المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بــتـــــاع الأحــــــلام !! >>>>>>>>>>



مُهند
11-27-2007, 11:20 PM
بتاع الأحلام !!


http://i209.photobucket.com/albums/bb171/muhannad85/-.gif




عندما تشيع السطحية يتم اختصار أشياء كبيرة للغاية بشكل مخل وتصبح مرتبطة في أذهاننا بمفهوم ضيق ..

من أشهر نماذج هذا المرض الثقافي الذي استشرى في واقعنا ما يعرفه الناس عن التابعي الكبير، إمامنا وأستاذنا محمد بن سيرين ..
الإمام الذي وصفته مذيعة شابة تافهة على أحد القنوات بأنه " بتاع الأحلام" !!
وهو ما جعل الدم يصعد إلى رأسي ولا ينزل من الكمد والغيظ..

ومحمد ابن سيرين إمام من أشهر وأهم أئمة عصر التابعين .. كان أبوه "نحاساً " بمدينة عين التمر بمنطقة الأنبار بالعراق .. وبوصول الفتح الإسلامي إليها أخذه قائد جيش الفتح "خالد بن الوليد" أسيراً بعد هزيمة العدو ، وبانتقال الوالد إلى المدينة اشتهر بمهنته كما عرف بمكارم الأخلاق وحسن الصفات ..

استقر المقام بالوالد ( أبي محمد بن سيرين الذي نتحدث عنه ) في واحد من أهم معاقل المدينة المنورة آنذاك وهو منزل الصحابي الجليل " أنس بن مالك"..

واتفق الصحابي الجليل مع مملوكه على مبلغ من المال يدفعه الأسير ليحصل على حريته وهو ما يسنى في الفقه الإسلامي بـ " المكاتبة" .

وبالفعل حصل أبو محمد على حريته وتزوج زواج الأحرار لينجب محمداً ..

وبدأت سمات النبوغ تظهر على الصغير الذي تعلم القراءة والكتابة وتدرب على صناعة الحرير فأتقنها وتفوق فيها .. وكانت المدينة المنورة آنذاك عامرةً بالصحابة فتفتحت شهية محمد لتلقي العلم فأخذه عن أبي هريرة وابن عمر وأنس بن مالك وعمران بن حصين رضي الله عنهم جميعاً .

وابن سيرين الذي لا نكاد نعرف عنه سوى كتابه الذي اشتهر باسم" تفسير الأحلام" كان عالماً معروفاً وزاهداً مشهوراً ، لم يدفعه الزهد للانعزال ، بل واجه السلطة في حياته مواجهات جريئة .. فقد أرسل إليه أحد ولاة بني أمية ضمن مجموعة من العلماء .. فقال له الأمير :

- ما رأيت منذ تقربت من بابنا ؟؟

فقال الإمام بن سيرين بصوت جهوري :

- رأيت ظلماً فاشياً وبلاءً نامياً !!

و في الليلة نفسها أرسل إليه الأمير مالاً ليسترضيه فرده إلى الأمير .

وبلغ من رغبته في البعد عن السلطة - وهي على حالها هذا من الظلم – أن أرادوا توليته القضاء ، فهرب إلى الشام خوفاً على دينه .. وكان رغم مكانته العلمية الجبارة يوقل دائماً : " مالي وللقضاء !! " ..


وجمعته الصداقة الحميمة بأعلام علماء عصره ، فكان صديقاً للحسن البصري ، وأوصى أنس بن مالك (ر) أن يغسله ويكفنه ويصلي عليه ..

هذا هو الإمام العلامة محمد بن سيرين ..
ولا أجد ما أقول لتلك المذيعة الشابة .. فهي غلبانة مثلنا ..
هدنا الله وإياها ورد على تلك الأمة عزها وحضراتها تارة أخرى .


قولوا آمين ..!!