بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
وبعد
يقول الله تعالى
((أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ ))
****************************** **************************
سبب نزول الآيات
----------------
قال مجاهد وعكرمة: جاء أبي بن خلف لعنه اللّه، إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وفي يده عظم رميم، وهو يفته ويذروه في الهواء، ويقول: يا محمد أتزعم أن اللّه يبعث هذا؟ قال صلى اللّه عليه وسلم: "نعم، يمتيك اللّه تعالى ثم يبعثك ثم يحشرك إلى النار" ونزلت هذه الآيات من آخر يس: { أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة} إلى آخرهن
معانى الآيات
------------
جاء في تفسير الجلالين
{ أوَ لم يرَ الإنسان } يعلم، وهو العاصي بن وائل { أنَّا خلقناه من نطفة } منيِّ إلى أن صيَّرناه شديدا قويا { فإذا هو خصيم } شديد الخصومة لنا { مبينٌ } بيِّنها في نفي البعث.
( وضرب لنا مثلا) في ذلك ( ونسي خلقه ) من المني وهو أغرب من مثله ( قال من يحيي العظام وهي رميم ) أي بالية ولم يقل رميمة بالتاء لأنه اسم لا صفة ، وروي أنه أخذ عظما رميما ففتته وقال للنبي صلى الله عليه وسلم: أترى يحيي الله هذا بعد ما بلي ورم ؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "نعم ويدخلك النار".
{ قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق } مخلوق { عليم } مجملا ومفصلا قبل خلقه وبعد خلقه .
{ الذي جعل لكم } في جملة الناس { من الشجر الأخضر } المرخ والعفار أو كل شجر إلا العناب { نارا فإذا أنتم منه توقدون } تقدحون وهذا دال على القدرة على البعث فإنه جمع فيه بين الماء والنار والخشب، فلا الماء يطفأ النار، ولا النار تحرق الخشب .
{ أوَ ليس الذي خلق السماوات والأرض } مع عظمهما { بقادر على أن يخلق مثلهم} أي الأناسي في الصغر { بلى} أي هو قادر على ذلك أجاب نفسه { وهو الخلاًق} الكثير الخلق { العليم} بكل شيء.
{ إنما أمره } شأنه { إذا أراد شيئا } أي خلق شيء { أن يقول له كن فيكونُ } أي فهو يكون، وفي قراءة بالنصب عطفا على يقول.
{ فسبحان الذي بيده ملكوت} مُلك زيدت الواو والتاء للمبالغة، أي القدرة على { كل شيء وإليه ترجعون} تردُّون في الآخرة .
جاء في تفسير بن كثير
--------------------
ومعنى قوله سبحانه‏:‏ ‏ { ‏فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء‏} ‏ كقوله عزَّ وجلَّ‏:‏ ‏ { ‏تبارك الذي بيده الملك‏} ‏ فالملك والملكوت واحد في المعنى كرحمة ورحموت، ورهبة ورهبوت، ومن الناس من زعم أن ‏ { ‏الملك‏} ‏ هو عالم الأجساد، و الملكوت هو عالم الأرواح، والصحيح الأول، وهو الذي عليه الجمهور من المفسرين وغيرهم‏.‏ روى الإمام أحمد، عن حذيفة بن اليمان رضي اللّه عنه قال‏:‏ قمت مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ذات ليلة فقرأ السبع الطوال في ركعات، كان النبي صلى اللّه عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع قال‏:‏ ‏(‏سمع اللّه لمن حمده، ثم قال‏:‏ الحمد للّه، ذي الملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة، وكان ركوعه مثل قيامه، وسجوده مثل ركوعه، فانصرف وقد كادت تنكسر رجلاي‏)‏ ‏"‏أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي بنحوه‏"‏‏.‏ عن عوف بن مالك الأشجعي رضي اللّه عنه قال‏:‏ قمت مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ليلة فقام، فقرأ سورة البقرة، لا يمر بآية رحمة إلا وقف وسأل، ولا يمر بآية عذاب إلا وقف وتعوذ، قال‏:‏ ثم ركع بقدر قيامه، يقول في ركوعه‏:‏ ‏(‏سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة‏)‏، ثم سجد بقدر قيامه، ثم قال في سجوده مثل ذلك، ثم قام فقرأ بآل عمران، ثم قرأ سورة ‏"‏أخرجه أبو داود في سننه، والترمذي في الشمائل والنسائي عن عوف بن مالك الأشجعي‏"‏‏.