قتيبة
02-21-2008, 06:49 PM
ماهو الرد على شخص يدعى
1-ان طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته فقط
2-وانه يتبع فقط الاحاديث المتواترة التي تبلغ 309 حديث
وجزاكم الله خيرا
=========
اقتباس من شخص يدعى نهرو طنطاوي
أما عن ما يسمى بالسنة فسوف أنقل بعض الفقرات من كتاباتي التي كتبتها منذ أكثر من ثلاثة أعوام في كتابي (قراءة للإسلام من جديد)، وفي مقالي: (طاعة الرسول واجبة في حياته وليست بعد وفاته). وما ذكرته في كتاباتي هذه هو ما علمته وما أوقن به وأومن من خلال فهمي وإدراكي الشخصي لما يسمى بالسنة:
السنة في لسان قوم الرسول هي: الطريقة والمثال.
السنة في اصطلاح الفقهاء هي: كل قول أو فعل أو تقرير للرسول صلى الله عليه وسلم، وعلى ذلك رأى الفقهاء وجوب اتباع الرسول في كل فعل أو قول أو تقرير نسب إليه عليه الصلاة والسلام.
إن مصطلح السنة بهذه الطريقة التي اصطلح عليها الفقهاء لم يرد له ذكر في القرآن وليست له أية شرعية قرآنية (وأعني هنا وجوب اتباع كل فعل أو قول أو تقرير للرسول صلى الله عليه وسلم), فلم يرد في القرآن وجوب أتباع كل ما يصدر عن الرسول من قول أو فعل أو تقرير هكذا على وجه العموم، أو جعله مصدرا ثانيا للتشريع ومساويا للمصدر الوحيد الذي هو القرآن الكريم.
إن كل ما ورد عن الرسول بطريق متواتر (أي لا خلاف عليه) كالقرآن وكيفية أداء الصلاة والصيام والزكاة والحج، والعمرة والأذان والإقامة والطهارة ومواقيت الصلاة وغير ذلك من الأفعال المتواترة التي لم يختلف عليها اثنان من المسلمين سنة كانوا أو شيعة أو أي مذهب آخر من المذاهب الإسلامية منذ كان الرسول حيا وإلى يومنا هذا، كل هذا هو وحي من عند الله مساو للقرآن تماما، وقد اتفق أهل ملة الإسلام قاطبة بلا استثناء على وجوبه وشرعيته.
إذاً ما تواتر عن الرسول صلى الله عليه وسلم في كيفية أداء العبادات إنما هو بوحي الله إلى رسوله، ليريه كيف يصلي وكيف يحج وكيف يتطهر وغيرها من الأفعال والأقوال المتواترة، وهذا لا اختلاف فيه مع أحد في أنه شرع ودين ووحي أوحاه الله إلى رسوله صلي الله عليه وسلم ولا خلاف بين أمة الإسلام بجميع طوائفهم وفرقهم في هذا.
إلا أن هذه العبادات وكيفيتها ليست هي السنة التي يقصدها الفقهاء، فما يقصده الفقهاء هو ما جاء في البخاري ومسلم والترمذي وبن ماجة وأبو داود ومسند أحمد وغيرها من كتب الأحاديث، فأوجبوا على المسلمون اتباع كل ما جاء في هذه الكتب دون مناقشة أو اعتراض، وإلا كفرنا وارتددنا عن الإسلام.
أما الحقيقة التي أعلمها بإدراكي الشخصي فهي أن كل ما نسب للرسول من أحاديث غير متواترة وغير متفق عليها بين أمة الإسلام أو ما يسميه الفقهاء بأحاديث الآحاد ، كل هذه الأحاديث يرفضها القرآن في الحالات التالية:
في حالة إضافة أحكام على ما جاء في القرآن.
في حالة إضافة محرمات على ما حرمه الله في القرآن.
في حالة مصادمة أو مناقضة لما جاء في القرآن.
حديث الآحاد:
[ خبر الآحاد هو كل خبر يرويه الواحد أو الاثنان أو الأكثر عن الرسول (ص) ولا يتوافر فيه شرط المتواتر.
أما عدد أحاديث الآحاد فمجموعه يزيد على 599 ألف حديث أي الغالبية العظمى من الأحاديث التي نسبت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذه الأحاديث قال عنها جمهور العلماء أنها أحاديث ظنية بمعنى ليست قطعية في ثبوتها عن الرسول أي مشكوك في نسبتها للرسول، وهذا ليس قولي بل هو قول جمهور علماء السنة، وأذكر شيئا مما قيل عن أحاديث الآحاد مما خطته أيدي العلماء أنفسهم:
قال الأستاذ المرحوم الشيخ محمد أبو زهرة في كتابه "أصول الفقه" عن حكم حديث الآحاد:
(حديث الآحاد يفيد العلم الظني الراجح, ولا يفيد العلم القطعي, إذ الاتصال بالنبي (ص) فيه شبهة. ويقول صاحب كشف الأسرار فيه: الاتصال فيه شبهة صورة ومعنى, أما ثبوت الشبهة فيه صورة, فلأن الاتصال بالرسول لم يثبت قطعا (أي بصورة قطعية), وأما معنى، فلأن الأمة تلقته بالقبول "أي في الطبقة التي تلي التابعين").
ويقول الشيخ أبو زهرة: (ولهذه الشبهة في إسناد الحديث بالرسول (ص) قالوا إنه يجب العمل به إن لم يعارضه معارض, ولكن لا يؤخذ به في الاعتقاد, لأن الأمور الاعتقادية تبنى على الجزم واليقين, ولا تبنى على الظن, ولو كان راجحا, لأن الظن في الاعتقاد لا يغني عن الحق شيئا).
وأين دليل الشيخ أبو زهرة على أن حديث الآحاد يؤخذ به في غير الاعتقاد؟.
هل كل قول أو فعل أو تقرير للرسول بوحي من الله؟:
قال تعالى في سورة النجم: (وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى). يعتقد البعض أن كل كلمة نطق بها الرسول وكل فكرة خطرت له وكل خطوة خطاها هي بوحي من الله، وهذا فهم خاطئ للآية الكريمة، ومخالف لنصوص القرآن ووقائع السيرة، فقد عرضت على الرسول أسئلة كثيرة من المسلمين وغير المسلمين، فلم يكن لدى رسول الله جوابا عليها حتى يتنزل عليه القرآن بالإجابة، وكانت هناك اجتهادات للرسول كثيرة في بعض المواقف، فكان القرآن ينزل بخلافها ويعارضها، وسياق الآيات القرآنية نفسها يشهد بذلك وسياق السيرة كذلك، وليس هنا محلا لحصرها فهي كثيرة، فالمقصود من عدم نطق الرسول إلا بوحي وفق إدراكي هو ما نطق به الرسول من قرآن، أو توجيه الله لرسوله في بعض المواقف. وكان للوحي دورا أيضا مع الرسول في غير القرآن، كتوجيه الرسول في قيادة المسلمين والحكم بينهم بما أراه الله لقوله تعالى: (فاحكم بينهم بما أراك الله) وكان للوحي دورا أيضا أثناء خوضه صلى الله عليه وسلم للمعارك ضد أعدائه، وكان دور الوحي أيضا للرسول في غير القرآن يكمن في تثبيت الرسول والذين أمنوا معه بإنزال السكينة والطمأنينة في قلوبهم.
تكرار القرآن وتأكيده على طاعة الرسول كان للذين عاصروه في حياته:
إن ورود عشرات الآيات التي تأمر وتحض على طاعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في القرآن، إنما تنم عن تثبيت الله لأهمية طاعته صلى الله عليه وسلم في نفوس أصحابه وعدم مخالفة أمره، وأراد الله أيضا أن يعلمهم أن طاعته صلى الله عليه وسلم هي بإذن من الله، وهي طاعة لله، وأن ما ينطق به من قرآن ودين هو وحي من الله، وليس عن هوى أو اجتهاد شخصي، أيضا إن التكرار الكثير والتأكيد الصارم على طاعة الرسول إنما ينم عن عدة أمور هامة وهي كالتالي:
- تصديقه صلى الله عليه وسلم فيما بلغه عن ربه من القرآن العظيم وتثبيت ذلك في نفوس المسلمين, فالمسلمون وقتها كانوا حديثي عهد بالإسلام، وكانوا أيضا خارجون لتوهم من الجاهلية بعاداتها وتقاليدها وأعرافها وحميتها للقبيلة والنسب, فالتكرار والتأكيد في ذلك الوقت على طاعة الرسول وأن طاعته من طاعة الله يثبت في نفوس المسلمين عدم تحيز رسول الله فيما يقوله أو يأمر به أو يفعله إلى فئة ما أو قبيلة ما أو عصبية ما، بل إن ما يقوله ويفعله من أمور الدين هو بإذن من الله وتوجيه منه سبحانه لرسوله – صلى الله عليه وسلم – وليس من عند نفسه.
- كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وقتها يؤسس لأمة ويؤسس لدين سيكون أتباعه يوما ما عددهم بالملايين وهذا شيء ليس بالسهل ولا اليسير, وذلك مما جعل القرآن يؤكد دائما علي طاعة الرسول وعدم الخروج عن حكمه وقضائه وأمره، وأن أي شك في رسول الله هو بمثابة شك في القرآن, لأن رسول الله –صلى الله عليه وسلم– لو عمد إلى التحيز أو الخطأ أو الكذب، لكان أدعى لأتباعه أن يشكوا في القرآن وما جاء فيه من أحكام وأوامر ونواهي، فكان لابد من التأكيد الدائم والتذكير المستمر بطاعة الرسول، لأنه حينئذ يؤسس ويبني أمة جديدة على العالم وعلى أتباعها.
إذن فتكرار القرآن وتأكيده على طاعة الرسول مرات كثيرة لم يكن لمجرد التكرار أو لمجرد التذكير بطاعته وحسب، ولم يكن ذلك التأكيد وذلك التكرار للذين يأتوا من بعده كما يزعم الفقهاء، بل كان للذين معه وللذين عاصروه في حياته على وجه التحديد، والدليل على ذلك أنه كانت هناك أسباب كبيرة وخطيرة تقف وراء هذا التكرار والتأكيد، حتى يكاد ينطق بها القرآن ويقرأها المرء في سياق النصوص التي جاءت تأكد على طاعة الرسول وتحذر وتنذر من معصيته.
وأما ما نسب إلى رسول الله من أحاديث، فيجب أن يوضع في ميزان القرآن فما وافق منه القرآن، فلنأخذ به، وما خالف منها القرآن، أو وضع أحكاما لم يأت بها القرآن، أو أحل حراما، أو حرم حلالا، لم يأت ذكره في القرآن، فيجب تركه وعدم العمل به.
طاعة الرسول بعد وفاته :
أما طاعتنا للرسول بعد وفاته ففيما جاء به من قرآن، وفي بيانه لكيفية عبادة الله من صلاة وزكاة وصيام وحج وطهارة وغيرها من عبادات، وطاعته صلى الله عليه وسلم والتأسي به، وكيف أنه كان يطيع الله ويعبده ويتبع ما أوحي إليه. والتأسي به صلى الله عليه وسلم في خلقه العظيم، والطاعة في هذا واجبة على جميع المسلمين سواء في حياة الرسول أو بعد مماته، ووجوب طاعة الرسول في ما جاء به من قرآن للأسباب التالية:
- القرآن هو الإسلام وهو الدين وهو الشريعة.
– القرآن وصل إلينا بالتواتر عن جمع غفير من المسلمين أحالت العادة دون تواطؤهم على الكذب.
– القرآن ذكر للعالمين في حياة الرسول وبعد مماته.
إذن فطاعته صلى الله عليه وسلم بعد وفاته تكون في الإيمان بما جاء به من قرآن والعمل به، لأن ما جاء به الرسول وبلغه عن ربه من قرآن وعبادات هو كلام الله وهو الإسلام، وشرعه ودينه وحكمه وأمره للناس، فليس لمسلم مؤمن بدين الإسلام أن يرده أو يعارضه ما دام أنه رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد –صلى الله عليه وسلم– رسولاً, ولا سبيل لمسلم إلا أن يعمل بما جاء فيه من أحكام ما استطاع إلى ذلك سبيلا.
هذا نتيجة بحثي وإدراكي الشخصي وما أوقن به منذ سنوات حول ما ورد عن الرسول عليه الصلاة والسلام من أقوال وأفعال من غير القرآن، فأنا لا أنكر كل ما ورد عن الرسول ولا يمكنني ذلك، ولا أقبله كله كذلك، وإنما أضعه في ميزان القرآن والعقل والبحث العلمي، فما رجحه القرآن والعقل والبحث العلمي أعتمده كدين ووحي من عند الله، وقد جئت بتلك المقتطفات من كتاباتي التي كتبتها منذ سنوات وهي منشورة على الكثير من المواقع، حتى لا يزايد أحد علي في هذه المسألة، وحتى لا يظن أحد أنني أتبع ذلك الفكر المبتور الأعور الذي يسمى بـ (فكر القرآنيين).
ومن هنا أطالب جميع المهتمين بالفكر الديني الإسلامي في كافة مواقعهم، أن يعتمدوا القرآن الكريم كمرجعية وحيدة للحكم على ما جاء فيما يسمى بالسنة من أحكام تشريعية ودينية وتحريمية، وكذلك على الاجتهادات الفقهية لكل من تصدر للفتوى والاجتهاد، وألا نحكم بالسنة على القرآن في الجانب التشريعي الأحكامي، بل العكس هو الصحيح، ولنعلم أنه لن يستقيم الدين باستقلال البعض بأحدهما وإعفاء الآخر، ولنعلم كذلك أن ما نسب إلى الرسول قد يحمل في جزء ليس بقليل منه، الكثير من التنبؤات الغيبية المستقبلية، وقد تحقق جزء كبير منها، وهي بالتأكيد من الوحي الذي أوحى الله به إلى خاتم النبيين محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام، وبدون ذلك سيظل الباب مفتوحا على مصراعيه للاختلاف والتناقض والتضارب في أحكام الدين.
ومما أعلمه وأوقن به كذلك من خلال إدراكي ودراستي الشخصية لهذا الموضوع، أن كل ما ورد عن الرسول في كتب السنن كالبخاري ومسلم ومسند أحمد وغيرها من كتب التراث والتاريخ، لا أكذبه كله ولا أصدقه كله، ومع ذلك أرى أنه قد يكون هناك الكثير مما ورد في هذه الكتب من أقوال وأفعال تنسب إلى النبي محمد عليه الصلاة والسلام كحياته الشخصية وصفاته وأقواله وأفعاله وأوامره ونواهيه واجتهاداته، قد تكون صدرت عنه بالفعل، وقد تكون صحيحة في نسبتها إليه عليه الصلاة والسلام، فليس من المنطق ولا من العقل ولا من البحث العلمي الجاد أن النبي محمد عليه الصلاة والسلام لم يتكلم بكلمة واحدة في فترة تبليغه للرسالة والتي مكثت نحو ثلاثة وعشرون عاما إلا بالقرآن فقط، فهذا محال ولا يقول به من ليس لديه أدنى مسكة من عقل.
إن بعض السذج من الذين لا يعلمون والذين لا يبصرون، ممن ابتلي الإسلام بانتمائهم إليه، لا يفرقون بين النصوص الدينية التي أوحى الله بها في القرآن وغير القرآن، وبين التطبيق الفعلي العملي لتلك النصوص، ولا بين تأثير الواقع وثقله في تحديده وفرضه لكيفية تطبيق النصوص، فهناك فرق لائح بين النص، وبين طرق وكيفية تطبيقه والتي يفرضها الواقع ويحددها، فالنص كما هو لا يتغير إنما الواقع هو من يتغير ويتبدل، وتبدل الواقع وتغيره المستمر يفرض على الشخص أو الجماعة التي تريد تطبيق النصوص، سلوك سبل أخرى أو طرق مختلفة لذلك التطبيق عن الذين مضوا، وذلك وفق ما تقتضيه الظروف وما يمليه الواقع، فتطبيق النصوص هو طاعة لله وفق ظروف وواقع
1-ان طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته فقط
2-وانه يتبع فقط الاحاديث المتواترة التي تبلغ 309 حديث
وجزاكم الله خيرا
=========
اقتباس من شخص يدعى نهرو طنطاوي
أما عن ما يسمى بالسنة فسوف أنقل بعض الفقرات من كتاباتي التي كتبتها منذ أكثر من ثلاثة أعوام في كتابي (قراءة للإسلام من جديد)، وفي مقالي: (طاعة الرسول واجبة في حياته وليست بعد وفاته). وما ذكرته في كتاباتي هذه هو ما علمته وما أوقن به وأومن من خلال فهمي وإدراكي الشخصي لما يسمى بالسنة:
السنة في لسان قوم الرسول هي: الطريقة والمثال.
السنة في اصطلاح الفقهاء هي: كل قول أو فعل أو تقرير للرسول صلى الله عليه وسلم، وعلى ذلك رأى الفقهاء وجوب اتباع الرسول في كل فعل أو قول أو تقرير نسب إليه عليه الصلاة والسلام.
إن مصطلح السنة بهذه الطريقة التي اصطلح عليها الفقهاء لم يرد له ذكر في القرآن وليست له أية شرعية قرآنية (وأعني هنا وجوب اتباع كل فعل أو قول أو تقرير للرسول صلى الله عليه وسلم), فلم يرد في القرآن وجوب أتباع كل ما يصدر عن الرسول من قول أو فعل أو تقرير هكذا على وجه العموم، أو جعله مصدرا ثانيا للتشريع ومساويا للمصدر الوحيد الذي هو القرآن الكريم.
إن كل ما ورد عن الرسول بطريق متواتر (أي لا خلاف عليه) كالقرآن وكيفية أداء الصلاة والصيام والزكاة والحج، والعمرة والأذان والإقامة والطهارة ومواقيت الصلاة وغير ذلك من الأفعال المتواترة التي لم يختلف عليها اثنان من المسلمين سنة كانوا أو شيعة أو أي مذهب آخر من المذاهب الإسلامية منذ كان الرسول حيا وإلى يومنا هذا، كل هذا هو وحي من عند الله مساو للقرآن تماما، وقد اتفق أهل ملة الإسلام قاطبة بلا استثناء على وجوبه وشرعيته.
إذاً ما تواتر عن الرسول صلى الله عليه وسلم في كيفية أداء العبادات إنما هو بوحي الله إلى رسوله، ليريه كيف يصلي وكيف يحج وكيف يتطهر وغيرها من الأفعال والأقوال المتواترة، وهذا لا اختلاف فيه مع أحد في أنه شرع ودين ووحي أوحاه الله إلى رسوله صلي الله عليه وسلم ولا خلاف بين أمة الإسلام بجميع طوائفهم وفرقهم في هذا.
إلا أن هذه العبادات وكيفيتها ليست هي السنة التي يقصدها الفقهاء، فما يقصده الفقهاء هو ما جاء في البخاري ومسلم والترمذي وبن ماجة وأبو داود ومسند أحمد وغيرها من كتب الأحاديث، فأوجبوا على المسلمون اتباع كل ما جاء في هذه الكتب دون مناقشة أو اعتراض، وإلا كفرنا وارتددنا عن الإسلام.
أما الحقيقة التي أعلمها بإدراكي الشخصي فهي أن كل ما نسب للرسول من أحاديث غير متواترة وغير متفق عليها بين أمة الإسلام أو ما يسميه الفقهاء بأحاديث الآحاد ، كل هذه الأحاديث يرفضها القرآن في الحالات التالية:
في حالة إضافة أحكام على ما جاء في القرآن.
في حالة إضافة محرمات على ما حرمه الله في القرآن.
في حالة مصادمة أو مناقضة لما جاء في القرآن.
حديث الآحاد:
[ خبر الآحاد هو كل خبر يرويه الواحد أو الاثنان أو الأكثر عن الرسول (ص) ولا يتوافر فيه شرط المتواتر.
أما عدد أحاديث الآحاد فمجموعه يزيد على 599 ألف حديث أي الغالبية العظمى من الأحاديث التي نسبت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذه الأحاديث قال عنها جمهور العلماء أنها أحاديث ظنية بمعنى ليست قطعية في ثبوتها عن الرسول أي مشكوك في نسبتها للرسول، وهذا ليس قولي بل هو قول جمهور علماء السنة، وأذكر شيئا مما قيل عن أحاديث الآحاد مما خطته أيدي العلماء أنفسهم:
قال الأستاذ المرحوم الشيخ محمد أبو زهرة في كتابه "أصول الفقه" عن حكم حديث الآحاد:
(حديث الآحاد يفيد العلم الظني الراجح, ولا يفيد العلم القطعي, إذ الاتصال بالنبي (ص) فيه شبهة. ويقول صاحب كشف الأسرار فيه: الاتصال فيه شبهة صورة ومعنى, أما ثبوت الشبهة فيه صورة, فلأن الاتصال بالرسول لم يثبت قطعا (أي بصورة قطعية), وأما معنى، فلأن الأمة تلقته بالقبول "أي في الطبقة التي تلي التابعين").
ويقول الشيخ أبو زهرة: (ولهذه الشبهة في إسناد الحديث بالرسول (ص) قالوا إنه يجب العمل به إن لم يعارضه معارض, ولكن لا يؤخذ به في الاعتقاد, لأن الأمور الاعتقادية تبنى على الجزم واليقين, ولا تبنى على الظن, ولو كان راجحا, لأن الظن في الاعتقاد لا يغني عن الحق شيئا).
وأين دليل الشيخ أبو زهرة على أن حديث الآحاد يؤخذ به في غير الاعتقاد؟.
هل كل قول أو فعل أو تقرير للرسول بوحي من الله؟:
قال تعالى في سورة النجم: (وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى). يعتقد البعض أن كل كلمة نطق بها الرسول وكل فكرة خطرت له وكل خطوة خطاها هي بوحي من الله، وهذا فهم خاطئ للآية الكريمة، ومخالف لنصوص القرآن ووقائع السيرة، فقد عرضت على الرسول أسئلة كثيرة من المسلمين وغير المسلمين، فلم يكن لدى رسول الله جوابا عليها حتى يتنزل عليه القرآن بالإجابة، وكانت هناك اجتهادات للرسول كثيرة في بعض المواقف، فكان القرآن ينزل بخلافها ويعارضها، وسياق الآيات القرآنية نفسها يشهد بذلك وسياق السيرة كذلك، وليس هنا محلا لحصرها فهي كثيرة، فالمقصود من عدم نطق الرسول إلا بوحي وفق إدراكي هو ما نطق به الرسول من قرآن، أو توجيه الله لرسوله في بعض المواقف. وكان للوحي دورا أيضا مع الرسول في غير القرآن، كتوجيه الرسول في قيادة المسلمين والحكم بينهم بما أراه الله لقوله تعالى: (فاحكم بينهم بما أراك الله) وكان للوحي دورا أيضا أثناء خوضه صلى الله عليه وسلم للمعارك ضد أعدائه، وكان دور الوحي أيضا للرسول في غير القرآن يكمن في تثبيت الرسول والذين أمنوا معه بإنزال السكينة والطمأنينة في قلوبهم.
تكرار القرآن وتأكيده على طاعة الرسول كان للذين عاصروه في حياته:
إن ورود عشرات الآيات التي تأمر وتحض على طاعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في القرآن، إنما تنم عن تثبيت الله لأهمية طاعته صلى الله عليه وسلم في نفوس أصحابه وعدم مخالفة أمره، وأراد الله أيضا أن يعلمهم أن طاعته صلى الله عليه وسلم هي بإذن من الله، وهي طاعة لله، وأن ما ينطق به من قرآن ودين هو وحي من الله، وليس عن هوى أو اجتهاد شخصي، أيضا إن التكرار الكثير والتأكيد الصارم على طاعة الرسول إنما ينم عن عدة أمور هامة وهي كالتالي:
- تصديقه صلى الله عليه وسلم فيما بلغه عن ربه من القرآن العظيم وتثبيت ذلك في نفوس المسلمين, فالمسلمون وقتها كانوا حديثي عهد بالإسلام، وكانوا أيضا خارجون لتوهم من الجاهلية بعاداتها وتقاليدها وأعرافها وحميتها للقبيلة والنسب, فالتكرار والتأكيد في ذلك الوقت على طاعة الرسول وأن طاعته من طاعة الله يثبت في نفوس المسلمين عدم تحيز رسول الله فيما يقوله أو يأمر به أو يفعله إلى فئة ما أو قبيلة ما أو عصبية ما، بل إن ما يقوله ويفعله من أمور الدين هو بإذن من الله وتوجيه منه سبحانه لرسوله – صلى الله عليه وسلم – وليس من عند نفسه.
- كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وقتها يؤسس لأمة ويؤسس لدين سيكون أتباعه يوما ما عددهم بالملايين وهذا شيء ليس بالسهل ولا اليسير, وذلك مما جعل القرآن يؤكد دائما علي طاعة الرسول وعدم الخروج عن حكمه وقضائه وأمره، وأن أي شك في رسول الله هو بمثابة شك في القرآن, لأن رسول الله –صلى الله عليه وسلم– لو عمد إلى التحيز أو الخطأ أو الكذب، لكان أدعى لأتباعه أن يشكوا في القرآن وما جاء فيه من أحكام وأوامر ونواهي، فكان لابد من التأكيد الدائم والتذكير المستمر بطاعة الرسول، لأنه حينئذ يؤسس ويبني أمة جديدة على العالم وعلى أتباعها.
إذن فتكرار القرآن وتأكيده على طاعة الرسول مرات كثيرة لم يكن لمجرد التكرار أو لمجرد التذكير بطاعته وحسب، ولم يكن ذلك التأكيد وذلك التكرار للذين يأتوا من بعده كما يزعم الفقهاء، بل كان للذين معه وللذين عاصروه في حياته على وجه التحديد، والدليل على ذلك أنه كانت هناك أسباب كبيرة وخطيرة تقف وراء هذا التكرار والتأكيد، حتى يكاد ينطق بها القرآن ويقرأها المرء في سياق النصوص التي جاءت تأكد على طاعة الرسول وتحذر وتنذر من معصيته.
وأما ما نسب إلى رسول الله من أحاديث، فيجب أن يوضع في ميزان القرآن فما وافق منه القرآن، فلنأخذ به، وما خالف منها القرآن، أو وضع أحكاما لم يأت بها القرآن، أو أحل حراما، أو حرم حلالا، لم يأت ذكره في القرآن، فيجب تركه وعدم العمل به.
طاعة الرسول بعد وفاته :
أما طاعتنا للرسول بعد وفاته ففيما جاء به من قرآن، وفي بيانه لكيفية عبادة الله من صلاة وزكاة وصيام وحج وطهارة وغيرها من عبادات، وطاعته صلى الله عليه وسلم والتأسي به، وكيف أنه كان يطيع الله ويعبده ويتبع ما أوحي إليه. والتأسي به صلى الله عليه وسلم في خلقه العظيم، والطاعة في هذا واجبة على جميع المسلمين سواء في حياة الرسول أو بعد مماته، ووجوب طاعة الرسول في ما جاء به من قرآن للأسباب التالية:
- القرآن هو الإسلام وهو الدين وهو الشريعة.
– القرآن وصل إلينا بالتواتر عن جمع غفير من المسلمين أحالت العادة دون تواطؤهم على الكذب.
– القرآن ذكر للعالمين في حياة الرسول وبعد مماته.
إذن فطاعته صلى الله عليه وسلم بعد وفاته تكون في الإيمان بما جاء به من قرآن والعمل به، لأن ما جاء به الرسول وبلغه عن ربه من قرآن وعبادات هو كلام الله وهو الإسلام، وشرعه ودينه وحكمه وأمره للناس، فليس لمسلم مؤمن بدين الإسلام أن يرده أو يعارضه ما دام أنه رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد –صلى الله عليه وسلم– رسولاً, ولا سبيل لمسلم إلا أن يعمل بما جاء فيه من أحكام ما استطاع إلى ذلك سبيلا.
هذا نتيجة بحثي وإدراكي الشخصي وما أوقن به منذ سنوات حول ما ورد عن الرسول عليه الصلاة والسلام من أقوال وأفعال من غير القرآن، فأنا لا أنكر كل ما ورد عن الرسول ولا يمكنني ذلك، ولا أقبله كله كذلك، وإنما أضعه في ميزان القرآن والعقل والبحث العلمي، فما رجحه القرآن والعقل والبحث العلمي أعتمده كدين ووحي من عند الله، وقد جئت بتلك المقتطفات من كتاباتي التي كتبتها منذ سنوات وهي منشورة على الكثير من المواقع، حتى لا يزايد أحد علي في هذه المسألة، وحتى لا يظن أحد أنني أتبع ذلك الفكر المبتور الأعور الذي يسمى بـ (فكر القرآنيين).
ومن هنا أطالب جميع المهتمين بالفكر الديني الإسلامي في كافة مواقعهم، أن يعتمدوا القرآن الكريم كمرجعية وحيدة للحكم على ما جاء فيما يسمى بالسنة من أحكام تشريعية ودينية وتحريمية، وكذلك على الاجتهادات الفقهية لكل من تصدر للفتوى والاجتهاد، وألا نحكم بالسنة على القرآن في الجانب التشريعي الأحكامي، بل العكس هو الصحيح، ولنعلم أنه لن يستقيم الدين باستقلال البعض بأحدهما وإعفاء الآخر، ولنعلم كذلك أن ما نسب إلى الرسول قد يحمل في جزء ليس بقليل منه، الكثير من التنبؤات الغيبية المستقبلية، وقد تحقق جزء كبير منها، وهي بالتأكيد من الوحي الذي أوحى الله به إلى خاتم النبيين محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام، وبدون ذلك سيظل الباب مفتوحا على مصراعيه للاختلاف والتناقض والتضارب في أحكام الدين.
ومما أعلمه وأوقن به كذلك من خلال إدراكي ودراستي الشخصية لهذا الموضوع، أن كل ما ورد عن الرسول في كتب السنن كالبخاري ومسلم ومسند أحمد وغيرها من كتب التراث والتاريخ، لا أكذبه كله ولا أصدقه كله، ومع ذلك أرى أنه قد يكون هناك الكثير مما ورد في هذه الكتب من أقوال وأفعال تنسب إلى النبي محمد عليه الصلاة والسلام كحياته الشخصية وصفاته وأقواله وأفعاله وأوامره ونواهيه واجتهاداته، قد تكون صدرت عنه بالفعل، وقد تكون صحيحة في نسبتها إليه عليه الصلاة والسلام، فليس من المنطق ولا من العقل ولا من البحث العلمي الجاد أن النبي محمد عليه الصلاة والسلام لم يتكلم بكلمة واحدة في فترة تبليغه للرسالة والتي مكثت نحو ثلاثة وعشرون عاما إلا بالقرآن فقط، فهذا محال ولا يقول به من ليس لديه أدنى مسكة من عقل.
إن بعض السذج من الذين لا يعلمون والذين لا يبصرون، ممن ابتلي الإسلام بانتمائهم إليه، لا يفرقون بين النصوص الدينية التي أوحى الله بها في القرآن وغير القرآن، وبين التطبيق الفعلي العملي لتلك النصوص، ولا بين تأثير الواقع وثقله في تحديده وفرضه لكيفية تطبيق النصوص، فهناك فرق لائح بين النص، وبين طرق وكيفية تطبيقه والتي يفرضها الواقع ويحددها، فالنص كما هو لا يتغير إنما الواقع هو من يتغير ويتبدل، وتبدل الواقع وتغيره المستمر يفرض على الشخص أو الجماعة التي تريد تطبيق النصوص، سلوك سبل أخرى أو طرق مختلفة لذلك التطبيق عن الذين مضوا، وذلك وفق ما تقتضيه الظروف وما يمليه الواقع، فتطبيق النصوص هو طاعة لله وفق ظروف وواقع