بعد الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أقول وبالله التوفيق
بأن الله تبارك وتعالى هو الذي يسبب الأسباب وهو الذي يدبر الأمور وهو قيوم السموات والأرض
ومن تدابير الله أن هييء لرسول الله صلى الله عليه وسلم اختيار أصحابه , فلا يجوز لبشر مهما كان أن ينال منهم أو يعتدى عليهم بالقول والفعل
فالله يقول في محكم تنزيله القرآن الكريم مادحا الصحابة
(وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ[التوبة:1.

وقال تعالى
(مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا(29) سورة الفتح
يقول الامام القرطبي في تفسير هذه الآية
قلت : فالصحابة كلهم عدول ، أولياء الله تعالى وأصفياؤه ، وخيرته من خلقه بعد أنبيائه ورسله . هذا مذهب أهل السنة ، والذي عليه الجماعة من أئمة هذه الأمة . وقد ذهبت شرذمة لا مبالاة بهم إلى أن حال الصحابة كحال غيرهم ، فيلزم البحث عن عدالتهم . ومنهم من فرق بين حالهم في بداءة الأمر فقال : إنهم كانوا على العدالة إذ ذاك ، ثم تغيرت بهم الأحوال فظهرت فيهم الحروب وسفك الدماء ، فلا بد من البحث . وهذا مردود ، فإن خيار الصحابة وفضلاءهم كعلي وطلحة والزبير وغيرهم - رضي الله عنهم - ممن أثنى الله عليهم وزكاهم ورضي عنهم وأرضاهم ووعدهم الجنة بقوله تعالى : مغفرة وأجرا عظيما وخاصة العشرة المقطوع لهم بالجنة بإخبار الرسول هم القدوة مع علمهم بكثير من الفتن والأمور الجارية عليهم بعد نبيهم بإخباره لهم بذلك . وذلك غير مسقط من مرتبتهم
وفضلهم ، إذ كانت تلك الأمور مبنية على الاجتهاد ، وكل مجتهد مصيب
وأما الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فقد حذر من سب أصحابه وعدم الاقتداء بهم
فعن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أن:
أحدًا أنفق مثل أحد ذهبًا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه رواه مسلم
وعن أبي برزة عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أكرموا أصحابي، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يظهرالكذب حتى يحلف الرجل قبل أن يُستحلف، ويشهد قبل أن يُستشهد، فمن أراد بحبوحة الجنة فعليه الجماعة،
وإياكم والفرقة؛ فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد، ولا يخلونِّ رجل بامرأة، فإن ثالثهما الشيطان، ومن سرته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن) رواه أحمد في مسنده وابن ماجة
وعن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قالدعوا لي أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أنفقتم مثل أحد ذهبًا ما بلغتم أعمالهم) رواه أحمد
: «وعن عبد الله بن بسر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «طوبى لمن رآني وآمن بي، وطوبى لمن رأى من رآني، طوبى لهم وحسن مآب
أخرجه الحاكم في المستدرك
وعن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قالوالذي نفسي بيده لا يحب الأنصار أحد حتى يلقى الله تعالى:الا

لقي الله تعالى، وهو يحبه، ولا يبغض الأنصار أحد إلا لقي الله تعالى وهو يبغضه)
وقال الهيثمي أحد إسناد الحديث عند الطبراني رجاله رجال الصحيح
وعن أبي موسى قالالنجوم أمنة للسماء، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أمنة لأصحابي، فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون ) رواه أحمد في مسنده »
ومسلم في صحيحة ومعن ى الحديث أن النجوم ما دامت باقية فالسماء باقية، فإذا ذهبت فهي القيامة، وبذهاب النبي صلى الله عليه وسلم يأتي أصحابه ما ما وعدوا من الفتن،وهكذا
وأنا أسأل هل بعد هذا التوقير من رسول الله للصحابة توقير وهل بعد هذا يجوز لانسان مهما كان أن يسب أو ينال من صحابة رسول الله
حكم من سب أصحاب رسول الله :-
فمن استحل سب الصحابة كفر؛ لأنه من إنكار ما علم من الدين بالضرورة، ومن سب جميع الصحابة أو جمهورهم إلا نفرًا يسيرًا، أو سب واحدًا لصحبته فقد كفر

يقول الإمام السبكي رحمه الله في فتاويه: إن سب الجميع بلا شك أنه كفر، وهكذا إذا سب واحدًا من الصحابة حيث هو صحابي؛ لأن ذلك استخفاف بحق الصحبة، ففيه تعرض إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فلا شك في كفر الساب... إلى أن قال: ولا شك أنه لو أبغض واحدًا منهما - أي الشيخين أبي بكر وعمر - لأجل صحبته فهو كفر، بل من دونهما في الصحبة إذا أبغضه لصحبته كان كافرًا قطعًا.

ويقول ابن تيمية رحمه الله: وأما من جاوز ذلك إلى أن زعم أنهم ارتدوا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلاَّ نفرًا قليلاً لا يبلغون بضعة عشر نفسًا أو أنهم فسقوا عامتهم فهذا لا ريب في كفره؛ لأنه مكذب لما نصه القرآن في غير موضع من الرضا والثناء عليهم، بل من يشك في كفر مثل هذا فإن كفره متعين. اهـ
ومن رمى عائشة رضي الله عنها بما برأها الله منه فقد كفر؛ لأنه مكذب للقرآن. نقل القاضي عياض في الشفا، عن الإمام مالك رحمه الله، أنه قال: من سب عائشة قتل. قيل له: لم؟ قال: من رماها فقد خالف القرآن. اهـ


هذا والله أعلم