النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: اللاأدرية...أزمة عقل...

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,524
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    3

    افتراضي اللاأدرية...أزمة عقل...

    الدكتور هيثم طلعت

    http://articles.islamweb.net/media/i...ng=A&id=211732

    للاأدرية Agnosticism؛ هي مرحلة منتصف الطريق، فاللاأدرية أحد الفرق الإلحادية الثلاث الكبرى "إلحاد – ربوبية- لاأدرية"، وتتميز اللاأدرية عن غيرها من الفرق الإلحادية أنها لم تجزم بوجود خالق ولم تنفِ وجوده، بل تجعل كل الاحتمالات قائمة.

    وهي بذلك أشبه ما تكون بمرحلة عارضة طارئة –موقف وقتي-، ولذا فهي أقل الفرق الإلحادية الثلاث أتباعًا. -1-
    إذ أن البديهة المُركبة في البشر هي الوصول إلى الحقائق والاستقرار عليها، وإلا ما حدث تقدم في حياة البشر –فشرط التقدم أن تستقر على موقف ثم تنتقل منه لغيره-، أما اللاأدرية فهي تفترض حالة من حالات التوقف –عدم الجزم بشيء-، أو كما يسميها الملحد ريتشارد داوكينز Richard Dawkins : "اللاأدرية؛ حالة من حالات الجُبن الفكري، فهي كالجالسين على السور –الراقصين على السلم باللهجة المصرية- fence-sitting, intellectual cowardice ". -2-

    ولذا فهي غير مستساغة ولا توجد لها ركائز داخل النفس، ولا يقبل الإنسان السوي أن يحيا ويموت تحت هذا المُسمى " لا أدري"، فالإنسان يعرف أنه توجد حقائق واضحة جلية، ولولا هذه المعرفة ما صّحَّ علم ولا فكر.

    وعلى قِلة أتباع اللاأدرية فقد انقسمت إلى طوائف شتى؛
    الفرق والمذاهب اللاأدرية المعاصرة:
    1- اللاأدرية القوية المغلقة Strong Agnosticism
    2- اللاأدرية الضعيفة Weak Agnosticism
    3- اللاأدرية البرجماتية Apathetic Agnosticism
    4- اللاأدرية الملحدة Agnostic atheism
    5- اللاأدرية المؤمنة Agnostic Theism

    وتجتمع هذه الفِرق على عدم الجزم بصحة المعتقد الديني وأيضاً عدم الجزم بتخطئته، وتختلف فيما بينها في قوة التوجه نحو هذا أو ذاك!

    وقوام حجة اللاأدرية أن خبرتنا البشرية لا موضوعية –من العسير التحقق من صحة معطياتنا-، وبالتالي يستحيل الإجابة عن مسألة كبرى مثل وجود الله-سبحانه وتعالى-.
    وهنا تناقض ظاهر لا يخفى، حين يتحدثون عن مسألة وجود الله سبحانه وتعالى وكأنهم يُعرفونها مسبقًا بأنها موضوعية، فما أدراهم أنها كذلك إلا لو كان العقل البشري يُميز المسائل الموضوعية من المسائل الذاتية!

    ثم مَن قال أنها موضوعية أو غير موضوعية ومَن أدراهم أنها مسألة مستقلة وليس كمثلها شيء؟

    ثم إن أدلتنا العقلية على الإيمان بوجود الله سبحانه وتعالى تقوم على براهين أولية قبلية A-Periori وليس قياسات عقلية.

    والبرهان العقلي الأولي لا علاقة له بالخبرة البشرية بل هو سابق في الوجدان والوجود عليها.

    فالإنسان يولد ببراهين عقلية أولية مسبقة، اتفق على وجودها الملحد والمؤمن، فيُسميها المؤمن ب"الفطرة" أو "الصبغة الإلهية" {صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون} (١٣٨) سورة البقرة.
    ويُسميها الملحد بالغرائز الأولية instincts .

    ومن اللافت للنظر أن علم اللغويات الحديثة التي أسس لها نعوم تشومسكي Noam Chomsky تقوم على أن العقل لا يولد كصفحة بيضاء بل يحتوي على الكثير من المقدمات الأولية knowledge is innate .
    وأصل علم اللسانيات الحديث لا يمكن دراسته دون التسليم مسبقًا بوجود فطرة منسوجة مسبقًا داخل العقل البشري وأنه ليس صفحة بيضاء. -3-

    فالعقل يمتلك براهين أولية أو قبلية، لا تعتمد على الخبرة ولا يتم اكتسابها أو توريثها عبر الأجيال، ومن هذه البراهين العقلية القبلية الأولية برهان السببية!
    فهو برهان قبلي أولي لا ينفك ولا ينخرم، فأنت موجود ووجودك لا يُفسر نفسه بنفسه إذن لك موجِد {أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون} (الطور:٣٥) .

    إنه دليل عقلي أولي كوني، يتجاوز أُطر الزمان والمكان، ولا يتقيد بخبرتنا البشرية بل هو أعم وأعمق.

    وقوام كل العلوم النظرية والتجريبية على برهان السببية، فلولا اضطراد هذا البرهان ولولا استقراره في الأذهان ما صحت معادلة ولا انضبطت تجربة ولا سلّمنا بنتيجة ولصارت كل العلوم لغوٌ فارغ!
    فبرهان السببية هو برهان كوني أعلى من القانون وعليه تقوم كل العلوم!

    أيضًا من أدلة الإيمان بالخالق أن هذا العالم موجود ووجوده يفيد عرضيته وتغيره، والعالم لا يفسر نفسه بنفسه، إذن لابد لهذا العالم من موجِد {أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون} (الطور:٣٦) .

    إذن نحن نقوم بالإيمان بالخالق استنادًا إلى برهان عقلي أولي يسبق الخبرة البشرية ويسبق كل ملكاتنا المكتسبة.

    ثم قبل هذا وذاك بأي دليلٍ من خارجنا نحن مُطالبون بالتمرد على خبرتنا البشرية؟
    بأي دليلٍ من خارجنا نحن مضطرون لعدم الانصياع لمكتسباتنا البشرية؟
    بأي دليلٍ نرفض كل ما تمدنا به حواسنا؟

    الآن الموقف انقلب! نحن الذين نُلزم اللاأدري بالتسليم بما ترصده الحواس وهو يرفض ويعاند، مع أنه داعيه المذهب الطبيعي والمبشر الأول به، أليس كذلك؟

    زِد على ذلك أن براهيننا القبلية الأولية أعلى وثوقية من خبرتنا العلمية التجريبية بكثير وأكثر منها ضبطًا وإتقانًا.
    ومع ذلك اللأدري يُسَّلِّم بصحة العلم الطبيعي التجريبي، ويقطع به!

    أضف إلى ما سبق أن أدلتنا لا تنحصر في البراهين القبلية الأولية، بل هذه أحد البراهين لا أكثر، وإلا فبرهان النبوة هو برهان آخر قائم بذاته ومنفصل عن البراهين الأولية.

    يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في رائعته ثبوت النبوات: " ليست المعجزة هي الشرط الأوحد للنبوة، فمُدعي النبوة إما أن يكون أصدق الصادقين أو أكذب الكاذبين ولا يُلبس هذا بهذا إلا على أجهل الجاهلين، وقد أسلم السابقون الأولون أمثال أبي بكر الصديق وخديجة والمُبشَّرون قبل انشقاق القمر والإخبار بالغيب والتحدي بالقرآن، .... و كثيرٌ من الناس يعلم صدق المُخبر بلا آية البتة، وموسى ابن عمران لما جاء إلى مصر وقال لهم إن الله أرسلني علموا صدقه قبل أن يُظهر لهم الآيات، وكذلك النبي لما ذكر حاله لخديجة وذهبت به إلى ورقة ابن نوفل قال هذا هو الناموس الذي أتي موسى، وكذلك النجاشي، وأبو بكر علموا صدقه علمًا ضروريًا لما أخبرهم بما جاء به وما يعرفون من صدقه وأمانته مع غير ذلك من القرائن يوجب علمًا ضروريًا بأنه صادق، وخبر الواحد المجهول من آحاد الناس قد تقترن به قرائن يُعرف بها صدقه بالضرورة، فكيف بمن عُرف بصدقه وأمانته وأخبر بمثل هذا الأمر الذي لا يقوله إلا مَن هو أصدق الناس أو أكذبهم، وهم يعلمون أنه من الصنف الأول دون الثاني." -4-

    فبرهان النبوة هو برهان مستقل آمن بمثله ما لا حصر له من البشر ومنهم ما لا يُحصى من المفكرين والعقلاء عبر التاريخ.

    أيضًا من البراهين التي تقطع بصحة القضية الدينية تلك البراهين التي تتجاوز إطار القيد المادي في هذا العالم مثل برهان الأخلاق، فالأخلاق لا مصلحية ولا مادية وتستمد بانتظام معناها وقيمتها من عالمٍ آخر لا علاقة له بهذا العالم المادي المجرد، ومع ذلك يُسلِّم بصحة معنى الأخلاق في ذاتها المؤمن والملحد واللاأدري.
    مع أن الجميع يعلمون أنه ليس للأخلاق مستند مادي يدعمها، بل الأخلاق في أجلى تعريفاتها أنها: "تأتي دائمًا ضد المادة وضد المصلحة الشخصية."
    ولا تخضع لرغبات البشر أو نزواتهم فالخير خير عن الصالح والطالح، والشر شر عند الصالح والطالح، فهي تستمد معناها باستمرار من عالمٍ آخر ولا يوجد داخل هذا العالم لها مستند يدعمها!

    فهذه كلها براهين مستقلة تؤكد سخافة دعوى اللاأدرية، وخطأ حصرها للأدلة في نطاق الخبرة البشرية، مع الجزم بأن كل العلوم التجريبية تقوم على الخبرة البشرية، ولا مجال لنقد الخبرة البشرية بدليل من داخلها، ولا يوجد خارجها ما ينقدها!

    هوامش المقال
    ----------------------------
    1- http://www.nature.com/nature/journal.../386435a0.html
    2- The god Delusion, p.70
    3- http://en.wikipedia.org/wiki/Universal_grammar
    4- ثبوت النبوات، شيخ الإسلام ابن تيمية، ص 573.
    التعديل الأخير تم 09-03-2017 الساعة 12:00 PM
    لا يحزنك تهافت الجماهير على الباطل كتهافت الفراش على النار ، فالطبيب الحق هو الذي يؤدي واجبه مهما كثر المرضى ، ولو هديت واحداً فحسب فقد أنقصت عدد الهالكين


    العجب منّا معاشر البشر.نفقد حكمته سبحانه فيما ساءنا وضرنا، وقد آمنا بحكمته فيما نفعنا وسرّنا، أفلا قسنا ما غاب عنا على ما حضر؟ وما جهلنا على ما علمنا؟ أم أن الإنسان كان ظلوماً جهولاً؟!


    جولة سياحية في جزيرة اللادينيين!!


    الرواية الرائعة التي ظلّت مفقودة زمنا طويلا : ((جبل التوبة))

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,524
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    3

    افتراضي اللاأدرية؛ أزمة عقل (2)...الدكتور هيثم طلعت



    تحدثنا فيما سبق عن سخافة المقدمة اللاأدرية، وخطأ إسقاط الخبرة البشرية، أيضًا فصّلنا في الحديث عن مدى قوة واستقلالية أدلة وبراهين الإيمان.

    ومدى اعتماد هذه البراهين على أدلة عقلية صحيحة وسليمة تركن في أغلبها لصِبغةٍ فطرية ومقدماتٍ استدلالية.

    لكن هنا قد يتقافز لاأدري ويقول: كيف سلَّمنّا من الأساس بصحة مقدماتِنا العقلية الاستدلالية؟
    لماذا لا تكون هذه المقدمات بنتائجها مجرد وهمٍ كبير؟
    لماذا لا تكون سرابًا خادعًا؟
    ألسنا إلى اليوم نعجز عن حل معضلاتٍ فيزيائيةٍ كثيرة؟
    ألسنا عاجزين عن الجمع بين فيزياء النسبية وفيزياء الكم؟

    وللرد على ذلك نقول: في واقع الأمر هنا اللاأدري لابد أن يعي أن عملياتنا العقلية تعكس شيئًا ما عن العالم المادي الذي نسكنه فهي صحيحة.
    ولذلك أحكامنا ناجحة جدًا وتنبؤاتها صحيحة، وأعطت نتائج جيدة!

    والبحوث العلمية تحتوي على قدرٍ كبيرٍ من الدقة لأنها ترتبط بواقعٍ مادي، يثبت أننا نسير في الاتجاه الصحيح، لكن الأهم من ذلك أن عقولنا ترصد كل ذلك وتحلله وتتوقع النتائج.
    من أجل هذا فلنا الحق كاملاً أن نثق في أحكام عقولنا.

    فالعقل استنتج قوانين سقوط الأجسام –قوانين نيوتن الثلاثة Newton's Laws - وحين قمنا بتطبيقها جائت النتائج صحيحة تمامًا.-1-

    وأيضًا صدقت تنبؤاتنا واستطاع أينشتاين أن يُدخل بعض التعديلات على قوانين نيوتن في السرعات الأعلى وجائت نتائجه مبهرة وعلى قدرٍ مدهشٍ من الدقة والضبط، بما يعطينا ثقة أعلى في أن أحكام عقولنا ليست وهم فارغ أو سراب خادع! -2-

    والعلم نفسه مؤسَس على أمل أن العالم عقلاني –مستوعَب عقليًا the rationality of the universe–في جميع مناحيه المشهودة ولم تنخرم هذه القاعدة حتى الساعة، وفي الفيزياء النووية وفيزياء الأفلاك ظلت قدراتنا العقلية غير خادعة بالمرة، بل هي ثابتة ومتزنة وتعطي أحكامًا لها طابع الوثوقية العالية.

    وليس معنى عدم استيعاب عقولنا لأشياء مثل توحيد فيزياء النسبية مع ميكانيك الكم –يأمل العلماء أن تتوحد النسبية لأينشتاين مع ميكانيك الكم في نظرية شاملة تأتي على القوى الأربع الكبرى TOA – ليس معنى ذلك أي تشكيكٍ في قيمة عقولنا فلا يعني ما لم نصل إليه افتقاده للمعقولية!
    وإنما يعني طبيعتنا البشرية القاصرة لا أكثر. وهذا لا يُخرج العقل عن مصداقية أحكامه!

    فلا يعني عدم مقدرة الآلة الحاسبة جمع أرقام تزيد على عشرة أرقام خطأ ما تتوصل إليه وإنما طبيعة تصميمها لا يتيح لها إلا هذا القدر من المعلومة وما فوق ذلك يتجاوز مقدرتها، ولا يُشكك هذا التجاوز في معطياتها، لأن كل معطياتها –العمليات الحسابية - بالتطبيق المادي سليمة وتنبؤاتها صحيحة.

    أضف إلى ذلك أن قانون المربع المقلوب للقوة الكهربية تم إثباته دائمًا –وفرق الجهد الكهربي بين نقطتين يظل ثابتًا: فعندما تنتقل شحنة كهربية بين نقطتين مقدارها واحد كولوم Coulomb فإن الشغل المبذول يكون واحد جول Joule-. -3-

    وهذه محاكمة استقرائية ناجحة تمامًا وهي أساس نجاح العلم ذاته!
    فالعلم يقوم على إمكانية الاعتماد على الطبيعة من خلال محاكمة استقرائية عقلية مسبقة، توفر قناعة أن المربع المقلوب للقوة الكهربية سيظل ثابتًا في التجربة التالية، وبالتالي فالحكم العقلي سليم!
    فالزعم بأن الكون عقلاني مرتبط بحقيقة أنه منظم، ومرتبط أكثر بحقيقة صحة مقدماتنا العقلية!

