النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: هو الله ،الاول والاخر ، هل هي صفات زمنية ؟

  1. افتراضي هو الله ،الاول والاخر ، هل هي صفات زمنية ؟

    السلام عليكم
    سؤال دائما ما افكر به
    يأخذني بمتاهات وتعقيدات مع ايماني التام باسماء الله وصفاته سبحانه وتعالى
    متى خلق الله سبحانه وتعالى الزمن بالمفهوم المطلق
    فعندما نقول مثلا ان اول ما خلقه الله القلم او العرش او ايا كان لا يهم فهل الزمن كان موجودا قبل هذا ، وهل يجوز ان نستخدم عبارات زمنية كقبل او اول اذا لم يكن الزمن موجودا

    اسئله جعلتني افكر فيما هو ابعد من كل هذا ، فعندما نقول ان الله هو الاول ، فهذه صفة زمنية فكيف لنا ان نوفق بين هذا وبين وجود الله قبل الزمن وقبل كل شيء.فمحرد قولنا قبل وكاننا نثبت وجود الزمن .



  2. #2
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    2,867
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    19

    افتراضي

    أخي الكريم, في البدء أود أن أذكرك ونفسي بدواء نبوي ناجع:
    قل آمنت بالله.
    قل لا إله إلا الله.
    استعذ بالله من شرور النفس ومن شر الشيطان وشركه.
    ثم إن ما سألت عنه مما يمكن للمرء أن يتفكر فيه بما يزيد إيمانه.
    فالزمن الذي نعرفه في الدنيا هو تعاقب الليل والنهار, والشمس والقمر.
    فلو تصورنا عالمنا الدنيوي قاعة اختبار عظيمة فسيحة الأرجاء, وتصورنا الشمس والقمر ساعتين عظيمتين, وتصورنا حياتنا اختبارا طويلا, فيه فترات صباحية ومسائية, وفيها فصول متعاقبة, نقطع فيها مراحل الصبا والشباب والشيخوخة, فإننا نفهم قطعا أن هذا الزمن خاص بنا, فمخلوقات العالم العلوي لا يسري عليها زماننا الأرضي هذا.
    هذا واضح.
    لكننا نقرأ في كتاب ربنا آيات عن خلق السماوات والأرض ومراحل ذلك, وخلق آدم, وابتلائه, وهبوطه إلى الأرض.
    فهذه أحداث وقعت خارج زماننا الأرضي, لكنها أحداث متعاقبة, حدث بعضها إثر بعض, أو قبل بعض.
    وهذه في رأيي حقيقة الزمن: تعاقب الأحداث أو تعاقب الحوادث.
    شيء بعد شيء, حدث بعد حدث.
    الآن تخيل معي أننا في عالم لا ليل فيه ولا نهار, ولا شمس ولا قمر, ولا دقائق ولا ساعات.
    لكن فيه مخلوقات عاقلة لها إرادة واختيار, سخر لها الله نعما كثيرة.
    الآن: حين تحدث هذه المخلوقات أحداثا, وتعمل أعمالا, فإن تلك الأعمال تتعاقب, ويكون فيها أول وآخر.
    لو أرادت تلك الكائنات أن تؤرخ لنشاطها وأعمالها, فإنها لا شك ستستعمل الأحداث كنقطة ارتكاز, فتقول:
    كان هذا قبل الحدث الفلاني, وبعد الحدث الفلاني وهكذا.
    لو تسلسلنا معا إلى غياهب التاريخ, وعدنا إلى ما قبل خلق السماوات والأرض, فإننا نصل إلى الحقيقة العظمى التي تتحير لها العقول, وتذهل القلوب.

    كان الله ولم يكن معه شيء

    {اللهُ خالقُ كل شىء وهو على كلّ شىء وكيل}
    وخلق الله كل شيء من ماء:
    روى ابن حبان وابن ماجه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: “كلُّ شىء خلقَ من الماء“
    وروى البخاريّ وابن الجارود والبيهقي من حديث عمران بن الحصين قال: أتى أناسٌ من أهل اليمنِ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله جئناك لنتفقه في الدين فأنبئنا عن بَدء هذا الأمر ما كان، فقال: “كان اللهُ ولم يكن شىء غيرُه، وكان عرشُهُ على الماء وكتب في الذكر كلَّ شىء، ثم خلقَ السموات والأرض”

    لم تكن سماوات ولا أرض, ولا ظلام ولا نور, ثم خلق الله ذلك:
    {الحمدُ لله الذي خلق السموات والأرضَ وجعلَ الظلماتِ والنور}

    الآن ماذا كان قبل ذلك كله: كان الله عز وجل منفردا بالعزة والجبروت والملك والقهر, وما زال ربنا خالقا مدبرا حكيما عليما رحيما حكما عدلا, هو الأول ليس قبله شيء, وهو الآخر ليس بعده شيء.
    إذا قلنا أيها الأخ الفاضل إن خلق الماء كان قبل السماوات والأرض, فإننا نتحدث عن تعاقب أحداث حدثت قبل أن يخلق ما نسميه نحن بالزمن, لكنها أحداث نقول إن بعضها حدث بعد بعض, وهذا فهمنا للزمن كما أسلفت.
    لكن العقل يحار حين نصل إلى ما قبل خلق الماء, وإلى ما قبل خلق كل شيء.
    وأظن أن هذا مبتدأ سؤالك, ومصدر حيرتك.
    فأقول وبالله التوفيق, إن الله ما زال خالقا عليما حكيما, فهو الحي القيوم, الخلاق العليم, ومهما تصورنا فإننا لن نستطيع أن نتصور ربنا إلا خالقا مدبرا حكيما, قبل خلق السماوات والأرض وبعد ذلك, لا ينقضي ملك ربنا ولا يبيد, فهو الغني وإليه يفتقر العبيد, فعلى عتبة قولنا : إن الله هو الأول الذي ليس قبله شيء, تسجد العقول, وتنقطع التصورات, إلا من هذا الأمر المجمل الذي وصفته لك: الله هو الخلاق العليم الحكيم, لا ينفك ربنا سبحانه عن صفة الخلق, لكنه لم يخبرنا بغير ما أوحاه إلى نبيه من خلق الماء والعرش والقلم والسماوات والأرض وغير ذلك. والله تعالى أعلى وأجل وأعلم, وهو يهدينا وإياكم سواء السبيل, ويغفر لنا جهلنا وخطأنا وعمدنا, ويسترنا بستره, ويشملنا بعفوه, ويصرف عنا شياطين الجن والإنس حتى نلقاه وهو عنا راض, آمين.
    {‏ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} إبراهيم: 41

  3. #3

    افتراضي

    يقول ابن تيمية في تلبيس الجهمية :
    إن الزمان قد يراد به الليل والنهار كما يراد بالمكان السموات والأرض ، فبهذا الاعتبار فإن الله منزه عن الزمان والمكان ، بل هو خالقهما .. وقد يراد بالزمان مجرد التقدير بالحوادث كما يقال : هذا قبل هذا بكذا وكذا وهذا بعد هذا بكذا وكذا . فيكون المراد به تقدير ما بين الحوادث بحوادث أخر ، وهذا ليس أمرا موجودا في الخارج لجوهر قائم بنفسه أو عرض قائم فيها ... وهذا موضع تغلط فيه الأذهان حيث يشتبه عليها ما يأخذه الذهن من الحقائق الموجودة في الخارج بنفس الحقائق الموجودة في الخارج ، كما يشتبه على بعض الناس الصور الذهنية الكلية المطلقة انها توجد في الخارج ، حتى يظن انها بعينها موجودة في الخارج .
    ابن تيمية ، بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية ، ج1 ص297-299 باختصار وتصرف

    فالمقصود أن الزمان في حقيقته ليس كيانا وجوديا ، بل هو مجرد مفهوم اعتباري يشير إلى تتابع الأحداث ، فإن كانت هذه الأحداث حوادث مخلوقة جاز القول إن هذا الزمان (المتعلق بالمخلوقات) مخلوق ، لكن إن كانت هذه الأحداث افعالا لله تعالى ، فلا يصح عندها أن نقول إن هذا الزمان مخلوق .. والتحقيق هو أن الزمان مفهوم اعتباري وليس كيانا وجوديا له وجود في الخارج ، فلا نطلق عليه القول بأنه مخلوق أو غير مخلوق إلا باعتبار ارتباطاته وتعلقاته ، وقد أشار ابن القيم في النونية إلى هذا بقوله:
    والزمان نسبة حادث إلى حادث :: :: تلك حقيقة الأزمان
    وهذا طبعا خلاف ما تقرره النظرية النسبية لاينشتين التي جعلت الزمن بعدا رابعا في الكون وجعلت له وجودا ماديا في النموذج المعياري الحديث للكون المعروف باسم الزمكان ، ونحن لا مانع لدينا من تبني نموذج الزمكان بشرط ألا ينسحب تطبيقه على خارج هذا العالم ، ولا يصح ان نقول مثلا إنه لا وجود للزمان خارج العالم وان الله خارج الزمان وغيرها من التقريرات المشكلة عقديا وعقليا ، والله أعلم.
    إن عرفتَ أنك مُخلط ، مُخبط ، مهملٌ لحدود الله ، فأرحنا منك ؛ فبعد قليل ينكشف البهرج ، وَيَنْكَبُّ الزغلُ ، ولا يحيقُ المكرُ السيء إلا بأهلِهِ .
    [ الذهبي ، تذكرة الحفاظ 1 / 4 ].
    قال من قد سلف : ( لا ترد على أحد جواباً حتى تفهم كلامه ، فإن ذلك يصرفك عن جواب كلامه إلى غيره ، و يؤكد الجهل عليك ، و لكن افهم عنه ، فإذا فهمته فأجبه ولا تعجل بالجواب قبل الاستفهام ، ولا تستح أن تستفهم إذا لم تفهم فإن الجواب قبل الفهم حُمُق ) . [ جامع بيان العلم و فضله 1/148 ].

  4. افتراضي

    شكرا لكم على الردود المتميزة

    لي تعقيب بسيط على ما تم ذكره ، وهو ان الليل والنهار والشمس والقمر هي مجرد أدوات لقياس الزمن ، كما للمسافة مثلا ادوات لقياسها كالمتر والكيلومتر فان للزمن ادوات لقياسه كحركة الشمس والقمر والارض،

    وحسب ما استنتجته وهو ان الزمن بمثابة الطول والعرض مثلا اي انه متعلق بالشيء نفسه ، فوجود الشيء يلزم منه وجود الزمن الخاص به

    وجزاكم الله كل خير

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Oct 2014
    الدولة
    ليبيا
    المشاركات
    1,105
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    يسأل عن الزمان ، وهل هو مخلوق ؟ وهل يوجد في الجنة ؟ وهل يفنى الزمان ؟
    السؤال:
    ما هو المقصود من الزمان في الشرع ؟ وهل الزمان مخلوق من المخلوقات؟ وهل يوجد مكان لا تجد فيها الزمان؟ وهل يوجد الزمان في الجنة؟ وهل يفني الزمان؟ هذه الأسئلة منذ زمان تدور في ذهني ، لما قرأت تفسير سورة العصر .

    تم النشر بتاريخ: 2014-09-22
    الجواب :
    الحمد لله
    أولا :
    قال الله عز وجل :
    ( وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ )
    قال ابن كثير رحمه الله :
    " الْعَصْرُ : الزَّمَانُ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ حَرَكَاتُ بَنِي آدَمَ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ ، وَقَالَ مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ :
    هُوَ الْعَشِيُّ ، وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ " انتهى من "تفسير ابن كثير" (8/ 457).
    وقال ابن عثيمين رحمه الله :
    " (والعصر) قيل : إن المراد به آخر النهار ؛ لأن آخر النهار أفضله ، وصلاة العصر تسمى الصلاة الوسطى ، أي : الفضلى كما سماها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بذلك .
    وقيل : إن العصر هو الزمان . وهذا هو الأصح ؛ أقسم الله به لما يقع فيه من اختلاف الأحوال ، وتقلبات الأمور، ومداولة الأيام بين الناس ، وغير ذلك مما هو مشاهد في الحاضر ، ومتحدث عنه في الغائب ، فالعصر هو الزمان الذي يعيشه الخلق ، وتختلف أوقاته شدة ورخاء ، وحرباً وسلماً ، وصحة ومرضاً ، وعملاً صالحاً وعملاً سيئاً ، إلى غير ذلك مما هو معلوم للجميع . أقسم الله به على قوله: (إن الإنسان لفي خسر) " انتهى من "تفسير العثيمين" (ص 307) بترقيم الشاملة.

    فالمقصود بالزمان هو المقدار الذي تقع فيه أعمال الناس ، وحركاتهم ، وجملة ذلك : هو عمرهم في هذه الحياة الدنيا .

    ثانيا :
    هذا الزمان هو من مخلوقات الله ؛ لأن الله تعالى خالق كل شيء ، فهو خالق الزمان وخالق المكان .
    روى البخاري (4826) ، ومسلم (2246) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : ( يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ ، بِيَدِي الأَمْرُ أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ).
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
    " فَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ ( بِيَدِي الْأَمْرُ أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ) يُبَيِّنُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّهُ الزَّمَانُ ، فَإِنَّهُ قَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ يُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ، وَالزَّمَانُ هُوَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ؛ فَدَلَّ نَفْسُ الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّهُ هُوَ يُقَلِّبُ الزَّمَانَ وَيُصَرِّفُهُ ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ * يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ) ... وَقَدْ أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ بِخَلْقِهِ الزَّمَانَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ كَقَوْلِهِ: (وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ) وَقَوْلِهِ: (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) ... وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ النُّصُوصِ الَّتِي تُبَيِّنُ أَنَّهُ خَالِقُ الزَّمَانِ " انتهى باختصار من "مجموع الفتاوى" (2/ 491-50).
    وانظر جواب السؤال رقم : (97739) ، (131066).

    ثالثا :
    لا يوجد في الدنيا مكان ليس فيه زمان ، بل ولا يتصور ذلك أيضا ، فالزمان والمكان متلازمان ، فالزمان هو مدة وجود هذا الخلق ، والمكان هو الحيز الذي تشغله المخلوقات حين وجودها ؛ فإذا لم تشغل حيزا ـ مكانا ـ فهذا معناه أنها : فنيت ، ولم تعد موجودة ، وكذلك إذا لم يجر عليها الزمان ؛ فهذا معناه أنها لم توجد أصلا .
    قال شيخ الإسلام :
    " لَا يَتَوَهَّمُ عَاقِلٌ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الزَّمَانُ ؛ فَإِنَّ الزَّمَانَ مِقْدَارُ الْحَرَكَةِ . وَالْحَرَكَةُ مِقْدَارُهَا مِنْ بَابِ الْأَعْرَاضِ وَالصِّفَاتِ الْقَائِمَةِ بِغَيْرِهَا : كَالْحَرَكَةِ وَالسُّكُونِ وَالسَّوَادِ وَالْبَيَاضِ . وَلَا يَقُولُ عَاقِلٌ إنَّ خَالِقَ الْعَالَمِ هُوَ مِنْ بَابِ الْأَعْرَاضِ وَالصِّفَاتِ الْمُفْتَقِرَةِ إلَى الْجَوَاهِرِ وَالْأَعْيَانِ ؛ فَإِنَّ الْأَعْرَاضَ لَا تَقُومُ بِنَفْسِهَا بَلْ هِيَ مُفْتَقِرَةٌ إلَى مَحَلٍّ تَقُومُ بِهِ " انتهى من "مجموع الفتاوى" (2/ 492).
    فالحدث الذي يقع لا بد له من زمان ومكان يقع فيهما ، فلا يتصور حدث بدون زمان ولا مكان ، فهذه الثلاثة متلازمة .
    رابعا :
    يوجد في الجنة زمان ، ولكن لا يقاس بزمان الدنيا ؛ كما قال ابن عباس رضي الله عنهما : " لا يشبه شيءٌ مما في الجنة ما في الدنيا ، إلا الأسماء " وفي لفظ : " ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء " انتهى من " تفسير الطبري" (1/392) ؛ فكذلك الزمان وما يتعلق به في الآخرة : يختلف عنه في الدنيا .
    قال شيخ الإسلام رحمه الله :
    " فتلك الحقائق التي في الآخرة ليست مماثلة لهذه الحقائق التي في الدنيا ، وإن كانت مشابهة لها من بعض الوجوه ، والاسم يتناولها حقيقة " انتهى من "مجموع الفتاوى" (5/ 207).
    وقال شيخ الإسلام أيضا :
    " من المعلوم أن الله سبحانه وتعالى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ ، وقد قال تعالى ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ ) آل عمران/ 190 ، ونحو ذلك في القرآن ، ومعلوم أن النهار تابع للشمس ، وأما الليل : فسواء كان عدم النور ، أو كان وجوديًّا عرضيًّا كما يقوله قوم ، أو أجسام سود كما يقوله بعضهم ، فالله جاعل ذلك كله ، وهو سبحانه وتعالى كما قال عبد الله بن مسعود : " إن ربكم ليس عنده ليل ولا نهار ، نور السموات من نور وجهه ". وقد جاء في قوله تعالى ( وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً ) أن أهل الجنة يعرفون مقدار البكرة والعشي بأنوار تظهر من جهة العرش ، فيكون بعض الأوقات عندهم أعظم نورًا من بعض ، إذ ليس عندهم ظلمة ، وهذه الأنوار المخلوقة كلها خلقها الله تعالى " انتهى من "بيان تلبيس الجهمية" (2/ 284-286).
    وقال ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى : ( وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا ) مريم/ 62 :
    " أَيْ فِي مِثْلِ وَقْتِ البُكُرَاتِ وَوَقْتِ العَشِيَّاتِ ، لا أن هناك ليلا ونهارا ، وَلَكِنَّهُمْ فِي أَوْقَاتٍ تَتَعَاقَبُ ، يَعْرِفُونَ مُضِيَّهَا بِأَضْوَاءٍ وَأَنْوَارٍ " انتهى من "تفسير ابن كثير" (5/ 218).

