يـتـأدب الـمـسلمون - عــادة - عندما يبدأون الكلام ذا البال ، أو الأحاديث الهامة ، أو الـخـطب المطولة ، فيبدؤون بحمد الله تعالى ، والثناء عليه بما هو أهله ، يلي ذلك إعلان كلمة التوحيد والتصديق بنـبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وتلاوة آيات من القرآن الـكـريـم ، عـلى النحو الذي يـعـرف باسم "خطبة الحاجة" اهتداءً بهدى النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - ، ثم يدخلون في الموضوع المقصود .

لقد أصبح للعلمانيين العرب في - أيامنا هذه - ما يشبه "خطبة الحاجة" عند المسلـمـين ، غير أن خطبتهم تبدأ بسب الإسلاميين والتعريض بهم، وإعلان التصديق بأنهم إرهابـيون، وتأيـيـد خـطـوات "الحـكـومـات الـديـمـوقراطية" التي تبطش بهم ، ووصفهم بأنهم أعداء الـحـضـارة، وأعداء التقدم والاستنارة ، ودعاة الفتنة.. إلى آخر قائمة المغالطات الإعلامية المعروفة .

ويـنـدر أن نجد اليوم مقالاً في صحيفة ، أو بحثاً في مجلة ، أو حواراً بين أصحاب الفكر الـعـلـمـاني المنحرف ، في أي مكان ، وعبر أي منبر ، يتعرض للأحوال العامة في المنطقة الـعربية ، إلا ويبدأ بسب الإسلاميين ، والهجوم عليهم ، والدعوة إلى عزلهم ، والتنكيل بهم ونحو ذلك .

اليساريون في مصر ، كتبوا مقالاً هاجموا فيه أحد الكتاب في صحيفة "الأهرام" بدعوى أنه يتعاطف مع الإسلاميين ، وقدموا للمقالة بالديباجة المعروفة فلم يقصروا في شتم الإسلاميين ولعنهم والتأكيد على أنهم سبب كل بلاء ، ولكن الكاتب المقصود ، لم يتأخر ، حيث نشر مـقـالاً يـنـفـي فـيـه "تهمة" تعاطفه مع الإسلاميين، ولم ينس أن يبدأ مقاله بالديباجة أو "خـطـبة الحاجة العلمانية" من سب وتجريح وتشهير بالإسلاميين ، ثم دخل في موضوعه مدعياً : أن "التطرف اليساري" هو الذي يغذي "التطرف" الإسلامي ، فأصبح الأمر مثيراً للضحك حيناً ، وللشفقة أحياناً أخرى ، في زمن الهوان والضعة ، زمن انحدار أصحاب الأقلام العربية العلمانية.
.............................
بقلم جمال سلطان
مجلة البيان