    والتشابك المنضبط للأحداث –مثل ظهور الملح والماء عند الخلط بين الحامض والقاعدي- يمدنا بانتظام بتأكيد صحة مقدمتنا العقلية عن السببية!

    فالسببية هي أحد مظاهر النظام العقلاني للعالم، وجميع الأحداث التي نرصدها تدور في إطار سبب ونتيجة!

    فأصل العلم التجريبي يقوم على أن: القوانين التي تحكم العالم ليست عديمة المعنى بل تسير وفق أنساقٍ مبهرة يمكن التنبؤ بها واستنباطها واستيعابها.

    وبالتالي فأحكامنا لها وثوقية عالية!

    ويؤكد الدين أيضًا على هذه الحقيقة، فأصل الدين على أن كل ظواهر الكون وقوانينه منضبطة ولها هدف وغاية، وليست عبثًا {وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار} (٢٧) سورة ص.

    وألف باء علم تجريبي أن قوانين الكون مُفصّلة تفصيلاً {وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شيء فصلناه تفصيلا} (١٢) سورة الإسراء.

    فالزعم بأن مقدماتنا العقلية قد تكون وهم خادع، هو زعم خيالي يناقض ألف باء علم وعقل ومنطق!
    فهو زعم ناتج عن خيال. والخيال مجاني، ولا حِكر على الأوهام، وهنا فقط تركض اللاأدرية وترتع حيث الأوهام والخيالات التي لا حصر لها.

    فالعقل ينفتح على ما لا حصر له من الإيرادات والتوهمات والخيالات والحقائق والهلاوس.

    ويبقى معيار التمييز بين الحقائق والهلاوس محايثًا –مرتبطاً ب- لأول احتكاك بالعالم المادي وبسننه التي تُسقط كل هلاوس اللاأدرية!

    ومن عجيب ما يُذكر هنا: أن التشكيك في صحة معطيات العقل هو مرض عصابي يُسمى: مرض اعتلال الذاكرة المتكررReduplicative Paramnesia .-4-

    ومرض اعتلال الذاكرة المتكرر هو خلل عصابي يطابق الحالة اللاأدرية في كونه مرتبط بخلل معرفة الواقع –نسبية المقدمات العقلية - كأحد عوارضه الأساسية.
    فسبحان مَن جعل من الكفر داءًا ومن الإيمان شفاءًا ورِيّا.

    إذن اللاأدرية خلل عصابي وهلاوس عقلية وليست وظيفة مخيّة سليمة، فهي عقيدة مرضية تستوجب العلاج.

    هوامش المقال
    -----------------------
    1- http://www.physicsclassroom.com/Phys.../Newton-s-Laws
    2- http://csep10.phys.utk.edu/astr161/l.../einstein.html
    3- http://www.rapidtables.com/convert/e...le_to_Volt.htm
    4- https://en.wikipedia.org/wiki/Reduplicative_paramnesia
    التعديل الأخير تم 09-03-2017 الساعة 11:53 AM
    لا يحزنك تهافت الجماهير على الباطل كتهافت الفراش على النار ، فالطبيب الحق هو الذي يؤدي واجبه مهما كثر المرضى ، ولو هديت واحداً فحسب فقد أنقصت عدد الهالكين


    العجب منّا معاشر البشر.نفقد حكمته سبحانه فيما ساءنا وضرنا، وقد آمنا بحكمته فيما نفعنا وسرّنا، أفلا قسنا ما غاب عنا على ما حضر؟ وما جهلنا على ما علمنا؟ أم أن الإنسان كان ظلوماً جهولاً؟!


    جولة سياحية في جزيرة اللادينيين!!


    الرواية الرائعة التي ظلّت مفقودة زمنا طويلا : ((جبل التوبة))

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Oct 2014
    الدولة
    ليبيا
    المشاركات
    1,105
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    يذكر الدكتور أحمد إدريس الطعان فى مقالاته وهو الصحيح ان ألاأدرية هى مرحلة أخيرة من أزمة العقل الاروربى اى انهم فى البدء انكروا الاله ثم اثبتوه ثم انكروا النبوات ثم وصلوا الى ألا أدرية كموقف لا يحسم بشىء.

    ولذلك دوكينز يصفه بأنه موقف فكرى جبان .

    وهو موقف لا عقلانى ولا منطقى ولا يمت للفكر بصلة ,لأن قوانين الفكر تارة يقينى بحسب حاله وتاره راجح بحسب حاله والادلة وتارة شك ,ولا يوجد يقين مطلق فى كل القضايا لكل انسان كما انه لا يوجد شك مطلق فى كل القضايا لكل انسان , وأما ألاأدرية التى نراها وقرأناها فهى الامنطقية والا عقلانية .
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
    ( فكل من لم يناظر أهل الإلحاد والبدع مناظرة تقطع دابرهم لم يكن أعطى الإسلام حقه ، ولا وفى بموجب العلم والإيمان ، ولا حصل بكلامه شفاء الصدور وطمأنينة النفوس ، ولا أفاد كلامه العلم واليقين )
    { درء التعارض : 1\357 }

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,524
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    3

    افتراضي اللاأدرية؛ أزمة عقل (3)

    تحدثنا في المقال السابق عن كون أدلة الإيمان لا تنحصر في نطاق الخبرة البشرية كما يزعم اللاأدري، بل هي تتجاوز ذلك بكثير، مع التوكيد مرارًا وتكرارًا على عدم جواز تخطئة الخبرة البشرية في ذاتها، وإلا فكل علوم الدنيا تقوم على الخبرة البشرية فهل يكفر اللاأدري بهذه العلوم؟

    مشكلة اللاأدري أنه يحبس نفسه داخل حالة من التوقف غير المُبرر وغير المُمنهج، فلا ينضبط لدليل ولا ينساق لحجة.

    وإذا كان التأزم النفسي الشديد قد يؤدي إلى الإلحاد تخلصًا من الدين {ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين} (١١) سورة الحج، أو يؤدي إلى الدين تخلصًا من الإلحاد، فإن اللاأدرية تحبس صاحبها في قلب حالة التأزم- ولم يحرم هذا الموقف الشخص اللاأدري أيضًا من خسارة الدنيا والآخرة-!

    وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا التخبُّط والتوقف غير المُمنهج هو أصل كفر الكافر وأن الذي يزعم أنه لا يدري هو كاذب في زعمه؛ ففي الحديث الذي رواه الإمام أحمد وأبو داوود وصححه الألباني أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: (إن العبد الكافر ... يأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له من ربك فيقول هاه هاه لا أدري، فيقولان له ما دينك فيقول هاه هاه لا أدري، فيقولان له ما هذا الرجل الذي بعث فيكم فيقول هاه هاه لا أدري، فينادي منادٍ من السماء أن كذب فافرشوا له من النار وافتحوا له باباً إلى النار فيأتيه من حرها وسمومها.) -1-

    والشاهد من الحديث أن هذا حال اللاأدري في قبره، فهو كاذب كما أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، فأدلة اليقين التي على مثلها آمن البشر لا حصر لها، ولذا فحجة اللاأدري داحضة عند الله يوم القيامة خاصةً وأن أدلة الإيمان استجاب لها البشر وأورثتهم اليقين التام {والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له حجتهم داحضة عند ربهم وعليهم غضب ولهم عذاب شديد} (١٦) سورة الشورى.

    واللاأدري لا يضع احتمال وصول معرفة الله إلى وجداننا بطريقة نعلمها أو لا نعلمها، فأغلق الطريق وسدّد مسالك قلبه قبل أن يأتيه الدليل، وهذه هي مرحلة "الرّان" التي حذّر منها القرآن الكريم، والتي لا تصلح معها موعظة ولا تستجب لمؤثر {كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون} (١٤) سورة المطففين.

    مع أن اللاأدري لو تدّبر أبسط بديهيات عقله لسقطت لاأدريته في جلسة، فبرهان انتقال اللاحياة إلى حياة مثلاً وهو برهان استخدمه القرآن الكريم كثيرًا في إثبات التدخل الإلهي {يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له} (٧٣) سورة الحج.

    هذا البرهان ما زال حتى اللحظة حجة في وجه كل البشر.
    ذلك أن كل علوم العالم وكل جامعات العالم وكل ما توصل إليه العالم من ذكاءٍ وتقانةٍ وضبطٍ وماكيناتٍ عملاقة لا يستطيع أن يُنتج أبسط صور الحياة!

    ومع ذلك ما زال الكافر يفترض أن العشوائية أنتجت كل صور الحياة وأنتجت الفيروس والباكتريا والإنسان، في حين أننا بمكائننا العملاقة وعقولنا الجبارة لم نستطع أن ننتج أبسط صور الحياة، ثم نفترض أن العماء والصدفة قاموا بذلك.

    إذا لم تكن هذه قمة السذاجة فأين تقبع قمة السذاجة؟

    إن أدق الكائنات الحية على الإطلاق يقودها الغرض والهدف والغاية، وتتمتع بالوعي و تحليل المعلومات ثم إعطاء رد فعل بِناءًا على تلك المعلومات، مثلاً الأميبا Amoeba وحيدة الخلية لو جاء بجوارها غِذاء متحرك فإنها تلف أذرعها حوله بحذر حتى لا يهرب، في حين لو كان الغذاء ثابتًا لا يتحرك – حُبيبة نشا – فإنها تلتصق به دون احتراس.
    والأميبا كائن وحيد الخلية بلا مخ ولا عين ولا أعصاب ولا حواس. -2-

    و البويضة بعد تخصيبها تُعبِّر عن استقلالها البيولوجي ويكون لها وعي وإحساس بحقيقة أنه يمكنها التفاعل مع بيئتها، وتبدأ في الإنقسام الذاتي لخلايا يفوق في عددها نجوم مجرة درب التبانة، و لديها القدرة على تلقي المعلومة ومعالجتها والتفاعل باستقلال مع المعلومة. -3-

    في المقابل لا يمكن أن يبلغ الكمبيوتر مهما اشتد تعقيده أبسط درجات الوعي في كائن وحيد الخلية كالأميبا، ومع ذلك عملية تصنيع الكمبيوتر عملية واعية وذكية للغاية وفي حدود زمان ومكان.

    ولو كنّا أكثر إنصافًا فالحق أنه لا وجه للمقارنة أصلاً لأن نسبة وعي أذكي الكمبيوترات على الإطلاق تساوي صفر I.Q.=ZERO ، في مقابل أبسط عضية من عضيات الأميبا التي تتمتع بالوعي -وإصدار رد فعل بناءً على المعطيات والمعلومات- فضلاً عن الأميبا ذاتها. -4-

    ومع ذلك المطلوب أن نُصدق أن اللاحياة أنشأت الأميبا والإنسان، والذكاء الإنساني لم يستطع أن يُنشيء أبسط صور الوعي.
    إنه السؤال المفصلي والجوهري، بين الدين المنطقي واللاأدرية الكاذبة .

    وهنا بعض معتنقي اللاأدرية قد يقولون: حسنًا ما سبق جيد؛ لكن كيف تطالبوننا بالإيمان بخالق لا نعرف عن جوهره شيئًا ثم تقولون لنا: ليس كمثله شيء؟

    وهذا من انطماس بصائر اللاأدرية فعدم معرفة جوهر الشيء لا تعني انتفاء وجوده، فنحن لم نعرف جوهر المادة ذاتها حتى الآن، فهل نُنكر وجود المادة؟

    والإنسان يستطيع الإيمان بالأشياء المجردة والمطلقة دون القدرة على الإحاطة التامة بها، فالعقل الإنساني يستطيع أن يصل إلى حتمية وجود قوة إلهية خارجة عن أبعاد الكون التي يعهدها.

    بل إن تشارلز داروين نفسه يقرر أن الدين قضية عقلية محترمة يتبعها عقلاء ومفكرون عبر كل العصور فيقول: " أما وجود حاكم للكون فهذا مما دانت به جموع من أعظم العقول التي وُجدت على الإطلاق". -5-

    فأغلب البشر يؤمنون بالله تبعًا للفطرة الداخلية دون إعمال كثير عقل ويتبعون الدين السائد. والله يفصل بينهم يوم القيامة، ومن الناس مَن يُعمل عقله فيهتدي أو ينحرف حسب درجة البحث ومصداقيته.

    وخارج كل هذا تربض اللاأدرية بلا مستندٍ ولا ركيزةٍ ولا معنى!

    هوامش المقال
    --------------------------------------
    1- أحكام الجنائز، الألباني، ص 156
    2- https://en.wikipedia.org/wiki/Amoeba
    3- http://www.innerbody.com/image/repo04.html
    4- Russell, Stuart J.; Norvig, Peter
    (2003), pp. 958–960 Artificial Intelligence: A Modern Approach
    5- Darwin, Charles (1902) The Descent of Man, p.131
    التعديل الأخير تم 09-03-2017 الساعة 11:55 AM
    لا يحزنك تهافت الجماهير على الباطل كتهافت الفراش على النار ، فالطبيب الحق هو الذي يؤدي واجبه مهما كثر المرضى ، ولو هديت واحداً فحسب فقد أنقصت عدد الهالكين


    العجب منّا معاشر البشر.نفقد حكمته سبحانه فيما ساءنا وضرنا، وقد آمنا بحكمته فيما نفعنا وسرّنا، أفلا قسنا ما غاب عنا على ما حضر؟ وما جهلنا على ما علمنا؟ أم أن الإنسان كان ظلوماً جهولاً؟!


    جولة سياحية في جزيرة اللادينيين!!


    الرواية الرائعة التي ظلّت مفقودة زمنا طويلا : ((جبل التوبة))

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,524
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    3

    افتراضي اللا أدرية (4)

    د. هيثم طلعت-إسلام ويب
    http://articles.islamweb.net/media/i...ng=A&id=218617
    يقول بعض دعاة اللاأدرية: طبقًا لتجاربنا العلمية المتكررة قد نخرج بحقيقة أن العالم المادي حقيقي، لكن ما المانع أن تكون معرفتنا نسبية -لا يمكننا التأكد من صحّتها-؟

    بدايةً: الذي يتخذ النسبية منهجاً له هو يعتبرها حقيقة مطلقة، فوقع في التناقض الذاتي، وهدَم نسبيته ولا أدريته بنفسه قبل التعرض لها!
    فعندما تفترض أنه يمكنك أن تعلم أُمورًا كافية عن الواقع بحيث تؤكد أنه لاشيء يمكن معرفته عن الواقع، فهذه قمة التناقض.
    إذ ليس من الممكن أن نعرف الفرق بين النسبي والمطلق دون أن نعرف قدرًا كافيًا عنهما لكي نُميز الفرق بينهما، فعندما نُصنِّف معرفتنا أنها نسبية، ثم إن هذه النسبية تقرر أن الخارجي –العالم المادي- حقيقي بناءً على صحة تجاربنا العلمية، والداخلي الذهني نسبي. فهذا التقرير لا يصدر عن عاقل، لأنه حين يصدر منه فهو كاذب، وإلا فكيف يعرف أن الخارجي مُطلق في حين أن معرفته تلك نسبية ؟

    وبعبارةٍ أُخرى يُمكننا أن نقول: بدون أن تكون المعرفة البشرية لها قيمة موضوعية لما تطابقت معها أي عبارة !
    أليس كذلك؟

    فعندما يقرر اللاأدري أن المعرفة البشرية نسبية فهذا معناه أنه يحدد خطًا لا يمكن عبوره لهذه الحدود، لكن لا يستطيع الإنسان أن يرسم مثل تلك الحدود بدون أن يتجاوزها ويعرف ما ورائها.

    إنه من المستحيل أن نُجاهد في تقرير أن هناك حدًا أو خطًا بين النسبي والموضوعي، بدون أن يتلامس الفرد ببعض المسافة مع الجانب الآخر، وإلا لأصبحت عبارته خاطئة وبلا معنى وغير جدّية.
    فكيف يُمكن للإنسان أن يُفرق ما بين النسبي والموضوعي إلا إذا عرف مقدمًا كليهما لكي يُجري هذه المقارنة .

    وكما يقول أوغسطينوس : "كُل من يشك يعلم أنه يشك، وهو على وعيٍ كاملٍ بهذه الحقيقة على الأقل، وتحديدًا أنه يشك، لذلك فإن كُل مَن يشك فإن قُدرته على الشك سوف تُقنعه بأن هناك شيئًا ما يُسمى حقيقة ." -1-
    وخُلاصة ما في الأمر: أننا عندما نَقول أن الحقيقة المعرفية هي أنه لا توجد حقيقة معرفية، فهذا أمر افتراضي ترفيهي يصلح للعبث العقلي فحسب، لأنه إذا كانت هذه الجُملة صحيحة فإنها غير حقيقية!
    وبذا تصبح النسبية شيء ذاتي الهدم، سفسطي، خرافي، وهمي، لا وجود له.

    لكن قد يقول اللاأدري: حسنًا؛ لكن ألسنا نرصد الواقع بصورة مختلفة عنه في حقيقته؟
    أليس الصوت مثلاً في حقيقته ليس أكثر من موجات لها ترددات مختلفة تتحول في آذاننا إلى أصواتٍ مميزة؟

    بدايةً: رصدنا العقلي للوجود المادي هو رصد موضوعي سليم، ولا أقصد برصد موضوعي أنه مطابق للخارج من حيث هو خارج، وإلا لصار العقل مجرد مرآةٍ عاكسةٍ، فالأصوات كونها مجرد موجات لا يعني أنها نسبية، ولا يعني أنها ليس لها معنى.

    ثم إن كون العقل يرصد هذه الموجات كأصواتٍ مميزةٍ لها قيمةٍ ومعنىً بحسب التردد والشدة، فإن هذا له دلالةٍ خطيرةٍ؛ وهي أن العالم حولنا يتحول إلى حقيقة مرصودة لها معنىً حين يحضر في أذهاننا ووعيْنا، ويتخلى عن معناه إذا غِبنا عنه، وبالتالي فهذا يُحّرِّر بديهة أن يكون هناك خالق–سبحانه- أحضر الكون بهذه الصورة إلى أذهاننا، وجعل الكون مجرد شيء ظاهري لا قيمة حقيقية له في ذاته- إذ لا قيمة لموجة الضوء ولا لموجة الصوت في ذاتهما ، ولا قيمة للطعم ولا للشكل ولا لأي شيءٍ في ذاته-.
    وكأن بالفعل كل ما حولنا مُسخرٌ كُلياً لوجودنا ووعينا بوجوده، ونصير نحن مركز هذا الوجود فعلياً، ومركز تسخيره وقيمته، ولا تصبح له قيمة في ذاته أو معنىً في ذاته، وهذا يؤكد السبق القرآني المعجز أنَّ الحياة الدنيا مجردُ وجود غروري ظاهري لا أكثر {وغرتكم الحياة الدنيا } (الجاثية35).

    فكل ما حولنا مُسخرٌ لنا ولا معنى له بدون وجودنا {وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون (١٢) وما ذرأ لكم في الأرض مختلفا ألوانه إن في ذلك لآية لقوم يذكرون } سورة النحل.

    فالحياة الدنيا مجردُ وجودٍ ظاهري قِشري لا قيمة له في حقيقته {يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون} (الروم7) .
    بالله عليك أيها اللاأدري لو كنت منصفًا في تحّري الحق بسؤالك هذا؛أليس يقودك الآن إلى الإيمان؟
    بالله عليك لو كنت منصفًا وكنت بالفعل ترى كل ما حولك لا معنى له بدون الإنسان، ألا يقودك هذا فورًا إلا تحرير حقيقة وجودنا؟
    إذن معرفة حقيقة العالم المادي من حولنا تقود إلى الإيمان، وتقود إلى حقيقة معنى وجودنا المستقل والغائي والذي يحمل القيمة والمعنى للإنسان!

    إن النسبية المعرفية اللاأدرية وهم فارغ؛ فللأشياء حقيقتها الموضوعية الخارجية المستقلة، وللأشياء رصدها الحقيقي الموضوعي الداخلي المستقل أيضًا، فنحن نعرف أن اللون مجرد موجات، نعرف أنه في الخارج الموضوعي مجرد موجات، ونعرف أن رصدنا له هو لونٌ مميزٌ له معنىً، إذن الحقيقة موجودة وليست نسبية، لكن تباينها في حقيقتها عن رصدها لا علاقة لهذا التباين بالنسبية، ولذا كان مدخل الشيطان على اللاأدرية من هذه الجهة فاللاأدري يظن أن التباين بين الرصد والشيء في حقيقته هو نسبية وهذا خطأ شديد وخطل شيطاني غريب!
    إذ لو كان الأمر كذلك ما عرفنا الأشياء في حقيقتها، وما عرفنا أن اللون موجة والصوت موجة.

    إذن نكرر مرةً أُخرى لمزيد بيان: الأشياء الخارجة لها وجود موضوعي مستقل، والرصد الذهني العقلي البدني هو رصد موضوعي مستقل قد يخالف الهيئة التي تبدو عليها الأشياء في حقيقتها لأن العقل ليس مرآةً عاكسةً، وإنما العقل يعطي للأشياء معناها ولذا فهو هبة الله للإنسان وهو مناط التكليف، ولا معنى للبدن بدون العقل، فبه ندرك الأشياء بمعناها لا بحقيقتها الغرورية الظاهرية التي بلا معنىً، والتي هي في لامعناها لها وجود موضوعي نحترمه ونرصده لو أردنا أن نرصده فنحن نعرف طول الموجة الضوئية بالضبط ومعامل الانكسار وزاوية الانكسار!

    حين سأل المذيع جون فريمان John Freeman كارل يونج Carl Jung عملاق علم النفس التحليلي هل تصدق وجود الإله، قال يونج: " أنا لا اُصدق، بل أعرف." -2-
    فمن ذاق روعة ذاته وروعة الخلق؛ عرِف.
    والعالم المادي الخارجي لو كان بغير الهيئة التي هو عليها ما كنا هنا لنتأمله أو لنعرفه فضلاً عن أن نتذوق معناه، فهو مصنوعٌ بمعايرةٍ دقيقةٍ للغاية Fine-tuned . -3-

    فالعالم حولك هو عالمٌ إنسانيٌ Anthropic بامتياز، لأنه يعني العقل الإنساني ويشد انتباهه، وما تشهده في هذا العالم يقذف في روعك معاني العظمة والجلال والجمال والإشراقات المهيبة، ولذا يقول جيروم كارل Jerome Karle الحائز على نوبل في الكيمياء" مفهوم الإله هو خلاصة أسمى خبرة يمكن أن يتصورها الإنسان في وجوده." -4-

    إن العالم هو عالمك أنت، وكل ما حولك مُسخرٌ لك أنت، وهو في ذاته ينتظرك أنت لتفهمه ولتعلمه ولتتدبره!
    هل تحتاج إلى دليلٍ آخر على غائية وجودك؟ هل تحتاج دليلاً آخر على كونك أنت المقصود؟
    أنك أنت المعنيّ بالقضية كلها؟

    إن تحرير ما نحن بصدده هو رؤية رومانسية للعالم، يتجه نحوها العلم الآن بشدة. -5-

    هذه الرؤية الرومانسية للعالم لم يستوعبها أصحاب الوضعية المنطقية logical positivism ، الذين حرروا رؤيتهم للعالم طبقًا لمركزية كل شيءٍ في العالم، فوجدوا أنه لا شيء له معنىً في ذاته، فانهار منهجهم كما حرّرنا من قبل. -6-
    وظهرت على أعتاب الانهيار رومانسية العلم التي تقضي على كل آمال الماديين الذين يريدون أن يكون الإنسان شيئًا بين الأشياء!

    هوامش المقال
    1- Evidence That Demands a Verdict, Josh McDowell
    2- https://www.youtube.com/watch?v=FPGMWF7kU_8
    3- الكون مُعد بعناية فائقة كما يقول الفيزيائيون فقد ظهر الكون إلى الوجود بمعايرة دقيقة لآلاف الثوابت الفيزيائية والطبيعية، والتي لو اختل ثابت منها بمقدار جزء من مليار مليار مليار جزء لاختل الكون قبل أن يبدأ أو لتوقف عند مرحلة البيضة الكونية cosmic egg .
    4- jerome karle quotes
    5- تُراجع أبحاث عالم الفيزياء ليونارد سسكيند Leonard Susskind أبو نظرية الأوتار الفائقة وأستاذ الفيزياء النظرية بجامعة ستافورد، في أعماله بشأن المبدأ الهولوغرامي للكون Holographic principle .
    6- يُراجع مقال: الإلحاد يُسمم العلوم.

    لا يحزنك تهافت الجماهير على الباطل كتهافت الفراش على النار ، فالطبيب الحق هو الذي يؤدي واجبه مهما كثر المرضى ، ولو هديت واحداً فحسب فقد أنقصت عدد الهالكين


    العجب منّا معاشر البشر.نفقد حكمته سبحانه فيما ساءنا وضرنا، وقد آمنا بحكمته فيما نفعنا وسرّنا، أفلا قسنا ما غاب عنا على ما حضر؟ وما جهلنا على ما علمنا؟ أم أن الإنسان كان ظلوماً جهولاً؟!


    جولة سياحية في جزيرة اللادينيين!!


    الرواية الرائعة التي ظلّت مفقودة زمنا طويلا : ((جبل التوبة))

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Mar 2013
    الدولة
    مغرب العقلاء و العاقلات
    المشاركات
    3,002
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء