حسام الدين حامد
08-02-2007, 01:01 AM
الرَّدُّ عَلَي مَنْ تَفَيْهَق !! وَ كَأَنَّهُ لَمْ يُسْبَق !!
قصة الغرانيق عند من أظهر البراءة من التحقيق !!
قرأتُ – و ليتني لم أقرأ – لمن رأى أنه استغنى ، فما كان منه إلا أن طغى و افترى ، و ذهب يجمجم و يتحدى !! و كأنه أتى بما لم تستطعه الأوائل !! و لا ردَّت عليه الأوائل !! و لا أشبعته ردًّا الأوائل !! و هو يزعم أنه في ذلك جادٌّ غير هازلٍ !! فخلاه مدحٌ !!
رُوِي عن سعيد بن جبير - رحمه الله - " لما نزلت هذه الآية : (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى) ( النجم : 19 ) قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترجى " فسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال المشركون : إنه لم يذكر آلهتهم قبل اليوم بخير فسجد المشركون معه فأنزل الله : (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ - لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ - وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ - وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ )"
قرأ الكاتب هذه القصة ، فسار علي نهج من قال الله تعالى فيه {إنه فكر وقدر، فقتل كيف قدر، ثم قتل كيف قدر، ثم نظر، ثم عبس وبسر، ثم أدبر واستكبر}
فقال – و بئس المقال – و أنقل معناه مع العناية و الاعتناء من عندي لا من عنده !! :
ابتدأ الكلام فبين سبب تناول العلماء – علماء المسلمين – هذه الرواية بالنقد :
( قد تركت هذه القصة علماء المسلمين في حيرة من أمرهم ...)
فأقول : و ما أدراك أنهم وقعوا في الحيرة !! إلا إن كان التفكير و البحث عندك حيرة !! أو تكون شققت عن قلب أحدهم فوجدت الحيرة !! أو صرح لك أحدهم في حوار خاص فنقلته و إن كان فأنت عندنا غير مقبول الشهادة فلا عدالة و لا ضبط !! أو نبشت القبور و استنطقت الموتى !! فإما أن تأتينا ببرهان و إلا فالأصل براءة الشمس من اللمس !!
و أردف: ( .. فقد وردت بروايات كثيرة بعضها ضعيف .... )
قلت : فهي " كثيرة بعضها ضعيف !! " فبعضها بذلك صحيح !!
فهل عندك علم حتى تدلي بذلك التصريح !! و أنت القائل – في غير هذا الموضع - أن الأصل في الخبر عندك أنه صحيح ما لم يثبت كذبه ؟!!
فعَجِلتَ و جعلتَ الضعيف هو الكذب فقط !! فلو روى سيء الحفظ حديثًا أيكون صحيحًا إذ إنه لم يكذب ؟
فإن قلتَ إنك عنيت بالكذب الخطأ و هو لغة عند العرب – و لا إخالك تصل إلى هذا – فأسألك : فالمدلس لم يكذب و لم يخطئ فهل حديثه صحيح ؟ و الذي قال " عن رجل " و لم يسمه فحديثه صحيح مع جهالة عين الراوي ؟
نعود إلى ما قلتَ " بعضها ضعيف " فمفهوم المخالفة أن " بعضها صحيح "
فأتنا برواية صحيحة واحدة و لا نطالبك ببعض الكثير !!
و الصحيح عندنا أهل الإسلام ( ما اتصل إسناده برواية العدل الضابط عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ و لا علة ) لا " ما لم يثبت كذبه " !!
و استدلالك بكلام الحافظ العسقلاني رحمه الله سيأتي رده عليك في حينه – فصبرًا !! إنَّ كل آت قريب .
و لكني أصبِّرُكَ بقول ابن حجر رحمه الله ( إذا تكلم المرء في غير فنه أتى بهذه العجائب ) "الفتح 3-466"
ثم أردف: " ولكنهم لم يستطيعوا أن يطعنوا في كل رواياتها طعناً تاماً........"
ما هذه اللغة الدبلوماسية التي لا تنفع في مقام البحث العلمي – و لعلك تحسب نفسك من أهله !!؟
" لم يستطيعوا الطعن التام " !!
و هل هناك طعن تام و طعن غير تام !!؟ و أنت الذي جعلت الضعيف هو الكذب ؟!!
إما أن يكونوا طعنوا فيها ، فسقطت بذلك بذاتها !!
و إما أن تكون سلمت من الطعن ، فقامت بذاتها !!
أما " الطعن التام و الناقص " فتلك في مصطلح الحديث حادثة جديدة !! فهلا تفضلت و أريتنا مزيدًا من الأعاجيب فعرفت لنا الطعن التام و الطعن الناقص !!
و الله إن العجب لا يتناهى من شخص يعلم في قرارة نفسه أنه جاهل بعلم الحديث ، يتقَوَّلُ على العلماء كلّهم أجمعين ، و يحتاط لذاته فيضع كلمة " تامًّا " ، و يجلس آمنًا في نفسه منتظرًا المدح و الثناء !!
ثم أردف: " ....وللشيخ ناصر الدين الألباني رسالة طويلة اسمها (نصب المجانيق لنسف قصة الغرانيق)، يتتبع فيها سند الأحاديث ثم يتعرض لمتنها بالنقد... "
قلت :
1- الرسالة لا تكون طويلة !!
أم هذه عندك طويلة فأنت اعتدت على المقالات القصيرة من هنا و هناك و المرء أسير ما اعتاد؟!!
أم – و هذا هو الراجح عندي – إنك لم ترها على حقيقتها و لم تمسها بيدك و إنما قصصت منها و لصقت من صفحات الإنترنت !!
2- نعم الرسالة اسمها هكذا و ليتك قصصت و لصقت ما قبلها ، قال الألباني رحمه الله :
( فجاءت رسالة فريدة في بابها قوية في موضوعها ترفع حيرة الأخ المؤمن وتطيح بشبهة الملحد الأرعن وقد سميتها : " نصب المجانيق لنسف قصة الغرانيق" . )
و أنا راضٍ بوصف الألباني رحمه الله و لا أزيد عليه إلا وصفك الرسالة بأنها " قيمة " و كأنك قرأتها !!
3- تقول: " يتتبع فيها سند الأحاديث ثم يتعرض لمتنها بالنقد... "
هل يتتبع الأسانيد و يتركها بلا نقد ثم يتعرض للمتن وحده بالنقد ؟!
فإما أن تقصد ذلك و هذا عجز في علم الحديث ! و إما ألا تقصده و هذا عي في البيان يا من ستتحفنا عما قليلٍ بتفسير للقرآن !!!
فأحلاهما مر ! و كلاهما ينم عن عيب في الفهم و العلم !
ثم أردف: " ...وهذه الرسالة قيمة وأنصح بقراءتها للوقوف على آراء مختلف العلماء - " مختلف العلماء " يا لأسلوبك الركيك !! - فيها لترى أن نفيها لم يكن بالشيء اليسير... "
دبلوماسية " كلاكيت ثاني مرة " !!
ما معنى أن النفي لم يكن بالشيء اليسير ؟!
إما أن يكون حدث النفي أو لم يحدث !!
ثم ما ضابطك لعدم يُسر هذا النفي ؟؟ هل كون الإسناد ليس فيه كذاب !!!!؟
حقيقة أنصحك بقراءة الرسالة فهي قيمة – و لا تزعمن أنك قرأتها فلا يظهر ذلك لا من اجترائك و لا استفهامك – و ستقف على عجزك في علم الحديث و ستعرف قدرك فتقف عند منتهاه ، و رحم الله امرأً عرف حدَّه فوقف عنده !!
و أردفَ: ( و يكفيني من ذلك قول الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري شرح صحيح البخاري قائلاً أن هذه القصة لها ثلاثة روايات على شرط الصحيح وناعياً على أبي بكر بن العربي طعنه في هذه القصة ... )
بدايةً : " قائلًا " يأتي بعدها " إنَّ " لا " أنَّ " ------ و يقال " ثلاث روايات " لا " ثلاثة روايات " لكن لو قلت " روايات ثلاثة " لجاز ذلك باعتبار الوصفية ، و جاز " روايات ثلاث " باعتبار العددية – و لا أعتقد أن هذه أخطاء من سرعة الكتابة !! أليس كذلك ؟!!
تعجبني مثابرتك على إتمام كتب الثانوية في " النحو " و لكن حاول الإتمام إلى " الأجرُّوميَّة " و " الألفية " و ما بعدهما ، فقد ارتقيت مرتقًى صعبًا ، فإما أن تكون أهلًا له و إما أن تُولي بلا إقبال !
ثم : إن ابن حجر رحمه الله كان يرد على ابن العربي و القاضي عياض لا ابن العربي وحده !! فلم اختصصت أحدهما بالذكر أم أنت قاصٌّ لاصق ؟!
ثم تقول: " و يكفيني من ذلك "
يكفيك من ماذا ؟ يكفيك من ذلك ؟ و ما هو ذلك ؟ أهو النفي غير اليسير ؟
أتستدل على النفي غير اليسير بقول من أثبتها !!؟ ما هذا الإنصاف في الحكم و الرجاحة في العقل ؟!
إن استدلالك هذا – لو كنت تفقه قولًا من ذلك – يدل على أن الإثبات غير يسير لا العكس !! فهو إثبات باعتضاد روايات ضعيفة !!
و المرسل من الضعيف و لو كان على شرط الصحيح فيما اتصل منه !! و لا أظن أنك تفهم هذا الكلام !!
فالإثبات هو العسير لا النفي و الذي ستصفه بعد ذلك بأن محاولات تحقيقه كانت مستميتة ! و لا أدري من أين تستشف هذه المشاعر و التوصيفات !!؟
و لكن كيف ألوم من يظن أنه لن يحاسب على كلامه ؟! و لكن كيف لا ألومه و هو يزعم اتباع المنهج العلمي !!؟
ثم أردف بنقل كلام الحافظ ابن حجر رحمه الله : ( إن الطرق إذا كثرت وتباينت مخارجها دل ذلك على أن لها أصلا، وقد ذكرت ثلاثة أسانيد منها على شرط الصحيح، وهي مراسيل يحتج بمثلها من يحتج بالمرسل، وكذا من لا يحتج به لاعتضاد بعضها ببعض - فتح الباري ج 8 ص 561)
و الرد علي كلام الحافظ رحمه الله في الرسالة التي ينصح الكاتب بقراءتها !! حيث يقول الألباني رحمه الله:
(فأقول : إن هذا الجواب ليس بالقوي على إطلاقه لما بينا فيما تقدم أن تقوية الحديث بكثرة الطرق ليس قاعدة مطردة ، نعم من ذهب إلى الاحتجاج بالمرسل مطلقا أو عند اعتضاده ففي الجواب رد قوي عليه كالقاضي عياض وغيره ،ممن يقبل مرسل الثقة ، أما نحن فهو غير وارد علينا لما أوردنا من الاحتمالات التي تمنع الاحتجاج بالحديث المرسل ولو من غير وجه )
فإن كان للكاتب اعتراض على الاحتمالات التي أوردها الألباني رحمه الله في الرسالة التي قرأها ! فليتحفنا بها !! و إلا فلا حجة له في كلام الحافظ لأن كلام الحافظ ليس مصدرًا للتشريع عند المسلمين و لا عند الكاتب نفسه !! فلا يجوز أن يقف مجردًا بذاته إن ثبت الاعتراض عليه بما لم يطعن فيه الكاتب من قبلُ و لا أظنه سيطعن من بعدُ !!
ثم أردف: ( ولا أجد صعوبة في فهم محاولات بعض العلماء المستميتة لنفي هذه القصة، وهم لا بد أن يفعلوا إذ أن هذه الرواية فقط كافية لهدم الدين عند من يملك ذرة من تفكير فما دونها.)
1- فأنت تصف " ابن حجر " رحمه الله بأنه لا يملك أدنى ذرة من تفكير إذ أثبت القصة و لم ينهدم الدين عنده ، و تصف الشيخ الألباني رحمه الله بأنه كتب رسالة " قيمة " ، فما بالك تبني مذهبك في تصحيح الحديث على كلام ابن حجر رحمه الله و هذه حاله عندك و تترك الألباني رحمه الله في رسالته القيمة التي قرأتها و تنصحنا بقراءتها يا منصف؟! فلم اتبعت ابن حجر في تصحيح القصة و تركت الألباني و من قبله ابن كثير و الشوكاني و البيهقي و ابن خزيمة و ابن العربي و الرازي و القاضي عياض رحم الله الجميع ؟!! إني لا أعجب من جمعك هذا التناقض في عقلك قدر عجبي من جرأتك على نشره و الافتخار بنسبته إليك يا حكيم !!
2- تقول " و هم لا بد أن يفعلوا " فإن كان الأمر كذلك يا من بيدك مفاتح البد ، فلم لم يضعفها ابن حجر رحمه الله و الذي وصفته بالحافظ ؟! أم وصف " الحافظ " عندك لا يعني أنه عالم ؟!!
ثم أورد الإشكال القاطع لنفي التضعيف !! فقال - و لا يُقال إلا إن استقال : ( لكن حتى لو أفلحوا جدلاً في تضعيف سندها )
جدلًا !! و كأنك أقمت البينات القاطعات المحكمات ثم تتنزل لتقلب علينا الحجة جدلًا !!
جدلًا يا من تقبل الرواية إلا إن ثبت كذبها !!
أتعاظمت نفسك حتي ظننت أنك أهلٌ لتقول " جدلًا " أمام الشيخ الألباني رحمه الله و من ضعفوا الحديث قبله ؟!
و الله إني عاجز الآن عن الإتيان من بحور البيان بما يصف حالَك الحالِك !
" جدلًا " !!
فلنتابع لقوله: " .... فان نفي صحة القصة تعترضه صعوبات كثيرة .... "
دبلوماسية " كلاكيت ...... مرة "!
كثيرة !! أريد من هذه الكثرة ثلاثة !!
يا صاحب " جدلًا "!!
فيقول: " منها تفسير قول القرآن (وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته) فقد قال بعض العلماء أن الكلمات قالها الشيطان على لسان الرسول، وقال بعضهم أن هذا لا يجوز على الرسول ولكن الشيطان قالها بصوت يشبه صوت الرسول الخ من هذه التبريرات المفتعلة... "
و هل الآية لا تحتمل إلا هذا القول فلابد من القول به ؟
و هل القائلون بهذا القول لا يستطيعون القول به إلا بهذه الرواية فلابد من تصحيحها !!؟؟ فلو قالوا " في أمنيته " معناها " في قراءته " ألا يكفيهم هذا ؟؟!! " جدلًا " ؟!
و ما هذا الأسلوب العلمي العقيم أقصد العميق :
تثبت صحة الرواية " جدلًا " ثم تلزم العلماء بالقول الذي قاله بعضهم " فرضًا " ثم تصف ما عدا ذلك بأنه تبريرات مفتعلة ؟!؟
أهذه غاية حجتك ؟ أهذا سنام بيانك ؟
خلاك مدح!!
و تؤكد قائلًا: " فخلاصة الأمر أن هذه الكلمات سمعها عشرات الناس من الرسول شخصياً ثم بدأت تأويلات الفقهاء لتبريرها."
خلاصة أي أمر !!
خلاصة الكلام الفارغ المنسوب إليك أعلاه ؟
و أي تأويلات يا هذا ؟!!
و أين ردك يا هذا !!!
ثم أتانا بتفسير علمي محقق !! لا يقول به إلا أخرق !!: " فالنبي حاول مساومة سادة قريش في قصة الغرانيق "
أثبت العرش ثم انقش !!
إنك تقفز من نقطة إلى نقطة و من مقدمة إلى نتيجة قفز عشواء لا يقوم على حجة و لا بيان !
صحح الحديث إن استطعت لا جدلًا ! ثم رد على تأويلات العلماء بالشرع أو اللغة لا سخفًا و حمقًا !!
ثم يقول " ولكن ردة الفعل بين المؤمنين والتي بلغت الحبشة غرباً جعلت الرسول يتراجع عن قوله"
أية ردة فعل !! ماذا فعل المسلمون !! و من منهم ضغط على الرسول صلى الله عليه و سلم أو جادله ؟!!
فإن قلت " التاريخ يكتبه المنتصرون "
قلنا : فلم لم يحذف المنتصر قصة الغرانيق و التي لم تفلح حتى الآن في تصحيحها أو التعرض لسندها !!؟
و عما قليل ستُنصب المجانيق لأنسف لك متنها كما تراه و تطبقه إذ تقول :
" فاتهمته قريش بأنه ندم على ماقاله وغيره !! "
دبلوماسية " كلاكيت ..... مرة "
ما معنى " غيره " ؟! أتظننا نظن أنك سترى مطعنًا في الدين و تكتمه ؟!! ما أحمقنا إن ظننا ذلك الذي تظن !!
و أين اتهمته قريش بأنه ندم ؟!
أين الرواية الصحيحة التي تثبت ذلك ؟!!
طيب .. أجادلك بمنطقك ، و من فمِكَ أدينك !!
تقول إن قريش لما رأت تراجع النبي صلي الله عليه و سلم عن قوله بعد ذلك قالت إنه ندم " و غيره " !! و يا لضحكي من " غيره " !!
طيب .. نرى الرواية التي صححتها و وصفت نفيها بأنه غير يسير ، و نطبقها عمليًّا جدلًا يا صاحب " جدلًا "!
عندما تقرأ سورة النجم " أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى - وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى "
ثم يلقي الشيطان كما تعتقد " تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترجى " فهنا يقول مشركو العرب " إنه لم يذكر آلهتنا قبل اليوم بخير "
ثم يتابع النبي - صلي الله عليه و آله وصحبه و سلم - القراءة حتى نصل إلى آية السجدة :
" أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنثَى - تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى - إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى "
لماذا لم يقل المشركون إنه ندم ؟؟ لماذا سجدوا معه و العبرة بخواتيم الكلام ؟ فلو مدحتك ألف مدحة ثم سببتك و ضجَّعْتُ لك في آخر الكلام فقد ضاعت المدحات و بقي السباب !
أرأيت أن قصتك هذه تحمل في طياتها دلائل بطلانها ؟!
ثم نتابع القراءة بعد آيات قليلة " وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاءُ وَيَرْضَى - إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنثَى - وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً - فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّى عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا - ذَلِكَ مَبْلَغُهُم مِّنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى "
فلماذا سجدوا أيها الألمعي ؟!
بالله أهذا كلام من قرأ سورة النجم قبل أن يرينا سوءات فكره ؟!
ثم يقول: " ولم يفسر لنا الرسول ولا الله ولا العلماء ما هو سلطان الشيطان ليتدخل ويلقي ما يشاء في كلام الله خاصة بعد تعهده المشهور بحفظ القرآن ، وما إذا كانت هذه هي المرة الوحيدة التي يتدخل فيها الشيطان.."
• قال تعالى: " إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ "
• و قال تعالى: " إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ "
• قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: " إني لا أقول إلا حقا ".
• و أجمع العلماء على أن الرسول بلغ الرسالة كما أمره الله و من شك في ذلك فهو كافر.
• و قال تعالى: (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )
أما إن كانت هذه هي المرة الوحيدة ؟
فأنت لم تثبت بعد حدوثها و لن تستطيع ، و أقولها لك إجمالًا و تفصيلًَا: لم يحدث لا هذه المرة و لا غيرها .
ثم يأتي جمعه للإشكالات المعضلات فيقول : " ويحق لنا أن نوجه بعض الأسئلة لمن ينكر هذه القصة: "
- ما هو تفسير الآية السابقة إذا كانت قصة الغرانيق غير صحيحة؟"
إليك ما تريد بالبرهان ، و سأقتصر على القول الراجح بدليله:
قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ - لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ - وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ - وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ )
معنى " تمنى " : قرأ و تلا ، كما قال ابن عباس رحمه الله .
ألقى الشيطان في أمنيته : ألقى الوساوس عند قراءته ليصد عن اتباعه ، فينسخه الله بإزالته و إبطاله و عدم تأثيره في المؤمنين الذين أوتوا العلم.
الدليل :
الحكمة المذكورة هي الدليل (- لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ - وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ )
فإن قيل فهذا الإلقاء يكون فتنة كذلك إن كان الشيطان يلقي لفظًا يسمعه الكفار يظنونه من القرآن ؟
قلنا : في الآيات ما يدفع ذلك ، لقوله تعالى: (وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ )
و اليوم العقيم هو يوم القيامة ، فكيف سيظل الكفار في مرية منه برغم أن الفتنة لم يتلبس بها إلا من سمعها من الكفار ؟
فإن قيل : فلم لا يكون اليوم العقيم هو يوم بدر ؟
قوله تعالى في نفس الآية: (حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً )
و قوله تعالى في الآية التالية: (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ )
فهي وساوس يظل الشيطان يلقيها فيما تلاه النبي قبل ذلك تجعل الكفار في مرية إلى يوم القيامة ، لا قراءة لألفاظ لا يتأثر بها إلا من سمعها .
هذا تفسير الآية من سياق الآية و سباقها و لحاقها .
و يقول: " ما هو سلطان الشيطان على الأنبياء لكي يعترض رسالتهم ويلقي فيها ما يشاء؟ "
هذا سؤال مبني على دليلك الباطل فلا نحتاج لجوابه ، و نجيب بما أتانا صحيحًا متواترًا محكمًا مجمعًا عليه (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً )
فلا سلطان لشيطان ، و لا اعتراض لنبي ، و لا إلقاء لما يشاء ، و كفاك جعجعة بما لا علم لك به إلا اتباع الظن ، و لات حين ظنون !!
ويقول: " لماذا لا يحكم الله آياته قبل أن يلقي فيها الشيطان ما يشاء؟ أليس هو القائل (كتاب أحكمت آياته)؟ "
بلي !! و الشيطان لا يلقي إلا الوساوس ! و الآيات في ذاتها محكمة متقنة ! فهل هذا الجمع بين المعنيين عسير عليك !!؟
الآيات الكريمة محكمة لا تدعو للارتياب ، و الكافر شكاك مرتاب !! فما في ذلك ؟!!
و يقول: " لقائل أن يقول ان المراد هو اختبار الناس.. وهذا يذكرني ببعض فرسان السينما المصرية الذين يعرضون الفاحشة على النساء فاذا وجدوا منهن صدوداً زعموا انهم كانوا يريدون اختبار أخلاقهن!! "
أرأيت إنك حتى لم تقرأ سورة الحج السورة التي جئت تتكلم عنها !!؟ كما لم تقرأ سورة النجم من قبل !!؟
فليس هذا القول لقائل ليقوله و ليس لآخر ، بل هو قرآن كريم ، في نفس الآيات التي نتكلم عنها و التي لم تكلف نفسك فتقرأها ، فقد قال تعالى: (لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ - وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ )
و الفتنة : الاختبار ، و هذه في الآية التالية للآية التي أوردتَها مباشرة يا صاحب المنهج العقلاني !!
أما تشبيهك الفاسد الاعتبار ، فما العلة ؟ بل ما وجه الشبه ؟ أهو كلمة " اختبار " ؟!!
الله يختبر عباده و هو الغني عنهم ، و هؤلاء لم يزعموا الاختبار إلا لحاجة و هي حفظ ماء الوجه إن كان هناك وجه !!
الله يخبرنا بأنه يختبرنا بهذه الوساوس التي يلقيها الشيطان قبل أن تقع في قلوبنا تلك الوساوس تحذيرًا ، و هؤلاء قالوا بالاختبار حذر الموت !! أو ضياع السمعة !! أو الحبس !!
الله يختبر عباده ليكون هناك حجة و شبهة فتتحقق حكمة التكليف ، و هؤلاء قالوا بالاختبار ليرتفع عنهم العقاب !!
الله تعالى يرتب على الاختبار الثواب أو العقاب ، و هؤلاء لم يرتبوا الثواب و العقاب !!
الله رضاه غاية كل مؤمن به ، و هؤلاء لم يسترضهم أحد ليمحصوهم !!!
الله يريد الخير لعباده و لا يرضى لعباده الكفر ، و هؤلاء يحبون أن تشيع الفاحشة !!
الله يعلمنا كيف نعبده و نتقي خطوات عدوه ابتداءً ، و هؤلاء تحسسوا الأحوال قبل أن يعلنوا القول بالاختبار !!
فهل الاختبار في حد ذاته موضع إشكال ؟! هل مبدأ الاختبار عندك مردود مرفوض ؟!!
يحضرني قول ابن رجب الحنبلي رحمه الله :
قالوا هذا عندنا غير جائز! **** و من أنتمُ حتى يكون لكم " عندُ " ؟!!
و أخيرًا فعلى من لم يقرأ سورة النجم و لا سورة الحج ، و لا رسالة الألباني رحمه الله و من باب أولى فتح الباري للعسقلاني رحمه الله ، عليه أن يسعه بيته و ليبك على خطيئته !!
سبحانك اللهم و بحمدك أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك و أتوب إليك.
قصة الغرانيق عند من أظهر البراءة من التحقيق !!
قرأتُ – و ليتني لم أقرأ – لمن رأى أنه استغنى ، فما كان منه إلا أن طغى و افترى ، و ذهب يجمجم و يتحدى !! و كأنه أتى بما لم تستطعه الأوائل !! و لا ردَّت عليه الأوائل !! و لا أشبعته ردًّا الأوائل !! و هو يزعم أنه في ذلك جادٌّ غير هازلٍ !! فخلاه مدحٌ !!
رُوِي عن سعيد بن جبير - رحمه الله - " لما نزلت هذه الآية : (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى) ( النجم : 19 ) قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترجى " فسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال المشركون : إنه لم يذكر آلهتهم قبل اليوم بخير فسجد المشركون معه فأنزل الله : (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ - لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ - وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ - وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ )"
قرأ الكاتب هذه القصة ، فسار علي نهج من قال الله تعالى فيه {إنه فكر وقدر، فقتل كيف قدر، ثم قتل كيف قدر، ثم نظر، ثم عبس وبسر، ثم أدبر واستكبر}
فقال – و بئس المقال – و أنقل معناه مع العناية و الاعتناء من عندي لا من عنده !! :
ابتدأ الكلام فبين سبب تناول العلماء – علماء المسلمين – هذه الرواية بالنقد :
( قد تركت هذه القصة علماء المسلمين في حيرة من أمرهم ...)
فأقول : و ما أدراك أنهم وقعوا في الحيرة !! إلا إن كان التفكير و البحث عندك حيرة !! أو تكون شققت عن قلب أحدهم فوجدت الحيرة !! أو صرح لك أحدهم في حوار خاص فنقلته و إن كان فأنت عندنا غير مقبول الشهادة فلا عدالة و لا ضبط !! أو نبشت القبور و استنطقت الموتى !! فإما أن تأتينا ببرهان و إلا فالأصل براءة الشمس من اللمس !!
و أردف: ( .. فقد وردت بروايات كثيرة بعضها ضعيف .... )
قلت : فهي " كثيرة بعضها ضعيف !! " فبعضها بذلك صحيح !!
فهل عندك علم حتى تدلي بذلك التصريح !! و أنت القائل – في غير هذا الموضع - أن الأصل في الخبر عندك أنه صحيح ما لم يثبت كذبه ؟!!
فعَجِلتَ و جعلتَ الضعيف هو الكذب فقط !! فلو روى سيء الحفظ حديثًا أيكون صحيحًا إذ إنه لم يكذب ؟
فإن قلتَ إنك عنيت بالكذب الخطأ و هو لغة عند العرب – و لا إخالك تصل إلى هذا – فأسألك : فالمدلس لم يكذب و لم يخطئ فهل حديثه صحيح ؟ و الذي قال " عن رجل " و لم يسمه فحديثه صحيح مع جهالة عين الراوي ؟
نعود إلى ما قلتَ " بعضها ضعيف " فمفهوم المخالفة أن " بعضها صحيح "
فأتنا برواية صحيحة واحدة و لا نطالبك ببعض الكثير !!
و الصحيح عندنا أهل الإسلام ( ما اتصل إسناده برواية العدل الضابط عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ و لا علة ) لا " ما لم يثبت كذبه " !!
و استدلالك بكلام الحافظ العسقلاني رحمه الله سيأتي رده عليك في حينه – فصبرًا !! إنَّ كل آت قريب .
و لكني أصبِّرُكَ بقول ابن حجر رحمه الله ( إذا تكلم المرء في غير فنه أتى بهذه العجائب ) "الفتح 3-466"
ثم أردف: " ولكنهم لم يستطيعوا أن يطعنوا في كل رواياتها طعناً تاماً........"
ما هذه اللغة الدبلوماسية التي لا تنفع في مقام البحث العلمي – و لعلك تحسب نفسك من أهله !!؟
" لم يستطيعوا الطعن التام " !!
و هل هناك طعن تام و طعن غير تام !!؟ و أنت الذي جعلت الضعيف هو الكذب ؟!!
إما أن يكونوا طعنوا فيها ، فسقطت بذلك بذاتها !!
و إما أن تكون سلمت من الطعن ، فقامت بذاتها !!
أما " الطعن التام و الناقص " فتلك في مصطلح الحديث حادثة جديدة !! فهلا تفضلت و أريتنا مزيدًا من الأعاجيب فعرفت لنا الطعن التام و الطعن الناقص !!
و الله إن العجب لا يتناهى من شخص يعلم في قرارة نفسه أنه جاهل بعلم الحديث ، يتقَوَّلُ على العلماء كلّهم أجمعين ، و يحتاط لذاته فيضع كلمة " تامًّا " ، و يجلس آمنًا في نفسه منتظرًا المدح و الثناء !!
ثم أردف: " ....وللشيخ ناصر الدين الألباني رسالة طويلة اسمها (نصب المجانيق لنسف قصة الغرانيق)، يتتبع فيها سند الأحاديث ثم يتعرض لمتنها بالنقد... "
قلت :
1- الرسالة لا تكون طويلة !!
أم هذه عندك طويلة فأنت اعتدت على المقالات القصيرة من هنا و هناك و المرء أسير ما اعتاد؟!!
أم – و هذا هو الراجح عندي – إنك لم ترها على حقيقتها و لم تمسها بيدك و إنما قصصت منها و لصقت من صفحات الإنترنت !!
2- نعم الرسالة اسمها هكذا و ليتك قصصت و لصقت ما قبلها ، قال الألباني رحمه الله :
( فجاءت رسالة فريدة في بابها قوية في موضوعها ترفع حيرة الأخ المؤمن وتطيح بشبهة الملحد الأرعن وقد سميتها : " نصب المجانيق لنسف قصة الغرانيق" . )
و أنا راضٍ بوصف الألباني رحمه الله و لا أزيد عليه إلا وصفك الرسالة بأنها " قيمة " و كأنك قرأتها !!
3- تقول: " يتتبع فيها سند الأحاديث ثم يتعرض لمتنها بالنقد... "
هل يتتبع الأسانيد و يتركها بلا نقد ثم يتعرض للمتن وحده بالنقد ؟!
فإما أن تقصد ذلك و هذا عجز في علم الحديث ! و إما ألا تقصده و هذا عي في البيان يا من ستتحفنا عما قليلٍ بتفسير للقرآن !!!
فأحلاهما مر ! و كلاهما ينم عن عيب في الفهم و العلم !
ثم أردف: " ...وهذه الرسالة قيمة وأنصح بقراءتها للوقوف على آراء مختلف العلماء - " مختلف العلماء " يا لأسلوبك الركيك !! - فيها لترى أن نفيها لم يكن بالشيء اليسير... "
دبلوماسية " كلاكيت ثاني مرة " !!
ما معنى أن النفي لم يكن بالشيء اليسير ؟!
إما أن يكون حدث النفي أو لم يحدث !!
ثم ما ضابطك لعدم يُسر هذا النفي ؟؟ هل كون الإسناد ليس فيه كذاب !!!!؟
حقيقة أنصحك بقراءة الرسالة فهي قيمة – و لا تزعمن أنك قرأتها فلا يظهر ذلك لا من اجترائك و لا استفهامك – و ستقف على عجزك في علم الحديث و ستعرف قدرك فتقف عند منتهاه ، و رحم الله امرأً عرف حدَّه فوقف عنده !!
و أردفَ: ( و يكفيني من ذلك قول الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري شرح صحيح البخاري قائلاً أن هذه القصة لها ثلاثة روايات على شرط الصحيح وناعياً على أبي بكر بن العربي طعنه في هذه القصة ... )
بدايةً : " قائلًا " يأتي بعدها " إنَّ " لا " أنَّ " ------ و يقال " ثلاث روايات " لا " ثلاثة روايات " لكن لو قلت " روايات ثلاثة " لجاز ذلك باعتبار الوصفية ، و جاز " روايات ثلاث " باعتبار العددية – و لا أعتقد أن هذه أخطاء من سرعة الكتابة !! أليس كذلك ؟!!
تعجبني مثابرتك على إتمام كتب الثانوية في " النحو " و لكن حاول الإتمام إلى " الأجرُّوميَّة " و " الألفية " و ما بعدهما ، فقد ارتقيت مرتقًى صعبًا ، فإما أن تكون أهلًا له و إما أن تُولي بلا إقبال !
ثم : إن ابن حجر رحمه الله كان يرد على ابن العربي و القاضي عياض لا ابن العربي وحده !! فلم اختصصت أحدهما بالذكر أم أنت قاصٌّ لاصق ؟!
ثم تقول: " و يكفيني من ذلك "
يكفيك من ماذا ؟ يكفيك من ذلك ؟ و ما هو ذلك ؟ أهو النفي غير اليسير ؟
أتستدل على النفي غير اليسير بقول من أثبتها !!؟ ما هذا الإنصاف في الحكم و الرجاحة في العقل ؟!
إن استدلالك هذا – لو كنت تفقه قولًا من ذلك – يدل على أن الإثبات غير يسير لا العكس !! فهو إثبات باعتضاد روايات ضعيفة !!
و المرسل من الضعيف و لو كان على شرط الصحيح فيما اتصل منه !! و لا أظن أنك تفهم هذا الكلام !!
فالإثبات هو العسير لا النفي و الذي ستصفه بعد ذلك بأن محاولات تحقيقه كانت مستميتة ! و لا أدري من أين تستشف هذه المشاعر و التوصيفات !!؟
و لكن كيف ألوم من يظن أنه لن يحاسب على كلامه ؟! و لكن كيف لا ألومه و هو يزعم اتباع المنهج العلمي !!؟
ثم أردف بنقل كلام الحافظ ابن حجر رحمه الله : ( إن الطرق إذا كثرت وتباينت مخارجها دل ذلك على أن لها أصلا، وقد ذكرت ثلاثة أسانيد منها على شرط الصحيح، وهي مراسيل يحتج بمثلها من يحتج بالمرسل، وكذا من لا يحتج به لاعتضاد بعضها ببعض - فتح الباري ج 8 ص 561)
و الرد علي كلام الحافظ رحمه الله في الرسالة التي ينصح الكاتب بقراءتها !! حيث يقول الألباني رحمه الله:
(فأقول : إن هذا الجواب ليس بالقوي على إطلاقه لما بينا فيما تقدم أن تقوية الحديث بكثرة الطرق ليس قاعدة مطردة ، نعم من ذهب إلى الاحتجاج بالمرسل مطلقا أو عند اعتضاده ففي الجواب رد قوي عليه كالقاضي عياض وغيره ،ممن يقبل مرسل الثقة ، أما نحن فهو غير وارد علينا لما أوردنا من الاحتمالات التي تمنع الاحتجاج بالحديث المرسل ولو من غير وجه )
فإن كان للكاتب اعتراض على الاحتمالات التي أوردها الألباني رحمه الله في الرسالة التي قرأها ! فليتحفنا بها !! و إلا فلا حجة له في كلام الحافظ لأن كلام الحافظ ليس مصدرًا للتشريع عند المسلمين و لا عند الكاتب نفسه !! فلا يجوز أن يقف مجردًا بذاته إن ثبت الاعتراض عليه بما لم يطعن فيه الكاتب من قبلُ و لا أظنه سيطعن من بعدُ !!
ثم أردف: ( ولا أجد صعوبة في فهم محاولات بعض العلماء المستميتة لنفي هذه القصة، وهم لا بد أن يفعلوا إذ أن هذه الرواية فقط كافية لهدم الدين عند من يملك ذرة من تفكير فما دونها.)
1- فأنت تصف " ابن حجر " رحمه الله بأنه لا يملك أدنى ذرة من تفكير إذ أثبت القصة و لم ينهدم الدين عنده ، و تصف الشيخ الألباني رحمه الله بأنه كتب رسالة " قيمة " ، فما بالك تبني مذهبك في تصحيح الحديث على كلام ابن حجر رحمه الله و هذه حاله عندك و تترك الألباني رحمه الله في رسالته القيمة التي قرأتها و تنصحنا بقراءتها يا منصف؟! فلم اتبعت ابن حجر في تصحيح القصة و تركت الألباني و من قبله ابن كثير و الشوكاني و البيهقي و ابن خزيمة و ابن العربي و الرازي و القاضي عياض رحم الله الجميع ؟!! إني لا أعجب من جمعك هذا التناقض في عقلك قدر عجبي من جرأتك على نشره و الافتخار بنسبته إليك يا حكيم !!
2- تقول " و هم لا بد أن يفعلوا " فإن كان الأمر كذلك يا من بيدك مفاتح البد ، فلم لم يضعفها ابن حجر رحمه الله و الذي وصفته بالحافظ ؟! أم وصف " الحافظ " عندك لا يعني أنه عالم ؟!!
ثم أورد الإشكال القاطع لنفي التضعيف !! فقال - و لا يُقال إلا إن استقال : ( لكن حتى لو أفلحوا جدلاً في تضعيف سندها )
جدلًا !! و كأنك أقمت البينات القاطعات المحكمات ثم تتنزل لتقلب علينا الحجة جدلًا !!
جدلًا يا من تقبل الرواية إلا إن ثبت كذبها !!
أتعاظمت نفسك حتي ظننت أنك أهلٌ لتقول " جدلًا " أمام الشيخ الألباني رحمه الله و من ضعفوا الحديث قبله ؟!
و الله إني عاجز الآن عن الإتيان من بحور البيان بما يصف حالَك الحالِك !
" جدلًا " !!
فلنتابع لقوله: " .... فان نفي صحة القصة تعترضه صعوبات كثيرة .... "
دبلوماسية " كلاكيت ...... مرة "!
كثيرة !! أريد من هذه الكثرة ثلاثة !!
يا صاحب " جدلًا "!!
فيقول: " منها تفسير قول القرآن (وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته) فقد قال بعض العلماء أن الكلمات قالها الشيطان على لسان الرسول، وقال بعضهم أن هذا لا يجوز على الرسول ولكن الشيطان قالها بصوت يشبه صوت الرسول الخ من هذه التبريرات المفتعلة... "
و هل الآية لا تحتمل إلا هذا القول فلابد من القول به ؟
و هل القائلون بهذا القول لا يستطيعون القول به إلا بهذه الرواية فلابد من تصحيحها !!؟؟ فلو قالوا " في أمنيته " معناها " في قراءته " ألا يكفيهم هذا ؟؟!! " جدلًا " ؟!
و ما هذا الأسلوب العلمي العقيم أقصد العميق :
تثبت صحة الرواية " جدلًا " ثم تلزم العلماء بالقول الذي قاله بعضهم " فرضًا " ثم تصف ما عدا ذلك بأنه تبريرات مفتعلة ؟!؟
أهذه غاية حجتك ؟ أهذا سنام بيانك ؟
خلاك مدح!!
و تؤكد قائلًا: " فخلاصة الأمر أن هذه الكلمات سمعها عشرات الناس من الرسول شخصياً ثم بدأت تأويلات الفقهاء لتبريرها."
خلاصة أي أمر !!
خلاصة الكلام الفارغ المنسوب إليك أعلاه ؟
و أي تأويلات يا هذا ؟!!
و أين ردك يا هذا !!!
ثم أتانا بتفسير علمي محقق !! لا يقول به إلا أخرق !!: " فالنبي حاول مساومة سادة قريش في قصة الغرانيق "
أثبت العرش ثم انقش !!
إنك تقفز من نقطة إلى نقطة و من مقدمة إلى نتيجة قفز عشواء لا يقوم على حجة و لا بيان !
صحح الحديث إن استطعت لا جدلًا ! ثم رد على تأويلات العلماء بالشرع أو اللغة لا سخفًا و حمقًا !!
ثم يقول " ولكن ردة الفعل بين المؤمنين والتي بلغت الحبشة غرباً جعلت الرسول يتراجع عن قوله"
أية ردة فعل !! ماذا فعل المسلمون !! و من منهم ضغط على الرسول صلى الله عليه و سلم أو جادله ؟!!
فإن قلت " التاريخ يكتبه المنتصرون "
قلنا : فلم لم يحذف المنتصر قصة الغرانيق و التي لم تفلح حتى الآن في تصحيحها أو التعرض لسندها !!؟
و عما قليل ستُنصب المجانيق لأنسف لك متنها كما تراه و تطبقه إذ تقول :
" فاتهمته قريش بأنه ندم على ماقاله وغيره !! "
دبلوماسية " كلاكيت ..... مرة "
ما معنى " غيره " ؟! أتظننا نظن أنك سترى مطعنًا في الدين و تكتمه ؟!! ما أحمقنا إن ظننا ذلك الذي تظن !!
و أين اتهمته قريش بأنه ندم ؟!
أين الرواية الصحيحة التي تثبت ذلك ؟!!
طيب .. أجادلك بمنطقك ، و من فمِكَ أدينك !!
تقول إن قريش لما رأت تراجع النبي صلي الله عليه و سلم عن قوله بعد ذلك قالت إنه ندم " و غيره " !! و يا لضحكي من " غيره " !!
طيب .. نرى الرواية التي صححتها و وصفت نفيها بأنه غير يسير ، و نطبقها عمليًّا جدلًا يا صاحب " جدلًا "!
عندما تقرأ سورة النجم " أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى - وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى "
ثم يلقي الشيطان كما تعتقد " تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترجى " فهنا يقول مشركو العرب " إنه لم يذكر آلهتنا قبل اليوم بخير "
ثم يتابع النبي - صلي الله عليه و آله وصحبه و سلم - القراءة حتى نصل إلى آية السجدة :
" أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنثَى - تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى - إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى "
لماذا لم يقل المشركون إنه ندم ؟؟ لماذا سجدوا معه و العبرة بخواتيم الكلام ؟ فلو مدحتك ألف مدحة ثم سببتك و ضجَّعْتُ لك في آخر الكلام فقد ضاعت المدحات و بقي السباب !
أرأيت أن قصتك هذه تحمل في طياتها دلائل بطلانها ؟!
ثم نتابع القراءة بعد آيات قليلة " وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاءُ وَيَرْضَى - إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنثَى - وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً - فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّى عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا - ذَلِكَ مَبْلَغُهُم مِّنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى "
فلماذا سجدوا أيها الألمعي ؟!
بالله أهذا كلام من قرأ سورة النجم قبل أن يرينا سوءات فكره ؟!
ثم يقول: " ولم يفسر لنا الرسول ولا الله ولا العلماء ما هو سلطان الشيطان ليتدخل ويلقي ما يشاء في كلام الله خاصة بعد تعهده المشهور بحفظ القرآن ، وما إذا كانت هذه هي المرة الوحيدة التي يتدخل فيها الشيطان.."
• قال تعالى: " إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ "
• و قال تعالى: " إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ "
• قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: " إني لا أقول إلا حقا ".
• و أجمع العلماء على أن الرسول بلغ الرسالة كما أمره الله و من شك في ذلك فهو كافر.
• و قال تعالى: (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )
أما إن كانت هذه هي المرة الوحيدة ؟
فأنت لم تثبت بعد حدوثها و لن تستطيع ، و أقولها لك إجمالًا و تفصيلًَا: لم يحدث لا هذه المرة و لا غيرها .
ثم يأتي جمعه للإشكالات المعضلات فيقول : " ويحق لنا أن نوجه بعض الأسئلة لمن ينكر هذه القصة: "
- ما هو تفسير الآية السابقة إذا كانت قصة الغرانيق غير صحيحة؟"
إليك ما تريد بالبرهان ، و سأقتصر على القول الراجح بدليله:
قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ - لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ - وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ - وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ )
معنى " تمنى " : قرأ و تلا ، كما قال ابن عباس رحمه الله .
ألقى الشيطان في أمنيته : ألقى الوساوس عند قراءته ليصد عن اتباعه ، فينسخه الله بإزالته و إبطاله و عدم تأثيره في المؤمنين الذين أوتوا العلم.
الدليل :
الحكمة المذكورة هي الدليل (- لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ - وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ )
فإن قيل فهذا الإلقاء يكون فتنة كذلك إن كان الشيطان يلقي لفظًا يسمعه الكفار يظنونه من القرآن ؟
قلنا : في الآيات ما يدفع ذلك ، لقوله تعالى: (وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ )
و اليوم العقيم هو يوم القيامة ، فكيف سيظل الكفار في مرية منه برغم أن الفتنة لم يتلبس بها إلا من سمعها من الكفار ؟
فإن قيل : فلم لا يكون اليوم العقيم هو يوم بدر ؟
قوله تعالى في نفس الآية: (حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً )
و قوله تعالى في الآية التالية: (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ )
فهي وساوس يظل الشيطان يلقيها فيما تلاه النبي قبل ذلك تجعل الكفار في مرية إلى يوم القيامة ، لا قراءة لألفاظ لا يتأثر بها إلا من سمعها .
هذا تفسير الآية من سياق الآية و سباقها و لحاقها .
و يقول: " ما هو سلطان الشيطان على الأنبياء لكي يعترض رسالتهم ويلقي فيها ما يشاء؟ "
هذا سؤال مبني على دليلك الباطل فلا نحتاج لجوابه ، و نجيب بما أتانا صحيحًا متواترًا محكمًا مجمعًا عليه (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً )
فلا سلطان لشيطان ، و لا اعتراض لنبي ، و لا إلقاء لما يشاء ، و كفاك جعجعة بما لا علم لك به إلا اتباع الظن ، و لات حين ظنون !!
ويقول: " لماذا لا يحكم الله آياته قبل أن يلقي فيها الشيطان ما يشاء؟ أليس هو القائل (كتاب أحكمت آياته)؟ "
بلي !! و الشيطان لا يلقي إلا الوساوس ! و الآيات في ذاتها محكمة متقنة ! فهل هذا الجمع بين المعنيين عسير عليك !!؟
الآيات الكريمة محكمة لا تدعو للارتياب ، و الكافر شكاك مرتاب !! فما في ذلك ؟!!
و يقول: " لقائل أن يقول ان المراد هو اختبار الناس.. وهذا يذكرني ببعض فرسان السينما المصرية الذين يعرضون الفاحشة على النساء فاذا وجدوا منهن صدوداً زعموا انهم كانوا يريدون اختبار أخلاقهن!! "
أرأيت إنك حتى لم تقرأ سورة الحج السورة التي جئت تتكلم عنها !!؟ كما لم تقرأ سورة النجم من قبل !!؟
فليس هذا القول لقائل ليقوله و ليس لآخر ، بل هو قرآن كريم ، في نفس الآيات التي نتكلم عنها و التي لم تكلف نفسك فتقرأها ، فقد قال تعالى: (لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ - وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ )
و الفتنة : الاختبار ، و هذه في الآية التالية للآية التي أوردتَها مباشرة يا صاحب المنهج العقلاني !!
أما تشبيهك الفاسد الاعتبار ، فما العلة ؟ بل ما وجه الشبه ؟ أهو كلمة " اختبار " ؟!!
الله يختبر عباده و هو الغني عنهم ، و هؤلاء لم يزعموا الاختبار إلا لحاجة و هي حفظ ماء الوجه إن كان هناك وجه !!
الله يخبرنا بأنه يختبرنا بهذه الوساوس التي يلقيها الشيطان قبل أن تقع في قلوبنا تلك الوساوس تحذيرًا ، و هؤلاء قالوا بالاختبار حذر الموت !! أو ضياع السمعة !! أو الحبس !!
الله يختبر عباده ليكون هناك حجة و شبهة فتتحقق حكمة التكليف ، و هؤلاء قالوا بالاختبار ليرتفع عنهم العقاب !!
الله تعالى يرتب على الاختبار الثواب أو العقاب ، و هؤلاء لم يرتبوا الثواب و العقاب !!
الله رضاه غاية كل مؤمن به ، و هؤلاء لم يسترضهم أحد ليمحصوهم !!!
الله يريد الخير لعباده و لا يرضى لعباده الكفر ، و هؤلاء يحبون أن تشيع الفاحشة !!
الله يعلمنا كيف نعبده و نتقي خطوات عدوه ابتداءً ، و هؤلاء تحسسوا الأحوال قبل أن يعلنوا القول بالاختبار !!
فهل الاختبار في حد ذاته موضع إشكال ؟! هل مبدأ الاختبار عندك مردود مرفوض ؟!!
يحضرني قول ابن رجب الحنبلي رحمه الله :
قالوا هذا عندنا غير جائز! **** و من أنتمُ حتى يكون لكم " عندُ " ؟!!
و أخيرًا فعلى من لم يقرأ سورة النجم و لا سورة الحج ، و لا رسالة الألباني رحمه الله و من باب أولى فتح الباري للعسقلاني رحمه الله ، عليه أن يسعه بيته و ليبك على خطيئته !!
سبحانك اللهم و بحمدك أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك و أتوب إليك.