المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تقبيل الحجر الأسود



عماد
02-14-2005, 04:14 PM
قضية تقبيل الحجر الأسود :
كان السؤال الأول لأكبر أولادي قال : هل قبَّلت الحجر الأسود يا والدي ؟
الأب : لا يا ولدي . الولد : وهل يصح حجُّ الإنسان إذا لم يُقَبّلِ الحجر الأسود؟
الأب : إن للحجّ أركانا وواجبات وسنن ، فإذا فات الإنسان ركن لا يتم حجه ، وإذا فاته واجب يُجْبر بدم أو صدقة أو صيام كما هو في كتب الفقه ، وإذا فاتته سُنّة صح حجه ولا شيء عليه . وتقبيل الحجر الأسود ليس ركنا ولا واجبا وانما هو سنة للرجال . لقد قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحجر الأسود مرة ومرة أشار إليه بالمحْجَن التي كانت في يده . ولقد أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب قائلاً : ( يا عمر إنك امرؤ قوي فلا تزاحم فتؤذي الضعيف ) . أتدري يا ولدي أن تقبيل الحجر إذا كان لا يُنال إلا بالمزاحمة وإيذاء الضعفاء يصبح حراماً ، لأن في ديننا قاعدة هي " درءُ المفاسد أولى من جلب المصالح " وكم تشاهد هناك من المزاحمة على الحجر الأسود وكم يموت هناك من الناس بسبب الزحام الشديد ، ولا شك أن ذلك مخالفٌ لتعاليم الدين ولا يصدر إلا عن جاهل .
الولد : أبى نحن قوم أعزنا الله بالإسلام . فتركنا عبادة الحجارة فكيف نُقبّل حجراً ونقدسه ومن أين جاءت قدسيته ، وهل يجوز أن نسمي الحجر الأسود مقدساً أو الكعبة المشرفة مقدسة، علماً بأن القدوس اسم من أسماء الله تعالى ، فهل يجوز أن نصرف كلمة مقدس لغير الله سبحانه و تعالى ، وما معنى كلمة مقدّس أو قدوس ؟
الأب : سؤالك هذا يا بني جميل وجليل ويحتوي على عدة أسئلة هامة لا بد للمسلم أن يعرفها طالما هي تتعلق بعقيدته ، والعقيدة هي الأساس ، فإذا صحّت العقيدة قبل من الإنسان صالح العمل الذي يتقرب به إلى الله سبحانه وتعالى ، وإذا فسدت العقيدة والعياذ بالله لا يُقبل من صاحب العقيدة الفاسدة أي عمل صالح ، قال الله سبحانه وتعالى في حق الكفار : ( وقدِمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثوراً ) وقال سبحانه : ( وما منعهم أن تقبل صدقاتهم إلا إنهم كفروا بالله ورسوله ) وقال سبحانه وتعالى : ( أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا ) . نفهم من هذه الآيات أن الكافر لا يقبل منه أي عمل صالح. أما معنى كلمة ( قدّوس) فهي رديفة كلمة طاهر. واما قولك هل يجوز أن نسمي الحجر مقدساً فنعم بدليل قول الله سبحانه حكاية عن موسى عليه السلام: ( يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة) . وأما لماذا يجوز التسمية فهنا نقطة هامة يجب أن نفهمها فالله سبحانه وتعالى قدوس، ملك، عزيز، عظيم ، جليل إلى آخر أسمائه الحسنى جل جلاله. فلو لم تكن هذه المعاني قائمة صورتها في بعض مخلوقات الله جل وعلا المشاهدة لدينا لفقدنا معنى هذه الكلمات ولما استطعنا أن نقدس الله سبحانه وان نسبحه بها.
فالله سبحانه وتعالى سميع وأنا سميع لكن سمعه ليس كسمعنا لان سمعنا ناتج عن أذن واجزاء عديدة لهذه الأذن، والله سبحانه ليست له أذن كآذاننا والله سبحانه بصير وأنت بصير لكن بصر الله سبحانه ليس كبصرك ، فبصرنا ناتج عن استعمال العين وهي تحتوي على الحدقة والجفن والرمش وغير ذلك من أجزاء العين وليس الله سبحانه وتعالى كذلك، لكن لو لم يكن لنا بصر كيف نعلم معنى كون الله سبحانه وتعالى بصيراً ؟ ولو لم يكن لنا سمع كيف ندرك معنى كون الله سبحانه سميعاً ؟ إذا تصبح هذه الكلمات غامضة بالنسبة لنا ، تحمل معنى نؤمن به ولا نتذوق معناه. وكذلك لو لم تكن بقية هذه الكلمات مفهومة لدينا ومستعملة فيما بيننا لما أدركنا معناها ولما استطعنا أن نقدس الله سبحانه وتعالى بها التقديس التام النابع من القلب والمعلوم بطريق التذوق عندما ينادي أحدنا رّبه قائلاً: يا رب يا سميع يا قريب يا عظيم يا مجيب يا جليل يا رحيم يا كريم يا لطيف.
إذاً يجوز لنا أن نقول : فلان رحيم أي بالنسبة لغيره من الناس . أما الرحيم المطلق فهو الله سبحانه ونقول : رب البيت ورب الأسرة , نأتي به موصوفاً بكلمة رب لكن مقيداً برب البيت أو الأسرة أو الدكان أو المزرعة. أما الرب المطلق بدون قيد فهو الله رب العالمين ، وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم- إلى هرقل عظيم الروم- ولم يقل العظيم دون تقييد ، أما العظيم المطلق الذي ليس اعظم منه عظيم والرحيم المطلق الذي هو ارحم الراحمين والجليل المطلق جل جلاله والعزيز المطلق الذي لا يغلب سبحانه فهو الله سبحانه وتعالى . لذلك يجوز لك أن تسمي ولدك علي ولا يجوز أن تسمي ولدك العلي ولا الأعلى لان كلمة – أل- هنا للعهد ولا معهود في الذهن بالوصف الدائم بالعلو إلا الله سبحانه وتعالى.
الولد : أبي... قلت لا يجوز أن تسمي ولدك الأعلى والله سبحانه وتعالى قال لموسى عليه السلام : ( قلنا لا تخف انك أنت الأعلى ).
الأب : حسن منك هذا الانتباه بابني ، المقصود هنا بأنك أنت الأعلى أي بالنسبة إلى الطرف الثاني الذي هو فرعون والسحرة ، فهنا ( الأعلى ) مقيد والقيد هنا ملحوظ في سياق القصة التي أوردها الله سبحانه وتعالى .
الولد : أبي إذاً ما هو معنى قوله سبحانه ( هل تعلم له سميا ) ؟
الأب : وجميل منك هذا الانتباه يا بني- هنا كلمة واحدة لا تجوز لغير الله سبحانه وتعالى لا مطلقة ولا مقيدة وهي كلمة (اله) وهي المعنية بقوله تعــالى ( هل تعلم له سميا ) فلا تجوز إلا لله سبحانه وتعالى. فيجوز أن نقول جلالة الملك وليس في ذلك تأليه لـه لان جلال الله قديم ودائم ومطلق وهذا جلال حادث ومنقطع ومقيد . ولو لم يستعمل لفظ جلال واجلال للعظماء فيما بين الناس لفقد هذا اللفظ مدلوله . وكذلك كلمة ملك، فكلمة الملك اسم من أسماء الله تعالى وقال الله تعالى في حق خصم إبراهيم : ( أن آتاه الله الملك ) ترى هل عندما آتاه الله الملك هل خرج هو وما يملك عن ملك الله جلت عظمته ؟ حاشى وكلا. وكذلك طالوت قال سبحانه حكاية عن ذلك النبي الذي لم يذكر اسمه في القرآن : ( إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا ) فلو كان في هذه الكلمة اعتداء على ألوهية الله سبحانه أو انتقاصا لتمام ملكه لخلقه لما نطق بها نبي.
إذاً فكوننا نؤمن بقدسية الحجر الأسود والكعبة وجميع المقدسات جائز ولا يعتبر شركاً ولا خطأ ولا حراماً. وأما قولك يا بني من أين جاءته هذه القدسية فالجواب الثابت هو كونه من الكعبة وقد خصه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتقبيل والكعبة قبلتنا والرسول قدوتنا، ولذلك عندما قبله عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: اني لأعلم انك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك، فلم ير عمر سببا لتقبيل الحجر غير الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم : وليست له ميزة على بقية حجارة الكعبة من حيث الشرف إلى درجة تميزه عن بقية حجارة الكعبة بحيث يقبل هو وحده دون غيره.
واما ما ورد في الأحاديث من أنه من الجنة أو أنه كان يضيء ثم أظلم بسبب لمس أهل الشرك لـه أو أن الله ألقمه كتابا بأسماء السعداء والأشقياء فهو ينطق ويشهد يوم القيامة ويعلن عن أسماء الأشقياء والسعداء فهذا لا نقول انه كذب لكونه ورد في الأحاديث التي لم تصل إلى درجة التواتر على مختلف درجاتها في القوة بل نقول إننا غير ملزمين بالاعتقاد بغير المتواتر وهذه الأحاديث في هذا الشأن لم تصل إلى درجة التواتر حتى تصبح جزءاً من عقيدتنا ، بل نقول : الله أعلم فلا نجزم بصدق هذه الأخبار ولا نكذبها، أي بني نعم لا يجب علينا أن نعتقد بالأخبار التي لم تصل إلى درجة التواتر، ولكن لا يجوز لنا تكذيب الحديث حتى الضعيف لان الضعف ليس آت من قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ كل ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم حق لا شك فيه ولكن الشك في أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله أم لا . إذاً فالشك في الراوي وليس في النبي صلى الله عليه وسلم فنحن عندما نقول حديث ضعيف أي ضعيف السند، وعندما نكذب الحديث مع احتمال ولو واحد بالمائة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله نكون قد أخطأنا بحق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حيث من المحتمل أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قاله حقيقة والحديث الضعيف يختلف تماما عن الحديث المكذوب فتكذيب الحديث المكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم جائز بل مطلوب لان ترددنا في رفضه يساعد على الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وبقي عليَّ أن أجيبك على صميم سؤالك وهو الجزء الأهم منه – لماذا نقّبل الحجر الأسود مع ان ديننا دين التوحيد ومهمته الأولى رفض عبادة الحجارة وتعظيمها ورفض الشرك بالله سبحانه جملة وتفصيلا ؟ هذا السؤال جدير بالإجابة والتمحيص حتى نصل إلى جواب شاف في هذا الموضوع . واذكر لك قصة حدثت لي حول هذا السؤال فيها الجواب الكافي : جاءني أحد الإخوان مهتماً مهموماً وقال : ما رأيك بهذه القضية التي شغلت فكري منذ أيام ولم أجد لها دواءً شافياً ؟ قلت له : وما هي ؟ قال : صديقي تزوج بفتاة من الولايات المتحدة الأمريكية واسلمت حسب الظاهر ثم ألقت على زوجها هذا السؤال: لماذا تقبلون الحجر الأسود؟ قلت له : بم أجبتها ؟ قال : قلت التقبيل ليس عبادة ونحن نقبله لان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبّله . قلت : بم أجابت ؟ قال : لم تكتف بهذا الجواب قلت : ألم يسأل عنه بعض العلماء ؟ قال : بلى .قلت: وبم أجابوا ؟ قال : قال بعضهم مثل قولي ، وبعضهم قال ما في الأحاديث من انه من الجنة وانه كان يضيء ، ولما لمسه المشركون صار اسوداَ ، وبعضهم قال : إن الله القمة كتاباً بأسماء السعداء والأشقياء ويوم القيامة ينطق بهذا كله ولكنها لم تقتنع بهذا كله ، وبقي السؤال قائماً في ذهنها تطلب لـه حلاً ، قلت لـه : تلقنونها عقائد من هذا النوع وهي حديثة عهد بالإسلام علماً بأن هذه الأقوال ليست من عقيدتنا وتنسبونها إلى الإسلام على أنها مما يعتقده المسلمون ؟ قال: هل عندك جواب غير هذا ؟ قلت له : يرحمك الله الموضوع سهل جداً ، قال : هات ما عندك بل ما رأيك أن نزور صديقنا واسمع منك الجواب هناك ؟ قلت : هو ذاك ، قال : الآن ، قلت الآن وجلسنا نتحدث عن الإسلام ومحاسنه وهي مُصغية يترجم لها زوجها ما أقول لأنني يا بني كما تعلم لا احسن وضع إشارة الاستفهام أثناء كتابتي فكيف أتقن اللغات الأخرى ؟ واثناء الحديث ألقت بآخر سم في جعبتها ، قالت : لقد قرأت لكثير من علماء الأزهر عن الإسلام وهو دين واقعي لحل مشاكل الناس ولكن لماذا تقبلون الحجر الأسود ؟
عرفت من هذا الأسلوب الذي طالما سلكه المستشرقون في محاربة الإسلام , يبدءون بمدح الإسلام حتى إذا اطمأنّ القارئ إلى حسن نيتهم وانهم لا يريدون إلا وجه الحقيقة بدأوا بدس سموم الشكوك والاشكالات ليخرجوا بنتيجة واحدة هي إقناع القارئ بان محمداً اعظم عبقري عرفه التاريخ لكنه ليس رسولاً فإذا آمن القارئ بذلك صار الأمر سهلاً عليهم فطالما هو يخطئ فليس برسول بل عبقري. وإذا كان محمد عبقريا وليس برسول أمكن مناقشته آراءه بل ونقض كثير منها فحذار يابني من هذه الأساليب , أتدري إلى أي شيء كانت تهدف من وراء ذلك ؟ كانت تلك الفتاة تهدف إلى إفهام المسلمين حولها أن محمدا لم ينقذكم من شيء حتى ولا من عبادة الحجارة ، حطم بعض الحجارة وأبقاكم تعبدون بعضها ومن عبد حجرا أو ألف حجر فالنتيجة واحدة .
أي بني نحن لا نقرأ، ونحن نجهل ديننا وقضايانا لأننا لا نقرأ ، أما أعداؤنا فهم لا يجهلون من واقعنا شيئا ويدرسون ديننا لا دراسة المنصف الباحث عن الحقيقة لكن دراسة الحاقد الذي لم يبق الحقد المهيمن على قلبه منفذاً لأنوار الحقيقة الساطعة ولا لأشعة شمس المعرفة طريقا إلى وجدانه ، لكن لا بد لي مع إدراكي لهذه الحقيقة لا بد لي من الإجابة المنطقية .
قلت لها : أنت تقبّلين يد والدك هل تعتبرين هذا عبادة لوالدك وإشراكا لـه بالله ؟ قالت : لا ولكن هذا حجر قلت: مهلاً ، وصلنا إلى النقطة الأولى وهي أن التقبيل ليس عبادة ولننتقل إلى النقطة الثانية وهي كون هذا الذي نقبّله جماداً ... عندما يطول غياب ولد عن والدته تقبل صورته وتشمّ ثيابه هل تعتبرينها عبدت الصورة وهي جماد ؟ قالت : لا ولكن هذه الصورة تحمل معنىً ، تذكرها بعزيز ، قلت ولو قبلت رسالة وصلت إليها من ولدها دون صورة أتكون قد عبدت الكتاب ؟ قالت : لا, قلت : إذا فتقبيل الجماد الذي يحمل معنىً من عزيز ليس عبادة.قلت: أرأيت لو أن زوجك أهدى إليك قلماً يساوي ديناراً وسافر بعيداً عنك ودُفِعَ لكِ بهذا القلم خمسة دنانير أتبيعينه ؟ قالت : لا, قلت : ولم ؟ قالت : لأنه ذكرى من عزيز ؟ قلت : وهذا الحجر الأسود ذكرى من عزيز ، فالبيت بناه إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام ، ثانياً الكعبة قبلتنا حدّد الله لنا بها اتجاهنا في صلاتنا ولا اعتقد انه يتطرق إليك وهم أننا نعبد الكعبة ، فالمسيحي عندما يتجه في صلاته إلى الشرق هو لا يعبد الجهة ولا الكواكب ، قالت : لا، هذا لم أشك به وهو واضح فالاتجاه إلى الكعبة في الصلاة ليس عبادة لها ، قلت : ولنا بهذا البيت ذكريات جميلة فحوله نؤدي مناسك الحج وهو ركن من أركان الإسلام الأساسية , إذا صار لنا تعلق بهذا البيت ، إذا عندما نقبل هذا البيت ليس معناه أننا نعبده ولكن لماذا نقبّل الحجر الأسود بالذّات دون سائر حجارة الكعبة ؟ الجواب واضح، عندما يقبل الإنسان ولده لا يقبل رجله ولا مرفقه ، بل يقبل وجنتيه . وهذا الحجر هو أجمل حجارة الكعبة وموقعه ليس في أساس الكعبة ولا في سطحها بل هو مرتفع عن الأرض بقدر قامة الإنسان ، فتقبيل الحجر هو تقبيل للكعبة لما تحمله هذه الكعبة من معانٍ ولما يتعلق بها من معنويات .
ولا بد لي بعد ذلك أن أعطيك الجواب الشافي، هل جرى في قلبك في يوم من الأيام انك افضل من الله ؟ قالت: لا ولن يجري ذلك على قلبي أبدا . قلت : لماذا ؟ قالت لانه ربي فكيف أكون أفضل منه ؟! قلت : وأنا أزيدك بياناً : العبادة ناتجة عن معرفة أفضلية المعبود على العابد فلا يمكن أن يعتقد الإنسان انه افضل من شيء ثم يعبد ذلك الشيء . قالت: بلى . قلت : ونحن نعتقد أن كل مسلم افضل من الحجر والكعبة لان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بعد أن احتضن الكعبة في عمرته بعد صلح الحديبية ( ما أطيب ريحك وما أذكى شذاك والله لانت أحب بلاد الله إلي ، ولأن يهدمك رجل فينقضك حجراً حجراً فيرميك في البحر أهون عند الله من أن يُساءَ الظن بمسلم ).
إذاً أصبح واضحاً أن تقبيل الحجر الأسود ليس عبادة للحجارة ولا إشراكا بالله تعالى ، فالمسلم افضل من الحجر والكعبة . هل فهمت يا بني أنت أيضا لماذا نقبل الحجر الأسود ؟
الولد : نعم يا والدي جزاك الله خيراً .
الأب : يا بني هناك أمر أساسي لابد من معرفته ألا وهو الإذن الرباني. فنحن عندما نقدس أشياء أذن الله تعالى بتقديسها نكون امتثلنا أمر الله سبحانه وتعالى ولنا في ذلك أجر ، أما الأصنام فلم يأذن الله سبحانه وتعالى بتقديسها ، ثم إن المشركين لم يقفوا عند حد التقديس لتلك التماثيل بل كانوا يجعلونها أنداداً لله يعني شركاء لله سبحانه وتعالى ، ويقولون إنها تحيي وتميت وتضر وتنفع وتخلق وترزق ، ونحن لا نعتقد بالحجر الأسود ذلك . وهنا أمر مهم جداً ينبني على ما تقدم من التفريق بين تقديس ما أذن الله بتقديسه وما لم يأذن بتقديسه ، فإذا كان أمامك شيء من الحبر والورق فإنه لا يجب عليك تقديسه ولا تحرم عليك إهانته لأنه مجرد أجرام طاهرة انظر معي وتمعّن إذا أدخلت القلم في المحبرة وكتبت على تلك الورقة سورة الإخلاص هل يجوز لك بعد ذلك إهانتها؟
الولد : لا يا أبي بل يجب احترامها ولا يجوز لمسها لغير المتوضئ عند أكثر العلماء ، وإن اختلف العلماء في جواز مس المصحف لغير المتوضئ فإنهم لا يختلفون في وجوب احترام تلك الرقعة وتحريم إهانتها لان لها حكم القرآن .
الأب : ثم لو أدخلت نفس القلم في نفس المحبرة وكتبت على ورقة ثانية كلاماً محرماً ألا يجب عليك إحراقها ؟ الولد : نعم يا أبي .
الأب : قبل إحراقها هل يجب عليك احترام تلك الورقة وهل يحرم عليك إهانتها أو إلقائها في مكان غير طاهر ؟ . الولد : لا يا أبي .
الأب : لماذا ؟ الحبر واحد والقلم واحد والورق واحد ؟ الولد : الأمر واضح واحب منك يا والدي المزيد .
الأب : كما ترى يا بني لم يتعلق بإحدى الورقتين أمر حسي حتم علينا أن نكيف سلوكنا تجاه إحدى الورقتين غير سلوكنا تجاه الورقة الأخرى . أي بني الأمور الحسية تقاس بالكيلو والمتر أو غير ذلك من المقاييس الحسية . أما الأمور المعنوية فلها مقاييس ذوقية لا حرمنا الله من تلك المقاييس الذوقية ألا ترى يا بني أننا أمام حكم شرعي وهو ما يتعلق بالورقة التي كتب عليها سورة الإخلاص ، وهوما تقدم من وجوب صيانتها وعدم لمسها لغير المتوضئ .فالأمور المعنوية هي علة اكثر من الأحكام الشرعية إن لم نقل أكثرها ولذلك يجب علينا ألا نهمل تلك الامورعند بحثنا واعطائنا الأحكام وهذه الأمور المعنوية تسري في الأحكام كما ذكرت لك في المثال السابق من الورقة والحبر وتجري في الأماكن فلا يجوز إلقاء النجاسة أو القاذورات في المساجد ويجوز في غيرها مالم يكن هنالك سبب خارجي كإيذاء الناس مثلا و لا فارق حسّي بين بناء وبناء . ويجري في الأشخاص فيجب على المسلم محبة الصالحين وبغض الكافرين

رحيم
02-18-2005, 09:47 AM
أضيف إلى ما سبق إن الجندي الشيوعي يقبل علم بلاده فهل نقول إنه يعبد العلم ؟

عماد
02-20-2005, 11:32 AM
اخي رحيم الفاضل بارك الله بك
ليتهم يفهموا هذا الشيء
لكن شياطينهم مستولية على قلوبهم
اللهم اهدهم يا رب
اخوكم

فيصل
03-23-2005, 12:23 PM
في المقال أشياء طيبة وردود ممتازة ولكن هناك بعض الملاحظات:

أولاً: قوله: ((... فبصرنا ناتج عن استعمال العين وهي تحتوي على الحدقة والجفن والرمش وغير ذلك من أجزاء العين وليس الله سبحانه وتعالى كذلك، لكن لو لم يكن لنا بصر كيف نعلم معنى كون الله سبحانه وتعالى بصيراً ؟))

والصواب أن لله عينين تليقان بجلاله وعظمته((ليس كمثله شيء)) كما نص على ذلك السلف وبعدهم أئمة الاشاعرة المتقدمين.

ثانياً: قوله :((بل نقول إننا غير ملزمين بالاعتقاد بغير المتواتر وهذه الأحاديث في هذا الشأن لم تصل إلى درجة التواتر حتى تصبح جزءاً من عقيدتنا))

وهذا خلاف عقيدة السلف الذين كانوا يعتقدون ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاداً كان أو متواتراً.

ثالثاً: قوله : ((ويقولون إنها تحيي وتميت وتضر وتنفع وتخلق وترزق))

والصواب أن غالب المشركين كانوا مؤمنين بأن الله خالق ورازق ومحيي ومميت أنظر لقوله تعالى : ((ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله)) وأنظر تفسير السلف لقوله ((وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون))