بعد الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أقول وبالله التوفيق
فان الراجح من أقوال الفقهاء بأن جلد الميتة يطهر بالدباغ إلا جلد الكلب والخنزير وما تولد عنهما ,لذلك لزم البحث عن حكم بيع هذه الجلود وإجراء جميع التصرفات عليها من الاستعمال والاقتناء ونحو ذلك، عملاً بأصل الخلاف في مسألة طهارة جلد الميتة، فضلاً عن أصل الميتة ذاتها
واليك ما قاله الفقهاء في حكم بيع جلد الميتة :-
1-يرى الحنفية: أن جلد الميتة المدبوغ يجوز بيعه والانتفاع به، حتى ولو كان لغير مأكول اللحم، طالما أنه قد دبغ، وذلك لإباحة الانتفاع به شرعاً، ولتحقق جانب المالية فيه، وهذا هو الركن الأعظم عندهم في عقد البيع وقد نص المذهب على أن الجلد غير المدبوغ لا يجوز بيعه، لوجود الرطوبات السيالة فيه
فقد جاء في بدائع الصنائع: "للكاساني ... وأما جلد السبع والحمار والبغل، فإن كان مدبوغاً أو مذبوحاً يجوز بيعه لأنه مباح الانتفاع به شرعاً، فكان مالاً، وإن لم يكن مدبوغاً ولا مذبوحاً، لا ينعقد بيعه، لأنه إذا لم يدبغ ولم يذبح بقيت رطوبات الميتة فيه، فكان حكمه حكم الميتة، ولا ينعقد بيع جلد الخنْزير كيف ما كان لأنه نجس العين بجميع أجزائه، وقيل إن جلده لا يحتمل الدباغ ... ولأن حرمة الميتة ليست لموتها فإن الموت موجود في السمك والجراد وهما حلالان قال عليه الصلاة والسلام "أحل لنا ميتتان ودمان" 1 بل لما فيها من الرطوبات السيالة والدماء النجسة لانجمادها بالموت ولهذا يطهر الجلد بالدباغ حتى يجوز بيعه لزوال الرطوبة عنه"
2-ومذهب المالكية: اختلف فقهاء المالكية في حكم بيع جلود الميتة، فقد نقل في المشهور عندهم أنه لا يجوز بيع جلود الميتة والانتفاع بها حتى ولو دبغت. وقيل يجوز بيعها بعد الدبغ لا قبله، والقولان مبنيان على قولهم بشأن الطهارة لهذه الجلود خاصة بعد دبغها.أما قبل الدبغ: فقيل لا يجوز اتفاقاً كما في رواية ابن حارث
قال عليه الصلاة والسلام "لا تنتفعوا من الميتة بإهاب" وهو اسم لغير المدبوغ
3-ومذهب الشافعية: اتفق فقهاء الشافعية على عدم جواز بيع الجلد قبل الدبغ، وجواز ذلك بعد دبغه وإجراء جميع التصرفات عليه لأنه طاهر منتفع به، فقد نص المذهب على أن جلد الميتة المدبوغ طاهر حتى ولو كان من غير مأكول اللحم، وعلة المنع قبل الدبغ هي وجود الرطوبات السيالة والدماء النجسة بخلاف حالة الجلد بعد الدبغ من زوال الرطوبة عنه والسيولة مما يترتب على ذلك طهارته وصحة بيعه.
فقد جاء في مغني المحتاج: " ... وجلد نجس بالموت ولو من غير مأكول فيطهر بدبغه يعني باندباغه، ولو بإلقاء الدابغ عليه بنحو ريح، أو إلقائه على الدابغ كذلك ظاهره وهو ما لاقى الدابغ لقوله صلى الله عليه وسلم "أيما إهاب دبغ فقد طهر" رواه مسلم وفيه وفي البخاري "هلا أخذتم إهابها فدبغتموه فانتفعتم به"
4-ومذهب الحنابلة: اتفق فقهاء الحنابلة على منع بيع جلد الميتة قبل دبغه، واختلفوا في حكم بيع جلد الميتة بعد دبغه، والصحيح في المذهب القول بمنع بيع ذلك الجلد حتى بعد دبغه، وذلك بناءً على القول بنجاسته وعدم طهارته بالدباغ، وفي المذهب قول بجواز بيع جلد الميتة وهذا ما قال به أبو الخطاب بناء على القول الذي أفاد الطهارة بعد الدبغ، مع اختلافهم فيما يطهر بالدبغ، فقيل يطهر جلد جميع ما كان طاهراً حال الحياة وهو الصحيح في المذهب، وقيل بل تقتصر على ما كان مأكولاً.
فقد جاء في المغني: "ولا يجوز بيع جلد الميتة قبل الدبغ قولاً واحداً، قاله ابن أبي موسى، وفي بيعه بعد الدبغ عنه خلاف ... والصحيح عنه أنه لا يجوز وهذا ينبني على الحكم بنجاسة جلود الميتة وأنها لا تطهر بالدباغ"
والراجح عندى جواز بيع الجلد قبل الدبغ وبعده الا جلد الكلب والخنزير
والله أعلم
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم