بعد الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أقول وبالله التوفيق
يحرم مطلقا تشبه الرجال بالنساء وتشبه النساء بالرجال والاحاديث في ذلك كثيرة منها
1-عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المخنثين من الرجال، والمترجلات من النساء. وفي رواية: لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال. رواه البخاري.
شرح الحديث
المخنثين: بصيغة اسم الفاعل، وبصيغة اسم المفعول من يشبه خلقه النساء في حركاته وكلماته وإن كان ذلك خلقيا فلا لوم عليه، وعليه تكلف إزالته، فإن تمادى عليه ولم يتكلف إزالته ذم. وإن كان بقصد منه وتكلف له فهو المذموم. قال ابن حبيب: المخنث هو المؤنث من الرجال، وإن لم تعرض منه الفاحشة، مأخوذ من التكسر في المشي ونحوه. قوله: «المتشبيهن من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال» . قال الحافظ: قال القرطبي: المعنى لا يجوز للرجال التشبه بالنساء في لبس وزينة مختصات بهن، ولا العكس. وقال ابن أبي جمرة: ظاهر اللفظ الزجر عن التشبيه في كل شيء، لكن عرف من أدلة أخرى أن المراد التشبه في الزي وبعض الصفات والحركات ونحوهما، إلا التشبه في أمور الخير. واللعن: يدل على أن ما ذكر من الكبائر. والحكمة في لعن من تشبه إخراجه الشيء عن الصفة التي وضعها عليه أحكم الحكماء، كما أشار إليه - صلى الله عليه وسلم - في لعن الواصلات بقوله: «المغيرات خلق الله»
2-عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل. رواه أبو داود بإسناد صحيح.
*فيه: وعيد شديد لمن لبس لباس المرأة تشبها بها، وكذا عكسه.
3-عن أبي هريرة - رضي الله عنه -قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا ... وكذا» . رواه مسلم.
شرح الحديث
معنى «كاسيات» أي: من نعمة الله «عاريات» من شكرها. وقيل معناه: تستر بعض بدنها، وتكشف بعضه إظهارا لجمالها ونحوه. وقيل: تلبس ثوبا رقيقا يصف لون بدنها. ومعنى «مائلات» ، قيل: عن طاعة الله وما يلزمهن حفظه «مميلات» أي: يعلمن غيرهن فعلهن المذموم. وقيل: مائلات يمشين متبخترات، مميلات لأكتافهن، وقيل: مائلات يمتشطن المشطة الميلاء: وهي مشطة البغايا، و «مميلات» يمشطن غيرهن تلك المشطة. «رؤوسهن كأسنمة البخت» أي: يكبرنها ويعظمنها بلف عمامة أو عصابة أو نحوها. قوله: «قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس» ، أي: يضربونهم ظلما. «ونساء كاسيات عاريات» ، أي: يسترن بعض أبدانهن ويكشفن بعضها. «مائلات مميلات» ، أي: تشبها بالمختال من الرجال. قال النووي: وهذا الحديث من معجزات النبوة، فقد وقع هذان الصنفان وهما موجودان في هذا الزمان. وقال القاضي عياض: «مائلات مميلات» ، أي: مائلات إلى الرجال مميلات بما يبدينه من زينتهن وغيرها.
والله أعلم
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم