أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
(قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ)
(وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْم عَظِيمٌ)
الحمد لله الرحمن الودود،
الحي القيوم
الواحد المعبود
أما بعد..
تحدى إيف المسلمين؛ حيث قال:
"طيب انا لا اسال المسلمين ان يثبتوا لي استحالة وجود كل الالهة الا الله ولكن اتحداهم ان يثبتوا لي استحالة وجود الاله "اهورامزدا" اله الزرادشتيين"
ومع أن المقدمة للزميل إيف التي يقول فيها: "وبما ان الفكر الديني يرى ان الشيء ممكن الوجود حتى يُثبت امتناع وجوده" والتي بنى عليها كلامه هي أقرب للكذب منها إلى الخطأ والسذاجة، وفي كل الأحوال لا تتجاوزهما (ونظرًا لأنها لا تستحق؛ فسأتجاوز الرد والتعليق على مقدمته دون الإقرار عليها) إلا أنني أخبرته:
بل لك الدليل على " استحالة وجود كل الالهة الا الله"
---***---
قلتُ مستعينًا بالله على ما سواه،
((أعتذر بدايةً عن تأخري في الرد نظرًا لإنشغالي الشديد))
البرهان الرياضياتي الذي سنضعه والذي يعتمد على تحليل المجالات للكميات المتجهة – بناءً على المقدمات أدناه – يفند الشرك، فهو ينفي وجود ألهة إلا واحد. ومع أن هذا يكفي – لأنك تخاطب المسلمين فيكون الواحد الأحد هو الله؛ إلا أنه (بفضل من الله) سأكمل لك ما لم تطلب؛ ألا وهو (لا إله إلا الله).
دعنا نضع مقدمات كبديهيات نستند عليها كحد أدنى؛
(ف1) لن نعتبر إلها كل من ليس لديه إرادة مستقلة،
(ف2) لن نعتبر إلها من لم يكن فعالا لما يريد.
الفرضان السابقان سنستعملهما لتفنيد الشرك (البرهان أ). ثم بعد ذلك سنضيف مقدمة آخرى (للبرهان ب)؛
(ف3) لن نعتبر إلها كل من كان عبدًا لنتائج إرادته (مثلا أن يُحدث شيئًا بإرادته ثم يصبح عبد لهذا الشئ [أي تحت سلطانه]) أو تستطيع نتائجه أن تستغني عنه.
بالنسبة للبرهان فإننا سنعتمد مبدأ الإستقصاء دون الإثبات؛ بمعنى أننا سنُقصي (ننفي الألوهية عن) كل إله يظهر النقص في صفاته. بشرط أن لا ننسب صفة لإله لم ينسبها هو لنفسه، ولا نسلبه صفة نسبها هو لنفسه.
وفكرة البرهان هي كالاتي:
(1) الكون لا يمكن أن يكون بغير إله (خالق حي قيوم)،
(2) نفي وجود أكثر من إله،
(3) إثبات الألوهية لله سبحانه بإستقصاء ما دونه.
النقطة (2) هي ما يخص تحديَّك (البرهان أ).
(((على هامش الموضوع: أساس التوحيد في الإسلام هو شهادة "لا إله إلا الله". أرجو ملاحظة أن شهادة التوحيد في الإسلام تشمل طريقة الإثبات التي ذكرتها في النقاط (1، 2، 3) – أي تحمل في طياتها طريقة البرهان. وما يجب ذكره أن هذه الشهادة فقط تليق بالحق عزّ وجلّ؛ حيث تنفي ما سواه (وفي هذا تحقير لهم بوقوعهم تحت النفي والإستقصاء). ومن ناحية أخرى؛ بما أن البرهان فوق كل ما تحته، ولأن الله فوق كل برهان؛ نجد هذه الشهادة تعترف بالألوهية لله الواحد الأحد، ولا تجرؤ على إجراء البرهان عليه. فيكون في هذا إجلالٌ لله وإعترافٌ بوحدانيته؛ وإذلالٌ لغيره ببرهانٍ وإنكارٌ بإستقصاء))).
(وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ)
لا أعتقد أن في هذه الفروض أي تعسف؛ فإن كنت تعتبرها كذلك فعليك بمحاورة عبدة الأبقار وعبدة الإله المصلوب بمسمار.
طالما أنك واصلت ... فلنكمل ...
..............
.........
....
.
بما أننا سننفي تعدد الألهة، وبما أن أقل عدد للتعدد هو إثنان عليه فأن نفي الأثنين سيعني بالضرورة النفي لما أكبر من الواحد الأحد.
لنأخذ حيزا له حجم () تكون مساحة سطحه الخارجي (S) (مثلا لنأخذ الطبقة الخارجية لكوكب الأرض ونستطيع توسيع الحيز دون أن يفقد البرهان عموميته طالما ضم هذا الحيز بداخله أي مجال – وهو كذلك) شكل1. لنأخذ مجالين لقيم متجهة، وهذان المجالان سنرمز لها بـ (V1, V2) متساوية م1
شكل1
(ملحوظة القيم المتجهة – بعكس القيم غير متجهة - سأكتبها بالحروف السميكة)
م1
وليكن المجال الأول هو تحقيق لإرادة الإله الأول، والمجال الثاني هو تحقيق لإرادة الإله الثاني (مثلا يمكننا تصورالمجال بأنه يمثل سرعة سحابة تُساق لإحياء أرض ميتة أو رياح ... أو أي مجال أخر).
(وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ)
هذا يعني أنه يجب أن تتحقق الإرادتين المنفصلتين ليعطيان نتيجة واحدة.
وحسب الفرض أن لكل إله إرادة قائمة بذاتها،
(إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ* فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)
عليه فإن الفرق بين إرادتيهما (م2) يجب أن يكون مختلف عن الصفر (م3). لأنه في الحالة المخالفة سيحدث تطابق تام وبالتالي – وبالضرورة - لا يمكن الحديث عن إلهين. وهذا ما سنكتبه بشكل رياضياتي كالاتي:
م2
م3
(مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ)
بما أن لكل نقطة مجالية قيمة محددة (مثلا سرعة جزئ في سحابة) ، وحتى لا تعلو إرادة على أخرى؛ فإن R يجب أن يحقق الشروط الأتية (م4،م5،م6):
م4
م5
م6
م4: تعني أن لا يكون أحدهما مانح لنعمة دون الآخر، فيكون متفضلا متفاضلا عنه وعليه؛
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ)
م5: تعنى أن أي منهما لا يستطيع تغيير إتجاه هذا النعمة غصبًا عن الآخر - فَيصيب بِها من يشاء ويصرِفها عن من يشاء؛
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ)
م6: تعنى أن أي منهما لا يستطيع أن يُدخل أو\و يُخرج من سطحه الخارجي (S) أمرًا دون الآخر؛
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ
انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ)
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ* قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ)
علينا أن نتساءل: هل يمكن أن يكون هناك إلهان تحت هذه الشروط؟
(وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ*وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ)
إذًا الجواب: لا.
---***---
البرهان أ:
من م5 (غياب اللفوفية لـ (R)) ينتج أنه هناك مجال كمي غير متجه () بحيث:
م7
بوضع م7 في م4 ينتج:
م8
من م6 ينتج أن:
م9
بإستعمال قانون Green
م10
وبالتعويض بـ م8، م9 في م10 نحصل على:
م11
الدالة التحت تكاملية هي دالة غير متجهة ودائما موجبة (نظرًا للتربيع) عليه لا يمكن للتكامل أن يساوي الصفر إلا إذا تصفرت هذه الدالة في كل نقطة من الحيز المذكور. عليه:
م12
وبالتالي وصلنا إلى تضارب صريح - وهذا غير مقبول؛ حيث:
م13
وبالتالي لا يمكن وجود إلهين أو أكثر وكلهم فعال لما يريد. (إنتهى الجزء الأول).
(إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ* فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)
---***---
البرهان ب:
سأكتفي هنا ببعض الأدلة وهي أسماء الله الحسنى (القيوم، الحي، الرحمن)، ولا يعني هذا غياب غيره من الأدلة.
البرهان بإسمه القيوم:
من المقدمة ف3 ينتج أن الإرادة يجب أن تكون فوق (مهيمنة على) النتيجة فيدرك صاحبها النتائج ولا تدركه، ونجد في القرآن الكريم:
(لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)
ولهذا أنت إستدللت:
("لايرى ولاينظر ولاتدركه عين او بصر، وهو موجود في كل مكان ولكنه لايرى في اي مكان")إنتهى الإقتباس
سأتجاوز عن الأخطاء التي في هذه الجملة (بغير تسليم)؛ ولكن يجب علينا أن نسأل هل يقوم المجال (V1) بدون الإرادة. الإجابة بالطبع لا. إذًا سنقوم بإستقصاء اللاقيوم (إذًا يستبعد بــ "لا"). وبما أن القيوم هو الله؛ بهذا نصل إلى أعظم شهادة:
(شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ)
يمكننا تكرير البرهان بإسمه الحي:
يقول الملحدون مثلا؛ أن إحتمال ظهور حياة هو أصغر من 1 إلى مليار .... ولكن في ظروف معينة ... إلخ. وإقتداءً بالخليل عليه السلام؛ لن أسأل عن "إحتمال ظهور الحي من الميت" بل سأسأل عن "إحتمال تكرار ظهور الحي من الميت" وهنا يخرس الكافر ويبهت.
كل إله لم ينسب لنفسه الحياة لزامًا؛ ممكن أن يكون "إله داروينيا متطورا من شيطان" (إذًا يستبعد بــ "لا").
يمكننا تكرير البرهان بإسمه الرحمن:
بما أن الرحمة موجودة بلا شك بين كل ذي كبد رطب، وبما أن الرحمة تتعارض مع الأنانية وحب الذات، إذًا لا يمكن أن تتطور من "الأنا" و"الذات" ويجب أن تكون صفة مكتسبة. فإذا كان من يستعمل الرحمة رحيما؛ فإن من يمنحها رحمانًا.
(قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى)
(وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا)
إذًا كل إله لم يثبت لنفسه أنه رحمانا (يستبعد بــ "لا").
---***---
(لا إله إلا الله)
---***---
عمومًا، إن لم تفهم حرفًا مما كتبت لك بني فلا تحزن فهذا لا يعيبك؛ إنما يعيبك أن تتحدى مليارا ونصف المليار من المسلمين؛ وأنت تأكل الطعام. إلا أنني لن أغفل عن الشد على يديك حيث أنك أصبت بقصد أو بغير قصد أن الطريق للحق (وهو الحق سبحانه) هو أسماءه الحسنى؛
قال طيب السيرة والذِكر (إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة)
وأُنهي كلامي بأطيب الكلام:
(وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)
(قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ)
Bookmarks