بعد الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أقول وبالله التوفيق
بأن الدم وبالأخص دم الانسان له أهمية عظمى وبالأخص في إنقاذ انسان آخر أوشك على الهلاك ولذلك بحثت في أقوال الفقهاء في حكم بيع الدم من انسان أو حيوان

مذهب الحنفية: ذهب فقهاء الحنفية إلى بطلان بيع الدم المسفوح، لكونه محرماً شرعاً، وللنهي عن بيعه لعدم ماليته المعتبرة أساساً لعقدالبيع عندهم.
فقد جاء في الهداية: "وإذا كان أحد العوضين أو كلاهما محرما، فالبيع فاسد، كالبيع بالميتة والدم والخمر والخنْزير"1، فتعليل منع البيع هو كونه محرماً.
مذهب المالكية: هو القول ببطلان بيع الدم، لأنهم يشترطون طهارة كل من الثمن والمثمون، والدم نجس عندهم.
فقد جاء في الشرح الكبير: وهو يعدد النجاسات "ودم مسفوح أي جار بسبب فصد أو ذكاة أو نحو ذلك إذا كان من غير سمك وذباب، بل ولو كان مسفوحاً من سمك وذباب وقراد وحلم خلافاً لمن قال بطهارته منه

مذهب الشافعية: اشترط فقهاء الشافعية طهارة المبيع، وقالوا بعدم جواز بيع الدم لعدم تحقق شرط الطهارة فيه، لأنه نجس غير طاهر.فقد جاء في شرح المحلي على منهاج الطالبين: "وللمبيع شروط خمسة: أحدهاطهارة عينه، فلا يصح بيع الكلب والخمر وغيرها من نجس العين ... والمعنى في المذكورات نجاسة عينها فألحق بها باقي نجس العين" 1.
وعلى هذا فقد ذهبوا إلى بطلان بيع الدم، وذلك لأنه نجس العين فهو غير طاهر.
مذهب الحنابلة: ذهب فقهاء الحنابلة إلى القول ببطلان بيع الدم، لأنه لا يصح عندهم بيع عين النجاسة ولا الأعيان المتنجسة

وخلاصة القول
فقد وجدت أنه لا خلاف بين أهل العلم في حُرمة بيع الدم؛ وقد نقل ابنُ المُنذر والشوكانيّ وغيرهما إجماع أهل العلم على تحريم بيعه؛ والدليل على تحريم بيع الدَّمَ قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} [المائدة: 3]، وعن جابر بن عبد الله أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عام الفتح وهو بمكة: "إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام" (رواه أبو داود)، وروى عن ابن عباس أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ الله إذا حرَّم على قوم أَكْلَ شيءٍ حرَّم عليهم ثمنه" (صحَّحه النووي).

فصحَّ أنَّه إذا حرَّم الشَّرع شيئاً حرَّم بيعه وأكْلَ ثَمَنِه، إلا أن يأتِيَ نص بتَخْصِيص شيء من ذلك فيتوقف عنده.

وأيضاً فقدْ صرَّح النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بالنهى عن ثمن الدَّم؛ فقد أخرج البخاريُّ عن أبي جحيفة أنه قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثمن الدم، وثَمَنِ الكلب، وَكَسْبِ الأَمَةِ، ولَعَنَ الواشِمَةَ والمُسْتَوْشِمة، وآكل الرِّبا وموكله، ولعن المصور".


هل للضرورة أحكام ؟؟؟

لقد قرر مجمع الفِقه لرابطة العالم الإسلامي في دورته الحادية عشرة المنعقدة بمكة المكرمة (13-20 رجب 1409هـ) أن أخذ العوض عن الدم، أو بيع الدم؛ لا يَجُوز؛ لأنه من المحرَّمات المنصوصِ عليها في القرآن الكريم مع الميتة ولحم الخنزير، فلا يجوز بيعه وأخذُ عوض عنه، واستَثْنوا من ذلك حالات الضرورة إليه للأغراض الطبية ولا يوجد مَنْ يَتَبَرَّعُ إلا بعوض، فإنَّ الضرورات تبيح المحظورات، بقدر ما ترفع الضرورة، وعندئذ يحل للمشتري دفع العوض، ويكون الإثم على الآخذ. ولا مانع من إعطاء المال على سبيل الهبة أو المكافأة تشجيعاً على القيام بهذا العمل الإنساني الخيري لأنه يكون من باب التبرعات، لا من باب المعاوضات

رأى دار الافتاء المصرية

وأما حُكْم أخذ العِوض عن الدم(بيع الدم) فإنه لا يجوز، لأنه من المحرَّمات المنصوص عليها في القرآن الكريم، مع الميتة ولحم الخنزير، فلا يجوز بيعه وأخذ عوض عنه، وقد صح في الحديث : ( إن الله تعالى إذا حرم شيئاً حرم ثمنه )، كما صح أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نهى عن بيع الدم، ويُستثنى من ذلك حالات الضرورة إليه، للأغراض الطبية ولا يوجد من يتبرع به إلا بعِوض، فإن الضرورات تبيح المحظورات، بقدر ما ترفع الضرورة, وعندئذ يحل للمشتري دفع العِوض، ويكون الإثم على الآخذ، ولا مانع من إعطاء المال على سبيل الهبة, أو المكافأة، تشجيعاً على القيام بهذا العمل الإنساني الخيري، لأنه يكون من باب التبرعات، لا من باب المعاوضات .
( مجمع الفقه الإسلامي، برابطة العالم الإسلامي, في دورته الحادية عشرة المنعقدة بمكة المكرمة، في الفترة من يوم الأحد 13 رجب 1409 هـ الموافق 19 فبراير 1989 م إلى يوم الأحد 20 رجب 1409 هـ الموافق 26 فبراير 1989 م ـ القرار الثالث)
هذا والله أعلم

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم