مختصر إثبات صدق النبوة، و صحة الإسلام...
الأدلة على صدق النبوة و صحة الرسالة، كثيرة، تملأ مجلدات، الا أننى إخترت منها أحد عشر دليلا، يؤكد كل دليل فيها على حقيقتين:
- الحقيقة الأولى: هى استحالة أن يكون صاحب الرسالة كاذبا، بل كان أصدق الصادقين، و هذا ما تبينه تلك الأدلة..
الحقيقة الثانية: هى صحة رسالة الإسلام، طبقا لما جاء به صاحب الرسالة من آيات - أيده الله بها - تؤكد أنه مرسل من رب العالمين..

و إليكم تلك الأدلة:

1- لو كان النبى صلى الله عليه و سلم كاذبا لعُرف عنه ذلك قبل البعثة و لافتضح أمره بعدها، فقد عُرف عنه قبل البعثة و طوال أربعين عاما بأنه الصادق الأمين، فهل يُعقل أن يتهم بالكذب بعدها ؟!!
فعندما أمره ربه سبحانه أن يجهر بدعوته و ينذر عشيرته، نادى فى قومه قائلا:
"أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي ؟؟"

فانظر و تأمل بماذا أجابوه..!

قالوا : "نعم ؟ ما جربنا عليك إلا صدقا..!" متفق عليه

فهل يعقل أن من اتصف عُمْرا بالصدق و الأمانة أن يدعى النبوة، لكى لا يكتفى بالكذب على الناس بل بالكذب على الله أيضا - حاشاه!
فالنبوة لا ينالها إلا أصدق الصادقين ولا يدعيها إلا أكذب الكاذبين ولا يخفى ذلك إلا على أجهل الجاهلين كما قال شيخ الإسلام بن تيمية..!
.................................................. ..............
2- و لو كان كاذبا فما الدافع الذى يدفعه للكذب على الناس و الكذب على الله بادعاء النبوة ؟!
فهل أراد المال و الغنى؟؟ كيف و قد عرضوا عليه أن يجمعوا له من أموالهم ليكون أكثرهم مالا فأبى ؟!!
هل اراد الشرف و السيادة و المكانة ؟؟ كيف و قد عرضوا عليه أن يسودهم فأبى ؟!
أم أراد من ذلك السلطة و المُلك ؟؟ كيف و قد عرضوا عليه بان ينصبوه ملكا عليهم فأبى؟!!
و تلك القصة ذكرها بن اسحاق فى المغازى، و قال الشيخ الألبانى اسناده حسن..
و لتتأمل كيف عرضوا عليه كل هذه العروض حال ضعفه و قلة أتباعه، و حال قوتهم و كثرة أتباعهم، فما الذى دفعهم لتقديم تلك الإغراءات الا لإيمانهم بقوة ما جاء به، و لعجزهم عن مواجهته بالحجة و البيان ؟!
و بالفعل فقد تحداهم أن يأتوا بمثله أو بعشر سور منه أو بسورة منه، فعجزوا فآثروا اللجوء الى تلك الإغراءات و تلك التنازلات ؟!
و لو كان كاذبا أو دجالا يبغى من وراء دعوته المال أو السيادة أو الشرف أو السلطة، فهل له أن يرفض تلك الإغراءات التى تطرق باب شهوات النفس و أهواءها بقوة، رغم أنه ضعيف بينهم، و أتباعه قلة مستضعفون مضطهدون، أليست تلك فرصة ثمينة فرفضها ؟!!
أهل هذا نبى صادق أم مدع كاذب ؟!
نترك للعقل المنصف الإجابة..!
.................................................. ........
3- و كيف يتحمل الأذى و الاضطهاد و يتحمل أتباعه التعذيب و التنكيل، ما الذى يحمله على ذلك لو كان كاذبا ؟!
أكان من الأدعى أن يقبل الإغراءات ؟! بل يتجاوزها ليتحمل و أتباعه جميع انواع الأذى و النكال فى سبيل دعوتهم، و هم طائفة قليلة جدا و مستضعفة ؟!
بل و فى ظل هذا العذاب و الاضطهاد و الاستضعاف، يبشِّر أتباعه بأن دعوته ستنتصر و تنتشر ؟!
أفى ظل هذا الضعف الشديد مقابل قوة قريش و بطش زعمائها يجزم أن دينه سيكون له النصر و الظهور ؟!
بل و تمر السنون و تتحقق تلك النبوءة، التى يخالف تحققها حسابات موازين القوة حينها، فكيف لقلة مستضفة تذوب تحت بطش كثرة طاغية، أن يتوقع قائدها النصر، ثم ينتصر بمشيئة الله ؟!
أهذا مدعى نبوة أم نبى صادق ؟! و من الذى أخبره بظهور دينه الا الذى أرسله - سبحانه ؟!
إنها معجزة لا تحتاج الى كثير شرح!!
فخباب بن الأرت - رضي الله عنه - الذى هو سادس ستة أسلموا، وقد كان يوضع على الجمر المحمى فلا ينطفىء، ذهب يشكو الى رسول الله صلى الله عليه و سلم هذا العذاب، قائلا: ألا تستنصر لنا ؟؟ ألا تدعو لنا ؟؟
فقال - صلى الله عليه و سلم :" قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه فما يصده ذلك عن دينه والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون" (رواه البخارى)
أفى ظل هذا الضعف الشديد يخبرهم بالظهور و النصر، و بالفعل ينتصر و دينه ينتشر..!
فتأمل..!
.................................................. ............
4- و استمرارا لإخباره بالنصر و الظهور حال ضعف المسلمين و قلة عددهم، فى مقابل كثرة الأعداء و قوة عددهم و عتادهم، يبشّر النبي - صلى الله عليه وسلم ـ أصحابه وأمته، بفتح اليمن والشام والعراق، واستيطان المسلمين بهذه البلاد، وقد تحققت بالفعل بعد وفاته بشارته..!!
فيا له من أمر معجز، يبشّرهم و هو فى تلك الحال الشديدة من جوع شديدٍ وبردٍ قارصٍ، وعددٍ قليلٍ وأعداء كُثر، بانه سيفتح اليمن و الشام و العراق !!
و قد حدث ما قال و أخبر!
أهذا نبى صادق أم مدعى نبوة ؟!
و هذا ما كان في غزوة الأحزاب، والمسلمون على تلك الحال الشديدة، وفي أثناء حفر الخندق شكا الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم ـ صخرة عجزوا عن كسرها، فجاء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأخذ الفأس وقال: "بسم الله، فضرب ضربة كسر منها ثلث الحجر، وقال: الله أكبر، أعطيت مفاتيح الشام، والله إني لأبصر قصورها الحمر من مكاني هذا، ثم قال: بسم الله، وضرب ثانيةً فكسر ثلث الحجر، فقال: الله أكبر، أعطيت مفاتيح فارس، والله إني لأبصر المدائن وأبصر قصرها الأبيض من مكاني هذا، ثم قال: بسم الله، وضرب ضربة كسرت بقية الحجر، فقال: الله أكبر، أعطيت مفاتيح اليمن، والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني هذا" رواه أحمد .
فهل كانت تلك البشارة الوحيدة بفتح تلك البلاد ؟؟
كلا كلا.. ففي إشارة نبوية أخرى قال - صلى الله عليه وسلم ـ لعبد الله بن حوالة ـ رضي الله عنه: "سيصير الأمر إلى أن تكونوا جنوداً مُجَنَّدَةٌ، جُنْدٌ بالشام، وَجُنْدٌ باليمن، وَجُنْدٌ بالعراق، فقال ابن حوالة: خِرْ لِي (اختر لي) يا رسول الله إنْ أدركتُ ذلك، فقال: عليك بالشام فإنها خيرة الله من أرضه، يجتبي إليها خيرته من عباده، فأما إِنْ أَبَيْتُمْ فَعَلَيْكُمْ بِيَمَنِكُمْ (الزموا اليمن)، وَاسْقُوا مِنْ غُدُرِكُمْ (حياضكم)، فإن الله - عز وجل - توكل (تكفل وضمن) لي بالشام وأهله ) رواه أبو داود وصححه الألباني .
بل و هناك اشارة ثالثة فيها أيضا مزيد من النبوءات النبوية، التى لا يمكن أن يخبره بها الا علام الغيوب، فتأمل!
فعن سفيان بن أبي زهير ـ رضي الله عنه ـ قال: سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: "تُفتَح اليمن فيأتي قوم يَبُسُّونَ (يسوقون دوابهم للرحيل من المدينة) فيتحملون بأهلهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، وتُفتح الشام فيأتي قومٌ يُبِسُّون، فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، وتُفتح العراق فيأتي قومٌ يُبِسُّون، فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون ) رواه البخاري .

فيا له من أمر عجيب! فلقد أخبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن فتح اليمن، وقد فتحت اليمن في آخر حياته كما اخبر، كما فتحت الشام والعراق كما أخبر ففُتح بعضها في عهد أبي بكر الصديق و بعضها في خلافة عمر بن الخطاب رضى الله عنهما...
و لكن لناتى لنبوءة أخرى أظهرها هذا الحديث هى: لما أخبر ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه إذا فُتِحت هذه البلاد يترك بعض المسلمين المدينة المنورة، ويسارعون في الذهاب إليها لكثرة خيراتها وثرواتها، طمعاً في الدنيا، وهو معنى قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "فيأتي قوم يبسون" أي: يسوقون إبلهم ويسرعون في الذهاب إليها، فينتقلون إلى اليمن أو الشام أو غيرها بأهليهم ومن اتبعهم من أصحابهم، "والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون": أي لو كان لديهم شيء من العلم الصحيح، والإِدراك السليم، لعلموا أن المدينة المنورة ـ طيبة الطيبة ـ خير لهم من تلك البلاد التي انتقلوا إليها، لما يتوفر فيها من الخيرات الدنيوية والأخروية التي لا توجد في غيرها .

قال النووي: " قال العلماء: في هذا الحديث معجزاتٌ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لأنه أخبر بفتح هذه الأقاليم، وأن الناس يتحملون بأهليهم إليها ويتركون المدينة، وأن هذه الأقاليم تفتح على هذا الترتيب: اليمن ثم الشام ثم العراق، ووجِد جميعُ ذلك كذلك بحمد الله وفضله ".

وقال ابن حجر: " قوله: ( تفتح اليمن ) قال ابن عبد البر وغيره: افتُتِحَت اليمن في أيام النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وفي أيام أبي بكر، وافتتحت الشام بعدها، والعراق بعدها، وفي هذا الحديث علم من أعلام النبوة، فقد وقع على وِفق ما أخبر به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وعلى ترتيبه، ووقع تفرق الناس في البلاد لما فيها من السعة والرخاء، ولو صبروا على الإقامة بالمدينة لكان خيرا لهم " .

و لنتأمل لو مرت السنون و لم تتحقق تلك النبوءات و تفتح تلك البلدان، لضاعت النبوة، فما بالنا و قد تحققت كما أخبر بها..!
أهذا نبى صادق يخبر بما اخبره علّام الغيوب به، أم هو مدعى نبوة ؟!
.................................................. ................
5- هل هناك دجال لا يستغل تلك الفرصة الثمينة ؟! يموت ابنه فتنكسف الشمس، فيقول المسلمون إنها انكسفت لموته..!
فماذا عساه ان يفعل لو كان كاذبا - حاشاه - سوى أن يؤكد هذا الإعتقاد، ليثبت أركان ادعاءه فى قلوب الناس، بل إنها الفرصة ليسلّى نفسه و يخفف من حزنه بموت ابنه، فكون الناس تعتقد أن الشمس انكسفت لموت ابنه، ففيه فرصته للتعالى على الناس و فيه التكريم لإبنه!
لكنه لم يفعل بل قال - صلى الله عليه و سلم:
"إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِمَا عِبَادَهُ ، وَإِنَّهُمَا لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهَا شَيْئًا فَصَلُّوا وَادْعُوا اللَّهَ حَتَّى يُكْشَفَ مَا بِكُمْ" رواه البخارى و مسلم
أهناك مدع كاذب يترك تلك الفرصة الثمينة ؟!
أم أنه نبى صادق لا يقبل أن يكذب على ربه فى هذا الظرف الدقيق، فكيف يكذب على ربه و يدعى النبوة ؟!
و يقول المستشرق الفرنسي اميل درمنغم Emile Dermenghem في كتابه ''حياة محمد'' ص318 :
".. ولد لمحمد -صلى الله عليه وسلم – من مارية القبطية] ابنه إبراهيم فمات طفلاً، فحزن عليه كثيرًا ودفنه بيده وبكاه، ووافق يوم موته كسوف الشمس فقال المسلمون: إنها انكسفت لموته، ولكن محمدًا -صلى الله عليه وسلم – كان من سموّ النفس أن صحح ذلك الإعتقاد فقال: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد..".."
.................................................. ...................
6- يترك النبى صلى الله عليه و سلم الإرث الجاهلى من الأشعار و القصص و الحروب فلا يذكر منها شيئا فى القرآن!
فلو كان القرآن من تأليفه، و ليس كلام الله فهل يجد مادته و قصصه و عظاته و حكمه الا من بيئته او تاريخ قبيلته ؟!
لكن ليس فى القرآن شىء من هذا.. فتأمل!!
و لو كان القرآن تأليفه، فهل يترك الحديث عن نفسه فى القرآن خلال الأربعين عاما السابقة على البعثة، أو يذكر زوجته السيدة خديجة رضي الله تعالى عنها التي وقفت معه في أحلك الأوقات وتحملت معه الأذى والحصار والجوع ؟!
بل و لم يذكر بناته أو والدته!
بل هناك سورة فى القرآن بإسم مريم أم عيسى عليه السلام و ليس هناك سورة بإسم أحدى بناته أو بإسم إحدى زوجاته، فلا نجد سورة فاطمة مثلا او سورة عائشة بل سورة مريم.. فتأمل!!
أكان من الأدعى لو كان كاذبا - حاشاه - أن يتجاهل ذكر النبيين قبله، و يكثر من ذكره، حتى ينساهم الناس و يتذكروه و يرفع من شأنه نفسه و يقلل من شأن المرسلين قبله ؟!
العجيب أنه صلى الله عليه و سلم ذُكر فى القرآن خمس مرات فى حين أن عيسى عليه السلام ذُكر25 مرة، و ابراهيم عليه السلام ذكر 62 مرة، أما موسى عليه السلام فقد ذكر في القرآن أكثر من 130 مرة !!
أهذا قرآن ألفه محمد صلى الله عليه و سلم ؟!
أهذا نبى صادق أم مدع كاذب ؟!
.................................................. ..............
7- و لو كان كاذبا فهل يآمر نفسه بأوامر فيها مشقة و تعب، كأن يأمر نفسه بالصلاة فى الليل و يلزم نفسه بها ؟!
قال تعالى:
يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِّصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4)المزمل
و قال آيضا:
وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا (79)الإسراء
أهذا القرآن الذى يلزمه بهذه المشقة من تأليفه أم هو كلام الله ؟!
فهل سيلزم نفسه بهذه المشقة و هذا التعب فيقوم و الناس نيام، فيصلى حتى تتورم قدماه ؟!
فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى قام حتى تفطر رجلاه .. قالت عائشة : يا رسول الله أتصنع هذا وقد غُفِرَ لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟! ، فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : يا عائشة أفلا أكون عبدا شكورا" (مسلم)
أكان من الأولى أن يخفف عن نفسه التكليف أو يرفعه تماما ؟!
و لماذا يلزم نفسه بعبادة فى الليل على غير مرأى من أصحابه، و لماذا يفعل ذلك فى السر لا فى العلن ؟!
بل و يلزم نفسه بالصيام يومان فى الأسبوع بالإضافة الى ثلاثة متتالية فى الشهر ؟!
هل هذا دجال يريد الدنيا بادعائه النبوة - حاشاه - أم أنه نبى صادق ؟!
.................................................. .............
8- و لو كان كاذبا أكان من الأولى أن يخفف عن أتباعه العبادات و يخفف عنهم الإلتزامات الاخلاقية بل و يطلق لهم العنان لشهواتهم؛ حتى يزداد أتباعه و يكثروا ؟!
بل يأمرهم بخمس صلوات فى اليوم منها الاستيقاظ لصلاة الفجر..!
و يأمرهم بالصيام شهر فى العام..!
و يأمرهم بصدقة مفروضة (الزكاة) تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم !
أفلو كان كاذبا - حاشاه - فكان من الأولى أن يزيل عنهم المشقة فى تلك العبادات البدنية، و يحفظ أموالهم من العبادات المالية التى لا يستفيد منها هو شيئا، بل يستفيد منهم فقراء المسلمين ؟!
أكان من الأولى لو كان كاذبا - حاشاه - أن يخفف عنهم واجبات أوجبها عليهم أو نواهٍ نهاهم عنها ؟!
أهذا نبى صادق لا ينطق عن الهوى بل ينطق بما أوحى اليه ربه أم هو مدعى نبوة ؟!
.................................................. .................
9- من ذا الذى يملك أن يتكلم بثلاثة أساليب مختلفة، منها أسلوب تحدى العرب أن يأتوا بمثله فعجزوا! أو أن يأتوا بعشر سور منه فعجزوا! أو بسورة منه فعجزوا!
أمامنا ثلاثة أساليب هى: القرآن و الحديث النبوى و الحديث القدسى، و الثلاثة مختلفون أدبيا و بلاغيا، فمن من البشر يملك ذلك ؟!
بل لا يعرف لأديب أسلوبان، فأى أديب له أسلوب واحد، يُعرف للوهلة الأولى و يمكن تمييزه عن أساليب غيره من الأدباء أو الشعراء..!
تخيل شخص أمى لا يقرأ و لا يكتب، و لم يعرف بالشعر و لا الخطابة و لا البلاغة طيلة أربعين عاما ثم يأتى فجاة بثلاثة أساليب غاية فى الفصاحة و البلاغة ؟!
بل هذا يدل على أن ما يأتى به ليس من عنده بل من عند الذى بعثه نبيا..!
أهذا نبى صادق أم مدعى نبوة ؟!
.................................................. ...............
10- و لنتحدث عن القرآن الذى بدأ معهم التحدى من أعلاه الى أدناه، ففشلوا و عجزوا و اختاروا طريقا مكلفا ذا ثمن باهظ و هو طريق التعذيب أو الإغراءات أو المقاطعة أو القتال، و كان الطريق السهل لو كان كلام بشرٍ يمكن دحضه أن يقبلوا أدنى تحدى بأن يأتوا بسورة من مثله أو يدحضوا حججه..
و لكن هيهات هيهات أن يفعلوا ذلك..!
فتخيل الثمن الباهظ الذى تحملوه بدلا من أن يقبلوا تحدى القرآن أو أن يدحضوا حججه عقلا!
بل و تأمل كيف شهد بإعجاز القرآن فطاحل قريش من المعاندين سنين البعثة، و بل لقد انبهر بإعجازه المستشرقون فى زمننا المعاصر!
فهذا هو الوليد بن المغيرة الذى وصف القرآن فقال:
"والله إنَّ لقولِه الذي يقولُ لحلاوة، وإنّ عليه لطلاوة، وإنه لمثمرٌ أعلاه، مغدِقٌ أسفلُه، وإنه ليعلو وما يُعلا، وإنه ليَحطِم ما تحته". ((رواه الحاكم في المستدرك (2/ 550)، وصححه، ووافقه الذهبي))
أما عتبة بن ربيعة فقال:
"إني واللهِ قد سمعت قولاً ما سمعتُ بمثلِه قط، والله ما هو بالشعر ولا السحر ولا الكهانة، يا معشر قريش: أطيعوني واجعلوها بي، خلّوا بين هذا الرجل وبينَ ما هو فيه، فوالله ليكونن لقوله الذي سمعتُ نبأ".
رواه البيهقي في دلائل النبوة (2/ 204 - 205) وهو مرسل؛ لأن محمد بن كعب القُرظي تابعي، لكن يعضده رواية أخرى أخرجها البيهقي في الدلائل (2/ 202) وابن إسحاق في السيرة (1/ 187).
أما فى العصر الحديث فتأمل كيف انبهر المستشرق فون هامر بإعجاز القرآن، و ذلك في مقدَمة ترجمته للقرآن، حيث قال: "القرآن ليس دستورَ الإسلام فحسب، وإنما هو ذِروة البيانِ العربي، وأسلوبُ القرآن المدهش يشهد على أن القرآنَ هو وحيٌ من الله، وأن محمداً قد نشر سلطانَه بإعجاز الخطاب، فالكلمةُ [أي القرآنُ] لم يكن من الممكن أن تكونَ ثمرةَ قريحةٍ بشرية". ((يوميات مسلم ألماني، د. مراد هوفمان (ص122).
و توالى انبهار المستشرقون بإعجاز القرآن و اقرارهم أنه ليس كلام بشر بل هو فوق قدرة البشر، و ستعرض سلسلة من هذه الأقوال:
فالمستشرق بلاشير الذى لم يألُ جهداً في الطعن في القرآن ومعاداته في كتابه "القرآن الكريم"، لكن الحقيقة غلبته، فقال: "إن القرآن ليس معجزة بمحتواه وتعليمه فقط، إنه أيضاً يمكنه أن يكون قبل أي شيء آخر تحفة أدبية رائعة؛ تسمو على جميع ما أقرته الإنسانية وبجلته من التحف".
وبهرت جزالة القرآن وروعة أساليبه المستشرق الأديب غوته فسجل في ديوانه: "القرآن ليس كلام البشر، فإذا أنكرنا كونه من الله، فمعناه أننا اعتبرنا محمداً هو الإله ".
المصدر: قالوا عن الإسلام، عماد الدين خليل (ص 52 - 76)، وانظر: ربحت محمداً ولم أخسر المسيح، عبد المعطي الدلالاتي (ص 109 - 110).
قال الفيلسوف بروس لورانس فى كتابه (القرآن سيرة حياة) ص8:
"كعلم ملموس النصوص القرآنية معبرة بشكل حقيقى. إنها تعبر عن معنى داخل معنى و إشارة ضمن إشارة و معجزة تليها معجزة"
بينما يقول المستشرق المنصف بارتلمى شتيلر :

"ان القرآن بقى اجمل مثال للغة التى انزل بها ,

ولم ارى ما يشبه ذلك فى جميع ادوارالتاريخ الدينى للعالم الانسانى "
(فى جولة مع المستشرقين ص55)
.................................................. .............
11- يقول موريس بوكاى ليس فى القرآن خطأ علمى واحد، فطبقا للمبدأ البوكيلي Bucaillism القرآن هو الكتاب المقدس الوحيد الذي لا يوجد به خطـأ علمي واحد، و هذا إعجاز لا يخالطه شك، فتخيل كتاب عمره 1400 عام لا يتعارض فى آية منه مع حقيقة علمية قطعية، فهذا شىء فوق مستوى البشر، بل لا يمكن لبشرى أن يتحدث عن أشياء هذا الكون أو خلق الإنسان أو خلق السموات و الأرض، ثم لا يتعارض ما ذكره من هذا مع العلم!!
و طبقا لنفس المبدأ (البوكيلى) فقد كتب أرسطو ثلاث كتب علمية في الطبيعيات، في السماوات، في الأرض هذه الكتب الثلاثة لا توجد اليوم فيها جملة واحدة صحيحة علميا ..!!!
لو اكتفينا بعدم معارضة آيات القرآن عن الكون و أشيائه للقطعى من العلم، لكفى بذلك إعجازا، فما بالنا و قد ذكر القرآن لحقائق علمية، إكتشفت فى عصرنا هذا، و قد أخبر بها منذ ألف و أربعمائة عام!
لسنا نحن من نشهد بالإعجاز العلمى للقرآن، بل علماء الغرب بكل موضوعية و إنصاف شهدوا بذكر القرآن لحقائق علمية، توصل لها البشر بفضل التقنيات العلمية الحديثة:
ونبدأ بالبروفسور يوشيودي كوزان مدير مرصد طوكيو، إذ يقول: " إن هذا القرآن يصف الكون من أعلى نقطة في الوجود، فكل شيء أمامه مكشوف، إن الذي قال هذا القرآن، [أي الله] يرى كل شيء في هذا الكون، فليس هناك شيء قد خفي عليه ".
وأما البرفسور شرويدر عالم البحار الألماني فيقول في ندوة علماء البحار التي نظمتها جامعة الملك عبد العزيز بجدة: "ما قيل بالفعل منذ عديد من القرون في القرآن الكريم هو حقيقة ما يكتشفه العلماء اليوم، أعتقد أنه من المهم بالنسبة لندوة لهذه أن تبلغ هذا إلى العلماء من جميع الأمم".
ويقول البرفسور درجا برساد راو أستاذ علم جولوجيا البحار في جامعة الملك عبد العزيز، فيقول تعليقاً على إخبار الله في القرآن عن ظلمات البحار وأمواجها الداخلية، فقال: "ومن الصعب أن نفترض أن هذا النوع من المعرفة كان موجوداً في ذلك الوقت منذ 1400سنة، ولكن بعض الأشياء تتناول فكرة عامة، ولكن وصف هذه الأشياء بتفصيل كبير أمر صعب جداً، ولذلك فمن المؤكد أن هذا ليس علماً بشرياً بسيطاً، لا يستطيع الإنسان العادي أن يشرح هذه الظواهر بذلك القدر من التفصيل، ولذلك فقد فكرت في قوة خارقة للطبيعة خارج الإنسان، لقد جاءت المعلومات من مصدر خارق للطبيعة".
وفي مؤتمر القاهرة (1986م) حول الإعجاز العلمي قدم البرفسور الأمريكي بالمار بحثاً ختمه بقوله: "أنا لا أعلم المستوى الثقافي الذي كان عليه الناس في زمن محمد [- صلى الله عليه وسلم -]
ولا أدري في أي مستوى علمي كانوا، فإذا كان الأمر كما نعرف عن أحوال الأولين والمستوى العلمي المتواضع والذي ليس فيه هذه الإمكانيات، فلا شك أن هذا العلم الذي نقرؤه الآن في القرآن هو نور من العلم الإلهي قد أوحي به إلى محمد ".
ونختم جولتنا مع إعجاز القرآن العلمي بالحديث عن حديث القرآن عن تطور الجنين وتخلقه، وننقل شهادة البروفيسور مارشال جونسون رئيس قسم التشريح ومدير معهد دانيال بجامعة توماس جيفرسون بفلادلفيا بالولايات المتحدة الأمريكية، فقد أذهله ما ذكره القرآن عن تطور الجنين، فقال: "إنني كعالم أستطيع فقط أن أتعامل مع أشياء أستطيع أن أراها بالتحديد، أستطيع أن أفهم علم الأجنة وتطور علم الأحياء، أستطيع أن أفهم الكلمات التي تترجم لي من القرآن .. إنني لا أرى شيئاً لا أرى سبباً لا أرى دليلاً على حقيقة تفند مفهوم هذا الفرد محمد [- صلى الله عليه وسلم -] الذي لا بد وأنه يتلقى هذه المعلومات من مكان ما، ولذلك إنني لا أرى شيئاً يتضارب مع مفهوم أن التدخل الإلهي كان مشمولاً فيما كان باستطاعته أن يبلغه".
ويضيف البرفسور كيث ل مور مؤلف الكتاب الشهير الذي يعتبر مرجعاً معتمداً في كليات الطب العالمية ( The Developing Human) " أطوار خلق الإنسان"، فيقول عما سمعه من إعجاز قرآني في علم الأجنة: "يتضح لي أن هذه الأدلة حتماً جاءت لمحمد من عند الله، لأن كل هذه المعلومات لم تكشف إلا حديثاً وبعد قرون عدة، وهذا يثبت لي أن محمداً رسول الله".
" إنه الحق، هيئة الإعجاز العلمي للقرآن والسنة برابطة العالم الإسلامي (ص 49، 51 - 52، 81، 116 - 120).
وصدق الله وهو يقول: {ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد} (سبأ: 6).

هدى الله الناس جميها الى دين الحق، و الله المستعان...