المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الرد على د. عبد الصبور شاهين.. الزيف الاشتقاقي.. ونظرية دارون.. والقران الكريم



محارب الروافض
02-22-2008, 06:00 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

اخواني في الله, هذا موضوع نقلته هنا و هو للأخ يحيى رضا جاد ابوالمجد وفقه الله من دارة أهل الظاهر و فيه الرد على د.عبدالصبور شاهين, اليكم نص الكلام:

هذا البحث هو جزء من كتابي:

غزو معاقل الداروينية
ونسف نظرية التطور

تأليف

dr_reda_gad

كافة حقوق التأليف والطبع والنشر والتوزيع محفوظة؛ فلقد سارعت بتسجيل البحث وتوثيقه؛ لأني قد تعرضت من قبل لـ((سرقة)) بعض أبحاثي, وأنقذتني رحمة الله تعالى وعنايته. ويحق لكل أحد أن ينشر هذا الجزء على الشبكة بشرط ذكر المصدر والإحالة على هذا الموقع الكريم

حول د. عبد الصبور شاهين
وقع د. عبد الصبور شاهين فيما يسمى بـ"الزيف الاشتقاقي" – وقد نبه على ذلك مشكورا د. حمزة بن قبلان المزيني في مقال له بإحدى الجرائد السعودية, أسهب فيه وأفاد وأجاد, وقد استفدت منه كثيرا.. وأضفت إليه الكثير هنا كما سترى أخي القارئ بعون الله. ولي عليه بعض المؤاخذات والملاحظات ليس هذا محل ذكرها- في كتابه أبي آدم: قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة. القاهرة: مكتبة الشباب، 1998, فقد وقع – تجاوز الله عن زلاته- في مغالطات كثيرة.., وإليك التفصيل :
**النقطة الأولى: تمييزه بين كلمتي "البشر" و"الإنسان". افترض أن كلمة "بشر" تطلق على الأطوار القديمة التي كان عليها الإنسان قبل استصفاء الله لآدم من بين بقية المخلوقات التي يطلق عليها "بشر". فالبشر: "تسمية لذلك المخلوق الذي أبدعه الله من الطين". فبين (البشر والإنسان) عموما وخصوصا مطلقا، فـ (البشر) لفظ عام في كل مخلوق ظهر على سطح الأرض، يسير على قدمين، منتصب القامة، و(الإنسان) لفظ خاص بكل من كان من البشر مكلفا بمعرفة الله وعبادته، فكل إنسان بشر، وليس كل بشر إنسانا.
الــرد: كلمة "بشر" مرادف لكلمة "إنسان" بشكل لا لبس فيه, انظر مثلا المعجم الوسيط ومعجم ألفاظ القران الصادرين عن مجمع اللغة العربية. وهذا معلوم من اللغة بالضرورة, ولا حاجة للتوسع فيه أو استقصائه عند كل من كان له قلب.
ولقد نسي أو تناسى د. شاهين الآية: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُون﴾ (آل عمران:59), فهذا يؤكد أن آدم - وهو يطلق عليه "إنسان" باعتراف د. شاهين- خلقه الله خلقا مباشرا من طين(تراب). والآية: ﴿خَلَقَ الإنسانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ﴾ (الرحمن: 14), وهي صريحة كل الصراحة في نقض ودحض شبهات د. عبد الصبور شاهين.‏
وكلمة "بشر" في القرآن الكريم استعملت في المعاني التالية:
أ- بمعنى رجل: ومن الشواهد على هذا المعنى ما ورد في قوله تعالى:
"قالت رب أنَّى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر" (آل عمران، 47), وهو المعنى الذي نجده في الآيات:
1ـ"وقلن حاشا لله ما هذا بشرا" (يوسف31)
2ـ"ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلِّمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين" (النحل103)
3ـ "فتمثل لها بشرا سويا" (مريم17)
4ـ"قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر" (مريم ، 20)
5ـ"فكلي واشربي وقَرِّي عينا، فإمّا تَرَيِنَّ من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا" (مريم26). لاحظ أخي القارئ كلمتي "البشر" و "إنسيا". والدكتور شاهين لم يورد هذه الآية في الكتاب كله. وهو ما يدعو إلى التساؤل عن سر عدم إيراده لها: أتراه يجهلها؛ أم أنه نسي الإشارة إليها؛ أم أنه لم ير فيها شيئا جديدا يضاف إلى ما ورد في الآيات التي أوردها؟ أتراه تعمَّد عدم ذكرها لأنه يعرف أنها أوضح دليل ينقض فرضيته بدليل إيراده الآية 79 من سورة آل عمران غير كاملة، فقد أوردها على الصورة التالية: "ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة" (ص69 من كتابه). وربما بدا للقارئ غير المتمعن أن معنى هذه الآية أن الله سبحانه وتعالى ينفي أن يكون "البشر" أهلا لتلقي "الكتاب والحكم والنبوة"، أي "التكليف"، بمصطلح الدكتور شاهين. وهو ما يتماشى مع فرضية الدكتور شاهين التي تقضي بأن "البشر" نوع بدائي قديم لم يؤهله الله لتلقي الكتاب ولم يؤته الحكم ولا النبوة التي اختص بها الإنسان الذي يمثل نوعا متطورا جاء بعد "البشر" بآجال طويلة، وصار "مكلفا بالتوحيد والعبودية". أما هذه الآية بتمامها فهي : "ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تُعلِّمون الكتابَ وبما كنتم تدرسون".
والواضح أن معنى هذه الآية ينصرف إلى الأنبياء على وجه الخصوص، بل أجزم أن المقصود فيها على وجه التحديد هو عيسى عليه السلام؛ بدليل سياق الآية, وهو ما يعني أنها موجهة لمن يدخل في جنس "الإنسان"، بتعريف الدكتور شاهين.
بل إن كلمة " بشر" لا يمكن أن تفهم في بعض الآيات إلا على أنها تدل على "الرجل". وذلك في مثل الآية التي ذكرتها هنا والآية (20) في سورة مريم: "قالت أَنَّى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر" (مريم ، 20). فمن الواضح أن مريم عليها السلام تستغرب، في هاتين الآيتين، أن تلد غلاما من غير أن يمسها رجل؛ إذ لا يمكن أن تخاف من أن تمسها امرأة في هذا السياق. يضاف إلى ذلك أن هاتين الآيتين تصوران حدثا وقع في زمن يدخل فيما يطلق عليه الدكتور شاهين "زمن التكليف"؛ أي أنه وقع في طور "الإنسان"، لا طور "البشر"، إذا استعملنا مصطلحات المؤلف. فاستخدام كلمة "بشر" في هاتين الآيتين ينفي المعاني التي يراها الدكتور شاهين لهذه الكلمة؛ وهي بذلك دليل ضد فرضيته في هذا الكتاب التي تحصر مفهوم كلمة "بشر" على الطور الذي سبق الإنسان المكلف. كما أن الآيات الكريمة الأخرى تدل دلالة أكيدة على أن المقصود إنما هو الإنسان الذَّكر، أي الرجل.
لقد تناقض شاهين مع نفسه من حيث لا يدري, فتناقض في تفسيره لكلمة البشر, فقال: (البشر) لفظ عام في كل مخلوق أبدعه الله من طين ظهر على سطح الأرض، يسير على قدمين، منتصب القامة. وقال في مكان آخر: كلمة "بشر" تطلق على الأطوار القديمة التي كان عليها الإنسان قبل اصطفاء الله لآدم من بين بقية المخلوقات التي يطلق عليها بشر. والبشر عند عبد الصبور " ليس أهلا لتلقي الكتاب والحكم والنبوة "، أي ليس أهلا للـ"التكليف" بمصطلح الدكتور شاهين. فهو يقضي بأن "البشر" نوع بدائي قديم لم يؤهله الله لتلقي الكتاب ولم يؤته الحكم ولا النبوة التي اختص بها الإنسان. أقول: فلتحدد موقفك يا دكتور, هل البشر هو كل مخلوق من طين (وهذا التعريف يشمل كل من يطلق عليه إنسان في عرف الدكتور) ؟! أم هو من ليس أهلا للتكليف (وهذا يخرج كل من يطلق عليه إنسان في عرفه المزعوم أيضا). إن لفظ "البشر" يرد في مجال التكليف كقوله تعالى : "وما هي إلا ذكرى للبشر" (المدثر31), "نذيرا للبشر" (المدثر36). فهذا يدل على أن البشر "يُنذَرون" و"يُذكَّرون". وهو مما يدل على اكتمال مؤهلاتهم العقلية واللغوية أيضا، وأنهم وصلوا إلى مرحلة التكليف التي تدل على مستوى "الإنسان" في اعتقاد الدكتور. لذلك فإن تمييزه بين الكلمتين باطل عاطل لا معنى له.

ويزداد التناقض بقوله: بين (البشر والإنسان) عموما وخصوصا, فكل إنسان بشر، وليس كل بشر إنسانا. أقول: يا دكتور, كيف يكون كل إنسان بشر, والبشر ليس أهلا للتكليف على حد قولك.. ؟!! فنحن عندما نقول كل شيء كذا, فهذا "الشيء" يجب أن يكون شاملا لكل مواصفات ومقومات الـ "كذا ". هذا مثل قولنا: كل رسول نبي, وليس كل نبي رسول. فكل رسول فيه كل مواصفات ومقومات النبي, ويزيد عليه بأشياء أخرى.., فتأمل منصفا.

ب_ بمعنى "نبي" أو "أنبياء": حيث تأتي كلمة "بشر" كذلك في سياق الحديث عن الأنبياء عليهم السلام؛ وذلك في وصف الله سبحانه وتعالى للأنبياء بأنهم من جنس الإنسان. كما تأتي في وصف الأنبياء لأنفسهم بأنهم من بني الإنسان وإنما فُضِّلوا على غيرهم بالاختصاص بالرسالة. وتأتي كذلك في الدلالة على استنكار أقوام الأنبياء أن يرسل الله تعالى رجالا منهم أنبياء. وقد حدث كل ذلك في الفترة التي يمكن أن يسميها الدكتور شاهين بفترة طور "الإنسان". وذلك كما في قوله تعالى: "ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكمة والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلِّمون الكتاب وبما كنتم تدرسون" (آل عمران 79). وهذا هو المعنى الذي نجده كذلك في الآيات:
1ـ"وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونها قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون" (الأنعام91). فموسى هنا من جنس البشر.
2ـ "قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى قالوا إن أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطان مبين" (إبراهيم 10)
3ـ"قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم ولكن الله يمن على من يشاء من عباده وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون" (إبراهيم11)
4ـ"قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إليّ أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بربه أحدا " (الكهف110)
5ـ"لاهية قلوبهم وأسروا النجوى الذين ظلموا هل هذا إلا بشر مثلكم أفتأتون السحر وأنتم لا تبصرون" (الأنبياء3)
6ـ"وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون" (الأنبياء34)
7 ـ"فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم ولو شاء الله لأنزل ملائكة ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين" (المؤمنون24)
8ـ"ولو أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون" (المؤمنون 34)
9ـ"ما أنت إلا بشر مثلنا فأت بآية إن كنت من الصادقين" (الشعراء154)
10ـ"وما أنت إلا بشر مثلنا وإن نظنك لمن الكاذبين" (الشعراء186)
11ـ"قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا وما انزل الرحمن من شيء إن أنتم إلا تكذبون" (يـس15)
12ـ"قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فاستقيموا إليه واستغفروه وويل للمشركين" (فصلت6)
13ـ"وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه عليٌّ حكيم" (الشورى51)
14ـ"ذلك بأنه كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فقالوا أبشر يهدوننا فكفروا وتولوا واستغنى الله والله غني حميد" (التغابن6)
15ـ"فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما نراك إلا بشرا مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين" (هود27)
16ـ"أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا" (الإسراء 93)
17ـ"وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشرا رسولا" (الإسراء94)
18ـ"ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون" (المؤمنون34)
19ـ"فقالوا أنؤمن لبشريْن مثلنا وقومهما لنا عابدين" (المؤمنون 47)
20ـ"فقالوا أبشرا منا واحدا نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر" (القمر24)
ج- وتأتي كلمة "البشر" في الدلالة على آدم؛ أو على عموم أفراد بني الإنسان، فيما يتصل بالخلق:
كما في قوله تعالى:"وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمأ مسنون"(الحجر28). وهو المعنى الذي في الآيات:
1ـ"قال لم أكن أسجد لبشر خلقته من صلصال من حمأ مسنون" (الحجر33)
2ـ"إذ قال ربك إني خالق بشرا من طين" (ص71)
3ـ"وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا " (الفرقان54)
4ـ "ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون" (الروم20)
د- وتأتي في الدلالة على بني الإنسان عموما، فيما لا يتصل بالخلق: كما في قوله تعالى: "وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير" (المائدة18). وهو المعنى في الآيات:
1ـ"إن هذا إلا قول البشر" (المدثر25)
2ـ"وما هي إلا ذكرى للبشر" (المدثر31)
3ـ"نذيرا للبشر" (المدثر36)
ومن الواضح أن كلمة "بشر"، منكَّرة ومعرَّفة، في هذه الآيات إنما تنصرف إما إلى "الرجل" أو إلى أفراد من جنس الإنسان في الطور الذي يمكن أن يسميه الدكتور شاهين بطور التكليف.
هذه الكلمة في بعض الآيات لا تدل إلا على "الإنسان" في الفترة التاريخية لبني الإنسان. ومن أوضح الآيات دلالة في هذا المعنى الآية التي وردت في سورة مريم، وهي قوله تعالى:
"فكلي واشربي وقَرِّي عيْنا، فإمّا تَرَيِنَّ من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا" (مريم26).
وكما هو واضح في هذه الآية فإن مريم عليها السلام تستطيع رؤية "البشر"، وهو ما يعني أنهم الذين كانوا يعيشون في تلك الفترة التاريخية. ثم إنه لما لم يكن لكلمة "البشر" مفرد من لفظها فقد استعمل القرآن الكريم وصفا من المادة اللغوية التي جاء منها لفظ "الإنسان" وهو "إنسي". وما دام أن كلمة "إنسي" استخدمت وصفا لـ"البشر" فإن هذا يدل دلالة أكيدة على أن "البشر" مرادف لـ"الإنسان"، وأن فرضية المؤلف التي تقوم على التمييز بينهما في الدلالة لا تصح.
ويدعي د. عبد الصبور شاهين أن الإنسان " تطور" عن البشر. أقول: يا دكتور, إن لفظ "الإنسان" ورد في حديث القرآن عن قصة الخلق مسبوقا وملحوقا بالكلمات نفسها التي وردت مع اللفظ "بشر". وذلك في مثل قوله تعالى: "ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمأ مسنون"(الحجر26), "وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمأ مسنون"(الحجر28).

**النقطة الثانية: تفسيره لكلمة "سلالة" في قوله تعالى "ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين" [المؤمنون12]. ويعني هذا أنه يفسر كلمة "سلالة" هنا لتدل على أن المعنى في هذه الآية أن الإنسان جاء من سلسلة آباء خلقوا من طين، " وكأن الآية تدفع عن العقل احتمال إدماج العمليتين [خلق البشر وخلق الإنسان] في عملية واحدة، فالإنسان خلق من (سلالة) نسلت من(طين)، أي: إنه لم يخلق مباشرة من الطين، فأما ابن الطين مباشرة فهو (أول البشر)، وكان ذلك منذ ملايين السنين" (ص90 من كتابه) ويقول: " فخلق الإنسان (بدأ من طين)، أي: في شكل مشروع بشري، ثم استخرج الله منه نسلا (من سلالة من ماء مهين)، ثم كانت التسوية ونفخ الروح، فكان (الإنسان) هو الثمرة في نهاية المطاف عبر تلكم الأطوار التاريخية السحيقة العتيقة" (ص91 منه).
الــرد :
أولا: تفسيره لكلمة "سلالة" يعتمد على تمييزه بين "البشر" و"الإنسان". وما دام أنه اتضح أن تمييزه بين الكلمتين باطل, فإن الدلالة التي يراها لكلمة "سلالة" باطلة.
ثانيا: السلالة في اللغة(انظر المعجم الوسيط, ومعجم ألفاظ القران) هي :
أ- ما استُل من الشيء وانتُزع. ويشهد لهذا قوله تعالى " ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين ".
ب- خلاصة الشيء, كخلاصة الغذاء مثلا. ويشهد لهذا الآية السابقة أيضا.
وبهذا يتضح معنى الآية لكل ذي لب منصف باحث عن الحق والحقيقة.., وهو: " ولقد خلقنا الإنسان من خلاصة من الطين". ومن كابر وعاند وقال بقول الدكتور, فيلزمه أن يقول بهذا في الآية سابقة الذكر, وهذا قول لا يقول به مجنون, وما لزم منه باطل فهو باطل.. فتأمل منصفا ولا تشطط.

**النقطة الثالثة: دلالة حروف العطف : يقول في تفسير قوله تعالى "ولقد خلقناكم ثم صورناكم" (الأعراف11) : "وهما مرحلتان في عمر البشرية، لعلهما استغرقتا بضعة ملايين من السنين. . . ومع ملاحظة استعمال الأداة (ثم) التي تفيد التراخي بين الأمرين" (ص86 من كتابه). ويقول عند الكلام على قوله تعالى: "وبدأ خلق الإنسان من طين. ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين. ثم سواه ونفخ فيه من روحه", يقول: "والأداة (ثم) للترتيب مع التراخي، وكأن استعمالها في هذا السياق ترجمة لمفهوم الزمان المتطاول الذي عبر عنه الظرف (إذا)، في مقابل استخدام الفاء أو الواو في ربط أجزاء أخرى من الآيات، تعبيرا عن التعقيب أو مطلق الجمع".(ص105ـ106 من كتابه).
الــرد :
أولا: كلامه يعتمد على تفريقه بين لفظي البشر والإنسان, وفد أبطلنا ذلك من قبل والحمد لله. فما بني على باطل فهو باطل, وهذا يكفي في رد كلامه من أساسه.
ثانيا: إننا حين نتأمل الحالات التي يرد فيها حرف العطف "ثم" في القرآن الكريم نجد أنه ورد في التعبير عن الفترات القصيرة نحو مدة الحمل, مثل " ثم " في قوله تعالى ﴿وَاللهُ خَلَقَكُم مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجاً﴾ (فاطر: 11). ومثل "الفاء" في قوله تعالى: "يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم. الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ركَّبك" (الانفطار 6ـ8). وغير ذلك الكثير والكثير من الآيات, ولا داعي لاستقصائها لكل من تأمل وأنصف.
أما بالنسبة لقوله تعالى "خلقناكم ثم صورناكم" .. فخلقناكم معناها: أوجدناكم وأبدعناكم من لا شيء, وعلى غير مثال سابق. وصورناكم معناها: جعلنا لكم صورا مجسمة.(انظر معجم ألفاظ القران). والفعل(جعل) في اللغة من (أفعال التحويل) كما هو معلوم عند المبتدئين, وهذا ينطبق على ما نحن فيه تمام الانطباق.. فإن الإنسان في أول أمره خلق من تراب, ثم عجن بالماء فصار طينا, ثم مكث حتى صار حمأ مسنونا, ثم يبس هذا الحمأ المتغير الرائحة حتى صار صلصالا(أي: يظهر صوتا إذا نقر عليه).., فأصبح الإنسان جسدا وصورة مجسمة. فـ "خلقناكم ثم صورناكم" ورد في التعبير عن المراحل والفترات القصيرة التي مر بها خلق الإنسان من التراب إلى الصلصال ونفخ الروح. والمقصود بالآية آدم عليه السلام, ويؤكد ذلك سياقها " ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا.. خلقتني من نار وخلقته من طين". ولاثبات أن المقصود بخلقته من طين هو آدم.. انظر كلامي في فصل(الحجج الدامغة من القران).


انتهى المراد, والحمد لله أولا واخرا.

أرجو من الإخوة التعليق والتفاعل.