المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حول سؤال الشيخ اللحيدان عن جماعة ابراهيم



نبيل العوذلي
01-15-2008, 10:54 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
فوجئت بأحد الاسئلة في قناة المجد لرئيس مجلس القضاء الاعلى - اللحيدان- عن من يسمون انفسهم بجماعة ابراهيم ..وانهم يرون بأمكانية الجمع بين التوراة والانجيل والقران ...فاحببت ان اضيف ما كنت قد توقعته بحمدالله في فلسفة المؤامرة على العرب والسنه في جزييرة العرب

مما يجب معرفته ان هناك مليات وهناك عقليات وهناك شرعيات ..وقد تختلط على بعض الناس فيقدمون العما بالمليات - نسبة الى الملة- على حساب العقليات والشرعيات وقد يكون عند قوم العمل بالشرعيات على حساب العقليات والمليات او قد يكون عند اخرين العمل بالعقليات على حساب المليات والشرعيات ...ومجمل المليات والعقليات والشرعيات تشكل باطن وظاهر واقوال وافعال واحوال الناس

يقول شيخ الاسلام في المجلد 20
قد كتبت في كراس قبل هذا‏:‏ أن الحسنات والعبادات ثلاثة أقسام‏:‏ عقلية‏:‏ وهو ما يشترك فيه العقلاء، مؤمنهم وكافرهم‏.‏ وملي‏:‏ وهو ما يختص به أهل الملل كعبادة الله وحده لا شريك له‏.‏ وشرعي‏:‏ وهو ما اختص به شرع الإسلام مثلا وأن الثلاثة واجبة، فالشرعي باعتبار الثلاثة المشروعة وباعتبار يختص بالقدر المميز‏.‏ وهكذا العلوم والأقوال عقلي وملي وشرعي، فالعقل المحض مثل ما ينظر فيه الفلاسفة من عموم المنطق والطبيعي والإلهي، ولهذا كان فيهم المشرك والمؤمن والملي مثل ما ينظر فيه المتكلم من إثبات الصانع وإثبات النبوات والشرائع‏.‏ فإن المتكلمين متفقون على شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ولكنهم في رسائلهم ومسائلهم لا يلتزمون حكم الكتاب والسنة ففيهم السني والبدعي ويجتمعون هم والفلاسفة في النظر في الأمور الكلية من العلم والدليل والنظر والوجود والعدم والمعلومات لكنهم أخص بالنظر في العلم الإلهي من الفلاسفة وأبسط علما ولسانا فيه، وإن شركهم الفلاسفة في بعضه كما أن الفلاسفة أخص بالنظر في الأمور الطبيعية، وإن شركهم المتكلمون في بعضه‏.‏ والشرعي ما ينظر فيه أهل الكتاب والسنة‏.‏ ثم هم إما قائمون بظاهر أسرع فقط كعموم أهل الحديث والمؤمنين الذين في العلم بمنزلة العباد الظاهرين في العبادة‏.‏ وإما عالمون بمعاني ذلك وعارفون به فهم في العلوم كالعارفين من الصوفية الشرعية‏.‏ فهؤلاء هم علماء أمة محمد المحضة وهم أفضل الخلق وأكملهم وأقومهم طريقة والله أعلم‏.‏ ويدخل في العبادات السماع فإنه ثلاثة أقسام‏:‏ سماع عقلي وملي‏.‏ وشرعي‏.‏ فالأول ما فيه تحريك محبة أو مخافة أو حزن أو رجاء مطلقا‏.‏ والثاني ما في غيرهم كمحبة الله ومخافته ورجائه وخشيته والتوكل عليه ونحو ذلك‏.‏ والثالث السماع الشرعي وهو سماع القرآن كما أن الصلاة أيضا ثلاثة أقسام‏.‏ وهذه الأقسام الثلاثة أصولها صحيحة دل عليها قوله‏:‏ ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 62‏]‏ الآية‏.‏ فالذين آمنوا هم أهل شريعة القرآن ‏؟‏ وهو الدين الشرعي بما فيه من الملي والعقلي‏.‏ والذين هادوا والنصارى أهل دين ملي بشريعة التوراة والإنجيل بما فيه من ملي وعقلي والصابئون أهل الدين العقلي بما فيه من ملي أو ملي وشرعيات ‏.‏ انتهى

ولما كان الناس قد يحصل عندهم التغالب بتناسب فحدث التوهم امكانية الجمع بين التوراة والانجيل والقران خالطين المليات والعقليات والشرعيات كما حصل عند اصحاب جماعة ابراهيم التي يسأل السائل عنها
فحصل عندهم الجمع دون العمل بمقام الفرق والجمع والموجب لضرورة الاعتبار للشرعة والمنهاج المفصلة مع امكانية العمل بنصوص الاجماع للدين الكلي وهو ما يبينه شيخ الاسلام رحمه الله حيث يقول رحمه الله في الصفدية
-يقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في الصفدية
- وقال تعالى (( كان الناس امة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وانزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه الا الذين اوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين امنوا لما اختلفوا فيه من الحق باذنه والله يهدي من يشاء الى صراط مستقيم ))) البقرة ..قال ابن عباس وكان بين ادم ونوح عشرة قرون كلهم على الاسلام ..وقوله ((( كان الناس امة واحدة))) أي على الحق وهو دين الاسلام فاختلفوا كما ذكر ذلك في سورة يونس . هذا قول الجمهور وهو الصواب ..وقد قيل كانوا امة واحدة على الباطل وهو من الباطل ..فدين الله تعالى الذي ارتضاه لنفسه دين واحد في الاولين والاخرين وهو عبادة الله وحده لاشريك له وهو دين الاسلام وتنوع الشرائع كتنوع الشريعة الواحدة للشيء الواحد فأن محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين وافضل المرسلين لانبي بعده وقد بعث بدين الاسلام ما زال الاسلام دينه وقد امر اولا باستقبال صخرة بيت المقدس ثم امر ثانيا باستقبال الكعبة والدين واحد وان تنوعت الشريعة فكذلك قوله تعالى ((( فاحكم بينهم بما انزل الله ولا تتبع اهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا)))..فما جعله الله لكل كتاب من الشرعة والمنهاج والمنسك لايمنع ان يكون الدين واحد فالذين كانوا يتمسكون بالتوراة والانجيل قبل النسخ كانوا على دين الاسلام وان كان لهم شريعة تختص بهم وكذلك المتمسكون بالانجيل قبل النسخ والتبديل على دين الاسلام وان كان المسيح عليه السلام قدسخ بعض ما في التوراة واحل لهم بعض الذي حرم عليهم ..وكذلك محمد صلى الله عليه وسلم بعث بدين الاسلام وان نسخ الله تعالى ما نسخه كالقبلة ومن لم يتبع محمد صلى الله عليه وسلم لم يكن مسلما بل كافرا - انتهى
لان هناك تفصيل في الشرع والمناهج كما يبين ذلك رحمه الله في المجلد19

-فالأصول الثابتة بالكتاب والسنة والإجماع هي بمنزلة الدين المشترك بين الأنبياء، ليس لأحد خروج عنها، ومن دخل فيها كان من أهل الإسلام المحض، وهم أهل السنة والجماعة، وما تنوعوا فيه من الأعمال والأقوال المشروعة فهو بمنزلة ما تنوعت فيه الأنبياء، قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ‏}‏ ‏[‏العنكبوت‏:‏69‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏ 15، 16‏]‏، وقال‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 208‏]‏، والتنوع قد يكون في الوجوب تارة وفي الاستحباب أخري‏.‏--

اما يكون يكون ذلك على وجه التفصيل المقيد فهو كما يقول رحمه الله تعالى ايضا

-فالمـذاهب والطـرائق والسياسـات للعلماء والمشايخ والأمراء إذا قصدوا بها وجه الله تعالى دون الأهواء؛ ليكونوا مستمسكين بالملة والدين الجامع الذي هو عبادة الله وحده لا شريك له، واتبعوا ما أنزل إليهم من ربهم من الكتاب والسنة ـ بحسب الإمكان ـ بعد الاجتهاد التام ـ هي لهم مـن بعض الوجوه بمنزلة الشِّرَع والمناهج للأنبياء، وهم مثابون على ابتغائهم وجـه الله وعبادتـه وحـده لا شريك له، وهو الدين الأصلى الجامع، كما يثاب الأنبياء على عبادتهم الله وحده لا شريك له، ويثابون على طاعة الله ورسوله فيما تمسكوا به لا من شرعة رسوله ومنهاجه، كما يثاب كل نبي على طاعة الله في شرعه ومنهاجه‏.‏

ويتنوع شرعهم ومناهجهم، مثل أن يبلغ أحدهم الأحاديث بألفاظ غير الألفاظ التي بلغت الآخر، وتفسر له بعض آيات القرآن بتفسير يخالف لفظه لفظ التفسير الآخر، ويتصرف في الجمع بين النصوص واستخراج الأحكام منها بنوع من الترتيب والتوفيق، ليس هو النوع / الذي سلكه غيره، وكذلك في عباداته وتوجهاته، وقد يتمسك هذا بآية أو حديث وهذا بحديث أو آية أخرى‏--