عاد هم قوم هود - عليه السلام - وكانوا يسكنون بالأحقاف فى جنوب الجزيرة العربية، بالقرب من حضرموت.
وثمود هم قوم صالح - عليه السلام - وكانت مساكنهم بشمال الجزيرة العربية، وما زالت مساكنهم تعرف حتى الآن بقرى صالح.
وقوله - سبحانه -: { وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم مِّن مَّسَاكِنِهِمْ } المقصود منه غرس العبرة والعظة فى نفوس مشركي مكة، عن طريق المشاهدة لآثار المهلكين، فإن مما يحمل العقلاء على الاعتبار، مشاهدة آثار التمزيق والتدمير، بعد القوة والتمكين.
ومساكن عاد وثمود معروفة عند العرب يا أخي الفاضل ومنقولة بينهم أخبارها وأحوالها ويمرون عليها في أسفارهم إلى اليمن وإلى الشام.
{ وَإِنَّكُمْ لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُّصْبِحِينَ * وَبِٱللَّيلِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }
وطبيعي الآن أن نجد آثار السابقين تحت التراب، ولا بُدَّ أن نحفر لنصل إليها؛ لأن عوامل التعرية طمرتها بمرور الزمن، ولمَ لا والواحد منّا لو غاب عن بيته شهراً يعود فيجد التراب يغطي أسطح الأشياء، مع أنه أغلق الأبواب والنوافذ، ولك أن تحسب نسبة التراب هذه على مدى آلاف السنين في أماكن مكشوفة.
وحكَوْا أن الزوابع والعواصف الرملية في رمال الأحقاف مثلاً كانت تغطي قافلة بأكملها، إذن: كيف ننتظر أن تكون آثار هذه القرى باقية على سطح الأرض؟ والآن نشاهد في الطرق الصحراوية مثلاً إذا هبَّتْ عاصفة واحدة فإنها تغطي الطرق بحيث تعوق حركة المرور إلى أنْ تُزَاح عنها هذه الطبقة من الرمال، وأيضا في الصحراء المغربية مثلا مساكن تصبح تحت الرمال بعد خمس أو عشر أعوام نتيجة ظاهرة التصحر ...
إذن: علينا أن نقول: نعم يا رب رأينا مساكنهم ومررنا بها - ولو من خلال الصور الحديثة التي التقطت لهذه القرى .
{بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ}
وكيف يعرف فرق ما بين حق الذمام وثواب الكفاية من لا يعرف طبقات الحق في مراتبه، ولا يفصل بين طبقات الباطل في منازله. [ الجاحظ ]
Bookmarks