النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: دلائل النبوة و صدق الرسالة (بحث جامع متجدد)

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Mar 2013
    الدولة
    مغرب العقلاء و العاقلات
    المشاركات
    3,002
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي دلائل النبوة و صدق الرسالة (بحث جامع متجدد)

    لو كان اللادينيون و الملاحدة على حق في تكذيبهم و إنكارهم نبوة محمد صلى الله عليه و سلم و كان الذي يمنعهم من تصديقها فعلا هو المنطق و ليس الهوى فكان يكفيهم إثبات الكذب أو علامته على النبي بدليل واحد فقط يكون قطعيا و لا يحتمل الشك يعلنوه للعالم صباحا ومساء و على مختلف وسائل الإعلام السمعية و البصرية. فالحق لو كان معهم يجب أن يظهروه و بقوة و تحدي و إصرار لا على استحياء و تردد ما بين شبهة و أخرى لا تقوم بها الحجة و إنما تدل إن دلت على محاولة فاشلة و على رغبة دفينة في الإنفلات و الهرب من الحقائق. و نعلن لهم أنه لو أمكنهم إثبات علامة كذب واحدة أو خرق واحد للنبوة فباستطاعتهم أن يسقطوا كل دلائلها جملة و تفصيلا لكن هيهات هيهات. فهؤلاء كأسلافهم العرب الجاهليين عجزوا عما عجزوا عنه و لم يملكوا له سوى إثارة شبهات لا تقدم و لا تؤخر و لا تلغي حقيقة أنه أعجزهم بما أتاهم به آية على نبوته و برهانا على صدق رسالته و لا وجدوا بإطلاق مطعنا على سلوكه و سيرته مع أي كان. و أضاف هؤلاء الجاهليون الجدد إلى عجزهم جهلا مركبا بماهية الدلائل القطعية على نبوة محمد صلى الله عليه و سلم و مدى قوتها و حجيتها و لو علموا و فقهوا كما فقه أسلافهم لوجدوا أن دليلا واحدا منها يكفي حجة عليهم و شاهدا إذ أن اليقين في هذا الأمر لا يتطلب كثير حجج ولا وفرة براهين و لا حتى الإجابة عن كل الشبهات و إسقاطها واحدا واحدا فهي متساقطة كلها بالأدلة المحكمة و البراهين القطعية و لأن الظن في هذا الأمر لا يغني من الحق شيئا و الشك حواليه لا ينفع من يقين و مع ذلك فدلائل النبوة كثيرة متوافرة بل هي فوق الإحاطة والحصر. و حسبهم أن يعلموا أن مدعي النبوة إما أن يكون أصدق الصادقين فيظهر صدقه أو أكذب الكاذبين فيفتضح أمره في عاجل أمره أو آجله.

    الحجة البارزة للملاحدة و اللادينيين الجاهليين الجدد :

    بما أن الجاهليين الجدد ماديون و مغالون في السطحية حيث أنهم لا يفقهون لغة القرآن ليدركوا أكبر و أوضح دلائل النبوة من خلال إعجازه البلاغي و البياني و ليسوا كذلك على علم بالمعايير الأخلاقية و النفسية و الإجتماعية التي يقيسون بها الشخصيات و يميزون بها بين صادق و كاذب فحجتهم البارزة أو الجوهرية اليوم هي إنكار الغيب الذي تأسست عليه دعوى نبوة محمد صلى الله عليه رأسا بحجة أن الغيب لا يثبت أو لم يثبت علميا بدليل مادي تجريبي مباشر. و هذا جهل عريض بحقيقة أمور كثيرة نلخصها في ثلاث نقاط :

    الأولى : أن دعوى نبوته صلى الله عليه و سلم و إن تأسست على الغيب فهي قائمة على براهين عقلية و أخرى مادية بين فينة و أخرى تظهر مع مرور الزمن كلما تقدم العلم و استتبت نظرياته و توسعت مباحث البشر و تظافرت علومهم و معارفهم بحيث لا يمكن إلا التسليم بتلك البراهين. و لهذا قال الله تعالى : بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله. و قال : ولتعلمن نبأه بعد حين. و قال : سنريهم آياتنا في الآفاق و في أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق. لكن هل اجتهد هؤلاء السطحيون في طلب الدلائل التأويلية و الآيات التي تدلهم على نبوة هذا النبي و صدق رسالته كما اجتهد و لا يزال يجتهد كثير من الباحثين عن الحقيقة شرقا و غربا عربا و عجما ؟
    النقطة الثانية : أن نقض الإيمان لا يكون إلا بدليل مضاد عقلي أو مادي و هذا ما لم يقدموه حتى الآن فإذا نحن تجاوزنا مسألة التحدي القرآني على سبيل المثال لعدم خضوعها لشروط المادة فماذا عن إبطال المعاني التي جاء بها هذا الكتاب ؟ هل استطاعوا بماديتهم إثبات عدمية الوجود و عبثية الكون و أنه لا إله و أنه لا غيب مطلقا ؟ هل خلقوا كخلق الله أم قواهم و عقولهم الخارقة أوهن من الصدف العمياء و الإتفاقات المادية العشوائية التي تولد عنها نظام الكون في نظرهم ؟ هل استطاعوا الإجابة عن الأسئلة الوجودية الكبرى ؟ لماذا الإنسان إنسان و الحيوان حيوان و لماذا هذا التكامل في الوجود و لماذا هناك ضرورة ملحة للإيمان و التوحيد و لماذا هناك حياة و موت و ضرورة ملحة لإقامة العدل ؟ و لماذا يجب أن يكون الناس أخيارا و يجب أن تتفق عقولهم على طريق واحد تتمثل فيه هذه الخيرية ؟
    النقطة الثالثة : أن الدين ليس ماديا بالدرجة الأولى لكنه إنساني أي جاء للإنسان كعقل مفكر و كروح شاعر و نفس متعطشة إلى الكمال و السمو الروحي و أي دين أي كان مادي أو غير مادي إذا أخضعته للمقاييس الإنسانية الفطرية و لم تعطل هذه المقاييس بالركون إلى المادية الجوفاء و السقوط في البهيمية و الجسمانية لا بد أن تتوصل إلى مدى زيفه أو قربه من الحقيقة المطلقة. و من منطلق هذه الفطرة الإنسانية ذات النزعة الروحية التي يتفق البشر على مصداقيتها في الدلالة على الخير و الشر يتوصل الإنسان إلى كمال هذا الدين و توافقه الفريد مع النفس البشرية و حاجاتها من كل وجه حتى دون النظر في أي دليل آخر.

    إذا كانت نبوة محمد عليه السلام صادقة و هي الحق من عند الله لماذا يحتاج الناس إلى دلائل لإثباتها ؟

    مثال ليتضح المقصد من هذا السؤال : الشمس لا ينكر أحد وجودها و لا يستطيع ذلك عاقل على الإطلاق و من أنكر وجودها جادا غير هازل فهو مجنون باتفاق البشر جميعا. فهي كحقيقة دالة على نفسها و وجودها لا تحتاج دليلا فما موقع النبوة من هذا المثال ؟
    النبوة و هي اعتبار أن شخصا ما نبي مرسل من عند الله و هو الغيب الأكبر أمر غيبي محض من جميع الوجوه و هي من خصائص الربوبية فلا يمكن أن يقاس عليها شيء من الواقع و التجربة فكل شيء من الواقع و التجربة له مثال يقاس عليه و يعرفه كل العقلاء فضلا عن خاصتهم من الفلاسفة و المناطقة و العلماء و المفكرين. و هذا وحده كاف للاستدلال على وجودها و أقدمه كأول دليل على النبوة، إذ كيف يعقل أن يأتي أحد إلى الناس و يدعي أنه رسول من الله إليهم و الله أصلا غيب لا يرونه و هو حال ذلك يعلم أن هذا الإدعاء لو كان باطلا و لم يقم عليه دليلا منطقيا واحدا على الأقل كاف ليرميه الناس به بالجنون و هناك دليل بالغقتضاء هو كيف يتبع الناس شخصا على هذه الدعوى إن لم يكن ذلك لسبب وجيه بخاصة إذا كانوا بالآلاف لا بل الملايين ؟. فدعوى النبوة في الأصل لا بد أن يكون لها سبب وجيه مع العلم أن هناك عشرات من الناس على مر التاريخ ادعوا النبوة و اتبعهم الناس على ذلك و لو لم يكن إلا أنبياء الأمم الثلاثة لكان ذلك كافيا.
    و بالعودة إلى مثال الشمس يمكن من باب التقريب فحسب أن نستدل على النبوة بمثال شمس متوارية في الأفق دونها سحاب تارة كثيفا و طورا خفيفا و لكن يمكن أن يُتوَصَّل إلى إثباتها و الإيمان بوجودها فقط بما يظهر للعيان من ضوئها و ما يصل إلينا من حرها حال وجودها عابرة في الأفق خاصة إذا كانت متعامدة مع المكان الذي نحن فيه. و هذان دليلان قطعيان و قرينتان باجتماعهما يتحقق اليقين بوجود شمس أو جرم ملتهب يمر في الفضاء على مقربة منا و يبطلان الشك و التخمين بعدم وجودها. لكن النبوة ليس عليها دليلان فقط بل مئات من الدلائل و كثير منها قطعي الدلالة حتى إذا تدبرها الإنسان الواعي بعقل منصف و نفس متجردة من الهوى و المكابرة ظهرت له حقيقة النبوة جلية كالشمس بل صارت عنده أجلى و أظهر و أوضح.

    و الآن بعد هذه المقدمة لنستعرض معا إن شاء الله دلائل النبوة القطعية و الواضحة و التي لا يملك عاقل منصف إنكارها :

    1- إقرار علماء يهود بنبوة محمد صلى الله عليه و سلم بعد 1400 عام :

    قال الله تعالى : أَوَلَمْ يَكُن لَّهُمْ آيَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ (197)



    مع التحفظ على نظرية ''الإنتقاء الطبيعي'' التي أشار إليها البروفيسور في الفيديو أعلاه لأنها لم تثبت كحقيقة علمية لكن من سبيل أن الله اصطفى البشر كنوع راقي و أكثر تعقيدا أوجده في زمان متأخر - بقول كن - نسبة إلى المخلوقات الأخرى بالتدرج الزمني من خلق الجماد إلى الماء إلى البكتيريا و الحشرات إلى النبات إلى الحيوان ثم أخيرا الإنسان نعم هذا صحيح. لكن القول بأن الله خلق خلقا من خلق و نوعا من نوع هذا تخبيص لا دليل علمي تجريبي عليه سوى افتراضات القوم و تخيلاتهم الواسعة !









    يتبع إن شاء الله
    التعديل الأخير تم 08-18-2017 الساعة 12:20 AM

  2. افتراضي

    جزاك الله خيرا أخي ابن سلامة ، أرجو تصحيح الآية " حتى يتبين لهم أنه الحق " بارك الله فيك ونفع بك

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Mar 2013
    الدولة
    مغرب العقلاء و العاقلات
    المشاركات
    3,002
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    جزاك الله خيرا أخي الحبيب على التنبيه و على المرور الكريم، والموضوع في مستهله والمزيد إن شاء الله وبتوفيقه يأتي في حينه.

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء