elserdap
01-16-2008, 03:35 AM
عندمـا سأتكلم عن الفـن فلا أقصد بديهيا فن الرقصـات وإظهـار العورات أو فن أغاني المراهقيـن أو فن تمجيد السُلطـات ..لكن حواري سيكون عن الفن الراقي الذي يتناول درامـا الوجه الإنساني
إن العلم عندما يواجه الإنسان فهو يبحث فيه عما هو ميت وعما هو لا شخصي بينما عندما يتناول الفـن الإنسان فإنه يبحث فيه عما هو إنساني وغائي فالفن في صِدام طبيعي مع العالم ومع جميع علومه إنه التمرد الصامت وإذا لم يوجد على الإطلاق سند للإنسـان ولا مجال لروحه ولذاته فإن الفـن لا مجال له وان الشعراء وكُتـاب التراجيديا يضللوننا ويكتبون هراء لا معنى له
إن وجود عالم آخر إلى جانب عالم الطبيعة هو المصدر الأساسي لكل دين وفن .. فإذا لم يكن هُنـالك سوى عالم واحد لكان الفن مستحيلا والمعرفة في الفن لا تُكتسب بطريقة عقلانية علمية وإنما تُكتسب بطريقة حَدسيـة و عندما يقوم العلم برسم لوحة فإن سيرسم وجه قرد ممسوخ يقوم بدراسته دراسة آلية أما عندما يقوم الفن برسم لوحة فإنه سيرسم دراما وجه الإنسان .. فالفن هو ثمرة الروح وإذا لم يتم الإعتراف بوجود الخلاص والعالم الآخر والروح فالفن عبث ولا قيمة له وغير موجود أصلا
الفن يتجاهل ظواهـر الأشيـاء يهتم بالبواطن والفن التجريدي مثلا يقوم بحذف كُل شَبه بالعالم الخارجي مُعطيـا للشكل واللون معنىً روحيـا وبإقصاء الجانب الروحي بعيدا وبإنكار وجود الحياة الجوانية داخل كل إنسان منـا فإن أعظم اللوحات في العالم تقاس قيمتها بحسب نوع الورق المستخدم في الرسم وثمن الألوان والأصباغ الموجودة على اللوحة .. وروعة الموناليزا لا تكمن في ثمن الألوان المرسومة بها وإنما تكمن في أنها من أنجح المحاولات لتصوير سر الحياة الجوانيـة فالحقيقة الوحيدة التي يعترف بها الفن هو الإنسان وشوقه المستمر للوصول للفردوس والخلود
الفن بطبيعته وباعترافه بوجود عالم آخر فهو يحمل معاني ثورية يحمل كُفر بالعالم المادي .. وهذا ما فهمه الرسام الفرنسي الشهير دي بيفيه حين قال :- ( الفن في جوهره غير مريح لا فائدة منه ضد المجتمع وخطر عليه )
جوهر الأعمال الفنية غامض غموضـا تاما إنه تمرد دائم على الواقع .. إنه اعتراف متكرر بوجود عالم آخر لا ننتمي إليه وسنذهب إليه يومـا ما ..اعتراف بمعاناة الإنسان على الأرض وعجزه عن تحقيق الفردوس المستقر في مخيلته البحث عنه .. الفن ببساطة هو ثمرة الصلة بين الروح والحقيقة .. ولذا عند التدقيق في لوحة فنية عميقة .. عند قراءة روايـة رائعة .. يعتري الإنسان شعور غريب وغامض بالسمو والقداسة ودخول عالم الخلود .. الفن كالدين تماما كلاهما يعترف بوجود عالم آخر لكن الفن ليس دينا لكنه تعبير عن الدين فهو الإبن غير الشرعي للحقيقة .. بينما الدين هو الإبن الشرعي للحقيقة ..
الإلحاد لن يفهم أبدا جوهر الفن وطبيعته .. فإذا لم يكن هناك روح للإنسان فلِم إذن نحرص على أن يكون للفن روحـا ؟
بالنسبة للفنـان لا يوجد شيء إسمه إنسان داروين ذاك الكائن النمطي الممسوخ البارد .. بالنسبة للفنان لا يوجد شخصـان متطابقان فالإنسان هو كائن متميز ذو سمو روحي
لا يوجد فنان ملحد .. لا يستطيع الملحد أن يكتب شِعرا أو أن يرسم لوحة أو أن يُنشد بيتـا ولن يستطيع أن يفعل ذلك إلا إذا دخل في الدين لحظة الرسم واعترف بقضية دراما الوجود والبحث عن الخلود ..والمسرحية التي تُمثل دراما الوجود فإن لحظة السكون فيها هي لحظة مليئة بالأحداث .. إننا لن نفهم هذه المسرحيات وهذه الرسوم إلا عندما نعترف بالوجود الجواني بالإنكار لكل ما هو مادي وخارجي ولن يستطيع ملحد أن يفهم لوحة ولو وقف أمامها دهرا كاملا .. بل سينتقدها نقدا سخيفا للغاية ربما انتقد تماسك الألوان في ناحية وتفككها في ناحية .. ربما انتقد خامة الورق أو مناخ الغرفة ..
إن الفن والإلحاد لا يجتمعان .. الفن في صيغته النهائية والأخيرة هو بحث عن المُطلق بحث عن الله .. وإذا امتنع وجود حقيقة دينية امتنع وجود حقيقة فنيـة
____________
* سارتر .. الغثيـان
**هوايتهيد .. العِلم والعالم الجديد
*** رسالة في الفن يوسف القرضـاوي
**** مقتبسـات من علي عزت
:hearts:
إن العلم عندما يواجه الإنسان فهو يبحث فيه عما هو ميت وعما هو لا شخصي بينما عندما يتناول الفـن الإنسان فإنه يبحث فيه عما هو إنساني وغائي فالفن في صِدام طبيعي مع العالم ومع جميع علومه إنه التمرد الصامت وإذا لم يوجد على الإطلاق سند للإنسـان ولا مجال لروحه ولذاته فإن الفـن لا مجال له وان الشعراء وكُتـاب التراجيديا يضللوننا ويكتبون هراء لا معنى له
إن وجود عالم آخر إلى جانب عالم الطبيعة هو المصدر الأساسي لكل دين وفن .. فإذا لم يكن هُنـالك سوى عالم واحد لكان الفن مستحيلا والمعرفة في الفن لا تُكتسب بطريقة عقلانية علمية وإنما تُكتسب بطريقة حَدسيـة و عندما يقوم العلم برسم لوحة فإن سيرسم وجه قرد ممسوخ يقوم بدراسته دراسة آلية أما عندما يقوم الفن برسم لوحة فإنه سيرسم دراما وجه الإنسان .. فالفن هو ثمرة الروح وإذا لم يتم الإعتراف بوجود الخلاص والعالم الآخر والروح فالفن عبث ولا قيمة له وغير موجود أصلا
الفن يتجاهل ظواهـر الأشيـاء يهتم بالبواطن والفن التجريدي مثلا يقوم بحذف كُل شَبه بالعالم الخارجي مُعطيـا للشكل واللون معنىً روحيـا وبإقصاء الجانب الروحي بعيدا وبإنكار وجود الحياة الجوانية داخل كل إنسان منـا فإن أعظم اللوحات في العالم تقاس قيمتها بحسب نوع الورق المستخدم في الرسم وثمن الألوان والأصباغ الموجودة على اللوحة .. وروعة الموناليزا لا تكمن في ثمن الألوان المرسومة بها وإنما تكمن في أنها من أنجح المحاولات لتصوير سر الحياة الجوانيـة فالحقيقة الوحيدة التي يعترف بها الفن هو الإنسان وشوقه المستمر للوصول للفردوس والخلود
الفن بطبيعته وباعترافه بوجود عالم آخر فهو يحمل معاني ثورية يحمل كُفر بالعالم المادي .. وهذا ما فهمه الرسام الفرنسي الشهير دي بيفيه حين قال :- ( الفن في جوهره غير مريح لا فائدة منه ضد المجتمع وخطر عليه )
جوهر الأعمال الفنية غامض غموضـا تاما إنه تمرد دائم على الواقع .. إنه اعتراف متكرر بوجود عالم آخر لا ننتمي إليه وسنذهب إليه يومـا ما ..اعتراف بمعاناة الإنسان على الأرض وعجزه عن تحقيق الفردوس المستقر في مخيلته البحث عنه .. الفن ببساطة هو ثمرة الصلة بين الروح والحقيقة .. ولذا عند التدقيق في لوحة فنية عميقة .. عند قراءة روايـة رائعة .. يعتري الإنسان شعور غريب وغامض بالسمو والقداسة ودخول عالم الخلود .. الفن كالدين تماما كلاهما يعترف بوجود عالم آخر لكن الفن ليس دينا لكنه تعبير عن الدين فهو الإبن غير الشرعي للحقيقة .. بينما الدين هو الإبن الشرعي للحقيقة ..
الإلحاد لن يفهم أبدا جوهر الفن وطبيعته .. فإذا لم يكن هناك روح للإنسان فلِم إذن نحرص على أن يكون للفن روحـا ؟
بالنسبة للفنـان لا يوجد شيء إسمه إنسان داروين ذاك الكائن النمطي الممسوخ البارد .. بالنسبة للفنان لا يوجد شخصـان متطابقان فالإنسان هو كائن متميز ذو سمو روحي
لا يوجد فنان ملحد .. لا يستطيع الملحد أن يكتب شِعرا أو أن يرسم لوحة أو أن يُنشد بيتـا ولن يستطيع أن يفعل ذلك إلا إذا دخل في الدين لحظة الرسم واعترف بقضية دراما الوجود والبحث عن الخلود ..والمسرحية التي تُمثل دراما الوجود فإن لحظة السكون فيها هي لحظة مليئة بالأحداث .. إننا لن نفهم هذه المسرحيات وهذه الرسوم إلا عندما نعترف بالوجود الجواني بالإنكار لكل ما هو مادي وخارجي ولن يستطيع ملحد أن يفهم لوحة ولو وقف أمامها دهرا كاملا .. بل سينتقدها نقدا سخيفا للغاية ربما انتقد تماسك الألوان في ناحية وتفككها في ناحية .. ربما انتقد خامة الورق أو مناخ الغرفة ..
إن الفن والإلحاد لا يجتمعان .. الفن في صيغته النهائية والأخيرة هو بحث عن المُطلق بحث عن الله .. وإذا امتنع وجود حقيقة دينية امتنع وجود حقيقة فنيـة
____________
* سارتر .. الغثيـان
**هوايتهيد .. العِلم والعالم الجديد
*** رسالة في الفن يوسف القرضـاوي
**** مقتبسـات من علي عزت
:hearts: