تَتوق قلوبُ العاشِقِينَ حَتَّى لا يُغادرَ تَوقُ قُلوبِهِم بغير اللَّقيا ، فأقول وما عَساهُ المرءِ فاعلاً والمَعشوقُ مَيِّتٌ ، لَمْ أدِرِ كَيفَ أُناجيه ، فَناجَيْتُهُ مَشهوداً أمامَ جُمهورِكُم فأقول :
قَصيدَة : رثاءُ رَسولِ الله .
محمد حشايكة

قَدْ طالَ لِسانُ العُهْرِ يَرمِي النَّعيقَ
وتهافَتَتْ حشودُهُم على حِماكَ
قَدْ كَشفُوا عَورَةَ قَهرِهِمْ
حينَ أبصَروا أنْ لا يكونَ أحدٌ فِداكَ
يا شَمساً أزاحَتْ عَنِ الكَونِ ظُلمةً
قُلّ لي من يَمسَحُها سِواكَ
تاهَتْ أحوالُنا على تَلِّ عارٍ
فَلَمْ نَدْرِ أضِعنَا أم مازلنا في حِماكَ
يا خَيْرَ من داسَ الأرضَ مخلوقٌ
وَهَل طَرِبَتِ الأرضُ يومَاً بغيرِ خُطاكَ
كلامُ طِيبٍ كُنتَ تَشدوهُ بِرِقَّةٍ
فَأتوقُ باكياً لَيلِي لِهمسَاكَ
سُبحَانَ من خَلَقَكَ فأعزّكَ
قَدْ تاقَتْ نَفسِي لِلُقياكَ
أَحَبّكَ مَنْ عايَشَكَ من صَحابةٍ
فَصُدِعَ قَلبِي شوقاً لمحيّاكَ
وَهَل طَابَ لِي حينُ فَرحَةٍ
عَسايَ أُكْمِلُها بأن ألقاكَ
حِينَ قرأتُ عَنْ شمائِلِكَ مُحَمَّداً
مَا زادَنِي إلّا شَوقاً لمرآكَ
وُلِدتَ يتيمَ أبٍ بِلا حنانٍ
وما أبْصرتَ الشّمس حتى فَارَقتَ أُمّاكَ
أعوامٌ وراحَ من ذاذَ عَنْكَ بِشِدَّةٍ
وذَابَ قَلبُكَ حُزناً وما ثَناكَ
أيامٌ وراحَتْ طَبِيبَةُ فؤادِكَ بَاكِياً
وزادَ حُزنُ قَلبِكَ وأدْلَجَ لَيلاكَ
وما لَبِثتَ ومِيتٌ هُمْ أطفَالُكَ
أبا القَاسِمِ ما بَالُها الدُّنيا لَمْ تُصِبْ عَدَاكَ
أحاطَكَ قَومُكَ بالبلايا فرَحَلتَ مُجبَراً
لُطفاً بحَبِيبِنا يا أحمداً كُلُّنا مثواكَ
أيامٌ لَمْ تَكَدْ تَخْلُ من صَدْمَةٍ
لَكِنَّهُم لَمْ يَجِدوكَ إلا باسِم الثَّغر وما أبهى بَسماكَ
وفي قضاء الإنسانِ لحظةٌ
يَرُوحُ فيها عن الدُّنيا فأخطأنَا خُطاكَ
أَلَمَّكَ المَرَضُ كُلَّكَ
ولَمْ تَبكِ نَفسِي كما بَكتْ آهاكَ
رقَّتْ آهاتُكَ وراحَ عَنكَ ألمٌ
لكِنْ مالَكَ لا تُضيءُ عَيناكَ
رَحَلتَ وربّي رَحيلُكَ كِذبةٌ
أقَضّ مَضجَعِي حُلْمُ أنَّ القَبْرَ مثواكَ
تَبكيكَ أعيُنُنا وفي خَدِّنا
سَوادٌ ظَليمٌ شَهيدٌ لِمبكَاكَ
ماتَتِ القُلوبُ حُبّاً لِعَيشِكَ
وَهَلْ يَطِيبُ للعاشقِينَ عِشْقٌ بَعْدَ دُنياكَ
عَلَّمتَني أنَّ الحُزنَ سيّءٌ
فَقُلْ لِي بِرَبِّكَ كَيفَ أنَّ الحُزنَ يَهواكَ
يا رَسولَ اللهِ فَلتَشْهَدِ الدُّنيا طِيبَ لحظةٍ
أَعِيشُها ولهُوجٌ هُوَ لِسانِي بِذكراكَ
رَحَلْتَ وتَركْتَ خَلْفَك قُرآناً وسُنةً
فَبِهِمَا لا نَسينَا مَرْمَى مَحيَاكَ