مَجمُوعة رَسَائِل ابن أبي الدّنيا
الشُّكرُ لله عَزَّ وَجَّل

تأليف
أبي بكر عبدالله بن محمد بن عبيد بن سفيان القرشي المعروف بابن أبي الدُّنيا
المتوفى سنة ٢٨١ للهجرة
رضي الله عنه

دراسة وتحقيق أبو هاجر محمد
السعيد بن بسيوني زغلول

مؤسسة الكتب الثقافية
الطبعة الأولى ١٤١٣ - ١٩٩٣


بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمدلله رب العالمين، وأزكى الصلاة وأشرف التسليم على سيدنا محمد النبيِّ الأمين، وآله الطيبين وأصحابه الغرّ الميامين، ومن سار على دربهم واقتفى أثارهم إلى يوم الدِّين ، وبعد،
فإن العلم بحر زخار ، وقاموس هدار، كلما ازددت منه تضلعا زادك عطشا وتطلعا، فهو رحبة دياره، ذليلة أسواره، جليلة وجليَّةٌ أنواره،

فلا يتمنع إلا على الجاهلين، ولا يتطاول إلا دون المعرضين ، وأئمة المعرضين، فمن رامه بإخلاص عزّ واقتبس، وعلى ذرى المجد افترش وجلس، بيد أن من قصد النيل منه فقد خاب وانتكس وطاش سهمه فارتكس،
فها نحن نَجِدُّ التِّسْيَارَ في سبيل هذا الطلب، عسانا أن نبلغ النجعة والأرب، نقدِّم للأمة نفائس الأدب وذخائر المسلمين والعرب، سائلين المولى عزَّ وجلّ أن يسدد خُطانا على النهج الرشيد و السبيل السديد.

أما بعد.. فإن بين يديك أيها القارئ سفر نفيس، نزجيه إليك ليكون لديك أثيرا، فتضحى لديه مرهونا وأسيرا، كيف لا وهو لنابغة من علماء المسلمين، وعلم من أعلام المحدثين، ألا وهو الحافظ أبي بكر بن أبي الدنيا، وهو من جهابذة القرن الثالث الهجري، الذي امتلأ علما وحلما، وأثرى موائد العلم بالتصنيف، وأجلى فوائده بالإملاء والتأليف، فلقد كان رحمه الله تعالى إلى جانب تآليفه الضخمة في الحديث وغيره كان يولي الزهد والرقائق والأخلاق والإشارات والدقائق، إهتماما بالغا فقد ألف رسائل في هذه الفنون كثيرة رائعة ومثيرة ، منها في المنامات والقبر، وذكر الموت ، وذمّ الملاهي، والفَرَجَ بعد الشِّدة، والتوكل على الله ، والحلم، ومن عاش بعد الموت، والصمت ، والعقل وفضله، وحسن الظَّنَ بالله، والأولياء، وقضاء الحوائج، واليقين والشكرلله عزَّ وجلّ، والغيبة والنميمة، والهواتف، و هذا إن دلَّ على شيء فإنما يدل على سعة إطلاعه من الناحية العلمية، ويدل كذلك على إهتمامه بالجوانب الأخلاقية والرقيقة في حياة العامة والخاصة.

فالتأليف والمجلدات هي لا شك للخاصة من أهل العلم والأدب، و أما العامة فهي لا تدنو من هذه اللجج المتلاطمة، إنما تكتفي بالضحضاح من الأمواه والشطآن، لذا فقد كتب لهم مثل هذه الرسائل لتهذيب أخلاقهم، وتشذيب مسارهم، لما فيها من الترغيب والترهيب، والتحبب والتأنيب.

وبما أن مؤسسة الكتب الثقافية أخذت على نفسها عهدا، أن تكون في مهنتها رسالة وضَّاءة، ولمعا لألاه ملتزمة بكل قواعد الأخلاق والشرع.

فإنها تقدِّم اليوم لقرائها سلسالا فرانا، من معين تاريخنا الذي لا ينضب و لا يغور ، لعله يشبع غرثة الجائعين، ويروي غليل الصادئين.

وها هي رسائل ابن ابي الدُّنيا بين يديك من ضمن سلسلة نقدمها تباعا بإذن الله تعالى.. سائلين المولى عزَّ وجل أن ينجح قصدنا ويوفقنا لما يحب ويرضى وصلىَّ الله وسلَّم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين.


الناشر
.............................................

حياة المؤلف
اسمه ونسبه:

ابن أبي الدنيا المحدث الصدوق، هو : أبو بكر عبدالله بن محمد بن عبيد بن سفيان بن قيس القرشي، مولى بني أميَّة، المعروف بابن ابي الدنيا، صاخب الكتب المصنفة في الزهد والرقائق.

مولده ونشأته:

ولد الحافظ الجليل ، ابن أبي الدنيا، بمدينة بغداد ، في أوائل القرن الثالث الهجري، سنة ثمان ومئتين.

وقال الخطيب البغدادي في تاريخه: وبلغني أن مولده كان في سنة ثمان ومائتين.

ويعد القرن الثالث الهجري، عصر النهضة الفكرية ففي تلك الحقبة نشطت حركة التراجم والابداع الادبي، وكان هذا عاملا رئيسيا في بلورة فكر ابن ابي الدُّنيا وتهذيبه.

شيوخه وتلاميذه:
قال الخطيب البغدادي : سمع ابن أبي الدنيا سعيد بن سليمان الواسطي، وإبراهيم بن المنذر الحزامي ، وخالد بن خداش المهلبي، وعلي بن الجعد الجوهري، وعباد بن موسى الختلي، وخلف بن هشام البزار، ومحرز بن عون، وخالد بن مرداس، وأحمد بن جميل المروزي، ومحمد بن جعفر الوركاني، و داوود بن عمرو الضبي ، ومن طبقتهم وبعدهم.

و روى عنه الحارث بن أسامة، ومحمد بن خلف وكيع، ومحمد بن خلف المرزبان، وعبيدالله بن عبدالرحمن السكري، وأبو ذر القاسم بن داوود الكاتب، وعمر بن سعيد القراطيسي، والحسين بن صفوان البرذعي، وأحمد بن سلمان النجاد، وأبو سهل بن زياد ، وأحمد بن الفضل بن خزيمة، أبو جعفر بن برية الهاشمي، و أبو بكر الشافعي وغيرهم.

....................................

أقوال العلماء فيه:
قال ابن أبي حاتم: كتبت عنه مع أبي، وسئل أبي عنه فقال: بغدادي صدوق.

وقال الخطيب: وكان أبن أبي الدنيا يؤدب غير واحد من أولاد الخلفاء.

أخبرني عبدالله بن أبي بكر بن شاذان ، أخبرنا أبي ، حدثنا أبو ذر القاسم بن داوود بن سليمان قال : حدثني ابن أبي الدنيا، دخل المكتفي على الموفق ولوحة بيده، فقال: مالك لوحك بيدك ؟ قال مات غلامي واستراح من الكتاب، قال ليس هذا من كلامك، هذا كان الرشيد أمر أن يعرض عليه ألواح أولاده في كل يوم اثنين وخميس، فعرضت عليه، فقال: ما لغلامك ليس لوحك معه؟ قال: مات واستراح من الكتاب ، قال وكأنَّ الموت أسهل عليك من الكتاب؟ قال:نعم. قال: فدع الكتاب ، قال ثم جئته فقال لي: كيف محبتك لمؤدبك؟ قال: كيف لا أحبه وهو أول من فتق لساني بذكر الله، وهو مع ذاك إذا شئت أضحكك، و إذا شئت أبكاك، قال يا راشد أحضرني هذا ، قال فأحضرت فقربت قريبا من سريره، وابتدأت في أخبار الخلفاء ومواعظهم فبكى بكاءً شديدا ، قال فجاءني راغب- أويانس- فقال لي: كم تبكي الأمير ؟ فقال قطع الله يدك مالك وله يا راشد ، تنح عنه، قال وابتدأت فقرأت عليه نوادر الأعراب ، قال فضحك ضحكا كثيرا، ثم قال شهرتني شهرتني .

وذكر الخبر بطوله، قال أبو ذر ، فقال لأحمد بن محمد الفرات، أجر له خمسة عشر دينارا في كل شهر.

قال أبو ذر فكنت أقبضها لابن أبي الدنيا إلى أن مات.

وقال ابن النديم، كان يؤدب المكتفي بالله، وكان ورعا زاهدا عالما بالأخبار والروايات.

وقال الحافظ ابن كثير، الحافظ المصنف المشهور في كل فن المشهور بالتصانيف الكثيرة النافعة الشافية الذائعة في الرقائق وغيرها، وكان صدوقا حافظا ذا مروءة.

وقال الذهبي في تذكرة الحفاظ: كان صدوقا أديبا إخباريا ، كثير العلم، حديثه في غاية العلو، لابن البخاري بينه وبينه أربعة أنفس.

وقال جمال الدين أبو المحاسن بن ثغري بردي ، كان مؤدبا لجماعة من أولاد الخلفاء، منهم المعتضد وابنه المكتفي، وكان عالما زاهدا، وَرِعًا عَابِدا.

......................................
له التصانيف الحسان والناس بعده عيال في الفنون التي جمعها، و روى عنه خلق كثير واتفقوا على ثقته وصدقه وأمانته .

وقال الزركليّ: كان من الوعاظ العارفين بأساليب الكلام ، و بما يلائم طبائع الناس.

وقال عنه صاحب المنتظم: كان ابن أبي الدُّنيايقصد حديث الزهد والرقائق، وكان لأجلها يكتب عن البرجلاني ويترك عفان بن مسلم.

كان لنشأة ابن أبي الدنيا بهذه الكيفية الأثر العظيم في تنوع كتاباته، فعددُ مؤلفاته يربو أو ينيف على الثمانين ومائة كتاب ورسالة.

وتلكم مؤلفاته:
أولا/
في الآداب والأخلاق الإسلامية :
١) الأخلاق.
٢) الأدب.
٣) الجيران.
٤ ) العفو.
٥ ) ذمّ الشهوات.
٦ ) الشكر.
٧ ) التقوى.
٨) حسن الظن بالله.
٩ ) الحلم.
١٠ ) الزهد.
١١ ) الغيبة.
١٢) العقل وفضله وغيرها.

ثانيا: في التاريخ والسير
١ ) اخبار قريش.
٢ ) دلائل النبوة.
٣) المغازي.
٤) مواعظ الخلفاء.
٥ ) حلم الحكماء.
٦ ) التاريخ.
٧ ) تاريخ الخلفاء.
٨ ) أخبار الملوك وغيرها.

ثالثا: في الفقه والأحكام
١) الجهاد.
٢) العقوبات.
٣) الفتوى.
٤) السنة.
٥) الصدقة.
٦) المناسك.
٧) القصاص.
٨) الرهائن وغيرها.

.....................................

مولفات أخرى:
١ ) صفة الصراط.
٢ ) الألحان.
٣ ) الدعاء.
٤ ) شجرة طوبى.
٥ ) لمحتضرون.
٦ ) النوادر.
٧ ) صفة النار.
٨ ) البعث والنشور.
٩ )المطر.
١٠) الوصايا.
١١ )الوقف والابتداء.
١٢) الموت.
١٣) القبور.
١٤) العوائد
١٥) أهوال يوم القيامة.
..............................
وفاته:
قال القاضي أبو الحسن، وبكرت إلى إسماعيل بن اسحاق القاضي، يوم مات ابن ابي الدنيا ، فقال رحم الله أبابكرمات معه علم كثير ، يا غلام امض إلى يوسف حتى يصلى عليه ، فحضر يوسف بن يعقوب فصلى عليه في الشونيزية ، ودفن فيه سنة ثمانين .

قال الخطيب هذا وهم ، كانت وفاة ابن أبي الدنيا في سنة إحدى وثمانين ومائتين، كذلك أخبرنا الحسن بن أبي بكر ، عن أحمد بن كامل القاضي، قال: سنة إحدى وثمانين ومائتين فيها مات أبو بكر بن أبي الدنيا القرشي مؤدب المعتضد، وأخبرنا علي بن محمد السمسار ، أخبرنا عبدالله بن عثمان الصفار، حدثنا ابن قانع مثل ذلك.

وقال الذهبي: مات في جمادى الأولى سنة إحدى وثمانين ومائتين.


بسم الله الرحمن الرحيم
أنبأنا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد الشامي أنا أبو بكر بن عبد الدائم وأبو العباس أحمد بن أبي بكر الأرموي قال الأول أنا محمد بن إبراهيم الأربلي أنا فخر النساء شهدة الكاتبة قالت أنا أبو الحسين أحمد بن علي عبد القادر بن محمد بن يوسف وقال الثاني أنا أبو القاسم عبد الرحمن بن مكي الطرابلسي أنا جدي لأمي الحافظ أبو طاهر السلفي أنا محمد بن عبد السلام الأنصاري وأبو سعد بن عبد الكريم بن حشيش أنا أبو علي الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن شاذان وقال أبو بكر أحمد بن سلمان بن الحسن النجاد أنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن القرشي بن أبي الدنيا رحمه الله قال

[ ١ ] حدثني الحسن بن الصباح ثنا عمر بن يونس ثنا عيسى بن عون الحنفي عن حفص بن الفرافصة الحنفي عن عبد الملك بن زرارة عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أنعم الله عز وجل على عبده نعمة في أهل أو مال أو ولد فيقول ما شاء الله لا قوة إلا بالله فيرى فيه آفة دون الموت.

[ ٢ ] حدثنا حاجب بن الوليد حدثنا الوليد بن محمد الموقري عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت دخل النبي صلى الله عليه وسلم فرآى كسرة ملقاة فمسحها فقال يا عائشة حسني جوار نعم الله عز وجل فإنها قلما نفرت عن أهل بيت فكادت أن ترجع إليهم.

[ ٣ ] حدثنا علي بن داود ثنا عبد الله بن صالح حدثنا أبو زهير يحيى بن عطارد القرشي عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرزق الله عبدا الشكر فيحرمه الزيادة لان الله عز وجل يقول لئن شكرتم لأزيدنكم.


[ ٤ ] حدثنا إسحاق بن إسماعيل حدثنا أبو معاوية وجعفر بن عون عن هشام بن عروة عن بن المنكدر قال كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم اعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.

[ ٥ ] حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن بسام حدثني صالح المري عن أبي عمران الجوني عن أبي الجلد قال قرأت في مسألة داود عليه السلام أنه قال أي رب كيف لي أن أشكرك وأني لا أصل شكرك إلا بنعمتك قال فأتاه الوحي ان يا داود أليس تعلم أن الذي بك من النعم مني قال بلى يا رب قال فإني أرضي بذلك منك.

[ ٦ ] حدثنا إسماعيل بن إبراهيم المري عن أبي عمران الجوني عن أبي الجلد قال قرأت في مسألة موسى عليه السلام أنه قال يا رب كيف لي أن أشكرك وأصغر نعمة وضعتها عندي من نعمك لا يجازي بها عملي كله قال فأتاه الوحي أن يا موسى الآن شكرتني.

[ ٧ ] حدثنا عبد العزيز بن بحر أنا أبو عقيل عن بكر بن عبد الله قال سمعته يقول ما قال عبد قط الحمد لله الا وجبت عليه نعمة بقوله الحمد لله فما جزاء تلك النعمة جزاؤها أن يقول الحمد لله فحاز أخرى ولا تنفد نعم الله عز وجل.

[ ٨ ] حدثنا محمد بن الصباح حدثنا أبو يحيى الباهلي قال قال سليمان التيمي أن الله أنعم على العباد على قدره وكلفهم الشكر على قدرهم.

[ ٩ ] حدثنا محمد بن عبد الله المديني حدثنا المعتمر بن سليمان سمعت أبا الأشهب عن الحسن قال سمع نبي الله صلى الله عليه وسلم رجلا يقول الحمد لله بالإسلام فقال إنك لتحمد الله على نعمة عظيمة.

[ ١٠ ] حدثني محمد بن الفرج الفراء حدثنا محمد بن الزبرقان عن ثور عن خالد بن معدان سمعت عبد الملك بن مروان يقول ما قال عبد كلمة أحب إليه وأبلغ في الشكر عنده من أن يقول الحمد لله الذي أنعم علينا وهدانا للإسلام.

[ ١١ ] حدثنا إسماعيل بن إبراهيم حدثني عبد المؤمن بن عبيد الله السدوسي أبو عبيدة قال كان الحسن يقول إذا ابتدأ حديثه الحمد لله اللهم ربنا لك الحمد كما خلقتنا ورزقتنا وهديتنا وعلمتنا وأنقذتنا وفرجت عنا لك الحمد بالسلام والقرآن ولك الحمد بالأهل والمال والمعافاة كبت عدونا وبسطت رزقنا وأظهرت أمتنا وجمعت فرقتنا وأحسنت معافاتنا ومن كل والله ما سألناك ربنا أعطيتنا فلك الحمد على ذلك حمدا كثيرا لك الحمد بكل نعمة أنعمت بها علينا في قديم وحديث أو سرا أو علانية أو خاصة أو عامة أو حي أو ميت أو شاهد أو غائب لك الحمد حتى ترضى ولك الحمد إذا رضيت.

[ ١٢ ] حدثنا عمر بن إسماعيل الهمداني حدثنا محمد بن عبيد عن يوسف الصباغ عن الحسن قال قال موسى عليه السلام يا رب كيف يستطيع آدم أن يؤدي شكر ما صنعته اليه خلقته بيدك ونفخت فيه من روحك وأسكنته جنتك وأمرت الملائكة فسجدوا له فقال يا موسى علم أن ذلك مني فحمدني فكان ذلك شكرا لما صنعته له.

[ ١٣ ] حدثنا إسماعيل بن إبراهيم حدثنا حبان بن على العمري عن سعد يعني بن طريف عن الأصبع بن نباتة قال كان علي إذا دخل الخلاء قال بسم الله الحافظ المؤدي وإذا خرج مسح بيديه بطنه ثم قال يا لها من نعمة لو يعلم العباد شكرها.


[ ١٤ ] حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن صالح حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي حصين عن سعد بن مسعود الثقفي قال إنما سمي نوح عليه السلام عبدا شكورا لأنه لم يلبس جديدا ولم يأكل طعاما إلا حمد الله تعالى.

[ ١٥ ] حدثنا عبد الأعلى بن حماد النرسي وأزهر بن مروان الرقاشي قالا حدثنا بشر بن منصور وأزهر السليمي عن زهير بن محمد عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة قال دعا رجل من الأنصار من أهل قباء النبي صلى الله عليه وسلم فانطلقا معه فلما طعم وغسل يده أو قال قال الحمد لله الذي يطعم ولا يطعم من علينا فهدانا وأطعمنا وسقانا وكل بلاء حسن أبلانا الحمد لله غير مودع ربي ولا مكافيء ولا مكفور ولا مستغني عنه الحمد لله الذي أطعم من الطعام وسقي من الشراب وكسى من العري وهدى من الضلالة وبصر من العمى وفضلنا على كثير من خلقه تفضيلا الحمد لله رب العالمين.

[ ١٦ ] حدثنا محمد بن إدريس حدثنا محمد بن مقاتل المروزي حدثنا هاشم بن مخلد المروزي عن ورقاء عن عمرو بن دينار عن طاوس عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول اللهم أني أعوذ بك من زوال نعمتك وفجأة نقمتك وتحول عافيتك وجميع سخطك.

[ ١٧ ] حدثنا محمد بن إدريس حدثنا يزيد بن أبي يزيد الضبعي أنا الفضل بن سلمة عن المبارك عن الحسن قال إن الله ليمتع بالنعمة ما شاء فإذا لم يشكر قلبها عليهم عذابا.

[ ١٨ ] حدثني محمد بن إدريس قال يروى عن علي أنه قال لرجل من همدان ان النعمة موصلة بالشكر والشكر معلق بالمزيد وهما مقرونان في قرن فلن ينقطع المزيد من الله حتى ينقطع الشكر من العبد.

[ ١٩ ] حدثني محمد بن إدريس قال سمعت عبدة بن سليمان سمعت مخلد بن حسين يقول كان يقال الشكر ترك المعاصي.

[ ٢٠ ] حدثنا إسحاق بن حاتم المدائني حدثنا محمد بن كثير حدثنا بعض أهل الحجاز قال أبو حازم كل نعمة لا تقرب من الله فهي بلية.

[ ٢١ ] حدثني محمد بن إدريس سمعت أحمد بن أبي الحواري سمعت عبد العزيز بن عمير يقول سمعت أبا سليمان الواسطي يقول ذكر النعمة يورث الحب لله عز وجل.

[ ٢٢ ] حدثنا عبيد الله بن عمر الجشمي حماد بن زيد حدثنا ليث عن أبي بردة قال قدمت المدينة فلقيت عبد الله بن سلام فقال لي ألا تدخل بيتا دخله رسول الله صلى الله عليه وسلم ونطعمك سويقا وتمرا ثم قال إن الله عز وجل إذا جمع الناس غدا ذكرهم ما أنعم عليهم فيقول العبد بآية ماذا فيقول انه ذاك انك كنت في كربة كذا وكذا فدعوتني فكشفتها عنك وانه ذاك انك كنت في سفر كذا فاستصحبتني فصحبتك قال ويذكره حتى يذكر يقول وانه ذاك انك خطبت فلانة بنت فلان وخطبها معك خاطب فزوجتك ورددتهم.

[ ٢٣ ] قال نصر بن علي وحدث محمد بن عباد عن أبي أحمد الزبيري عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن عبد الله بن سلام ان الله عز وجل يقعد عبده بين يديه فيعدد عليه نعمه هذا الحديث فبكى ثم بكى ثم قال اني لأرجو أن لا يقعد الله عبدا بين يديه فيعذبه.

[ ٢٤ ] حدثنا سويد بن سعيد ثنا صالح بن موسى عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤتي بالنعم يوم القيامة والحسنات والسيئات فيقول الله عز وجل لنعمة من نعمه خذي حقك من حسناته فما تترك له حسنة إلا ذهبت بها.

[ ٢٥ ] حدثنا عبيد الله بن عمر الجشمي ثنا معاوية بن عبد الكريم ثنا الحسن قال قال داود عليه السلام إلهي لو أن لكل شعرة مني لسانين يسبحانك الليل والنهار ما قضيت نعمة من نعمك.

[ ٢٦ ] حدثنا عبيد الله بن عمر ثنا عون بن موسى سمعت بكر بن عبد الله المزني يقول ينزل بالعبد الأمر فيدعو الله عز وجل فيصرفه عنه فيأتيه الشيطان فيضعف شكره فيقول ان الأمر كان أيسر مما تذهب اليه قال ويقول العبد كان الأمر بأشد مما أذهب إليه ولكن الله صرفه عني.

[ ٢٧ ] حدثنا محمد بن صدران الأزدي ثنا عبد الله بن خراش ثنا يزيد بن أبي يزيد سمعت عمر بن عبد العزيز يقول قيدو النعم بالشكر.

[ ٢٨ ] حدثنا خلف بن هشام ثنا أبو عوانة عن قتادة عن مطرف بن عبد الله قال لأن أعافى فأشكر أحب إلي من أبتلى فأصبر.

[ ٢٩ ] حدثني محمد بن عبد المجيد التميمي ثنا سفيان قال رأى وهيب قوما يضحكون يوم الفطر فقال ان كان هؤلاء تقبل منهم صيامهم فما هذا فعل الشاكرين وان كان هؤلاء لم يتقبل منهم صيامهم فما هذا فعل الخائفين.

[ ٣٠ ] حدثنا محمد بن إدريس قال سمعت أبا صالح كاتب الليث يذكر عن الهقل بن زياد عن الأوزاعي أنه وعظ فقال في موعظته أيها الناس تقووا بهذه النعم التي أصبحتم فيها على الهرب من نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة فإنكم في دار الثواء فيها قليل وأنتم مؤجلون خلائف بعد القرون الذين استقبلوا من الدنيا آنفا وزهرتها فهم كانوا أطول منكم أعمارا وأمد أجساما وأعظم آثارا فجردوا الجبال وجابوا الصخور ونقبوا البلاد مؤثرين ببطش شديد وأجسام كالعماد فما لبثت الأيام والليالي ان طوت مدنهم وعفت آثارهم وأخوت منازلهم وأنست ذكراهم فما تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا كانوا بلهو الأمل آمنين لبيات قوم غافلين ولصباح قوم نادمين ثم أنكم قد علمتم الذين نزل بساحتهم بيانا من عقوبة الله فأصبح كثير منهم في ديارهم جاثمين وأصبح الباقون ينظرون في آثار نعمة وزوال نعمة ومساكن خاوية فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم وعبرة لمن يخشى وأصبحتم من بعدهم في أجل منقوص ودنيا منقوصة في زمان قد ولى عفوه وذهب رجاؤه فلم يبق منه إلا حمة شر وصبابة كدر وأهاويل عبد وعقوبات عبد وارسال فتن وتتابع زلازل ورذالة خلف بهم ظهر الفساد في البر والبحر فلا تكونوا أشباها لمن خدعه الأمل وغره طول الأجل وتبلغ بالأماني نسأل الله أن يجعلنا وإياكم ممن وعي نفسه فانتهى وعقل مسراه فمهد لنفسه.

[ ٣١ ] حدثني محمد بن إدريس حدثنا عبدة بن سليمان عن بن المبارك أنا داود بن عبد الرحمن عن عمر بن سعيد بن أبي حسين عن أبي حازم قال إذا رأيت الله عز وجل سابغ نعمه عليك وأنت تعصيه فاحذره.

[ ٣٢ ] حدثنا يعلى بن عبد الله الهذلي بشر بن عمار حدثنا بن لهيعة حدثنا عقبة بن مسلم عن عقبة بن عامر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأيت الله عز وجل يعطي العابد على ما يشاءون على معاصيهم إياه فذلك استدراج منه لهم.

[ ٣٣ ] حدثنا حمزة بن العباس ثنا عبدان أنا المبارك عن الحسن قال الله واذكر هذه النعمة فإن شكرها شكر.

[ ٣٤ ] حدثنا محمود بن غيلان المروزي حدثنا المؤمل بن إسماعيل حماد بن سلمة حدثنا حميد الطويل عن طلق بن حبيب عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أربع من أعطيهن فقد أعطي خير الدنيا والآخر قلب شاكر ولسان ذاكر وبدن على البلاء صابر وزوجة لا تبغيه خوفا في نفسها ولا ماله.

[ ٣٥ ] حدثنا محمد بن بشير الكندي حدثنا عبد المجيد المكي عن أبيه عن صدقة بن يسار قال بينا داود عليه السلام في محرابه إذ مرت به دودة فنظر إليها وفكر في خلقها وعجب منها وقال ما يعبأ الله بهذه قال فأنطقها الله فقالت يا داود أتعجبك نفسك فوالذي نفسي بيده لأنا على ما أتاني الله من فضله أشكر منك على ما أتاك الله من فضله.

[ ٣٦ ] حدثنا محمود بن غيلان حدثنا أبو أسامة حدثني خالد بن محدوج أبو روح سمعت أنس بن مالك يقول ان داود نبي الله ظن في نفسه أن أحدا لم يمدح خالقه أفضل مما مدحه وأن ملكا نزل وهو قاعد في المحراب والبركة الى جانبه فقال يا داود افهم إلى ما تصوته الضفدع فانصت فإذا الضفدع يمدحه بمدحة لم يمدحه بها داود فقال له الملك كيف ترى يا داود أفهمت ما قالت قال نعم قال فماذا قالت قال سبحانك وبحمدك منتهى علمك يا رب قال داود والذي جعلني نبيه أني لم أمدحه بهذا.

[ ٣٧ ] حدثنا علي بن الجعد سمعت سفيان بن سعيد وذكر داود عليه السلام فقال الحمد لله حمدا كما ينبغي لكرم وجه ربي عز جلاله فأوحى الله اليه يا داود أتعبت الملائكة.

[ ٣٨ ] حدثنا محمد بن علي بن الحسن عن بشر بن السري عن همام بن يحيى عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة أن رجلا كان يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيسلم عليه فيقول النبي كيف أصبحت فيقول الرجل إليك احمد الله أو احمد الله إليك فكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو له فجاء الرجل يوما فقال له النبي صلى الله عليه وسلم كيف أنت يا فلان قال بخير ان شكرت فسكت النبي صلى الله عليه وسلم فقال الرجل يا رسول الله كنت تسألني فتدعو لي وانك سألتني اليوم فلم تدع لي قال إني كنت أسألك فتشكر الله وإني سألتك اليوم فشككت في الشكر.

[ ٣٩ ] حدثني حمزة بن العباس أنا عبد الله بن عثمان أنا عبد الله أخبرني بن أبي ذئب عن بن سعيد المقبري عن أبيه عن عبد الله بن سلام أن موسى عليه السلام قال يا رب ما الشكر الذي ينبغي لك قال يا موسى لا يزال لسانك رطبا من ذكري.

[ ٤٠ ] حدثني محمد بن إدريس حدثني خالد بن خداش حدثنا حماد بن زيد عن عبد الله بن عمر التغلبي عن يونس بن عبيد قال قال رجل لأبي تميمة كيف أصبحت قال أصبحت بين نعمتين لا أدري أيهما أفضل ذنوب سترها الله فلا يستطيع أن يعيرني بها أحد ومودة قذفها الله في قلوب العباد ولم يبلغها عملي.

[ ٤١ ] حدثني إبراهيم بن سعيد حدثنا موسى بن أيوب حدثنا مخلد بن حسين عن محمد بن لوط كان يقال الشكر ترك المعصية.

ولتحميل بقية الكتاب على العنوان اسفل الموضوع
والشكر الجزيل لموقع مهارات النجاح
https://sst5.com/BookInfysf.aspx?Fil...fE_libDeptID=5