النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: رؤية ابن سلمان !

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Sep 2013
    الدولة
    http://ahmad-mosfer.com/
    المشاركات
    118
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي رؤية ابن سلمان !

    رؤية ابن سلمان !

    العلماء والمصلحون والمربُّون في كل زمان ومكان لهم أفكار وخواطر في العِلم والتربية والسلوك .

    والأفكار في العادة ترتبط بقاعدة أو مبدأ تربوي أو توجُّه نفسي ينبني عليه عمل ، لتكون له ثمرة مُتعدِّية في الغالب. ولهذا قال عبد الله ابن المبارك ( ت: 181هـ )رحمه الله تعالى : ” إذا أردتَ أن يصح لك الحديث ، فاضرب بعضه ببعض “! .

    يُستفاد من هذا الأثر أن الشي لا يتبيَّن خطؤه إلا بالمقارنة مع غيره أو شواهده ، أو الأمثلة الواقعة في الحياة سواء كانت معنوية أو حسية .

    فالذي لا يصح لا اعتبار له شرعاً ولا قِيمة له واقعاً ، وقد تقرَّر عند الأصوليين أن الصحيح هو ما يتعلق به النُّفوذ وهو الذي يُعتدُّ به ، كما في شرح الإمام جلال الدِّين المحلِّي (ت: 864هـ ) على الورقات .
    وقد كان العلماءُ قديماً يطرحون الأفكار ويناقشونها سواءاً كانت أفكاراً عقلية أو أطروحاتٍ عملية تمسُّ معاش الناس وحياتهم .

    فابن تيمية (ت: 728هـ ) رحمه الله تعالى في القرن السابع الهجري ، ناقش عِلم الحساب والرياضيات – وهي رؤية وفكرة – وبيَّن بعض محترزاته ودقائقه وغلَّط بعض العلماء فيه حيث قال :
    ” علم الحِساب الذي هو علم بالكم المنفصل ، والهندسة التي هي علم بالكم المتصل ، علم يقيني لا يحتمل النقيض البتة ، مثل جمع الأعداد ، وقسمتها ، وضربها ، ونسبة بعضها إلى بعض ، فإنك إذا جمعت مائة إلى مائة علمت أنهما مائتان ‏.‏

    فإذا قسمتها على عشرة كان لكل واحد عشرة ، وإذا ضربتها في عشرة كان المرتفع مائة ، والضرب مقابل للقسمة ، فإن ضرب الأعداد الصحيحة تضعيف آحاد أحد العددين بآحاد العدد الآخر ، فإذا قسم المرتفع بالضرب على أحد العددين خرج المضروب الآخر ‏.

    وإذا ضرب الخارج بالقسمة في المقسوم عليه خرج المقسوم ، فالمقسوم نظير المرتفع بالضرب ، فكل واحدٍ من المضروبين نظير المقسوم والمقسوم عليه ، والنسبة تجمع هذه كلها ، فنسبة أحد المضروبين إلى المرتفع كنسبة الواحد إلى المضروب الآخر ، ونسبة المرتفع إلى أحد المضروبين نسبة الآخر إلى الواحد ‏.‏

    فهذه الأمور وأمثالها مما يتكلم فيه الحُسَّاب أمر معقول مما يشترك فيه ذوو العقول ، وما من أحدٍ من الناس إلا يعرف منه شيئًا ، فإنه ضروري في العلم ، ولهذا يمثلون به في قولهم ‏:‏ الواحد نصف الاثنين ، ولا ريب أن قضاياه كلية واجبة القبول لا تنتقض البتة ‏.‏

    وهذا كان مبدأ فلسفتهم التي وضعها ‏”‏فيثاغورس‏”‏ وكانوا يُسمون أصحابه أصحاب العدد ، وكانوا يظنون أن الأعداد المجردة موجودة خارجة عن الذِّهن ، ثم تبين لأفلاطون وأصحابه غلط ذلك ” .أ.هـ .

    ويقول الصفدي (ت: 764 هـ) رحمه الله تعالى عن مناقشة هذه الفكرة:
    ” أخبرني المولى علاء الدين علي بن الأموي ، وهو من كبار عُلماء الحساب قال : دخلتُ يوما إليه أنا والشمس النفيس بيت المال – ولم يكن في وقته أكتب منه – فأخذ الشيخ تقي الدين يسأله عن الارتفاع ، وعما بين الفذلكة واستقرار الجملة من الأبواب ، وعن الفذلكة الثانية وخصمها ، وعن أعمال الاستحقاق ، وعن الختم والتوالي ، وعن ما يطلب من العامل ، وهو يجيبه عن البعض ويسكت عن البعض ، و يسأله عن تعليل ذلك ؟ إلى أن أوضح له ذلك وعلَّله ، قال : فلما خرجنا من عنده قال لي النفيس : والله تعلمتُ اليوم منه ما لا كنتُ أتعلُّمه ” .

    رؤية ابن سَلمان – وهو أحد علماء الحديث في القرن الرابع الهجري – رؤية مهمة يجدر بالمُعلِّمين والمربِّين أن يعتنوا بها ، فهذا العالم واسمه : ” أحمد بن سلمان البغدادي ” (ت: 348هـ ) رحمه الله تعالى كان آية في العِلم والعمل .

    رؤية ابن سلمان قامت على أربع ركائز : الأولى : الدِّراية والفهم . والثانية : الإيثار وإغاثة الملهوف . الثالثة : مداراة الناس وعدم إحتقارهم ونبذهم . الرابعة : تعظيم السُّنن وتوقيرها .

    كان يقال عن فضله ومكانته : ” كان رأساً في الفِقه ، رأساً في الرواية ” وكان يقال عنه إنه أوحد وقته . يعني لم يكن في وقته من يُماثله في فضله ومنزلته .

    كان ابن سلمان يصوم الدهر، ويفطر كل ليلةٍ على رغيف، فيترك منه لُقمة، فإذا كان ليلة الجمعة تصدَّق برغيفِه واكتفى بتلك الُّلقم.

    كان ابن سلمان يأتي المُحدِّثين ونعله في يده، فقيل: لم لا تلبس نعلك؟ قال: ” أُحبُّ أن أمشي في طلب حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم وأنا حافٍ. ”
    ومن فرائده : ” من نقَّر على الناس قلَّ أصدقاؤه، ومن نقَّر على ذنوبه طال بكاؤه، ومن نقَّر على مَطعمه طال جُوعه”.

    عاش ابن سلمان حياته وبذل وقته في نشر هذه الركائز الأربعة ، بل جاهد عليها حتى وافاه الأجل .
    ولأنه كان فقيهاً فقد كرَّس عملياً قاعدة الطرد والعكس وهي قاعدة أُصولية نافعة ، كما سيتبيَّن بعد سطور .

    • يستفاد من رؤية ابن سلمان رحمه الله تعالى جُملة من الفوائد :

    الأولى : على العامل أن يعمل بصدق وإخلاص ولا يلتفت لمن يظن أن الرزق بيد غير الله سبحانه ، كما قال سبحانه : ” إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رِزقاً فابتغوا عند الله الرِزق واعبدوه واشكروا له ، إليه تُرجعون “( العنكبوت : 17) .

    الثانية : نقد الأخبار والنوازل مطلوبٌ شرعاً وعقلاً لكن بعلم وهدى وليس بجهل وضلال . وقد قال عبد الله ابن المبارك ( ت: 181هـ) رحمه الله تعالى : ” إذا أردتَ أن يصح لك الحديث ، فاضرب بعضه ببعض ” وقد تقدَّم معناه .

    الثالثة : الإقلال من الملذات والشهوات واجب دِّيانة وأمانة ، لا سِّيما عند شُّح المعاش وقِلَّة الزاد .وقد قال سبحانه :” لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ “( الأنعام: 165) .

    الرابعة : مداراة الناس من كمال العقل لا سِّيما أوقات الفِتن وعند شح الاخوان وقِلة الأعوان . وفي الصحيح : “إنَّا نكشِّر في وجوه قوم وإنَّ قلوبنا لتلعنهم ” أخرجه البخاري .

    الخامسة : مصالح الناس مَنوطة بما يُرضي الله لا بما يُرضي أعداء الله . لأن إرضاء أعداء الله دون الله ضلال وخُسران، قال ابن القيم ( ت: 751هـ )رحمه الله تعالى : ” فمن تعبَّد الله بمراغمة عدوِّه فقد أخذ من الصدِّيقية بسهمٍ وافرٍ، وعلى قدر محبة العبد لربِّه وموالاته ومعاداته لعدوِّه ، يكون نصيبه من هذه المراغمة ” .

    السادسة : الكفُّ لا تمشي بل تمشي بك القدمُ ، كما قال أبو العلاء المعرِّي (ت: 449هـ )، فلكل زمانٍ مصالح ولكل وقتٍ أحكام تخصُّهما ، واللبيبُ من يراعي ذلك .

    السابعة : يجب على الإنسان عِصيان هواه كما قال أحمد شوقي (ت: 1351 هـ)رحمه الله تعالى : واعصِ في أكثر ما تأتي الهوى .. كم مُطيعٍ لهوى النفسِ هوى .

    الثامنة : من أراد هدم ثوابت الأخلاق نقول له بصوتٍ عالٍ:
    من كان يُتعب خَيله في باطلٍ… فَخُيولنا يوم الصبيحة تتعبُ .

    التاسعة : اليقظة واجبة في العبادات والمعاملات ، وهي أوجب عند اشتداد المِحن والنوازل : وقد ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ” إذا نَعس أحدكم وهو يُصلِّي فليرقد حتى يذهب النوم ، فإن أحدكم إذا صلَّى وهو ناعِس لا يدري لعله يذهب يستغفر ، فيسبُّ نفسه ” . متفق عليه.

    العاشرة : إزدراء نعمة الله يكون بالنظر إلى عُلو النِّعم دائماً ، وهذا مُخالف لعقيدة القضاء والقدر ، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُحذِّر منهما ، حتى إن وجهه الشريفة يَحمرُّ كحبِّ الرُّمان ! . فلله حِكم لا تُدركها العُقول ولا الأفهام .

    هذا ما تيسر تحريره ، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .

    د/ أحمد بن مسفر بن معجب العتيبي
    عضو هيئة التدريس بمعاهد القوات البرية

    __________________

    مؤسِّس مُدوَّنة المتوقِّد التأصيلية
    http://ahmad-mosfer.com/
    التعديل الأخير تم 01-28-2017 الساعة 11:44 PM

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2005
    المشاركات
    741
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي


    السلام عليكم أستاذ أحمد، الخطب يا رعاك الله أننا نرى القولة التي أوردتها في سياق غير السياق و في ظرفية كل العاملين يعلمون مدى حساسيتها، فالمستشرق جولد زيهر عاش في القرن 19 ، و قد مر زهاء قرن و نصف على قولته تلك، و لا يعلم القارئ العادي وجهة مقاله و لا مقصد كلامه ، و نحن بارك الله فيك في واقع يؤسف له أُريد للإسلام أن يحاط فيه بالشبهات من كل جانب و أن يُلصق بأبشع الإتهامات و أن يلبس بعض الجهلة لبوس الغلو و التطرف و المخالفة عن أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم بتبرير أي وسيلة لأجل غاية ننشدها جميعا و بالتالي قد يلوح بتلك المقولة على سبيل الفخر بصنيعه الآثم مع أنها وردت في سياق آخر .. فحبذا لو تتجنب مثل هذه المقولات إلا على سبيل الرد عليها في السياق التي أوردت فيه و قيلت لأجله، أو في سياق أحداث الساعة درءا للشبهات. فأنت تعلم حجم الدعاية ضد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله و أن البعض قد يتخذ من تلك القولة - عن جهل - ذريعة للإنتساب إلى سبيل الفتنة الذي انتهجه بعض الشباب المغرر بهم. فوجب التوضيح.
    و المنتدى من اختصاصه الرد على شبهات الملاحدة و العلمانيين و المرتدين، و لسنا نرى في رؤية ابن سلمان و لا في الكلام عن علم الحساب أو في المشي إلى المسجد حافيا ما يرفع عن المقالة حساسيتها فضلا عن عدم استيفاء الرد على فحواها الملغوم.

    الإدارة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء