اللاديني ( الملحد )
الإلحاد فكرة قديمة واجه بها المشركون الأنبياء ومن ذلك ما حكاه الله عن بعض الكفار في قولهم : ( إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر ) سورة الجاثية / 24 ويقوم هذا المبدأ بالإجابة على السؤال الذي يفرض نفسه على العقل وهو : ( 1. من أوجد الكون 2. وكيف نشأ هذا النظام المستقر له) باحتمالين : الأول : هذا الكون قديم لا أول لـه ولذلك فهو لا يحتاج إلى خالق . وهو قول مردود ليس فقط من وجهة نظر العقيدة الإسلامية بل من وجهة نظر العلم التجريبي القائل بأن الكون يسير إلى نهاية حتمية حيث يقرر العلماء أن مبدأ الحركة الحرارية وانتقال الطاقة يحتم مجيء اللحظة التي يقف عندها الكون وتنتهي حركته إلى الفناء ويعود العلماء بهذا إلى البحث عن النقطة التي بدأت بها الحركة لأن كل ما لـه نهاية لا بد لـه من بداية لحركته ,ولك ان تتصور مسيرة الكون الآخذ بالاتساع كفيلم قديم ماذا يحدث عندما يظهر هذا الفلم بالعكس رجوعا للوراء؟ سيرجع إلى نقطة البداية الصغيرة جدا ومثال ذلك : الإنسان عندما يصبح في سن الستينات مثلا حاول ( تصوريا ) أن تعود بدورته من النقطة الحالية إلى الوراء فانك ستصل إلى نقطة بداية لـه وهي صغيرة جدا حتى انك لا تستطيع تصورها , فكما أن للإنسان نهاية يصل إليها يوما ما بالموت فان للكون نهاية سيصل إليها يوما ما بقيام الساعة ( يوم القيامة ) اذا للكون بداية وله نهاية , هذه الحقيقة قررها القرآن الكريم في تقريره للنهاية الحتمية بقيام الساعة ولفت النظر إلى أن القديم المطلق وهو الله تبارك وتعالى من صفاته انه لا يموت . ومن الأدلة العقلية لعلمائنا أن الكون محدود لأنه يتألف من أجرام محدودة وكل محدود قابل للزيادة والنقصان فلا بد لـه من محدد ومقدر ( ويسمى مخصص) جعله بهذه الصفة إذا فهو حادث ( مخلوق ) ومحدود خاضع لسيطرة غيره , فمثلا إذا أراد الإنسان أن يشتري كمية من الفاكهة فانه يقول لتاجر الخضار : زن لي رطل بندورة , تفاح , عنب .. فيحدد الكمية بالرطل لكن إذا أراد أن يشتري قماشا لا يقول زن رطل قماش , بل يقول : خمسة أذرع .. عشرة أذرع من القماش , إذن فالقماش محدود والخضار محدود لكن كل شيء يحد بمقياسه , هذا محدود بالرطل وهذا محدود بالذراع .. , ودرجة الحرارة في الغرفة محدودة لا بالرطل ولا بالذراع بل بمقياس آخر , والعطر محدود لكن تقول : هذا العطر قوي وهذا ليس بقوي , فهو محدود بمقياس آخر , والحياء والمروءة عند الناس محدودة لكن بمقايـيس حسية , والدليل على أنها محدودة كونها متعددة فطالما أنها متعددة إذن فهي محدودة فمن الذي حددها ؟ وطالما أن هذه الأشياء حددها الإنسان فمن الذي حدد الكون والإنسان ويسيطر عليه ويسيره بنظام محكم متناسق ؟ وكم هي قوته وعظمته؟ حكّم عقلك قليلا ستجد ان صانع الكون عظيم حكيم والحكيم لا يفعل شيئا عبثا , ومن صفات الكون انه بالغ الإتقان والدقة وفاعل هذا حكيم قادر قوي قاهر ومسيطر , انه الله جل جلاله ولا يستطيع ذلك غير الله .
الشيخ محمد علي سلمان القضاة رحمه الله
Bookmarks