المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أسئلة و أجوبة حول معنى الشهادتين ينبغي على كل مسلم معرفتها



المقتدي بالسلف
02-07-2005, 09:59 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

إخواني الكرام

و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

فهذه هي الدفعة الثانية من أسئلة العقيدة المبسطة .

أسأل الله العلي العظيم أن ينفعكم بها


السؤال الثاني

إن المتقرر لدى أهل السنة والجماعة أن الرجل لا يدخل في الإسلام حتى يشهد أن لا إله إلا الله و أنّ محمد رسول الله .

المطلوب

1ـ ما معنى شهادة ( لا إله إلا الله ) ؟

2ـ ما أركان وشروط ( لا إله إلا الله ) ؟

3ـ متى تنفع ( لا إله إلا الله ) قائلها ؟ اضرب مثالين على ذلك .

4- ما معنى شهادة ( محمد رسول الله ) وماهي شروطها ؟

الجواب

من المعلوم أنّ الله سبحانه وتعالى قد خلق الخلق لتوحيده ، فدعا إلى هذا التوحيد كُل رسل الله بما فيهم نبينا عليه الصلاة والسلام ، الذي أمضى 13 عاماً في مكة يدعو كفار قريش إلى شهادة أنّ لا إله إلا الله وأنّ محمد رسول الله .
وذات مرة إجتمعوا عند عمه أبي طالب ، فقال لهم : ( أُريدكم على كلمة واحدة ؛ بها تملكوا العرب وتدفع لكم العجم الجزية ) ، فقالوا : ماهي؟ قال : ( لا إله إلا الله )، فقاموا منكرين وقالوا : ( أجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ) ص: 5 ، فيا تُرى لماذا رفض كفار قريش قول لا إله إلا الله ؟ و الجواب : لأنهم فهموا معناها .

معنى ( لا إله إلا الله ) : أي لامعبود بحق إلا الله ، لأن الإله في اللغة يعني المعبود ، فصار معنى ( لا إله إلا الله ) : لامعبود إلا الله ، والعلماء رحمهم الله أضافوا كلمة (بحق) لأسباب عدة منها:

1ـ لأنّ في الكون آلهة عدة ، فالشمس عٌبِدت فهي إله ، والنار عُبِدت فهي إله وغيرها ، والحاصل أن الآلهة كثيرة، لكن الإله الحق هو الله ، لذلك أضيفت ( بحق) .

2ـ لأنّ الله عز وجل قال ( ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الْبَاطِلُ ) لقمان:30 .

إذاً صار معنى ( لا إله إلا الله ): لامعبود بحق إلا الله ، فإذا فهمت هذا التعريف ، علمت أن كثيراً من المسلمين و للأسف الشديد يفهمون الشهادة بفهمٍ خاطئ ، حيث يعتقدون أنّ معنى( لا إله إلا الله ): لا رازق ولا خالق إلا الله ، وهذا بالتأكيد تعريف غير صحيح ، ولو كان هذا معناها لشهد بها كفار قريش لأنهم مقرون بأن الله هو الخالق و الرازق ، قال جل وعلا ( وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ ) الزخرف: 9 ، قال جل وعلا ( ولَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ ) الزخرف: 87 ، ولكنهم ـ أي كفار قريش ـ فهموا معناها لذلك أبوا الإقرار بها وقالوا :( أجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ ) ص:5 .

أما أركان ( لا إله إلا الله ) فهي:

1- النفي في (لا إله) وهو نفي الألوهية الحقيقية عن غير الله تعالى.

2- الإثبات في ( إلا الله ) وهو إثبات الألوهية الحقيقية له سبحانه دون من سواه .

أما شروطها فهي:

الأول: العلم بمعناها المنافي للجهل ، وتقدم أن معناها لا معبود حق إلا الله، فجميع الآلهة التي يعبدها الناس سوى الله كلها باطلة ، قال تعالى ( فاعلم أنه لا إله إلا الله ) محمد :19، وفي الصحيح عن عثمان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( من مات و هو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة ) رواه مسلم .

الثاني: اليقين المنافي للشك ، فلا بد في حق قائلها أن يكون على يقين بأن الله- سبحانه- هو المعبود بالحق قال تعالى : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا ) الحجرات: 15 ، و في الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( أشهد أن لا إلا الله و أني رسول الله ، لا يلقى الله بهما عبد غير شاكّ فيهما إلا دخل الجنة ) رواه مسلم .

الثالث: الإخلاص المنافي للشرك و الرياء ، وذلك بأن يخلص العبد لربه- سبحانه- وهو الله- عز وجل- جميع العبادات فإذا صرف منها شيئا لغير الله من نبي، أو ولي، أو ملك، أو صنم، أو جني أو غيرها فقد أشرك بالله ونقض هذا الشرط وهو شرط الإخلاص ، قال تعالى : ( ألا لله الدين الخالص ) الزمر :3 ، و في الصحيح عن عتبان بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( إنّ الله حرّم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله ) رواه مسلم.

الرابع: الصدق المنافي للكذب، ومعناه أن يقولها وهو صادق في ذلك، يطابق قلبه لسانه، ولسانه قلبه، فإن قالها باللسان فقط وقلبه لم يؤمن بمعناها فإنها لا تنفعه، ويكون بذلك كافرا كسائر المنافقين ، قال تعالى( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ . يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ ) البقرة: 8-9 ، و في الصحيحين عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم ( ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله و أنّ محمداً عبده و رسوله صدقاً من قلبه إلا حرمه الله على النار ) .

الخامس: المحبة المنافية للبغض ، ومعناها أن يحب الله- عز وجل- فإن قالها وهو لا يحب الله صار كافرا لم يدخل في الإسلام كالمنافقين ، قال تعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ ) البقرة : 165 .

السادس: الانقياد لما دلت عليه من المعنى، ومعناه أن يعبد الله وحده وينقاد لشريعته، ويؤمن بها، ويعتقد أنها الحق، فإن قالها ولم يعبد الله وحده، ولم ينقد لشريعته بل استكبر عن ذلك، فإنه لا يكون مسلما كإبليس و أبي طالب وأمثاله، قال تعالى : ( و أنيبوا إلى ربكم و أسلموا له ) الزمر : 54 ، قال تعالى :( فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا ) النساء : 65

السابع: القبول لما دلت عليه، ومعناه أن يقبل ما دلت عليه من إخلاص العبادة لله وحده، وترك عبادة ما سواه، وأن يلتزم بذلك ويرضى به، قال تعالى : ( إنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ. وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ ) الصافات : 35-36 .

الثامن: الكفر بما يعبد من دون الله ، ومعناه أن يتبرأ من عبادة غير الله ويعتقد أنها باطلة، كماقال الله تعالى:( فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )البقرة : 256 .

قال العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله وهو يتحدث عن شروط ( لا إله إلا الله ) في رسالته ( الدروس المهمة لعامة الأمة ) " وقد جُمعت في البيتين الآتيين :


علم يقين وإخلاص وصدقك مع = محبة وانقياد والقبول لها
وزيد ثامنها الكفران منك بما = سوى الإله من الأشياء قد ألها"

واعلم أخي في الله : أنّ ( لا إله إلا الله ) تنفع صاحبها في الدنيا قبل الآخرة إذا أتى صاحبها بشروطها كاملة و عمل بمقتضى هذه الشروط ، أما إذا اختل شرط واحد فلن تنفعه هذه الشهادة . و إليك هذه الأمثلة : إن قال قائل ( لا إله إلا الله ) و لكنه شاكٌ في أن الله هو الإله الوحيد . هل ستنفعه هذه الشهادة . و إن قال قائل ( لا إله إلا الله ) و لكنه غير صادق فيما يقول( و هذا عمل المنافقين ).هل ستنفعه هذه الشهادة . و إن قال قائل ( لا إله إلا الله ) و لكنه يرضى أن يَعبدَ الناس النجوم و البقر و النار و الأنبياء و غيرهم . هل ستنفعه هذه الشهادة .

إذاً فالمطلوب من المسلم معرفة هذه الشروط والعمل بها ، وليس المطلوب حفظها فقط ، فكم من حافظ لها لكنه لا يُطبقها . ولا حول ولاقوة إلا بالله .

معنى ( محمد رسول الله ): أنْ يعتقد المرء بقلبه ويقرّ بلسانه بأن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي القرشي رسول من عند الله و خاتم الرسل ، أُنزل عليه القرآن ، وأُرسل إلى الإنس و الجن كافة .


شروط شهادة أنّ ( محمداً رسول الله )

1ـ طاعته فيما أمر.

2 ـ اجتناب مانهى عنه وزجر.

3 ـ تصديقه فيما أخبر ، ولو لم يوافق العقل.

4 ـ أنْ لا يُعبد الله إلا بما شرع النبي صلى الله عليه وسلم.

وطاعة النبي واجبة بنص الكتاب ، قال تعالى ( وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون) آل عمران : 132 وقال جل وعلا ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ) النساء:59 .

" وقال تعالى في سورة النساء: 80 ( مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ) وكيف تُمِْكنُ طاعته و رَدُّ ما تَنازع فيه الناس إلى كتاب الله وسنة رسوله ، إذا كانت سنته لا يُحتج بها ، أو كانت كلها غير محفوظة ، وعلى هذا القول يكون الله قد أحال عباده إلى شيء لا وجود له ، وهذا أبطل الباطل ، ومن أعظم الكفر بالله وسوء الظن به ، وقال عز وجل في سورة النحل: 44 ( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) فكيف يَكِل الله سبحانه إلى رسوله صلى الله عليه وسلم تبيين المُنزّل إليهم ، وسنته لا وجود لها أو لا حجة فيها ، ومثل ذلك قوله تعالى في سورة النور: 54 ( قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ) ، وقال تعالى في السورة نفسها الآية : 56 ( وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) .وقال في سورة الأعراف: 158( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) .

وفي هذه الأيات الدلائل الواضحة على أن الهداية والرحمة في إتباعه عليه الصلاة والسلام ، وكيف يمكن ذلك مع عدم العمل بسنته ، أو القول بأنه لا صحة لها ، أو لايعتمد عليها ، و قال عز وجل في سورة النور : 63 ( لْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) وقال في سورة الحشر: 7 ،( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ) والآيات في هذا المعنى كثيرة ، وكلها تدل على وجوب طاعته عليه الصلاة والسلام ، واتباع ما جاء به ، كما سبقت الأدلة على وجوب اتباع كتاب الله ، والتمسك به وطاعة أوامره ونواهيه ، وهما أصلان متلازمان ، من جحد واحداً منهما فقد جحد الآخر وكذب به ، وذلك كفر وضلال ، وخروج عن دائرة الإسلام بإجماع أهل العلم والإيمان ، وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجوب طاعته ، واتباع ماجاء به ، وتحريم معصيته ، وذلك في حق من كان في عصره، وفي حق من يأتي بعده إلى يوم القيامة ، ومن ذلك ماثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ) ، وفي صحيح البخاري عنه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى ، قيل : يارسول الله ومن يأبى؟ قال من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى) ... " نقلاً من رسالة بعنوان : وجوب العمل بسُنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم و كُفر مَن أنكرها ، للشيخ : عبد العزيز بن باز رحمه الله .

و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته