شكرا للإدارة
أنا ليس لدي نسخة عن المداخلات السابقة و لكن ساحاول تلخيص ما قلته سابقا للفائدة
ما هي نظرية التطور:
1 . نظرية التطور هي نظرية كبيرة و متشعبة. بل هناك عدة نظريات تطور.
2. الفكرة الأساسية هيي أن جينات الكائنات الحية يحصل فيها طفرات و تغيرات لآشباب متعددة. هذه الطفرات تؤدي لتغير في الصفات الشكلية للكائنات الحية. هذه التغيرات تجعل لبعض أفراد النوع الواحد فائدة فوق الآخرين مما يؤدي لإعطائهم فرص أكبر للبقاء و ذريتهم كذلك. بالتدريج, هذه التغيرات تؤدي لنشوء أنواع جديدة.
3. كإطار عام, معظم العلماء حاليا يؤكدون صحة نظرية التطور نظرا للكم الهائل من الأدلة المتوافقة مع هذه النظرية. هناك خلافات بين هؤلاء العلماء -بالطبع- و لكن معظم هذه الخلافات هي ضمن نظرية التطور.
نظرية التطور و الدين المسيحي:
1. بدا الصدام مع نظرية التطور بسبب الخلاف مع الإنجيل. الخلاف له جذور متعددة و منها قولهم أن الإنسان أصله من المملكة الحيوانية (و هنا تتعارض النظرية مع المفهوم العام لخلق آدم عليه السلام في الدين الإسلامي أيضا). بالنسبة للكتاب المقدس الخلاف أوسع بذلك بكثير و أشمل. الكتاب المقدس يقول بأن العالم عمره حوالي 6000 سنة (و العلم يقول حوالي 4 مليارات!) و يقول بأن الأرض لم يكن فيها كائنات لاحمة قبل الإنسان (و هذا ما يعارض العلم و القرآن أيضا) و غير ذلك.
2. في أمريكا حاليا هذا الإتجاه المسيحي المتشدد يزداد قوة. هم يدعون "المولودون ثانية" و يؤمنون بحرفية الكتاب المقدس و بضرورة بقاء اسرائيل حتى حصول المعركة الكبرى ... عادة يعرفون بالمسيحيون المتصهينون و منهم جورج بوش.
3. حاليا في أمريكا يوجد حوالي 70 مليون من هؤلاء و هم يشنون حملة لفرض تدريس نظرية "التصميم الذكي" لخلق الكون (حيث أن نظرية التطور تدرس على أنه ليس هناك إله). حتى الآن لم ينجحوا و هناك معارضة قوية من الطرف العلمي و الأكاديمي. هؤلاء المسيحيون الجدد يقيومون بأعمال لنشر طريقة تفكيرهم و تضليل العامة. من فترة قريبة قام أحدهم ببناء متحف "تاريخ طبيعي" يظهر الإنسان يصطاد ديناصورات و هو ما يخالف العلم حيث أن الديناصورات وجدت قبل الإنسان بكثير.
الموقف الإسلامي من نظرية التطور:
1. أنا أرى أن معظم نظرية التطور إما لا تخالف (أي أن الشرع صامت عنها) أو أنها توافق الدين الإسلامي. هناك أجزاء منها في تعارض صريح مع الشرع الإسلامي.
2. نظرية التطور في الكائنات الحية عدا الإنسان: أنا أرى أن الشرع إجمالا صامت عنها. لا مانع أبدا أن يكون قانون الانتخاب الطبيعي من السنن الكونية لله عز و جل. عملية الخلق كانت متدرجة و هناك في القرآن ما يؤيد ذلك.
3. الرابط بين الإنسان و القرد: هذه هي المشكلة الأساسية بين الإسلام و نظرية التطور التي تقول أن الإنسان و القرود لهم أصل مشترك و يعرف ب "القرود الكبيرة". من المهم التذكر هنا أن وجود رابط "قربى" أو "جيني" بين الإنسان و القرود ليس غريبا تماما عن الشرع الإسلامي حيث أن هناك ناسا مسخوا قرودا و هذا أمر معروف. هناك أحاديث تقول أن ما مسخ مات و لكن هناك مساحة صغيرة للخلاف هنا. لو قبلنا فرضا أن ما مسخ أعطى نسلا و استمر لكان هذا هو نظرية التطور بعينها مع الفارق أن الإنسان هو أصل للقرد و ليس العكس (يعني فرق مسميات فقط).
4. الآيات التي تصف الإنسان بأنه خلق من علق ظن أنها تشير إلى جلطة الدم الصغيرة قديما. في العقود الماضية تبين أن الجنين خلال مرحلة من مراحله يمر بفترة يكون فيها مثل حيوان العلق (أي انه يعيش على امتصاص الدم) و قد قبل هذا التفسير. أنا أعتقد أنه يوجد احتمال أن يوسع تفسير الآية ليشمل حيوان العلق فعلا و إن كنت أعترف بضعف وجهة النظر هذه (و لم أسمع أحدا يقول بها من قبل).
5. قانون الإصطفاء الطبيعي ضمن الجنس البشري: هناك دليل مباشر من القرآن و السنة بما يدعم هذه النظرية. سأورد هنا ما أعتقد أنه أفضل الأدلة:
أ. قانون الانتخاب الطبيعي ضمن الجنس البشري ببساطة يعني أن المجتمع الأكثر تقيدا بأوامر الله هو المهيء للبقاء ... و الأدلة:
سورة النحل آية 36: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ
سورة آل عمران آية 137 : قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذَّبِينَ
أي أن المكذبين سيهلكوا .. بكلمات أخرى: انقرضوا
أيضا حديث الرسول عليه الصلاة و السلام في موطأ مالك > كتاب الجهاد > باب ما جاء في الغلول:
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد انه بلغه عن عبد الله بن عباس انه قال : (ما ظهر الغلول في قوم قط الا ألقي في قلوبهم الرعب ولا فشا الزنا في قوم قط الا كثر فيهم الموت ولا نقص قوم المكيال والميزان إلا قطع عنهم الرزق ولا حكم قوم بغير الحق الا فشا فيهم الدم ولا ختر قوم بالعهد الا سلط الله عليهم العدو).
و في تفشي الإيدز في هذا العصر و غير ذلك من أمراض المجتمع ما يثبت هذا الكلام
ب. هناك دليل على أن هناك أنواعا من البشر وجدت ثم انقرضت و على أن خلق البشر يتغير:
سورة الفجر الآيات من 6-8: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ (8)
هذا ما قاله ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآيات: أَيْ الْقَبِيلَة الَّتِي لَمْ يُخْلَق مِثْلهَا فِي بِلَادهمْ لِقُوَّتِهِمْ وَشِدَّتهمْ وَعِظَم تَرْكِيبهمْ قَالَ مُجَاهِد إِرَم أُمَّة قَدِيمَة يَعْنِي عَادًا الْأُولَى قَالَ قَتَادَة بْن دِعَامَة وَالسُّدِّيّ إِنَّ إِرَم بَيْت مَمْلَكَة عَاد وَهَذَا قَوْل حَسَن جَيِّد قَوِيّ وَقَالَ مُجَاهِد وَقَتَادَة وَالْكَلْبِيّ فِي قَوْله " ذَات الْعِمَاد " كَانُوا أَهْل عُمُد لَا يُقِيمُونَ وَقَالَ الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس إِنَّمَا قِيلَ لَهُمْ ذَات الْعِمَاد لِطُولِهِمْ .
أي بكل بساطة ... نوع من البشر يتميز بصفات لم توجد في الآخرين فهم مختلفون شكلا و لكنهم بشر و هم قد انقرضوا.
أيضا في الحديث الصحيحي في بخاري و مسلم أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: "خلق الله آدم عليه السلام وطوله ستون ذراعاً"
فأين نحن من هذا الخلق ؟ هذا دليل صريح أن الخلق يتغير ...
ما جلب هذه الأشياء إلى انتباهي هو أنني دخلت بمناقشات مع آخرين حول نظرية التطور (و أنا لست مقتنعا بصحتها 100% حيث انها تترك تساؤلات غير مجابة بشكل جيد). أنا كنت أظن أن الإسلام يرفضها جملة و تفصيلا و لكني برجوعي إلى النصوص تفاجات تماما. أنا أرى بأن هناك فرصة تاريخية للمسلمين ليبينو الفرق بين القرآن و الكتاب المقدس و يقدموه إلى المجتمع العلمي الذي هو حاليا في حالة صدام مع الكنيسة ... شبيهة بما حدث في العصور الوسطى و لكن يجب أن يتم الحوار بطريقة علمية و أن يقوم به علماء مسلمون مستندون على أبحاث تجريبية تثبت وجهة النظر القرآنية و يكونوا ذو تخصص في مجالهم (و للحقيقة ... لا تحضرني أية أسماء).
أريد أن أنبه أن ما كتبت هو جهدي الشخصي و أنا لست مختصا بالدين و لا بعلوم الطبيعة و البيولوجيا. انا أرى أن يعرض فهمي للآيات و الأحاديث على عالم دين متمكن قبل أن تؤخذ كما هي.
و الله أعلم
Bookmarks