظيم ناصر الشريعة صاحب هذه المناظرة الشهيرة؟؟؟

    http://www.eltwhed.com/vb/showthread...D1%ED%DA%C9%29

    أحببتُ أن أقدم لكم عدداً من الإجابات الخفيّة التي لم يطلع عليها أحد في القسم الخاص....من إجابات الأستاذ ناصر الشريعة...فإليكموها
    لا يحزنك تهافت الجماهير على الباطل كتهافت الفراش على النار ، فالطبيب الحق هو الذي يؤدي واجبه مهما كثر المرضى ، ولو هديت واحداً فحسب فقد أنقصت عدد الهالكين


    العجب منّا معاشر البشر.نفقد حكمته سبحانه فيما ساءنا وضرنا، وقد آمنا بحكمته فيما نفعنا وسرّنا، أفلا قسنا ما غاب عنا على ما حضر؟ وما جهلنا على ما علمنا؟ أم أن الإنسان كان ظلوماً جهولاً؟!


    جولة سياحية في جزيرة اللادينيين!!


    الرواية الرائعة التي ظلّت مفقودة زمنا طويلا : ((جبل التوبة))

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,524
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    3

    افتراضي

    السؤال:من المعروف أن هذه الحياة مليئة بالصعاب و المشاق مما يجعلنا في بعض الأحيان نريد تركها

    و نفضل الموت على الحياة و حقيقة فكرت أكثر من ألف مرة في الإنتحار...فما قولُكم
    (ملحد)


    الجواب: الزميل الملحد يسرني أن أرحب بك في هذا الحوار ، وأرجو أن يجعل الله لي ولك فيه خيرا وهدى وصلاحا ورشادا في الدنيا والآخرة.

    ذكرت يا هداك الله أنك فكرت في الانتحار لما ألم بك من ظروف سيئة لا تعدو ما يواجهه مراهق في مقتبل عمره حين يعاني أمر تكوين شخصيته واكتساب الأصدقاء من حوله ، وذكرت ما بلغت بك الوسوسة حتى شككت في عقلك وقدراته الذي كان سلاحك يوما في الإعراض عن الله وما اشترعه لعباده المؤمنين، فإذا به سلاح في يدك لكنه عليك لا لك ، وإليك لا إلى غيرك .

    وما عجبت أبدا وأنت تتدين الإلحاد أن تفكر بالانتحار فهذا أمر لا يستغرب ، بل أعظم ما أعجب له أن أرى ملحدا لا يعزم على الانتحار ولا يقدم عليه ، فكيف له إن كان ملحدا حقا أن يقاسى مرارة الحياة بلا هدف سوى أن يكون ألعوبة لصدفة أزلية حمقاء عمياء ، لا منتهى له فيها يزيد على أن يكون جيفة منتنة بقفر من الأرض تتحلل حتى لا يكاد يبقى منها شيء ثم لا حساب ولا عقاب ولا أمل ولا رجاء بعد كل تلك الحياة المليئة بالأسقام وقساوة العيش، فما معنى هذه الحياة حتى يصبر عليها ويصابر على شدائدها وصعابها؟ وما الذي يدفع ملحدا لأن ينشب بأظفاره فيها تمسكا بعيش ساعة لا يصفو كدرها ولا يحلو مرها .

    ولماذا يحسن المرء إلى الآخرين ، أو يجزي الإحسان بالإحسان ، ويلتزم حسن الأخلاق ويجتنب مرذولها وسيئها إذا كان ذلك كله إلى عبث ولهو مغرق في السفه والفوضى ؟

    وقدر لو أن الناس آمنوا بالإلحاد دينا ، وكفروا بكل ما عداه ، كيف سيعمرون حينها خراب أرواحهم بلذاذات الجسد التي يمحوها سراعا عالم النسيان ، ويذهب ذكراها بما يتبعه من شقاء الحياة وشدائد عيشها ؟ فأي شقاء للروح ذلك الشقاء ، وأي استعباد للجسد ذلك الاستعباد ؟!

    وفكر ما شئت أن تفكر في مجتمع آلهته هي المنفعة الشخصية ، وعقيدته أن لا حساب ولا عقاب إلا ما تواضع عليه المجتمع في هذه الحياة التي بلا معنى يعقبها كما لا معنى لها تحمله، وما هؤلاء الذين تواضعوا على قانونهم إلا أفراد سبقوهم فقيدوهم بما افترعوه من رأي ، فأي عاصم ورادع من عدوان الإنسان على الإنسان وتمرده على كل قانون ، وأي زاجر عن كل خبيث من سلوك أو خلق إذا ولع به فرد من ملحدي مجتمعهم ؟

    أفكرت ؟ أتدبرت ؟ لقد كان في ذلك كفاية لمن كان له عقل ولكن أين من يحسن التفكر والتدبر؟

    عجبا لملحد لا ينتحر ، فسيان حياته وموته ، بل حياته في مقياس إلحاده سفه ، لا دواء له إلا شراب أو مسحوق سام يستفه ، أو إزهاق روحه بأي طريق يكون بها حتفه.

    وإن من ألحد حق له أن يُلْحَد ، فليس له فوق الأرض موطئ أو مأوى ، وليس شيء أولى به من الأرض إلا لحد يُلْحَد فيه بما فيه من إلحاد وجحد .

    ولا تظن أن من يمتنع عن الانتحار من المسلمين إنما امتنع لكونه حراما ، إذا لا معنى لحرمة الانتحار عندهم إلا وجوب إحسان العمل في مواجهة الصعاب وعدم التخاذل عند مصائب الدنيا التي تتصاغر كبرياتها في نفس المؤمن بالله وقدره ، فينطلق المؤمن في طريق إصلاح حاله ومن حوله حين يقعد الملحد في قارعة الطريق يبكي نفسه وينوح على مصابه ويهتف بالانتحار، ولو صدق في إلحاده لنحر نفسه وترك الصياح للديكة ، لكنه إلحاد من لا يثق بإلحاده ، بل جرأة فاسق علم أن تكذيبه الحق لا يمحو الحق بل يزيده جلاء ، كما يزيد الليل بظلمته جلاء الصباح وإشراقة الفجر وإضاءة النجم وإنارة البدر ، فلا يسعى في إطفاء نور الله إلا زاد إشراقه ، ولا أشعل نار فتنة إلا أطفأها الله وأحرقهم بها في الدار الآخرة.

    إن المسلم حقا لا ينتحر لأنه يتشبث بساعات الطاعة وآنات الذكر وأعمال الخير ، ولا يتمنى الموت إلا أن يكون خيرا له في دينه لا لألم من الدنيا يسير أصابه ، وكل ألمها يسير عند المؤمن الصابر، وشديد على غيره .


    وقد ظننتَ أن مقياس البؤس والألم هو جوعة في أفريقي ، وأن لا أشد منه بؤسا ، ولو قد علمت ، لعلمت أن في بؤس الروح ما هو أشد وأعظم من بؤس الجسد ، فإذا اجتمعا فذلك البؤس كله ، ومتى كان عذر الإنسان في إيمانه وكفره بقدر ما في قِدره أو ما حشاه بطنه واغترفته يده من أكلة وشربة؟

    فإن الإعذار والإنذار للعربي والعجمي ، والإفريقي والصيني وجميع الأناسي واحد متفق ، من بلغه بلوغا تقوم به حجة الله على عباده فعلم ذلك وعقله وفهمه أو تغابى عنه وأعرض عنه لدنيا أو لعوائد الآباء ثم اختار بعد ذلك كفره فهو بما اختاره غير مؤمن بوحي الله وشرعه .
    ومن قَبِلَه وأذعن له كائنا ما كان فهو المؤمن الموعود على إحسانه في هذه الدار بالإحسان إليه في الدار الآخرة .

    وأما رحمة الله فما أوسعها وأشملها وأعظمها حتى قال الله عز وجل : { ورحمتي وسعت كل شيء } ، وصدق الله ، فما من شيء في الأرض إلا ورحمة الله فيه بادية ونعمته علينا به سابغة ، فإذا عصاه عاص أو تكبر عن طاعته متكبر تحول ما به من نعم الله ورحماته نقما جزاء كفرانه جزاءا عادلا ممن حرم الظلم على نفسه جل وعلا .

    فمن ذكرت حاله من الجوع والفاقة وموت بنيه أمامه ثم وصول الإسلام إليه وهو في تلك الحال وإعراضه عنه لغير سبب مادي! إنما هو قول ينقض بعضه بعضا ، فما ذكرت من حاله المادية البائسة هي في وصفك سبب إعراضه عن الإسلام ، ولو قدر أنه علم أنه الحق وقامت حجة الله عليه ثم أنكرها فلا معنى للكفر سوى هذا إلا أنه كان في صاحبك كفر فقير ، وفي غيره كفر غني ، وليس المال ما يجعل كفر الفقير إيمانا ، وإيمان الغني كفرا حتى تشدد في وصف حال ذلك الكافر بما هو فيه من فاقة وعوز .

    أما إن كان مصابه في الدنيا قد أذهل عقله وأدهش فؤاده حتى لا يكون بمقدوره عَقْلِ حجة الإسلام عليه ، فهذا أمره إلى الله في الآخرة ، يمتحنه في عرصات القيامة امتحانا لا ظلم فيه ولا جور، فيتحقق فيه علم الله لو أنه بلغته شريعة الله بلوغا مقيما للحجة أكان يؤمن أم يكفر ، فيكون ذلك منه في الآخرة على وفق ما كان سيكون منه في الدنيا في تلك الحال، وما ربك بظلام للعبيد .


    وأما آخر ما ذكرته من أن وجودك من العدم مصيبة في رأيك لا نعمة فكيف تطالب بشكر الله عليها ؟
    فما ذلك إلا كما قلت لك من حال الملحد ، فإن حياته لا معنى لها في أولها ولا آخرها ولا في استمرارها ، فما بين الملحد وبين الانتحار ؟! إلا أن تكون شهوات الجسد كما هي نزوات البهائم ؟ وما أرخص ذلك وما أبخسه لإنسانية الإنسان !!

    إننا حين نشكر الله على نعمة الإيجاد من عَدم ، والإمداد من عُدم فلما عرفناه من شرف العبودية لله تعالى ، وما من مصيبة إلا في الابتعاد عن هذا الشرف ، ومن أبى العبودية لله فموته الساعة خير من التي بعدها فما يستزيد إلا شرا على نفسه في الدنيا والآخرة، وأما عباد الرحمن ففي كل ساعة لهم مع الله قرب وشرف وسمو، فما أطيب أرواحهم ، وما أسمى نفوسهم، وما ألذ عيشهم ، وما أهنأ بالهم ، أولئك المنعمون في جنة الدنيا وجنة الآخرة ، فما لنعيم ملوك الأرض عندهم شيء يذكر بجوار ما هم فيه ، ولا أنس أروح للنفس مما هم عليه ، فكيف لا يكون قولهم في مفتتح كل صلاة { الحمد لله رب العالمين }
    كيف لا وقد علموا أنه { الرحمن الرحيم }
    وما لهم لا يرجونه وهو المجازي عباده يوم العرض عليه { مالك يوم الدين }
    أما عبدوه وحده { إياك نعبد }
    أما استعانوه وحده { وإياك نستعين }.
    أما استهدوه هداه { إهدنا }
    أما سلكوا إليه سبيل الرشاد { صراط الذين أنعمت عليهم }
    أما فارقوا من فارق شرعه { غير المغضوب عليهم ولا الضالين }
    أما أجابهم وهو القريب من كل من ناجاه واضطر إليه في دعاه ؟

    وليس العجيب أن لا يشكر الله ملحد ، فما ينتظر ممن جهل نعمة المنعم أن يحسن الشكر ، ولكن العجب أن يشكر ملحد ربه في فلتات لسانه وصحوات قلبه ، فيقولها في أحلك الظروف وأقسى الشداد فلا تخرج إلا شهادة عليه ، لا تنفعه ولكن تفضحه ، { وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا } .

    فأول طريق الشكر أن تعرف المنعم وما أنعم به عليك ، لا أن تجحده وتجحد نعمه ثم تسأل ما الذي أشكره عليه ؟
    {وما بكم من نعمة فمن الله }، فهل تفكرت في فقد نعمه نعمةً نعمةً ، فيذهب عن كل بضعة من جسدك ما به من حياة حتى تشهد تهالكه وفساد أركانه شيئا فشيئا ، فحينها ستعلم ما أنكرت من نعمه ، وما أسرفت في جنب الله تعالى من العصيان .


    فهلا راجعت نفسك لتعرف منها فقرها إلى خالقها وحاجتها إليه إيجادا وإمدادا ، فلو قد فعلت ذلك لكفتك بجوابها عن جواب غيرها ، ولكن من لم يعرف نفسه لا يعرف غيره .


    وأسأل الله أن يهديك إلى الإيمان به والإذعان لشرعه ، فما لك في الإلحاد من خير ولا لغيرك فيه خير ، وما هي إلا طريق موحشة متلفة ، تذهب ساعات عمرك في شقاء روحك وعقلك وبدنك ، ولو كنت مؤمنا لسعدت روحك وسمى عقلك وتطهر بدنك ، فاختر لنفسك ما لا تندم عليه في الدارين ، ولا تذوق عليه الأمرين، وانظر بعين عقلك لا عين الشبه الكليلة ، واسمع بأذن المنصت لا بأذن اللاهي في غيه ، فما أضيع من ضيع الآخرة الباقية لساعات حقيرة فانية.
    لا يحزنك تهافت الجماهير على الباطل كتهافت الفراش على النار ، فالطبيب الحق هو الذي يؤدي واجبه مهما كثر المرضى ، ولو هديت واحداً فحسب فقد أنقصت عدد الهالكين


    العجب منّا معاشر البشر.نفقد حكمته سبحانه فيما ساءنا وضرنا، وقد آمنا بحكمته فيما نفعنا وسرّنا، أفلا قسنا ما غاب عنا على ما حضر؟ وما جهلنا على ما علمنا؟ أم أن الإنسان كان ظلوماً جهولاً؟!


    جولة سياحية في جزيرة اللادينيين!!


    الرواية الرائعة التي ظلّت مفقودة زمنا طويلا : ((جبل التوبة))

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,524
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    3

    افتراضي

    وكانت ردّة فعل الملحد أن قال:

    الحمد لله على نعمة الإسلام و كفى

    بعد تمعني في كلامك الدقيق و المبين فقد تبين لي أن شبهتي هذه لم تكن خزعبلة من خزعبلات الشيطان

    و بعد إعادة النظر في بقية الشبهات فقد تيقنت أن الإسلام هو الدين الحق

    و إني أشكرك أخي في الله بعد حمد الله على إعادتي إلى الإسلام دين الله دين الحق دين الفطرة

    و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أن محمدا عبده و رسوله

    و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
    لا يحزنك تهافت الجماهير على الباطل كتهافت الفراش على النار ، فالطبيب الحق هو الذي يؤدي واجبه مهما كثر المرضى ، ولو هديت واحداً فحسب فقد أنقصت عدد الهالكين


    العجب منّا معاشر البشر.نفقد حكمته سبحانه فيما ساءنا وضرنا، وقد آمنا بحكمته فيما نفعنا وسرّنا، أفلا قسنا ما غاب عنا على ما حضر؟ وما جهلنا على ما علمنا؟ أم أن الإنسان كان ظلوماً جهولاً؟!


    جولة سياحية في جزيرة اللادينيين!!


    الرواية الرائعة التي ظلّت مفقودة زمنا طويلا : ((جبل التوبة))

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,524
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    3

    افتراضي

    فأجابه الأستاذ:

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

    الحمد لله الذي شملك برحمته واصطفاك لعبادته ووفقك للاهتداء إليه . وأرجو أخي بعد أن أقبلت على الله بقلب تائب وعقل متبصر أن تعطي من وقتك في تعلم الحق مثل الذي مضى منك في سماع غيره ، فليس بعد الإسلام نعمة أعظم من أن تكون على ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من القول والعمل والسيرة الحسنة في نفسه وأهله ومن حوله ، والاستغفار والتوبة تصلح كل خلل وزلل قد يقع من الإنسان .

    فاحرص أخي الكريم على أن تتعلم هذا العلم الشريف حتى تزداد رفعة في الآخرة وقوة في الإيمان وقربا من الله عز وجل وهو علم تكفل الله بتيسيره وتقريبه إلى طالبه ، وجعل له شرف الدنيا والآخرة.

    وأهم ذلك أن تسأل إخوانك في هذا المنتدى عن حلق العلم في مدينتك أو ما يقرب منها ، وسوف يدلونك على حلق العلم التي تعلمك دينك وتقربك إلى الله عز وجل ، وحينها تكون رحمة لمن حولك وبركة عليهم وعلى نفسك .

    ثبتك الله على طاعته ورزقك الإخلاص في القول والعمل ، وأعانك على ذكره وشكره وحسن عبادته .
    لا يحزنك تهافت الجماهير على الباطل كتهافت الفراش على النار ، فالطبيب الحق هو الذي يؤدي واجبه مهما كثر المرضى ، ولو هديت واحداً فحسب فقد أنقصت عدد الهالكين


    العجب منّا معاشر البشر.نفقد حكمته سبحانه فيما ساءنا وضرنا، وقد آمنا بحكمته فيما نفعنا وسرّنا، أفلا قسنا ما غاب عنا على ما حضر؟ وما جهلنا على ما علمنا؟ أم أن الإنسان كان ظلوماً جهولاً؟!


    جولة سياحية في جزيرة اللادينيين!!


    الرواية الرائعة التي ظلّت مفقودة زمنا طويلا : ((جبل التوبة))

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,524
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    3

    افتراضي

    السؤال من فتاة: هل يقبل الله عملي وأنا مازالت مثلا بقلبي شكوك ,, يعني هل يقبل الله عبادتي له , أم لأ , فيلزم اليقين التـــــــــــام 100%؟

    الجواب:الشك الذي تسألين عنه إما أن يكون الشك الذي يستوي فيه الحق والباطل والإيمان والكفر فلا يترجح أحدهما على الآخر ، فهذا لا يصح معه عمل ولا عبادة .

    وأما الشك الذي هو عبارة عن ما يعرض للمؤمن من وساوس وخواطر ينكرها بقلبه وعقله ويعرف سقوطها أمام الحجة والبرهان ، فهذا لا بأس عليه منه وهو من صريح الإيمان .

    واليقين يتفاوت بين المؤمنين بحسب كمال إيمانهم ومعرفتهم ، فيتفاوت يقين آحاد المؤمنين عن يقين الأنبياء والرسل والصديقين ، كما يتفاوت يقين المصدق بالخبر عند سماعه عن يقينه به عند رؤيته ومشاهدته .

    ويتفاوت اليقين في المسائل ، فمنها ما يكون اليقين بها أعظم كأصول الإيمان وكثير من تفاصيلها ، ومنها ما يكون اليقين بها أقل من الأولى لخفاء الدليل أو شدة الاختلاف فيه ونحو ذلك .

    فعليك بارك الله فيك بصرف فكرك ونظرك إلى الانتفاع بالحق الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم والعمل به ، وسوف يكون ذلك دافعا لكل شك وشبهة بإذن الله تعالى وفضله .

    واعلمي أن الشبه مهما كانت لا تخرج عن كونها شبه ، فليس لها في الحجة نصيب ولا قيمة ، فهذا وحده كاف في انصراف العاقل عنها ، كانصرافه عن وسوسة من يزعم أن الشمس لا وجود لها ولا حقيقة ، فكيف بوجود الله وكمال شرعه ودينه وصدق أنبيائه ورسله ؟

    وإنما التفصيل في الرد على الشبه من باب إقامة الحجة وإعذار الخلق وهداية الناس لا لأنها تستحق في نفسها جوابا وردا ، فإنها بهرج مزور لا يروج على ناقد ولا يغش به مؤمن .


    وفقك الله لطاعته وثبت قلبك على دينه واستعملك في ما يرضيه ، وجعلك من أهل الصيام والقيام والرضوان .
    لا يحزنك تهافت الجماهير على الباطل كتهافت الفراش على النار ، فالطبيب الحق هو الذي يؤدي واجبه مهما كثر المرضى ، ولو هديت واحداً فحسب فقد أنقصت عدد الهالكين


    العجب منّا معاشر البشر.نفقد حكمته سبحانه فيما ساءنا وضرنا، وقد آمنا بحكمته فيما نفعنا وسرّنا، أفلا قسنا ما غاب عنا على ما حضر؟ وما جهلنا على ما علمنا؟ أم أن الإنسان كان ظلوماً جهولاً؟!


    جولة سياحية في جزيرة اللادينيين!!


    الرواية الرائعة التي ظلّت مفقودة زمنا طويلا : ((جبل التوبة))

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,524
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    3

    افتراضي

    السؤال: عما يحدث للأطفال من قتل وتعذيب والحكمة الإلهية في ذلك

    الجواب:

    اعلم أولا أن الله قد حرم الظلم والعدوان على الكبير والصغير ، وأن الله ذم من يفعل ذلك وتوعده بالعذاب الأليم ، كما ذم من يقتل الأطفال في قوله تعالى : { إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا } وفي قوله تعالى : { وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ }

    فما يحصل من ظلم الإنسان للإنسان مكروه عند الله تعالى مبغوض متوعد عليه بالعقاب .

    وأما مسألة الحكمة من خلق ذلك ، فقد طرح هذا السؤال ابن القيم رحمه الله تعالى فقال :
    " وأي خير في إيلام غير المكلفين كالأطفال والمجانين ؟
    فإن قلتم : فائدته التعويض ، انتقض عليكم بإيلام البهائم ."

    ثم ذكر الجواب المفصل المطول على هذا السؤال وغيره وهو ما أقوم بنشره في الشريط المعنون بــ :
    تنزيه القضاء الإلهي عن الشر ، ودخوله في المقضي - من كتاب (شفاء العليل ) لابن القيم

    وخلاصة الجواب فيما يتعلق بسؤالك هو :
    أن ما يترتب من الخير والحكمة على حصول تلك الأمور المكروهة أعظم مما يحصل من الشر حتى يكون الشر كالمعدوم ، وتكون الحكمة الحاصلة من هذا الطريق أفضل مما لو حصلت بطريق آخر .

    وتوضيح ذلك فيما يلي :
    إن ما حصل على سبيل المثال لأصحاب الأخدود من تحريقهم في النار وإن كان فيه ما فيه من الشر إلا أنه يترتب عليه من زوال ذلك العذاب في لمح البصر وتنعمهم بنعيم الله أبد الأبد ما يكون صبرهم على دينهم أثناء تعذيبهم من أعظم الخير لهم والحكمة الباهرة لمن تأملها .

    وكذلك في حال من يقتل من الأطفال أو يعذب فإن ذلك مع كونه شرا منهيا عنه مستحقا فاعله للعقاب ، إلا أن خلق الله له سبب لإظهار عدل الله وقهره لمن خالف أمره وعصاه ، وسبب لأظهار صلاح الشريعة وحاجة الناس إليها لحفظ أنفسهم وأهليهم ، وفيه فتنة للناس وابتلاء ليتميز من يختار المعصية ممن يختار الطاعة كما في تحريم الله قتل الأولاد خشية الإملاق .

    ومن حكمة الله تعالى أنه ربط المسبَّبات بأسبابها ، فإذا كان في بعض الأسباب المخلوقة ما هو مكروه وشر فإن في ما رتبه الله على هذه الأسباب المخلوقة من المسبَّبات والنتائج الحسنة ما يجعل ذلك الشر المخلوق كالمعدوم ، كما أن الدواء المر سبب للشفاء فيكون في خلقه خير وحكمة مع ما فيه من مرارة مكروهة .

    فكذلك خلق المعاصي والكفر والفساد سبب لحصول عدالة الله وقهره وظهور سلطانه وغضبه على من يستحق العقاب والعذاب ، وعدل الله وقهره من كماله ، وما يترتب عليه ظهور كمال الله تعالى خير وحكمة لا شر .

    وإذا كان الله يقتص للبهائم من بعضها ، فكيف بالأطفال والضعفاء من ظالميهم ؟!

    وحصول الإيلام لهؤلاء الأطفال والضعفاء مع كره الله له إلا أنه سبب لحصول خير كثير ، فمن ذلك :

    ما يحصل في قلوب العباد من كره الباطل وأهله والظلم وأهله فيعرفون الباطل من ثمراته كما عرف بطلان الجاهلية من أفعالها التي منها قتل الأولاد خشية الإملاق .

    وما يحصل لهم من رقة ورحمة تبعثهم على نصرة الضعيف وصد عدوان الظالم ، والتعاون على البر والتقوى وعدم التعاون على الإثم والعدوان .

    وما يحصل لهؤلاء الأطفال من إبدال الله آلامهم بلذاذات المجازاة يوم القيامة فيكون ذلك الألم بجوار تلك اللذة كالذرة بالنسبة للكون ، كما يحصل لأطفال أصحاب الأخدود ، ولأطفال ماشطة ابنة فرعون ، وكما يحصل لمن مات حرقا أو غرقا أو مبطونا فهو شهيد كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم .

    فكل تلك الآلام ليست بشيء عند ما ينتج عنها من اللذة الأبدية ، وتلك اللذة هي غير اللذة التي تكون من أسباب أخرى ، فشاء الله أن ينوع طرق حصول اللذة ، فكان منها ما يتولد عن لذة سابقة ، ومنها ما يتولد عن ضدها من الآلام لكمال قدرة الله تعالى وعلمه فيما يخلقه ويقدره .

    والآلام إما للمجازاة والعقاب ، أو الابتلاء والاختبار ، أو لتكون سببا لحصول كرامة عظيمة كما يحصل للمجاهد من آلام القتال حتى يستشهد ، فتكون جراحاته في الدنيا سببا لعزه وشرفه يوم القيامة ، وما يحصل من ألم الذنب المؤدي إلى التوبة التي ترفع العبد إلى درجات لم يكن ليصلها بدون عبادة التوبة .

    حتى يكون القتل وألمه للمقتول المظلوم من أهل التوحيد سببا لحمل قاتله جميع سيئاته يوم القيامة وفي هذا خير له عظيم .

    ولهذا فلا يقدر من ألمٍ مخلوق إلا كان لسبب من الأسباب التالية ، كما يقول ابن القيم رحمه الله تعالى :
    " إما إحسان ورحمة .
    وإما عدل وحكمة .
    وإما إصلاح وتهيئة لخير يحصل بعدها
    . وإما لدفع ألم هو أصعب منها .
    وإما لتولدها عن لذات ونعم ، يولدها عنها أمر لازم لتلك اللذات .

    وإما أن يكون من لوازم العدل ، أو لوازم الفضل والإحسان "

    وتفصيل ذلك كله سيكون إن شاء الله تعالى في ما سينشر من كلام ابن القيم في الباب الثالث والعشرون من كتابه " شفاء العليل " .

    والمهم الآن معرفة أن ما يحصل من هذه الآلام للأبرياء يكون سببا لانتقام الله لهم وكرامته لهم بأنواع الكرامات وهو ما لم يكن ليحصل لولا حصول ذلك المكروه من الآلام .
    لا يحزنك تهافت الجماهير على الباطل كتهافت الفراش على النار ، فالطبيب الحق هو الذي يؤدي واجبه مهما كثر المرضى ، ولو هديت واحداً فحسب فقد أنقصت عدد الهالكين


    العجب منّا معاشر البشر.نفقد حكمته سبحانه فيما ساءنا وضرنا، وقد آمنا بحكمته فيما نفعنا وسرّنا، أفلا قسنا ما غاب عنا على ما حضر؟ وما جهلنا على ما علمنا؟ أم أن الإنسان كان ظلوماً جهولاً؟!


    جولة سياحية في جزيرة اللادينيين!!


    الرواية الرائعة التي ظلّت مفقودة زمنا طويلا : ((جبل التوبة))

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,524
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    3

    افتراضي

    كانت إحدى الأخوات تنتابها موجات الشك فاستنصحت الأستاذ ناصر عن ذلك....فكان الجواب:


    الشك الذي تسألين عنه إما أن يكون الشك الذي يستوي فيه الحق والباطل والإيمان والكفر فلا يترجح أحدهما على الآخر ، فهذا لا يصح معه عمل ولا عبادة .

    وأما الشك الذي هو عبارة عن ما يعرض للمؤمن من وساوس وخواطر ينكرها بقلبه وعقله ويعرف سقوطها أمام الحجة والبرهان ، فهذا لا بأس عليه منه وهو من صريح الإيمان .

    واليقين يتفاوت بين المؤمنين بحسب كمال إيمانهم ومعرفتهم ، فيتفاوت يقين آحاد المؤمنين عن يقين الأنبياء والرسل والصديقين ، كما يتفاوت يقين المصدق بالخبر عند سماعه عن يقينه به عند رؤيته ومشاهدته .

    ويتفاوت اليقين في المسائل ، فمنها ما يكون اليقين بها أعظم كأصول الإيمان وكثير من تفاصيلها ، ومنها ما يكون اليقين بها أقل من الأولى لخفاء الدليل أو شدة الاختلاف فيه ونحو ذلك .

    فعليك بارك الله فيك بصرف فكرك ونظرك إلى الانتفاع بالحق الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم والعمل به ، وسوف يكون ذلك دافعا لكل شك وشبهة بإذن الله تعالى وفضله .

    واعلمي أن الشبه مهما كانت لا تخرج عن كونها شبه ، فليس لها في الحجة نصيب ولا قيمة ، فهذا وحده كاف في انصراف العاقل عنها ، كانصرافه عن وسوسة من يزعم أن الشمس لا وجود لها ولا حقيقة ، فكيف بوجود الله وكمال شرعه ودينه وصدق أنبيائه ورسله ؟

    وإنما التفصيل في الرد على الشبه من باب إقامة الحجة وإعذار الخلق وهداية الناس لا لأنها تستحق في نفسها جوابا وردا ، فإنها بهرج مزور لا يروج على ناقد ولا يغش به مؤمن .


    وفقك الله لطاعته وثبت قلبك على دينه واستعملك في ما يرضيه ، وجعلك من أهل الصيام والقيام والرضوان
    لا يحزنك تهافت الجماهير على الباطل كتهافت الفراش على النار ، فالطبيب الحق هو الذي يؤدي واجبه مهما كثر المرضى ، ولو هديت واحداً فحسب فقد أنقصت عدد الهالكين


    العجب منّا معاشر البشر.نفقد حكمته سبحانه فيما ساءنا وضرنا، وقد آمنا بحكمته فيما نفعنا وسرّنا، أفلا قسنا ما غاب عنا على ما حضر؟ وما جهلنا على ما علمنا؟ أم أن الإنسان كان ظلوماً جهولاً؟!


    جولة سياحية في جزيرة اللادينيين!!


    الرواية الرائعة التي ظلّت مفقودة زمنا طويلا : ((جبل التوبة))

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,524
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    3

    افتراضي

    خواطر حول مسألة الشر:

    هناك أمران فيهما بإذن الله حل الإشكال الوارد عليك .

    الأول : أن تتصوري المقارنة بين ألم الدنيا ولذة الآخرة ، فإذا أحسنت المقارنة علمت أن ما استكبرته من بعض آلام الدنيا ليس بشيء عند لذة الآخرة ، ولو جمع جميع ما في الدنيا من الشقاء والعذاب وقورن مع غمسة في الجنة لزال جميل ذلك الألم كأن لم يكن .

    الثاني : أن تعلمي أن الله حكيم لا يظلم ولا يعبث ، فإن خفي عليك وجه الحكمة في بعض خلقه فاعتصمي بما علمت من اليقين في حكمته جل وعلا ، فإن وفقك الله لمعرفة بعض حكمه فذلك من فضل الله ، وإن خفي عليك شيء منها كان ذلك لقصور العقل عن الإحاطة بحكمة الله . ومع ذلك فيمكنك أن تعلمي أن الله عز وجل شاء أن يخلق العالم على هذا الوجه لما يختص به هذا الوجه من الحكم التي لا تكون في غيره ، فالمسألة ليست مسألة قدرة الله تعالى فقط ، ولكن مسألة حكمة الله تعالى في ربطه الأسباب بالمسببات ، وخلقه الأضداد من الأضداد ، وجعل الصراع بين الخير والشر في العالم سبيلا لحكم كثيرة تختص بهذا الوجه من الخلق .

    فإذا جمعت بين هذين الأمرين علمت أن الحكمة التي تترتب على ما سألت عنه تقتضي وجود تلك الآلام ، وتلك الآلام ليست بشيء مقارنة بنعيم الآخرة ، ولن يدخل النار إلا من قامت عليه الحجة فاختار الكفر على الإيمان .

    وليس ما يصيب المجنون أو الطفل لذنب فعله ، ولا هو عقوبة له ولا ابتلاء له ، وإنما لحكمة إن علمتها وفهمتها فالحمد لله ، وإن لم تعلميها فيكفيك إيقانك بحكمة الله تعالى في كل شيء وقد علمت كثيرا من حكمة الله تعالى فما خفي لا يخرج عن حكمة الله تعالى أيضا .

    ثم أن ما يصيب المجنون والطفل من الأذى فيه من الحكمة ما سبق بيانه مما يعود إلى غيرهم ، وإذا كان هذا الطفل أو المجنون من أهل الجنة فنعيم الجنة يزيل كل تلك الآلام ، وإن كان مستحقا للنار فلا إشكال حينها إذا أصابها من عذاب الدنيا ما هو أحقر من عذاب الآخرة .

    وكلما استحضرت حكمة الله تعالى في كل شيء سواء علمتِ بعضها أو خفي عليك بعضها ، واستحضرت أن ألم الدنيا ولذتها ليست بشيء بجوار ألم الآخرة ولذتها ، فستجدين أن ما أوردته من الإشكال قد زال ولم يبق له قائمة .

    واعلمي أن الله لو عذب أهل سمواته وأرضه لم يكن ظالما لهم ، لا لأنه قادر على ذلك ولا لأنه مالك لهم ، ولكن لأنهم مقصرون في حقه مهما فعلوا ، فإنهم لا يشكرون الله إلا بأن يعينهم الله على شكره ، وهذه الإعانة تستوجب الشكر ولا يمكنهم شكر الله عليها إلا بمعونة أخرى منه ، فيكونون أبدا مقصرين في حقه ، ولكن الله لرحمته لا يعذب أحدا من خلقه في ناره إلا بعد أن تبلغه الحجة الرسالية فيكفر بها .

    أختاه .. إن الله عز وجل أرحم بذلك الطفل والمجنون من أبويه ، وأرحم به من نفسه ، وما تصيبه من رحمة الله من الله ، حتى الرحمة التي تجدينها في نفسك له إنما هي من الله ، فهل تظنين أن الله الذي أعطاك بعض رحمته أقل رحمة بهؤلاء منك أو من أحد من خلقه ؟!

    انظري في قصة الخضر مع الغلام الذي قتله ، حتى استنكر موسى عليه السلام قتل ذلك الغلام الصغير ، ولكن كان في قتله رحمة بوالديه حتى لا يكفرا تبعا له ، وكي لا يعذبهما بعقوقه ، ولما كان الغلام سيكون كافرا لم يكن في قتله ظلما له فمآله آخر الأمر إلى النار لما علمه الله من اختياره الكفر .

    وانظري في قصة أصحاب الأخدود وأطفالهم ، حيث حرقهم الكفار ، ولكن كان ما ينالهم من كرامة الله تعالى ونعيمه بسبب صبرهم على العذاب أعظم من كل ألم ، حتى لو خير أحدنا أن يكون منهم لما تأخر عن ذلك رغم العذب المهول الذي تعرضوا له .

    ما يصيب أهل الجنة في الدنيا من ألم الطاعة أو الصبر على المصيبة يعوضهم الله به درجات في الجنة ونعيما مقيما ، حتى لا يرضى أحدهم أن يكون قد عاش معافى في الدنيا ولم يصبه شيء من المشقة في سبيل الله تعالى .

    وما يصيب أهل النار في الدنيا من الألم والعذاب فهو بعض جزائهم الذي يستحقونه فلم يظلمهم الله بل كانوا أنفسهم يظلمون .

    وهؤلاء الأطفال والمجانين إما من أهل الجنة وإما من أهل النار ، فيدخلون في التقسيم السابق .

    ومن الأطفال من يتوفون في بطون أمهاتهم ، أو بعد ولادتهم بقريب ، ومنهم من يكون ناقص الخلقة ، ومنهم من يكون مريضا مرضا شديدا حتى يموت أو يبقى على مرضه طيلة حياته ، وكل ذلك فيه من اختبار الله وابتلائه لآبائهم ما لم يكن ليحصل بغير هذه الطريق ، وفيه إظهار التفاوت في الخلق بين الناس كما فاوت في أجسادهم وأشكالهم وأموالهم وقدراتهم ، بحكمته التي وسعت كل شيء وخفي كثير منها على خلقه .

    وما أعظم ما اعتصم به الملائكة حين ردوا حكمة الله في خلقه آدم وذريته مع ما يكون من بعضهم من فساد في الأرض وسفك للدماء ، فقالوا { سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنت أنت العليم الحكيم } .

    فقد علمتِ أن الله هو العليم الحكيم ، فردي إليه ما لم تعلميه من حكمته ، واعتصموا بذلك ، فإن الله لا يعبث ولا يظلم ولا يجور ، وإذا كان هذا من اليقينيات عندك ، فلا يجب حينها أن يشكل عليك شيء مما خفي عليك وجه الحكمة فيه .

    وسوف تجدين بإذن الله تعالى فيما سينشر من الكلام في الحكمة مستلا من كتاب ابن القيم رحمه الله تعالى ما يزيد يقينك بحكمة الله تعالى ، وبأن الله خص هذا العالم بهذه الكيفية لتحقيق حكم تخصها ، ولو خلق العالم على كيفية أخرى لحصلت حكم أخرى من نوع آخر ، لسعة حكمة الله تعالى وعدم انحصارها بوجه دون وجه .
    لا يحزنك تهافت الجماهير على الباطل كتهافت الفراش على النار ، فالطبيب الحق هو الذي يؤدي واجبه مهما كثر المرضى ، ولو هديت واحداً فحسب فقد أنقصت عدد الهالكين


    العجب منّا معاشر البشر.نفقد حكمته سبحانه فيما ساءنا وضرنا، وقد آمنا بحكمته فيما نفعنا وسرّنا، أفلا قسنا ما غاب عنا على ما حضر؟ وما جهلنا على ما علمنا؟ أم أن الإنسان كان ظلوماً جهولاً؟!


    جولة سياحية في جزيرة اللادينيين!!


    الرواية الرائعة التي ظلّت مفقودة زمنا طويلا : ((جبل التوبة))

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,524
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    3

    افتراضي

    خلاصة رائعة لموضوع القضاء والقدر

    أخي لا تيأس ولا تمل من المعرفة الموصلة إلى الحق ، فإن اليأس لن يسهل عليك علاج مشكلتك .

    وسوف أختصر لك القول مع ذلك ، وما شئت أن أزيد في تفصيله وبيانه فسأفعل .

    فاعلم بارك الله فيك أن علم الله بما سيختاره العباد هو صفة كاشفة لما سيكون لا مجبرة للعبد على الفعل ، فإن العلم غير الخلق ، فكما أن الله يعلم المعدومات قبل وجودها ، ثم أنها لا توجد بمجرد علم الله بها إلا بعد أن يخلقها الله تعالى ، فكذلك أفعالك الاختيارية يعلمها الله قبل أن توجد ولكنها لا توجد إلا بعد أن يخلقها الله تعالى .

    فإذن : علم الله لا يجبر العباد على فعل شيء أو تركه ، وكذلك الكلام في كتابة علم الله تعالى في اللوح المحفوظ وتكرار كتابة المقادير .

    نأتي إلى خلق الله لأفعال العباد ، فالعباد أنفسهم مخلوقون خلقهم الله ، وكما أن لهم ألوانا وأجساما وصفات وأخلاقا خلقها الله فيهم فصاروا يوصفون بها ولا يوصف الله بها ، فكذلك خلق فيهم أفعالا يوصفون بها فتكون أفعالا لهم وليست أفعالا لله بل مخلوقات لله منسوبة إلى العباد .

    فإذن : خلق الله لأفعال العباد لا يعني أنها أفعال الله بل هي أفعال العباد .

    ولكن هل هم مجبرون عليها أم مخيرون فيها ؟ وهذا موضوع المسألة التالية
    .

    نأتي إلى مسألة المشيئة التي تخرجنا من إشكالية الجبر البدعي :
    ومن المعلوم أن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ، وأن كل ما يكون من مشيئة العباد للخير أو الشر فهو غير خارج عن مشيئة الله تعالى .

    وهنا نقول : إن الله قد شاء أن يكون للعبد إرادة حرة وقدرة على الفعل هي بعض السبب التام في وجود الفعل ، وأما بقية أجزاء السبب التام الموجب لوقوع الفعل فكثيرة ترجع إلى انتفاء الموانع وقبول المحل ووجود الدواعي المحرضة للإرادة على الفعل ، وغير ذلك من الأمور التي كلها مخلوقة لله تعالى ، وجميع أجزاء السبب التام مخلوق لله تعالى وبمشيئته .


    فإذا ثبت لدينا أن الله خلق للعبد إرادة وقدرة ، وأن هذه الإرادة والقدرة هي جزء مؤثر تأثيرا حقيقيا في حصول الفعل ضمن أجزاء السبب التام المسبب لوقوع الفعل ، فهنا نوقن بأن فعل العبد اختيار حقيقي منه غير مكره عليه .

    وإذا علمنا أن إرادة العبد تنفعل بما يؤثر فيها حتى تتوجه إلى فعل الطاعة دون المعصية مثلا ، فنقول إن تلك المؤثرات على الإرادة لا تنفي وجود إرادة العبد الحرة ، وتلك المؤثرات مخلوقة خلقها الله تعالى ، وخلق الله لها لا ينفي وجود إرادة العبد .

    ومن هاتين الفقرتين نجد حقيقتين مهمتين :
    الأولى : إثبات تأثير إرادة العبد الحرة وقدرته في حصول الفعل ، فلا إكراه .

    الثانية : إثبات تأثر إرادة العبد بما يخلقه الله من المؤثرات والدواعي التي تستجيب لها إرادة العبد فتختار فعلا من الأفعال دون غيره ، وهذا التأثر لا ينفي وجود الإرادة بل يثبت وجود إرادة للعبد موافقة لمشيئة الله تعالى .

    ونخلص من ذلك إلى أن :

    المؤثرات والدواعي التي يخلقها الله تجذب إرادة العبد ومشيئته لموافقة إرادة الله ومشيئته .

    فتثبت وجود إرادة حرة للعبد .
    وفوق ذلك : حب العبد ورضاه وشوقه إلى ما تختاره إرادته من الأفعال ، فلا إكراه .


    نأتي الآن إلى مسألة التفريق بين إعانة الطائع وخذلان العاصي .

    فنقول :
    أولا : إن الله قد ساوى بين الطائع والعاصي في القدرة على الطاعة والمعصية وفي معرفة الحق من الضلال بحجة الرسالة وحجة العقل والفطرة والحس ، وهذا مقتضى عدل الله تعالى .

    ثانيا : إن الله فرق بين الطائع والعاصي في ما لا تجب المساواة فيه ويجوز التفاضل والتفاوت فيه ، كما فضل الله الأنبياء على بقية البشر بالنبوة ، وفضل بعض الناس على بعض في القوة والغنى والصحة والجمال ، وجميع ذلك فضل من الله تعالى لا ظلم فيه بل هو موافق لحكمة الله تعالى .

    فالقدر الذي ساوى الله فيه بين الطائع والعاصي يثبت قدرتهما على الإيمان والكفر والطاعة والمعصية .

    وأما تخصيص الطائع بالإعانة دون العاصي فهذا راجع إلى فضل الله تعالى ، وفضل الله راجع إلى حكمته وعلمه المنافية للظلم والجور والنقص .


    وإذا كان القدر من سر قدرة الله تعالى وحكمته ، فوجب علينا أن لا ننكر قدرة الله على هذا القدر ، ولا ننكر حكمة الله في قدره .

    وإذا كان الواجب علينا الإيمان بقدر الله تعالى وقدرته عليه وحكمته فيه ، فما الذي يثمره هذا الإيمان في أنفسنا ؟

    فنقول :

    ما نستفيده من هذا الإيمان هو مداومة العبد سؤال الله الهداية والتوفيق إليها والبقاء عليها وهذا من أسرار تكرار الفاتحة في كل ركعة وسؤال الله الهداية فيها { اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين } .

    وأن ما بنا من نعمة ورحمة فمن الله ، وما بنا من سوء ومصيبة فمن أنفسنا ، وهذا من معنى الدعاء النبوي الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة أن تقوله كل صباح ومساء :
    " يا حي ! يا قيوم ! برحمتك أستغيث ، وأصلح لي شأني كله ، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا "

    وهذا ما يجعل العبد أكثر عبودية لله ، وإخباتا له ، ورجاء له ، وشكرا لنعمه ، وذكرا لمحامده ، وتقربا لرضوانه ، وتعلقا بربه جل وعلا .

    وهذا معنى قوله تعالى : { كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ }

    وقوله تعالى : { ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ }

    ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم من يسأل عن القدر أن يجتهد في العمل الصالح ، ومن ذلك أنه سئل : يا رسول الله ففيم إذن العمل ؟ فقال اعملوا فكل ميسر لما خلق له، ثم قرأ هذه الآية : { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى }

    وفي حديث آخر صحيح عن علي رضي الله عنه قال:
    بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ينكت في الأرض إذ رفع رأسه إلى السماء ثم قال ما منكم من أحد إلا قد علم - وقال وكيع إلا قد كتب - مقعده من النار ومقعده من الجنة .
    قالوا: أفلا نتكل يا رسول الله ؟
    قال: لا ، اعملوا ، فكل ميسر لما خلق له " .

    فأوصيك أخي بعد أن يتبين لك حقيقة هذه الأمر أن تمتثل وصية النبي صلى الله عليه وسلم فتجتهد في العمل الصالح المشروع كما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فهذا الذي ينبغي الاعتناء به في كل الأحوال ، وربك أرحم بعباده من أنفسهم وآبائهم وأمهاتهم .[/quote]
    لا يحزنك تهافت الجماهير على الباطل كتهافت الفراش على النار ، فالطبيب الحق هو الذي يؤدي واجبه مهما كثر المرضى ، ولو هديت واحداً فحسب فقد أنقصت عدد الهالكين


    العجب منّا معاشر البشر.نفقد حكمته سبحانه فيما ساءنا وضرنا، وقد آمنا بحكمته فيما نفعنا وسرّنا، أفلا قسنا ما غاب عنا على ما حضر؟ وما جهلنا على ما علمنا؟ أم أن الإنسان كان ظلوماً جهولاً؟!


    جولة سياحية في جزيرة اللادينيين!!


    الرواية الرائعة التي ظلّت مفقودة زمنا طويلا : ((جبل التوبة))

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,524
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    3

    افتراضي

    سؤال مهم يكثر طرحه:

    السؤال: عوامل بيئية واجتماعية هي التي تؤثر على قراراتنا...فكيف نؤاخذ على أفعالنا والحالة هذه؟

    الجواب:


    أما جواب الإشكال الذي نقلته ، فيسير جدا ، فإن حاصل قولها عدم التفريق بين دواعي الإرادة وبين الإرادة نفسها ، ولهذا حصل لها الإشكال .

    وحتى يزول الإشكال عنها نقول :

    إنه لا بد أن تعرف أن الدواعي المثيرة للإرادة إلى التوجه لفعل أمر أو تركه ليست أمورا قسرية تسلب الإنسان الإرادة على الفعل ، وإنما هي ترجح إرادة العبد على أحد الممكنات من الفعل أو الترك ، كما أن الجوع يرجح ميل الإرادة إلى دفعه بالطعام ، وكلما زاد الجوع زاد ميل الإرادة إلى الطعام ، ومع ذلك فقد يمتنع عن الطعام لداع آخر عقلي أو نفسي أو شرعي ، وهذا مما يؤكد حرية إرادته مع عدم نفي ترجيح الإرادة لما هو أرجح عندها من هذه الدواعي للفعل أو الترك .

    وتأثر الإرادة بهذه الدواعي ليس من قبيل الإكراه والإلجاء ، لأن الدواعي تضعف وتقوى ، وقد تتعارض فيما بينها وقد تتفق ، فكون الإرادة تتأثر بالدواعي لا يلزم منه نفي الإرادة نفسها ، وإنما يلزم منه إثبات الإرادة وتأثرها بالدواعي ، وهذا التأثر لا يسلب الإنسان حرية الفعل والترك والإيمان والكفر ، وإنما يتوافق مع حرية الإرادة وتأثرها بكثير من العوامل تأثرا غير قسري ولا إكراهي .

    ولهذا نجد في البيئة الواحدة وفي الأسرة الواحدة تفاوت الناس في العادات والأديان والسلوك تفاوتا شاسعا ، وإمكان المرء أن ينتقل من الضد إلى الضد ، ومن الكفر إلى الإيمان والعكس ، وهذا كله يدل على أن حرية الإرادة ثابتة ضرورة مع تناولها لكل تلك المؤثرات وتوجهها إلى ما هو آثر عندها وأقوى من دواعي الفعل أو الترك ، وكل ذلك مخلوق لله تعالى ، فلا خالق سواه .

    ولهذا فعليها أن تستحضر أن ضرورة الشرع والقعل والفطرة والحس في حرية الإنسان فيما يفعل ويترك وكون العبد وجميع ما يتعلق به مخلوق لله تعالى تبطل كل وسوسة تنفي حرية العبد أو خلق الله له ولأفعاله .

    وأن الله سوى بين الناس في حرية الإرادة والقدرة ودلالتهم على طريق الخير والشر بالعقل والفطرة والشرع الحنيف ، وأما امتثال ذلك وطاعة الله تعالى فتفاوت فيها الناس كما يتفاوتون في أمور الدنيا وأعظم من ذلك ، فمن كفر لم يكفر قسرا وإنما اختار الكفر على الإسلام ، ومن آمن أنعم الله عليه بنعمة التوفيق فضلا منه ونعمة .

    وكل إنسان أراد الإيمان يسره الله له ، وكل إنسان أراد الكفر يسره الله له ، وكل ذلك مخلوق لله ، مختار للعبد .

    وكل إشكال في الجمع بين خلق الله لجميع ذلك مع بقاء العبد حرا مختارا ، يمكن نفيه وإبطاله بأن ندرك أن ذلك من الأمور التي لا يلزم العقل من تصورها مستحيل ، بل هي ممكنة وإن تحيرت العقول في تصورها ، كما تتحير العقول في وصف كثير من نعيم الجنة كجريان أنهارها في غير أخدود ، وعدم فساد أنهار اللبن ، ونحو ذلك مع أنها ممكنة عقلا غير مستحيلة .

    وإذا كان مرجع القضاء والقدر إلى قدرة الله تعالى ، وكانت قدرة الله تعالى قدرة كاملة شاملة لجميع الممكنات ، فيصح عقلا أن يخلق الله العبد وجميع ما يقوم به ويكون العبد مع ذلك حرا مختارا ، ولا يصح نفي قدرة الله تعالى على ذلك ما دام ذلك ممكنا عقلا لا يترتب عليه مستحيل .

    وهذا من أحسن الأجوبة على من عارض بين الشرع والقدر ، فإن القدر سر قدرة الله تعالى ، فمن أثبت قدرة الله تعالى لزمه إثباته قدره وقضائه ، ومن أنكر القدر لزمه إنكار قدرة الله تعالى وهذا باطل .

    وهذا الجواب مرة أخرى بصورة مبسطة:



    إن العوامل البيئية والأسرية والمادية ... الخ ، لها تأثير على إرادة الإنسان .

    ولكن هذا التأثير هو كالجوع الذي يدعو الإنسان للأكل ولكن لا يجبره على الأكل ولا على نوع معين من الطعام .

    فجوع الإنسان لا يكرهه على الأكل ، بل يدعوه لأن يأكل ، ولكن قد يترك الإنسان الطعام وهو جائع لسبب آخر ، مثل أن يكون الطعام قذرا أو محرما ، فيفضل الصبر على الجوع بدل الأكل من ذلك الطعام .

    وهكذا الإنسان تؤثر فيه تلك العوامل الكثيرة ، ولكن تأثيرها مجرد دعوة للفعل أو الترك ويمكن للإنسان أن يستجيب لها أو يخالفها باقتناعه .

    فإذا وصل اقتناع عقل المرء وشعوره بشيء إلى درجة أعلى من الأمور الأخرى ، فإنه حينئذ يفعله بإرادته وقدرته .

    لكن كل تلك المؤثرات مخلوقة أيضا ، لأنه لا خالق إلا الله .

    لو كانت تلك العوامل المؤثرة في إرادة الإنسان تعني أن الإنسان لا إرادة له ولا اختيار ، فسوف يكون حجة لكل مجرم وسارق وقاتل ومغتصب أن يجرم ويسرق ويقتل ويغتصب ، ثم يقول أن كل ذلك وقع بدون إرادته ، وأنه بسبب العوامل البيئية والأسرية كان مجبرا أن يقوم بعملية السرقة ، وأن يغتصب المرأة في الطريق ، وأن يقتل الأب وهو بين أولاده !!

    وكذلك ، لا يستحق أحد مدحا ولا ثناء ولا أجرا ولا شكرا على ما يقوم به من الخير والإحسان إلى الناس والمجتمع ، لأنه فعل ذلك بغير إرادته ، وإنما فعله مجبرا مكرها مضطرا مقهورا تحت ضغط درجة الحرارة والرطوبة في البيئة وتأثير ارتفاعه عن مستوى البحر ، وبسبب أكله للسمك ، وتكون بعض السحب في السماء ، واتجاه الريح إلى الشمال بسرعة معتدلة ، وبسبب أنه الابن الثالث في الأسرة وليس الخامس ولا الأول ، ولأن والده يركب سيارة ذات دفع رباعي ، بينما جاره يركب الحافلات ....!!! الخ هذا الهراء الذي يقولون أنه أجبر الإنسان أن يساعد منكوبا في بلد آخر وينسى جاره ، أو أجبره على شرب عصير البرتقال بدل أكل البطيخ ! أو أجبره على أن يسرق من أعمى وينفق المال على كأس خمر !

    فهذا القول إذا فهمه الإنسان عرف أنه باطل وهراء لا يقوله عاقل .

    وبهذا نعلم أن تلك العوامل المؤثرة هي عوامل مؤثرة وليست إرادة تلغي إرادة الإنسان الحرة ، فتبقى إرادة الإنسان حرة ، وتبقى تلك العوامل مؤثرة ، ويبقى الإنسان متقبلا لما يكون أكثر إقناعا له من تلك المؤثرات ، كما لو كان الإنسان يريد الصدقة فوجد شابا مفتول العضلات يطلب المال وهو يدخن سيجارة ، ووجد في جانب آخر عجوزا يكاد يغمى عليها من شدة الضعف والجوع ، فاختار أن يتصدق على المرأة العجوز بدل الشاب القوي ، فهل فعل ذلك مكرها بغير إرادته ، أم بكامل حريته وإرادته واقتناعه ؟

    إن الله قادر على أن يخلق للإنسان إرادة حرة تستفيد من جميع العوامل المحيطة بها وتتفاعل معها ، وتبقى الإرادة حرة .
    وإذا كان الله قادرا على ذلك ، فلا يمكنها أن تنكر حرية الإرادة بسبب تأثير العوامل فيها .
    لا يحزنك تهافت الجماهير على الباطل كتهافت الفراش على النار ، فالطبيب الحق هو الذي يؤدي واجبه مهما كثر المرضى ، ولو هديت واحداً فحسب فقد أنقصت عدد الهالكين


    العجب منّا معاشر البشر.نفقد حكمته سبحانه فيما ساءنا وضرنا، وقد آمنا بحكمته فيما نفعنا وسرّنا، أفلا قسنا ما غاب عنا على ما حضر؟ وما جهلنا على ما علمنا؟ أم أن الإنسان كان ظلوماً جهولاً؟!


    جولة سياحية في جزيرة اللادينيين!!


    الرواية الرائعة التي ظلّت مفقودة زمنا طويلا : ((جبل التوبة))

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء