اعتراف كاتبة إيطالية أن تحرير السود في أوروبا كان ضرورة وحيلة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

قالت الإيطالية الباحثة باتيريسيا ديليبيانو في كتابها العبودية في العصر الحديث ص 78 :
" إذا كانت تجارة العبيد عبر الأطلسي أحد عوامل التطور الاقتصادي للغرب ، فإن تأثيرها على تاريخ افريقيا ذو طبيعة مختلفة تماماً ، ويلزم أن نقوم بالإشارة إليه في أعوام إنهاء الاستعمار في القرن التاسع عشر ، انتاب الشك بعض الدارسين أن تجارة الرقيق كانت عاملاً ذا أهمية ، بل يمكن أن نقول الأساسي في تأخر القارة السوداء التي تعرف حتى الآن بالفقر والأمية والحروب الداخلية ، والاضطرابات السياسية إذن تبدو الصلة قوية بين الانطلاقة الغربية والتراجع الأفريقي : من هذا المنظور كانت تجارة الرقيق من خلال النتائج السلبية الظاهرة بوضوح على مستوى عدد السكان والاقتصاد وعلى المستوى الاجتماعي والسياسي ، تفسر الحالة البدائية التي كانت عليها المؤسسات الأفريقية على مدى طويل فقد تسببت تجارة الرقيق في انتزاع ملايين الأفراد من إفريقيا وعادة ما كانوا من الشباب الذكور الأكثر نشاطاً من وجهة نظر اقتصادية الأمر الذي خلف نتائج ضارة سواء على الإنتاج الزراعي أو على شكل العلاقة بين عمل الرجال وعمل النساء الذي تبدل في غير صالح الأخيرات ، كان توريد السلاح وتفجر الصراعات بين الأوروبيين بغرض الحصول على العبيد يعد من العناصر الأساسية لفهم المشكلة المعقدة لعدم الاستقرار السياسي والعسكري لإفريقيا نتاج تدمير البعد الجماعي التقليدي "

بعد هذا الكلام نقلت كلاماً عجيباً لبعض الأوروبيين يبرر صنيعهم هذا وأنه كان مفيداً لإفريقيا لأنها كانت منطقة مجاعات فإخراج بعض الذكور في المجاعات يجعل غيرهم أكثر قدرة على العيش وأن تجارة الرقيق كانت موجودة في إفريقيا قبل قدومهم حتى ، وأن عدداً من المناطق استقرت وازدهرت بسبب هذه التجارة

وحاولت مناقشة هذا الكلام بنفس ضعيف

ولكن انظر العجب في تبريرهم لما يفعلون واعتزازهم بماضيهم

الأمر حقيقة تقدم القارة العجوز كان على أنقاض إفريقيا ونهب ثرواتها

فاليوم حين تراهم يطلقون الرحلات لاستكشاف الفضاء وينفقون المليارات على ذلك تذكر أن هناك مليون طفل يموتون سنوياً بسبب تلوث المياه في إفريقيا وهذه المعضلة يمكن معالجتها بالقليل من المال مقارنة بالرحلات إلى الفضاء مثلاً !

ولا تنس ما فعله استعمارهم في الشرق الأوسط ولا تنس أكبر عملية إبادة في التاريخ الحديث حيث أبيد 95 % من السكان الأصليين لأمريكا

لا يمكنك الفصل بين ما تراه اليوم من حال القوم وتاريخهم القريب إلا بضرب من التغابي والتعامي

وقارن هذا بالفتح الإسلامي الذي نقل التقدم والخير لكل بلد وطئها فما كانوا يقتلون النساء ولا الأطفال ولا غير المقاتلة ولا كانوا يأخذون من أهل الذمة في أرضهم أكثر من العشر والجزية يتفاوت الناس فيها ولا تؤخذ من امرأة ولا طفل ولا شيخ هرم ولا عاجز بل كانوا يعطون الذمي العاجز من بيت المال

تقول الكاتبة في سياق تعديد أسباب انتهاء الرق التقليدي في أوروبا :" من وجهة النظر الاقتصادية حدث خلال القرن التاسع عشر انتقال للاستعمار الأوروبي في اتجاه آسيا وإفريقيا ، بينما أدى التطور الصناعي الذي كان يتطلب قوى عمل حر بأجور بسيطة إلى أن أصبح اللجوء إلى الأيدي العاملة للعبيد شيئاً يمكن الاستغناء عنه " والاسترقاق الأوروبي كان أساسه ومادته اللون معتمد على قصة اللون بشكل أساسي

إذن صار يمكن الاستغناء عنهم مع كثرة متاعبهم كما سيلي ذكره

وقالت الكاتبة في ص221 :" أن التوصل إلى العتق في الولايات المتحدة الأمريكية تم من خلال حروب أهلية مأساوية وهو وضع مختلف عما حدث في المناطق التي سادت فيها اجراءات العتق المتدرج على الرغم أنها لم تتسم جميعها بالسلمية إذا تذكرنا انتفاضات العبيد التي كانت الدافع الأساسي لتلك الإجراءات " اعتراف هام هذا

إذن هذا القرار تحت وطأة حروب وثورات من العبيد على أوضاعهم ولو قرأت ما كتبت عن القانون الأسود وما فيه من إجحاف حتى جعلوا عقوبة ضرب العبد لسيده القتل وهذا القانون كان معمولاً به عندهم حتى القرن التاسع عشر

وتقول أيضاً في ص226 :" تم استبدال العبودية بنظام يتسم بوجود الأيدي العاملة بالعقود الحرة فقط من الناحية الشكلية ولكن الخاضعة لأجر بخس ولظروف عمل ومعيشة لا تختلف كثيراً عما سبق وعاشه العبيد . تلازم العتق التدريجي مع العمل الإجباري في العديد من دول أمريكا الجنوبية الإسبانية سابقاً ( في البارغواي على سبيل المثال ) كانت كوبا نموذجاً مثالياً في هذا الصدد حيث كانت الكفالة على أساسها يتم إجبارياً دفع أجور إلى العبيد السابقين تشكل قناعاً للعبودية "

إذن ذهبت العبودية الصريحة لتأتي العبودية المقنعة مع وجود العنصرية كما نرى إلى اليوم

وتقول أيضاً في ص 227 :" حدثت حالات العتق الأخيرة في وقت معاصر لبداية النزعة الاستعمارية في القرن التاسع عشر وليست مصادفة أن تتفق نهاية العبودية الأطلسية زمنياً مع مؤتمر برلين (1885) الذي ألزم أعضاءه بالمساهمة في القضاء على تجارة الرقيق والعبودية وفي الوقت نفسه في تنظيم التقسيم الاستعماري لإفريقيا حيث ستتحول الحركة المناهضة للعبودية إلى أداة لتبرير الهيمنة الجديدة : عنصر مهم لدعم الامبريالية الجديدة "

وهذا بيت القصيد

يقول إبراهيم لنكولن الذي يرجع إليه أمر هذا التحرير الصوري :" لست ولم أكن أبداً من مؤيدي المساواة بين البيض والسود لست ولم أكن أبداً مؤيداً لحقوقهم في أن يكونوا قضاة أو مصوتين في الانتخابات أو اعتبارهم مؤهلين لتولي مناصب أو أن يتزوجوا البيض هناك فروض فيزيائية بين البيض والسود "

ثم ذكر تفوق الجنس الأبيض نقل هذه الكلمة ريتشارد دوكنز الملحد في كتابه وهم الإله ص269

وفعلاً حتى بعد تحريرهم في فرنسا وغيرها كان ممنوعاً عليهم الزواج من البيض

والآن لننظر لحال الرقيق عامة والسود خاصة في العالم الإسلامي قبل ثلاثة عشر قرناً من الحال المذكورة

قال البخاري في صحيحه 3754 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ أَخْبَرَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كَانَ عُمَرُ يَقُولُ أَبُو بَكْرٍ سَيِّدُنَا وَأَعْتَقَ سَيِّدَنَا يَعْنِي بِلَالًا

بلال معلوم أنه حبشي وعمر رأس في قريش زيادة على أنه كان خليفة المسلمين الذي حكم مكة والمدينة والطائف وعموم نجد والحجاز واليمن والعراق وشيء من بلاد فارس والشام ومصر

قال مسلم في صحيحه 3690- [36-1480] حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، قَالَ : قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ ، أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ طَلَّقَهَا الْبَتَّةَ ، وَهُوَ غَائِبٌ ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا وَكِيلُهُ بِشَعِيرٍ ، فَسَخِطَتْهُ ، فَقَالَ : وَاللَّهِ مَا لَكِ عَلَيْنَا مِنْ شَيْءٍ ، فَجَاءَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ ، فَقَالَ : لَيْسَ لَكِ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ ، ثُمَّ قَالَ : تِلْكِ امْرَأَةٌ يَغْشَاهَا أَصْحَابِي ، اعْتَدِّي عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ ، فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى تَضَعِينَ ثِيَابَكِ ، فَإِذَا حَلَلْتِ فَآذِنِينِي ، قَالَتْ : فَلَمَّا حَلَلْتُ ذَكَرْتُ لَهُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ ، وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَانِي ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَمَّا أَبُو جَهْمٍ ، فَلاَ يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ ، وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لاَ مَالَ لَهُ ، انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ فَكَرِهْتُهُ ، ثُمَّ قَالَ : انْكِحِي أُسَامَةَ ، فَنَكَحْتُهُ ، فَجَعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا ، وَاغْتَبَطْتُ بِهِ.

أسامة كان أسود وهو رديف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وهو الحب ابن الحب

وقال مسلم في صحيحه 4311- [29-1657] حَدَّثَنِي أَبُو كَامِلٍ فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ الْجَحْدَرِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ فِرَاسٍ ، عَنْ ذَكْوَانَ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ زَاذَانَ أَبِي عُمَرَ ، قَالَ : أَتَيْتُ ابْنَ عُمَرَ وَقَدْ أَعْتَقَ مَمْلُوكًا ، قَالَ : فَأَخَذَ مِنَ الأَرْضِ عُودًا ، أَوْ شَيْئًا ، فَقَالَ : مَا فِيهِ مِنَ الأَجْرِ مَا يَسْوَى هَذَا ، إِلاَّ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : مَنْ لَطَمَ مَمْلُوكَهُ ، أَوْ ضَرَبَهُ ، فَكَفَّارَتُهُ أَنْ يُعْتِقَهُ.

والنصوص في الحث على عتق المسلمين كثيرة حتى دخلت في كفارة القتل الخطأ وكفارة الأيمان وكفارة الظهار كما أنها طاعة مستقلة فيها أجر العتق من النار

وتشريع جعل كفارة الضرب على الوجه العتق وذلك أن الضرب على الوجه مطلقاً اختصاص إسلامي

وفي القرآن سورة كاملة اسمها سورة لقمان ولا يختلفون أنه كان أسود

قال الطبري في تفسيره حدثنا العباس بن الوليد، قال: أخبرنا أبي، قال: ثنا الأوزاعي، قال: ثنا عبد الرحمن بن حرملة، قال: جاء أسود إلى سعيد بن المسيب يسأل، فقال له سعيد: لا تحزن من أجل أنك أسود، فإنه كان من خير الناس ثلاثة من السودان: بِلال، ومهجِّع مولى عمر بن الخطاب، ولقمان الحكيم كان أسود نوبيا ذا مشافر

وهذا إسناد قوي

وقد كان عطاء بن أبي رباح أعلم التابعين بالمناسك مولى أسود وكذا كان يزيد بن أبي حبيب عالم مصر نوبياً وكذا حبيب بن أبي ثابت عالم الكوفة وغيرهم كثير

جمعهم ابن الجوزي في كتابه تنوير الغبش في فضل السودان والحبش

فتصور كانت تصنف المصنفات في فضل السودان _ يعني الصالحين منهم _ في الوقت الذي يقول في لنكولن ما قال بعد عشرة قرون !

قال يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (1/394) : حدثنا الفضل بن زياد قال: سمعت أبا عبد الله يقول: العلم خزائن يقسم الله لمن أحب، لو كان يخص بالعلم أحداً كان أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم أولى، كان عطاء بن أبي رباح - واسم أبي رباح أسلم - حبشياً، وكان يزيد بن أبي حبيب نوبياً أسوداً، وكان الحسن البصري مولى للأنصار، وكان ابن سيرين مولى للانصار.

قال أبو نعيم في حلية الأولياء حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: ثَنَا أَبُو يَحْيَى صَاعِقَةٌ قَالَ: ثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَدِينِيِّ، قَالَ: كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ يَتَخَطَّى حِلَقَ قَوْمِهِ حَتَّى يَأْتِيَ زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ فَيَجْلِسَ عِنْدَهُ، فَقَالَ: «إِنَّمَا يَجْلِسُ الرَّجُلُ إِلَى مَنْ يَنْفَعُهُ فِي دِينِهِ»

زيد بن أسلم أبوه مولى لعمر _ يعني عبد معتق _ وعلي بن الحسين أبوه سبط النبي صلى الله عليه وسلم فكان علي يترك أشراف الناس ويجلس مع زيد ويعلل الأمر بأنه ينتفع به

وهذا باب طويل جداً يصعب استقصاؤه مع ما اتفق عليه العلماء من حرمة التعيير باللون وأنه من الجاهلية المذمومة وهذا يعرفه كل أحد

وهنا تنبيه في القانون الأسود يحرمون التعبد بأي مذهب غير الكاثلوليكي _ في عموم أوروبا _ ولاحظ أنهم في بلاد الإسلام ما داموا نصارى على أي مذهب كان ويدفعون الجزية على يجبرون على تغيير مذهبهم أو دينهم فلاحظ الفرق الساشع بين الإسلام في قرنه الأول وبين أوروبا قبل ما يقارب مائة عام فقط وإلى اليوم عندهم بقايا من هذا وقد انتقلوا إلى إباحية مطلقة والله المستعان ولا زالوا يفسدون القارة السوداء كما يقال
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

https://www.facebook.com/m.alkulify/...04327163013488