أعوذ بالله السّميع العليم وبوجهه الكريم وبسلطانه القديم من الشّيطان الرّجيم .. بسم الله الرّحمن الرّحيم ..
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
لا إله إلّا الله .. عدد أسرار لا إله إلّا الله ..
اللّهمّ صلّ وسلّم على سيّدنا وحبيبنا محمّد رّسول الله .. عدد أسرار لا إله إلّا الله ..
الحمد لله ربّ العالمين .. عدد أسرار لا إله إلّا الله ..

وبعد :
هذه بعض الخواطر عند تأمّلي في بداية سورة القمر .. فما أصبت فيه فبفضل الله وحده .. وما أخطأت فمن نفسي والشّيطان ..
يقول الله تعالى في بداية سورة القمر :
أعوذ بالله من الشّيطان الرّجيم

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1) وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (2) وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ (3) وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ (4) حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ (5) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ (6) خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ (7) مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ (8) كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ (9) فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (10) فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ (11) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (12) وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ (13) تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ (14)

صدق الله العظيم ..

نلاحظ في هذه الآيات الّتي تبتدئ بها سورة القمر بعضا من الحقائق الّتي ينبغي التّنبّه لها :
أوّلا : أنّ قدرة الله جلّ جلاله على كلّ شيء ليست محدودة بقوانين مادّيّة في عالم الإنسان وعلم الإنسان ..
هناك عالم الشّهادة .. لكن أيضا هناك عالم الغيب ..
الله سبحانه وتعالى حين يجري المعجزات على أيدي أنبيائه يجريها بقدرته الطّليقة إطلاقا تامّا كاملا لا محدودا .. ومن حكمته في هذا هو أن يختبر معدن الإيمان عند كلّ إنسان ..
هذا الإنسان أعطاه الله ملكات عجيبة فضّله بها على سائر المخلوقات .. وهذا العطاء هو اختبار لاختبار معدن الإيمان عند كلّ إنسان ..
فمن نجح في هذا الاختبار ذاق طعم السّعادة وأبصرت بصيرته نور الله ..
ومن فشل في هذا الاختبار فهو الشّقيّ الّذي انتكست فطرته فصار دون البهائم ..

ثانيا : هناك قانون في تاريخ البشريّة لا يتخلّف أبدا من أوّل بداية البشريّة حتّى يرث الله الأرض ومن عليها ..
هذا القانون هو انتصار المؤمنين ولو كانوا في أوج ضعفهم وتخلّفهم وتقصيرهم في دينهم ولكن ربّما بعد طول أمد ..
وهزيمة أعداء الله ولو كانوا في أوج قوّتهم وتقدّمهم المادّيّ بل وربّما الأخلاقيّ(ظاهريّا) ولكن ربّما بعد طول أمد ..
وأرجو ألّا يفهمني القرّاء خطأ أنّي أقصد بالضّعف قوم نبيّ الله نوح صلّى الله عليه وسلّم .. ولكنّي أستنتج ما كتبته أعلاه لأنّ سياق الآيات يوحي بسرعة الاستجابة لدعاء نوح صلّى الله عليه وسلّم وسرعة إهلاك الكفّار وسرعة نصر المؤمنين ..
فيقاس على ذلك حصول النّصر للمؤمنين المقصّرين كما في هذا الزّمن وبعض ما مضى من قرون لكن بعد أمد طويل يحصل فيه الابتلاء والتّمحيص والتّأديب من الله تعالى لهذه الأمّة لإعدادها لمرحلة النّصر على أعداء الإسلام بعد أن ينتصروا على أهواء نفوسهم !
فحذار أيّها المسلمون من المبالغة في الافتتان بالغرب .. فحقيقة المعركة بين الحقّ والباطل ليست بالصّورة السّطحيّة غير العميقة الّتي يتصوّرها بعض المسلمين ..

لا تنسوا أن تدعوا الله لي بالخير بظهر الغيب مكثرين من الدّعاء مخلصين فيه ..
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين ..