الأخ مجرد إنسان
تلخيص سريع لخط سير الموضوع قبل أن أبدأ بالرد
أتت عدة ردود على الشبهة بعدة أشكال تم الرد عليها إلى أن وصلنا إلى ردين نحن بصددهما الآن
الأول أن ليعبدون لا تعني سوى لأني أريدهم أن يعبدون وهذه الإرادة شرعية
( ولم أناقشكم في شبهة الإرادة الشرعية والكونية لأني لم أسلم بعد بأن الآية تدل على أن الغاية هي إرادة الفعل وليس الفعل ذاته)
فاستددللتم بقول ابن هشام وأقسامه وأنها ملزمة وأن لا معنى للفعل سوى الإرادة
والثاني أن حدوث مطلق العبادة من بعض الجن والإنس يكفي لحدوث الغاية
وهذان الوجهان هما محور حديثنا الآن
ولنبدأ..
انا فعلت فعلا لينتج عنه نتيجة ما
فقطعا أنا أريد أو أسعى إلى أو أتمنى... الخ تلك النتيجة وإلا لما كنت فعلت الفعل
ولكن هل ينفي ذلك أن سبب فعلي للفعل هو أن تحدث النتيجة؟!
بالطبع لا
فلماذا تظلون تسوقون الموضوع ناحية الإرادة وتبعدونه عن ناحية السبب والنتيجة
بالنسبة لأقسام ابن هشام فقطعا أنا لا أملك الوقت حتى أبحث عنها عنده وعن رأي غيره فيها ولكن
إليك اقتباس من هوامش أحد الكتب التي تتحدث ليس عن موضوعنا ولكنه يثبت رد التقسيم إذا كان غير حاصر
" ومن الطبيعي أن يكون هذا التوجيه مردودا عند بعض النحاة ، لانه ـ كما يقولون ـ قائم على قسمة غير حاصرة ، إذ يمكن افتراض قسم رابع هو : (أن يخبرعنه لا به) وسواء وجد هذا القسم أم لم يوجد ، فإن مجرد احتماله مخل بانحصار القسمة (7) "
وفي رقم 7 في الهامش تجد التالي..
" انظر رأي ابن إياز وابن هشام في الاشباه والنظائر 2|3 مع ملاحظة أن (القسمة) باب من أبواب المنطق ، ويشترط المناطقة للقسمة أن تكون (حاصرة) أي جامعة لجميع ما يمكن أن يدخل من الاقسام ، لا يشذ منها شيء ، فإذا فرض أن يكون هناك قسم لم يدخل كانت القسمة (غير حاصرة) ، وهذه القسمة نوعان : عقلية واستقرائية. فالعقلية هي التي يمنع العقل أن يكون لها قسم آخر ، ولا يمكن ذلك إلا إذا كانت القسمة دائرة بين النفي والاثبات ، كما لو قسمنا الحيوان إلى : (إنسان وغير إنسان) فإن غير الانسان يدخل فيه كل ما يفرض من الحيوانات الاخرى ـ وسيأتي أن النحاة حاولوا هذه القسمة الحاصرة في تقسيمهم للكلمة ـ ، والاستقرائية هي التي لا يمنع العقل من فرض قسم آخر ، ولكن التقسيم وقع علىالاقسام المعلومة بالاستقراء والتتبع. (انظر المنطق للمظفر 1|123 ـ 126 "
فهنا رد القسمة اذا لم تكن حاصرة حاصل ليس عندي فقط ولكن عند النحويين أنفسهم
هذا على المستوى الأول الذي سعيت إليه وهو رد تقسيم ابن هشام من الأساس
أما لو انتقلنا للمستوى الثاني والذي جدلا سوف أقر فيه بصحة قول ابن هشام في الأقسام وخطأ من عداه
فيأتي سؤال افتراضي ملح
ما الذي كان ليحدث لو أسمى ابن هشام قسمه ذاك باسم " عوز " الفعل أو " الحاجة " إلى الفعل بدل إرادة الفعل
فهل كنت لترجع " يعبدون " حينها إلى ذلك القسم؟!
أم أن ذلك احتمال مستحيل لأن الله قدر لابن هشام أن يسميه إرادة حتى تدحض أنت به شبهتي؟!
والآن إلى المستوى الثالث
ابن هشام محق وقسمته حاصرة
والأسئلة الافتراضية لا تغني عن الحق شيئا
فهنا يحق لي أن أسألك عن فعل لترجعه إلى قسمه الخاص به من أقسام ابن هشام
إن " جاء " فلان إلى بيتي " قتلته "
إلى أي قسم ترجع الفعلين؟
ولأنبهك فسأقوم على الأغلب بإرجاع يعبدون إلى نفس القسم الذي سترجع إليه جاء
أما عن الرد الثاني وحدوث مطلق العبادة ومثال النزل ثم مثال البئر
أنت عندما استبدلت النزل بالبئر لم تأت بجديد فكلاهما مفرد ولا يجوز القياس عليه في الآية لأن الآية ذكرت الجن والإنس وهؤلاء بالفعل كثير
ولا علاقة لكون المعبود واحد والمسكون واحد بإثبات صحة قياسك أصلا
لنكتب الأمثلة ونقارنها بالآية
ما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون
ما بنيت النزل إلا ليسكنه المسافرون
ما بنيت البئر إلا ليشرب منه العاطشون في أفريقيا
الثلاثة أمثلة بنفس البنية.. فعل منفى ثم مفعول به ثم أداة استثناء ثم لام التعليل ثم فعل مثبت
وجه اعتراضي أساسا على الآية كان على أن الجن والإنس ( المفعول به) تشمل من لا ينطبق عليه " يعبدون " ( الفعل المثبت)
وبالتالي فينبغي عليك عندما تأتي بمثال لنقيس عليه أن لا يخلو من ذلك لأنه صميم شبهتي أصلا
انت في مثاليك لم تفعل ذلك لأن النزل مفرد والبئر مفرد وكلاهما لا يمكن أن " يشمل من لا ينطبق عليه " الفعل المثبت
لذا فالصحيح حتى نحسن القياس أن تجعل المفعول به جمعا ليشمل بعض من لا ينطبق عليه الفعل المثبت
فتستبدل النزل والبئر ب الأنزال أو الآبار ثم نفترض أن بعض الأنزال أو الآبار تشمل بعض الأنزال أو الآبار التي لن يسكنها أحد أو لن يشرب منها أحد
ويكون التساؤل لماذا بناها إذن وهكذا تصبح المقارنة بين مثاليك وبين شبهتي ممكنة
وفي النهاية عذرا على تأخر الرد لأن وقتي لا يسمح لي بسرعة الرد دائماً
Bookmarks