المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الجليس الصالح والجليس السوء



هذه سبيلي
02-12-2008, 08:12 PM
بسم الله الرحمن الرحيم




جليس السوء مضرة على صاحبه من كل وجه وشؤم عليه في الدنيا والآخرة ومن أضراره :



1ـ من أضرار جلس السوء انه قد يشكك في معتقداتك الصحيحة ويصرفك عنها

2ـ أن جليس السوء يدعو جليسه إلى مماثلته في الوقوع في المحرمات والمنكرات
3ـ أن المرء بطبيعته يتأثر بعادات جليسه وأخلاقه وأعماله قال صلى الله عليه وسلم : ( المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ) " رواه أبو داود " ، وقد قيل " إياك ومجالسة الشرير فإن طبعك يسرق من طبعه وأنت لا تدري "

4ـ أن رؤيته تذكر بالمعصية سواء كانت ظاهرة عليه أو خفية وكنت تعرف ذلك منه فتخطر المعصية في بال المرء بعد أن كان غافلا أو متشاغلا عنها

5ـ أنه يصلك بأناس سيئين يضرك الارتباط بهم وقد يكونون اشد انحرافا وفسادا

6ـ أنه يخفي عنك عيوبك ويسترها عنك ويحسن لك خطاياك ويخفف وقع المعصية في قلبك ويهون عليك التقصير في الطاعة

7ـ أنك تحرم بسببه من مجالسة الصالحين وأهل الخير لانهماكك معه في الشهوات والملذات ويحذرك من مجالستهم فيفوتك من الخير والصلاح بقدر بعدك عنهم

8ـ أن الذي يجالس أهل السوء يقارن أفعاله السيئة بأفعالهم فيستقل سيئاته بجنب سيئاتهم فيكون ذلك سببا في زيادة طغيانه وانحرافه وتقصيره في الأعمال الصالحة وعلى الأقل يصاب بالعجب بما هو عليه والعجب مرض مهلك ، جليس السوء مضرة على صاحبه من كل وجه وشؤم عليه في الدنيا والآخرة ومن أضراره

9ـ أن صحبته ومؤاخاته عرضة للزوال عند وجود أدنى خلاف أو تغيير مصلحة بل وتحصل البغضاء بدون ذلك قال عبدالله بن المعتز ـ رحمه الله ـ " إخوان السوء ينصرفون عند النكبة ويقبلون مع النعمة "
قال أبو الحسن التهامي ـ رحمه الله :
شيئان ينقشعان أول وهلة ***** ظل الشباب وخلة الأشـرار
وقال ابن حبان ـ رحمه الله ـ " العاقل لا يصاحب الأشرار لان صحبة السوء قطعة من النار تعقب الضغائن لا يستقيم وده ولا يفي بعهده"

10ـ أن مجالس أهل السوء لا تخلو من ا لمحرمات والمعاصي كالغيبة والنميمة والكذب واللعن ونحو ذلك فربما يوافقهم جليسهم فيما هم فيه أو ينكر عليهم لكن لا يفارق مجلسهم فيقع في الإثم

11ـ أنها لو دامت مودتهم في الدنيا فإنها سرعان ما تنقشع في الدار الآخرة وتنقلب إلى عداوة وبغضاء قال تعالى : ﴿الأ خلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين﴾

12ـ أن غالب مجالس أهل الفسق لا يذكر الله فيها فتكون حسرة وندامة على أصحابها يوم القيامة

13ـ أن في مجالستهم تضييعا للوقت الذي سيحاسب العبد على التفريط فيه يوم القيامة

14ـ انك به تعرف ويساء بك الظن من اجل صحبتك له

وختاما قال الشيخ عبدالرحمن السعدي ـ رحمه الله ـ " وبالجملة فمصاحبة الأشرار مضرة من جميع الوجوه على من صاحبهم وشر على من خالطهم فكم هلك بسببهم أقوام وكم أقادوا أصحابهم إلى المهالك من حيث يشعرون ومن حيث لا يشعرون " ، وقال أبو الأسود الدؤلي ـ رحمه الله ـ " ما خلق الله خلقا اضر من الصاحب السوء "

فعلى العاقل الناصح لنفسه الذي يريد لها النجاة والسعادة في الدنيا والآخرة أن يتجنب مخالطة هؤلاء ويفر منهم غاية الفرار ولا يتهاون في ذلك

ثانيا : ثمرات مجالسة الصالحين



1- إن من جالس الصالحين تشمله بركة مجالسهم ويعمه الخير الحاصل لهم وان لم يعمل عملهم ، قال بعض الحكماء : " من جالس خيرا أصابته بركته فجليس أولياء الله لا يشقى وان كان كلبا ككلب أصحاب الكهف "


2ـ ومنها أن المرء مجبول على الاقتداء بجليسه والتأثر بعلمه وعمله وسلوكه ومنهجه ـ قال الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ) " رواه أبو داود "

3ـ إن جليسـك الصالح يبصرك بعيوبك ويدلك على اوجه الضعف عندك ـ قال الحسن ـ رحمه الله ـ " المؤمن مرآة أخيه إن رأى فيه مالا يعجبـه سـدده وقومه وحاطه وحفظه في السر والعلانية "

4ـ انك تتعرف على اخطائك السلوكية وفي أمر العبادة من خلال مقارنة أعمالك بما عليه جليسك

5ـ انك تكف بسبب جليسك الصالح عن المعصية

6ـ انه يرشدك ويدللك على أمور من أمور الخير ينفعك العلم بها

7ـ إن مجالستهم حفظ للوقت الذي هو الحياة وهو الوعاء لكل الأعمال

8ـ إن جليسك الصالح يحفظك في حضرتك وغيبتك فلا يفشي لك سرا ولا ينتهك لك حرمة

9ـ إن المرء بمجرد رؤيته الصالحين والأخيار يذكر الله تعالى ، قال عليه الصلاة والسلام : ( أولياء الله تعالى الذين إذا رأوا ذكر الله تعالى ) قال قوس بن عقبة ـ رحمه الله ـ : " إني كنت لألقى الأخ من إخواني فلأكون بلقيه عاقلا أياما "

10 ـ انهم زين وانس لك في الرخاء وعدة في البلاء وخير معين لتخفيف همومك وحل مشكلاتك ، خرج بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ مرة على أصحابه فقال " انتم جلاء حزني " وقال اكثم بن صيفي ـ رحمه الله ـ "لقاء الأحبة مسلاة للهم" وقال عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ : "عليك بإخوان الصدق فعش في اكنافهم فانهم زين في الرخاء وعدة في البلاء"

11ـ إن مصاحبتك لأهل الخير سبب في دخولك ضمن الذين لا خوف عليهم يوم القيامة ولاهم يحزنون قال تعالى : ﴿ الْأَخِلَّ اءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِ ينَ ، يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُون َ ﴾ "الزخر ف : 67 ، 68 "

12 ـ انك تنتفع بدعائهم لك بظهر الغيب في حياتك وبعد مماتك قال عليه الصلاة والسلام ( دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة عند رأسه ملك موكل كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل به آمين ولك بمثل ) " رواه مسلم " ، وقال عبيدالله بن الحسين ـ رحمه الله ـ لرجل " استكثر من الصديق ـ يعني الصالح ـ فان ايسر ما تصيب أن يبلغه موتك فيدعو لك "

13 ـ إن مجالس أهل الخير يهابها شياطين الأنس والجن قال عليه الصلاة والسلام :
( عليك بالجماعة فإنما يأكل الذئب القاصية ) ( أخرجه الإمام احمد )

14ـ إن المجالسة والمصادقة والزيارة في الله سبب لمحبة الله تعالى كما في الحديث القدسي قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم : ( وجبت محبتي للمتحابين في والمتجالسي ن في والمتزاوري ن في والمتبادلي ن في ) " رواه مالك "

15ـ إن مجالس الصالحين مجالس ذكر الله ـ عز وجل ـ قال صلى الله عليه وسلم : ( لا يقعد قوم يذكرون الله عز وجل إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة نزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده) " رواه مسلم "

16ـ إن المرء بزيارته إخوانه في الله يطيب بنفسه ويطيب ممشاه ويتبوأ منازل عظيمة في الجنة قال صلى الله عليه وسلم ـ : ( من عاد مريضا أو زار أخا له في الله ناداه مناد : أن طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلا ) " أخرجه الترمذي "

17ـ ومن ثمرات مجالسة الصالحين إنها تؤدي إلى محبتهم في الله والحب في الله له ثمرات عظيمة وآثار جليلة على النفوس وقد راتب الله عليه الأجور العظيمة والثواب الجزيل

18 ـ وبالجملة فالجليس الصالح منفعة لك من كل وجه في دينك ودنياك كما قال عليه الصلاة والسـلام ( المؤمن إن ماشــيته نفعك وان شـاورته نفعك وان شاركته نفعك وكل شيء من أمره منفعة ) " رواه أبو نعيم "

أخي في الله

اعلموا ـ وفقكم الله للصواب ـ انه لم يتميز الآدمي بالعقل إلا ليعمل بمقتضاه ، فاستحضر عقلك ، واعمل فكرك ، وأخل بنفسك ، واعلم انك مخلوق مكلف ، وان عليك فرائض أنت مطالب بها ، وان الملكين يحصيان ألفاظك ونظراتك ، وان أنفاس الحي خطاه إلى اجله ، ومقدار اللبث في الدنيا قليل ، والحبس في القبور طويل ، والعذاب على موافقة الهوى وبيل ، وراع عواقب الأمور يهن عليك الصبر عن كل ما تشتهي وما تكره وان وجدت من نفسك غفلة فاحملها إلى المقابر وذكرها قرب الرحيل

فأين لذة أمس ؟ رحلت وأبقت ندما
وأين شهوة النفس ؟ وكم نكست رأسا وأزلت قدما
وما سعد من سعد إلا بخلاف هواه ، ولا شقي من شقي إلا بإيثار دنياه واعلم أن أداء الفرائض واجتناب المحارم لازم ، فمتى تعدى الإنسان فالنار النار

فانتبه أخي لنفسك واندم على ما مضى من تفريطك واجتهد في لحاق الكاملين مادام في الوقت سعة ، واسق غصنك مادامت فيه رطوبة واذكر ساعتك التي ضاعت فكفى بها عظة ، ذهبت لذة الكسل فيها وفاتت مراتب الفضائل

بكى رجل فقالوا : ما يبكيك ؟ فقال : على يوم مضى ما صمته وعلى ليلة ذهبت ما قمتها

واعلم أخي : إن الأيام تبسط ساعات ، والساعات تبسط أنفاسا ، وكل نفس خزانة ، فاحذر أن يذهب نفس بغير شيء فترى في القيامة خزانة فارغة فتندم ، وحاسب نفسك عند كل نظرة وكلمة

واد إلى كل ذي حق حقه وانظر ك لساعة من ساعاتك بماذا تذهب ، فلا تودعها إلا اشرف ما يمكن ، ولا تهمل نفسك ، وعودها اشرف ما يكون من العمل وأحسنه ، وابعث إلى صندوق القبر ما يسرك يوم الوصول إليه كما قيل :

يا من بدنياه اشــتغل وغره طول الأمل
الموت يأتي بغـــتة والقبر صندوق العمـل

و الصلاة و السلام على خير الانام و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

المصدر : منابر الدعوة