أعوذ بالله السّميع العليم وبوجهه الكريم وبسلطانه القديم من الشّيطان الرّجيم .. بسم الله الرّحمن الرّحيم ..
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
وبعد : هذا نتاج بعض التّأمّلات في سورة الشّمس ..
يقول الله تعالى في سورة الشّمس :
( وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا (2) وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (4) وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا (5) وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا (6) وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10) كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا (11) إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا (12) فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا (13) فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا (14) وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا (15)) صدق الله العظيم ..

إنّ عدد كلمات سورة الشّمس يساوي 54 كلمة ..
وهنا نبدأ بملاحظة تماثليّات في ما يتعلّق بالإيمان وأنواره .. في مقابل لاتماثليّات في ما يتعلّق بالكفر وظلامه ..
نصف عدد كلمات السّورة البالغة 54 كلمة .. هو العدد 27 ..
وكلمة زكّاها ترتيبها في السّورة يساوي 27 .. هذه أوّل دلالة تماثليّة ..
وهنا تأتي تأمّلات ..
اسم السّورة هو سورة الشّمس وقد أقسم الله سبحانه وتعالى جلّ جلاله في داخل السّورة بآيات كونيّة كثيرة ليأتي في النّهاية جواب القسم بفلاح النّفس الزّكيّة الطّاهرة وشقاء النّفس الخبيثة الكافرة ..
نلاحظ ذكر الشّمس والقمر والنّهار واللّيل .. لكنّ الاسم الّذي اختاره الله جلّ جلاله للسّورة هو الشّمس .. وضوء الشّمس في النّهار أقوى من نور القمر في اللّيل .. وهناك علاقة بين عظم النّور والتّماثليّة يبيّنها المثال الآتي :
إنّ القمر يكون أشدّ ما يكون منيرا في ليلة البدر والبدر هو بشكله الدّائريّ يمثّل أكثر أشكال منازل القمر تماثليّة .. فما بالكم بالعمق التّماثليّ لضوء الشّمس ..
وطالما أنّ كلمة زكّاها قد جاءت في منتصف السّورة على عكس كلمة دسّاها .. وقد جاء ذلك كلّه بعد القسم بآيات كونيّة كثيرة ..
ففي هذه الأمور كلّها لطائف والله تعالى أعلم ..
فالنّفس الزّكيّة الطّاهرة إنّما هي كذلك لوجود نور عظيم داخلها .. وهذا النّور مرجعه التّماثل والانسجام العظيمين بين حركة النّفس الزّكيّة الطّاهرة في الحياة من ناحية .. والنّاموس الكونيّ وما يحبّه الله جلّ في علاه من ناحية أخرى ..
بينما حال النّفس الخبيثة الكافرة أنّها منطفئة النّور ... وذلك لوجود عدم تماثل وانسجام بين حركة النّفس الخبيثة الكافرة في الحياة من ناحية .. والنّاموس الكونيّ وما يحبّه الله جلّ في علاه من ناحية أخرى ..
وكذلك من التّماثليّات الّتي يمكن ملاحظتها في سورة الشّمس .. أنّ معظم آيات السّورة مكوّنة من عدد متماثل من الكلمات هو ثلاث كلمات .. حيث أنّ هناك عشر آيات مكوّنة من ثلاث كلمات .. بينما السّورة بأكملها مكوّنة
من خمس عشرة آية ..
وكذلك نجد جميع آيات السّورة موحّدة في نهاياتها الصّوتيّة بالألف الممدودة .. وهذا أيضا يشير إلى التماثليّة ..
كلّ هذه الدّلالات التّماثليّة في سورة الشّمس تبيّن أهمّيّة التّوازن في حركة الإنسان في الحياة وانسجام حركته مع النّاموس الكونيّ ومع ما يحبّه الله تعالى .. ليكون بذلك من عباد الله السّعداء ..
هذا والله تعالى أعلى وأعلم ..
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين ..