لقد تكلم القرآن الكريم عن كثير من الطاعنين ، وذكر طعوناتهم ، ثم رد عليها ردا واضحا بينا مفحما. و منها طعون قديمة و أخرى قديمة حديثة أو متجددة لكنها لا تصمد البتة أمام حجة القرآن خاصة أنها جاءت في صفة تحدي مطلق في الزمان و المكان و لم يزل هذا التحدي قائما و إلى الأبد.
و قبل التطرق إلى الطعون المتداولة حول القرآن و افتراء نسبته إلى مصدر بشري في شخص النبي محمد عليه السلام أو حتى شخصين أو ثلاث، لا بد من الإشارة إلى أن النبي محمد صلى الله عليه و سلم نفسه لم ينسب هذا الكتاب المعجز إليه بل و تبرأ من هذه النسبة. و في ذلك يقول الدكتور عبد الله دراز في كتابه '' النبأ العظيم'' :
تبرؤ محمد من نسبة القرآن إليه ليس ادعاء يحتاج بينة ،بل هو إقرار يؤخذ به صاحبه ؛
في الحقيقة إن هذه القضية لو وجدت قاضيا يقضي بالعدل ، لاكتفى بسماع هذه الشهادة التي جاءت بلسان صاحبها على نفسه ، ولم يطلب وراءها شهادة شاهد آخر من العقل أو النقل ، ذلك أنها ليست من جنس ( الدعاوى ) فتحتاج إلى بينه ، و إنما هي من نوع ( الإقرار ) الذي يؤخذ به صاحبه ، و لا يتوقف صديق و لا عدو في قبوله منه ، أي مصلحة للعاقل الذي يدعي لنفسه حق الزعامة ،ويتحدى الناس بالأعاجيب والمعجزات لتأييد تلك الزعامة ، نقول أي مصلحة له في أن ينسب بضاعته لغيره ، و ينسلخ منها انسلاخا ؟ على حين أنه كان يستطيع أن ينتحلها فيزداد بها رفعة و فخامة شأن ، و لو انتحلها لما وجد من البشر أحدا يعارضه و يزعمها لنفسه .
الذي نعرفه أن كثيرا من الأدباء يسطون على آثار غيرهم ،فيسرقونها أو يسرقون منها ما خف حمله و غلت قيمته و أمنت تهمته ، حتى إن منهم من ينبش قبور الموتى ،و يلبس من أكفانهم و يخرج على قومه في زينة من تلك الأبواب المستعارة ؛ أما أن أحدا ينسب لغيره أنفس آثار عقله ، وأغلى ما تجود به قريحته فهذا ما لم يلده الدهر بعد ).اهـ


و الآن لنستعرض جملة مما جادت به قريحة المبطلين من الطعون على القرآن الكريم و الردود المحكمة عليها :

1 - فقد طعن المشركون واليهود في صحة نسبة القرآن إلى الله ؛ فقالوا للنبي ( كما ذكر الله تعالى عنهم في قوله : ( وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر بل أكثرهم لا يعلمون ( [النحل : 101] ؛ أي أنك متقول على الله تعالى تأمر بشيء ثم تخالفه (1).

فرد الله تعالى عليهم من عدة وجوه :
أ- في قوله : ( والله أعلم بما ينزل ( أي والله أعلم بما ينزل من المصالح ؛ فلعل ما يكون مصلحة في وقت يصير مفسدة بعده ، فينسخه وما لا يكون مصلحة حينئذ يكون مصلحة الآن فيثبته مكانه.
ب- ثم قال تعالى: ( قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين آمنوا وهدى وبشرى للمسلمين ( [النحل:102] ("ونزله" تنبيه على أن إنزاله مدرجا على حسب المصالح بما يقتضي التبديل ( من ربك بالحق ( ملتبسا بالحكمة ( ليثبت الذين آمنوا ( ليثبت الله الذين آمنوا على الإيمان بأنه كلامه ، وأنهم إذا سمعوا الناسخ وتدبروا ما فيه من رعاية الصلاح والحكمة ، رسخت عقائدهم واطمأنت قلوبهم ( وهدى وبشرى للمسلمين (المنقادين لحكمه).
ج-ثم قال تعالى بعدها بقليل ( إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون ( [النحل:116]. والواقع أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أفلح في كل أعماله ودعوته وغزواته ، ومكنه الله من البلاد والعباد ، ولم يمت حتى دانت له الجزيرة كلها بالإسلام لله والعبادة له وحده.

2 - وبعضهم ادعى أنه يستطيع أن يأتي بمثل القرآن ( وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا.. ( [الأنفال :31] ؛ فتحداهم الله تعالى أن يأتوا بمثله فعجزوا ، فتحداهم أن يأتوا بعشر سور من مثله فعجزوا ، ثم تحداهم أن يأتوا بسورة من مثله فعجزوا.
و السؤال : لماذا لم يستطع كفار مكة معارضة القرآن ، مع أنهم كانوا أكثر الناس عداوة وفصاحة، و لماذا اختاروا المقارعة بالسلاح على المقارعة بالحجة و البيان لو لم يكن في هذا عنوانا واضحا على عجزهم ؟
يقول الخطابي في رسالته في بيان إعجاز القرآن :
(إن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) قد تحدى العرب قاطبة بأن يأتوا بسورة من مثله ، فعجزوا عنه وانقطعوا دونه، وقد بقي ( يطالبهم به مدة عشرين سنة ،مظهرا لهم النكير ، زاريا على أديانهم ،مسفها آراءهم وأحلامهم ، حتى نابذوه وناصبوه الحرب ، فهلكت فيه النفوس ،وأريقت المهج، وقطعت الأرحام ،وذهبت الأموال ، ولو كان ذلك في وسعهم وتحت أقدارهم ،لم يتكلفوا هذه الأمور الخطيرة ، ولم يركبوا تلك الفواقر المبيرة ،ولم يكونوا تركوا السهل الدمث من القول إلى الحزن الوعر من الفعل، وهذا ما لا يفعله عاقل ، ولا يختاره ذو لب ،وقد كان قومه قريش خاصة موصوفين برزانة الأحلام ،ووفارة العقول والألباب ، وقد كان فيهم الخطباء المصاقع والشعراء المفلقون، وقد وصفهم الله تعالى في كتابه بالجدل والخصومه واللدد ، فقال سبحانه ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون ( وقال سبحانه : ( وتنذر به قوما لدا (، فكيف كان يجوز -على قول العرب ومجرى العادة مع وقوع الحاجة ولزوم الضرورة -أن يغفلوه ولا ويهتبلوا الفرصة فيه ، وأن يضربوا عنه صفحا ، ولا يحوزوا الفلاح والظفر فيه لولا عدم القدرة عليه والعجز المانع منه .
ومعلوم أن رجلا عاقلا لو عطش عطشا شديدا ، خاف منه الهلاك على نفسه ، و بحضرته ماء معرض للشرب فلم يشربه حتى هلك عطشا ، لحكمنا أنه عاجز عن شربه غير قادر عليه ،
وهذا بين واضح لا يشكل على عاقل .انتهى

ولا يقال :إن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بلغ من العبقرية مبلغا ،بحيث لم يستطع أحد أن يأتي بمثل ما قال . لأنه يمكن للمخالفين أن يجتمعوا فيألفوا قرآنا ، ومن المعلوم أن الجماعة تبدع وتبتكر أكثر من الإنسان الواحد ، فلو اجتمع مائة شاعر مثلا لتأليف قصيدة ؛ لكانت في جمالها وقوتها وسبكها أفضل بمراحل من شاعر واحد ألف قصيدة ، مهما بلغ هذا الشاعر من البلاغة والبيان، فإذا كان آحاد المشركين لم يستطيعوا معارضة القرآن؛ فلماذا لم يجتمعوا لمعارضته ؟ ولكن هيهات ؛ فإنه لو اجتمعت قريش والعرب وأهل الأرض قاطبة ، بل والجن ما كانوا لهم أن يأتوا بمثل آية منه ( قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ( [الإسراء:88].
ومن هذا الباب المجامع الفقهية وما فيها من اجتهاد جماعي ، ومنه ما في دول الغرب من عمل لجان متخصصة في الطب والفلك والأحياء والكيمياء والكهرباء والحاسوب وغيرها من العلوم ، فأثمرت هذه اللجان المتخصصة علوما وإبداعا، واكتشافا لا يستطيعه الفرد الواحد مهما بلغ من فرط الذكاء وسيلان الذهن وعبقرية العقل أن يبدعه.

3 - وبعضهم زعم أن هذا القرآن إنما هو قصص الأولين وأساطير السابقين ( وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين ( [النحل:24].
( وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا ( [الفرقان :4-5].

فرد الله عليهم أن محمدا عليه السلام لا يعرف أن يقرأ ولا يكتب ، فكيف نقلها وكيف قرأها ؟ قال تعالى :
( وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون ( [العنكبوت:48].
فما كان لرجل أمي لا يقرأ ولا يكتب أن يأتي بمثل هذا الكلام ، ويتحدى به الثقلين ، ولم يقدر أحد على معارضته وإجابة هذا التحدي .


4 - وبعضهم قال : إنه تعلمه من غلام نصراني . فقال الله تعالى : ( ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين ( [النحل:103]
( وأعانه عليه قوم آخرون فقد جاءوا ظلما وزورا ( [الفرقان:4].
(يعنون جبرا الرومي غلام عامر بن الحضرمي ، وقيل : جبرا ويسارا كانا يصنعان السيوف بمكة ، ويقرآن التوراة والإنجيل ، وكان الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) يمر عليهما ويسمع ما يقرآنه . وقيل: عائشا غلام حويطب بن عبد العزى قد أسلم ، وكان صاحب كتب . وقيل : سلمان الفارسي . ( لسان الذي يلحدون إليه أعجمي ( لغة الرجل الذي يميلون قولهم عن الاستقامة إليه أعجمي غير بين وهذا القرآن لسان عربي مبين ذو بيان وفصاحة .
والجملتان مستأنفتان لإبطال طعنهم ، وتقريره يحتمل وجهين :
أحدهما :أن ما سمعه منه كلام أعجمي لا يفهمه هو ولا أنتم ، والقرآن عربي تفهمونه بأدنى تأمل ، فكيف يكون ما تلقفه منه ؟‍!
وثانيهما :هب أنه تعلم من المعنى باستماع كلامه ، لكن لم يتلقف منه اللفظ ؛ لأن ذلك أعجمي وهذا عربي ، والقرآن كما هو معجز باعتبار المعنى ، فهو معجز من حيث اللفظ، مع أن العلوم الكثيرة التي في القرآن ، لا يمكن تعلمها إلا بملازمة معلم فائق في تلك العلوم مدة متطاولة ، فكيف تعلم جميع ذلك من غلام سوقي ، سمع منه في بعض أوقات مروره عليه كلمات أعجمية لعله لم يعرف معناها ، وطعنهم في القرآن بأمثال هذه الكلمات الركيكة دليل على غاية عجزهم)(تفسير البيضاوي).

(قال القاضي ابن الطيب : نحن نعلم ضرورة أن هذا مما لا سبيل إليه إلا عن تعلم ، وإذا كان معروفا أنه لم يكن ملابسا لأهل الآثار وحملة الأخبار ، ولا مترددا إلى المتعلم ، منهم ولا كان ممن يقرأ فيجوز أن يقع إليه كتاب فيأخذ منه ؛ علم أنه لا يصل إلى علم ذلك إلا بتأييد من جهة الوحي)(تفسير القرطبي) .


5 - ادعاؤهم أنه من النبي ( صلى الله عليه وسلم ) نفسه وليس من عند الله :
( وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلي إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم(15)قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون ( [يونس:15-16] .
قال ابن كثير - رحمه الله - يخبر تعالى عن تعنت الكفار من مشركي قريش ، الجاحدين المعرضين عنه أنهم إذا قرأ عليهم الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) كتاب الله ، وحججه الواضحة ، قالوا له : ( ائت بقرآن غير هذا ( أي رد هذا وجئنا بغيره من نمط آخر أو ( بدله ( إلى وضع آخر . قال الله تعالى لنبيه ( : ( قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي ( أي ليس هذا إلي إنما أنا عبد مأمور، ورسول مبلغ عن الله ( إن أتبع إلا ما يوحى إلي إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم( ثم قال محتجا عليهم في صحة ما جاءهم به ( قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به ( أي هذا إنما جئتكم به عن إذن الله لي في ذلك ومشيئته وإرادته ، والدليل على إني لست أتقوله من عندي ، ولا افتريته أنكم عاجزون عن معارضته ، وأنكم تعلمون صدقي وأمانتي منذ نشأت بينكم إلى حين بعثني الله عز وجل ، لا تنتقدون علي شيئا تغمصونني(463) به ولهذا قال : ( فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون ( أي أفليس لكم عقول تعرفون بها الحق من الباطل ، ولهذا لما سأل هرقل ملك الروم أبا سفيان ومن معه فيما سأله من صفة النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، قال هرقل لأبي سفيان : هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟ قال أبو سفيان : فقلت : لا . وكان أبو سفيان إذ ذاك رأس الكفرة وزعيم المشركين ، ومع هذا اعترف بالحق ، والفضل ما شهدت به الأعداء ، فقال له هرقل : لقد عرفت إنه لم يكن ليدع الكذب على الناس ، ثم يذهب فيكذب على الله، وقال جعفر ابن أبي طالب للنجاشي ملك الحبشة : بعث الله فينا رسولا نعرف صدقه ونسبه وأمانته ، وقد كانت مدة مقامه عليه السلام بين أظهرنا قبل النبوة أربعين سنة)(تفسير ابن كثير).


6 - اتهام النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بأنه شاعر ، أو مسحور أو ساحر ، أو كاهن يتلقاه من الشياطين ، أو مجنون، أو أن ما يتلقاه هو أضغاث أحلام :
( بل قالوا أضغاث أحلام بل افتراه بل هو شاعر فليأتنا بآية كما أرسل الأولون ( [الأنبياء:5].
( إنه لقول رسول كريم()وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون()ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون()تنزيل من رب العالمين ( [الحاقة:40-43].
( وما هو بقول شيطان رجيم ( [التكوير:25].
( ...إذ يقول الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا ( [الإسراء:47].
( أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم قال الكافرون إن هذا لساحر مبين ( [يونس:2].
( وقالوا ياأيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون ( [الحجر:6] .
ويلاحظ في هذه التهم التخبط العجيب والتناقض الغريب، فتارة يتهمونه بأنه ساحر وتارة مسحور، ولما رأوا بلاغة القرآن قالوا : هذا شعر . فلما اعترض عليهم أن أوزان الشعر معروفة ، وهذا ليس على وزن شيء منها ، قالوا : كاهن يعني يسجع كسجعهم ، فلما اعترض عليهم بأنه لو كان شعرا أو سجعا لكان الناس يستطيعون تقليده ، ولكن الواقع أنه لم يستطع أحد فعل ذلك ، لاسيما مع استمرار تحديه لهم في كل مناسبة ، فقالوا : إنه أضغاث أحلام . ولكن أضغاث الأحلام لا تأتي بهذا الإحكام والتنظيم والإعجاز والبلاغة ، فقالوا: إذن يتلقاه من الشياطين . ولكن كيف يتلقاه من الشياطين وهو يلعن الشياطين صباحا ومساء، ولا يستفتح كتابه إلا بالاستعاذة منهم ، والشيطان من صفاته إضلال الناس ، وهذا الكتاب يهدي لأقوم سبيل وأفضل طريق ، وهناك الكثير من السحرة والكهنة لديهم شياطين ومردة ، فلماذا لا يأتون بمثل ما أتى ؟ فقالوا : إذن هي أساطير الأولين وقصص السابقين، اكتتبها فهي تملى عليه . ولكن كيف يقال هذا ومحمد لا يقرأ ولا يكتب ، بل هو رجل أمي، قالوا : إذن تعلمه من اليهود والنصارى . فقيل لهم : كيف ذلك وهم أعاجم ، وهذا لسان عربي مبين ، وكلام فصيح بليغ لم يستطع فحول الفصحاء أن يبلغوا منزلته في البلاغة ، فكيف لأعجمي أن يأتي به ؟ ثم هل اليهود والنصارى تكفر نفسها ؟ فعند ذلك حاروا وبهتوا وألجموا ولم يردوا جوابا.

وقد شهد على صحة هذا القرآن أهل الكتاب أنفسهم ، في مثل قوله تعالى:
( أفغير الله أبتغي حكما وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين ( [الأنعام:114].
وقال تعالى : ( وإنه لتنزيل رب العالمين()نزل به الروح الأمين()على قلبك لتكون من المنذرين()بلسان عربي مبين()وإنه لفي زبر الأولين()أولم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل ( [الشعراء:192-197]
( …ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون()وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين( [المائدة:82-83].

و هذا يعني أن هناك شهودا من أهل الكتاب على صدق القرآن و أنه صادق مصدق لكثير مما معهم دون نسبة بينه و بين الرسول و لا مقتبس منه لأنه لو كان مقتبسا لما صحح كثيرا من اعتقادات أهل الكتاب التي دخلها التحريف و التبديل و التناقض البين و لا جاءت أخباره و قصصه مصححة لما عندهم و غاية في الصدق و الواقعية و التوافق بخلاف كثير من الأخبار و القصص الوادرة في كتبهم و التي تصل إلى حد التخريف و المبالغة. و من يقرأ القرآن و الكتب المقدسة و يقارن بينها يعلم حجم هذه الفوارق و يدرك أبعادها.

قال الله تعالى : وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ (48)
ولكن تصديق الذي بين يديه أي من الكتب المتقدمة ، ومهيمنا عليه ومبينا لما وقع فيها من التحريف والتأويل والتبديل. (تفسير ابن كثير)


نقلا عن مقالة بعنوان ''حملات الطعن في القرآن والرد عليها'' - بتصرف - للشيخ عبد المحسن المطيري

يتبع إن شاء الله