س:السلام عليكم هل حد الرد ضد حرية العقيدة ؟
ج:وعليكم السلام ورحمة الله
نعم حد الردة ضد حرية العقيدة، كما أن حد الزنا ضد الحرية الجنسية، وحد السرقة ضد حرية التملك..
القضية المرجعية في الكلام عن حد الردة هي: هل يصلح أن يكون حفظ الدين من مقاصد التشريع الحسن؟!
ستجد قومًا يبيحون دمك أنت شخصيًا من أجل حماية الدولة أو الممتلكات أو من أجل أمان الطرق، ثم هم أنفسهم لا يرضون أن يستباح دمٌ حمايةً للدين.. فالقضية إذن ليست في استباحة الدم مقابل الحد من الحرية من أجل مصلحة أعلى، إنما القضية أنّهم يوافقون على المصالح العليا إن تعلقت بحفظ الدولة أو النفس أو المال ولكنهم لا يوافقون إن كانت المصلحة العليا في حفظ الدين.
جون رولز في تنظيره عن الليبرالية الحديثة اشترط الانطلاق من حجاب الجهالةveil of ignorance، بمعنى أنك لا تدري حين تضع القانون ما موضعك من الدولة حين تضع القانون، هل ستكون يهوديا أو مسيحيا أو مسلم؟! هل تكون ذكرًا أو أنثى؟! يرى رولز أن ذلك يساعد في خلق دولة تحررية تقل فيه الوصاية الأبوية للدولة جدا.. طيب يا رولز، ماذا لو كنتُ رافضًا أصلًا لحجاب الجهالة في تأسيس الدولة؟! هنا يقول رولز إنّ هؤلاء الرافضين لدولته ""غير عقلانيين ولا تحرريين ولا ديموقراطيين، ولذلك فلا يمكن أن تقنعهم بالحجة، وليس في وسعك إلا أن تقيّدهم بالقانون كلما اضطررت"
فلو وافق المرء على أن يكون الدين جديرًا بالحفظ مراعاة لمشاعر أتباعه وتقديرًا لدوره الاجتماعي والأخلاقي، فسيقى أن حفظ الدين تتنازعه ثلاث جهات جديرة بالحفظ: الدين والعقل والنفس، فنقول "الأصل في الإنسان أنّه حرٌّ في اختيار العقيدة التي يريدها، ولكن لا يحق له ترك عقيدةٍ إلى عقيدةٍ أخرى بغير دليل، ولا يحق له نقد معتقدٍ ما أو ديانةٍ ما إلا بالدليل وفي حدود الأدب، ومن انتقص من عقيدةٍ ما أو هاجمها بلا علمٍ ولا برهان فقد أخطأ واستحق بتعمده ذلك الفعل العقوبة." فلو وافق المخالف على ذلك بقي الكلام في درجة العقوبة المستحقة لنقض مقصد رئيس من مقاصد التشريع في الدولة الإسلام، لكن المشكلة أنّه لا يوافق أصلًا على اعتبار الدين مقصدًا لأن يُحفظ ويصان من النقد العبثي والتحولات المراهقة.
Bookmarks