بعد الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أقول وبالله التوفيق

روى البخاري قال حدثنا عبد السلام بن مطهر قال حدثنا عمر بن علي عن معن بن محمد الغفاري عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة
ما يفهم من الحديث
1-الدين الاسلامى هو دين التيسير لا التعسير
2- ومن مظاهر التيسير فطر رمضان للمريض والمسافر وقصر الصلاة وجمع الصلاة للمسافر والصلاة جالسا لمن عجز عن القيام وغير ذلك كثير كاباحة أكل الميتة للمضطر والتيمم لمن لمن يجد الماء
3-الرسول ينهى المسلم من التشدد في غير موضع التشدد
4- يجوز للمسلم ان خير بين أمرين أن يختار أيسرهما مادام ذلك مباحا
5- ومعنى (سددوا وقاربوا): اطلبوا السداد واعملوا به، وإن عجزتم عنه فقاربوه أي: اقربوا منه، والسداد الصواب، وهو بين الإفراط والتفريط، فلا تغلوا ولا تقصروا
6-وقال الحافظ في (فتح الباري) في بيان معنى السداد: ومعناه: اقصدوا السداد أي الصواب، وقال: اعملوا واقصدوا بعملكم الصواب، أي اتباع السنة من الإخلاص وغيره، ليقبل عملكم فتنـزل عليكم الرحمة. وقال في معنى (وقاربوا): أي لا تُفرطوا فتجهدوا أنفسكم في العبادة، لئلا يفضي بكم ذلك إلى الملال فتتركوا العمل فتفرِّطوا. انتهى.
7-والسداد الذي أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث هو الحق والصواب، ولابد فيه من أمرين: (أحدهما) أن يكون العمل لله خالصاً، لا شركة لغيره فيه. و(الثاني) أن يكون على النهج الذي جاء به المصطفى صلى الله عليه وسلم .
8-واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة: أي استعينوا على مداومة العبادة بإيقاعها في الأوقات المنشطة، والغدوة بالفتح سير أول النهار، وقال الجوهري: ما بين صلاة الغداة وطلوع الشمس، والروحة بالفتح السير بعد الزوال، والدلجة بضم أوله وفتحه وإسكان اللام سير آخر الليل وقيل سير الليل كله، ولهذا عبر فيه بالتبعيض، ولأن عمل الليل أشق من عمل النهار، فهذه الأوقات أطيب أوقات المسافرة فكأنه صلى الله عليه وسلم خاطب مسافرا إلى مقصد فنبهه على أوقات نشاطه لأن المسافر إذا سافر الليل والنهار جمعا عجز وانقطع، وإذا تحرى السير في هذه الأوقات المنشطة أمكنته المداومة من غير مشقة وحسن هذه الاستعارة أن الدنيا في الحقيقة دار نقلة إلى الآخرة.