    فأهل الجنة لا يحتاجون إلى حساب الوقت كما يحتاجه أهل الدنيا ، والله تعالى خلق الليل والنهار والشمس والقمر ، وأوجد الحساب لتستقيم للناس عباداتهم ومعاملاتهم ، أما في الجنة فلا يحتاجون إلى شيء من ذلك .

    خامسا :
    أما زمان الدنيا فالظاهر أنه يفنى ، لفناء ما يتعلق به ويرتبط بحسابه ، وتوقف حركة الشمس والقمر ، قال تعالى : ( كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ) الرحمن/ 26، 27 .
    وأما زمان الآخرة فلا يفنى ، قال تعالى عن أهل الجنة : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ) النساء/ 57 .
    وقال تعالى عن أهل النار : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا * إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ) النساء/ 168، 169 .
    وروى البخاري (4730) ومسلم (2849) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يُؤْتَى بِالْمَوْتِ كَهَيْئَةِ كَبْشٍ أَمْلَحَ فَيُنَادِي مُنَادٍ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ فَيَقُولُ : هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا ؟ فَيَقُولُونَ نَعَمْ هَذَا الْمَوْتُ - وَكُلُّهُمْ قَدْ رَآهُ - ثُمَّ يُنَادِي يَا أَهْلَ النَّارِ فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ فَيَقُولُ : هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا ؟ فَيَقُولُونَ نَعَمْ هَذَا الْمَوْتُ - وَكُلُّهُمْ قَدْ رَآهُ - فَيُذْبَحُ ثُمَّ يَقُولُ : يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ خُلُودٌ فَلَا مَوْتَ وَيَا أَهْلَ النَّارِ خُلُودٌ فَلَا مَوْتَ .

    سادسا :
    ننصح الأخ السائل أن لا ينشغل بمثل هذه المسائل ، التي قد تورث الحيرة والاضطراب ، ولا يكون من ورائها كبير فائدة ، وأن ينشغل بما هو أجدى له وأنفع من السؤال عن الأحكام الشرعية التي يحتاجها
    إليها ، ومسائل الاعتقاد التي يؤمر بها ، وفواضل الأعمال التي يتقرب بها إلى ربه ، ونحو ذلك .
    والله تعالى أعلم .
    https://islamqa.info/ar/205107
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
    ( فكل من لم يناظر أهل الإلحاد والبدع مناظرة تقطع دابرهم لم يكن أعطى الإسلام حقه ، ولا وفى بموجب العلم والإيمان ، ولا حصل بكلامه شفاء الصدور وطمأنينة النفوس ، ولا أفاد كلامه العلم واليقين )
    { درء التعارض : 1\357 }

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء