ذكر القرطبي في تفسيره كما في المداخلة أعلاه أن هذا بيت من الشعر لهند بنت بياضة بن رباح بن طارق الإيادي (لاحظ : بن طارق) وهذا خلافا لمن نسبه لهند بنت عتبة زوجة أبي سفيان وأنها نظمته في غززة أحد لما عزمت على الانتقام لقرابتها الذين قتلوا في بدر وبالذات من حمزة رضي الله عنه.
أما الأولى فليست من نساء الجاهلية، كما ذكر ذلك الشامي في " سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد " وهو من علماء القرن العاشر الهجري قال : وقول هند بنت عتبة: «نحن بنات طارق» إلى آخر الشعر ليس لها، وإنما هو لهند بنت بياضة بن رباح بن طارق الإياديّ، قالته حين لقيت إياد جيش الفرس بجزيرة الموصل، وكان رئيس إياد بياضة بن طارق. انتهى وأكد على ذلك ببعض وجوه اللغة التي تؤكد نسبة الشعر لهذه المرأة.

وفي كل الأحوال ليس هذا من شعر الجاهلية كما رأيت بل وفي حالة هند زوجة أبي سفيان نجد أنها نظمته في غزوة أحد التي حدثت في السنة الثالثة من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وشتان بين وقت حدوث هذه الغزوة وبين زمن نزول سورة الطارق التي هي سورة مكية بإجماع بل هي من أوائل ما نزل فهي السورة 36 حسب الترتيب وبعدها نزلت سورة القمر التي فيها قول الله تعالى موعدا المشركين يوم بدر ( سيهزم الجمع ويولون الدبر) ومعلوم أنها نزلت في مكة قبل مدة من الهجرة والإذن بالقتال وقبل بدر وقبل أحد.

وحتى على فرض أن هذا الشعر قيل في الجاهلية وعرف العرب هذه التسمية فذلك لا يسقط من الإعجاز شيئا لما ذكرنا من خصوصيات المعاني أعلاه وأيضا لأنه لا يمتنع - وكما ذكر أخي الفاضل مستفيد - لا يمتنع رواج هذه التسمية لكن بالنظر إلى أصلها فهي كغيرها من التسميات التي وردت مع الوحي والتقدير الإلهي قبل ذلك وتعلمها الناس، مثال قوله تعالى في تسمية نجم آخر في سورة النجم (وأنه هو رب الشعرى) وهذا على غرار معرفة العرب بأمور سبق بها الوحي الإلهي حتى قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم ومنا عدد السموات وأنها سبع واهتمامهم بهذا العدد وكذا عدد الشهور وعدد أيام الأسبوع فهو ليس من اختراع العرب مطلقا كما قال تعالى : (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم) وهذه الحرم لم يأت بها العرب من عند أنفسهم وكذا كثير من المعلومات الرائجة والأعمال والمناسك التي توارثوها عن دين إبراهيم عليه السلام وعن الأديان الكتابية المحرفة. فليس الأمر بغريب أن يصطلح العرب على نجوم بعينها مصطلحات سبق بها الوحي أو أكدها بعد نزول القرآن.

ختاما وحتى لا تظل أخي تدور في حلقة مفرغة متمسكا بشبهات الجهلة المغرضين أنصح بأن تهتم وتركز في بناء يقينك وإيمانك على الأمور المحكمة الواضحة الجلية من الإعجاز العلمي الذي لا غبار عليه وقد قدمت لك أمثلة كثيرة فأعجب حقا لماذا إصرارك على هذه الآية ووجه إعجازها وكأن إيمانك ويقينك لن يبنى إلا عليها في حين أن هناك عشرات من الإعجازات العلمية والغيبية القاطعة يكفي أحدها لتحصل به على برد اليقين !!!