النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: طفولية الملحد

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Mar 2013
    الدولة
    مغرب العقلاء و العاقلات
    المشاركات
    3,002
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي طفولية الملحد

    أم خُلقوا من غير شيء ؟

    الذي ينكر وجود الله الخالق الذي سوى الكائنات وهداها ما بين جمادات وأحياء كل له حكمته في الوجود بما لا يقبل معه الإلغاء والعبث أو التحويل والتبديل فكلها بدون استثناء على اختلاف أنظمتها وتنوع تركيباتها وتشكيلاتها وجمالياتها خاضعة لنظام رباني واحد وسنن واحدة لا تحيد عنها بدءا من أصغر كائن مادي أو حي إلى أضخم الأحياء والأجرام السماوية والتي لا يزال العلم بين يديها في مهده وبداياته. الذي ينكر خالق هذا كله على علم ووعي حتما ليست لديه مشكلة في عقله ولكن في البصيرة التي يتحكم هو بها بمحض إرادته التي كلفه الله بتوظيفها في الحق لينتهي ويهتدي إلى الحق وعليها مدار هداية الله للمتعقل المستبصر وإضلال الله لمن اختار الطريق الآخر بتعطيل إرادته وإغلاق بصيرته وإسلامه لا لله خالقه ولكن للهوى والمكابرة فهو مشترك في هذا الصنيع مع الطفل حين يأبى أن يسمع أو يعقل لكن الطفل غير مسئول وهو مسؤول ويسعه من القدرة على السماع والتعقل والتدارك والمراجعة ما لا يسع الطفل.


    إن من تجليات الشقاء و معالمه أن يلحد الإنسان أن يجحد آيات ربه ونعمه التي لا يحصيها والتي سخرها له في نفسه وما حوله وهو العاقل المبصر المفطور على الفهم وعلى الحق العدل والرحمة وكفى بها آيات في نفسه تستحثه على النظر ومعاودته النظر آلاف المرات ولا يمضي متكبرا مغرورا .. رغم كل الآيات التي يراها ويقرها بصميم عقله وقلبه والتي شخصها له العلم بكامل الدقة ودله على المزيد والمزيد والمزيد منها وما يزال سواء في نفسه أو في أرجاء الأرض و آفاق الكون، آيات تترى متجددة في كل ثانية وفي كل شبر من الأرض أو حيز من الفضاء .. آيات منها الواضح الجلي كالشمس والقمر والماء والسحاب والجبال والدواب المسخرة وأخرى مركبة إما في ذوات هذه الأشياء المسخرة أو فيما يربط بعضها ببعض من صلات جيو أو بيولوجية كما بين أجناس الذرات أو الأحياء وتداخلات تجعل منها كيانا واحدا متكاملا لا يمكن أن تحيط بها أو تحصيها أحدث إمكانيات الإحصاء والاستقصاء.

    حرام أن ينكر رغم تقلبه في نعم الله ودلائل قدرته المطلقة التي تشمله وتغمره منذ كان كالذرة (حيوان منوي) لا يُرى إلا بالمكرسكوب انتقل من حيز إلى حيز كالمسافر الذي لا يعلم مستقره و مُقامه، و لولا الله الخالق العليم بخلقه و المالك لأمره ما عرف طريقه إلى الحياة منذ تلك اللحظة بل لما وُجد أصلا فمن أين له بالخصائص الجينية التي زُرعت فيه لغرض ثم ما كان أدراه أن عليه إخصاب البويضة التي سلكت طريقها إليه أيضا في ظلمات الرحم ليلتقيا تمّ على قدر .. و كيف تكاثر إلى عدة خلايا بعدها و كيف بنى نفسه و أطرافه و أجهزته بنفسه .. و لو تحدثنا عن كل جهاز وحده بل عن كل خلية بانية وحدها و ما أحاطها من الغموض الذي لم يعلم به العلم إلا متأخرا جدا لفاق ذلك كل ما يخص جهاز الأيفون من العلم و الخبرة و التعقيد !!
    و على فرض أن الأيفون الذكي قد علم بخبايا تكوينه و صنعته و طريقة عمله فالإنسان لا يزال جاهلا بمعظم ذلك عن نفسه فهو لا يعلم – رغم تقدم العلم أشواطا هائلة - أهم ما انطوى عليه كيانه و لا كيف يعمل فلا يدري عن سر حياته و لا عن دماغه و جهازه العصبي و لا عن مشاعره و لا عن نومه إلا حوالي 5 بالمائة من الحقيقة المستترة في علم الخالق.


    فسبحان الله الذي سوى الإنسان و أبدع صنعته .. و تعالى عما يصف الكافرون


    بعض الملاحدة صارت لديهم شبهة مفتعلة مع أهل الإيمان يحسبونها حجة الحجج و هي قولهم : *لم يوجد شيء من عدم* و كأن مجرد وجود الشيء من شيء آخر يفسر الكيفية التي وُجد عليها مهما بلغت إحكاما و تعقيدا فلا يُعزى إلى مصدر، و كأن التسليم لهم بأن الأشياء لم تأتي من عدم يعني إنكار وجود الخالق القدير العليم مباشرة، و هو نفسه سبحانه الذي يقول لأمثالهم : أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ.


    فقد خُلقوا من شيء إذن (*) و هذا الشيء طبعا غير العدم و هو التراب ثم الماء الذكري و ما انغرز فيه من الخصائص الجينية ليس بالصدفة و لكن بعلم و حكمة و تقدير و حساب و أيضا ما لحق ذلك من طريق طويل من التسوية و التعديل و التركيب و ما صاحب ذلك من الحفظ و الصيانة و تفاصيل دقيقة لم يحط بها إلا الراسخون في البحث العلمي بعد قرون من حياة البشرية .. إذن فمهما قالوا إنهم خُلقوا من شيء فهذا لا يجيب عن الأسئلة المطروحة حول إمكان وجودهم على الصورة التي هم عليها دون تدخل إرادة عليا، فالصنعة المتقنة – أي صنعة - لا يفسر وجودها و خصائصا شيء سوى الإيمان بمن صنعها على الصفة التي أوجدها بها. و كل صانع يخبر عن نفسه و صنعته و قد أخبركم الله تعالى عن نفسه و عن صنائعه المعجزة و آلائه في القرآن المنزل على رسوله. و سبحان الله عدد خلقه و رضا نفسه و زنة عرشه و مداد كلماته.


    (*) هذا أحد أوجه تفسير الآية المعتبرة و الذي رجحه بعض المفسرين باعتبار أن الغرض من سياق الآيات قبل هذه الآية و بعدها إثبات البعث.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Feb 2017
    الدولة
    الأردن
    المشاركات
    343
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    بسم الله الرّحمن الرّحيم ..
    أخي الكريم ابن سلامة القادريّ جزاك الله خيرا كثيرا على الموضوع القيّم والمفيد ..

    سبحان الله .. لقد خطر على بالي قبل أكثر من شهر أن أكتب موضوعا في المنتدى بعنوان "نضوج المنهج الإسلاميّ وطفوليّة الإيديولوجيّات غير الإسلاميّة" ..
    لكنّني لم أفعل لأنّ عنوان الموضوع أكبر بكثير من قدرتي العلميّة ..
    لذا أتمنّى منك لما تمتلكه من موهبة أدبيّة وعلميّة فذّة في الكتابة والإحاطة أن تأخذ منّي هذا العنوان وتصنع منه موضوعا ..
    وشكرا جزيلا لك مرّة أخرى ..
    هناك إنسان .. صمت كلّ لحظات الحياة .. متفكّرا في صنع الله جلّ في علاه .. الّذي خلقه وعدله وفطره وسوّاه .. حتّى أنطقه الله سبحانه وتعالى آخر لحظة من لحظات حياته فقال: أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له .. وأشهد أنّ سيّدنا محمّدا صلّى الله عليه وسلّم عبد الله ورسوله !!

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Mar 2013
    الدولة
    مغرب العقلاء و العاقلات
    المشاركات
    3,002
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    جزاك الله خيرا يا حبيب هذا من ذوقك .. وإنما أنا وأسلوبي على قدي فلا تغتر أو تحقر نفسك .. إنما هو عشق قديم للغة القرآن الكريم لا علم ولا سعة اطلاع ولا شي . والفكرة متمثلة في عنوان الموضوع وتوافقنا حولها إجمالا جميلة جدا وقد أعجبني هذا التوافق بيني وبينك كثيرا و أسعدني وشرفني أنك عرضت علي التوسع في الموضوع فلذا حين تتاح لنا الظروف بإذن الله أنا وأنت نستوفيه حقه من البيان. نسأل الله تعالى السداد والقبول إنه سميع مجيب.

    ولك جزيل الشكر أخي الحبيب

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Mar 2013
    الدولة
    مغرب العقلاء و العاقلات
    المشاركات
    3,002
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    نحن أشبه بطفل صغير داخل مكتبة ضخمة مليئة بكتب متعددة اللغات وبينما يعلم الطفل أن شخصا ما لا بد قد كتب هذه الكتب لكنه لا يعلم كيف كتبت ولا يفهم اللغات التي كتبت بها ! يشتبه الطفل بشكل ما بنظام غامض في ترتيب هذه الكتب لكنه لا يعرف ما هو. ذلك يبدو لي هو موقف أذكى إنسان تجاه الإله ! --- ألبرت أينشتاين

    المصادر:
    1- [Max Jammer: Einstein and Religion
    , Princeton University Press, 1999, p.48] 2- [New York Times, 25 April 1929, p. 60.]

    هذه المقولة لإنشتاين شاهدة على الملحد وعلى العقلية الطفولية التي يفكر بها لكن طبعا لسنا نعني بها تلك العقلية الفطرية البريئة والعذراء التي ألمح إليها أينشتاين والتي يتساوى فيها عند هذا الموقف من الشهود والذهول من آيات العظمة الإلهية في الكون مع أذكى إنسان. ولكن كما ذكرنا بهذا التفصيل : ولكن للهوى والمكابرة فهو مشترك في هذا الصنيع مع الطفل حين يأبى أن يسمع أو يعقل لكن الطفل غير مسئول وهو مسؤول ويسعه من القدرة على السماع والتعقل والتدارك والمراجعة ما لا يسع الطفل.

    فهو مشترك مع الطفل في نعرة تعتريه أو قد تعتري فقط لئام الأطفال وهي وإن كانت غير لازمة للأطفال العاديين في كل أوقاتهم وعلى اختلاف أحوالهم فالملحد لازمة له لا تفارقه حتى يدع إلحاده أو يموت عليه العياذ بالله.

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء