مسلمة
02-13-2005, 11:37 PM
ا((شبهات ليبرالية))
بتلخيص وتصرف: من مقال للشيخ أبو عمر أسامة العتيبي
الشبهة الأولى : قد يقول قائل من الليبراليين : إن الله -عزَّ وجلَّ- أراد من عباده أن يختلفوا ، ومحاولة جمعهم مخالف لما أراد الله ..
الــــجــــواب:
نظر الليبراليون إلى البشريةِ وحالِها بمنظار واحد ألا وهو منظار الإرادة الكونية والمشيئة العامة لله -عزَّ وجلَّ- ، وأغفلوا الإرادة الشرعية.
فإرادة الله تنقسم إلى قسمين: الأولى: إرادة كونية يلزم منها وقوع المراد ، ولا يلزم منها محبة الله ورضاه عما أراده كوناً . قال تعالى: {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام و من يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجاً كأنما يصعد في السماء}، وقال -عزَّ وجلَّ- {فعال لما يريد} ، {ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد}.
فالله أراد خلق إبليس وهو لا يحبه ولا يرضاه . وإنما خلقه لحكم عظيمة منها ابتلاء الناس ، وبيان المصلح من المفسد.
والقسم الثاني من الإرادة: إرادة شرعية يلزم منها محبة الله للمراد ورضاه عنه ، ولا يلزم منها وقوع المراد. {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} ، {والله يريد أن يتوب عليكم}.
فالله يريد من عباده جميعاً أن يوحده ويعبدوه ويحب ذلك منهم ، ولكن لا يلزم أن يؤمن الناس جميعاً بل منهم المؤمن ومنهم الكافر.
وما ضلال الطوائف في باب القدر إلا لخلطهم بين الإرادتين ومشاهدتهم لأحد القسمين دون الآخر.
فالقدرية شاهدوا الإرادة الشرعية فرأوا أن الناس يفعلون ما لا يريده الله شرعاً من الكفر والفسوق والعصيان ، فأنكروا خلق الله لأفعال العباد والله يقول : {والله خلقكم وما تعملون}.
والجبرية شاهدوا الإرادة الكونية فقالوا العبد مجبور على فعله ، وصححوا عبادة المشركين واليهود والنصارى وزعموا أن الله يحبها ويرضاها وهذا باطل فالله يقول: {إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم}.
ولذلك حرم الجبرية قتال الكافرين والمشركين ، ولم يفهموا الجهاد في سبيل الله وأنه فُرِضَ وشُرِعَ {حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله} والفتنة: الشرك.
ولذلك دعا الجبرية إلى وحدة الأديان وأباحوا الردة عن الإسلام لأنهم ظنوا أن الله جبر العباد على الشرك والإيمان وهو -عزَّ وجلَّ- يحب ذلك كله !!
وهم ضالون بذلك مخالفون للكتاب والسنة والإجماع.
ونقول لهم أيضاً: إن الله أراد كوناً وقدراً من الخوارج أن يسفكوا الدماء ويقتلوا المسلمين ، وأنتم استنكرتم التفجير والقتل فهل نقول : إنكم عارضتم إرادة الله ؟
لا .
لأن إرادة الله الشرعية تحرم ذلك وتمنعه ، ونحن متعبدون أمراً ونهياً بالشرع وبما يريده الله شرعا ودينا ..
أما ما أراده كونا فهو لحكم بالغة منها بيان خطر وشر الخوارج إذ حصل منهم قتل وفساد ، فإن الناس لو لم يروا ذلك لما عرفوا خطرهم..
2- الشبهة الثانية: قال قائل من الليبرالية: إن الاختلاف متأصل في طبع البشر ، وأخذ يدور في فلك هذه القضية ليصل إلى نتيجة واحدة وهي التسليم بهذا الاختلاف وعدم إنكاره ومحاولة القضاء عليه .
حيث قال : [أية محاولة لنفي الاختلاف والتعدد أو قسر الناس على رؤية واحدة ذات بعد آحادي انغلاقي اقصائي فهي ببساطة شديدة مضادة لحكمة الخالق سبحانه وتعالى من إرادته لخلق خلقه مختلفين]
الــــجــــواب:
إن هذا الكلام جعل هذا الليبرالي يقع في متاهات ويخالف اليقينيات المسلمات في كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- .
فأقول لهذا الليبرالي: اعلم أنك بهذه النتيجة ، والحتمية التي قررتها بناء على مفهومك تجعل ذريعة واضحة للمخربين أن يخربوا ويفجروا!!
فهؤلاء الذين يفجروا في بلاد المسلمين هم من الخوارج وهي فرقة من الفرق المنتسبة للإسلام ، "وهم يكفرون الحاكم بغير ما أنزل الله ولو لم يكن مستحلاً أو مستكبراً أو معانداً" فإذا كنت لا تعاقب عليها في الدنيا ، وتجعل لها حرية اختيار هذا المعتقد الفاسد فأنت تشجع أولئك الخوارج على استمرارهم في دينهم الباطل ومعتقدهم الفاسد ، وتنهانا عن الإنكار عليهم ، وتمنع من معاقبتهم على أعمالهم التي يمليها عليهم معتقدهم ورأيهم الذي جعلت لهم الحرية في اختياره!!
أقول لهؤلاء الليبراليين: كيف سنجتث الإرهابيين من جذورهم وأنتم تؤيدون بقاءهم وحريتهم وتمنعون معاقبتهم في الدنيا؟!!
فإذا قلتم : نحن نشترط حرية الاعتقاد والتفكير والرأي دون أذية للآخرين ولا تعد على حقوقهم!!
فنقول لهم : قد وقعتم في التناقض ، وقد حجرتم عليهم ، ولم تجعلوا لهم الحرية في ممارسة شعائرهم وطقوسهم التي لا تتم إلا برؤية الدماء والأشلاء!!
فالليبرالية لا تعالج الأمور ، وإنما تُعالَجُ بما هو مشروع في كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- .
فالإسلام يلزم الناس بتوحيد الله وعبادته وطاعته ، وشرع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والدعوة إلى الله والمجادلة بالتي هي أحسن لهذا الغرض ، وكذلك شرع الجهاد لنشر دين الإسلام والقضاء على الشرك.
3- الشبهة الثالثة: يبني الليبراليون على أصالة الخلاف –وهو أمر حتمي كوني وليس شرعياً على إطلاقه- إباحة الفرقة والاختلاف وعدم إنكاره ولا النهي عنه.
الــــجــــواب:
هذا باطل مخالف للكتاب والسنة والإجماع والعقل والفطرة البشرية .
يقول الله تعالى: {وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا} فالأصل في البشر أنهم أمة واحدة في عقيدتها ودينها وهو توحيد الله الخالص من الشرك والبدع والخرافات .
ثم حصل الخلاف وظهر الشرك في قوم نوح فأرسل الله إليهم نوحاً -عليهِ السَّلامُ- ينهاهم عن الاختلاف ويدعوهم للتوحيد .
وقد ذم الله التفرق والاختلاف في آيات عديدة :
قال تعالى: {واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا} ، وقال تعالى: {ولا تكونوا من المشركين * من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً كل حزب بما لديهم فرحون}.،
وقال تعالى: {وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم} فذم الله خلافهم وبين أن سببه البغي وليس الجهل وعدم العلم .
قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (22/359) : "وهذا الأصل العظيم وهو الاعتصام بحبل الله جميعاً ، وأن لا يتفرق هو من أعظم أصول الإسلام ، ومما عظمت وصية الله تعالى به في كتابه ، ومما عظم ذمه لمن تركه من أهل الكتاب وغيرهم ، ومما عظمت به وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- في مواطن عامة وخاصة ، مثل قوله: ((عليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة)) ، وقوله: ((فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد)) ، وقوله: ((من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر عليه فإنه من فارق الجماعة قِيْدَ شبر فقد خلع رِبقة الإسلام من عنقه)) ، وقوله: ((ألا أنبئكم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر؟)) قالوا: بلى يا رسول الله. قال: ((صلاح ذات البين فإنَّ فساد ذات البين هي الحالقة، لا أقول تحلق الشعر ، ولكن تحلق الدين)) ، وقوله: ((من جاءكم وأمركم على رجل واحدٍ منكم يريد أن يفرق جماعتكم فاضربوا عنقه بالسيف كائناً من كان)) ..." انتهى كلام شيخ الإسلام -رحمَهُ اللهُ- .
والبشر كلهم يسعون وينادون بالاتحاد والاجتماع وإن كانت طرقهم تختلف وتتعدد ما بين باطل كثير وحق قليل ، والليبراليون يدعون إلى تثبيت التفرق والاحتجاج به .
نعم قد يقول الليبراليون : نحن ندعوا إلى وحدة واتحاد يجمع بين جميع الأديان والمذاهب دون تقييد ولا معاقبة!!
وهذا باطل سبق بيانه في النقاط السابقة وهو مخالف للشريعة الإسلامية ولكتاب الله الذي {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنْزيل من حكيم حميد}.
فالخلاصة: أن إرادة الله الكونية اقتضت وجود الخلاف والتفرق ، وإرادة الله الشرعية منعت التفرق والاختلاف ونهت عنه وبينت نتائجة الشنيعة.
وإرادة الله الكونية اقتضت وجود الشيطان والكفار وأهل البدع والخرافات ، وإرادة الله الشرعية حاربت وحذرت من الشيطان والكفار وأهل البدع والخرافات.
4- الشبهة الرابعة : يستدل الليبراليون بإباحة التعددية الدينية والفكرية بقوله تعالى: {لا إكراه في الدين}.
الــــجــــواب:
لا دلالة في الآية على إباحة التدين بغير دين الإسلام من وجوه أذكرها باختصار:
الوجه الأول: أن نفي الإكراه في الدين لا يعني أنه يجوز عدم الدخول فيه ، بل نهي عن قتل من لم يدخل في دين الإسلام..
وفي الآية نفسها والتي بعدها بيان حال من يدخل في دين الإسلام وبين من يمتنع عن الدخول فيه..
قال تعالى: { لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {256} اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}.
فلو كان التدين بدين غير دين الإسلام مباحاً كما يعتقد الليبراليون لما توعد من لم يدخل في الإسلام بالنار والعذاب ..
وكذلك قد جاءت آيات أخرى قيدت هذه الآية فالواجب الإيمان بجميع الآيات وليس الإيمان ببعضها الكفر بالآخر..
فقد قيدت بمن لم يدخل أصلاً في الإسلام ، وقيدت بأهل الكتاب عند كثير من العلماء ..
الوجه الثاني: قال ابن القيم -رحمهُ اللهُ- : " {لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي} وهذا نفي في معنى النهي أي: لا تكرهوا أحداً على الدين .
نزلت هذه الآية في رجال من الصحابة كان لهم أولاد قد تهودوا وتنصروا قبل الإسلام فلما جاء الإسلام أسلم الآباء وأرادوا إكراه الأولاد على الدين فنهاهم الله سبحانه عن ذلك حتى يكونوا هم الذين يختارون الدخول في الإسلام.
والصحيح أن الآية على عمومها في حق كل كافر ، وهذا ظاهر على قول من يُجَوِّزُ أخذ الجزية من جميع الكفار، فلا يكرهون على الدخول في الدين ، بل إما أن يدخلوا في الدين ، وإما أن يعطوا الجزية كما يقوله أهل العراق وأهل المدينة ، وإن استثنى هؤلاء بعضَ عبدة الأوثان.
ومن تأمل سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- تبين له أنه لم يُكره أحداً على دينه قط ، وأنه إنما قاتل من قاتله، وأما من هادنه فلم يقاتله ما دام مقيماً على هدنته لم ينقض عهده .
بل أمره الله تعالى أن يفي لهم بعهدهم ما استقاموا له ، كما قال تعالى: {فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم} ولما قدم المدينة صالح اليهود وأقرهم على دينهم، فلما حاربوه ونقضوا عهده وبدؤوه بالقتال قاتلهم ، فمَنَّ على بعضهم ، وأجلى بعضهم ، وقتل بعضهم ، وكذلك لما هادن قريشاً عشر سنين لم يبدأهم بقتال حتى بدءوا هم بقتاله ونقضوا عهده ، فعند ذلك عزاهم في ديارهم وكانوا هم يغزونه قبل ذلك ، كما قصدوه يوم أحد ويوم الخندق ويوم بدر أيضاً هم جاؤوا لقتاله ولو انصرفوا عنه لم يقاتلهم".
الوجه الثالث: قيل: إن الآية نزلت فيمن يكره ابنه على الكفر فنهى الله عن إكراههم على الكفر وهو يتوافق مع وجوب الدخول في الإسلام ..
الوجه الرابع: قيل: إن المراد بالآية لا إكراه بالباطل ، أما الإكراه بالحق فإنه من الدين ، وهل يقتل الكافر إلا على الدين قال -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- : ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله )) ، وهو مأخوذ من قوله تعالى: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله}. انظر: أحكام القرآن لابن العربي(1/310).
الوجه الخامس: قيل: إن الآية منسوخة بآية القتال قاله عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -رحمهُ اللهُ- .
الوجه السادس: هب أن الآية يفهم منها جواز التدين بأي دين فهي مقابلة لآيات كثيرة توجب على الناس جميعاً الدخول في الإسلام ، واتباع سنة سيد الأنام ، وتعليق الفلاح والنجاة على اتباعه واقتفاء أثره والسمع والطاعة له مما يدل دلاله قاطعة على أن من اتخذ ديناً غير دين محمد ، أو اتبع طريقاً غير طريقه فهو من الخاسرين والهالكين.
ومنهج الراسخين في العلم إرجاع المتشابه إلى المحكم ولزوم المحكم وترك المتشابه.
قال تعالى: { هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ {7} رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ {8} رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ {9}
روى البخاري في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية :{ هو الذي أنزل عليك الكتاب..}
قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : ((فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم)) .
هذه بعض الشبه التي يلبس بها الليبراليون على التعددية والحرية الفكرية والعقائدية ، وهي شبه واهية ، وحجج داحضة ..
والمقرر في الكتاب والسنة وأجمع عليه العلماء أن الإسلام أعطى المسلم حظه من الحرية فيما أباحه له وجوزه له ، أما ما أوجبه عليه فيلزمه الإتيان به إذا توفرت شروطه وتحققت أسبابه وتخلفت موانعه ، وكذا يلزمه اجتناب ما حرمه عليه وفق الضوابط السابقة..
أما التفلت وعدم الانضباط فلا يحقق أمناً ولا سعادة ، ولا هو مما يقره عقل سليم ولا شرع صحيح..
فلا يقر تفلت الليبرالية وتناقضها إلا عقل سقيم أو شرع مبدل ومحرف..
ولا يحتاج المسلمون إلى زبالة أذهان الفلاسفة ، ودهاقنة الغرب ، وتخبطات الضُّلاَّل ليبينوا لهم كيف يسعدون أو كيف يأمنون؟
فقد تجلت الأمور واتضحت ، وبان طريق الخير من الشر ، وانبلج الفجر لهذه الأمة منذ أن بعث رسول الله -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- فجاء بالهدى والنور ..
فمن اتبع النبي -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- وفقه دينه ، وابتعد عن الغلو والجفاء ، والإفراط والتفريط فإنَّ له السعادة والأمن التام في الدنيا والآخرة..
وبمقدار البعد عن هدي النبي -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- ودينه في أمور الدنيا والمعاش والتدين والتعبد يكون الشقاء واختلال الأمن.
بتلخيص وتصرف: من مقال للشيخ أبو عمر أسامة العتيبي
الشبهة الأولى : قد يقول قائل من الليبراليين : إن الله -عزَّ وجلَّ- أراد من عباده أن يختلفوا ، ومحاولة جمعهم مخالف لما أراد الله ..
الــــجــــواب:
نظر الليبراليون إلى البشريةِ وحالِها بمنظار واحد ألا وهو منظار الإرادة الكونية والمشيئة العامة لله -عزَّ وجلَّ- ، وأغفلوا الإرادة الشرعية.
فإرادة الله تنقسم إلى قسمين: الأولى: إرادة كونية يلزم منها وقوع المراد ، ولا يلزم منها محبة الله ورضاه عما أراده كوناً . قال تعالى: {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام و من يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجاً كأنما يصعد في السماء}، وقال -عزَّ وجلَّ- {فعال لما يريد} ، {ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد}.
فالله أراد خلق إبليس وهو لا يحبه ولا يرضاه . وإنما خلقه لحكم عظيمة منها ابتلاء الناس ، وبيان المصلح من المفسد.
والقسم الثاني من الإرادة: إرادة شرعية يلزم منها محبة الله للمراد ورضاه عنه ، ولا يلزم منها وقوع المراد. {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} ، {والله يريد أن يتوب عليكم}.
فالله يريد من عباده جميعاً أن يوحده ويعبدوه ويحب ذلك منهم ، ولكن لا يلزم أن يؤمن الناس جميعاً بل منهم المؤمن ومنهم الكافر.
وما ضلال الطوائف في باب القدر إلا لخلطهم بين الإرادتين ومشاهدتهم لأحد القسمين دون الآخر.
فالقدرية شاهدوا الإرادة الشرعية فرأوا أن الناس يفعلون ما لا يريده الله شرعاً من الكفر والفسوق والعصيان ، فأنكروا خلق الله لأفعال العباد والله يقول : {والله خلقكم وما تعملون}.
والجبرية شاهدوا الإرادة الكونية فقالوا العبد مجبور على فعله ، وصححوا عبادة المشركين واليهود والنصارى وزعموا أن الله يحبها ويرضاها وهذا باطل فالله يقول: {إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم}.
ولذلك حرم الجبرية قتال الكافرين والمشركين ، ولم يفهموا الجهاد في سبيل الله وأنه فُرِضَ وشُرِعَ {حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله} والفتنة: الشرك.
ولذلك دعا الجبرية إلى وحدة الأديان وأباحوا الردة عن الإسلام لأنهم ظنوا أن الله جبر العباد على الشرك والإيمان وهو -عزَّ وجلَّ- يحب ذلك كله !!
وهم ضالون بذلك مخالفون للكتاب والسنة والإجماع.
ونقول لهم أيضاً: إن الله أراد كوناً وقدراً من الخوارج أن يسفكوا الدماء ويقتلوا المسلمين ، وأنتم استنكرتم التفجير والقتل فهل نقول : إنكم عارضتم إرادة الله ؟
لا .
لأن إرادة الله الشرعية تحرم ذلك وتمنعه ، ونحن متعبدون أمراً ونهياً بالشرع وبما يريده الله شرعا ودينا ..
أما ما أراده كونا فهو لحكم بالغة منها بيان خطر وشر الخوارج إذ حصل منهم قتل وفساد ، فإن الناس لو لم يروا ذلك لما عرفوا خطرهم..
2- الشبهة الثانية: قال قائل من الليبرالية: إن الاختلاف متأصل في طبع البشر ، وأخذ يدور في فلك هذه القضية ليصل إلى نتيجة واحدة وهي التسليم بهذا الاختلاف وعدم إنكاره ومحاولة القضاء عليه .
حيث قال : [أية محاولة لنفي الاختلاف والتعدد أو قسر الناس على رؤية واحدة ذات بعد آحادي انغلاقي اقصائي فهي ببساطة شديدة مضادة لحكمة الخالق سبحانه وتعالى من إرادته لخلق خلقه مختلفين]
الــــجــــواب:
إن هذا الكلام جعل هذا الليبرالي يقع في متاهات ويخالف اليقينيات المسلمات في كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- .
فأقول لهذا الليبرالي: اعلم أنك بهذه النتيجة ، والحتمية التي قررتها بناء على مفهومك تجعل ذريعة واضحة للمخربين أن يخربوا ويفجروا!!
فهؤلاء الذين يفجروا في بلاد المسلمين هم من الخوارج وهي فرقة من الفرق المنتسبة للإسلام ، "وهم يكفرون الحاكم بغير ما أنزل الله ولو لم يكن مستحلاً أو مستكبراً أو معانداً" فإذا كنت لا تعاقب عليها في الدنيا ، وتجعل لها حرية اختيار هذا المعتقد الفاسد فأنت تشجع أولئك الخوارج على استمرارهم في دينهم الباطل ومعتقدهم الفاسد ، وتنهانا عن الإنكار عليهم ، وتمنع من معاقبتهم على أعمالهم التي يمليها عليهم معتقدهم ورأيهم الذي جعلت لهم الحرية في اختياره!!
أقول لهؤلاء الليبراليين: كيف سنجتث الإرهابيين من جذورهم وأنتم تؤيدون بقاءهم وحريتهم وتمنعون معاقبتهم في الدنيا؟!!
فإذا قلتم : نحن نشترط حرية الاعتقاد والتفكير والرأي دون أذية للآخرين ولا تعد على حقوقهم!!
فنقول لهم : قد وقعتم في التناقض ، وقد حجرتم عليهم ، ولم تجعلوا لهم الحرية في ممارسة شعائرهم وطقوسهم التي لا تتم إلا برؤية الدماء والأشلاء!!
فالليبرالية لا تعالج الأمور ، وإنما تُعالَجُ بما هو مشروع في كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- .
فالإسلام يلزم الناس بتوحيد الله وعبادته وطاعته ، وشرع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والدعوة إلى الله والمجادلة بالتي هي أحسن لهذا الغرض ، وكذلك شرع الجهاد لنشر دين الإسلام والقضاء على الشرك.
3- الشبهة الثالثة: يبني الليبراليون على أصالة الخلاف –وهو أمر حتمي كوني وليس شرعياً على إطلاقه- إباحة الفرقة والاختلاف وعدم إنكاره ولا النهي عنه.
الــــجــــواب:
هذا باطل مخالف للكتاب والسنة والإجماع والعقل والفطرة البشرية .
يقول الله تعالى: {وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا} فالأصل في البشر أنهم أمة واحدة في عقيدتها ودينها وهو توحيد الله الخالص من الشرك والبدع والخرافات .
ثم حصل الخلاف وظهر الشرك في قوم نوح فأرسل الله إليهم نوحاً -عليهِ السَّلامُ- ينهاهم عن الاختلاف ويدعوهم للتوحيد .
وقد ذم الله التفرق والاختلاف في آيات عديدة :
قال تعالى: {واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا} ، وقال تعالى: {ولا تكونوا من المشركين * من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً كل حزب بما لديهم فرحون}.،
وقال تعالى: {وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم} فذم الله خلافهم وبين أن سببه البغي وليس الجهل وعدم العلم .
قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (22/359) : "وهذا الأصل العظيم وهو الاعتصام بحبل الله جميعاً ، وأن لا يتفرق هو من أعظم أصول الإسلام ، ومما عظمت وصية الله تعالى به في كتابه ، ومما عظم ذمه لمن تركه من أهل الكتاب وغيرهم ، ومما عظمت به وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- في مواطن عامة وخاصة ، مثل قوله: ((عليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة)) ، وقوله: ((فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد)) ، وقوله: ((من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر عليه فإنه من فارق الجماعة قِيْدَ شبر فقد خلع رِبقة الإسلام من عنقه)) ، وقوله: ((ألا أنبئكم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر؟)) قالوا: بلى يا رسول الله. قال: ((صلاح ذات البين فإنَّ فساد ذات البين هي الحالقة، لا أقول تحلق الشعر ، ولكن تحلق الدين)) ، وقوله: ((من جاءكم وأمركم على رجل واحدٍ منكم يريد أن يفرق جماعتكم فاضربوا عنقه بالسيف كائناً من كان)) ..." انتهى كلام شيخ الإسلام -رحمَهُ اللهُ- .
والبشر كلهم يسعون وينادون بالاتحاد والاجتماع وإن كانت طرقهم تختلف وتتعدد ما بين باطل كثير وحق قليل ، والليبراليون يدعون إلى تثبيت التفرق والاحتجاج به .
نعم قد يقول الليبراليون : نحن ندعوا إلى وحدة واتحاد يجمع بين جميع الأديان والمذاهب دون تقييد ولا معاقبة!!
وهذا باطل سبق بيانه في النقاط السابقة وهو مخالف للشريعة الإسلامية ولكتاب الله الذي {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنْزيل من حكيم حميد}.
فالخلاصة: أن إرادة الله الكونية اقتضت وجود الخلاف والتفرق ، وإرادة الله الشرعية منعت التفرق والاختلاف ونهت عنه وبينت نتائجة الشنيعة.
وإرادة الله الكونية اقتضت وجود الشيطان والكفار وأهل البدع والخرافات ، وإرادة الله الشرعية حاربت وحذرت من الشيطان والكفار وأهل البدع والخرافات.
4- الشبهة الرابعة : يستدل الليبراليون بإباحة التعددية الدينية والفكرية بقوله تعالى: {لا إكراه في الدين}.
الــــجــــواب:
لا دلالة في الآية على إباحة التدين بغير دين الإسلام من وجوه أذكرها باختصار:
الوجه الأول: أن نفي الإكراه في الدين لا يعني أنه يجوز عدم الدخول فيه ، بل نهي عن قتل من لم يدخل في دين الإسلام..
وفي الآية نفسها والتي بعدها بيان حال من يدخل في دين الإسلام وبين من يمتنع عن الدخول فيه..
قال تعالى: { لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {256} اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}.
فلو كان التدين بدين غير دين الإسلام مباحاً كما يعتقد الليبراليون لما توعد من لم يدخل في الإسلام بالنار والعذاب ..
وكذلك قد جاءت آيات أخرى قيدت هذه الآية فالواجب الإيمان بجميع الآيات وليس الإيمان ببعضها الكفر بالآخر..
فقد قيدت بمن لم يدخل أصلاً في الإسلام ، وقيدت بأهل الكتاب عند كثير من العلماء ..
الوجه الثاني: قال ابن القيم -رحمهُ اللهُ- : " {لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي} وهذا نفي في معنى النهي أي: لا تكرهوا أحداً على الدين .
نزلت هذه الآية في رجال من الصحابة كان لهم أولاد قد تهودوا وتنصروا قبل الإسلام فلما جاء الإسلام أسلم الآباء وأرادوا إكراه الأولاد على الدين فنهاهم الله سبحانه عن ذلك حتى يكونوا هم الذين يختارون الدخول في الإسلام.
والصحيح أن الآية على عمومها في حق كل كافر ، وهذا ظاهر على قول من يُجَوِّزُ أخذ الجزية من جميع الكفار، فلا يكرهون على الدخول في الدين ، بل إما أن يدخلوا في الدين ، وإما أن يعطوا الجزية كما يقوله أهل العراق وأهل المدينة ، وإن استثنى هؤلاء بعضَ عبدة الأوثان.
ومن تأمل سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- تبين له أنه لم يُكره أحداً على دينه قط ، وأنه إنما قاتل من قاتله، وأما من هادنه فلم يقاتله ما دام مقيماً على هدنته لم ينقض عهده .
بل أمره الله تعالى أن يفي لهم بعهدهم ما استقاموا له ، كما قال تعالى: {فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم} ولما قدم المدينة صالح اليهود وأقرهم على دينهم، فلما حاربوه ونقضوا عهده وبدؤوه بالقتال قاتلهم ، فمَنَّ على بعضهم ، وأجلى بعضهم ، وقتل بعضهم ، وكذلك لما هادن قريشاً عشر سنين لم يبدأهم بقتال حتى بدءوا هم بقتاله ونقضوا عهده ، فعند ذلك عزاهم في ديارهم وكانوا هم يغزونه قبل ذلك ، كما قصدوه يوم أحد ويوم الخندق ويوم بدر أيضاً هم جاؤوا لقتاله ولو انصرفوا عنه لم يقاتلهم".
الوجه الثالث: قيل: إن الآية نزلت فيمن يكره ابنه على الكفر فنهى الله عن إكراههم على الكفر وهو يتوافق مع وجوب الدخول في الإسلام ..
الوجه الرابع: قيل: إن المراد بالآية لا إكراه بالباطل ، أما الإكراه بالحق فإنه من الدين ، وهل يقتل الكافر إلا على الدين قال -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- : ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله )) ، وهو مأخوذ من قوله تعالى: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله}. انظر: أحكام القرآن لابن العربي(1/310).
الوجه الخامس: قيل: إن الآية منسوخة بآية القتال قاله عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -رحمهُ اللهُ- .
الوجه السادس: هب أن الآية يفهم منها جواز التدين بأي دين فهي مقابلة لآيات كثيرة توجب على الناس جميعاً الدخول في الإسلام ، واتباع سنة سيد الأنام ، وتعليق الفلاح والنجاة على اتباعه واقتفاء أثره والسمع والطاعة له مما يدل دلاله قاطعة على أن من اتخذ ديناً غير دين محمد ، أو اتبع طريقاً غير طريقه فهو من الخاسرين والهالكين.
ومنهج الراسخين في العلم إرجاع المتشابه إلى المحكم ولزوم المحكم وترك المتشابه.
قال تعالى: { هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ {7} رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ {8} رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ {9}
روى البخاري في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية :{ هو الذي أنزل عليك الكتاب..}
قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : ((فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم)) .
هذه بعض الشبه التي يلبس بها الليبراليون على التعددية والحرية الفكرية والعقائدية ، وهي شبه واهية ، وحجج داحضة ..
والمقرر في الكتاب والسنة وأجمع عليه العلماء أن الإسلام أعطى المسلم حظه من الحرية فيما أباحه له وجوزه له ، أما ما أوجبه عليه فيلزمه الإتيان به إذا توفرت شروطه وتحققت أسبابه وتخلفت موانعه ، وكذا يلزمه اجتناب ما حرمه عليه وفق الضوابط السابقة..
أما التفلت وعدم الانضباط فلا يحقق أمناً ولا سعادة ، ولا هو مما يقره عقل سليم ولا شرع صحيح..
فلا يقر تفلت الليبرالية وتناقضها إلا عقل سقيم أو شرع مبدل ومحرف..
ولا يحتاج المسلمون إلى زبالة أذهان الفلاسفة ، ودهاقنة الغرب ، وتخبطات الضُّلاَّل ليبينوا لهم كيف يسعدون أو كيف يأمنون؟
فقد تجلت الأمور واتضحت ، وبان طريق الخير من الشر ، وانبلج الفجر لهذه الأمة منذ أن بعث رسول الله -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- فجاء بالهدى والنور ..
فمن اتبع النبي -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- وفقه دينه ، وابتعد عن الغلو والجفاء ، والإفراط والتفريط فإنَّ له السعادة والأمن التام في الدنيا والآخرة..
وبمقدار البعد عن هدي النبي -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- ودينه في أمور الدنيا والمعاش والتدين والتعبد يكون الشقاء واختلال الأمن.