المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دراسة متكاملة عن كل اسم من الأسماء الحسنى (الرحيم)



الموحد
03-24-2005, 12:41 PM
دراسة متكاملة عن كل اسم من الأسماء الحسنى /

للشيخ محمود عبد الرازق الرضوانى


*****************************************
2- الرَّحِيمُ
*****************************************

1- الدليل على ثبوت الاسم وإحصائه :

اسم الله الرحيم تحققت فيه شروط الإحصاء ، فقد ورد في القرآن والسنة مطلقا معرفا ومنونا ، مرادا به العلمية ودالا على الوصفية وكمالها ، واسم الله الرحيم اقترن باسمه الرحمن كما تقدم في ستة مواضع من القرآن ، وغالبا ما يقترن اسم الله الرحيم بالتواب والغفور والرءوف والودود والعزيز ، وذلك لأن الرحمة التي دل عليها الرحيم رحمة خاصة تلحق المؤمنين ، فالله عز وجل رحمته التي دل عليها اسمه الرحمن شملت الخلائق في الدنيا ، مؤمنهم وكافرهم وبرهم وفاجرهم ، لكنه في الآخرة رحيم بالمؤمنين فقط ( ) .
ومما ورد في الدلالة على ثبوت اسم الله الرحيم قوله تعالى :  تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم ِ [فصلت:2] ، وقوله :  سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ  [يّس:58] ، وكذلك قوله تعالى :  نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ  [الحجر:50] .
أما أدلة السنة فمنها ما رواه البخاري من حديث أَبِى بَكْرٍ الصديق  أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ  : عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلاَتِي ، قَالَ : ( قُلِ اللهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا وَلاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ ، وَارْحَمْنِي ، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) ( ) ، وعند أبي داود وصححه الألباني من حديث عبد الله بنِ عُمَرَ  قَالَ : ( إِنْ كُنَّا لَنَعُدُّ لِرَسُولِ اللهِ  فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ مِائَةَ مَرَّةٍ : رَبِّ اغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلَىَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) ( ) .

2- الشرح والتفسير :

الرحيم في اللغة من صيغ المبالغة ، فعيل بمعنى فاعلٍ كسَمِيعٌ بمعنى سامِع وقديرٌ بمعنى قادر ، والرحيم دل على صفة الرحمة الخاصة التي ينالها المؤمنون ، فالرَّحْمَنُ الرحيم بنيت صفة الرحمة الأُولى على فعلان لأَن معناه الكثرة ، فرحمته وسِعَتْ كل شيء وهو أَرْحَمُ الراحمين ، وأَما الرَّحِيمُ فإِنما ذكر بعد الرَّحْمن لأن الرَّحْمن مقصور على الله عز وجل ، والرحيم قد يكون لغيره ، فجيء بالرحيم بعد استغراق الرَّحْمنِ معنى الرحْمَة لاختصاص المؤمنين بها كما في قوله :  وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيما ً [الأحزاب:43] ، وقال عبد الله بن عباس  : ( هما اسمان رقيقان أَحدهما أَرق من الآخر ) ( ) .
والرحمة الخاصة التي دل عليها اسمه الرحيم شملت عباده المؤمنين في الدنيا والآخرة فقد هداهم إلى توحيده وعبوديته ، وهو الذي أكرهم في الآخرة بجنته ، ومنَّ عليهم في النعيم برؤيته ( ) ، ورحمة الله لا تقتصر على المؤمنين فقط ؛ بل تمتد لتشمل ذريتهم من بعدهم تكريما لهم كما قال تعالى في نبأ الخضر والجدار :
 وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ  [الكهف:82] ، فالإيمان بالله والعمل في طاعته وتقواه من أهم أسباب الرحمة الخاصة ، قال تعالى :  وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلكُمْ تُرْحَمُونَ  [آل عمران:132] ، وقال :  وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلكُمْ تُرْحَمُون  [الأنعام:155] ( ) .

3- دلالة الاسم على أوصاف الله :

اسم الله الرحيم من جهة العلمية يدل على ذات الله ، ومن جهة الوصفية يدل على صفة الرحمة الخاصة ، فدلالته على الذات والصفة معا مطابقة ، ودلالته على ذات الله وحدها تضمن ، وعلى الصفة وحدها تضمن ، قال تعالى :  يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئاً وَلا هُمْ يُنصَرُونَ إِلا مَن رَّحِمَ اللهُ إِنَّهُ هُوَ العَزِيزُ الرَّحِيمُ  [الدخان:38/42] ، فالآية ورد فيها الاسم ودلالته على الوصف ، وهذه رحمة خاصة بالمؤمنين تضمنها اسمه الرحيم ، وقالت امرأة العزيز بعد توبتها :  وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ  [يوسف:53] ، فالآية اشتملت على الاسم والوصف معا ، وقال سبحانه وتعالى :  وَإِذَا جَاءَكَ الذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنَا فَقُل سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ  [الأنعام:54] ، ووجه الدلالة في أن الرحيم هو المتصف بالرحمة الخاصة أن الله عز وجل كتب على نفسه الرحمة لأنه الغفور الرحيم ، ولا تلحق هذه الرحمة كما ورد في الآية إلا المؤمنين التائبين المصلحين ، ومن الأدلة التي تتضمن الاسم ودلالته على الوصف معا قوله تعالى :  يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ  [الحديد:28] ، وقال تعالى عن نبيه نوح  ومن ركب معه السفينة :  وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ  [هود:41] ، ومعلوم أن من ركب السفينة هم أهل التوحيد والإيمان ، وقال تعالى عن رحمته التي شملت أهل الجنان :  لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ  [يس:57/58] ، والأدلة في ذلك كثيرة وتتبعها في القرآن والسنة يطول ، فالرحيم ورد في أغلب النصوص على أنه المتصف بالرحمة الخاصة ، والاسم يدل باللزوم على ما دل عليه اسمه الرحمن ، ويدل أيضا على الأوصاف المتعلقة بالرحمة الخاصة لأن رحمة الله للمؤمنين تدل على اتصافه باللطف والحلم والرأفة ، والكرم والإحسان والود ، والمنة والعفو والرفق ، وكل ما يرافق الرحمة الخاصة التي يرحم الله بها أهل طاعته ، واسم الله الرحيم دل على صفة من صفات الأفعال لأنها تتعلق بمشيئته .
وتجدر الإشارة إلى أن اسمي الله الرحمن الرحيم يجتمعان في المعنى من جهة تعلقهما بالمشيئة ، ويفترقان من جهة تعلقهما بالحكمة ، فالرحمن دل على الرحمة العامة والرحيم دل على الخاصة ، فمن الوجه الأول ورد الجمع بينهما في حديث أنس بن مالك  الذي رواه الطبراني وحسنه الألباني أن رسول الله S قال لمعاذ  : ( ألا أعَلمُك دُعاء تَدعو به لو كَان عليكَ مثل جبلِ أحدٍ دَيْنا لأدَّاه الله عنْكَ ، قل يا معاذ : اللهمَّ مَالِكَ المُلكِ ، تُؤْتِي المُلكَ مَنْ تَشَاءُ ، وَتَنْزِعُ المُلكَ مِمَّنْ تَشَاءُ ، وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ ، وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، رَحمَن الدُنيا والآخِرَة ورَحيمَهما ، تُعْطيهُما مَن تَشاء وتمنَعُ مِنْهما مَنْ تَشاء ، ارحمني رَحمة تُغْنِيني بها عَن رَحمةِ مَنْ سِوَاك ) ( ) ، فلما ذكر النبي S تعلق الرحمة بالمشيئة جمع بين الاسمين في المعنى ، أما الوجه الثاني في تعلق الاسمين بالحكمة ؛ فإن حكمة الله اقتضت أن تكون الدنيا قائمة على معنى الابتلاء ويناسبها الرحمة العامة ، و أن تكون الآخرة قائمة على معنى الجزاء ويناسبها الرحمة الخاصة ، والأدلة السابقة كافية في إظهار الفرق بينهما .

4- الدعاء بالاسم دعاء مسألة :

ورد دعاء المسألة بالاسم المطلق في قوله تعالى عن إبراهيم وولده إسماعيل عليهما السلام :  رَبَّنَا وَاجْعَلنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ  [البقرة:128] ، وقوله تعالى في شأن موسى  :  قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ  [القصص:16] ، وقوله سبحانه عن أهل الجنة :  إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ البَرُّ الرَّحِيمُ  [الطور:28] ، ودعاء أهل الجنة يشمل دعاء المسألة ودعاء العبادة .
ومما ورد في السنة من الدعاء بالاسم المطلق ما رواه البخاري من حديث أبي بكرٍ  أنه قال للنبي S: ( عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلاَتِي ، قَالَ : قُلِ اللهمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا وَلاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ وَارْحَمْنِي إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) ( ) ، وعند النسائي وصححه الشيخ الألباني من حديث حنظلة بن علي t أن محجن بن الأدرع حدثه : ( أَنَّ رَسُولَ اللهِ S دَخَلَ المَسْجِدَ ، إذَا رَجُلٌ قَدْ قَضَى صَلاَتَهُ وَهُوَ يَتَشَهَّدُ ، فَقَال َ: اللهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ يَا أَللهُ بِأَنَّكَ الوَاحِدُ الأَحَدُ الصَّمَدُ الذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ أَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي إنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ S : قَدْ غُفِرَ لَهُ ثَلاَثاً ) ( ) ، وعند أبي داود وصححه الألباني عن واثلة بن الأسقع t أنه قال : ( صَلى بِنَا رَسُولُ اللهِ S عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : اللهُمَّ إِنَّ فُلاَنَ بْنَ فُلاَنٍ فِي ذِمَّتِكَ وَحَبْلِ جِوَارِكَ ، فَقِهِ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ النَّارِ وَأَنْتَ أَهْلُ الْوَفَاءِ وَالْحَمْدِ ، اللهُمَّ فَاغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) ( ) ، وعنده أيضا وصححه الألباني من دعاء ابن مسعود t : ( اللهمَّ أَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِنَا وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِنَا وَاهْدِنَا سُبُلَ السَّلاَمِ ، وَنَجِّنَا مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ، وَجَنِّبْنَا الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ، وَبَارِكْ لَنَا فِي أَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُلُوبِنَا وَأَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا ، وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ، وَاجْعَلنَا شَاكِرِينَ لِنِعْمَتِكَ مُثْنِينَ بِهَا قَابِلِيهَا وَأَتِمَّهَا عَلَيْنَا ) ( ) .
ومما ورد من الدعاء بوصف الرحمة الخاصة الذي تضمنه اسم الله الرحيم قوله تعالى في شأن موسى  :  قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ  [الأعراف:151] ، وقوله عن أيوب  :  وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ  [الأنبياء:83] ، وعند البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت : ( سَمِعَ النبي S رَجُلاً يَقْرَأُ في المَسْجِدِ ؛ فَقَالَ : رَحِمَهُ الله ، لَقَدْ أذكرني كَذَا وَكَذَا آيَةً ، أَسْقَطْتُهُنَّ مِنْ سُورَةِ كَذَا وَكَذَا ) ( ) ، وعنده في رواية أخرى قالت عائشة : (تَهَجَّدَ النبي S في بيتي فَسَمِعَ صَوْتَ عَبَّادٍ يُصَلِّي في المَسْجِدِ فَقَالَ : يَا عَائِشَةُ ، أَصَوْتُ عَبَّادٍ هَذَا ؟ ، قُلتُ : نَعَمْ ، قَالَ : اللهمَّ ارْحَمْ عَبَّادًا ) ( ) .
ومما يدل على دعاء المسألة مقتضى الطلب أو الخبر الذي يتضمنه كما ورد في قوله تعالى :  إِنَّ الذِينَ آمَنُوا وَالذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ الله أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ الله وَالله غَفُورٌ رَحِيمٌ  [البقرة:218] ، فالمسلم يقول : اللهم إني أرجو رحمتك إنك أنت الغفور الرحيم ، وقوله :  وَمَنْ يَعْمَل سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ الله يَجِدِ الله غَفُوراً رَحِيماً  [النساء:110] ، فيقول : اللهم إني عملت سوءا وظلمت نفسي فاغفر لي إنك أنت الغفور الرحيم ، وقوله تعالى :  أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى الله وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَالله غَفُورٌ رَحِيمٌ  [المائدة:74] ، اللهم إني أتوب إليك وأستغفرك إنك أنت الغفور الرحيم .

5- الدعاء بالاسم دعاء عبادة :

دعاء العبادة باسم الله الرحيم هو امتلاء القلب برحمة الولاء ورقة الوفاء التي تدفع إلى حب المؤمنين وبغض الكافرين ، وأسوتنا في ذلك هو سيد الخلق أجمعين ، قال تعالى :  لقَدْ جَاءَكُمْ رَسُول مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَليْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَليْكُمْ بِالمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ  [التوبة:128] ، وقد كان النبي S رحيما بأصحابه رفيقا حبيبا قريبا صديقا ، روى البخاري من حديث مالك بن الحويرث t أنه قال : ( أَتَيْتُ النَّبِيَّ S فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِي فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ ليْلةً ، وَكَانَ رَحِيمًا رَفِيقًا ، فَلمَّا رَأَى شَوْقَنَا إِلى أَهَالينَا قَال : ارْجِعُوا فَكُونُوا فِيهِمْ وَعَلمُوهُمْ وَصَلوا ، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَليُؤَذّنْ لكُمْ أَحَدُكُمْ وَليَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ ) ( ) ، وعند مسلم من حديث عياض t أن رسول اللهِ S قَال ذات يوم في خطبته : ( وَأَهْل الجَنَّةِ ثَلاَثَةٌ ، ذُو سُلطَانٍ مُقْسِطٌ مُتَصَدِّقٌ مُوَفَّقٌ ، وَرَجُل رَحِيمٌ رَقِيقُ القَلبِ لكُل ذِي قُرْبَى ، وَمُسْلمٍ وَعَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ ذُو عِيَال ) ( ) ، فالطاعة تدفع إلى الرحمة والعفو والمغفرة ، وتوحيد الله يستوجب الفوز والنجاة في الآخرة .
وممن تسمى عبد الرحيم أبو زياد المحاربي الكوفي عبد الرحيم بن عبد الرحمن بن محمد (ت:211) ، وأخرج له البخاري في صحيحه قال : ( حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ المُحَارِبِيُّ قَال : حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيل عَنْ أَنَسٍ t قَال : أَخَّرَ النَّبِيُّ S صَلاَةَ العِشَاءِ إِلى نِصْفِ الليْل ، ثُمَّ صَلى ثُمَّ قَال : قَدْ صَلى النَّاسُ وَنَامُوا ، أَمَا إِنَّكُمْ فِي صَلاَةٍ مَا انْتَظَرْتُمُوهَا ) ( ) .

******************************

(1) انظر تفسير أسماء الله الحسنى لأبي إسحاق إبراهيم بن محمد ص 28 ، نشر دار الثقافة العربية دمشق سنة 1974م ، ومناهل العرفان في علوم القرآن ، لمحمد عبد العظيم الزرقاني ، 2/62 تحقيق مكتب البحوث الدراسات ، الطبعة الأولى ، نشر دار الفكر ، بيروت ، 1996.
(2) البخاري في كتاب الدعوات ، باب الدعاء قبل السلام 1/286 (799) .
(3) أبو داود في كتاب الوتر ، باب في الاستغفار 2/85 (1516) ، وانظر صحيح أبي داود (1357) وانظر أيضا صحيح ابن ماجة 2/321 (3075) ، والسلسلة الصحيحة (556) .
a. انظر بتصرف : لسان العرب 12/231 ، وتفسير القرطبي 1/106 ، وانظر المزيد حول هذا المعنى في المقصد الأسنى لأبي حامد الغزالي ص62 ، والأسماء والصفات للبيهقي ص69 ، وفتح الباري 13/358 .
b. انظر في هذا المعنى : تفسير ابن جرير الطبري 1/57 ، وفتح الباري 13/358 .
c. شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك 4/538 ، وتفسير الطبري 16/7 ، وحاشية ابن القيم على سنن أبي داود 6/55 ، وجامع العلوم والحكم ص186 .
(1) رواه الطبراني في الصغير بإسناد جيد ، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (1821) .
(1) البخاري في كتاب الدعوات ، باب الدعاء قبل السلام 1/286 (799) .
(2) النسائي في السهو ، باب الدعاء بعد الذكر1/386 (1224) ، صحيح أبي داود 2/185(869) .
(3) أبو داود في الجنائز ، باب الدعاء للميت 3/211 (3202) ، صحيح أبي داود 2/617 (2742) .
(4) أبو داود في الصلاة ، باب التشهد 1/254 (969) .
(5) البخاري في الشهادات ، باب شهادة الأعمى وأمره ونكاحه وإنكاحه ومبايعته 2/940 (2512) .
(6) الموضع السابق .
(1) البخاري في كتاب الأذان ، باب من قال ليؤذن في السفر مؤذن واحد 1/226 (602) .
(2) مسلم في كتاب الجنة ، باب التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة وأهل النار 4/2197 (2865) .
(1) البخاري في مواقيت الصلاة ، باب وقت العشاء إلى نصف الليل 1/209 (546) .

عَرَبِيّة
05-15-2011, 03:30 AM
فإن حكمة الله اقتضت أن تكون الدنيا قائمة على معنى الابتلاء ويناسبها الرحمة العامة ، و أن تكون الآخرة قائمة على معنى الجزاء ويناسبها الرحمة الخاصة
كفى بهذه الجملة عند أولي الألباب أن تبدد ظلام شبهة العذاب الأبدي (http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=1570) والخلود في النار (http://www.eltwhed.com/vb/showpost.php?p=232195&postcount=7) وشبهة وجود الشر في الدنيا (http://www.eltwhed.com/vb/showpost.php?p=203763&postcount=9) .
بارك الله فيك ورفع قدر في الدرايْن أستاذنا الموحد .