مالك مناع
02-06-2005, 12:46 AM
يقول الشيخ سليم الهلالي حفظه الله: يُوجه إلى الدعاة إلى الله – أحياناً – أسئلة فحواها تعليل الأحكام الشرعية، وهدفها تشكيك المسلم بربه، فيجنح بعضهم إلى استقصاء الحكمة التي أرادها الشارع الحكيم من وراء شرعه، كالمواقف التالية:
سؤال: لماذا حرم الله لحم الخنزير ؟
جواب: لأنه يضر بصحة الإنسان، ففيه الدودة الشريطية، وفي لحمه كميات كبيرة من (الكوليوستيرول) الدي يساعد على تصلب الشرايين، وفيه هرمونات تقتل الغيرة في الإنسان، فيصبح ديوثاً يرضى الفاحشة في أهل بيته، وهدا يعلل لنا الفساد الأخلاقي العريض الدي تعيشه دول الغرب حالياً، كتبادل الزوجات، والزواج الجماعي، وكـذلك يسبب آلام المفاصل، والروماتيزم، وذلك أن نسبة حامض البوليك فيه كبيرة جداً...
(قلت: تأمل الآن كيف سيوقعك في شراكه ..)
شبهة: إذا استطاع العلم الحديث أن يقضي على الأمورالتي ذكرتها، فهل يصبح لحم الخنزير حلالاً؟!!
ودونك موقفاً آخر وإن كانت المواقف كثيرة، والشريط طويلاً، والسجل حافلاً، ولكنها نماذج قد تغني عن أي تعليق ... مجرد إشارة إصبع ... للـذين أصيبوا بعمى الألوان ... وفقدوا القدرة على التمييز.
سؤال: ما الحكمة من الوضوء؟
جواب: لأنه نظافة.
شبهة: كان العرب الـذين بعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم بدواً، يعيشون وسط صحراء مغبرة، فشرع الوضوء، لإزالة الأوساخ، ولكننا اليوم نعيش في عصر الرفاهية والنظافة، فيكفي الإنسان غسل وجهه ويديه ورأسه صباحاً، أما أن يتوضأ لكل صلاة إدا أحدث، فهدا أمر عسير.
قلت: وربما يقول لك إذا كان الوضوء نظافة فإن التيمم وساخة !!
... أمام هـذا السيل الجارف من الشبهات يرتبك بعض الدعاة، وينهار آخرون، وينتبه من عصمه الله إلى مكر هؤلاء، وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال.
وإذا أردت أن تفحم جهيزة هؤلاء، فاعلم أن العبد إذا آمن بالله ورسوله واليوم الآخر كان لزاماً عليه أن يستسلم لما ورد عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. لأنها حق من حق، ومن أجل هـذا لبث الرسول صلى الله عليه وسلم أعواماً يركز الإيمان في النفوس، ويعدها لما سينبثق عنه من أحكام لا تدع صغيرة ولا كبيرة في حياة الفرد والجماعة إلا أحصتها.
إن من حكمة الدعوة وفقهها: أن تدعُ الإنسان إلى الايمان بالله ورسوله وكتابه أولاً، ثم قل له: قال الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قلت: وهدا خطأ منهجي يقع فيه الكثير من الدعاة عند مناقشتهم للملحدين، فتجده ينقاد إلى نقاش عقيم لا يقيم فيه حجة ولا يرد شبهة، فما معنى أن يقتنع بالوضوء مثلاً وهو لم يؤمن بالله بعد! ولـذلك لزم عليك أن تبدأ معه بالأصل فيهون عليك ما بعده. وأعني بالأصل هنا هو الايمان بالله الدي يتضمن أربعة أمور:
- الايمان بوجوده سبحانه وتعالى.
- الايمان بربوبيته، أي الانفراد بالربوبية.
- الايمان بانفراده بالالوهية.
- الايمان بأسمائه وصفاته.
ثم تتدرج معه إلى الايمان بالملائكة والكتب السماوية والرسل الكرام والبعث بعد الموت والايمان بالقدر خيره وشره. فإذا انتهيت من هده الأصول الكلية ستجد أنك فرغت ضمناً من الشبهات الفرعية.
يقول الشيخ حفظه الله: وكـذلك من الخطأ أن تعلل أمراً عقدياً أو حكماً شرعياً وقد آمنت بالله رباً، له الخلق والأمر، وبمحمد رسولاً، وبالقرآن كتاباً، وبالإسلام ديناً، لإنك إدا آمنت بـذلك على تلك الصفة، فلا ريب أنه لن يشرع شرعاً إلا ويحقق سعادتك: ( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) الملك:14
إذا، فالإيمان الصادر عن الايمان بالله ورسوله محله التوثيق عن الله ورسوله، فإذا ثبت لك أن الله شرعه بواسطة رسولنا قلنا: سمعنا وأطعنا: قال تعالى ( إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون ) النور:51
وإذا شك المرء في أمر دعي إليه لا يعلمه، فالواجب أن يسأل عن الدليل لا أن يطلب التعليل، لأن الأحكام الشرعية لا تعلل، وتعليلها ضلال من طرف خفي، فهو قد يجعل ما يستحسنه العقل حلالاً، وما يستقبحه ضلالاً.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: " ومن علامات تعظيم الأمر والنهي: أن لا يحمل الأمر على علة تضعف الانقياد والتسليم لأمر الله عز وجل، بل يسلم لأمر الله تعالى وحكمه، ممتثلاً مما أمر به، سواء ظهرت له حكمة الشرع في أمره ونهيه، أم لم تظهر، فإن ظهرت له حكمة الشرع في أمره ونهيه، حمله ذلك على مزيد من الانقياد بالبدل والتسليم لأمر الله، ولا يحمله على الانسلاخ، منه وتركه جملة، كما حمل ذلك كثير من زنادقة الفقراء المنتسبين إلى التصوف".
قلت: هـذه والله من درر الكلام، أحرى أن تكتب بماء العيون. ولعلك علمت أخي الآن المعنى العملي لل" الإسلام " الدي يعني التسليم لله والانقياد التام له، فلا نعلق طاعة أمره بمعرفة الحكمة منه، فإن علمنا فعلنا وإذ لا فلا!.
ولعل من حكمة الله في أمر ما، أن لا تكون له فيه حكمة، فتأمل! ذلكم أن الله بهـذا الأمر يختبر تعبدنا الصرف له، الـذي لا تشوبه شبهة مصلحة أو مظنة انسجام لفطرة أو موافقة لعقل.
يقول الشيخ حفظه الله: ولذلك يلزم المسلم الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر: أن يكون عالماً بالأدلة الشرعية كتاباً وسنة وآثار السلف الصالح، لا أن يأخـذ بآراء الرجال الـذين يزخرفون له القول، وينصرف إلى حفظ المتون الفقهية العارية من الدليل والقصائد العقيدية المفتقرة إلى التأصيل. لأن هــذه السبيل، هي سبيل المؤمنين من الصحابة والتابعين ومن اقتدى بهم بإحسان إلى يوم الدين.
عن معاذه قالت: سألت عائشة، فقلت: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟
فقالت: أحرورية أنت؟! ( الحرورية فرقة من فرق الخوارج)
قالت: لست بحرورية، ولكني أسأل.
قالت: كان يصيبنا ذلك، فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة
قلت: انظر أخي .. كيف خفي عن أمنـــا التعليل .. ولم يفتها التسليم .. جمعنا الله بها في جنات النعيم ..
يقول الشيخ حفظه الله: هـذا هو موقف المؤمنين وموقف الصادقين ... إنه توثيق الخبر عن سيد البشر، لأنه إذا ورد الأثر، بطل النظر، وإذا ورد نهر الله، بطل نهر العقل!.
وفي هـذا الحديث دلالات منهجية، منها:
- من وافق فرقة ضلالة في أصل من أصولها نسب إليها، فعائشة رضي الله عنها سألت معاذة: أحرورية أنت، لأن سؤالها وافق بعض أصول الخوارج (إذ أنهم يوجبون على الحائض إذا طهرت، قضاء الصلاة التي فاتتها في زمن حيضها، كما تقضي الصوم)، فما بالك بمن وافقهم في أصول! ألا ينسب إليهم؟!
- رد الشبهات وكسرها يكون بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
- فهم الصحابة رضي الله عنهم حجة على من بعدهم، ولذلك رجعت معاذة إلى عائشة رضي الله عنها، وعندما أخبرتها وقفت على ذلك ولم تتعده.
- أعلم الخلق بمراد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فمذهب السلف أعلم وأحكم وأسلم.
- الأحكام الشرعية لا تعلل، ولا قياس في العبادات، لأن مدارها على التوقيف.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ...
سؤال: لماذا حرم الله لحم الخنزير ؟
جواب: لأنه يضر بصحة الإنسان، ففيه الدودة الشريطية، وفي لحمه كميات كبيرة من (الكوليوستيرول) الدي يساعد على تصلب الشرايين، وفيه هرمونات تقتل الغيرة في الإنسان، فيصبح ديوثاً يرضى الفاحشة في أهل بيته، وهدا يعلل لنا الفساد الأخلاقي العريض الدي تعيشه دول الغرب حالياً، كتبادل الزوجات، والزواج الجماعي، وكـذلك يسبب آلام المفاصل، والروماتيزم، وذلك أن نسبة حامض البوليك فيه كبيرة جداً...
(قلت: تأمل الآن كيف سيوقعك في شراكه ..)
شبهة: إذا استطاع العلم الحديث أن يقضي على الأمورالتي ذكرتها، فهل يصبح لحم الخنزير حلالاً؟!!
ودونك موقفاً آخر وإن كانت المواقف كثيرة، والشريط طويلاً، والسجل حافلاً، ولكنها نماذج قد تغني عن أي تعليق ... مجرد إشارة إصبع ... للـذين أصيبوا بعمى الألوان ... وفقدوا القدرة على التمييز.
سؤال: ما الحكمة من الوضوء؟
جواب: لأنه نظافة.
شبهة: كان العرب الـذين بعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم بدواً، يعيشون وسط صحراء مغبرة، فشرع الوضوء، لإزالة الأوساخ، ولكننا اليوم نعيش في عصر الرفاهية والنظافة، فيكفي الإنسان غسل وجهه ويديه ورأسه صباحاً، أما أن يتوضأ لكل صلاة إدا أحدث، فهدا أمر عسير.
قلت: وربما يقول لك إذا كان الوضوء نظافة فإن التيمم وساخة !!
... أمام هـذا السيل الجارف من الشبهات يرتبك بعض الدعاة، وينهار آخرون، وينتبه من عصمه الله إلى مكر هؤلاء، وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال.
وإذا أردت أن تفحم جهيزة هؤلاء، فاعلم أن العبد إذا آمن بالله ورسوله واليوم الآخر كان لزاماً عليه أن يستسلم لما ورد عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. لأنها حق من حق، ومن أجل هـذا لبث الرسول صلى الله عليه وسلم أعواماً يركز الإيمان في النفوس، ويعدها لما سينبثق عنه من أحكام لا تدع صغيرة ولا كبيرة في حياة الفرد والجماعة إلا أحصتها.
إن من حكمة الدعوة وفقهها: أن تدعُ الإنسان إلى الايمان بالله ورسوله وكتابه أولاً، ثم قل له: قال الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قلت: وهدا خطأ منهجي يقع فيه الكثير من الدعاة عند مناقشتهم للملحدين، فتجده ينقاد إلى نقاش عقيم لا يقيم فيه حجة ولا يرد شبهة، فما معنى أن يقتنع بالوضوء مثلاً وهو لم يؤمن بالله بعد! ولـذلك لزم عليك أن تبدأ معه بالأصل فيهون عليك ما بعده. وأعني بالأصل هنا هو الايمان بالله الدي يتضمن أربعة أمور:
- الايمان بوجوده سبحانه وتعالى.
- الايمان بربوبيته، أي الانفراد بالربوبية.
- الايمان بانفراده بالالوهية.
- الايمان بأسمائه وصفاته.
ثم تتدرج معه إلى الايمان بالملائكة والكتب السماوية والرسل الكرام والبعث بعد الموت والايمان بالقدر خيره وشره. فإذا انتهيت من هده الأصول الكلية ستجد أنك فرغت ضمناً من الشبهات الفرعية.
يقول الشيخ حفظه الله: وكـذلك من الخطأ أن تعلل أمراً عقدياً أو حكماً شرعياً وقد آمنت بالله رباً، له الخلق والأمر، وبمحمد رسولاً، وبالقرآن كتاباً، وبالإسلام ديناً، لإنك إدا آمنت بـذلك على تلك الصفة، فلا ريب أنه لن يشرع شرعاً إلا ويحقق سعادتك: ( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) الملك:14
إذا، فالإيمان الصادر عن الايمان بالله ورسوله محله التوثيق عن الله ورسوله، فإذا ثبت لك أن الله شرعه بواسطة رسولنا قلنا: سمعنا وأطعنا: قال تعالى ( إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون ) النور:51
وإذا شك المرء في أمر دعي إليه لا يعلمه، فالواجب أن يسأل عن الدليل لا أن يطلب التعليل، لأن الأحكام الشرعية لا تعلل، وتعليلها ضلال من طرف خفي، فهو قد يجعل ما يستحسنه العقل حلالاً، وما يستقبحه ضلالاً.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: " ومن علامات تعظيم الأمر والنهي: أن لا يحمل الأمر على علة تضعف الانقياد والتسليم لأمر الله عز وجل، بل يسلم لأمر الله تعالى وحكمه، ممتثلاً مما أمر به، سواء ظهرت له حكمة الشرع في أمره ونهيه، أم لم تظهر، فإن ظهرت له حكمة الشرع في أمره ونهيه، حمله ذلك على مزيد من الانقياد بالبدل والتسليم لأمر الله، ولا يحمله على الانسلاخ، منه وتركه جملة، كما حمل ذلك كثير من زنادقة الفقراء المنتسبين إلى التصوف".
قلت: هـذه والله من درر الكلام، أحرى أن تكتب بماء العيون. ولعلك علمت أخي الآن المعنى العملي لل" الإسلام " الدي يعني التسليم لله والانقياد التام له، فلا نعلق طاعة أمره بمعرفة الحكمة منه، فإن علمنا فعلنا وإذ لا فلا!.
ولعل من حكمة الله في أمر ما، أن لا تكون له فيه حكمة، فتأمل! ذلكم أن الله بهـذا الأمر يختبر تعبدنا الصرف له، الـذي لا تشوبه شبهة مصلحة أو مظنة انسجام لفطرة أو موافقة لعقل.
يقول الشيخ حفظه الله: ولذلك يلزم المسلم الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر: أن يكون عالماً بالأدلة الشرعية كتاباً وسنة وآثار السلف الصالح، لا أن يأخـذ بآراء الرجال الـذين يزخرفون له القول، وينصرف إلى حفظ المتون الفقهية العارية من الدليل والقصائد العقيدية المفتقرة إلى التأصيل. لأن هــذه السبيل، هي سبيل المؤمنين من الصحابة والتابعين ومن اقتدى بهم بإحسان إلى يوم الدين.
عن معاذه قالت: سألت عائشة، فقلت: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟
فقالت: أحرورية أنت؟! ( الحرورية فرقة من فرق الخوارج)
قالت: لست بحرورية، ولكني أسأل.
قالت: كان يصيبنا ذلك، فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة
قلت: انظر أخي .. كيف خفي عن أمنـــا التعليل .. ولم يفتها التسليم .. جمعنا الله بها في جنات النعيم ..
يقول الشيخ حفظه الله: هـذا هو موقف المؤمنين وموقف الصادقين ... إنه توثيق الخبر عن سيد البشر، لأنه إذا ورد الأثر، بطل النظر، وإذا ورد نهر الله، بطل نهر العقل!.
وفي هـذا الحديث دلالات منهجية، منها:
- من وافق فرقة ضلالة في أصل من أصولها نسب إليها، فعائشة رضي الله عنها سألت معاذة: أحرورية أنت، لأن سؤالها وافق بعض أصول الخوارج (إذ أنهم يوجبون على الحائض إذا طهرت، قضاء الصلاة التي فاتتها في زمن حيضها، كما تقضي الصوم)، فما بالك بمن وافقهم في أصول! ألا ينسب إليهم؟!
- رد الشبهات وكسرها يكون بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
- فهم الصحابة رضي الله عنهم حجة على من بعدهم، ولذلك رجعت معاذة إلى عائشة رضي الله عنها، وعندما أخبرتها وقفت على ذلك ولم تتعده.
- أعلم الخلق بمراد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فمذهب السلف أعلم وأحكم وأسلم.
- الأحكام الشرعية لا تعلل، ولا قياس في العبادات، لأن مدارها على التوقيف.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ...